(ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُواوُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوابِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [سورة المائدة : الآية[ 60
قال الرازي عند بلوغه هذه الآية من تفسيره الكبير ـ فيالمسألة الثامنة والثلاثين ـ: اختلف الناس في مسح الرجلين وفي غسلهما،فنقل القفال في تفسيره عن ابن عباس وأنس بن مالك وعكرمة والشعبيوالإمام محمد بن علي الباقر: إن الواجب فيهما المسح، وهو مذهب الإماميةمن الشيعة.
وقال جمهور الفقهاء والمفسرين: فرضهما الغسل. وقالالحسن الأصفهاني: يجب الجمع بينهما، وهو قول الناصر بالحق من أئمةالزيدية، وقال الحسن البصري ومحمد بن جرير الطبري: المكلف مخير بينالغسل والمسح. والذي عليه أئمة أهل البيت (عليهم السلام) هو مسح الأرجلفرضاً على سبيل التعيين وتبعهم في ذلك شيعتهم المقتفون أثرهم ولكن هللهم من حجة فيما ذهبوا إليه تؤيدهم؟
هذا ما أورده الرازي فيتفسيره حيث استطرد قائلاً: حجة من قال بوجوب المسح مبني على القراءتينالمشهورتين في (وأرجلكم) فقرأ ابن كثير وحمزة وأبو عمرو وعاصم في روايةأبي بكر عنه بالجر، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنهبالنصب، فنقول: أما القراءة بالجر فهي تقتضي كون الأرجل معطوفة علىالرؤوس فكما وجب المسح في الرأس فكذلك في الأرجل. فإن قيل: لم لا يجوزأن يقال هذا الكسر على الجوار كما في قوله: جحر ضب خرب، أو كبير أناسفي بجاد مزمل.
قلنا هذا بال من وجوه:
الأول: إن الكسرعلى الجوار معدود في اللحن الذي قد يحتمل لأجل الضرورة في الشعر وكلامالله يجب تنزيهه.
وثانيهما: أن الكسر إنما يصار إليه حيث يحصلالأمن من الالتباس كما في قوله: جحر ضب خرب. فإن المعلوم بالضرورة أنالخرب لا يكون نعتاً للضب بل للجحر، وفي هذه الآية الأمن من الالتباسغير حاصل.
وثالثهما: إن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرفالعطف، وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب.
وأما القراءةبالنصب فقالوا أيضا: أنها توجب المسح وذلك لأن قوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فرؤوسكم في محل النصب ولكنها مجرورةبالباء، فإذا عطفت الأرجل على الرؤوس جاء في الأرجل النصب عطفاً علىمحل الرؤوس والجر عطفاً على الظاهر
إذا ثبت هذا فنقول: ظهر انه يجوز أن يكون عامل النصب فيقوله تعالى (وَأَرْجُلَكُمْ) هو قوله (وَامْسَحُوا) ويجوز أن يكون هوقوله (فَاغْسِلُوا) لكن العاملان إذا اجتمعا على معمول واحد كان إعمالالأقرب أولى، فوجب أن يكون عامل النصب في (وَأَرْجُلَكُمْ) هو قوله (وَامْسَحُوا) فقلت إن قراءة (وَأَرْجُلَكُمْ) بنصب اللازم توجب المسحأيضا فهذا وجه الاستدلال بهذه الآية على وجوب المسح، ثم قالوا: ولايجوز دفع ذلك بالأخبار لأنها بأسرها من باب الآحاد، ونسخ القرآن بخبرالواحد لا يجوز.
نقول: هذه حجة من استدل بالآية المباركة فحثعلى وجوب المسح في الوضوء بالنسبة للأرجل ثم قال الرازي: إن الأخباروردت بإيجاب الغسل، والغسل مشتمل على المسح ولا ينعكس فكان الغسل أقربإلى الاحتياط فوجب المصير اليه، وعلى هذا الوجه يجب القطع بأن غسلالأرجل يقوم مقام مسحهما.
