إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مقتطفات من أقوال سماحة السيد فضل الله

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقتطفات من أقوال سماحة السيد فضل الله

    فضل الله يدعو علماء المسلمين من السنة والشيعة الى تحمل مسؤوليتهم التاريخية

    * دخلنا في خطوط المحرّمات الكبرى وفي المتاهات الغريزية المذهبية
    * على علماء المسلمين ألا يكونوا ضحية للمشروع الأمريكي الذي يحاول تقسيم الأمة


    وجّه سماحة السيد محمد حسين فضل الله نداء خص فيه علماء المسلمين من السنة والشيعة، جاء فيه: في غمرة الأحداث التي تعصف بالعالم الاسلامي، وفي ظل تصاعد الأزمات وتشكل المحاور السياسية والطائفية والمذهبية داخل الأمة، وصولاً الى الاشتباك الأمني والسياسي والثقافي، والصراع على الأوهام تحت عناوين حماية هذه الجماعة أو تلك، أحببت أن أتوجه الى علماء المسلمين من السنة والشيعة لأطلب منهم أن يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية أمام الأمة ومصيرها.
    إنني ألمح عالماً اسلامياً يتداعى تحت ضربات الهجمة الأمريكية - الاسرائيلية الساعية لاحراقه بالفتن الداخلية المتوالية، ولا أجد تركيزاً اسلامياً كبيراً على مخاطر هذه الهجمة في أهدافها التفتيتية البعيدة المدى، بل أرى استغراقاً في الجانب المذهبي على حساب الأفق الاسلامي العام، كما ألمح عبوراً من المذهبية الى الشخصانية والفردية وصولاً الى تكريس زعامات قد لا تحمل قيم الاسلام في وعيها، ولا تتطلع الى مصير الأمة في حركتها.
    إنني لا أستغرب حقاً كيف أن جيوش الاحتلال تحاصر الأمة داخل أوطانها في فلسطين والعراق وأفغانستان وتقيم المعسكرات الضخمة في مواقع أخرى، بينما تنطلق الدراسات في بعض بلداننا عن حجم الشيعة والسنة وتعداد المسلحين والمقاتلين هنا وهناك، وكأن السنة والشيعة يمثلان عشيرتين متنازعتين، وأن المطلوب هو توقع ما سيحدث بعد حصول التصادم الكبير.
    وأمام هذا الواقع الصعب والخطير والذي يزداد صعوبة وخطورة يوماً بعد يوم، أتوجه الى علماء الأمة من السنة والشيعة، مناشداً إياهم التدخل لحسم الخيار لمصلحة الأمة من خلال ادراكهم للأمور وتوجيههم للمسائل الآتية:
    أولاً: لقد دخل الوضع المذهبي في خطوط المحرمات الكبرى، وبدأنا نفقد أدب النقد لندخل في الاساءة للآخرين في كلمات الاساءة لصحابة الرسول(ص) وأهل بيته الكرام(ع)، وأصبحنا نشهد واقعاً من التخلف تحرسه زعامات لا تحمل الاخلاص للأمة ولا التزام الاسلام، ولا تتطلع الى مصلحته العليا، بل الى مصالحها وارتباطاتها، وعلى العلماء من السنة والشيعة أن يشرعوا في التصدي لهذا الواقع ليس على مستوى تحريمه بالكلمة فحسب، بل على مستوى الحركة التي تحاصره في خطوطه الميدانية.
