الحكومة الاسلامية بين العصمة وولاية الفقيه
المقالة الثالثة بهاء زهير الصالح
سنمضي قدما هنا في محاولة اختبارفرص الفقيه الاصولي في اصابة الحكم الواقعي جريا على اعتبار السيد الخميني رحمهالله له كمصداق للتوصل للحكم الشرعي بقوله : ( وانما تعني من يؤدي الى الناس احكام الاسلامالواقعية ، وهذا لايتاتى الا على يد مجتهد فقيه يتوصل الى الاحكام الواقعية ،ويستنبطها من مصادرها على الموازين التي رسمها له الاسلام نفسه والائمة انفسهم ) كتاب الحكومة الاسلامية .
وكنت قد اخترت كتيب الشيخ محمد إسحاقالفياض لهذه المهمة -اضافة لما قد ذكرته انفا - لاختصاره الشديد ولخلوه منالاصطلاحات الوضعية الأصولية والفقهية التي تحتاج بذاتها الى شروح وتعريفات ( 1 ) تخرج مقالتنا هذه من الغرض العام الذي وضعتها له ، كما والفت نظر القارئ الى افتقاركتيب الحكومة الإسلامية نفسه الى هذه المصطلحات او الاستدلالات المطولة او المتشعبة –التي نجدها عادة في كتب الاصول - بل على العكس فقد كان السيد مباشرا في إظهار رأيهحول دلالة النصوص التي يوردها .
في محاولةلتحديد أسباب اختلاف او تضاد فتاوى المجتهدين الأصوليين يعزو الشيخ الفياض ذلك الىمرحلتين :
المرحلةالاولى :
فيتكوين النظريات العامة، والقواعد المشتركة للتفكير الفقهي ، فمنشأ الاختلاف في هذهالمرحلة إنما هو الاختلاف في نتائج الأفكار التي تستعمل في تكوين تلك القواعد ،والنظريات العامة وتحديدها في الحدود المسموح بها وفقا لشروطها العامة . ثم ان ذلكالاختلاف الموجود في نتائج الافكار بين المجتهدين في تحديد تلك القواعد والنظرياتالعامة في الاصول على صعيد البحث النظري يرجع في نهاية المطاف الى احدى النقاطالتالية :
الاولى :
الموقف الشخصي لكل مجتهد ازاء تحديد تلك القواعد والنظرياتالعامة وتكوينها وفقا لشروطها ، فانه قد يؤثر في موقفه الواقعي امام هذه القواعدوالنظريات ويغيره عن وجهه الواقعي .
الثانية :
المقدرة الفكرية الذاتية، فان لاختلافالمجتهدين في تلك المقدرة الفكرية اثرا كبيرا لاختلافهم في تحديد تلك القواعدوالنظريات العامة وتكوينها بصيغة اكثر دقة وعمقا .
الثالثة :
المقدرة العلميةبصورة مسبقة ، فان لاختلاف المجتهدين في تلك المقدرة العلمية اثرا بارزا في كيفيةتكوين تلك القواعد والنظريات العامة تبعا لشروطها .
الرابعة :
غفلة المجتهد خلالدراسة تلك القواعد وممارستها عما يفرض دخله في تكوينها او عدم استيعابه تمام مايفرض دخله فيه فان ذلك يغير وجه تلك القواعد سعة وضيقا عن واقعها .
الخامسة:
اختلافالظروف والبيئة التي يعيشه المجتهد فيها مدة من عمره فانه قد يؤثر في سلوكه العمليتجاه تكوين تلك القواعد وتحديدها في إطار إسلامي .
السادسة :
خطاء المجتهد فيالفهم والنظر حيث انه يغير وجهه تكوين تلك القواعد والنظريات العامة عن واقعهاالموضوعي كما وكيفا .
المرحلة الثانية :
وهي مرحلة التطبيق فيقع الخلاف بينالمجتهدين في هذه المرحلة مع افتراض اتفاقهم في المرحلة الأولى كما إذا افترضناأنهم متفقون على حجية كل نص يرويه ثقة أمين كقاعدة عامة .
ولكن قد يقع الخطأ في مقام التطبيق :
· فيبدو لبعض منهم وثاقة الراويوأمانته في النقل في رواية وبنى عليها حجيتها والعمل على وفقها رغم انه في الواقعليس بثقة وأمين ، وبذلك يتغير موقفه إمام عملية الاجتهاد والاستنباط عن موقف منأصاب الواقع وعلم بعدم وثاقته .
· وقد يبدو له دلالة الأمر الوارد في مسالة مثلا على الوجوبغافلا عن وجود قرينة تعبر عن الاستحباب فيها وقد يكون الأمر بالعكس .
· وقديبدو له عدم التعارض بين نصين فيجمع بينهما بتقديم أحداهما على الأخر لوجود مرجحدلالي بنظره رغم ان بينهما تعارضا ولا مرجح له في الواقع .
· وقد يبدو له تعارض بينهما ، وفيالواقع لا معارضة ، وهكذا ، فان هذه الخلافات التي تقع بين المجتهدين على صعيدالتطبيقات مع افتراض اتفاقهم على صعيد النظريات فايضا تنشأ من الاختلافات بينهم فيالنقاط الأنفة الذكر .
