ولادة الزهراء ع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ثم الصلاة والسلام على أشرف المرسلين حبيب إله العالمين أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
((السلام عليك يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك، وكنت لما امتحنك به صابرة، ونحن لك أولياء مصدقون ولكل ما أتى به أبوك صلى لله عليه وآله وسلم وأتى به وصيه عليه السلام مسلمون))
مقـدمــه
الحديث عن ولادة الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها ليس كالحديث عن ولادة سائر أبناء آدم، بل ليس كولادة الأنبياء والأوصياء ، إنها حادثة عظيمة وقعت بين السماء والأرض انعكس صداها على العالم العلوي والعالم السفلي وعلى الجبروت والملكوت والمُلك .
فمن الجدير للباحث أن يتعمق في ولادتها عليه السلام لأنَّ هذه الحادثة تحتوي مفاهيم و مطالب عميقة وتعكس فضلها ومنزلتها عند الله تعالى.
والحديث عن ولادة الزهراء عليها السلام يستخلص في ما يلي:
كيفية خلقها قبل آدم، سنة ولادتها ويوم وساعة ولادتها، نطفتها ليست كسائر البشر، وعند معرفة زمن انعقاد هذه النطفة يمكن معرفة زمن ولادتها قبل أو بعد الإسلام، وكيف تمت ولادتها وهل هناك من شهد ولادتها، والحديث عن كرامتها قبل وبعد الولادة ثم نشؤها وترعرعها.
كلُّ هذه التساؤلات قد وردت إجاباتها في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام فعلى ضوئها نقول:
خَلقـها قبـل آدم
ثبت من طريق العقل أن الخلق ليس هو إلاَّ فيضٌ إلهي مجعول على الماهيات المظلمة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وأن أول ما خلق الله هو الواسطة لذلك الفيض وهو أفضل وأحسن ما خلقه سبحانه ، وعند استقراء الأحاديث الشريفة نجد أنَّها تؤكِّد على أنَّ أوَّل ما خلق الله هو:
1-النــور 2-نـوري 3- العقـل 4-المــاء 5-محمد وعترته الهداة المهديين 6-أرواحـنا 7- القـلم
وكلُّها تشير إلى حقيقة واحدة هو "العقل"… فالعقل الأول هو أول ما خلق الله وأوَّل ما تجلَّى ، وهو نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم وسمي بالعقل الأول لاحتوائه على كل الحقائق وهو بنفسه القلم. فماذا يقصد بالقلم؟ لماذا سمي القلم قلما؟
أقول:
إنَّما سمِّي بذلك لأنه يُكتب به وعالم الخلق قد كتب بذلك القلم فهو واسطةُ الفيض بين الغيب و الشهود وإظهار ما في الضمير على صفحة الوجود وفي الزيارة الجامعة:
(بكم فتح الله وبكم يختم)
وتستفاد هذه الحقيقة من الآيات الكثيرة والروايات المتواترة حيث تدل على أن نور النبي محمد وأهل بيته المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين هو أول ما خلق الله سبحانه وتعالى.
وبخصوص نور الزهراء عيها السلام وردت أحاديث منها:
((عن سدير الصيرفي عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خلق نور فاطمة عليها السلام قبل أن يخلق الأرض والسماء))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص4 رواية3).
ويدل الحديث على أن نورها عليها السلام خارج عن إطار الزمان والمكان وبعيد عن كل أمر مكاني وزماني، وهذا ليس من شأن النور الحسِّي بل هو نورٌ إلهي نابع عن إرادته التكوينية، فقد خُلقت الزهراء عليها السلام من نور الله مباشرة قبل أن يُخلق شيء فكانت تحت ساق العرش، طعامها التسبيح والتقديس والتهليل والتحميد ثمَّ خُلق روحها عليها السلام وظهر ذلك الروح في عالم المُلك فهي حوراء إنسية وهذا الأمر من خصوصياتها عليها السلام، فقد ورد في الحديث:
((... قال بعض الناس: يا نبي الله فليست هي إنسية فقال: فاطمة حوراء إنسية قالوا: يا نبي الله وكيف هي حوراء إنسية قال: خلقها الله عز وجل من نوره قبل أن يخلق آدم إذ كانت الأرواح فلما خلق الله عز وجل آدم عرضت على آدم. قيل يا نبي الله وأين كانت فاطمة قال: كانت في حقة تحت ساق العرش قالوا: يا نبي الله فما كان طعامها قال: التسبيح والتقديس والتهليل والتحميد)) (بحار الأنوار ج39 باب1 ص4 رواية3).
نطـفتـها
كيف نشأت نطفة الزهراء عليها السلام وهي نورٌ مودعٌ في شجرة من شجر الجنة؟
من خلال التأمل في الروايات السابقة نجد أن الله عز وجل قد ادّخر نور الزهراء عليها السلام في شجر من شجر الجنة من قبل خلق آدم وإلى نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليودع في صلبه هذه النطفة المباركة وفي حديث عنها عليها السلام .