نقول: هذا القول الذي ذهب إليه الرازيبأن الغسل مشتمل على المسح وأن غسل الأرجل يقوم مقام مسحهما لورودالأخبار بذلك هو قول مردود من وجوه:
أولاً: القول بأن الغسلمشتمل على المسح يقتضي إدراج الرأس أيضا مع الأرجل لاشتراكهما فيالحكم، وهذا يستلزم غسل الرأس، وذلك غير حاصل قط، لأن التفريق بينهمايقتضي مصادرة الآية بالأخبار.
ثانياً: إن الله عز وجل قد أوجبشيئاً اسمه (غسل) يختص بالوجوه والأيدي، وأوجب شيئاً آخر اسمه (مسح)يختص بالرؤوس والأرجل، وفرق بينهما، فما الذي خلط هذا بذلك وجعل هذامشتملا على ذاك؟
ثالثاً: إن الغسل لغة له كيفية معينة وطريقةخاصة به كما هو معروف، وكذلك المسح له كيفية مختلفة لغة وعرفا، ولايجوز أن يخلط بينهما وان يمتزج بعضهما بالآخر.
رابعاً: إنالاحتياط لا يتحقق إلا بالجمع بين المسح والغسل لكونهما حقيقتينمختلفتين كما ذهب إلى ذلك داود الاصفهاني، والناصر بالحق من أئمةالزيدية، حيث التبس الأمر عليهما وأوقعهما في حيرة بسبب التعارض بينالآية والأخبار فأوجبا الجمع بينهما عملاً بهما معاً، أما القول بأنالغسل مشتمل على المسح فهذه مغالطة واضحة.
خامساً: إذا تعارضتالأخبار مع النص القرآني الصريح فإنه يجب الأخذ بالقرآن قطعاً والعملبه، وأما الأخبار فأما أن تأول بنحو من التأويلات ما أمكن لذلك سبيلاً،أو تطرح نهائياً لتعارضها مع الكتاب القطعي. ألا ترى إذا جاء القرآنبقوله (وَامْسَحُوا) وجاءت الأخبار بقولها اغسلوا فبأيهمانأخذ؟
سادساً: وردت بعض الآثار الصحيحة الدالة على إن الواجب فيالوضوء هو مسح الأرجل وفقاً لكتاب الله تعالى قال الإمام الطبري فيتفسيره لآية الوضوء: وقرأ ذلك آخرون من قراء الحجاز والعراق (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) بخفض الأرجل، وتأول قارئوذلك كذلك إن الله تعالى إنما أمر عباده بمسح الأرجل في الوضوء دونغسلهما، وجعلوا الأرجل عطفاً على الرؤوس فخفضوها لذلك.
ثم روىالطبري عدة روايات منها: عن ابن عباس قال: الوضوء غسلتان ومسحتان.
وعنعكرمة قال: ليس على الرجلين غسل إنما أنزل فيهما المسح.
وعنجابر عن أبي جعفر: امسح رأسك وقدميك.
وعن الشعبي قال: نزل جبريلبالمسح، ألا ترى أن التيمم أن يمسح ما كان غسلاً، ويلغي ما كان مسحاً.
وعن قتادة قوله في تفسير الآية (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْوَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ...) قال: افترض الله غسلتينومسحتين.
قلنا: هذه جملة من الآثار الصحيحة تفرق بين الغسلوالمسح وتثبت صراحة أن الواجب في الأرجل هو المسح لا غير، والغريب ـبعد هذا كله ـ أن هناك من يقول بأن الغسل مشتمل على المسح، أو إنالمقصود بالمسح هو الغسل الخفيف!!
وأخرج الحافظ بن حجر في ترجمةتميم بن زيد في القسم الأول من الإصابة: قال ابن حبان: تميم بن زيدالمازني له صحبة وحديثه عند ولده وروى البخاري في تاريخه واحمد وابنأبي شيبة وابن أبي عمر والبغويني والطبراني والبارودي وغيرهم كلهم منطريق ابي الأسود عن عباد بن تميم المازني عن أبيه
قال: رأيت رسول الله)صلى الله عليه وسلم) يتوضأ ويمسح على رجليه.
وعن قتادة عنعكرمة الحسن قالا في الآية المذكورة: نمسح الرجلين.