    ثانياً: إننا نجد من علماء المسلمين، من فريق هنا أو فريق هناك، مَن يحاول أن يركب الموجة المذهبية التي يطلق عنانها المستكبر الأمريكي ويوفر لها كل الظروف، في العراق وما حوله، لينطلق هؤلاء بدعواتهم لحماية فريق مذهبي من المسلمين، وينطلق أولئك بالحديث عن الفظاعات التي يتعرض لها الفريق الآخر، ولنشهد - كما شهدنا قبل أيام - مؤتمراً في موقع يديره علماء معروفون، وكلمات من مواقع أخرى لعلماء آخرين، ولنستمع الى الفتاوى التي تصب الزيت على النار على مستوى الأمة كلها، لتختلط المسألة على الناس وليشوه المشهد العام على مستوى الأمة، إلى الحد الذي بتنا نخاف عليها، ليس من المستكبر فحسب، بل من أبنائها وممن يفترض أن يكونوا الطليعة الواعية في حماية وحدتها وصون عزتها، وهو الأمر الذي يدفعنا للتوجه الى هؤلاء العلماء لنقول لهم: اتقوا الله فانكم توشكون أن تضيعوا الأمة وتدخلوها في متاهات الغرائزية المذهبية التي تحرق الأخضر واليابس في كل مكان، بينما المطلوب منكم أن تعملوا على تطويقها في مهد المواقع التي تتحرك فيها.
    ثالثاً: ان على علماء المسلمين ألا يكونوا ضحية أو مطية للمشروع الأمريكي الذي يحاول تقسيم الأمة الى محورين؛ أحدهما (معتدل) وآخر (متطرف)، لأن هذا التقسيم لا يتحرك لحساب فريق من المسلمين، بل ينطلق ليكون المدخل لعودة الحياة الى الحركة الأمريكية في المنطقة، بعدما غرقت في الوحل العراق والأفغاني، وبعد الانتكاسات التي أصيبت بها في لبنان من خلال فشل الحرب الاسرائيلية الأخيرة.
    إن علينا أن نعرف بأن بديل الادارة الأمريكية عن فشلها في المنطقة هو إشعال نار الفتنة المذهبية من جهة، وإذكاء روح التقاتل والتنازع الداخلي، وهو ما يحصل في العراق وفلسطين ولبنان، وعلينا ألا ننخدع بأوهام التسوية التي يتحدثون عنها بالنسبة الى المسألة الفلسطينية، لأن أمريكا تتحرك لدفع الفلسطينيين نحو التقاتل الداخلي، كما تريد للبنانيين أن يستغرقوا في مشاكلهم الداخلية أكثر، ولذلك فهي تمنع التوصل الى حل ليخدم الاستقرار في لبنان، بل هو يخدم اسرائيل التي تعيد تجميع قوتها وتعيد تشكيل جيشها ومخابراتها.
    ويراد للعراق أن يبقى مشغولاً بالحصص المذهبية والعرقية في فوضى أمنية تهدد بحرب أهلية ليساهم ذلك في بقاء الاحتلال وتحقيق مصالحه الاستراتيجية على حساب مصالح الأمة.
    رابعاً: ان المحور الغربي المدعوم من أمريكا والذي تتحرك فيه دول الاتحاد الأوروبي لا يزال يصر على إنعاش أمريكا وعدم الاعتراف بهزيمتها في العراق، لأنه لا يريد أن يتحرك ذلك الى منعطف سياسي حقيقي يصب في مصلحة القوى الاسلامية وقوى التحرر. ولذلك فان مساعي هذا المحور تتركز على حماية المشروع الغربي بالتصويب مجدداً على الاسلام وباذكاء نار المذهبية والطائفية.
