تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
تنهار أشد العلاقات الإنسانية قوة وصلابة من جراثيم فكرية تتلف المحبة و تحولها الى نفور وتباعد !.. ألا ترى الأسنان البيضاء بعد اختراق السوس لها ؟
واظن بأن الوقاية والعلاج من هذه الجراثيم التي تهدد العلاقات الزوجية والاخوية والاصدقائية تتعلق بهذه...
لحظة لحظة يا محترم ! تحدث اولا عن اسباب نشوء المشكلة
حسناً , شكرا على التذكير .. ونقول:
**
# كيف تنشأ هذه المشكلة ؟
برأيي يتكون الأمر بالضرورة من : سوء الفهم + سوء الظن
فأنا مثلا انظر لسلوك معين .. فالنفرض انا خاطب, ودائما ارتدي دبلة الخطوبة, واهتم بذلك كثيرا, واعير كل الاهتمام لرمزيتها , فألاحظ بان خطيبتي لا ترتدي دبلة الخطوبة دوماً
فماذا سيتولد في ذهني ؟ فالنقل فكرة بان خطيبتي تمهد لفسخ الخطوبة.. وهذه هي الخطوة الاولى !
فرويدا رويدا تصبح نظراتي مترصدة لكل السلوكيات التي قد يفهم منها السعي لافتعال ازمة وفسخ الخطوبة
طيب .. لماذا فكرت بأن عدم ارتداء الخاتم يدل على انها تحاول فسخ الخطوبة ؟
ج : اولا .. ان الانسان يظن بأن كل قناعاته موجودة وواضحة عند كل البشر !
احكي لكم قصة حصلت معي .. انا من الشخصيات التي اعتبر الابتسامة عند المصافحة دلالة ضرورية على التقبل وعدم ذلك = عدم ارتياح من الاخر .. لانني ببساطة معتاد على الابتسامة للاخرين !
وفي احد الايام ذهبت لاحد التجمعات فرأيت احدهم وصافحته بقوة مع ابتسامة عريضة وفوجئت بطريقة مصافحته الباردة وانه لم يبتسم ابدا ! .. فقلت بقلبي تباً له !!
مرت الايام واذا بذاك الشخص نفسه يصبح اكثر الناس قربا ولي وقد خدمني خدمات جليلة جدا وباهضة جدا بدافع المودة بيننا !!
حسب ملاحظتي فأن موضوع ( اعتقاد بان كل قناعاتي يتصف به الاخرين ) رأيته عند الكثر
واتذكر في احد الايام صادفت احد الاخوة في المطار وهو جالس في مقهى فدونت منه و صافحته وقبلته وودعته
فقال لي صديقي الاخر .. كم كان هذا الذي صافحته وقحا ! سألته عن السبب ؟ قال لانه لم يقف عندما دونت منه !
( طبعا صاحبي معتاد على الوقوف دائما لمن يريد مصافحته ) مع اني لم ارَ الامر كذلك فلقد فاجئت صديقي الجالس في المقهى وهو لم يعرفني حتى لحظات اقترابي الاخيرة وعلاوة على ذلك فهو سمين لا يستطيع الوقوف والجلوس بسهولة !
قصة ثالثة احد الاصدقاء استلم راتبه وصادف بأن كل المبلغ عبارة عن ( خمسة دنانير ) فعندما عاد الى منزله
قال له والده ! تعسا لك ! كيف ترضى بهذه الاهانة ؟ .. ثم فهم الولد بأن غضب اباه كان بسبب قناعته بأن المبلغ بهذا الشكل لا يُعطى الا للزباليين ! .. ومن يومها اخذ الوالد انطباعا بأن ولده يرتضي لنفسه الاهانة !
علاج ووقاية : فسوء الفهم وسوء الظن سيتخلخل اذا تذكرت هذه القاعدة : لا تعتقد بان قناعاتك يشترك بها الاخرين فانتم مختلفون !
نعود لقصة الخاتم بسؤال ثاني
كيف اكتسبت رمزية الحاسمة لارتداء الخاتم على مسألة الارتباط ؟
يتعلق الامر بالبيئة مثلا حين يقول ابي بأني اعتبر خاتم الخطوبة اعظم انجاز لي واعظم تجسيد لهذه الذكرى !
او من التلفاز ! اعجبت بمسلسل يحتوي على مشهد لخطوبة وقد استعرض المخرج اهمية خاتم الخطوبة مما ترسخ في قناعتي وذوقي وحسي ...
والخ
علاج ووقاية : تذكر هذا المبدأ دوما .. قبل ان تتهم الاخرين اسعى لاتهام نفسك !
ولا يكون الامر هكذا فحسب فالشيطان له دور في اتلاف العلاقات بالوسوسة وتزيين الاعمال !
