بسم الله الرحن الرحيم
أثناء مراجعتنا لشبهة المخالفين حول جواز التقية على الأئمة وبعد أن أجبنا عليها في موضوعنا التالي
http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=179225
أوقفني ما يستحق الوقوف ويثير العجب.
إذ يشنع المخالفون علينا لعملنا بالتقية التي نزلت بها الآيات ونطقت بها الروايات.
حرموا التقية التي أحلها الله وأنكروا على الشيعة التزامهم بها.
لكنهم جوّزوا الكذب على الأنبياء أنفسهم وليس على عامة الناس فقط !
بل ادعوا وقوعه بالفعل ونسبوه إلى نبي الله إبراهيم عليه السلام !
بل زعموا أن نبينا (ص) نسب الكذب لإبراهيم عليه السلام في أصح كتبهم !
فهذا البخاري في صحيحه ينقل عن أبي هريرة قوله : لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام الا ثلاث كذبات: ثنتين منهن في ذات الله عز وجل:
- قوله انى سقيم
- وقوله بل فعله كبيرهم هذا
- وقال بينا هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبار من الجبابرة فقيل له: ان ههنا رجلا معه امرأة من أحسن الناس.
فأرسل إليه فسأله عنها فقال من هذه ؟
قال: أختي .
فأتى سارة قال: يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك وان هذا سألني عنك فأخبرته انك أختي فلا تكذبيني.
فأرسل إليها فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأُخِذَ (مُنِعَ من تناول يدها وأُمسِك) فقال: ادعى الله لي ولا أضرك فدعت الله فأُطلِق.(تُرِك)
ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد فقال: ادعى الله لي ولا أضرك فدعت الله فأطلق.
فدعا بعض حجبته فقال إنكم لم تأتوني بانسان إنما اتيتموني بشيطان.
فأخدَمَها هاجر فأتته وهو قائم يصلى فأومأ بيده مهيا قالت: رد الله كيد الكافر أو الفاجر في نحره وأخدَمَ هاجر. (صحيح البخاري ج4 ص112)
وأما مسلم فقد نسب الحديث نفسه للنبي صلى الله عليه وآله في صحيحه (صحيح مسلم ج7 ص97)
نعم في رواية مسلم: (فقال لها ان هذا الجبار ان يعلم انك امرأتي يغلبني عليك فان سألك فأخبريه انك أختي فإنك أختي في الاسلام فانى لا اعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك)
فهذه تنقذهم من جهة بأن جعلت قوله الثالث عليه السلام تورية حيث قصد أنها اخته في الاسلام، ولا تنقذهم من الأخرى وستأتي.
أما قوله {اني سقيم} وقوله {بل فعله كبيرهم} فهو عند المخالفين كذب في ذات الله !!
فإن قالوا إنما نعني بالكذب في ذات الله كذباً أجازه الله تعالى قلنا: لأي غرض أجاز الله الكذب عليه ؟
فإن قالوا لحفظ نفسه .
قلنا : الكذب عندكم جائز لحفظ النفس، والتقية وهي أخف وطأة من الكذب غير جائزة لحفظ النفس ؟!
وإن قالوا للإصلاح فإن المصلح ليس بكاذب.
قلنا: الكذب في الإصلاح جائز ولو لم يكن ذا أثر ؟ والتقية في إصلاح أمور المؤمنين واستنقاذهم من الموت غير جائزة؟
ثم إن المخالف قد احتج علينا سابقاً بأن تجويز التقية على الأئمة يؤدي إلى عدم الوثوق بكلامهم.
وأجبنا في ذلك الموضوع بأن الإمام لا يتقي فيما لو انحصرت معرفة الحق به أي فيما لم يعلم إلا عن طريقه، ولا بد له في التقية مما يدل على صدور كلامه تقية ولو بالقواعد العامة التي تذكر في باب المرجحات.
ثم إنا نرد الإشكال نفسه على المخالف حيث جوّز الكذب على أنبياء الله تعالى ثم جاء يشنع علينا بجواز التقية على الأئمة عليهم السلام !! إن ذا لعجيب..