((... قالت: اعلم يا أبا الحسن أن الله تعالى خلق نوري وكان يسبح الله جل جلاله ثم أودعه شجرة من شجر الجنة فأضاءت فلما دخل أبي الجنة أوحى الله تعالى إليه إلهاماً أن اقتطف الثمرة من تلك الشجرة وأدرها في لهواتك ففعل فأودعني الله سبحانه صلب أبي صلى الله عليه واله ثم أودعني خديجة بنت خويلد))
فلابد من تهيئة هذا الأمر بالصورة التي رتبها سبحانه وتعالى لإيداع هذه النطفة، وحيث أن النطفة تنشأ مما يأكله الإنسان فللمأكولات تأثير في صفاء النطفة، لذا أوحى الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة معراجه باقتطاف ثمرة من الشجرة المودع فيها نور فاطمة عليها السلام وأمره بأكل هذه الثمرة، وفي بعض الروايات أن جبرائيل عليه السلام ناوله الثمرة فتحولت إلى ماء في صلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد ورد في بعض الروايات أن الثمرة هي تفاحة في الجنة أتى بها جبرائيل عليه السلام إلى رسول الله هدية له من الله عز وجل أمره بأكلها، فضمّها رسول الله إلى صدره، وعندما فلقها خرج منها نور ساطع فزع منه وكان نور الزهراء عليها السلام
((فلما خلق الله عز وجل آدم وأخرجني من صلبه وأحب الله عز وجل أن يخرجها من صلبي جعلها تفاحة في الجنة وأتاني بها جبرئيل عليه السلام فقال لي: السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا محمد! قلت: وعليك السلام ورحمة الله حبيبي جبرئيل فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام قلت: منه السلام وإليه يعود السلام قال: يا محمد إن هذه تفاحة أهداها الله عز وجل إليك من الجنة. فأخذتها وضممتها إلى صدري قال: يا محمد يقول الله جل جلاله كلها ففلقتها فرأيت نورا ساطعا وفزعت منه فقال: يا محمد مالك لا تأكل كلها ولا تخف فان ذلك النور للمنصورة في السماء وهي في الأرض فاطمة))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص4 رواية3).
وفي روايات أخرى أن الثمرة هي رطب من الجنة، وهذا الرطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك وأحلى من العسل فعندما تناولها رسول الله تحولت إلى نطفة في صلبه، وبعد ولادتها عليها السلام كانت رائحتها هي رائحة الجنة مما يدل على أن رائحة الإنسان تكون تابعة لنطفته وكيفية نشوءها.
((... عن طاووس اليماني عن ابن عباس قال:…… لما عرج بي إلى السماء الرابعة أذن جبرئيل وأقام ميكائيل……… فلما صرت إلى الحجب أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي فأدخلني الجنة…… ثم تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك وأحلى من العسل فأخذت رطبة فأكلتها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي فلما أن هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ففاطمة حوراء إنسية فإذا اشتقت إلى الجنة شممت رائحة فاطمة عليها السلام.))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص5 رواية4).
انعـقاد نطـفتها قبل أو بعد الإسـلام
((فقالت:... ففعل فأودعني الله سبحانه صلب أبي صلى الله عليه وآله ثم أودعني خديجة بنت خويلد))
في الروايات السابقة ورد أن فاطمة عليها السلام قد خلقها الله قبل أن يخلق آدم فكانت مخلوقة من نور الله ثم أودعها الله في شجرة من الجنة قبل نبوّة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، إلاّ أن هذا النور قد انتقل إلى صلب رسول الله بعد أن اقتطف الثمرة من هذه الشجرة عند عروجه إلى السماء وأكل هذه الثمرة فتحولت إلى نطفة في صلبه ثم انتقلت إلى رحم خديجة عليها السلام لما هبط إلى الأرض، أي أن أصل نطفة الزهراء عليها السلام قد تكونت في ليلة المعراج بعد نزول الرسالة كما جاء في الرواية:
((... عن الهروي عن الرضا عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل عليه السلام فأدخلني الجنة فناولي من رطبها فأكلته فتحول ذلك نطفة في صلبي فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة عليها السلام ففاطمة حوراء إنسية فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة.))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص4 رواية2).
سـنة ولادتـها عليها السـلام
((... عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال: ولدت فاطمة بعد ما أظهر الله نبوة نبيه وأنزل عليه الوحي بخمس سنين وقريش تبني البيت))
جاءت ولادة الزهراء عليها السلام متزامنة مع بناء قريش البيت، فقد وُلدت بعد ما أظهر الله نبوّة نبيّه وأنزل عليه الوحي بخمس سنين، وكان ذلك سنة خمس وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي بعض الروايات أنها وُلدت في السنة الثانية من المبعث، وأما بالنسبة إلى اليوم الذي ولدت فيه عليها السلام فقد ورد الحديث أنَّه:
((ولدت فاطمة عليها السلام في العشرين من جمادى الآخرة يوم الجمعة سنة اثنتين من المبعث وقيل: سنة خمس من المبعث))
خـديجة قبل ولادة الزهـراء عليهما السلام
وقد عاشت أمها خديجة بنت خويلد عليها السلام حالة الغم عندما حضرتها الولادة وذلك لعدم مجيء نساء قريش وبني هاشم لمساعدتها في أمر الولادة، إذ أن من المتعارف عليه في عصر رسول الله هو تكاتف النسوة في أمر الولادة، إلاَّ أن خديجة عليها السلام رغم منزلتها الرفيعة وشأنها العظيم، كانت مُقاطَعة من قبل نسوة مكة بسبب عدم رضا نساء قريش وبني هاشم من تزويجها من الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم.
((فلم تزل خديجة عليها السلام على ذلك إلى أن حضرت ولادتها فوجهت إلى نساء قريش وبني هاشم أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء من النساء فأرسلن إليها: أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك شيئا)) (بحار الأنوار ج39 باب1 ص3 رواية1).
ولكن الأمر الإلهي قد نزل بأن تتم ولادة الزهراء عليها السلام في هذا اليوم بواسطة من يرسلهن الله إلى خديجة، فقد تكفل بأمر الولادة أربع نسوة فعند دخولهن عليها تصورت خديجة أنهن نسوة بني هاشم ففزعت منهن خوفاً ولكنهنَّ قمن بطمأنتها فالتي كانت ناطقة باسم تلك النسوة هي سارة فقالت:
((أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثم أخت موسى بن عمران بعثنا الله إليك لنلي ما تلي النساء من النساء فجلست واحدة عن يمينها وأخرى عن يسارها والثالثة بين يديها والرابعة من خلفها فوضعت فاطمة عليها السلام طاهرة مطهرة.)) (بحار الأنوار ج39 باب1 ص3 رواية1).