    خامساً: ان قضايا المسلمين في معظم بلدانهم وفي مسائلهم الاستراتيجية باتت خاضعة للبرامج التي يضعها الآخرون لحل مشاكلهم الخاصة في تلك البلدان بعنوان خادع، وهو حل مشاكل المسلمين من أهل هذا البلد أو ذاك، وهو الأمر الذي يسيء الى الواقع الاسلامي، لأن الآخرين من دول الاستكبار يحركون الأمور لمصالحهم لا لمصالحنا، وهو ما يفرض على أولي الأمر، ولا سيما العلماء الواعين، التحرك لحل مشاكل المسلمين من خلال المخلصين للواقع من القيادات المسؤولة.
    إننا نريد لكل المرجعيات من السنة والشيعة، أن تتحرك ميدانياً لدراسة مشاكل العالم الاسلامي في اجتماعات عملية بعيداً عن كل تقاليد البروتوكول في عزلة البعض عن المشاركة الفعلية، لأن خطورة الواقع تتجاوز كل التقاليد الخاصة والعامة للمرجعيات.
    سادساً: ان الله أراد للمسلمين أن يأخذوا بأسباب القوة التي تجعلهم أمة قوية قادرة فاعلة في القرار الشامل في العالم، ومنفتحة على عناصر التقدم في الجانب الاقتصادي لتنمية ثرواتهم، وفي الجانب السياسي لوضع القاعدة لقضايا الحرية والاستقلال، وفي الجانب الاجتماعي من أجل قضية الوحدة الاسلامية القائمة على اللقاء فيما اتفقنا عليه والحوار الموضوعي العقلاني فيما اختلفنا فيه.
    سابعاً: ان الواقع الاسلامي يحتاج الى الموقف الحاسم من العلماء في مواجهة الفئات التكفيرية على مستوى التثقيف العام، بعيداً عن العناوين الفردية أو الشخصية أو المذهبية، ومن جهة أخرى لابد أن نتحرك على مستوى الفتوى والموقف والحركة في مواجهة الاحتلال كله باعتباره خطراً استراتيجياً يهدد مصير الأمة كلها.
    ان هذا الواقع بكل تداعياته يضع علماء المسلمين من السنة والشيعة أمام مسؤولياتهم الكبرى، كما يضع مراجعهم في النجف، وقم وفي الأزهر والحجاز، وفي بقية المواقع أمام التحدي الكبير لتنطلق برد فعل واع وبحركة تنظم اليها جهود اتحاد علماء المسلمين، ومجامع التقريب، ومنظمة المؤتمر الاسلامي، ورابطة العالم الاسلامي، وكل الهيئات والمؤسسات الاسلامية لصياغة وحدة الأمة ضمن ميثاق اسلامي جامع وشامل وللضغط على كل العلماء العاملين في السلك الديني والحوزوي لتكثيف حركتهم بما يحفظ وحدة المسلمين وبما يحمي الأمة..
    إنني أناشد كل المرجعيات أن تتدخل مباشرة لصون هذه الوحدة، وأن تتابع حركة ممثليها ميدانياً بما لا يسيء الى هذه الوحدة، وبما يحفظ حركة الاسلام في المنطقة والعالم، وخصوصاً اننا في مرحلة مفصلية يمكن أن تمهّد الطريق لمشروع اسلامي وحدوي عالمي بعد إخفاق المشاريع المضادة، أو أن نسقط في الوحول والهوامش وحروب المذهبيات والزعامات والعشائر، فتسقط معها هيبة الاسلام ويتداعى تأثيره ويضعف كيانه وحضوره.