على أن علماء الشيعة قد أولوا الآية تبعاً لأئمتهم عليهم السلام، فعن الإمام الصادق عليه السلام:
قال إبراهيم ( فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون ) فقال الصادق عليه السلام والله ما فعله كبيرهم وما كذب إبراهيم فقيل وكيف ذلك ؟ قال إنما قال فعله كبيرهم هذا ان نطق وإن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا (تفسير القمي ج2 ص72)
وعنه عليه السلام: ما كان إبراهيم سقيما وما كذب ، إنما عنى سقيما في دينه مرتادا . (معاني الأخبار للشيخ الصدوق ص210)
وقد روى أنه عنى بقول : سقيم أي سأسقم ، وكل ميت سقيم.
وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله : " إنك ميت " بمعنى أنك ستموت .(المصدر السابق)
وتبع علماء الشيعة أئمتهم في ذلك وممن صرح منهم بذلك الشيخ الطوسي فقال :
..فأضاف كسر الأصنام إلى الصنم الأكبر ، وإنما قال هذا على تأويل صحيح ، بأن قال : إن كانوا ينطقون فقد فعله كبيرهم ، فإذا لم ينطقوا فاعلموا أنه ما فعله تنبيها على أن من لا ينطق ولا يفعل لا يستحق العبادة والإلهية ، وخرج الكلام مخرجا ظاهره بخلافه (الخلاف ج4 ص490)
وقد أقر جمع من علماء السنة بالتأويل بهذا الوجه أو بغيره من وجوه التأويل ككون كلامه استهزاءاً كما في تفسير السمرقندي ج2 ص431 ومثله الثعلبي وغيرهما.
ولكن جمعاً آخر من علمائهم أنكر ما ذهب إليه الشيعة من تأويل الآية بما يدفع الكذب عن النبي عليه السلام واصروا على أنه كذب عليه السلام، فهذا الطبري السني يقول : وغير مستحيل أن يكون الله ذكره أذن لخليله في ذلك ، ليقرع قومه به ، ويحتج به عليهم ، ويعرفهم موضع خطئهم ، وسوء نظرهم لأنفسهم (جامع البيان ج17 ص54)
وقد نسب هذا القول إلى أهل السنة السمعاني في تفسيره ج3 ص389 بعد أن رجحه زاعماً أن الله أذن لنبيه في الكذب في هذه المواضع.
وممن تنبه لخطورة هذا القول وهو نسبة الكذب إلى أنبياء الله تعالى الرازي في تفسيره فقال:
واعلم أن هذا القول مرغوب عنه . أما الخبر الأول وهو الذي رووه فلأن يضاف الكذب إلى رواته أولى من أن يضاف إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، والدليل القاطع عليه أنه لو جاز أن يكذبوا لمصلحة ويأذن الله تعالى فيه ، فلنجوز هذا الاحتمال في كل ما أخبروا عنه ، وفي كل ما أخبر الله تعالى عنه وذلك يبطل الوثوق بالشرائع وتطرق التهمة إلى كلها .. (تفسير الفخر الرازي ج22 ص186)
ونحن نلزم السنة بأحد أمرين:
1. إما أن يلتزموا بصحة رواية البخاري ومسلم فينسبون الكذب لنبي الله إبراهيم عليه السلام ! مع ما يلزم ذلك من لوازم تبطل الوثوق بشرائع الأنبياء. وعليهم أن يستيقظوا فلا يتهموا الشيعة بما عندهم أفظع منه وما عند الشيعة جواب عليه.
2. وإما أن يردوا رواية البخاري ومسلم ويقروا بكذب رواتها فيبطل زعمهم بصحة كتابي البخاري ومسلم معاً.
وإنا لنظن أن للبخاري ولمسلم كرامة عندهم أكثر من أنبياء الله تعالى !!
ومن كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة.. فإن التشنيع على التقية قد أوقعهم فيما كانوا في غنى عنه إذ كشف عورات اعتقاداتهم الفاسدة.
