مرور اكثر من ربع قرن على فشل عملية مخلب النسر في صحراء طبس الايرانيه والفشل الامريكي الذريع لتحرير رهائن السفارة
معجزة تصادم وتحطم الطائرات الإيرانية في صحراء طبس الإيرانية
هل تتكرر من جديد
قرأة ان قبل ربع قرن من الآن، في 24 أبريل 1980، انهارت العملية الأميركية السرية في إيران التي كانت تهدف الى إنقاذ 53 رهينة محتجزين في السفارة الاميركية بطهران لتنتهي بكارثة على مهبط طائرات مؤقت وسط الصحراء الإيرانية
وكان الفشل العلني المحرج لهذه الغارة التي أطلق عليها اسم عملية «مخلب النسر» وصمة عار لإدارة كارتر ولقواتنا المسلحة أيضاً التي كانت لاتزال تناضل للنهوض على قدميها مجدداً في أعقاب الهزيمة النكراء التي لحقت بها في فيتنام قبل ذلك بخمس سنوات فقط.
فبعد احتلال السفارة الأميركية من قبل الطلاب الإيرانين حاولت أميركا بمختلف السبل دفع إيران للتراجع عن موقفها، فقامت، ومن يدور في فلكها، بفرض الحصار الاقتصادي والسياسي رسمياً على إيران، وابتدأت الجماهير مرحلة مواجهة الحصار الاقتصادي والسياسي مستلهمة بيانات وتوجيهات الإمام الخميني، دون ان تفكر في الاستسلام. وفشلت عملية اطلاق سراح الرهائن الأميركان بعد تحطم الطائرات الاميركية في صحراء طبس، في حادثة اعجازية مدهشة.
ففي الرابع والعشرين من نيسان 1980م قامت ست طائرات سمتيه بالهبوط في إحدى القواعد الأميركية السابقة في صحراء طبس شرقي إيران، وقد وقعت هذه الحادثة خلال رئاسة أبو الحسن بني صدر. وكان مقرراً أن تقوم الطائرات ـ بعد التزود بالوقود والتحاق ثمان سمتيات ميدانية ـ بالتوجه إلى طهران، لقصف منزل الإمام الخميني والمراكز الهامة الأخرى بالتعاون مع بعض العملاء لإطلاق سراح الرهائن غير أن عاصفة مفاجئة هبت في الصحراء فارتطمت أحداهما بأخرى فانفجرت جراء ذلك مروحية من طراز «آر إتش - 53» تابعة لمشاة البحرية وطائرة حربية من طراز «إي سي - 130» تابعة لسلاح الجو على الأرض مما أجبر الطائرات المتبقية إلى الهبوط الاضطراري في الصحراء نتيجة لهذا الحادث ولسوء الأحوال الجوية.
وبفشل تنفيذ هذه الغارة، أتيح للعالم أيضاً إلقاء نظرته الأولى على قوة العمليات الخاصة الأميركية التي كانت محاطة بأقصى درجات السرية وعلى قائدها المؤسس الاسطوري الكولونيل تشارلي بيكويث، المحارب المخضرم من الوحدات الخاصة والفرقة المجوقلة 101 والذي خدم لفترتين متعاقبتين في فيتنام.
أعلن كارتر بنفسه عن فشل العملية وتحمل المسؤولية كاملة، كما كان ينبغي له ان يفعل. وكان كارتر قد أدار العملية بكل تفاصيلها من البيت الأبيض وانحنى أمام الضغوط من فروع القوات المسلحة كافة للقيام بعمل جسور يمجّد أميركا.
ولم تكن قوات بيكويث تملك وسائل نقل خاصة بها، ولذلك تعهد سلاح الجو بنقل الجنود الى منطقة الانطلاق وإعادة التزود بالوقود وسط الصحراء الإيرانية على متن طائرتي نقل ذات محركات مروحية طوربينية من طراز «سي - 130» في حين كلفت مروحيات من سلاح مشاة البحرية «المارينز» بنقل جنود قوة العمليات الخاصة «دلتا» من المهبط الجوي المؤقت في الصحراء الى طهران، ودخلت هذه المروحيات الأجواء الإيرانية قادمة من البحر.
واضطر المشرفون على العملية إلى تجميع طواقم المروحيات على عجالة وبطريقة خرقاء مستخدمين طيارين من المارينز والاسطول البحري وسلاح الجو بعد ان اكتشفوا في الدقيقة الأخيرة ان بعض طياري المارينز يفتقرون للمهارات اللازمة للقيام بمثل هذه المهمة.