  • #2
    التوحيد في الطاعة
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين وعلى جميع أنبياء الله والمرسلين، السلام عليكم أيها الأخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات ورحمة الله وبركاته.
    ابتعاد الإنسان عن عقيدة الإيمان أو عن الالتزام بالرسول وبرسالته وما إلى ذلك مما يتَّصل بسلامة العقيدة، يعرّضه لغضب الله وسخطه وعقابه، وفي هذا ظلم كبير للنفس، لأنه يتصل بقضية المصير. وهكذا ربما يكون ظلم النفس بالانحراف عن الخط المستقيم، وذلك بمعصية الله سبحانه وتعالى في ما أمر به وفي ما نهى عنه، فيترك ما أمر الله به ويفعل ما نهى الله عنه.
    إنَّ الله تعالى يوجِّه الإنسان إلى أنَّ ظلمه لنفسه لن يكون ضريبةً أبديةً يواجه نتائجها السلبية بشكل دائم، ولكنه يمكن أن يبتعد عن ذلك كله بالتوبة إلى الله واستغفاره ومحاولة السير من جديد في الخطّ المستقيم. وهذا ما جاء في الآيات التي تتحدث عن الذين يستحقّون مغفرة الله ويستحقّون جنّته. يقول تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربّكم}، والمسارعة إلى طلب المغفرة من قبل الله تعني أن يسارع الإنسان إلى الأعمال التي يحبها الله ويرضاها ويغفر لمن قام بها، باعتبارها تمثل التوبة، والله تعالى وعد التائبين قبول التوبة: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات} (الشورى/25). وهكذا قوله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم} (الزمر/53).
    {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة}، أي سارعوا إلى الجنة، بأن تسيروا في طريق الجنة، وتأخذوا بما وعد الله به عباده الصالحين من الجنة بسبب أعمالهم وعقائدهم التي تتصل بحياتهم الخاصة أو من خلال علاقتهم بالناس الآخرين، {عرضها السموات والأرض}، يقال إن المراد من عرضها السموات والأرض ليس هو العرض في مقابل الطول، ليقول بعض الناس إذا كان عرض الجنة السموات والأرض فأين يكون الطول؟ بل المقصود من كلمة العرض _ والله العالم _ السعة، أي إن سعتها سعة السموات والأرض {أعدّت للمتقين} (آل عمران/133)، فالله تعالى أعدَّ الجنة وهيَّأها في كل ما فيها من كرامة ورضوان ونعيم، ففيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، هذه الجنة أعدَّها الله للمتقين، والمتّقون هم الذين يأخذون بأسباب التقوى، وقد حدّدت التقوى ببعض الأحاديث: بأن لا يجدك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك، بل أن يجدك في مواقع أمره، أي في المواقع التي أراد لك أن تكون فيها، وأن يفقدك في مواقع نهيه، وهي المواقع التي أراد لك الابتعاد عنها وتركها.
    والتقوى تمثِّل حالةً نفسيةً من خلال خوف الله ومراقبته، بحيث تدفع الإنسان إلى الالتزام بما أمر الله به وبما نهى عنه. ثم يبين الله تعالى بعض صفات هؤلاء المتقين، هذه الصفات التي تمثل العمق الإنساني للمتقي، لأنَّ التقوى ليست مجرد حالة سلوكية بالعمل الذاتيّ للإنسان، كالصلاة والصوم والحج وما إلى ذلك، بل إن التقوى تتصل بالعنصر الإنساني، وهو انفتاح الإنسان على آلام الناس وحاجاتهم وضروراتهم، وانفتاح الإنسان على الحالات التي يواجه فيها السلبيات الآتية إليه من الآخرين، من غضب أو إيذاء أو ما إلى ذلك، بحيث لا يواجه الإساءة التي توجَّه إليه بردِّ الفعل، بحيث يدفع الشر بالشر، والسوء بالسوء، بل يرتفع عن ذلك إلى المستوى الذي يعيش فيه القيمة الروحية التي تتجاوز العوامل النفسية السلبية.
