إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

ماالمقصود بالوهابي ؟ والسؤال للشيعة والسنة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ماالمقصود بالوهابي ؟ والسؤال للشيعة والسنة

    السلام عليكم اخواني ورحمة الله وبركاته
    كثيرا مااسمع عن الوهابية اريد ان اعرف معناها
    وانا اسألكم وانا من سكان مكة المكرمة ( طبعا وهابي )واريد ان تبصروني هل انا مسلم ام لا ؟ وسأجيبكم حسب عقيدتي وما اقوم به من العبادات 00000
    تحياتي للجميع

  • #2
    الوهابية فرقة خرجت من المذهب الحنبلي ....
    أسوأ مافيها أنها أولت كل آيات القران التي تتحدث عن المشركين والكافرين وسلطتها على رقاب المسلمين
    لا تفرق بين شيعي أو سني

    ولهذا لهم كلمة مشهورة وهي حينما خرج محمد بن عبد الوهاب داعياً يقولون كان الناس في الجزيرة العربية اهل بدع وضلالة فأنقذهم الله بمحمد بن عبد الوهاب ... ركز على كلمة الناس في الجزيرة العربية ولم أقل الشيعة وحدهم فقط...

    الوهابي يعتبر نفسه الوحيد من أهل السنة والجماعة
    بينما إخوانه من بقية المذاهب السنية يعتبرهم فقط من اهل السنة وليست الجماعة....
    وحتى لو كان وصفي غير دقيق فهو يعني أن الوهابي يفرق بين سني وآخر...

    أكثر المصطلحات التي يمارسها الوهابي هي: شرك - بدعة - كفر
    أكثر ما يحارب الوهابي اخوانه من الفرق الاسلامية
    أبعد ما يحارب اليهود....

    في افغانستان المتأذي منهم أهل افغانستان
    في السعودية كل الارهابيين وهابية

    لم نرى يوما ولن نرى وهابي حارب يهودي.....

    تعليق


    • #3


      الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله

      الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه سيدنا وإمامنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله وأصحابه ومن والاه .
      أما بعد : أيها الإخوان الفضلاء ، أيها الأبناء الأعزاء . هذه المحاضرة الموجزة أتقدم بها بين أيديكم تنويرا للأفكار ، وإيضاحا للحقائق ، ونصحا لله ولعباده وأداء لبعض ما يجب علي من الحق نحو المحاضر عنه وهذه المحاضرة عنوانها :
      الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته .
      لما كان الحديث عن المصلحين ، والدعاة والمجددين ، والتذكير بأحوالهم وخصالهم الحميدة ، وأعمالهم المجيدة ، وشرح سيرتهم التي دلت على إخلاصهم ، وعلى صدقهم في دعوتهم وإصلاحهم . وأعمالهم وسيرتهم مما تشتاق إليه النفوس الطيبة ، وترتاح له القلوب ، ويود سماعه كل غيور على الدين ، وكل راغب في الإصلاح ، والدعوة إلى سبيل الحق رأيت أن أتحدث إليكم عن رجل عظيم ومصلح كبير وداعية غيور ، ألا وهو الشيخ الإمام المجدد للإسلام في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر من الهجرة النبوية .
      هو : الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي النجدي ، لقد عرف الناس هذا الإمام ولا سيما علماؤهم ورؤساؤهم وكبراؤهم وأعيانهم في الجزيرة العربية وفي خارجها ، ولقد كتب الناس عنه كتابات كثيرة ما بين موجز وما بين مطول ، ولقد أفرده كثير من الناس بكتابات حتى المستشرقون كتبوا عنه كتابات كثيرة ، وكتب عنه آخرون في أثناء كتاباتهم عن المصلحين وفي أثناء كتاباتهم في التاريخ ، وصفه المنصفون منهم بأنه مصلح عظيم ، وبأنه مجدد للإسلام ، وبأنه على هدى ونور من ربه ، وتعدادهم يشق كثيرا ، من جملتهم المؤلف الكبير أبو بكر الشيخ حسين بن غنام الأحسائي . فقد كتب عن هذا الشيخ . فأجاد وأفاد وذكر دعوته ، وذكر سيرته وذكر غزواته ، وأطنب في ذلك وكتب كثيرا من رسائله واستنباطاته من كتاب الله عز وجل ، ومنهم الشيخ الإمام عثمان بن بشر في كتابه : عنوان المجد ، فقد كتب عن هذا الشيخ ، وعن دعوته ، وعن سيرته ، وعن تاريخ حياته ، وعن غزواته وجهاده ، ومنهم خارج الجزيرة الدكتور أحمد أمين في كتابه : زعماء الإصلاح ، فقد كتب عنه وأنصفه ، ومنهم الشيخ الكبير مسعود عالم الندوي ، فقد كتب عنه وسماه المصلح
      المظلوم وكتب عن سيرته وأجاد في ذلك . وكتب عنه أيضا آخرون ، منهم الشيخ الكبير الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني . فقد كان في زمانه وقد كان على دعوته ، فلما بلغه دعوة الشيخ سر بها وحمد الله عليها .
      وكذلك كتب عنه العلامة الكبير الشيخ محمد بن علي الشوكاني صاحب نيل الأوطار ورثاه بمرثية عظيمة ، وكتب عنه جمع غفير غير هؤلاء يعرفهم القراء والعلماء ، ولأجل كون كثير من الناس قد يخفى عليه حال هذا الإمام وسيرته ودعوته رأيت أن أساهم في بيان حاله وما كان عليه من سيرة حسنة ، ودعوة صالحة ، وجهاد صادق وأن أشرح قليلا مما أعرفه عن هذا الإمام حتى يتبصر في أمره من كان عنده شيء من لبس ، أو شيء من شك في حاله ودعوته ، وما كان عليه .