وكان عدد من عناصر وعملاء القوة «دلتا» قد تسللوا إلى داخل الاراضي الإيرانية للمساعدة في تنفيذ الهجوم لانقاذ الرهائن الأميركيين الـ 53 وجميعهم من الدبلوماسيين والحراس المارينز - الذين احتجزوا عندما استولى حشد من الايرانيين على السفارة الأميركية في طهران في 4 نوفمبر 1979.
ونظم بيكويث ومؤيدوه في البنتاغون، حملة ضغط للقيام بمهمة انقاذ خاصة ينفذها خبراء من قوة دلتا متخصصون في مهام تحرير الرهائن، وكان قد بدأ بالتخطيط لعملية الانقاذ بعد ساعات من احتجاز الرهائن الاميركيين.
لكن كل ذلك التخطيط انهار بصورة كارثية في موقع الإنزال بالصحراء الإيرانية. وأمام مشهد اشتعال الطائرتين المتصادمتين على المهبط السري، ولم يكن أمام الجنود وطواقم الملاحة سوى حزم معداتهم والخروج بأسرع ما يمكن على متن طائرات «سي - 130» المتبقية.
وأصدرت لهم الأوامر بتدمير المروحيات المتبقية على المهبط، لكن وسط حالة الإرباك الشديدة لم يتم تنفيذ هذه الأوامر. ووقعت الخطط السرية في أيدي الإيرانيين، وبالكاد استطاع العملاء المتعاونون مع الولايات المتحدة في طهران الفرار.
ويقول البعض ان هذا الفشل الذريع شلّ الإدارة الأميركية في حينها وكان السبب المباشر لهزيمة كارتر أمام رونالد ريغان في انتخابات نوفمبر التالي.
وفي النهاية قام الإيرانيون بتحرير الرهائن في يوم تقليد ريغان مراسم السلطة بعد مضي 444 يوماً على احتجازهم.
ولم تمض فترة طويلة بعد ذلك حتى تقاعد بيكويث بهدوء من الجيش. ولم يحاول قط إلقاء اللوم على كارتر في حينها أو في أي وقت لاحق. ومات بيكويث قبل حوالي 15 عاماً، وهو على قناعة بأن الجزء الأكبر من اللوم يقع على التنافس الداخلي بين فروع القوات المسلحة المختلفة.
وولد من ثنايا هذا الفشل تصميم تام من قبل بعض الأعضاء المتنفذين في الكونغرس، إلى جانب أولئك الذين كانوا يمنحون ثقتهم ودعمهم من دون تردد لوحدات العمليات الخاصة الصغيرة، تصميم على أن ما حدث لن يتكرر، واصرار على ضرورة ايجاد قيادة مصممة لضمان نجاح مثل هذه المهام السرية، على أن تكون تلك القيادة مكتفية ذاتياً في كل شيء بما في ذلك احتياجاتها من الطائرات والمروحيات والطيارين.
وولدت بالفعل قيادة من هذا النوع، برغم المعارضة المتعنتة من قبل الكونغرس، وهي تعرف اليوم بـ «قيادة العمليات الخاصة الأميركية» ويقع مقرها في قاعدة ماكويل الجوية بولاية فلوريدا ولقد أصبحت مستقلة بذاتها تحت إمرة ضابط كبير مخضرم ـ برتبة جنرال أو أدميرال ـ منذ أحداث 11 سبتمبر.
- أحد الصحفيين الأمريكان يروي قصة الحادثة وهو في العاصمة طهران .
قال أحد الموظفين من حاملي الجنسية الأمريكية والعاملين في أرامكو أنه أبان الأزمة الأمريكية الإيرانية (أي أيام احتجاز الأمريكان) كان الأمريكيون يكرهون الشيعة، وكان أحدهم موجود في بناية الأكسبك في الظهران يعلن ذلك على الملأ. ذهب هذا الرجل إلى إجازة وفي حينها حصلت واقعة طبس. عندما عاد أخذ يقبل أيادي الشيعة ويعتذر عن ما بدر منه تجاههم . فقالوا له لماذا؟ فقال إن صديقتي صحفية وكانت من ضمن البعثة المرافقة لفك أسر الرهائن. قالت له رأيت بأم عيني بلحظات قبل قيام القيامة شيخ يلبس العمامة السوداء يدعو بين السماء والأرض، ولم تكن إلا لحظة وانقلب السحر على الساحر. الحمد لله الذي أبقى على حياة البعض منهم (والفضل ما شهدت به الأعداء) ليرووا القصة ويكونوا شهداء.
