بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ومولانا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
أما بعد ،
أغلبية أهل السنة والجماعة (أو جميعهم) يحتجون بآية الغار لتعظيم أبو بكر والرفع من مكانه ، ويعتقدون أنها تمدحه ولا يعلمون أنها في الواقع تذمه !
----------------------------------------------------
آية 40 من سورة التوبة : « .. ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا .. »
لنتعمق في الآية ...
1- «ثَانِيَ اثْنَيْ» :
جعل أبي بكر ثاني رسول الله (ص) فهو إخبار عن العدد، وما في ذلك أيّة فضيلة تذكر، فبطبيعة الحال إنّ مؤمناً ومؤمناً اثنان، ومؤمناً وغير مؤمن اثنان أيضاً.
2- «إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ» :
وأمّا الاجتماع في مكان واحد (الغار) فهو كالأوّل، لأنّ المكان قد يجمع بين المؤمن والمؤمن، وبين المؤمن وغير المؤمن، وما السّجن الّذي جمع الصدّيق يوسف (ع) وصاحبيه المشركين إلاّ مصداق واضح على ذلك: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}
3- «إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ » :
أمّا دليل الصّحبة فإنّه أضعف من الدّليلين الأوّلين، لأنّ الصّحبة تجمع المؤمن وغير المؤمن، والأدلة في القرآن الكريم على ذلك كثيرة جدا ، فقد ورد في سورة الكهف في مقطع يصوّر القرآن فيه محاورة جرت بين مؤمن وكافر، قال تبارك وتعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} (الكهف/37)
مضافاً إلى أنّ وصف الصّحبة يطلق على العاقل وغير العاقل، والدّليل على ذلك من كتاب الله تعالى، عندما قرن الحوت بيونس بن متّى (ع) : {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} (سورة القلم / الآية48) .. فتراه قد سمّى الحيوان صاحباً، بل وقرنه بنبيٍّ من أنبيائه العظام (ع).
بل سمّى النّبات صاحباً أيضاً، وذلك في قوله: {وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} (سورة ق / الآية14).
بل أكثر من ذلك، فلقد سمّى الجماد صاحباً، فقال: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً} (سورة الكهف / الآية9).
فإذا كانت الصّحبة تقع بين المؤمن والكافر، وبين العاقل وغير العاقل، وبين النّامي والجماد، فلا حجّة في الصّحبة حينئذ.
4- «لاَ تَحْزَنْ» :
يقول أهل السنة والجماعة على أن أبو بكر كان خائفا على الرسول (ص) ... ولكن هذا ادعاء فارغ لا دليل عليه !
ويقول أهل السنة والجماعة أن أبو بكر كان خائفا أن يمسون المشركين الرسول (ص) بضرر ، وهذا يعني اعتقاد أبو بكر أن المشركين أقوياء بحيث يمكنهم أن يظفروا بالرسول (ص) وأبا بكر ، وهذا يدل على عدم إيمان أبو بكر بالنصر الإلهي للرسول الأعظم (ص) مما يعني أنه ضعيف الإيمان !
ولقد رد الرسول (ص) على أبو بكر قائلا "إن الله معنا" ، وهذا يعني أن الرسول (ص) ذكّر أبو بكر بأن الله معهم ، وهذا يعني أن أبو بكر قد نسي أن الله معهم ، وهذا يدل على ضعف إيمانه !
5- «إِنَّ اللّهَ مَعَنَا» :
طبعا هذا لا دلالة فيه على أي فضيلة بدليل قوله عزّ وجلّ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إلاّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (لمجادلة/7).
فالله موجود مع المسملين والكفار والخلق أجمعين
6- «فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا» :
طبعا الّذي نزلت عليه السّكينة هو الّذي أيّده الله بالجنود الّتي لم يرها أحد وهم الملائكة كما في كلمات المفسّرين ، ولم يدع أحد على أن أبو بكر من مشاعدي الملائكة ، وهذا يعني نزول السكينة على الرسول (ص) دون أبو بكر
وإذا كان الّذي في معيّة النّبي (ص) في هذه الآية مؤمن للزم إشراكه معه في السّكينة، كما أشرك معه طائفة من المؤمنين في مواضع أخرى ، كقوله عز وجل : {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (الفتح/26).
وكذلك : {ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ} (التوبة/26).
ولمّا كان اختصاص السّكينة في هذا الموضع بالرسول (ص) وحده إذ لم يشرك معه أبا بكر، دلّ على خروج أبي بكر من زمرة المؤمنين، إذ لو كان مع الرسول (ص) مؤمن لأشركه في السّكينة، كما أشرك المؤمنين معه فيما تقدّم من الآيات، فدلّ إخراج أبي بكر من السّكينة على عدم أهليّته للإيمان والسّكينة والخلافة
والسلام عليكم ورحمة الله
هدانا الله وإياكم لطريق الحق
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ومولانا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
أما بعد ،
أغلبية أهل السنة والجماعة (أو جميعهم) يحتجون بآية الغار لتعظيم أبو بكر والرفع من مكانه ، ويعتقدون أنها تمدحه ولا يعلمون أنها في الواقع تذمه !
