سنناقش بعد هذا الموضوع مباحث الامامة/ في ثبات امامة الائمة الاثني عشرعلى الامة من قبل اللّه سبحانه ورسوله (ص )
الامامة ماهي ؟ ومن هو الامام ؟
الامامة : منصب الهي مجعول من قبل اللّه , وعهد منه سبحانه وتعالى , كما قال عز وجل في ابراهيم (ع ) ( اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) ((401)) .
فكما ان النبوة منصب الهي مجعول من قبل اللّه سبحانه وتعالى ,فكذلك الخلافة عنها لا محالة .
ولا مـعـنـى لـلـخلافة عن النبي بجعل الناس , فكما ان النبوة ليست مجعولة من قبل الناس , فكذلك الخلافة عنه لا تكون مجعولة من قبلهم .
وبـالجملة : ليست خلافة رسول اللّه رئاسة جمهورية ليكون تحققهابرا الناس كما ادعي بعد النبي (ص ) بالنسبة الى ابي بكر , بل لا بد وان تكون منصوبة من قبل اللّه ورسوله (ص ).
فـكما ان موسى قال لهارون : ( اخلفني في قومي ) ((402)) , فكذلك قال نبينا (ص ) لعلي (ع ) في حـديث المنزلة المتواتر نقله عنه في كتب اهل السنة ( انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نـبي بعدي )) , فاثبت لعلي (ع )الخلافة عن نفسه (ص ) , وكل منزلة كانت لهارون بالنسبة الى مـوسـى الا الـنبوة , وبين ان عدم كونه نبيا ـ كما كان هارون ـ لاجل انه لا نبي بعده , وانه (ص ) خاتم النبيين .
وبـالجملة : ان الامامة ولاية مسانخة لولاية اللّه وولاية رسوله (ص ) ,كما قال اللّه تعالى : ( انما وليكم اللّه ورسوله الذين آمنوا والذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) ((403)) .
وسـيـجي من كتب اهل السنة انها نزلت في علي (ع ) , وان المراد من المعطوف على اللّه ورسوله (ص ) فـي هـذه الايـة ـ الحاصرة للولاية في اللّه ورسوله ـ هو علي (ع ) , وهذه ولاية خاصة , ولـيـست من سنخ ولاية بعض المؤمنين لبعض , كما في قوله تعالى : ( المؤمنون والمؤمنات بعضهم اوليا بعض ) ((404)) , والا لم تخص بمن كان مؤتيا للزكاة في حال الركوع .
والامـام : هـو الـهادي للامة بعد رسول اللّه (ص ) , قال اللّه تعالى : ( انماانت منذر ولكل قوم هاد ) ((405)) .
فـفي تفاسير اهل السنة بالاسناد عن ابن عباس , قال : لما نزلت هذه الاية وضع رسول اللّه يده على صدره وقال : (( انا المنذر , ولكل قوم هاد )) واوما بيده الى منكب علي فقال : (( انت الهادي يا علي , بك يهتدي المهتدون بعدي )) ((406)) .
والامـام : هو حجة اللّه في ارضه بعد نبيه , فلا يقول احد : لولا ارسلت الينا رسولا منذرا واقمت علينا علما هاديا فنتبع آياتك من قبل ان نذل ونخزى ((407)) .
والامـام : هو الذي عنده علم النبي الذي اوحي اليه , ويقوم مقام النبي في القا تفاصيل احكام الشريعة والـمعارف الالهية , كما يدل عليه قوله تعالى : ( افمن يهدي الى الحق احق ان يتبع امن لا يهدي الا ان يهدى فمالكم كيف تحكمون ) ((408)) .
وهـو : امـيـر المؤمنين علي بن ابي طالب فانه اعلم الامة باجماع الفريقين وقد اودعه رسول اللّه (ص ) علمه وحكمته , وقال في الحديث المتفق عليه عنداهل السنة : (( انا مدينة العلم وعلي بابها , فمن اراد العلم فلياتها من بابها )).
وبعده الائمة المعصومون من اهل بيت النبي , لقوله (ص ) المتفق عليه عند الفريقين : (( اني تارك فـيـكـم الـثـقلين : كتاب اللّه وعترتي , لن تضلوا ما ان تمسكتم بهما , ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض )).