فهكذا ولدت الصديقة الزهراء عليها السلام.
سـاعة ولادتـها عليها السـلام
وعلى الرغم من أن ساعة ولادة الزهراء عليها السلام لم تشهدها إلاَّ والدتها والمحيطات بها من رسل الله، ولكن أثر هذه الساعة قد امتد ليعم الكون كله، فقد بزغ نورٌ جديد على وجه الدنيا، هذا النور الذي خلَقه الله من قبل وكأنه كان محفوظاً عند الله ثم سُمح له بالظهور فانكشف وتجلَّى ولم يحجبه حاجب فاستولى على كل الأنوار، فهو نور الزهراء عليها السلام الذي لم يكن من الأنوار الحسيَّة وقد انبثق إلى شرق الأرض وغربها وحتى الملائكة لم تر هذا النور من قبل.
((فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور))
إن ما حدث للزهراء عليها السلام ساعة ولادتها لا يمكن عدّه من الأمور الدنيوية، فالزهراء بعد نزولها للدنيا تعيش الجنّة أيضاً وكأنها جاءت من الجنة إلى الأرض لتظل متصلة بالجنة فتكون حبلاً لمحبيها يصعدون بالتمسك بها إلى عالم القدس، فلو رجعنا للرواية السابقة لوجدنا أن كل ما أُحيط بالزهراء ساعة ولادتها هو من الجنّة ولم يصبها شئٌ من الأمور الدنيوية.
((ودخل عشر من الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق من الجنة وفي الإبريق ماء من الكوثر فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن وأطيب ريحا من المسك والعنبر فلفتها بواحدة وقنعتها بالثانية ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء وأن بعلي سيد الأوصياء وولدي سادة الأسباط ثم سلمت عليهن وسمت كل واحدة منهن باسمها وأقبلن يضحكن إليها وتباشرت الحور العين وبشر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليها السلام وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص3 رواية1).
خدمتها الحور العين وحملن من الجنة إبريقاً وطستاً وغسلوها بماء الكوثر، فالله عز وجل لم يرد للزهراء عليها السلام في ساعة ولادتها أمورا دنيوية حتى في الإبريق والطست، فما بالك بعد ذلك ؟
الحـوادث التي وقعت عند ولادتـها
من الحوادث التي وقعت عند ولادتها عليها السلام بناء قريش للبيت وإشراق نورها الذي هو من نور الله في بيوتات مكة وفي شرق الأرض وغربها، وحدوث نورٌ زاهر جديد في السماء، والإبلاغ بالولاية والإمامة.
ولادتـها بعد الإسـلام
كانت ولادتها عليها السلام بعد الإسلام، حيث تدل الروايات التي ذكرت أن فاطمة عليها السلام وُلدت بعد ظهور النبوة وبعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بخمس سنين، وأن الولادة كانت بعد الإسراء والمعراج، والمعراج كان بعد الرسالة.
مـن كان حاضـراً عند ولادتـها
لم يكن حضور ولادة الزهراء عليها السلام من نصيب نساء قريش وبني هاشم، إذ رفضن دعوة خديجة عليها السلام لهن بالحضور وذلك لمقاطعتهن لها بسبب زواجها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد توقعت خديجة منهن مساعدتها في أمر الولادة حيث أن تكاتف عدد من النسوة لأمر الولادة من الأمور المعروفة في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ولكن أراد الله عز وجل أن لا تتم ولادة الزهراء عليها السلام إلاّ مع نزول المدد الإلهي وإرسال أربع نسوة سمر طوال كأنهن من نساء بني هاشم، وقد تمثلن بهذه الصورة لأن خديجة كانت تأنس بوجود نساء بني هاشم عند الولادة ، هؤلاء النسوة هنَّ آسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران وكلثم أخت موسى بن عمران وسارة كانت هي الناطقة بإسم النسوة حيث عرَّفت خديجة بهن.
(( عن أبى عبد الله الصادق ... فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال كأنهن من نساء بني هاشم ففزعت منهن لما رأتهن فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة فإنّا رسل ربك إليك ونحن أخواتك أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثم أخت موسى بن عمران بعثنا الله إليك لنلي ما تلي النساء من النساء فجلست واحدة عن يمينها وأخرى عن يسارها والثالثة بين يديها والرابعة من خلفها فوضعت فاطمة عليها السلام طاهرة مطهرة.)) (بحار الأنوار ج39 باب1 ص3 رواية1).
وفي روايات أخرى أن النسوة هنَّ حواء وآسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران وكلثم أخت موسى، وقامت كل واحدة منهن بتعريف نفسها لخديجة لتأنس بهن.
((عن خديجة عليها السلام عنها قالت: ... فلما قربت ولادتها دخل عليّ أربع نسوة عليهنّ من الجمال والنور ما لا يوصف، فقالت إحداهنّ: أنا أمك حواء، وقالت الأخرى: أنا آسية بنت مزاحم، وقالت الأخرى: أنا كلثم أخت موسى، وقالت الأخرى: أنا مريم بنت عمران أم عيسى، جئنا لنلي من أمرك ما تلي النساء. فولدت فاطمة، فوقعت على الأرض ساجدة رافعة إصبعها))(ينابيع المودة ص198).
واستمر المدد الإلهي بعد الولادة، إذ دخلن على خديجة عليها السلام عشر من الحور العين تحمل كل منهن إبريقاً وطستاً من الجنة لمساعدة النسوة في خدمة خديجة والزهراء عليهما السلام بعد الولادة.
كيـفية ولادتـها
((... فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور ودخل عشر من الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق من الجنة وفي الإبريق ماء من الكوثر فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن وأطيب ريحا من المسك والعنبر فلفتها بواحدة وقنعتها بالثانية ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين)) (بحار الأنوار ج39 باب1 ص3 رواية1).