      ولد هذا الإمام في عام ( 1115 ) هجرية هذا هو المشهور في مولده رحمة الله عليه ، وقيل في عام ( 1111 ) هجرية والمعروف الأول أنه ولد في عام 1115 هجرية على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل التحية .
      وتعلم على أبيه في بلدة العيينة وهذه البلدة هي مسقط رأسه رحمة الله عليه ، وهي قرية معلومة في اليمامة في نجد شمال غرب مدينة الرياض بينها وبين الرياض مسيرة سبعين كيلو مترا تقريبا ، أو ما يقارب ذلك من جهة الغرب . ولد فيها رحمة الله عليه ونشأ نشأة صالحة . وقرأ القرآن مبكرا .
      واجتهد في الدراسة ، والتفقه على أبيه الشيخ عبد الوهاب بن سليمان - وكان فقيها كبيرا وعالما قديرا ، وكان قاضيا في بلدة العيينة - ثم بعد بلوغ الحلم حج وقصد بيت الله الحرام وأخذ عن بعض علماء الحرم الشريف .

      ثم توجه إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، فاجتمع بعلمائها ، وأقام فيها مدة ، وأخذ من عالمين كبيرين مشهورين في المدينة ذلك الوقت ، وهما : الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي ، أصله من المجمعة ، وهو والد الشيخ إبراهيم بن عبد الله صاحب العذب الفائض في علم الفرائض ، وأخذ أيضا عن الشيخ الكبير محمد حياة السندي بالمدينة . هذان العالمان ممن اشتهر أخذ الشيخ عنهما بالمدينة . ولعله أخذ عن غيرهما ممن لا نعرف .
      ورحل الشيخ لطلب العلم إلى العراق فقصد البصرة واجتمع بعلمائها ، وأخذ عنهم ما شاء الله من العلم ، وأظهر الدعوة هناك إلى توحيد الله ودعا الناس إلى السنة ، وأظهر للناس أن الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا دينهم عن كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وناقش وذاكر في ذلك ، وناظر هنالك من العلماء ، واشتهر من مشايخه ، هناك شخص يقال له الشيخ محمد المجموعي ، وقد ثار عليه بعض علماء السوء بالبصرة وحصل عليه وعلى شيخه المذكور بعض الأذى ، فخرج من أجل ذلك وكان من نيته أن يقصد الشام فلم يقدر على ذلك لعدم وجود النفقة الكافية ، فخرج من البصرة إلى الزبير وتوجه من الزبير إلى الأحساء واجتمع بعلمائها وذاكرهم في أشياء من أصول الدين ثم توجه إلى بلاد حريملاء وذلك ( والله أعلم ) في العقد الخامس من القرن الثاني عشر لأن أباه كان قاضيا في العيينة وصار بينه وبين أميرها نزاع فانتقل عنها إلى حريملاء سنة 1139 هجرية فقدم الشيخ محمد على أبيه في حريملاء بعد انتقاله إليها سنة 1139 هجرية ، فيكون قدومه حريملاء في عام 1140 هـ أو بعدها ، واستقر هناك ولم يزل مشتغلا بالعلم والتعليم والدعوة في حريملاء حتى مات والده في عام 1153 هجرية فحصل من بعض أهل حريملاء شر عليه ، وهم بعض السفلة بها أن يفتك به .
      وقيل : إن بعضهم تسور عليه الجدار فعلم بهم بعض الناس فهربوا ، وبعد ذلك ارتحل الشيخ إلى العيينة رحمة الله عليه ، وأسباب غضب هؤلاء السفلة عليه أنه كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، وكان يحث الأمراء على تعزير المجرمين الذين يعتدون على الناس بالسلب والنهب والإيذاء ، ومن جملتهم هؤلاء السفلة الذين يقال لهم : العبيد هناك ، ولما عرفوا من الشيخ أنه ضدهم وأنه لا يرضى بأفعالهم ، وأنه يحرض الأمراء على عقوباتهم ، والحد من شرهم غضبوا وهموا أن يفتكوا به ، فصانه الله وحماه ، ثم انتقل إلى بلدة العيينة وأميرها إذ ذاك عثمان بن محمد بن معمر ، فنزل عليه ورحب به الأمير ، وقال : قم بالدعوة إلى الله ونحن معك وناصروك وأظهر له الخير ، والمحبة والموافقة على ما هو عليه ، فاشتغل الشيخ بالتعليم والإرشاد والدعوة إلى الله عز وجل ، وتوجيه الناس إلى الخير ، والمحبة في الله ، رجالهم ونسائهم ، واشتهر أمره في العيينة وعظم صيته وجاء إليها الناس من القرى المجاورة .