فهم هداة مهديون , وسيجيئ نصوص اعلام رسول اللّه (ص ) بامامتهم وعصمتهم , فهم كما قال اللّه تعالى في آل ابراهيم : (وجعلناهم ائمة يهدون بامرناواوحينا اليهم فعل الخيرات واقام الصلاة وايتا الزكاة وكانوا لنا عابدين ) ((409)) .
وهم كما قال اللّه تعالى : ( والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجناوذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما ) ((410)) .
وقـد روى ابو بكر بن مؤمن في رسالة الاعتقاد , عن سعيد بن جبير ,عن عبداللّه بن عمر , قال :
واللّه نزلت هذه الاية في حق علي , حيث دعابهذا الدعا.
ومـنـهـم الـمـهـدي (ع ) الذي يملا الارض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلماوجورا , كما تواترت النصوص عن النبي (ص ) عليه .
قال اللّه تعالى : ( وعد اللّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض ) ((411)) .
وقـال تـعـالى : ( ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين ) ((412)) .
اشتراط العصمة في الامام
قال اللّه تعالى في ابراهيم (ع ) :
( اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) ((413)) ((414)) .
هذه الاية صريحة في ان من شرط الامامة الالهية العصمة , لقوله تعالى : ( ومن يتعد حدود اللّه فقد ظلم نفسه ) ((415)) .
وقوله تعالى : ( ومن يتعد حدود اللّه فاولئك هم الظالمون ) ((416)) .
فانحصرت الامامة الالهية بعد رسول اللّه (ص ) في الائمة الاثني عشر ,للاجماع على عدم عصمة غيرهم , ودلالة آية التطهير على عصمة علي والحسن والحسين (ع ) , ودلالة النصوص الماثورة عن رسول اللّه (ص )على عصمة جميع الائمة الاثني عشر , كما سيجئ .
قال اللّه تعالى :
(انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) ((417)) .
والاية صريحة في الدلالة على عصمة اهل البيت .
توضيحه : ان الاية صريحة في تعلق ارادته تعالى بتطهير اهل البيت ,فيثبت تحققه , لاستحالة تخلف ارادتـه عز اسمه عن مراده فقد قال عزوجل : ( انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون ) , لكونها مرادة بالارادة التكوينية لا محالة , دون التشريعية , فان الارادة التشريعية لا تتعلق الا بفعل الـمـكـلف , وهي مساوقة للامر به , وقد تعلق في الاية بفعل اللّه عز وجل , فقال : انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيرا.
مضافا الى ان ارادته تعالى بالارادة التشريعية للطهارة لا تختص باهل البيت , بل تعم جميع المكلفين .
ثم ان من البديهي ايضا انه ليس المراد من الرجس : الرجس البدني الظاهري , فالمراد منه : الرجس الباطني من الشرك والكفر والشك ودنس الذنب ومعصية اللّه وكل ما يعد رجسا.
فان قلت : يحتمل ان يراد من التطهير انه تعالى غفر ذنوبهم .
قـلـت : ان الـمـغـفـرة لا تطهر الدنس الحادث في نفس العاصي , بل انماتوجب رفع العقوبة عنه , ضـرورة ان مـغـفرة المعصية لا يوجب انقلابها عماوقعت عليها , فان مغفرة الذنب لا تكون الا بعد تحققه , فالمذنب عندصدور الذنب منه غير مطهر , لعدم امكان مغفرة الذنب عند الارتكاب به ,والا خرج عن كونه ذنبا ولم يصدق عليه عنوانه .
والايـة الكريمة دالة على عصمتهم (ع ) من الارجاس بجميع انواعهابالتاكيدات المستفادة من ذكر لفظة انما , وادخال اللام , واختصاص الخطاب , وتكرير المؤدى , وايراد المفعول المطلق بعده , الدال على الاهتمام والتعظيم , وتقديم ما حقه التاخر , كتقديم عنكم على الرجس .