----------------------------------------------------
آية 40 من سورة التوبة : « .. ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا .. »
لنتعمق في الآية ...
1- «ثَانِيَ اثْنَيْ» :
جعل أبي بكر ثاني رسول الله (ص) فهو إخبار عن العدد، وما في ذلك أيّة فضيلة تذكر، فبطبيعة الحال إنّ مؤمناً ومؤمناً اثنان، ومؤمناً وغير مؤمن اثنان أيضاً.
2- «إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ» :
وأمّا الاجتماع في مكان واحد (الغار) فهو كالأوّل، لأنّ المكان قد يجمع بين المؤمن والمؤمن، وبين المؤمن وغير المؤمن، وما السّجن الّذي جمع الصدّيق يوسف (ع) وصاحبيه المشركين إلاّ مصداق واضح على ذلك: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}
3- «إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ » :
أمّا دليل الصّحبة فإنّه أضعف من الدّليلين الأوّلين، لأنّ الصّحبة تجمع المؤمن وغير المؤمن، والأدلة في القرآن الكريم على ذلك كثيرة جدا ، فقد ورد في سورة الكهف في مقطع يصوّر القرآن فيه محاورة جرت بين مؤمن وكافر، قال تبارك وتعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} (الكهف/37)
مضافاً إلى أنّ وصف الصّحبة يطلق على العاقل وغير العاقل، والدّليل على ذلك من كتاب الله تعالى، عندما قرن الحوت بيونس بن متّى (ع) : {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} (سورة القلم / الآية48) .. فتراه قد سمّى الحيوان صاحباً، بل وقرنه بنبيٍّ من أنبيائه العظام (ع).
بل سمّى النّبات صاحباً أيضاً، وذلك في قوله: {وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} (سورة ق / الآية14).
بل أكثر من ذلك، فلقد سمّى الجماد صاحباً، فقال: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً} (سورة الكهف / الآية9).
فإذا كانت الصّحبة تقع بين المؤمن والكافر، وبين العاقل وغير العاقل، وبين النّامي والجماد، فلا حجّة في الصّحبة حينئذ.
4- «لاَ تَحْزَنْ» :
يقول أهل السنة والجماعة على أن أبو بكر كان خائفا على الرسول (ص) ... ولكن هذا ادعاء فارغ لا دليل عليه !
ويقول أهل السنة والجماعة أن أبو بكر كان خائفا أن يمسون المشركين الرسول (ص) بضرر ، وهذا يعني اعتقاد أبو بكر أن المشركين أقوياء بحيث يمكنهم أن يظفروا بالرسول (ص) وأبا بكر ، وهذا يدل على عدم إيمان أبو بكر بالنصر الإلهي للرسول الأعظم (ص) مما يعني أنه ضعيف الإيمان !
ولقد رد الرسول (ص) على أبو بكر قائلا "إن الله معنا" ، وهذا يعني أن الرسول (ص) ذكّر أبو بكر بأن الله معهم ، وهذا يعني أن أبو بكر قد نسي أن الله معهم ، وهذا يدل على ضعف إيمانه !
5- «إِنَّ اللّهَ مَعَنَا» :
طبعا هذا لا دلالة فيه على أي فضيلة بدليل قوله عزّ وجلّ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إلاّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (لمجادلة/7).
فالله موجود مع المسملين والكفار والخلق أجمعين
6- «فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا» :
طبعا الّذي نزلت عليه السّكينة هو الّذي أيّده الله بالجنود الّتي لم يرها أحد وهم الملائكة كما في كلمات المفسّرين ، ولم يدع أحد على أن أبو بكر من مشاعدي الملائكة ، وهذا يعني نزول السكينة على الرسول (ص) دون أبو بكر
وإذا كان الّذي في معيّة النّبي (ص) في هذه الآية مؤمن للزم إشراكه معه في السّكينة، كما أشرك معه طائفة من المؤمنين في مواضع أخرى ، كقوله عز وجل : {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (الفتح/26).
وكذلك : {ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ} (التوبة/26).
ولمّا كان اختصاص السّكينة في هذا الموضع بالرسول (ص) وحده إذ لم يشرك معه أبا بكر، دلّ على خروج أبي بكر من زمرة المؤمنين، إذ لو كان مع الرسول (ص) مؤمن لأشركه في السّكينة، كما أشرك المؤمنين معه فيما تقدّم من الآيات، فدلّ إخراج أبي بكر من السّكينة على عدم أهليّته للإيمان والسّكينة والخلافة
والسلام عليكم ورحمة الله
هدانا الله وإياكم لطريق الحق
تعليق