سيقول لهذا الخاطب , خطيبتك تفعل هكذا بكل وقاحة من الان فماذا ستفعل بك غدا !! يا اخي انها لم تقدر رجولتك !! هل فكرت ماذا سيقول عنك الناس ؟؟
اذا غلبك الشيطان سوف تشعر بالغضب والغضب هو اهم الاسلحة التي يستخدمها الشيطان لانه مرحلة يفقد العقل به توازنه ويضعف تركيزه ! وهنا يقول لك : هيا ! اثبت لها بأنك رجل ! وانها ارتكبت حماقة كبيرة بفعلتها الشنيعة !
فويلاه لو استسلم الانسان لضغط ابليس وانفجر الوضع !
العلاج : هي بقاعدة اسمها " التمهل وعدم التسرع " وهذه النقطة تحديدا ذكرها الفيلسوف الالماني هوسرل حين أسس للمنهج الفينومينولوجي الذي غير خارطة العقل لقرون والى اليوم !
حين اشار لفكرة " تعليق الحكم " .. ويقول الامام الحسين ان العجلة سفه !
نرجع لموضوعنا
سيرى الخاطب عدة سلوكيات من خطيبته وسيفسرها دوما بانها خطوات حثيثة لمحاولة فسخ الخطوة
فتخيل الاتي : سوء فهم وسوء ظن يتراااكم والشيطان يشن حملة شرسة نحو اتلاف العلاقة وايضا عقل الخاطب سيتذكر خلافات قديمة فيأولها على ذات الخط والتوجه ...
ربما يصيب الخطيبة ايضا تلك الاعراض من سوء فهم وسوء ظن وسوسة شيطان ومشاكل في العمل او المنزل مع عائلتها .. فيقترب البانزين من النار !
ويحتفل الشيطان على انجازه باتلاف علاقة كادت ان تصل الى الزواج
ويشيع بين الناس بأن فلانة لو كانت محترمة فلماذا تركها خطيبها ؟ والخ
الخلاصة : تحدث التهديدات على العلاقات جراء سوء الفهم وسوء الظن وهو يُعالج باتهام النفس بانها مقصرة لان قيمي وقناعاتي لا تعني بأن الاخر يمتلكها !
وسوء الظن يُعالج باتهام النفس وحمل الاخر عدة محامل !
واخيرا وهي الخطوة الحاسمة هي : التمهل عن اتخاذ قرار والحكم !
**
# اقتراحات تطبيقية للوقاية والتخلص من جراثيم العلاقات :
اولا المبادرة ! :
بما اني من المهتمين للحركة الثقافية الشيعية فلقد رأيت بأن معظم المشاريع تأتي من المبادرة ! : حين يقول الاول لصديقه عن فكرة مشروع ما فتندلع الفكرة وتُرسم الخطة ويبدأ التنفيذ !
فالمبادرة و البدء = تغيير اتجاه ومصير !
اذكر هنا قصة لسماحة المرحوم السيد محمد رضا الشيرازي حين كان يشعر بان المجلس الذي هو فيه سيكون مرتعا للغيبة واللهو , كان يبادر بفتح اسئلة دينية ويغير اتجاه المجلس كله !
وهذا ما لاحظته بالمجالس والدواوين عند افتتاح موضوع معين
يبادر أحدهم : هل قرأتم الخبر الفلاني ؟ يتفاعل الاخر وهكذا
فالمبادرة هي علامة رئيسية للقيادة والبصيرة فبادر بالحل قبل ان يبادر الشيطان !
واتفق مع الشخص الاخر ( زوجتك خطيبتك صديقك الخ ) على الحاجة الماسة للمصارحة والحوار !
أ – المصارحة
لقد قلنا في البداية بأن الانسان لا يوفق دائما في تفسير السلوك مما يعني تهديد صارخ للعلاقة
وتخيل لو ان الخطيب من البداية صارح خطيبته قائلا : عدم ارتداءك للخاتم يشعرني بعدم اهتمام بعلاقتنا ! لان هذا الخاتم يرمز لي كيت وكيت
ثم تتفاجأ الخطيبة بالامر ! وتقول لم اكن اعلم ابدا بان الامر كذلك ! فانا لدي يقين بأن حبنا اكبر بكثير من حديدة !
وعدم ارتدائي هو بسبب انني اخلعه عند دخول الحمام وانسى ان ارتديه احيانا !!
ب – الحوار
مبادئ تخص الحوار :
1- ان تكون النفوس هادئة ومقتنعة بضرورة هذا العمل
2 – لا تضع جدول زمني لانتهاء الحوار مثلا ان نقول سنناقش كل الخلافات غدا !
فقد يستمر الحوار في موضوع معين لاسابيع طويلة !
3 – استخدم القلم و الورقة و حدد الموضوع والمسائل المتنازع فيها
ولاحظ انني قلت " مسائل " وانا اعنيها بالضبط
مثلا الموضوع بين زوج و زوجته وهو خلاف ينشب بسبب عدم حضور الزوج للغداء
ها نحن حددنا موضوع الخلاف فنكتب كالآتي للطرفين ونبدأ في المراة
س : ماذا يعني لكِ هذا الموضوع ؟
الزوجة ( هكذا تعلمت من امها ) : ان هذه استخفاف لمشاعري
س : لماذا تشعرين بذلك ؟
الزوجة : هكذا هم النساء ! من المفترض ان زوجي الناضج يعلم هذه الحقيقة !