بعد هذا العرضالضروري لمجمل ما أحصاه الشيخ الفياض حول أسباب الاختلاف بين فقهاء الأصول نرى انهقد أجملها في قضيتين رئيستين الأولى كانت متعلقة بأصل تأسيس القواعد النظرية عندهم، والثانية كانت في طرق تطبيق هذه القواعد الوضعية من قبل هؤلاء الفقهاء ، ولكينكون قادرين على استكشاف حيثيات كلام الشيخ الفياض وعلاقتها بمدى قرب الفقيهالأصولي من الحكم الواقعي لكل حادثة ممكن ان ترد عليه لابد لي ان أجمل حديثي عنهافي قضايا محددة ومختصرة :
القضيةالأولى :
وجود اختلاف استباقي بينالفقهاء المؤسسين للقواعد النظرية ، بمعنى عدم وجود تطابق في رؤى الأصوليين فيالبناء النظري لقواعدهم ، وهذا يقودنا إلى نتيجة غريبة وطريفة في آن معا ، حيثلايمكن إيجاد قضية جدلية ما يتم طرحها كنظرية مقابلة وهي تفتقر إلى المباني النظريةالعامة المتفق عليها من قبل المنظر أو مجموعة المنظرين استعدادا لفحص مدى ثبات هذهالقواعد النظرية في مجال التطبيق أو الاختبار العملي ليتم القطع حول إمكانيةصيرورتها قانون عام يمكن العمل به .
وينبغيالإشارة الى انعدام هذه الظاهرة في ميدان تقعيد النظريات المهتمة بالعلوم التجريبيةحيث ان وجود أي تباين في الطرح النظري بين المنظرين لها يؤدي إلى
خروجها عن الجدل العام حول امتلاكها إجابات مقنعة لأي قضيةلأنها هي ذاتها واقفة في موضع التجاذب بخصوص ماهيتها الارتكازية ، في حالة كهذهلايمكن حتى إطلاق مسمى – نظرية – على مجموعة المفاهيم المتباعدة هذه .
القضية الثانية :
بنية الاختلاف بين فقهاء الأصول فيتقعيد الأسس النظرية والعملية يستدعي التوقف عندها لمناقشة منشأ هذه الاختلافات ،إن مجرد الاطلاع على نقاط الاختلاف يتأكد للقارئ بصورة لا تقبل اللبس المنشأ الفرديلهذه الاختلافات النابعة من تركيبة فقيه الأصول الذاتية والتي تتحكم بشكل مطلق بأسسونتائج الاستنباط .
خذ مثلا على ذلك قوله: ( الموقف الشخصي لكل مجتهد إزاء تحديد تلك القواعد والنظريات)
ولو علمنا ان المواقف الشخصية غير محدودة فهي متنوعةومتعددة تبعا لاختلاف شخصيات الإفراد أنفسهم وتبعا لميولهم ورغباتهم ، فتوقف فحوىالأساس النظري الموضوع للأصول على مستند الموقف الشخصي للفقيه ينتج لنا :
ا : طيف شاسع من القعيدات غير المترابطةحتى بالنسبة لمفهوم معين كالبراءة والاستصحاب مثلا .
ب : غياب الصيغة التو حدية لقواعد الأصول على المستوىالنظري إذ عليك ان تحدد فقيها أصوليا ما لتقرأ من خلاله علم الأصول بالكيفية التييراها هو .
يضيف الشيخ الفياض حول – الوقفالشخصي للفقيه – الأتي : (قد يؤثر في موقفه الواقعي أمام هذه القواعد والنظرياتويغيره عن وجهه الواقعي ) ، اقول : كما قد يؤثر الموقف الشخصي للفقيه على احتمالأصابته الحكم الواقعي تفعل ذلك بقية أقسام المرحلة الأولى والثانية المتعلقة بتأليفالحكم الشرعي مثل المقدرة الفكرية الذاتية ، اختلاف المجتهدين في المقدرة العلمية ،غفلة المجتهد عما قد يكون له مدخولية مع الحكم الشرعي ، اختلاف الظروف والبيئة ..... ( انظر فقرات مقالة الشيخ الفياض ) ، وكل هذا مما يساهم بإبعاد الفقيهالأصولي بشكل مطرد عن الحكم الواقعي .
القضية الثالثة :
لو فرضنا جدلا ان كل فقرة من حيثيات الاستنباط الشرعي فيمرحلتيه النظرية والعملية تؤثر بنسبة خمسين في المائة فقط كاحتمال لإصابة الواقعالتشريعي ( وهو امر فيه مصادرة كبيرة ، فمثلا اختلاف تبعات ظروف وبيئة نشأة الفقيهتعد كثيرة ومتشعبة ولايمكن في الغالب إحصائها فضلا عن افتراض ان يكون لتأثيراتهااحتمالين فقط لاثالث لهما ) ، وبما ان الشيخ الفياض كان قد اختصر مناطق اختلافالفقهاء بعشرة نقاط ، وقتذاك سنحصل على عشرين احتمال ستمر به قضية الاستنباط قبيلالتوصل للفتوى النهائية .
ولكن وفقالحسابات نظرية الاحتمالات سنتعاطى مع واقع أكثر غرابة يتعلق بمدى اقتراب قواعدالأصول من الواقع التشريعي:
لو كانتلدينا قطعة نقدية ورمينا بها عشر مرات كم هي نسبة الحصول على احد وجهيها؟
الجواب: هو نصف عدد المرات أي خمس .
ولكن ما الذي سنحصل عليه لو كانت لديناعشر قطع نقدية تمثل كل منها فقرة من حيثيات الاستنباط نرمى كل منها على حدة ، عندهاسنكون إمام عشرين احتمالا تؤدي بنا إلى عشرة نتائج تتوزع فيها نسبة ظهور احد وجهيالعملة النقدية للعشر قطع.
ولكننا نريدالحصول على احد الوجهين تحديدا ولجميع القطع والذي يمثل لدينا الحكم الواقعي وليسالحكم الخطأ .