معجزة تصادم وتحطم الطائرات الإيرانية في صحراء طبس الإيرانية
هل تتكرر من جديد
قرأة ان قبل ربع قرن من الآن، في 24 أبريل 1980، انهارت العملية الأميركية السرية في إيران التي كانت تهدف الى إنقاذ 53 رهينة محتجزين في السفارة الاميركية بطهران لتنتهي بكارثة على مهبط طائرات مؤقت وسط الصحراء الإيرانية
وكان الفشل العلني المحرج لهذه الغارة التي أطلق عليها اسم عملية «مخلب النسر» وصمة عار لإدارة كارتر ولقواتنا المسلحة أيضاً التي كانت لاتزال تناضل للنهوض على قدميها مجدداً في أعقاب الهزيمة النكراء التي لحقت بها في فيتنام قبل ذلك بخمس سنوات فقط.
فبعد احتلال السفارة الأميركية من قبل الطلاب الإيرانين حاولت أميركا بمختلف السبل دفع إيران للتراجع عن موقفها، فقامت، ومن يدور في فلكها، بفرض الحصار الاقتصادي والسياسي رسمياً على إيران، وابتدأت الجماهير مرحلة مواجهة الحصار الاقتصادي والسياسي مستلهمة بيانات وتوجيهات الإمام الخميني، دون ان تفكر في الاستسلام. وفشلت عملية اطلاق سراح الرهائن الأميركان بعد تحطم الطائرات الاميركية في صحراء طبس، في حادثة اعجازية مدهشة.
ففي الرابع والعشرين من نيسان 1980م قامت ست طائرات سمتيه بالهبوط في إحدى القواعد الأميركية السابقة في صحراء طبس شرقي إيران، وقد وقعت هذه الحادثة خلال رئاسة أبو الحسن بني صدر. وكان مقرراً أن تقوم الطائرات ـ بعد التزود بالوقود والتحاق ثمان سمتيات ميدانية ـ بالتوجه إلى طهران، لقصف منزل الإمام الخميني والمراكز الهامة الأخرى بالتعاون مع بعض العملاء لإطلاق سراح الرهائن غير أن عاصفة مفاجئة هبت في الصحراء فارتطمت أحداهما بأخرى فانفجرت جراء ذلك مروحية من طراز «آر إتش - 53» تابعة لمشاة البحرية وطائرة حربية من طراز «إي سي - 130» تابعة لسلاح الجو على الأرض مما أجبر الطائرات المتبقية إلى الهبوط الاضطراري في الصحراء نتيجة لهذا الحادث ولسوء الأحوال الجوية.
وبفشل تنفيذ هذه الغارة، أتيح للعالم أيضاً إلقاء نظرته الأولى على قوة العمليات الخاصة الأميركية التي كانت محاطة بأقصى درجات السرية وعلى قائدها المؤسس الاسطوري الكولونيل تشارلي بيكويث، المحارب المخضرم من الوحدات الخاصة والفرقة المجوقلة 101 والذي خدم لفترتين متعاقبتين في فيتنام.
أعلن كارتر بنفسه عن فشل العملية وتحمل المسؤولية كاملة، كما كان ينبغي له ان يفعل. وكان كارتر قد أدار العملية بكل تفاصيلها من البيت الأبيض وانحنى أمام الضغوط من فروع القوات المسلحة كافة للقيام بعمل جسور يمجّد أميركا.
ولم تكن قوات بيكويث تملك وسائل نقل خاصة بها، ولذلك تعهد سلاح الجو بنقل الجنود الى منطقة الانطلاق وإعادة التزود بالوقود وسط الصحراء الإيرانية على متن طائرتي نقل ذات محركات مروحية طوربينية من طراز «سي - 130» في حين كلفت مروحيات من سلاح مشاة البحرية «المارينز» بنقل جنود قوة العمليات الخاصة «دلتا» من المهبط الجوي المؤقت في الصحراء الى طهران، ودخلت هذه المروحيات الأجواء الإيرانية قادمة من البحر.
واضطر المشرفون على العملية إلى تجميع طواقم المروحيات على عجالة وبطريقة خرقاء مستخدمين طيارين من المارينز والاسطول البحري وسلاح الجو بعد ان اكتشفوا في الدقيقة الأخيرة ان بعض طياري المارينز يفتقرون للمهارات اللازمة للقيام بمثل هذه المهمة.