س : برأيك ماهو السبب في عدم حضور زوجك للغداء ؟
الزوجة : محاولة اشعاري بذلك حتى يمهد بأن يتزوج غيري
س : لماذا تظنين ذلك ؟
الزوجة : لانني لما اخبرت صديقتي بذلك قالت بأن زوج فلانة عمل هكذا قبل ان يطلقها ويتزوج فتاة صغيرة !
دور الزوج : لم اكن اعلم ابدا بان الموضوع بهذا الشكل والمعنى وتعمدي الهروب من الغذاء هو لانني أاكل مع صديقي الذي توفت زوجته حتى اواسيه في ايامه الصعيبة !
تخيل بعد ان تسمع زوجته هذا كيف يتغير نظرتها للموضوع من زوجها الخائن الى زوجها الانساني !
4- اكتب سؤال الوقائي وهو كيف نتجنب حدوث مثل هذه المشكلة وتكتب الاقترحات وتُقيم الحلول في ختام الجلسات .. ويحتفل بالامر بعمل شيء يفرح الاخر مثل الذهاب الى مقبرة سنية !!!
ج - الشحن الشحن الــــشــــحن
العلاقات مسألة حيوية تأتي عليها لحظات برود واحيانا سخونة واحيانا انفجار !
ربما استعرضت في مقالتي ما يخص مسألة عدم وصول الى الانفجار فماذا عن البرود ؟
فكيف نحافظ على سخونة العلاقة ونجدد في حيويتها ؟؟
المحافظة والترسيخ الدائم والشحن والتحريض مبدأ واضح جدا في التشيع
لاحظ الصلوات الخمس !
لاحظ الحث على قراءة القرآن !
لاحظ الثواب المذهب في قراءة الادعية والزيارات !
لاحظ الحث على القيام بالشعائر الحسينية والبكاء والخ !
لاحظ التحريض الالهي على اقامة حسينيات ومساجد !
كلها قنوات " شحن " و " تعبئة " من الفراغ الذي قد يعتري الانسان لاسباب كثيرة من قلة تركيز والتعود وفقدان الحماسة
كذلك هي العلاقات .. للمحافظة على الحرارة وعدم النزول الى مستوى البرودة او الانفجار في احلك الظروف تعمد خلق رموز شاحنة وتعبوية
مثال بسيط خلاف حاد نشب بينك وبين زوجتك فذهبت الى بيت عائلتها فجلست بعد ان اصابك هدوء نسبي فوقعت عينك على الصورة لك ولزوجتك ليلة الزفاف ! فبماذا ستشعر ؟ سيتحرك الحب والامال والذكريات الساخنة بداخلك
لذالك تلاحظ بأن الانسان الذي يريد ان يتخلص من علاقة معينة يحاول طمس كل ما يذكره بتلك العلاقة
حدثت امامي .. خلاف نشب بين اثنين , وكان الثاني قد اعار منذ مدة طويلة كتب للاول ولم يطلبها في يوم من الايام , فقام الاول بعد الخلاف بأن ارسل كتبه للثاني فورا !
لذلك احتاط من بغتة الايام واخلق رموز شاحنة وتعبوية .. تخيل بأن زوجتك حزنت بشدة من خطأ ارتكبته لدرجة انها تطالبك بالطلاق .. وانت تحتفظ بفيلم فيديو قديم وانتما في سعادة لا توصف والتصوير كان مع ابنكم الصغير الذي للتو جاء الى الحياة ! .. فهل تعلم حجم التأثير الذي يتركه هذا الشيء في زوجتك ؟ قد تتراجع عن قرارها فورا !
وشخصيا فهمت لماذا الامهات قديما وحديثا كانوا ينصحون بناتهم بان يعجلوا من انجاب الابناء لانه يوثق العلاقة بين الاثنين فالمولود يحمل جوانب تعبوية مفعمة بعناصر الشحن !
واخيرا لقد تعبت من الكتابة ! لدرجة اني اود عدم مراجعة الموضوع .. لقد اردت التحدث عن التسامح .. ياه على التسامح ولا ادري كيف سأختصر هذا المفهوم وهو الجامع للعلاقات الانسانية
التسامح .. ما التسامح وما ادراك ما التسامح !
اذا كان سوء الفهم والظن والتسرع والعجلة هم جراثيم العلاقات الانسانية ,, فالتسامح هو دواء الانسانية !
ولأني خسرت كثير من العلاقات الرائعة أحبتت أن اكتب هذا الموضوع
وشكرا جزيلا
تم تنسيق النص من جديد.
م14
تعليق