بسم الله الرحمن الرحيم
المنهج السلفي .. الدعوة السلفية .. اتِّباع السلف الصالح ..
كلمات رنانة تستعمل في بعض أوساط العامة.. يكثر انتشارها مع زيادة التطرّف والتشدد ويقل مع الاعتدال إن صح إطلاق لفظ الاعتدال على من لا ينتهج الحق ويتخذه طريقاً.
يدعوا أتباع هذا المنهج للعودة إلى التمسك بسيرة من يعبرون عنهم (بالسلف الصالح) ويقصدون بهم الصحابة والتابعين الأوائل.. وقد امتاز هؤلاء عن بعض مدارس العامة الأخرى (عدا عن الاختلافات العقائدية والفقهية) بالحدة والشدّة والتطرّف الذي جعلهم يبيحون دماء الكثير من المسلمين تحت حجج ومسميات واهية، حتى غدا اصطلاح (السلفية) مرادفاً في العرف العام للقتل والتفجير والاجرام وسفك الدماء !! بحق المسلمين قبل غيرهم !
ومن آثار هذا المنهج ما رأيناه ونراه كل يوم في مختلف البلاد الإسلامية كسفكٍ لأرواح الالوف المؤلفة من الابرياء بالطرق الشنيعة، وتقديم أبشع صورة للمسلمين يظهر فيها أصحابها كأنهم قد تجردوا من الإنسانية نفسها !
ورغم كل هذا يتحفنا أصحاب هذا المنهج بكلمات منمّقة وادعاءات فارغة لم تعد تنطلي حتى على الإعلام العالمي المغرض في يومنا هذا وفي كل يوم !!
كل هذا ليس غريباً .. لكن الغريب هو كلمات سمعناها مؤخراً، صدرت من داخل البيت الشيعي فيها اتهامات لبعض الجهات أو الأطراف أو التيارات الشيعية بالانتماء لما سمي (بالسلفية الشيعية) !!
وليس المقصود عند أصحاب الاتهام هو العودة إلى سلفنا الصالح كشيعة فذلك مدح وليس قدحاً، وإنما المقصود هو المعنى المتعارف عليه اليوم من اصطلاح السلفية المرادفة للتشدد في غير محله والتطرف الذي لا يقف عند حد !
وللجهات المتَّهَمَة بهذه التهمة انتماءات شتى، وأسباب التهمة متنوعة ! حتى أن بعض الأطراف قد تبادلت الإتهام نفسه !
وبعض هذه الجهات (التي اتُهِمَت) وإن حادت في بعض المفردات (العقائدية الفرعية، أو السلوكية العملية) عن تعاليم أهل البيت عليهم السلام إلا أنها لم تخرج عن التشيع بذلك..
وبعضها الآخر اتهم بذلك وهو الملتزم بطريقة أهل البيت والسائر على خطهم.. دون أن يتقدّم عليهم أو يتأخر عنهم !!
من هنا يتّضح أن سبب هذه الاتهامات إما قصور في إدراك حقيقة التيارات السلفية !
وإما محاولة لإسكات أطراف شيعية (مصيبة كانت أم مخطئة) بتوجيه مثل هذا الاتهام اليها !
وإما محاولة لبعض الأطراف لعرض نفسها بمظهر الإعتدال المحبب للترويج لما تريد !
أو لأمثال ذلك من أسباب..
ولكي لا يبقى الكلام عاماً سأعرّج باختصار على أهم النقاط التي ذكرت كسبب في اطلاق مثل هذه الاتهامات مع تعليق مختصر عليها، وإن لزم التفصيل فصّلنا لاحقاً
1. تهمة الغلو عند بعض الشيعة في يومنا هذا
وبحث الغلو بحث طويل مفصل في محله، والمصطلح منه غير حاصل عند أحد من الشيعة في يومنا هذا فليس منهم من يرفع أهل البيت عليهم السلام إلى مقام الألوهية والعياذ بالله، بل عامة الشيعة يرون كفر من يقول بذلك، وأما الغلو بالمعنى اللغوي وهو مجاوزة الحد الطبيعي والقدر المعتاد في أي شأن من الشؤون فليس من الغلو المصطلح عليه شرعاً.