وفقا لنظرية الاحتمالاتعلينا ان نعيد رمي القطع العشر عشرة مرات - على الأقل - لنحصل على نسبة نجاح تقدر 1\10.
خلال عمليات الرمي المتكررة البالغةعشر رميات لعشرة قطع سنكون امام مائتي احتمال تمثل الحد الأدنى لاحتمال إصابة الوجهالمطلوب في جميع القطع بذات الوقت .
اذنمائتا احتمال كحد أدنى هو ماسيواجهه الفقيه الأصولي قبيل توصله لفتواه الواقعية بعدأن يعبر العقبات العشر المسببة لاختلاف الفقهاء في الفتيا .
هل نستطيع بعد هذا العرض ان نعتبر الأصولي اقرب من الاخرينالى الحكم الواقعي ؟ .
دعنا نرجع الىكتاب الحكومة الاسلامية حيث يقول السيد الخميني رحمه الله : وجملة ( الذين ياتون منبعدي ويروون حديثي ) تبين شخصية الخليفة ، وليس فيها توضيح لمعنى الخلافة ، لانالخلافة كانت في صدر الاسلام من المفاهيم الواضحة ، وهي واضحة حتى عند السائل الذيلم يسال النبي صلى الله عليه واله عن معنى الخليفة او الخلافة وانما ساله بقوله : ومن خلفاؤك .
اقول : نعم ليس هناكتباين بين المذهبين على ان الخلافة هي منصب من ينوب عن النبي بعد وفاته ، ولكنالخلاف وقع فيمن يحق له ان يتولى هذه الخلافة من بين الناس ولذلك كان السؤال الذيوجه للنبي - ومن خلفائك - .
لقد كان عملمؤتمر السقيفة يركز على تعويم موضوع الخلافة بين الأنصار والقرشيين عندما احتج ابوبكر ان قريش تمثل شجرة النبي ولا يحق لغيرها ان يتامر عليها ، وفعلا استمرت الخلافةعلى هذا الاساس لستة قرون متتالية وان كانت بصورة شكلية في اغلب الاحايين .
على أية حال لم ينحصر الصراع بهذهالمصاديق فقط بل انتقلت الى بني هاشم حيث ظهرت بوادر جلية بان العباس عم النبي يرىنفسه الوريث الوحيد للنبي دون ابن أخيه علي ابن أبي طالب ، وكذلك بين العلويينأنفسهم عندما رفعت عدد من الثورات التي تزعمها سادة فاطميون شعارات الرضا من المحمد ( 2) على الرغم من افتقادها لتأييد الإمام المعصوم الذي يراه الشيعة وقتذاك .
إذن المشكلة القائمة تتركز حول شخصالخليفة دون الصلاحيات ، ولكن السيد الخميني تجاوز هذه العقبة من جانب واحد بعد أنحسم الموضوع لصالح دعواه بكون الفقيه الأصولي هو خليفة للنبي بكامل الصلاحيات ،بالرغم من إيراده لعبارة مهمة تعليقا على الحديث ( الذين يأتون من بعدي ويروونحديثي ) وهي قوله :جملة الحديث تبين شخصية الخليفة وليس فيها توضيح لمعنى الخلافة .
السؤال هو : ماهي ملامح هذه الشخصيةاتكون بتقمصها للرواية عن النبي لاجل انطباق مصداق الحديث حولها ، لماذا اذناختلفنا مع أتباع الصحابة ودفعنا انهارا من الدم على طول التاريخ ثمنا للاختلافمعهم في الوقت الذي اشتهر ابو بكر وعمر وعثمان ومعاوية بالرواية عن النبي الأكرمسواء كان فعليا او بوضع الواضعين .
واذاكان مقياس السيد هو علم الأصول فأتباع الصحابة لديهم أصوليون أيضا بل هم المصدرالأساس للأصول المعمول بها لدى الشيعة ، اذن يجب ان يكون الخلفاء منهم لامن غيرهم .
المحصلة النهائية ان الجميع كان ومايزال يرغب في الحصول على مميزات المجموعة الفاطمية التي تضم اثنا عشر معصوما .
يقول السيد رحمه الله : لم يكن احد يفسرمنصب الخلافة على عهد امير المؤمنين وبالنسبة الى الأئمة عليهم السلام من بعده بانهمنصب الإفتاء فقط ، وانما فسر المسلمون هذا المنصب بانه الولاية والحكومة وتنفيذأمر الله واستدلوا على ذلك بما يطول ذكره ولكن لماذا يتوقف بعضنا في معنى جملة ( اللهم ارحم خلفائي ) لماذا يظن هذا البعض ان خلافة الرسول محدودة بشخص معين وبما انالأئمة كانوا هم خلفاء الرسول فليس لغيرهم من العلماء ان يحكم الناس ويسوسهم وليبقالمسلمون بلا حاكم شرعي ولتبق احكام الإسلام معطلة وثغوره مفتوحة للأعداء هذا الظنوهذا الموقف بعيد عن الإسلام لانه انحراف في التفكير يبرا الاسلام منه .
الافضل ان اناقش هذه الفقرة بصورةنقاط متسلسلة :
النقطة الاولى : قولهلم يكن احد يفهم منصب الامام بانه منصب الافتاء فقط وانما فسر المسلمون ذلك بانهالولاية والحكومة .
أقول ماذا عنى السيدبقوله – المسلمون- ؟ هل كان إيراده لها من باب الحاجة الى تفخيم متعلق الكلام وذلكبإطلاق الدلالة على العموم في الوقت الذي لايرى الإمامة في إل البيت إلا أشياعهموهم أقلية الى غيرهم ممن صدق بالنبوة الخاتمة .