اتبع النسوة المرسلين من قبل الباري عز وجل المراسيم المعمول بها في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الجلوس في الجوانب الأربعة والإحاطة بالحامل عند الولادة، حيث جلست واحدة عن يمين خديجة عليها السلام وأخرى عن يسارها والثالثة بين يديها والرابعة من خلفها، فوضعت فاطمة طاهرة مطهرة، ولكن نزول فاطمة عليها السلام إلى الدنيا كان بدون تدخل النسوة فقد سقطت إلى الأرض وبنورها تنوّر الوجود كلّه حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلاّ أشرق فيه ذلك النور.
وتظل الزهراء عليها السلام مرتبطة بالجنة بعد ولادتها، فعند تغسيلها تُغسل بماء الكوثر الذي حملته الحور العين في أباريق من الجنة، فقد تناولت الإبريق المرأة التي بين يدي خديجة عليها السلام وغسلتها، وأخرجت خرقتين بيضاوتين أشد بياضاً من اللبن وأطيب ريحاً من المسك والعنبر فلفّتها بواحدة وقنّعتها بالثانية ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين وهي في المهد.
كرامتـها قبل الـولادة
إن للزهراء عليها السلام قبل ولادتها مكانة أفضل من مكانة الأنبياء عليهم السلام عدا خاتمهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقد خلق الله نورها من نوره قبل أن يخلق آدم عليه السلام وقبل أن يخلق الأرض والسماء، وكان نورها دائم التسبيح لله جل جلاله، وقد أضاء نورها شجرة من الجنة عندما أودع ذلك النور فيها.
ولفاطمة عليها السلام كرامة وهي في بطن أمها وذلك لأنها لم تمر بمراحل نمو الجنين نطفة فمضغة فعلقة بل هي لم تُخلق أطوارا، كما كانت الأنيس لأمها فتحدثّها وتسليها وتصبرها وهي في بطنها.
(( فلما حملت بفاطمة كانت فاطمة عليها السلام تحدثها من بطنها وتصبرها وكانت تكتم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل رسول الله يوما فسمع خديجة تحدث فاطمة عليها السلام فقال لها: يا خديجة من تحدثين قالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني))
كرامتـها بعد الـولادة
أمّا كرامتها بعد الولادة فقد بلغت حدّاً يصعب وصفه، وقد يرجع ذلك لارتباطها بالجنة أو يمكن عدّه من الأسرار الإلهية المكنونة والمستودعة فيها.
فهي عالمة بالغيب لأنها خُلقت من نور الله عز وجل والمودع في شجرة من الجنة فهي تحمل آثار هذه الشجرة، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلما يشتاق إلى الجنة كان يقبل فاطمة عليها السلام فيشم رائحة شجرة طوبى ، في تفسير على بن إبراهيم:
((عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكثر تقبيل فاطمة عليها السلام فأنكرت ذلك عائشة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عائشة إني لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فأدناني جبرئيل من شجرة طوبى وناولني من ثمارها فأكلته فحول الله ذلك ماء في ظهري فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فما قبلتها قط إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها.))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص6 رواية6).
كما أن نورها قد انبثق إلى شرق الأرض وغربها بعد ولادتها وحدث في السماء نورٌ زاهر وهو أول نور يزهر للملائكة بهذه الصورة التي لم ترها من قبل.
((عن حماد بن عيسى عن زرعة بن محمد عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبى عبد الله الصادق عليه السلام: كيف كان ولادة فاطمة عليها السلام فقال:……… فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور…… وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك……))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص3 رواية1).
والزهراء عليها السلام كانت عليمة بمجرد ولادتها، فقد نطقت بالشهادتين وسلَّمت على النسوة الأربعة وسمّت كل واحدةٍ منهن باسمها، فهي لديها علم ما كان.
((ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين…… ثم سلمت عليهن وسمت كل واحدة منهن باسمها…))
وكان لديها رؤية كونية إلهية حيث بلّغت بالتوحيد لله عز وجل ، والنبوّة لأبيها سيد الأنبياء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والولاية لبعلها سيد الأوصياء أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام ، والإمامة لأولادها عليهم السلام ، فهي لديها علم ما يكون.
((وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء وأن بعلي سيد الاوصياء وولدي سادة الأسباط...))
وقد ظهرت آثار هذه الكرامة أيضاً على خديجة عليها السلام، إذ در ثديها بمجرد أن أرضعت الزهراء عليها السلام وتميزت بنموها الخارق عن سائر البشر من الناحية العقلية والروحية.
((…وقالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة بورك فيها وفي نسلها. فتناولتها فرحة مستبشرة وألقمتها ثديها فدر عليها فكانت فاطمة عليها السلام تنمي في اليوم كما ينمي الصبي في الشهر وتنمي في الشهر كما ينمي الصبي في السنة.))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص3 رواية1).
نشـوءها وترعـرعها
وهنا يصعب التساؤل عن نشوءها وترعرعها، فهل هناك نشأة وترعرع لها بعد كل هذه الكرامات التي امتلكتها عليها السلام قبل وبعد الولادة!
فأيُّ مبلغٍ قد بلَغته الزهراء عليها السلام عندما نمت في اليوم كما ينمي الصبي في الشهر ونمت في الشهر كما ينمي الصبي في السنة؟ وعاشت في كنف أبيها منقذ البشرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأقامت معه ثمانِ سنين، وهاجرت معه إلى المدينة وأقامت عشر سنين، وعاشت مع بعلها أمير المؤمنين عليه السلام، ولكنها مكثت بعد وفاة أبيها خمسة وسبعين يوماً وفي روايةٍ أخرى أربعين يوماً.
فكانت الزهراء عليها السلام علامة وآية من قدرة الله سبحانه وتعالى في إبداع مخلوق أنثى يجمع كل الفضائل.