عدا عن أنه لا ربط بين السلفية بالمعنى المتعارف عليه وبين الغلو لغة او اصطلاحاً !!
2. رفع شعار (لا تقية بعد اليوم) بما يستتبع من ممارسات علنية
وهذا الشعار غير صحيح ومخالف لنهج أهل البيت عليهم السلام، وقد أوضحنا ذلك جلياً في موضوعنا: شعار (لا تقية بعد اليوم) في الميزان، ومن شاء فليراجع
http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=162734
إلا أن هذا لا يرتبط بالسلفية أيضاً كسابقه !
3. رفض إعادة النظر في الموروث الديني والطروحات المذهبية، ما يعني بقاء القضايا الخلافية على ما هي عليه
وقد أطلقت هذا الكلام جماعة ممّن عمدت التشكيك أسلوباً حتى في المسلّمات العقائدية والتاريخية والفقهية، ما شكّل حالة سلبية داخل المذهب فجابه هذا المنهج شريحةٌ كبيرةٌ من أتباع المذهب وعلى رأسهم كبار المراجع والعلماء.. ولما لم يجد أصحاب هذا المنهج حجة تبرِّر ما قاموا به عمدوا إلى اتهام مخالفيهم بالتشدد ووسموهم (بالسلفية الشيعية والتطرف)، وغفلوا عن أن التشدد ليس مذموماً مطلقاً، وأن تهجمهم على العلماء لن ينفعهم وما ينفعهم هو تصحيح الأخطاء التي ارتبكوها بحق أنفسهم أولاً وبحق مجتمعهم الديني ثانياً.
4. التركيز على الشعائر المذهبية حتى ما كان محل خلاف منها
وهذا غريب جداً، إذ ينطبق على الشعائر المذهبية قوله تعالى {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}، فكيف يكون التركيز عليها مذموماً ؟ وكيف يكون شعار الحق وأهله عنواناً للتطرّف ؟
ثم منذ متى كان الاختلاف على مسألة باعثاً لتجنبها ؟
أوهل يريد هؤلاء من الحوار والتعايش والاعتدال إلغاء الخصوصيات ؟
أم يريدون فرض آرائهم على غيرهم بهذه الحجة ؟
ثم ما الرابط بين التركيز على الشعائر وبين الاتهامات التي تطلق هنا وهناك ؟
5. تبادل الاتهام بين بعض الأحزاب والتيارات فبعضها يعتبر تشدد الآخر سلفية ! والآخر يرى السلفية في عدم السير معه فيما يراه (أولويات سياسية وجهادية) !
وهذا من المفارقات، فهذا الطرف يتّهم ذاك بأنه يفرض نفسه على بني جلدته بقوة الأمر الواقع ويروج للامور كما يراها دون مراعاة خصوصيات الآخرين ويسمي ذلك (سلفية شيعية) !
والآخر نفسه يرد عليه بأن عدم السير فيما يراه أولويات سياسية وجهادية هو تقوقع وتشدد وتطرف يؤدي إلى (سلفية شيعية) مقيتة !
والحال أن هذا أخطأ كما ذاك، فالاختلاف في بعض المسائل الدينية او في وجهات النظر في الشؤون العامة لا يسوغ لأحد مثل هذا التعامل مع الآخر !
هذا باختصار أهم ما قرأناه من أسباب لتوجيه اتهامات لهذا الطرف أو ذاك بأنه من أرباب (السلفية الشيعية) الطارئة، وبطلانه واضح كالشمس في رابعة النهار !
وإن قال الشاعر: قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد *** وينكر الفم طعم الماء من سقم
ولا ننسى التنبيه بعد ذلك أن كلامنا لا ينفي وجود حالات غير صحية أصبحت أمراً واقعاً ملموساً صادراً من أطراف عديدة في البيت الشيعي، وتتمثل بالصراع الداخلي وتبادل الاتهامات والتراشق المقيت.. وإن لم يكن ذلك من (السلفية) في شيء .