      وفي يوم من الأيام قال الشيخ للأمير عثمان : دعنا نهدم قبة زيد بن الخطاب رضي الله عنه فإنها أسست على غير هدى ، وأن الله جل وعلا لا يرضى بهذا العمل ، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها ، وهذه القبة فتنت الناس وغيرت العقائد ، وحصل بها الشرك فيجب هدمها ، فقال الأمير عثمان لا مانع من ذلك ، فقال الشيخ : إني أخشى أن يثور لها أهل الجبيلة ، والجبيلة قرية هناك قريبة من القبر ، فخرج عثمان ومعه جيش يبلغون 600 مقاتل لهدم القبة ، ومعهم الشيخ رحمة الله عليه فلما قربوا من القبة خرج أهل الجبيلة لما سمعوا بذلك لينصروها ويحموها .
      فلما رأوا الأمير عثمان ومن معه كفوا ورجعوا عن ذلك ، فباشر الشيخ هدمها لإزالتها فأزالها الله عز وجل على يديه رحمة الله عليه .

      ولنذكر نبذة عن حال نجد قبل قيام الشيخ رحمة الله عليه ، وعن أسباب قيامه ، ودعوته :
      كان أهل نجد قبل دعوة الشيخ على حالة لا يرضاها مؤمن ، وكان الشرك الأكبر قد نشأ في نجد وانتشر حتى عبدت القباب وعبدت الأشجار ، والأحجار ، وعبدت الغيران ، وعبد من يدعي بالولاية . وهو من المعتوهين ، وعبد من دون الله أناس يدعون بالولاية ، وهم مجانين مجاذيب لا عقول عندهم ، واشتهر في نجد السحرة والكهنة ، وسؤالهم وتصديقهم وليس هناك منكر إلا من شاء الله ، وغلب على الناس الإقبال على الدنيا وشهواتها ، وقل القائم لله والناصر لدينه وهكذا في الحرمين الشريفين وفي اليمن اشتهر في ذلك الشرك وبناء القباب على القبور ، ودعاء الأولياء والاستغاثة بهم ، وفي اليمن من ذلك الشيء الكثير ، وفي بلدان نجد من ذلك ما لا يحصى ، ما بين قبر وما بين غار ، وبين شجرة وبين مجذوب ، ومجنون يدعى من دون الله ويستغاث به مع الله ، وكذلك مما عرف في نجد واشتهر دعاء الجن والاستغاثة بهم وذبح الذبائح لهم وجعلها في الزوايا من البيوت رجاء نجدتهم ، وخوف شرهم ، فلما رأى الشيخ الإمام هذا الشرك وظهوره في الناس وعدم وجود منكر لذلك وقائم بالدعوة إلى الله في ذلك شمر عن ساعد الجد وصبر على الدعوة وعرف أنه لا بد من جهاد ، وصبر ، وتحمل للأذى . فجد في التعليم والتوجيه والإرشاد وهو في العيينة ، وفي مكاتبة العلماء في ذلك والمذاكرة معهم رجاء أن يقوموا معه في نصرة دين الله ، والمجاهدة في هذا الشرك وهذه الخرافات . فأجاب دعوته كثيرون من علماء نجد وعلماء الحرمين ، وعلماء اليمن ، وغيرهم وكتبوا إليه بالموافقة ، وخالف آخرون وعابوا ما دعا إليه وذموه ونفروا عنه وهم بين أمرين ، ما بين جاهل خرافي لا يعرف دين الله ولا يعرف توحيد الله ، وإنما يعرف ما هو عليه وآباؤه وأجداده من الجهل والضلال والشرك ، والبدع ، والخرافات ، كما قال الله جل وعلا عن أمثال أولئك : { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ }
      وطائفة أخرى ممن ينسبون إلى العلم ردوا عليه عنادا وحسدا لئلا يقوم العامة : ما بالكم لم تنكروا علينا هذا الشيء؟! لماذا جاء ابن عبد الوهاب وصار على الحق وأنتم علماء ولم تنكروا هذا الباطل؟! فحسدوه وخجلوا من العامة ، وأظهروا العناد للحق إيثارا للعاجل على الآجل ، واقتداء باليهود في إيثارهم الدنيا على الآخرة نسأل الله العافية والسلامة .