الحمد لله رب العالمين ثم الصلاة والسلام على أشرف المرسلين حبيب إله العالمين أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
((السلام عليك يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك، وكنت لما امتحنك به صابرة، ونحن لك أولياء مصدقون ولكل ما أتى به أبوك صلى لله عليه وآله وسلم وأتى به وصيه عليه السلام مسلمون))
مقـدمــه
الحديث عن ولادة الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها ليس كالحديث عن ولادة سائر أبناء آدم، بل ليس كولادة الأنبياء والأوصياء ، إنها حادثة عظيمة وقعت بين السماء والأرض انعكس صداها على العالم العلوي والعالم السفلي وعلى الجبروت والملكوت والمُلك .
فمن الجدير للباحث أن يتعمق في ولادتها عليه السلام لأنَّ هذه الحادثة تحتوي مفاهيم و مطالب عميقة وتعكس فضلها ومنزلتها عند الله تعالى.
والحديث عن ولادة الزهراء عليها السلام يستخلص في ما يلي:
كيفية خلقها قبل آدم، سنة ولادتها ويوم وساعة ولادتها، نطفتها ليست كسائر البشر، وعند معرفة زمن انعقاد هذه النطفة يمكن معرفة زمن ولادتها قبل أو بعد الإسلام، وكيف تمت ولادتها وهل هناك من شهد ولادتها، والحديث عن كرامتها قبل وبعد الولادة ثم نشؤها وترعرعها.
كلُّ هذه التساؤلات قد وردت إجاباتها في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام فعلى ضوئها نقول:
خَلقـها قبـل آدم
ثبت من طريق العقل أن الخلق ليس هو إلاَّ فيضٌ إلهي مجعول على الماهيات المظلمة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وأن أول ما خلق الله هو الواسطة لذلك الفيض وهو أفضل وأحسن ما خلقه سبحانه ، وعند استقراء الأحاديث الشريفة نجد أنَّها تؤكِّد على أنَّ أوَّل ما خلق الله هو:
1-النــور 2-نـوري 3- العقـل 4-المــاء 5-محمد وعترته الهداة المهديين 6-أرواحـنا 7- القـلم
وكلُّها تشير إلى حقيقة واحدة هو "العقل"… فالعقل الأول هو أول ما خلق الله وأوَّل ما تجلَّى ، وهو نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم وسمي بالعقل الأول لاحتوائه على كل الحقائق وهو بنفسه القلم. فماذا يقصد بالقلم؟ لماذا سمي القلم قلما؟
أقول:
إنَّما سمِّي بذلك لأنه يُكتب به وعالم الخلق قد كتب بذلك القلم فهو واسطةُ الفيض بين الغيب و الشهود وإظهار ما في الضمير على صفحة الوجود وفي الزيارة الجامعة:
(بكم فتح الله وبكم يختم)
وتستفاد هذه الحقيقة من الآيات الكثيرة والروايات المتواترة حيث تدل على أن نور النبي محمد وأهل بيته المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين هو أول ما خلق الله سبحانه وتعالى.
وبخصوص نور الزهراء عيها السلام وردت أحاديث منها:
((عن سدير الصيرفي عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خلق نور فاطمة عليها السلام قبل أن يخلق الأرض والسماء))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص4 رواية3).
ويدل الحديث على أن نورها عليها السلام خارج عن إطار الزمان والمكان وبعيد عن كل أمر مكاني وزماني، وهذا ليس من شأن النور الحسِّي بل هو نورٌ إلهي نابع عن إرادته التكوينية، فقد خُلقت الزهراء عليها السلام من نور الله مباشرة قبل أن يُخلق شيء فكانت تحت ساق العرش، طعامها التسبيح والتقديس والتهليل والتحميد ثمَّ خُلق روحها عليها السلام وظهر ذلك الروح في عالم المُلك فهي حوراء إنسية وهذا الأمر من خصوصياتها عليها السلام، فقد ورد في الحديث:
((... قال بعض الناس: يا نبي الله فليست هي إنسية فقال: فاطمة حوراء إنسية قالوا: يا نبي الله وكيف هي حوراء إنسية قال: خلقها الله عز وجل من نوره قبل أن يخلق آدم إذ كانت الأرواح فلما خلق الله عز وجل آدم عرضت على آدم. قيل يا نبي الله وأين كانت فاطمة قال: كانت في حقة تحت ساق العرش قالوا: يا نبي الله فما كان طعامها قال: التسبيح والتقديس والتهليل والتحميد)) (بحار الأنوار ج39 باب1 ص4 رواية3).
نطـفتـها
كيف نشأت نطفة الزهراء عليها السلام وهي نورٌ مودعٌ في شجرة من شجر الجنة؟
من خلال التأمل في الروايات السابقة نجد أن الله عز وجل قد ادّخر نور الزهراء عليها السلام في شجر من شجر الجنة من قبل خلق آدم وإلى نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليودع في صلبه هذه النطفة المباركة وفي حديث عنها عليها السلام .