ينبغي القول إن الشيعة كانت قد وضعت المعصومين من ال البيتفي موضع الإفتاء نظرا للتنصيب الإلهي لهم باعتبارهم حجج له على خلقه ، فرجوع الشيعةأليهم في الفتيا كان لهذا السبب، حيث ان ولايتهم وحكومتهم صرح بها القرآن والرسولليكون لهم منها حق إفتاء الناس في دينهم .
فمن تكون له دعوى حق الفتيا وجب عليه إثبات مشروعية هذاالحق ومن أين تأتى له .
أما فقهاء الشيعةفقد تصدوا إلى موضوع الإفتاء أولا وقبلت الشيعة منهم ثانيا وذلك لرخصة صاحب الأمروالحكومة بإرجاع أشياعه الى الفقهاء من أتباعه ، وبالتالي إن اخذ الشيعة للفتيا منالفقيه الشيعي هو امر ولائي من الامام ( 3 ) وليس حقا خاصا بالفقيه ، إذن حتىالفتيا متعلقة بولاية الإمام لابشخص الفقيه .
ولكن السيد الخميني رحمه الله كان قد عكس طريقة العملالشيعية ، من كون الفقيه مستمدا لصلاحياته المحددة بالفتيا والقضاء من ولاية وحكومةالامام المعصوم الى محاولة الفقيه استخدام الفتيا والقضاء للقفز على الولايةوالحكومة المعصومة وصيرورته حاكما بولاية عامة ومطلقة له ما للامام ، وهو مايسمى فيعصرنا بالانقلاب على السلطة الشرعية .
النقطة الثانية : قوله ولكن لماذا يتوقف بعضنا في معنى جملة ( اللهم ارحم خلفائي ) لماذا يظن هذا البعض ان خلافة الرسول محدودة بشخص معين وبماان الائمة كانوا هم خلفاء الرسول فليس لغيرهم من العلماء ان يحكم الناس ويسوسهموليبق المسلمون بلا حاكم شرعي .
اقولان ارتكاز عقيدة الامامة لدى الشيعة تتمحور حول الاعتقاد باهلية شخوص محددين من الالبيت لخلافة النبي في ازمانهم ومحاولة تعميم هذه الفكرة هي ضرب في الصميم لعقيدةالامامة ، وهو موضوع كان قد ابتدأ بشكل عملي بعيد وفاة النبي من قبل طابورالمنافقين ، واذا كنا –نحن الشيعة - بعد الف واربعمائة سنة قد اعدنا الكرة باطلاقالدعوى ذاتها باسلوب جديد ومبتكر ولكنه يعطي نفس النتائج التي اشتهر بها الصحابةالذين استولوا على الحكومة المعصومة أي بقبولنا خلافة غير المعصوم للنبي اقولفلماذا لانتولاهم اذن .
اما قوله : (وبما ان الائمة كانوا هم خلفاء الرسول فليس لغيرهم من العلماء ان يحكم الناسويسوسهم )
اقول وكيف يكون للتابع – الفقيه - سلطة المتبوع –المعصوم - وعلى أي اساس تشيع الفقيه له اذن ، وان كانبالامكان ايجاد سلطة قائمة لخلافة النبي فما بال صاحب الامر- الامام المنتظر- لايفعل ذلك بنفسه الشريفة، اليس الشرط بتوفر الانصار والمؤيدين قد تاتى لمن هو دونهفي قضية ولاية الفقيه حتى اقام حكومة اسلامية .
وقوله : ( وليبق المسلمون بلا حاكم شرعي )
اقول: من اين يستمد هذا الحاكمشرعيته في الحكومة في الوقت الذي كان قد اخذ شرعيته الاساس في الافتاء والقضاء بينالشيعة من الامام المعصوم الذي قال ( انا حجة الله والفقهاء حجتي عليكم ) ، الامامكونه حجة لله كان خليفة الرسول اما الفقيه فهو حجة الامام وضمن معيته .
وان كان بالامكان ايجاد شخوص لهم ولايةوحاكمية ذاتية فلماذا اقتصرنا – نحن الشيعة – على اثني عشر امام فقط بينما كانلإتباع الصحابة مئات وربما آلاف الأئمة الو اجبي الطاعة .
بانتهاء المقالة الثالثة يتم مااردت مناقشته حول الحديثالاول من كتاب الحكومة الاسلامية ، ارجو الله ان اتم مابداته لمتابعة باقي ادلةالسيد الخميني حول الولاية العامة للفقيه ، والان ارجع لاكمال كتاب البعد الخامسالذي ارجو ان يرى النور قريبا .
هامش
( 1) : هناك مباحث اصولية تظهر بشكل اكثروضوحا ازمة علم الاصول المعرفية ولكنها بحاجة الى مصطلحات وتمرس بلغة هذه المناهجالامر الذي لايتوفر لاغلب قرائي .
( 2) : شعار الرضا من ال محمد شعار مزيف اريد به الالتفاف على الامام عن طريق طرحالامامة لرضا عامة الشيعة أي باختيارهم .
( 3) : ان الفقاهة لدى ائمة ال البيت التي عنوها في اتباعهملايتوفر اغلب مصاديقها الان لدى المتصدين للفقاهة ، وهو ما سابينه في موضع اخرانشاء الله .
لذلك وجب ان يكون هذا الامرحاضرا في ذهنية القارئ لان لفظة الفقيه ستتكر كثيرا في هذا المقال .
راجع كتاب التهافت فيما يتعلق بساطةالفقيه ، وكتاب الوصايا الضائعة خصوصا فصل ولاية الفقيه .