    {الذين ينفقون في السرَّاء والضرَّاء}، أي الذين يعيشون روحية العطاء، بحيث إنهم ينطلقون في دراساتهم لحاجات الناس المادية من أوضاعهم الاقتصادية، فينفقون أموالهم إذا كانوا في سعة أو إذا كانوا في ضيق، لأن طبيعتهم هي العطاء، فهم يعطون في حالة السعة كما يعطون في حالة الضيق على أساس انفعالهم بآلام الناس وبحاجاتهم.
    {والكاظمين الغيظ}، أي الذين إذا واجهوا الغيظ الذي يتحرَّك من خلال إيذاء الناس لهم في أية حالة وإساءتهم إليهم، فإنّهم يكظمون غيظهم. ومن الطبيعي أنَّ الإنسان إذا أُسيء إليه، فإنَّ ذلك يفجِّر غيظه ويشعره بضيق الصدر وبغيظ النفس، والنّاس على قسمين: فهناك إنسان يفجِّر غيظه، وهو الذي يردُّ السوء بالسوء والشرّ بالشرّ، سواء كان ذلك بالكلمة أو كان ذلك بالفعل أو بالموقف، وهناك إنسان يحبس غيظه فلا يطلعه في وجه من غاظه ومن أساء إليه، فالمتقون هم الذين يخافون الله ويطلبون رضاه وهم يعرفون أن الله تعالى يريد من المؤمن أن يدرأ بالحسنة السيئة، وأن لا يرد السيئة بالسيئة، طلباً لرضى الله سبحانه وتعالى وخوفاً من غضبه، لأن ردَّ الفعل عندما ينطلق مع الإنسان، فقد يتجاوز الحدَّ الذي يريد الله تعالى للإنسان أن يقف عنده، لأن الله تعالى يقول: {فإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} (النحل/126)، والكثير من الناس يتجاوزون ما أراده الله لهم عندما يريدون أخذ حقهم ممّن أساء إليهم، فهناك كثير من الناس إذا شتمهم أحد يضربونه، أو إذا ضربهم يقتلونه، أو إذا قام أحد بجريمة تتعلق ببعض من يتعلقون به فإنهم يحرقون بيته ويطردونه من بلده أو ما إلى ذلك.
    مع أن الله سبحانه وتعالى يريد للإنسان أن يقف عند الحد حتى عندما يريد أن يأخذ حقه، فإنّ له أن يأخذ حقه، ولكن ليس له أن يزيد عليه، {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} (البقرة/194)، وهذا ما ضرب به المثل الأعلى أمير المؤمنين (ع)، عندما أوصى بني عبد المطلب في الجريمة التي أجرمها بحقه عبد الرحمن بن ملجم، وكانت العادة في الجاهلية أنه إذا قتل إنسان شخصية كبرى، فإن رد الفعل يكون من قبل عشيرة المقتول بأن يقتلوا أقاربه أو ما أشبه ذلك، وأن يمثلوا به، فقال (ع): «يا بني عبد المطلب، لا ألفيَّنكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً تقولون قتل أمير المؤمنين، انظروا إذا أنا مُتّ من ضربتي هذه فاضربوه ضربة بضربة، ولا تمثلوا بالرجل _ أن تقطعوا يديه أو رجليه _ فإني سمعت رسول الله (ص) يقول إياكم والمُثلة ولو بالكلب العقور».