((... قالت: اعلم يا أبا الحسن أن الله تعالى خلق نوري وكان يسبح الله جل جلاله ثم أودعه شجرة من شجر الجنة فأضاءت فلما دخل أبي الجنة أوحى الله تعالى إليه إلهاماً أن اقتطف الثمرة من تلك الشجرة وأدرها في لهواتك ففعل فأودعني الله سبحانه صلب أبي صلى الله عليه واله ثم أودعني خديجة بنت خويلد))
فلابد من تهيئة هذا الأمر بالصورة التي رتبها سبحانه وتعالى لإيداع هذه النطفة، وحيث أن النطفة تنشأ مما يأكله الإنسان فللمأكولات تأثير في صفاء النطفة، لذا أوحى الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة معراجه باقتطاف ثمرة من الشجرة المودع فيها نور فاطمة عليها السلام وأمره بأكل هذه الثمرة، وفي بعض الروايات أن جبرائيل عليه السلام ناوله الثمرة فتحولت إلى ماء في صلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد ورد في بعض الروايات أن الثمرة هي تفاحة في الجنة أتى بها جبرائيل عليه السلام إلى رسول الله هدية له من الله عز وجل أمره بأكلها، فضمّها رسول الله إلى صدره، وعندما فلقها خرج منها نور ساطع فزع منه وكان نور الزهراء عليها السلام
((فلما خلق الله عز وجل آدم وأخرجني من صلبه وأحب الله عز وجل أن يخرجها من صلبي جعلها تفاحة في الجنة وأتاني بها جبرئيل عليه السلام فقال لي: السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا محمد! قلت: وعليك السلام ورحمة الله حبيبي جبرئيل فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام قلت: منه السلام وإليه يعود السلام قال: يا محمد إن هذه تفاحة أهداها الله عز وجل إليك من الجنة. فأخذتها وضممتها إلى صدري قال: يا محمد يقول الله جل جلاله كلها ففلقتها فرأيت نورا ساطعا وفزعت منه فقال: يا محمد مالك لا تأكل كلها ولا تخف فان ذلك النور للمنصورة في السماء وهي في الأرض فاطمة))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص4 رواية3).
وفي روايات أخرى أن الثمرة هي رطب من الجنة، وهذا الرطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك وأحلى من العسل فعندما تناولها رسول الله تحولت إلى نطفة في صلبه، وبعد ولادتها عليها السلام كانت رائحتها هي رائحة الجنة مما يدل على أن رائحة الإنسان تكون تابعة لنطفته وكيفية نشوءها.
((... عن طاووس اليماني عن ابن عباس قال:…… لما عرج بي إلى السماء الرابعة أذن جبرئيل وأقام ميكائيل……… فلما صرت إلى الحجب أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي فأدخلني الجنة…… ثم تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك وأحلى من العسل فأخذت رطبة فأكلتها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي فلما أن هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ففاطمة حوراء إنسية فإذا اشتقت إلى الجنة شممت رائحة فاطمة عليها السلام.))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص5 رواية4).
انعـقاد نطـفتها قبل أو بعد الإسـلام
((فقالت:... ففعل فأودعني الله سبحانه صلب أبي صلى الله عليه وآله ثم أودعني خديجة بنت خويلد))
في الروايات السابقة ورد أن فاطمة عليها السلام قد خلقها الله قبل أن يخلق آدم فكانت مخلوقة من نور الله ثم أودعها الله في شجرة من الجنة قبل نبوّة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، إلاّ أن هذا النور قد انتقل إلى صلب رسول الله بعد أن اقتطف الثمرة من هذه الشجرة عند عروجه إلى السماء وأكل هذه الثمرة فتحولت إلى نطفة في صلبه ثم انتقلت إلى رحم خديجة عليها السلام لما هبط إلى الأرض، أي أن أصل نطفة الزهراء عليها السلام قد تكونت في ليلة المعراج بعد نزول الرسالة كما جاء في الرواية:
((... عن الهروي عن الرضا عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل عليه السلام فأدخلني الجنة فناولي من رطبها فأكلته فتحول ذلك نطفة في صلبي فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة عليها السلام ففاطمة حوراء إنسية فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة.))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص4 رواية2).
سـنة ولادتـها عليها السـلام
((... عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال: ولدت فاطمة بعد ما أظهر الله نبوة نبيه وأنزل عليه الوحي بخمس سنين وقريش تبني البيت))
جاءت ولادة الزهراء عليها السلام متزامنة مع بناء قريش البيت، فقد وُلدت بعد ما أظهر الله نبوّة نبيّه وأنزل عليه الوحي بخمس سنين، وكان ذلك سنة خمس وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي بعض الروايات أنها وُلدت في السنة الثانية من المبعث، وأما بالنسبة إلى اليوم الذي ولدت فيه عليها السلام فقد ورد الحديث أنَّه:
((ولدت فاطمة عليها السلام في العشرين من جمادى الآخرة يوم الجمعة سنة اثنتين من المبعث وقيل: سنة خمس من المبعث))
خـديجة قبل ولادة الزهـراء عليهما السلام
وقد عاشت أمها خديجة بنت خويلد عليها السلام حالة الغم عندما حضرتها الولادة وذلك لعدم مجيء نساء قريش وبني هاشم لمساعدتها في أمر الولادة، إذ أن من المتعارف عليه في عصر رسول الله هو تكاتف النسوة في أمر الولادة، إلاَّ أن خديجة عليها السلام رغم منزلتها الرفيعة وشأنها العظيم، كانت مُقاطَعة من قبل نسوة مكة بسبب عدم رضا نساء قريش وبني هاشم من تزويجها من الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم.
((فلم تزل خديجة عليها السلام على ذلك إلى أن حضرت ولادتها فوجهت إلى نساء قريش وبني هاشم أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء من النساء فأرسلن إليها: أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك شيئا)) (بحار الأنوار ج39 باب1 ص3 رواية1).
ولكن الأمر الإلهي قد نزل بأن تتم ولادة الزهراء عليها السلام في هذا اليوم بواسطة من يرسلهن الله إلى خديجة، فقد تكفل بأمر الولادة أربع نسوة فعند دخولهن عليها تصورت خديجة أنهن نسوة بني هاشم ففزعت منهن خوفاً ولكنهنَّ قمن بطمأنتها فالتي كانت ناطقة باسم تلك النسوة هي سارة فقالت:
((أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثم أخت موسى بن عمران بعثنا الله إليك لنلي ما تلي النساء من النساء فجلست واحدة عن يمينها وأخرى عن يسارها والثالثة بين يديها والرابعة من خلفها فوضعت فاطمة عليها السلام طاهرة مطهرة.)) (بحار الأنوار ج39 باب1 ص3 رواية1).