المقالة الثالثة بهاء زهير الصالح
سنمضي قدما هنا في محاولة اختبارفرص الفقيه الاصولي في اصابة الحكم الواقعي جريا على اعتبار السيد الخميني رحمهالله له كمصداق للتوصل للحكم الشرعي بقوله : ( وانما تعني من يؤدي الى الناس احكام الاسلامالواقعية ، وهذا لايتاتى الا على يد مجتهد فقيه يتوصل الى الاحكام الواقعية ،ويستنبطها من مصادرها على الموازين التي رسمها له الاسلام نفسه والائمة انفسهم ) كتاب الحكومة الاسلامية .
وكنت قد اخترت كتيب الشيخ محمد إسحاقالفياض لهذه المهمة -اضافة لما قد ذكرته انفا - لاختصاره الشديد ولخلوه منالاصطلاحات الوضعية الأصولية والفقهية التي تحتاج بذاتها الى شروح وتعريفات ( 1 ) تخرج مقالتنا هذه من الغرض العام الذي وضعتها له ، كما والفت نظر القارئ الى افتقاركتيب الحكومة الإسلامية نفسه الى هذه المصطلحات او الاستدلالات المطولة او المتشعبة –التي نجدها عادة في كتب الاصول - بل على العكس فقد كان السيد مباشرا في إظهار رأيهحول دلالة النصوص التي يوردها .
في محاولةلتحديد أسباب اختلاف او تضاد فتاوى المجتهدين الأصوليين يعزو الشيخ الفياض ذلك الىمرحلتين :
المرحلةالاولى :
فيتكوين النظريات العامة، والقواعد المشتركة للتفكير الفقهي ، فمنشأ الاختلاف في هذهالمرحلة إنما هو الاختلاف في نتائج الأفكار التي تستعمل في تكوين تلك القواعد ،والنظريات العامة وتحديدها في الحدود المسموح بها وفقا لشروطها العامة . ثم ان ذلكالاختلاف الموجود في نتائج الافكار بين المجتهدين في تحديد تلك القواعد والنظرياتالعامة في الاصول على صعيد البحث النظري يرجع في نهاية المطاف الى احدى النقاطالتالية :
الاولى :
الموقف الشخصي لكل مجتهد ازاء تحديد تلك القواعد والنظرياتالعامة وتكوينها وفقا لشروطها ، فانه قد يؤثر في موقفه الواقعي امام هذه القواعدوالنظريات ويغيره عن وجهه الواقعي .
الثانية :
المقدرة الفكرية الذاتية، فان لاختلافالمجتهدين في تلك المقدرة الفكرية اثرا كبيرا لاختلافهم في تحديد تلك القواعدوالنظريات العامة وتكوينها بصيغة اكثر دقة وعمقا .
الثالثة :
المقدرة العلميةبصورة مسبقة ، فان لاختلاف المجتهدين في تلك المقدرة العلمية اثرا بارزا في كيفيةتكوين تلك القواعد والنظريات العامة تبعا لشروطها .
الرابعة :
غفلة المجتهد خلالدراسة تلك القواعد وممارستها عما يفرض دخله في تكوينها او عدم استيعابه تمام مايفرض دخله فيه فان ذلك يغير وجه تلك القواعد سعة وضيقا عن واقعها .
الخامسة:
اختلافالظروف والبيئة التي يعيشه المجتهد فيها مدة من عمره فانه قد يؤثر في سلوكه العمليتجاه تكوين تلك القواعد وتحديدها في إطار إسلامي .
السادسة :
خطاء المجتهد فيالفهم والنظر حيث انه يغير وجهه تكوين تلك القواعد والنظريات العامة عن واقعهاالموضوعي كما وكيفا .
المرحلة الثانية :
وهي مرحلة التطبيق فيقع الخلاف بينالمجتهدين في هذه المرحلة مع افتراض اتفاقهم في المرحلة الأولى كما إذا افترضناأنهم متفقون على حجية كل نص يرويه ثقة أمين كقاعدة عامة .
ولكن قد يقع الخطأ في مقام التطبيق :
· فيبدو لبعض منهم وثاقة الراويوأمانته في النقل في رواية وبنى عليها حجيتها والعمل على وفقها رغم انه في الواقعليس بثقة وأمين ، وبذلك يتغير موقفه إمام عملية الاجتهاد والاستنباط عن موقف منأصاب الواقع وعلم بعدم وثاقته .
· وقد يبدو له دلالة الأمر الوارد في مسالة مثلا على الوجوبغافلا عن وجود قرينة تعبر عن الاستحباب فيها وقد يكون الأمر بالعكس .
· وقديبدو له عدم التعارض بين نصين فيجمع بينهما بتقديم أحداهما على الأخر لوجود مرجحدلالي بنظره رغم ان بينهما تعارضا ولا مرجح له في الواقع .
· وقد يبدو له تعارض بينهما ، وفيالواقع لا معارضة ، وهكذا ، فان هذه الخلافات التي تقع بين المجتهدين على صعيدالتطبيقات مع افتراض اتفاقهم على صعيد النظريات فايضا تنشأ من الاختلافات بينهم فيالنقاط الأنفة الذكر .