والحمد لله رب العالمين
شعيب العاملي
المنهج السلفي .. الدعوة السلفية .. اتِّباع السلف الصالح ..
كلمات رنانة تستعمل في بعض أوساط العامة.. يكثر انتشارها مع زيادة التطرّف والتشدد ويقل مع الاعتدال إن صح إطلاق لفظ الاعتدال على من لا ينتهج الحق ويتخذه طريقاً.
يدعوا أتباع هذا المنهج للعودة إلى التمسك بسيرة من يعبرون عنهم (بالسلف الصالح) ويقصدون بهم الصحابة والتابعين الأوائل.. وقد امتاز هؤلاء عن بعض مدارس العامة الأخرى (عدا عن الاختلافات العقائدية والفقهية) بالحدة والشدّة والتطرّف الذي جعلهم يبيحون دماء الكثير من المسلمين تحت حجج ومسميات واهية، حتى غدا اصطلاح (السلفية) مرادفاً في العرف العام للقتل والتفجير والاجرام وسفك الدماء !! بحق المسلمين قبل غيرهم !
ومن آثار هذا المنهج ما رأيناه ونراه كل يوم في مختلف البلاد الإسلامية كسفكٍ لأرواح الالوف المؤلفة من الابرياء بالطرق الشنيعة، وتقديم أبشع صورة للمسلمين يظهر فيها أصحابها كأنهم قد تجردوا من الإنسانية نفسها !
ورغم كل هذا يتحفنا أصحاب هذا المنهج بكلمات منمّقة وادعاءات فارغة لم تعد تنطلي حتى على الإعلام العالمي المغرض في يومنا هذا وفي كل يوم !!
كل هذا ليس غريباً .. لكن الغريب هو كلمات سمعناها مؤخراً، صدرت من داخل البيت الشيعي فيها اتهامات لبعض الجهات أو الأطراف أو التيارات الشيعية بالانتماء لما سمي (بالسلفية الشيعية) !!
وليس المقصود عند أصحاب الاتهام هو العودة إلى سلفنا الصالح كشيعة فذلك مدح وليس قدحاً، وإنما المقصود هو المعنى المتعارف عليه اليوم من اصطلاح السلفية المرادفة للتشدد في غير محله والتطرف الذي لا يقف عند حد !
وللجهات المتَّهَمَة بهذه التهمة انتماءات شتى، وأسباب التهمة متنوعة ! حتى أن بعض الأطراف قد تبادلت الإتهام نفسه !
وبعض هذه الجهات (التي اتُهِمَت) وإن حادت في بعض المفردات (العقائدية الفرعية، أو السلوكية العملية) عن تعاليم أهل البيت عليهم السلام إلا أنها لم تخرج عن التشيع بذلك..
وبعضها الآخر اتهم بذلك وهو الملتزم بطريقة أهل البيت والسائر على خطهم.. دون أن يتقدّم عليهم أو يتأخر عنهم !!
من هنا يتّضح أن سبب هذه الاتهامات إما قصور في إدراك حقيقة التيارات السلفية !
وإما محاولة لإسكات أطراف شيعية (مصيبة كانت أم مخطئة) بتوجيه مثل هذا الاتهام اليها !
وإما محاولة لبعض الأطراف لعرض نفسها بمظهر الإعتدال المحبب للترويج لما تريد !
أو لأمثال ذلك من أسباب..
ولكي لا يبقى الكلام عاماً سأعرّج باختصار على أهم النقاط التي ذكرت كسبب في اطلاق مثل هذه الاتهامات مع تعليق مختصر عليها، وإن لزم التفصيل فصّلنا لاحقاً
1. تهمة الغلو عند بعض الشيعة في يومنا هذا
وبحث الغلو بحث طويل مفصل في محله، والمصطلح منه غير حاصل عند أحد من الشيعة في يومنا هذا فليس منهم من يرفع أهل البيت عليهم السلام إلى مقام الألوهية والعياذ بالله، بل عامة الشيعة يرون كفر من يقول بذلك، وأما الغلو بالمعنى اللغوي وهو مجاوزة الحد الطبيعي والقدر المعتاد في أي شأن من الشؤون فليس من الغلو المصطلح عليه شرعاً.