والحمد لله رب العالمين
شعيب العاملي
أثناء مراجعتنا لشبهة المخالفين حول جواز التقية على الأئمة وبعد أن أجبنا عليها في موضوعنا التالي
http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=179225
أوقفني ما يستحق الوقوف ويثير العجب.
إذ يشنع المخالفون علينا لعملنا بالتقية التي نزلت بها الآيات ونطقت بها الروايات.
حرموا التقية التي أحلها الله وأنكروا على الشيعة التزامهم بها.
لكنهم جوّزوا الكذب على الأنبياء أنفسهم وليس على عامة الناس فقط !
بل ادعوا وقوعه بالفعل ونسبوه إلى نبي الله إبراهيم عليه السلام !
بل زعموا أن نبينا (ص) نسب الكذب لإبراهيم عليه السلام في أصح كتبهم !
فهذا البخاري في صحيحه ينقل عن أبي هريرة قوله : لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام الا ثلاث كذبات: ثنتين منهن في ذات الله عز وجل:
- قوله انى سقيم
- وقوله بل فعله كبيرهم هذا
- وقال بينا هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبار من الجبابرة فقيل له: ان ههنا رجلا معه امرأة من أحسن الناس.
فأرسل إليه فسأله عنها فقال من هذه ؟
قال: أختي .
فأتى سارة قال: يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك وان هذا سألني عنك فأخبرته انك أختي فلا تكذبيني.
فأرسل إليها فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأُخِذَ (مُنِعَ من تناول يدها وأُمسِك) فقال: ادعى الله لي ولا أضرك فدعت الله فأُطلِق.(تُرِك)
ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد فقال: ادعى الله لي ولا أضرك فدعت الله فأطلق.
فدعا بعض حجبته فقال إنكم لم تأتوني بانسان إنما اتيتموني بشيطان.
فأخدَمَها هاجر فأتته وهو قائم يصلى فأومأ بيده مهيا قالت: رد الله كيد الكافر أو الفاجر في نحره وأخدَمَ هاجر. (صحيح البخاري ج4 ص112)
وأما مسلم فقد نسب الحديث نفسه للنبي صلى الله عليه وآله في صحيحه (صحيح مسلم ج7 ص97)
نعم في رواية مسلم: (فقال لها ان هذا الجبار ان يعلم انك امرأتي يغلبني عليك فان سألك فأخبريه انك أختي فإنك أختي في الاسلام فانى لا اعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك)
فهذه تنقذهم من جهة بأن جعلت قوله الثالث عليه السلام تورية حيث قصد أنها اخته في الاسلام، ولا تنقذهم من الأخرى وستأتي.
أما قوله {اني سقيم} وقوله {بل فعله كبيرهم} فهو عند المخالفين كذب في ذات الله !!
فإن قالوا إنما نعني بالكذب في ذات الله كذباً أجازه الله تعالى قلنا: لأي غرض أجاز الله الكذب عليه ؟
فإن قالوا لحفظ نفسه .
قلنا : الكذب عندكم جائز لحفظ النفس، والتقية وهي أخف وطأة من الكذب غير جائزة لحفظ النفس ؟!
وإن قالوا للإصلاح فإن المصلح ليس بكاذب.
قلنا: الكذب في الإصلاح جائز ولو لم يكن ذا أثر ؟ والتقية في إصلاح أمور المؤمنين واستنقاذهم من الموت غير جائزة؟
ثم إن المخالف قد احتج علينا سابقاً بأن تجويز التقية على الأئمة يؤدي إلى عدم الوثوق بكلامهم.
وأجبنا في ذلك الموضوع بأن الإمام لا يتقي فيما لو انحصرت معرفة الحق به أي فيما لم يعلم إلا عن طريقه، ولا بد له في التقية مما يدل على صدور كلامه تقية ولو بالقواعد العامة التي تذكر في باب المرجحات.
ثم إنا نرد الإشكال نفسه على المخالف حيث جوّز الكذب على أنبياء الله تعالى ثم جاء يشنع علينا بجواز التقية على الأئمة عليهم السلام !! إن ذا لعجيب..