بعد هذا العرضالضروري لمجمل ما أحصاه الشيخ الفياض حول أسباب الاختلاف بين فقهاء الأصول نرى انهقد أجملها في قضيتين رئيستين الأولى كانت متعلقة بأصل تأسيس القواعد النظرية عندهم، والثانية كانت في طرق تطبيق هذه القواعد الوضعية من قبل هؤلاء الفقهاء ، ولكينكون قادرين على استكشاف حيثيات كلام الشيخ الفياض وعلاقتها بمدى قرب الفقيهالأصولي من الحكم الواقعي لكل حادثة ممكن ان ترد عليه لابد لي ان أجمل حديثي عنهافي قضايا محددة ومختصرة :
القضيةالأولى :
وجود اختلاف استباقي بينالفقهاء المؤسسين للقواعد النظرية ، بمعنى عدم وجود تطابق في رؤى الأصوليين فيالبناء النظري لقواعدهم ، وهذا يقودنا إلى نتيجة غريبة وطريفة في آن معا ، حيثلايمكن إيجاد قضية جدلية ما يتم طرحها كنظرية مقابلة وهي تفتقر إلى المباني النظريةالعامة المتفق عليها من قبل المنظر أو مجموعة المنظرين استعدادا لفحص مدى ثبات هذهالقواعد النظرية في مجال التطبيق أو الاختبار العملي ليتم القطع حول إمكانيةصيرورتها قانون عام يمكن العمل به .
وينبغيالإشارة الى انعدام هذه الظاهرة في ميدان تقعيد النظريات المهتمة بالعلوم التجريبيةحيث ان وجود أي تباين في الطرح النظري بين المنظرين لها يؤدي إلى
خروجها عن الجدل العام حول امتلاكها إجابات مقنعة لأي قضيةلأنها هي ذاتها واقفة في موضع التجاذب بخصوص ماهيتها الارتكازية ، في حالة كهذهلايمكن حتى إطلاق مسمى – نظرية – على مجموعة المفاهيم المتباعدة هذه .
القضية الثانية :
بنية الاختلاف بين فقهاء الأصول فيتقعيد الأسس النظرية والعملية يستدعي التوقف عندها لمناقشة منشأ هذه الاختلافات ،إن مجرد الاطلاع على نقاط الاختلاف يتأكد للقارئ بصورة لا تقبل اللبس المنشأ الفرديلهذه الاختلافات النابعة من تركيبة فقيه الأصول الذاتية والتي تتحكم بشكل مطلق بأسسونتائج الاستنباط .
خذ مثلا على ذلك قوله: ( الموقف الشخصي لكل مجتهد إزاء تحديد تلك القواعد والنظريات)
ولو علمنا ان المواقف الشخصية غير محدودة فهي متنوعةومتعددة تبعا لاختلاف شخصيات الإفراد أنفسهم وتبعا لميولهم ورغباتهم ، فتوقف فحوىالأساس النظري الموضوع للأصول على مستند الموقف الشخصي للفقيه ينتج لنا :
ا : طيف شاسع من القعيدات غير المترابطةحتى بالنسبة لمفهوم معين كالبراءة والاستصحاب مثلا .
ب : غياب الصيغة التو حدية لقواعد الأصول على المستوىالنظري إذ عليك ان تحدد فقيها أصوليا ما لتقرأ من خلاله علم الأصول بالكيفية التييراها هو .
يضيف الشيخ الفياض حول – الوقفالشخصي للفقيه – الأتي : (قد يؤثر في موقفه الواقعي أمام هذه القواعد والنظرياتويغيره عن وجهه الواقعي ) ، اقول : كما قد يؤثر الموقف الشخصي للفقيه على احتمالأصابته الحكم الواقعي تفعل ذلك بقية أقسام المرحلة الأولى والثانية المتعلقة بتأليفالحكم الشرعي مثل المقدرة الفكرية الذاتية ، اختلاف المجتهدين في المقدرة العلمية ،غفلة المجتهد عما قد يكون له مدخولية مع الحكم الشرعي ، اختلاف الظروف والبيئة ..... ( انظر فقرات مقالة الشيخ الفياض ) ، وكل هذا مما يساهم بإبعاد الفقيهالأصولي بشكل مطرد عن الحكم الواقعي .
القضية الثالثة :
لو فرضنا جدلا ان كل فقرة من حيثيات الاستنباط الشرعي فيمرحلتيه النظرية والعملية تؤثر بنسبة خمسين في المائة فقط كاحتمال لإصابة الواقعالتشريعي ( وهو امر فيه مصادرة كبيرة ، فمثلا اختلاف تبعات ظروف وبيئة نشأة الفقيهتعد كثيرة ومتشعبة ولايمكن في الغالب إحصائها فضلا عن افتراض ان يكون لتأثيراتهااحتمالين فقط لاثالث لهما ) ، وبما ان الشيخ الفياض كان قد اختصر مناطق اختلافالفقهاء بعشرة نقاط ، وقتذاك سنحصل على عشرين احتمال ستمر به قضية الاستنباط قبيلالتوصل للفتوى النهائية .
ولكن وفقالحسابات نظرية الاحتمالات سنتعاطى مع واقع أكثر غرابة يتعلق بمدى اقتراب قواعدالأصول من الواقع التشريعي:
لو كانتلدينا قطعة نقدية ورمينا بها عشر مرات كم هي نسبة الحصول على احد وجهيها؟
الجواب: هو نصف عدد المرات أي خمس .
ولكن ما الذي سنحصل عليه لو كانت لديناعشر قطع نقدية تمثل كل منها فقرة من حيثيات الاستنباط نرمى كل منها على حدة ، عندهاسنكون إمام عشرين احتمالا تؤدي بنا إلى عشرة نتائج تتوزع فيها نسبة ظهور احد وجهيالعملة النقدية للعشر قطع.
ولكننا نريدالحصول على احد الوجهين تحديدا ولجميع القطع والذي يمثل لدينا الحكم الواقعي وليسالحكم الخطأ .