قال الرازي عند بلوغه هذه الآية من تفسيره الكبير ـ فيالمسألة الثامنة والثلاثين ـ: اختلف الناس في مسح الرجلين وفي غسلهما،فنقل القفال في تفسيره عن ابن عباس وأنس بن مالك وعكرمة والشعبيوالإمام محمد بن علي الباقر: إن الواجب فيهما المسح، وهو مذهب الإماميةمن الشيعة.
وقال جمهور الفقهاء والمفسرين: فرضهما الغسل. وقالالحسن الأصفهاني: يجب الجمع بينهما، وهو قول الناصر بالحق من أئمةالزيدية، وقال الحسن البصري ومحمد بن جرير الطبري: المكلف مخير بينالغسل والمسح. والذي عليه أئمة أهل البيت (عليهم السلام) هو مسح الأرجلفرضاً على سبيل التعيين وتبعهم في ذلك شيعتهم المقتفون أثرهم ولكن هللهم من حجة فيما ذهبوا إليه تؤيدهم؟
هذا ما أورده الرازي فيتفسيره حيث استطرد قائلاً: حجة من قال بوجوب المسح مبني على القراءتينالمشهورتين في (وأرجلكم) فقرأ ابن كثير وحمزة وأبو عمرو وعاصم في روايةأبي بكر عنه بالجر، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنهبالنصب، فنقول: أما القراءة بالجر فهي تقتضي كون الأرجل معطوفة علىالرؤوس فكما وجب المسح في الرأس فكذلك في الأرجل. فإن قيل: لم لا يجوزأن يقال هذا الكسر على الجوار كما في قوله: جحر ضب خرب، أو كبير أناسفي بجاد مزمل.
قلنا هذا بال من وجوه:
الأول: إن الكسرعلى الجوار معدود في اللحن الذي قد يحتمل لأجل الضرورة في الشعر وكلامالله يجب تنزيهه.
وثانيهما: أن الكسر إنما يصار إليه حيث يحصلالأمن من الالتباس كما في قوله: جحر ضب خرب. فإن المعلوم بالضرورة أنالخرب لا يكون نعتاً للضب بل للجحر، وفي هذه الآية الأمن من الالتباسغير حاصل.
وثالثهما: إن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرفالعطف، وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب.
وأما القراءةبالنصب فقالوا أيضا: أنها توجب المسح وذلك لأن قوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فرؤوسكم في محل النصب ولكنها مجرورةبالباء، فإذا عطفت الأرجل على الرؤوس جاء في الأرجل النصب عطفاً علىمحل الرؤوس والجر عطفاً على الظاهر
إذا ثبت هذا فنقول: ظهر انه يجوز أن يكون عامل النصب فيقوله تعالى (وَأَرْجُلَكُمْ) هو قوله (وَامْسَحُوا) ويجوز أن يكون هوقوله (فَاغْسِلُوا) لكن العاملان إذا اجتمعا على معمول واحد كان إعمالالأقرب أولى، فوجب أن يكون عامل النصب في (وَأَرْجُلَكُمْ) هو قوله (وَامْسَحُوا) فقلت إن قراءة (وَأَرْجُلَكُمْ) بنصب اللازم توجب المسحأيضا فهذا وجه الاستدلال بهذه الآية على وجوب المسح، ثم قالوا: ولايجوز دفع ذلك بالأخبار لأنها بأسرها من باب الآحاد، ونسخ القرآن بخبرالواحد لا يجوز.
نقول: هذه حجة من استدل بالآية المباركة فحثعلى وجوب المسح في الوضوء بالنسبة للأرجل ثم قال الرازي: إن الأخباروردت بإيجاب الغسل، والغسل مشتمل على المسح ولا ينعكس فكان الغسل أقربإلى الاحتياط فوجب المصير اليه، وعلى هذا الوجه يجب القطع بأن غسلالأرجل يقوم مقام مسحهما.