على أن علماء الشيعة قد أولوا الآية تبعاً لأئمتهم عليهم السلام، فعن الإمام الصادق عليه السلام:
قال إبراهيم ( فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون ) فقال الصادق عليه السلام والله ما فعله كبيرهم وما كذب إبراهيم فقيل وكيف ذلك ؟ قال إنما قال فعله كبيرهم هذا ان نطق وإن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا (تفسير القمي ج2 ص72)
وعنه عليه السلام: ما كان إبراهيم سقيما وما كذب ، إنما عنى سقيما في دينه مرتادا . (معاني الأخبار للشيخ الصدوق ص210)
وقد روى أنه عنى بقول : سقيم أي سأسقم ، وكل ميت سقيم.
وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله : " إنك ميت " بمعنى أنك ستموت .(المصدر السابق)
وتبع علماء الشيعة أئمتهم في ذلك وممن صرح منهم بذلك الشيخ الطوسي فقال :
..فأضاف كسر الأصنام إلى الصنم الأكبر ، وإنما قال هذا على تأويل صحيح ، بأن قال : إن كانوا ينطقون فقد فعله كبيرهم ، فإذا لم ينطقوا فاعلموا أنه ما فعله تنبيها على أن من لا ينطق ولا يفعل لا يستحق العبادة والإلهية ، وخرج الكلام مخرجا ظاهره بخلافه (الخلاف ج4 ص490)
وقد أقر جمع من علماء السنة بالتأويل بهذا الوجه أو بغيره من وجوه التأويل ككون كلامه استهزاءاً كما في تفسير السمرقندي ج2 ص431 ومثله الثعلبي وغيرهما.
ولكن جمعاً آخر من علمائهم أنكر ما ذهب إليه الشيعة من تأويل الآية بما يدفع الكذب عن النبي عليه السلام واصروا على أنه كذب عليه السلام، فهذا الطبري السني يقول : وغير مستحيل أن يكون الله ذكره أذن لخليله في ذلك ، ليقرع قومه به ، ويحتج به عليهم ، ويعرفهم موضع خطئهم ، وسوء نظرهم لأنفسهم (جامع البيان ج17 ص54)
وقد نسب هذا القول إلى أهل السنة السمعاني في تفسيره ج3 ص389 بعد أن رجحه زاعماً أن الله أذن لنبيه في الكذب في هذه المواضع.
وممن تنبه لخطورة هذا القول وهو نسبة الكذب إلى أنبياء الله تعالى الرازي في تفسيره فقال:
واعلم أن هذا القول مرغوب عنه . أما الخبر الأول وهو الذي رووه فلأن يضاف الكذب إلى رواته أولى من أن يضاف إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، والدليل القاطع عليه أنه لو جاز أن يكذبوا لمصلحة ويأذن الله تعالى فيه ، فلنجوز هذا الاحتمال في كل ما أخبروا عنه ، وفي كل ما أخبر الله تعالى عنه وذلك يبطل الوثوق بالشرائع وتطرق التهمة إلى كلها .. (تفسير الفخر الرازي ج22 ص186)
ونحن نلزم السنة بأحد أمرين:
1. إما أن يلتزموا بصحة رواية البخاري ومسلم فينسبون الكذب لنبي الله إبراهيم عليه السلام ! مع ما يلزم ذلك من لوازم تبطل الوثوق بشرائع الأنبياء. وعليهم أن يستيقظوا فلا يتهموا الشيعة بما عندهم أفظع منه وما عند الشيعة جواب عليه.
2. وإما أن يردوا رواية البخاري ومسلم ويقروا بكذب رواتها فيبطل زعمهم بصحة كتابي البخاري ومسلم معاً.
وإنا لنظن أن للبخاري ولمسلم كرامة عندهم أكثر من أنبياء الله تعالى !!
ومن كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة.. فإن التشنيع على التقية قد أوقعهم فيما كانوا في غنى عنه إذ كشف عورات اعتقاداتهم الفاسدة.
والحمد لله رب العالمين
شعيب العاملي
تعليق