فهكذا ولدت الصديقة الزهراء عليها السلام.
سـاعة ولادتـها عليها السـلام
وعلى الرغم من أن ساعة ولادة الزهراء عليها السلام لم تشهدها إلاَّ والدتها والمحيطات بها من رسل الله، ولكن أثر هذه الساعة قد امتد ليعم الكون كله، فقد بزغ نورٌ جديد على وجه الدنيا، هذا النور الذي خلَقه الله من قبل وكأنه كان محفوظاً عند الله ثم سُمح له بالظهور فانكشف وتجلَّى ولم يحجبه حاجب فاستولى على كل الأنوار، فهو نور الزهراء عليها السلام الذي لم يكن من الأنوار الحسيَّة وقد انبثق إلى شرق الأرض وغربها وحتى الملائكة لم تر هذا النور من قبل.
((فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور))
إن ما حدث للزهراء عليها السلام ساعة ولادتها لا يمكن عدّه من الأمور الدنيوية، فالزهراء بعد نزولها للدنيا تعيش الجنّة أيضاً وكأنها جاءت من الجنة إلى الأرض لتظل متصلة بالجنة فتكون حبلاً لمحبيها يصعدون بالتمسك بها إلى عالم القدس، فلو رجعنا للرواية السابقة لوجدنا أن كل ما أُحيط بالزهراء ساعة ولادتها هو من الجنّة ولم يصبها شئٌ من الأمور الدنيوية.
((ودخل عشر من الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق من الجنة وفي الإبريق ماء من الكوثر فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن وأطيب ريحا من المسك والعنبر فلفتها بواحدة وقنعتها بالثانية ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء وأن بعلي سيد الأوصياء وولدي سادة الأسباط ثم سلمت عليهن وسمت كل واحدة منهن باسمها وأقبلن يضحكن إليها وتباشرت الحور العين وبشر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليها السلام وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص3 رواية1).
خدمتها الحور العين وحملن من الجنة إبريقاً وطستاً وغسلوها بماء الكوثر، فالله عز وجل لم يرد للزهراء عليها السلام في ساعة ولادتها أمورا دنيوية حتى في الإبريق والطست، فما بالك بعد ذلك ؟
الحـوادث التي وقعت عند ولادتـها
من الحوادث التي وقعت عند ولادتها عليها السلام بناء قريش للبيت وإشراق نورها الذي هو من نور الله في بيوتات مكة وفي شرق الأرض وغربها، وحدوث نورٌ زاهر جديد في السماء، والإبلاغ بالولاية والإمامة.
ولادتـها بعد الإسـلام
كانت ولادتها عليها السلام بعد الإسلام، حيث تدل الروايات التي ذكرت أن فاطمة عليها السلام وُلدت بعد ظهور النبوة وبعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بخمس سنين، وأن الولادة كانت بعد الإسراء والمعراج، والمعراج كان بعد الرسالة.
مـن كان حاضـراً عند ولادتـها
لم يكن حضور ولادة الزهراء عليها السلام من نصيب نساء قريش وبني هاشم، إذ رفضن دعوة خديجة عليها السلام لهن بالحضور وذلك لمقاطعتهن لها بسبب زواجها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد توقعت خديجة منهن مساعدتها في أمر الولادة حيث أن تكاتف عدد من النسوة لأمر الولادة من الأمور المعروفة في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ولكن أراد الله عز وجل أن لا تتم ولادة الزهراء عليها السلام إلاّ مع نزول المدد الإلهي وإرسال أربع نسوة سمر طوال كأنهن من نساء بني هاشم، وقد تمثلن بهذه الصورة لأن خديجة كانت تأنس بوجود نساء بني هاشم عند الولادة ، هؤلاء النسوة هنَّ آسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران وكلثم أخت موسى بن عمران وسارة كانت هي الناطقة بإسم النسوة حيث عرَّفت خديجة بهن.
(( عن أبى عبد الله الصادق ... فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال كأنهن من نساء بني هاشم ففزعت منهن لما رأتهن فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة فإنّا رسل ربك إليك ونحن أخواتك أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثم أخت موسى بن عمران بعثنا الله إليك لنلي ما تلي النساء من النساء فجلست واحدة عن يمينها وأخرى عن يسارها والثالثة بين يديها والرابعة من خلفها فوضعت فاطمة عليها السلام طاهرة مطهرة.)) (بحار الأنوار ج39 باب1 ص3 رواية1).
وفي روايات أخرى أن النسوة هنَّ حواء وآسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران وكلثم أخت موسى، وقامت كل واحدة منهن بتعريف نفسها لخديجة لتأنس بهن.
((عن خديجة عليها السلام عنها قالت: ... فلما قربت ولادتها دخل عليّ أربع نسوة عليهنّ من الجمال والنور ما لا يوصف، فقالت إحداهنّ: أنا أمك حواء، وقالت الأخرى: أنا آسية بنت مزاحم، وقالت الأخرى: أنا كلثم أخت موسى، وقالت الأخرى: أنا مريم بنت عمران أم عيسى، جئنا لنلي من أمرك ما تلي النساء. فولدت فاطمة، فوقعت على الأرض ساجدة رافعة إصبعها))(ينابيع المودة ص198).
واستمر المدد الإلهي بعد الولادة، إذ دخلن على خديجة عليها السلام عشر من الحور العين تحمل كل منهن إبريقاً وطستاً من الجنة لمساعدة النسوة في خدمة خديجة والزهراء عليهما السلام بعد الولادة.
كيـفية ولادتـها
((... فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور ودخل عشر من الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق من الجنة وفي الإبريق ماء من الكوثر فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن وأطيب ريحا من المسك والعنبر فلفتها بواحدة وقنعتها بالثانية ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين)) (بحار الأنوار ج39 باب1 ص3 رواية1).