وفقا لنظرية الاحتمالاتعلينا ان نعيد رمي القطع العشر عشرة مرات - على الأقل - لنحصل على نسبة نجاح تقدر 1\10.
خلال عمليات الرمي المتكررة البالغةعشر رميات لعشرة قطع سنكون امام مائتي احتمال تمثل الحد الأدنى لاحتمال إصابة الوجهالمطلوب في جميع القطع بذات الوقت .
اذنمائتا احتمال كحد أدنى هو ماسيواجهه الفقيه الأصولي قبيل توصله لفتواه الواقعية بعدأن يعبر العقبات العشر المسببة لاختلاف الفقهاء في الفتيا .
هل نستطيع بعد هذا العرض ان نعتبر الأصولي اقرب من الاخرينالى الحكم الواقعي ؟ .
دعنا نرجع الىكتاب الحكومة الاسلامية حيث يقول السيد الخميني رحمه الله : وجملة ( الذين ياتون منبعدي ويروون حديثي ) تبين شخصية الخليفة ، وليس فيها توضيح لمعنى الخلافة ، لانالخلافة كانت في صدر الاسلام من المفاهيم الواضحة ، وهي واضحة حتى عند السائل الذيلم يسال النبي صلى الله عليه واله عن معنى الخليفة او الخلافة وانما ساله بقوله : ومن خلفاؤك .
اقول : نعم ليس هناكتباين بين المذهبين على ان الخلافة هي منصب من ينوب عن النبي بعد وفاته ، ولكنالخلاف وقع فيمن يحق له ان يتولى هذه الخلافة من بين الناس ولذلك كان السؤال الذيوجه للنبي - ومن خلفائك - .
لقد كان عملمؤتمر السقيفة يركز على تعويم موضوع الخلافة بين الأنصار والقرشيين عندما احتج ابوبكر ان قريش تمثل شجرة النبي ولا يحق لغيرها ان يتامر عليها ، وفعلا استمرت الخلافةعلى هذا الاساس لستة قرون متتالية وان كانت بصورة شكلية في اغلب الاحايين .
على أية حال لم ينحصر الصراع بهذهالمصاديق فقط بل انتقلت الى بني هاشم حيث ظهرت بوادر جلية بان العباس عم النبي يرىنفسه الوريث الوحيد للنبي دون ابن أخيه علي ابن أبي طالب ، وكذلك بين العلويينأنفسهم عندما رفعت عدد من الثورات التي تزعمها سادة فاطميون شعارات الرضا من المحمد ( 2) على الرغم من افتقادها لتأييد الإمام المعصوم الذي يراه الشيعة وقتذاك .
إذن المشكلة القائمة تتركز حول شخصالخليفة دون الصلاحيات ، ولكن السيد الخميني تجاوز هذه العقبة من جانب واحد بعد أنحسم الموضوع لصالح دعواه بكون الفقيه الأصولي هو خليفة للنبي بكامل الصلاحيات ،بالرغم من إيراده لعبارة مهمة تعليقا على الحديث ( الذين يأتون من بعدي ويروونحديثي ) وهي قوله :جملة الحديث تبين شخصية الخليفة وليس فيها توضيح لمعنى الخلافة .
السؤال هو : ماهي ملامح هذه الشخصيةاتكون بتقمصها للرواية عن النبي لاجل انطباق مصداق الحديث حولها ، لماذا اذناختلفنا مع أتباع الصحابة ودفعنا انهارا من الدم على طول التاريخ ثمنا للاختلافمعهم في الوقت الذي اشتهر ابو بكر وعمر وعثمان ومعاوية بالرواية عن النبي الأكرمسواء كان فعليا او بوضع الواضعين .
واذاكان مقياس السيد هو علم الأصول فأتباع الصحابة لديهم أصوليون أيضا بل هم المصدرالأساس للأصول المعمول بها لدى الشيعة ، اذن يجب ان يكون الخلفاء منهم لامن غيرهم .
المحصلة النهائية ان الجميع كان ومايزال يرغب في الحصول على مميزات المجموعة الفاطمية التي تضم اثنا عشر معصوما .
يقول السيد رحمه الله : لم يكن احد يفسرمنصب الخلافة على عهد امير المؤمنين وبالنسبة الى الأئمة عليهم السلام من بعده بانهمنصب الإفتاء فقط ، وانما فسر المسلمون هذا المنصب بانه الولاية والحكومة وتنفيذأمر الله واستدلوا على ذلك بما يطول ذكره ولكن لماذا يتوقف بعضنا في معنى جملة ( اللهم ارحم خلفائي ) لماذا يظن هذا البعض ان خلافة الرسول محدودة بشخص معين وبما انالأئمة كانوا هم خلفاء الرسول فليس لغيرهم من العلماء ان يحكم الناس ويسوسهم وليبقالمسلمون بلا حاكم شرعي ولتبق احكام الإسلام معطلة وثغوره مفتوحة للأعداء هذا الظنوهذا الموقف بعيد عن الإسلام لانه انحراف في التفكير يبرا الاسلام منه .
الافضل ان اناقش هذه الفقرة بصورةنقاط متسلسلة :
النقطة الاولى : قولهلم يكن احد يفهم منصب الامام بانه منصب الافتاء فقط وانما فسر المسلمون ذلك بانهالولاية والحكومة .
أقول ماذا عنى السيدبقوله – المسلمون- ؟ هل كان إيراده لها من باب الحاجة الى تفخيم متعلق الكلام وذلكبإطلاق الدلالة على العموم في الوقت الذي لايرى الإمامة في إل البيت إلا أشياعهموهم أقلية الى غيرهم ممن صدق بالنبوة الخاتمة .