عدا عن أنه لا ربط بين السلفية بالمعنى المتعارف عليه وبين الغلو لغة او اصطلاحاً !!
2. رفع شعار (لا تقية بعد اليوم) بما يستتبع من ممارسات علنية
وهذا الشعار غير صحيح ومخالف لنهج أهل البيت عليهم السلام، وقد أوضحنا ذلك جلياً في موضوعنا: شعار (لا تقية بعد اليوم) في الميزان، ومن شاء فليراجع
http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=162734
إلا أن هذا لا يرتبط بالسلفية أيضاً كسابقه !
3. رفض إعادة النظر في الموروث الديني والطروحات المذهبية، ما يعني بقاء القضايا الخلافية على ما هي عليه
وقد أطلقت هذا الكلام جماعة ممّن عمدت التشكيك أسلوباً حتى في المسلّمات العقائدية والتاريخية والفقهية، ما شكّل حالة سلبية داخل المذهب فجابه هذا المنهج شريحةٌ كبيرةٌ من أتباع المذهب وعلى رأسهم كبار المراجع والعلماء.. ولما لم يجد أصحاب هذا المنهج حجة تبرِّر ما قاموا به عمدوا إلى اتهام مخالفيهم بالتشدد ووسموهم (بالسلفية الشيعية والتطرف)، وغفلوا عن أن التشدد ليس مذموماً مطلقاً، وأن تهجمهم على العلماء لن ينفعهم وما ينفعهم هو تصحيح الأخطاء التي ارتبكوها بحق أنفسهم أولاً وبحق مجتمعهم الديني ثانياً.
4. التركيز على الشعائر المذهبية حتى ما كان محل خلاف منها
وهذا غريب جداً، إذ ينطبق على الشعائر المذهبية قوله تعالى {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}، فكيف يكون التركيز عليها مذموماً ؟ وكيف يكون شعار الحق وأهله عنواناً للتطرّف ؟
ثم منذ متى كان الاختلاف على مسألة باعثاً لتجنبها ؟
أوهل يريد هؤلاء من الحوار والتعايش والاعتدال إلغاء الخصوصيات ؟
أم يريدون فرض آرائهم على غيرهم بهذه الحجة ؟
ثم ما الرابط بين التركيز على الشعائر وبين الاتهامات التي تطلق هنا وهناك ؟
5. تبادل الاتهام بين بعض الأحزاب والتيارات فبعضها يعتبر تشدد الآخر سلفية ! والآخر يرى السلفية في عدم السير معه فيما يراه (أولويات سياسية وجهادية) !
وهذا من المفارقات، فهذا الطرف يتّهم ذاك بأنه يفرض نفسه على بني جلدته بقوة الأمر الواقع ويروج للامور كما يراها دون مراعاة خصوصيات الآخرين ويسمي ذلك (سلفية شيعية) !
والآخر نفسه يرد عليه بأن عدم السير فيما يراه أولويات سياسية وجهادية هو تقوقع وتشدد وتطرف يؤدي إلى (سلفية شيعية) مقيتة !
والحال أن هذا أخطأ كما ذاك، فالاختلاف في بعض المسائل الدينية او في وجهات النظر في الشؤون العامة لا يسوغ لأحد مثل هذا التعامل مع الآخر !
هذا باختصار أهم ما قرأناه من أسباب لتوجيه اتهامات لهذا الطرف أو ذاك بأنه من أرباب (السلفية الشيعية) الطارئة، وبطلانه واضح كالشمس في رابعة النهار !
وإن قال الشاعر: قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد *** وينكر الفم طعم الماء من سقم
ولا ننسى التنبيه بعد ذلك أن كلامنا لا ينفي وجود حالات غير صحية أصبحت أمراً واقعاً ملموساً صادراً من أطراف عديدة في البيت الشيعي، وتتمثل بالصراع الداخلي وتبادل الاتهامات والتراشق المقيت.. وإن لم يكن ذلك من (السلفية) في شيء .
والحمد لله رب العالمين
شعيب العاملي
تعليق