اتبع النسوة المرسلين من قبل الباري عز وجل المراسيم المعمول بها في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الجلوس في الجوانب الأربعة والإحاطة بالحامل عند الولادة، حيث جلست واحدة عن يمين خديجة عليها السلام وأخرى عن يسارها والثالثة بين يديها والرابعة من خلفها، فوضعت فاطمة طاهرة مطهرة، ولكن نزول فاطمة عليها السلام إلى الدنيا كان بدون تدخل النسوة فقد سقطت إلى الأرض وبنورها تنوّر الوجود كلّه حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلاّ أشرق فيه ذلك النور.
وتظل الزهراء عليها السلام مرتبطة بالجنة بعد ولادتها، فعند تغسيلها تُغسل بماء الكوثر الذي حملته الحور العين في أباريق من الجنة، فقد تناولت الإبريق المرأة التي بين يدي خديجة عليها السلام وغسلتها، وأخرجت خرقتين بيضاوتين أشد بياضاً من اللبن وأطيب ريحاً من المسك والعنبر فلفّتها بواحدة وقنّعتها بالثانية ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين وهي في المهد.
كرامتـها قبل الـولادة
إن للزهراء عليها السلام قبل ولادتها مكانة أفضل من مكانة الأنبياء عليهم السلام عدا خاتمهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقد خلق الله نورها من نوره قبل أن يخلق آدم عليه السلام وقبل أن يخلق الأرض والسماء، وكان نورها دائم التسبيح لله جل جلاله، وقد أضاء نورها شجرة من الجنة عندما أودع ذلك النور فيها.
ولفاطمة عليها السلام كرامة وهي في بطن أمها وذلك لأنها لم تمر بمراحل نمو الجنين نطفة فمضغة فعلقة بل هي لم تُخلق أطوارا، كما كانت الأنيس لأمها فتحدثّها وتسليها وتصبرها وهي في بطنها.
(( فلما حملت بفاطمة كانت فاطمة عليها السلام تحدثها من بطنها وتصبرها وكانت تكتم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل رسول الله يوما فسمع خديجة تحدث فاطمة عليها السلام فقال لها: يا خديجة من تحدثين قالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني))
كرامتـها بعد الـولادة
أمّا كرامتها بعد الولادة فقد بلغت حدّاً يصعب وصفه، وقد يرجع ذلك لارتباطها بالجنة أو يمكن عدّه من الأسرار الإلهية المكنونة والمستودعة فيها.
فهي عالمة بالغيب لأنها خُلقت من نور الله عز وجل والمودع في شجرة من الجنة فهي تحمل آثار هذه الشجرة، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلما يشتاق إلى الجنة كان يقبل فاطمة عليها السلام فيشم رائحة شجرة طوبى ، في تفسير على بن إبراهيم:
((عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكثر تقبيل فاطمة عليها السلام فأنكرت ذلك عائشة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عائشة إني لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فأدناني جبرئيل من شجرة طوبى وناولني من ثمارها فأكلته فحول الله ذلك ماء في ظهري فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فما قبلتها قط إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها.))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص6 رواية6).
كما أن نورها قد انبثق إلى شرق الأرض وغربها بعد ولادتها وحدث في السماء نورٌ زاهر وهو أول نور يزهر للملائكة بهذه الصورة التي لم ترها من قبل.
((عن حماد بن عيسى عن زرعة بن محمد عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبى عبد الله الصادق عليه السلام: كيف كان ولادة فاطمة عليها السلام فقال:……… فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور…… وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك……))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص3 رواية1).
والزهراء عليها السلام كانت عليمة بمجرد ولادتها، فقد نطقت بالشهادتين وسلَّمت على النسوة الأربعة وسمّت كل واحدةٍ منهن باسمها، فهي لديها علم ما كان.
((ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين…… ثم سلمت عليهن وسمت كل واحدة منهن باسمها…))
وكان لديها رؤية كونية إلهية حيث بلّغت بالتوحيد لله عز وجل ، والنبوّة لأبيها سيد الأنبياء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والولاية لبعلها سيد الأوصياء أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام ، والإمامة لأولادها عليهم السلام ، فهي لديها علم ما يكون.
((وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء وأن بعلي سيد الاوصياء وولدي سادة الأسباط...))
وقد ظهرت آثار هذه الكرامة أيضاً على خديجة عليها السلام، إذ در ثديها بمجرد أن أرضعت الزهراء عليها السلام وتميزت بنموها الخارق عن سائر البشر من الناحية العقلية والروحية.
((…وقالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة بورك فيها وفي نسلها. فتناولتها فرحة مستبشرة وألقمتها ثديها فدر عليها فكانت فاطمة عليها السلام تنمي في اليوم كما ينمي الصبي في الشهر وتنمي في الشهر كما ينمي الصبي في السنة.))(بحار الأنوار ج39 باب1 ص3 رواية1).
نشـوءها وترعـرعها
وهنا يصعب التساؤل عن نشوءها وترعرعها، فهل هناك نشأة وترعرع لها بعد كل هذه الكرامات التي امتلكتها عليها السلام قبل وبعد الولادة!
فأيُّ مبلغٍ قد بلَغته الزهراء عليها السلام عندما نمت في اليوم كما ينمي الصبي في الشهر ونمت في الشهر كما ينمي الصبي في السنة؟ وعاشت في كنف أبيها منقذ البشرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأقامت معه ثمانِ سنين، وهاجرت معه إلى المدينة وأقامت عشر سنين، وعاشت مع بعلها أمير المؤمنين عليه السلام، ولكنها مكثت بعد وفاة أبيها خمسة وسبعين يوماً وفي روايةٍ أخرى أربعين يوماً.
فكانت الزهراء عليها السلام علامة وآية من قدرة الله سبحانه وتعالى في إبداع مخلوق أنثى يجمع كل الفضائل.
تعليق