    فالطريقة التي يسمو بها الإنسان عن عقلية الثأر وعن عملية ردّ الفعل ليعيش القيمة الروحية في العفو عند المقدرة، والعفو عمن أساء إليه، ليدرأ بالحسنة السيئة، هي إحدى أهم صفات المؤمنين، كما ذكر في آيات أخرى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس}، فهم لا يكتفون بأن يحبسوا غيظهم في صدورهم، لأنّ الإنسان عندما يحبس الغيظ في صدره، تتحوَّل حالة الغيظ عنده إلى عقدة، وهذه العقدة ربما تعبِّر عن نفسها في المستقبل بطريقة سلبية تدمر الآخر، لأن الإنسان عندما يعيش عقدة في نفسه، فإن العقدة سوف تنمو بالمستوى الذي يمكن أن تتحوَّل إلى خطرٍ في سلوكه، باعتبار ما تثيره العقدة من أحاسيس وما إلى ذلك، فهؤلاء يكظمون غيظهم ويعفون عن الناس، ولا يكتفون بالعفو، بل يحسنون إلى من أساء إليهم، {والله يحب المحسنين} (آل عمران/134).
    وينقل في مناسبة هذه الآية، أن جارية كانت تصبُّ الماء على يد الإمام زين العابدين (ع)، فكان الإبريق الذي بيدها إبريقاً من نحاس، وعندما كانت تمسك الإبريق، أخذت تنظر من هنا وهناك، وطبعاً كانت لا تركز، فوقع الإبريق فشجّ رأس الإمام، فسال منه الدم، وهذه الجارية كانت قد تربت في بيت الإمام، فقالت: «والكاظمين الغيظ»، أنا أذيتك وأغظتك، قال: «قد كظمت غيظي»، قالت: «والعافين عن الناس»، قال: «قد عفوت عنك»، قالت «والله يحب المحسنين»، قال: «اذهبي فأنت حرة لوجه الله».
    ثم يُعقب على هذه الآية: {والذين إذا فعلوا فاحشة} وليس المراد بالفاحشة ما يتعلق بالانحراف الجنسي، بل هي كل شيء تجاوز الحدّ، ويقال هذا الشيء فاحش أي تجاوز الحد، {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله}، الذين إذا عاشوا الغفلة في وقت من الأوقات، وارتكبوا ما يتجاوز الحد الطبيعي في موقف الإنسان من الله سبحانه وتعالى، أو ظلموا أنفسهم بالمعصية لله سبحانه وتعالى، فإنَّ الغفلة لا تمتدُّ بهم، ولكنّهم بمجرد أن يواجهوا هذا الموقف يذكرون الله، فاستغفروا لذنوبهم، قالوا اللهم إنا أخطأنا وأذنبنا وأسأنا فاغفر لنا ذنوبنا، {ومن يغفر الذنوب إلا الله}، أي الله هو وحده الذي يغفر الذنوب كلَّها إذا استغفره الإنسان، {ولم يصرّوا على ما فعلوا} لم يصروا على هذا الذنب، {وهم يعلمون} (آل عمران/135) أن ما فعلوه يغضب الله ويسخطه ويعرضهم لعقابه.
    وهناك آية من هذا القبيل، وهي أن الإنسان المؤمن إذا أحاطت به ظلمة المعصية، وإذا أطبق عليه الشيطان وأوقعه في الغفلة، عندها يأتي إيمانه فيضيء له ويبصر الطريق إلى رضى الله، وهذا ما أكده قوله تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان}، أي إذا طاف بهم الشيطان فأبعدهم عن طاعة الله سبحانه وتعالى، {تذكّروا} وهذا ما يجعلهم يخرجون من حالة الغفلة ويتذكرون موقعهم من الله، وموقفهم من الله وحاجتهم إلى رضاه، {فإذا هم مبصرون} (الأعراف/201)، لأن الغفلة توجب نوعاً من العمى للإنسان، فالإنسان المؤمن والمتّقي هو الذي يبصر عندما يهجم عليه الشيطان، فيعمي بصره في عقله وفي قلبه، وقد أراد الله أن يؤكّد أن الذين يعملون في هذا الخط {أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} (آل عمران/136)، فإن الله تعالى سوف يعطيهم الأجر العظيم، وأي أجر أعظم من أن الله تعالى يغفر لهم ذنوبهم، ويرضى عنهم ويدخلهم في الجنة التي وعد بها المتقين.
    والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    درس التفسير القرآني(29/6/2004)