ينبغي القول إن الشيعة كانت قد وضعت المعصومين من ال البيتفي موضع الإفتاء نظرا للتنصيب الإلهي لهم باعتبارهم حجج له على خلقه ، فرجوع الشيعةأليهم في الفتيا كان لهذا السبب، حيث ان ولايتهم وحكومتهم صرح بها القرآن والرسولليكون لهم منها حق إفتاء الناس في دينهم .
فمن تكون له دعوى حق الفتيا وجب عليه إثبات مشروعية هذاالحق ومن أين تأتى له .
أما فقهاء الشيعةفقد تصدوا إلى موضوع الإفتاء أولا وقبلت الشيعة منهم ثانيا وذلك لرخصة صاحب الأمروالحكومة بإرجاع أشياعه الى الفقهاء من أتباعه ، وبالتالي إن اخذ الشيعة للفتيا منالفقيه الشيعي هو امر ولائي من الامام ( 3 ) وليس حقا خاصا بالفقيه ، إذن حتىالفتيا متعلقة بولاية الإمام لابشخص الفقيه .
ولكن السيد الخميني رحمه الله كان قد عكس طريقة العملالشيعية ، من كون الفقيه مستمدا لصلاحياته المحددة بالفتيا والقضاء من ولاية وحكومةالامام المعصوم الى محاولة الفقيه استخدام الفتيا والقضاء للقفز على الولايةوالحكومة المعصومة وصيرورته حاكما بولاية عامة ومطلقة له ما للامام ، وهو مايسمى فيعصرنا بالانقلاب على السلطة الشرعية .
النقطة الثانية : قوله ولكن لماذا يتوقف بعضنا في معنى جملة ( اللهم ارحم خلفائي ) لماذا يظن هذا البعض ان خلافة الرسول محدودة بشخص معين وبماان الائمة كانوا هم خلفاء الرسول فليس لغيرهم من العلماء ان يحكم الناس ويسوسهموليبق المسلمون بلا حاكم شرعي .
اقولان ارتكاز عقيدة الامامة لدى الشيعة تتمحور حول الاعتقاد باهلية شخوص محددين من الالبيت لخلافة النبي في ازمانهم ومحاولة تعميم هذه الفكرة هي ضرب في الصميم لعقيدةالامامة ، وهو موضوع كان قد ابتدأ بشكل عملي بعيد وفاة النبي من قبل طابورالمنافقين ، واذا كنا –نحن الشيعة - بعد الف واربعمائة سنة قد اعدنا الكرة باطلاقالدعوى ذاتها باسلوب جديد ومبتكر ولكنه يعطي نفس النتائج التي اشتهر بها الصحابةالذين استولوا على الحكومة المعصومة أي بقبولنا خلافة غير المعصوم للنبي اقولفلماذا لانتولاهم اذن .
اما قوله : (وبما ان الائمة كانوا هم خلفاء الرسول فليس لغيرهم من العلماء ان يحكم الناسويسوسهم )
اقول وكيف يكون للتابع – الفقيه - سلطة المتبوع –المعصوم - وعلى أي اساس تشيع الفقيه له اذن ، وان كانبالامكان ايجاد سلطة قائمة لخلافة النبي فما بال صاحب الامر- الامام المنتظر- لايفعل ذلك بنفسه الشريفة، اليس الشرط بتوفر الانصار والمؤيدين قد تاتى لمن هو دونهفي قضية ولاية الفقيه حتى اقام حكومة اسلامية .
وقوله : ( وليبق المسلمون بلا حاكم شرعي )
اقول: من اين يستمد هذا الحاكمشرعيته في الحكومة في الوقت الذي كان قد اخذ شرعيته الاساس في الافتاء والقضاء بينالشيعة من الامام المعصوم الذي قال ( انا حجة الله والفقهاء حجتي عليكم ) ، الامامكونه حجة لله كان خليفة الرسول اما الفقيه فهو حجة الامام وضمن معيته .
وان كان بالامكان ايجاد شخوص لهم ولايةوحاكمية ذاتية فلماذا اقتصرنا – نحن الشيعة – على اثني عشر امام فقط بينما كانلإتباع الصحابة مئات وربما آلاف الأئمة الو اجبي الطاعة .
بانتهاء المقالة الثالثة يتم مااردت مناقشته حول الحديثالاول من كتاب الحكومة الاسلامية ، ارجو الله ان اتم مابداته لمتابعة باقي ادلةالسيد الخميني حول الولاية العامة للفقيه ، والان ارجع لاكمال كتاب البعد الخامسالذي ارجو ان يرى النور قريبا .
هامش
( 1) : هناك مباحث اصولية تظهر بشكل اكثروضوحا ازمة علم الاصول المعرفية ولكنها بحاجة الى مصطلحات وتمرس بلغة هذه المناهجالامر الذي لايتوفر لاغلب قرائي .
( 2) : شعار الرضا من ال محمد شعار مزيف اريد به الالتفاف على الامام عن طريق طرحالامامة لرضا عامة الشيعة أي باختيارهم .
( 3) : ان الفقاهة لدى ائمة ال البيت التي عنوها في اتباعهملايتوفر اغلب مصاديقها الان لدى المتصدين للفقاهة ، وهو ما سابينه في موضع اخرانشاء الله .
لذلك وجب ان يكون هذا الامرحاضرا في ذهنية القارئ لان لفظة الفقيه ستتكر كثيرا في هذا المقال .
راجع كتاب التهافت فيما يتعلق بساطةالفقيه ، وكتاب الوصايا الضائعة خصوصا فصل ولاية الفقيه .