ثـم ان الـمـراد من اهل البيت في الاية ليس نسا النبي (ص ) , لتذكيرالضمير الذي خوطب به اهل الـبيت , لاسيما مع كون الاية في سياق الايات التي خوطب بها نسا النبي (ص ) , والخطاب في كلها بتانيث الضمير , الا هذه الاية , ففيها بتذكير الضمير , وذلك تصريح بعدم كون المراد من اهل البيت في هذه الاية هو المخاطب بها في تلك الايات .
وقد تواتر عن رسول اللّه (ص ) ان الاية نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (ع ).
وفي كثير من طرقه : ان الاية نزلت في بيت ام سلمة , فقالت : يا رسول اللّه ,وانا منهم ؟ قال (ص ) :
(( انك الى خير )) , اي لست منهم ولكنك الى خير.
ثـم انه قد ورد ان الاية تعم الائمة الاثني عشر المعصومين من ذريته (ص ) باجمعهم , فاختصاصها بعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع ) بمعنى اختصاصها لهم من بين الموجودين في زمن نزول الاية .
فـمـن كـتـب اهل السنة كتاب فرائد السمطين روى بسنده عن سليم بن قيس مناشدة علي (ع ) مع المهاجرين والانصار ايام عثمان الى ان قال :قال سليم : ثم قال علي (ع ) : (( ايها الناس , اتعلمون ان اللّه انـزل فـي كـتـابـه انـمـا يـريـد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ((418)) فـجـمعني وفاطمة وابني الحسن والحسين , ثم القى علينا كسا وقال : اللهم هؤلا اهل بـيـتـي ولـحـمي , يؤلمنى ما يؤلمهم , ويؤذيني ما يؤذيهم ,ويحرجني ما يحرجهم , فاذهب عنهم الـرجس وطه رهم تطهيرا فقالت ام سلمة : وانا يا رسول اللّه ؟ فقال : انت الى خير , انما نزلت في [وفي ابنتي ]وفي اخي علي بن ابي طالب وفي ابني وفي تسعة من ولد ابني الحسين خاصة , ليس معنا فيها لاحد شرك [ظ] )) فقالوا كلهم : نشهد ان ام سلمة حدثتنا بذلك فسالنا رسول اللّه (ص ) فحدثنا كما حدثتنا ام سلمة ((419)) .
ومن كتب اصحابنا كتاب كفاية الاثر , قال : حدثنا علي بن الحسين بن محمد , قال : حدثنا هارون بن موسى التلعكبري , قال : حدثنا عيسى بن موسى الهاشمي بسر من راى , قال : حدثني ابي , عن ابيه , عن آبائه , عن الحسين بن علي , عن ابيه علي (ع ) , قال : (( دخلت على رسول اللّه (ص )في بيت ام سلمة وقد نزلت هذه الاية : ( انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا ) فـقـال رسـول اللّه (ص ) : يـا عـلي , هذه الاية نزلت فيك وفي سبطي والائمة من ولدك , فقلت :
يارسول اللّه , وكم الائمة بعدك ؟ قال : انت يا علي , ثم ابناك الحسن والحسين , وبعدالحسين : علي ابـنه , وبعد علي : محمد ابنه , وبعد محمد : جعفر ابنه , وبعد جعفر : موسى ابنه , وبعد موسى :
عـلي ابنه , وبعد علي : محمد ابنه , وبعد محمد : علي ابنه , وبعد علي : الحسن ابنه , والحجة من ولـد الحسن , هكذا وجدت اساميهم مكتوبة على ساق العرش , فسالت اللّه تعالى عن ذلك , فقال : يا محمد هم الائمة بعدك مطهرون معصومون واعداؤهم ملعونون )) ((420)) .
جـمـلة من اسانيد نص رسول اللّه (ص ) باختصاص آية التطهير لعلي وفاطمة والحسن والحسين
(ع ) في كتب اهل السنة .
1 ـ ينتهي الى عمر بن عطية عن ابي سعيد الخدري عن ام سلمة تاريخ ‌بغداد 9 : 126.
2 ـ ينتهي الى الحسين بن الحسن عن ابي سعيد الخدري عن ام سلمة تاريخ بغداد 9 : 126.
3 ـ ينتهي الى هشام بن سالم عن وهب بن عبداللّه عن ام سلمة المعجم الكبير : 134.
4 ـ ينتهي الى عبدالملك بن سليمان عن عطا عن ام سلمة المعجم الكبير : 134.