وكان عدد من عناصر وعملاء القوة «دلتا» قد تسللوا إلى داخل الاراضي الإيرانية للمساعدة في تنفيذ الهجوم لانقاذ الرهائن الأميركيين الـ 53 وجميعهم من الدبلوماسيين والحراس المارينز - الذين احتجزوا عندما استولى حشد من الايرانيين على السفارة الأميركية في طهران في 4 نوفمبر 1979.
ونظم بيكويث ومؤيدوه في البنتاغون، حملة ضغط للقيام بمهمة انقاذ خاصة ينفذها خبراء من قوة دلتا متخصصون في مهام تحرير الرهائن، وكان قد بدأ بالتخطيط لعملية الانقاذ بعد ساعات من احتجاز الرهائن الاميركيين.
لكن كل ذلك التخطيط انهار بصورة كارثية في موقع الإنزال بالصحراء الإيرانية. وأمام مشهد اشتعال الطائرتين المتصادمتين على المهبط السري، ولم يكن أمام الجنود وطواقم الملاحة سوى حزم معداتهم والخروج بأسرع ما يمكن على متن طائرات «سي - 130» المتبقية.
وأصدرت لهم الأوامر بتدمير المروحيات المتبقية على المهبط، لكن وسط حالة الإرباك الشديدة لم يتم تنفيذ هذه الأوامر. ووقعت الخطط السرية في أيدي الإيرانيين، وبالكاد استطاع العملاء المتعاونون مع الولايات المتحدة في طهران الفرار.
ويقول البعض ان هذا الفشل الذريع شلّ الإدارة الأميركية في حينها وكان السبب المباشر لهزيمة كارتر أمام رونالد ريغان في انتخابات نوفمبر التالي.
وفي النهاية قام الإيرانيون بتحرير الرهائن في يوم تقليد ريغان مراسم السلطة بعد مضي 444 يوماً على احتجازهم.
ولم تمض فترة طويلة بعد ذلك حتى تقاعد بيكويث بهدوء من الجيش. ولم يحاول قط إلقاء اللوم على كارتر في حينها أو في أي وقت لاحق. ومات بيكويث قبل حوالي 15 عاماً، وهو على قناعة بأن الجزء الأكبر من اللوم يقع على التنافس الداخلي بين فروع القوات المسلحة المختلفة.
وولد من ثنايا هذا الفشل تصميم تام من قبل بعض الأعضاء المتنفذين في الكونغرس، إلى جانب أولئك الذين كانوا يمنحون ثقتهم ودعمهم من دون تردد لوحدات العمليات الخاصة الصغيرة، تصميم على أن ما حدث لن يتكرر، واصرار على ضرورة ايجاد قيادة مصممة لضمان نجاح مثل هذه المهام السرية، على أن تكون تلك القيادة مكتفية ذاتياً في كل شيء بما في ذلك احتياجاتها من الطائرات والمروحيات والطيارين.
وولدت بالفعل قيادة من هذا النوع، برغم المعارضة المتعنتة من قبل الكونغرس، وهي تعرف اليوم بـ «قيادة العمليات الخاصة الأميركية» ويقع مقرها في قاعدة ماكويل الجوية بولاية فلوريدا ولقد أصبحت مستقلة بذاتها تحت إمرة ضابط كبير مخضرم ـ برتبة جنرال أو أدميرال ـ منذ أحداث 11 سبتمبر.
- أحد الصحفيين الأمريكان يروي قصة الحادثة وهو في العاصمة طهران .
قال أحد الموظفين من حاملي الجنسية الأمريكية والعاملين في أرامكو أنه أبان الأزمة الأمريكية الإيرانية (أي أيام احتجاز الأمريكان) كان الأمريكيون يكرهون الشيعة، وكان أحدهم موجود في بناية الأكسبك في الظهران يعلن ذلك على الملأ. ذهب هذا الرجل إلى إجازة وفي حينها حصلت واقعة طبس. عندما عاد أخذ يقبل أيادي الشيعة ويعتذر عن ما بدر منه تجاههم . فقالوا له لماذا؟ فقال إن صديقتي صحفية وكانت من ضمن البعثة المرافقة لفك أسر الرهائن. قالت له رأيت بأم عيني بلحظات قبل قيام القيامة شيخ يلبس العمامة السوداء يدعو بين السماء والأرض، ولم تكن إلا لحظة وانقلب السحر على الساحر. الحمد لله الذي أبقى على حياة البعض منهم (والفضل ما شهدت به الأعداء) ليرووا القصة ويكونوا شهداء.
تعليق