    تعليق


    • #3
      allah ykhalik w ya7fazak

      تعليق


      • #4
        copy&peast
        هل الموضوع للحوار أم فقط للمعرفة ؟
        على فكرة شكراً للموضوع اللي فتحتيه ماقصرتِ
        ولنا لقاءت وصولات وجولات فهل أنتِ لها أنتِ تحديتني من قبل فهل أنتِ لها يا إبنة البلد ؟
        في إنتظاركِ
        see you

        تعليق


        • #5
          السيد فضل الله من العقلاء الدين يمكن للامة الاسلامية الافتخار بهم وقد ظهرت مواقفه العظيمة في احداث لبنان الاخيرة حيث ساهم عن طريق اتصاله بالقيادات السنية في تهديءة الخواطر ونزع فتيل الفتنة فالف شكر جزيل له ولكل من يعمل على توحيد كلمة المسلمين ونزع اسباب الشقاق والفرقة بينهم.

          تعليق


          • #6
            المشاركة الأصلية بواسطة mohammed fayad
            allah ykhalik w ya7fazak
            شكرا لمرورك أخي ونحن بخدمتكم

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة مسلم مجروح
              السيد فضل الله من العقلاء الدين يمكن للامة الاسلامية الافتخار بهم وقد ظهرت مواقفه العظيمة في احداث لبنان الاخيرة حيث ساهم عن طريق اتصاله بالقيادات السنية في تهديءة الخواطر ونزع فتيل الفتنة فالف شكر جزيل له ولكل من يعمل على توحيد كلمة المسلمين ونزع اسباب الشقاق والفرقة بينهم.
              شكرا لمرورك أخي ونحن بخدمتكم

              تعليق


              • #8
                المشاركة الأصلية بواسطة غدير الولاء
                copy&peast
                هل الموضوع للحوار أم فقط للمعرفة ؟
                على فكرة شكراً للموضوع اللي فتحتيه ماقصرتِ
                ولنا لقاءت وصولات وجولات فهل أنتِ لها أنتِ تحديتني من قبل فهل أنتِ لها يا إبنة البلد ؟
                في إنتظاركِ
                see you
                حسنا حاوري وأنا لها وسوف ترين من حجته الأقوى

                تعليق


                • #9
                  شكرا لك اخي الكريم ---

                  تعليق


                  • #10
                    عزيزتي إبنة البلد ليس هنا سنفتح مواضيع إن شاء الله بعد عدة أيام
                    وإذا مو عاجبكِ نتناقش هنا مارأيكِ هل أنتِ مستعدة ؟؟؟
                    سنرى منو حجته أقوى
                    ولله الحجة البالغة

                    لاتستهيني بمحاوريكِ أبداً فإنكِ لاتعرفين من تناقشين
                    التعديل الأخير تم بواسطة غدير الولاء; الساعة 02-06-2008, 02:42 AM.

                    تعليق


                    • #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة غدير الولاء
                      عزيزتي إبنة البلد ليس هنا سنفتح مواضيع إن شاء الله بعد عدة أيام
                      وإذا مو عاجبكِ نتناقش هنا مارأيكِ هل أنتِ مستعدة ؟؟؟
                      سنرى منو حجته أقوى
                      ولله الحجة البالغة

                      لاتستهيني بمحاوريكِ أبداً فإنكِ لاتعرفين من تناقشين
                      عزيزتي نحن أهل حوار ولسنا أهل تكفير وأهلا وسهلا بك في الحوار المفتوح وأتمنى أن يكون ما تملكينه من قوة إستدلال موجود عندك لكي تقنعيني

                      تعليق


                      • #12
                        لا تدع العلم علمت شئ وغابت عنك اشياء هذا ليس اسلوب للدعوه الي الحوار وهذا ما لا نتعلمه من مدرسه السيد

                        تعليق


                        • #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة mohammed fayad
                          شكرا لك اخي الكريم ---
                          أهلا وسهلا بك أخي ونسيت حرف التاء يا أخي

                          تعليق


                          • #14
                            شكرا لك ولكن كلامي كان مواجها ل غدير الولاء واعتذار عن الاخطاء الاملائيه فانا مقيم في المانيا وقد دخلت المنتدي لتحسين ثقافتي الدينيه واللغويه

                            تعليق


                            • #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة mohammed fayad
                              شكرا لك ولكن كلامي كان مواجها ل غدير الولاء واعتذار عن الاخطاء الاملائيه فانا مقيم في المانيا وقد دخلت المنتدي لتحسين ثقافتي الدينيه واللغويه
                              لا عليك أخي ولكن حتى الأخت غدير الولاء هي أنثى على ما أعتقد

                              تعليق

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              أنشئ بواسطة مروان1400, 03-04-2018, 09:07 PM
                              ردود 13
                              2,139 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة مروان1400
                              بواسطة مروان1400
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 31-08-2019, 08:51 AM
                              ردود 2
                              343 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              يعمل...
                              X