نقول: هذا القول الذي ذهب إليه الرازيبأن الغسل مشتمل على المسح وأن غسل الأرجل يقوم مقام مسحهما لورودالأخبار بذلك هو قول مردود من وجوه:
أولاً: القول بأن الغسلمشتمل على المسح يقتضي إدراج الرأس أيضا مع الأرجل لاشتراكهما فيالحكم، وهذا يستلزم غسل الرأس، وذلك غير حاصل قط، لأن التفريق بينهمايقتضي مصادرة الآية بالأخبار.
ثانياً: إن الله عز وجل قد أوجبشيئاً اسمه (غسل) يختص بالوجوه والأيدي، وأوجب شيئاً آخر اسمه (مسح)يختص بالرؤوس والأرجل، وفرق بينهما، فما الذي خلط هذا بذلك وجعل هذامشتملا على ذاك؟
ثالثاً: إن الغسل لغة له كيفية معينة وطريقةخاصة به كما هو معروف، وكذلك المسح له كيفية مختلفة لغة وعرفا، ولايجوز أن يخلط بينهما وان يمتزج بعضهما بالآخر.
رابعاً: إنالاحتياط لا يتحقق إلا بالجمع بين المسح والغسل لكونهما حقيقتينمختلفتين كما ذهب إلى ذلك داود الاصفهاني، والناصر بالحق من أئمةالزيدية، حيث التبس الأمر عليهما وأوقعهما في حيرة بسبب التعارض بينالآية والأخبار فأوجبا الجمع بينهما عملاً بهما معاً، أما القول بأنالغسل مشتمل على المسح فهذه مغالطة واضحة.
خامساً: إذا تعارضتالأخبار مع النص القرآني الصريح فإنه يجب الأخذ بالقرآن قطعاً والعملبه، وأما الأخبار فأما أن تأول بنحو من التأويلات ما أمكن لذلك سبيلاً،أو تطرح نهائياً لتعارضها مع الكتاب القطعي. ألا ترى إذا جاء القرآنبقوله (وَامْسَحُوا) وجاءت الأخبار بقولها اغسلوا فبأيهمانأخذ؟
سادساً: وردت بعض الآثار الصحيحة الدالة على إن الواجب فيالوضوء هو مسح الأرجل وفقاً لكتاب الله تعالى قال الإمام الطبري فيتفسيره لآية الوضوء: وقرأ ذلك آخرون من قراء الحجاز والعراق (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) بخفض الأرجل، وتأول قارئوذلك كذلك إن الله تعالى إنما أمر عباده بمسح الأرجل في الوضوء دونغسلهما، وجعلوا الأرجل عطفاً على الرؤوس فخفضوها لذلك.
ثم روىالطبري عدة روايات منها: عن ابن عباس قال: الوضوء غسلتان ومسحتان.
وعنعكرمة قال: ليس على الرجلين غسل إنما أنزل فيهما المسح.
وعنجابر عن أبي جعفر: امسح رأسك وقدميك.
وعن الشعبي قال: نزل جبريلبالمسح، ألا ترى أن التيمم أن يمسح ما كان غسلاً، ويلغي ما كان مسحاً.
وعن قتادة قوله في تفسير الآية (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْوَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ...) قال: افترض الله غسلتينومسحتين.
قلنا: هذه جملة من الآثار الصحيحة تفرق بين الغسلوالمسح وتثبت صراحة أن الواجب في الأرجل هو المسح لا غير، والغريب ـبعد هذا كله ـ أن هناك من يقول بأن الغسل مشتمل على المسح، أو إنالمقصود بالمسح هو الغسل الخفيف!!
وأخرج الحافظ بن حجر في ترجمةتميم بن زيد في القسم الأول من الإصابة: قال ابن حبان: تميم بن زيدالمازني له صحبة وحديثه عند ولده وروى البخاري في تاريخه واحمد وابنأبي شيبة وابن أبي عمر والبغويني والطبراني والبارودي وغيرهم كلهم منطريق ابي الأسود عن عباد بن تميم المازني عن أبيه
قال: رأيت رسول الله)صلى الله عليه وسلم) يتوضأ ويمسح على رجليه.
وعن قتادة عنعكرمة الحسن قالا في الآية المذكورة: نمسح الرجلين.
تعليق