5 ـ ينتهي الى شريك بن نمر عن عطا عن ام سلمة معالم التنزيل : 213.
6 ـ ينتهي الى محمد بن سوقة عمن حدثه عن ام سلمة اخلاق النبي : 116.
7 ـ ينتهي الى عبداللّه بن ابي رباح عمن سمع عن ام سلمة تفسيرالثعلبي ( مخطوط ).
8 ـ ينتهي الى حكيم بن سعد عن ام سلمة تفسير ابن كثير 3 : 483.
9 ـ ينتهي الى عطية عن ابيه عن ام سلمة تفسير ابن كثير 3 : 483.
10 ـ ينتهي الى شهر بن حوشب عن ام سلمة تفسير ابن كثير 3 : 483.
11 ـ ينتهي الى سفيان بن زيد عن شهر بن حوشب عن ام سلمة صحيح الترمذي 13 : 248.
12 ـ ينتهي الى زبيد عن شهر بن حوشب عن ام سلمة موضح الاوهام 2 :281.
13 ـ ينتهي الى عبدالحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن ام سلمة مسند احمد 6 : 298.
14 ـ ينتهي الى داود بن عوف عن شهر بن حوشب عن ام سلمة القول الفصل 2 : 177.
15 ـ ينتهي الى الاجلح عن شهر بن حوشب عن ام سلمة القول الفصل 2 :173.
16 ـ ينتهي الى اثال عن شهر بن حوشب عن ام سلمة تاريخ البخاري 1 :70.
17 ـ ينتهي الى شعيب بن المنيع عن شهر بن حوشب عن ام سلمة تاريخ ‌البخاري 1 : 70.
18 ـ ينتهي الى جعفر بن عبدالرحمن عن الحكم بن سعيد ((421)) عن ام سلمة تاريخ البخاري 1 : 70.
19 ـ ينتهي الى محمد بن شيرين عن ابي هريرة عن ام سلمة تفسيرجامع البيان 22 : 7.
20 ـ ينتهي الى عوام بن حوشب عن ابن عمه عن عائشة القول الفصل 2 :215.
21 ـ ينتهي الى مصعب بن شيبة عن صفية عن عائشة السنن الكبرى 2 :149.
22 ـ ينتهي الى الاوزاعي عن ابي عمار عن واثلة بن الاصقع مستدرك 2 :152.
23 ـ ينتهي الى عبدالرحمن بن عمرو عن شداد بن عبداللّه عن واثلة بن الاصقع سير اعلام النبلا 3 : 212.
24 ـ ينتهي الى الاعمش عن عطية عن ابي سعيد الخدري جامع البيان22 : 6.
25 ـ ينتهي الى ابي الحجاف عن عطية عن ابي سعيد الخدري المعجم الصغير 1 :134.
26 ـ ينتهي الى عمران بن مسلم عن عطية عن ابي سعيد الخدري تاريخ ‌بغداد 10 :
27 ـ ينتهي الى ابن عمر الكرماني عن عطية عن ابي سعيدالخدري طبقات المحدثين : 149.
28 ـ ينتهي الى عبدالرحمن بن ابي بكر عن اسماعيل عن ابيه عبداللّه بن جعفر القول الفصل : 185 .
29 ـ ينتهي الى ابن عباس ارجح المطالب : 54.
30 ـ ينتهي الى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن انس بن مالك مسنداحمد 3 : 259.
31 ـ ينتهي الى حميد عن انس بن مالك المستدرك 3 : 159.
32 ـ ينتهي الى عباد بن ابي يحيى عن ابي داود عن ابي الحمرا الكنى للبخاري : 35.
33 ـ ينتهي الى يونس بن ابي اسحاق عن ابي داود عن ابي الحمرا منتخب ذيل المذيل : 83.
34 ـ ينتهي الى منصور بن ابي الاسود عن ابي داود عن ابي الحمرا المعجم الكبير : 134.
والتطهير من الذنوب هو دليل العصمة المطلقة لهم عليهم افضل الصلاة والسلام...
من لديه اختلاف في الرأي فليتفضل بالرد...خاصة حول الفقرة الأولى...ثم يرد حول ما ورد في هذه الفقرة...