      أما الشيخ فقد صبر وجد في الدعوة وشجعه من شجعه من العلماء والأعيان في داخل الجزيرة ، وفي خارجها ، وعزم على ذلك ، واستعان بربه عز وجل ، وعكف على الكتب النافعة ودرسها وعكف قبل ذلك على كتاب الله ، وكانت له اليد الطولى في تفسير كتاب الله ، والاستنباط منه ، وعكف على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه ، وجد في ذلك وتبصر فيه حتى أدرك من ذلك ما أعانه الله به وثبته على الحق فشمر عن ساعد الجد ، وصمم على الدعوة وعلى أن ينشرها بين الناس ويكاتب الأمراء والعلماء في ذلك وليكن في ذلك ما يكون ، فحقق الله له الآمال الطيبة ، ونشر به الدعوة ، وأيد به الحق ، وهيأ الله له أنصارا ومساعدين وأعوانا حتى ظهر دين الله وعلت كلمة الله ، فاستمر الشيخ في الدعوة في العيينة بالتعليم والإرشاد ، ثم شمر عن ساعد الجد إلى العمل وإزالة الشرك بالفعل لما رأى الدعوة لم تؤثر في بعض الناس فباشر الدعوة عمليا ليزيل بيده ما تيسر وما أمكن من آثار الشرك .
      فقال الشيخ للأمير عثمان بن معمر : لا بد من هدم هذه القبة على قبر زيد - وزيد بن الخطاب رضي الله عنه هو أخو عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله تعالى عن الجميع ، وكان من جملة الشهداء في قتال مسيلمة الكذاب في عام 12 من الهجرة النبوية ، فكان ممن قتل هناك وبني على قبره قبة فيما يذكرون ، وقد يكون قبر غيره ، لكنه فيما يذكرون أنه قبره - فوافقه عثمان كما تقدم ، وهدمت القبة بحمد الله وزال أثرها إلى اليوم ولله الحمد والمنة ، أماتها جل وعلا لما هدمت عن نية صالحة ، وقصد مستقيم ونصر للحق ، وهناك قبور أخرى منها قبر يقال :
      إنه قبر ضرار بن الأوزر كانت عليه قبة هدمت أيضا ، وهناك مشاهد أخرى أزالها الله عز وجل ، وكانت هناك غيران وأشجار تعبد من دون الله جل وعلا فأزيلت وقضى عليها وحذر الناس عنها .
      والمقصود أن الشيخ استمر رحمة الله عليه على الدعوة قولا وعملا كما تقدم ، ثم إن الشيخ أتته امرأة واعترفت عنده بالزنا عدة مرات ، وسأل عن عقلها فقيل : إنها عاقلة ولا بأس بها ، فلما صممت على الاعتراف ، ولم ترجع عن اعترافها ، ولم تدع إكراها ولا شبهة وكانت محصنة ، أمر الشيخ رحمة الله عليه بأن ترجم فرجمت بأمره حالة كونه قاضيا بالعيينة ، فاشتهر أمره بعد ذلك بهدم القبة وبرجم المرأة وبالدعوة العظيمة إلى الله وهجرة المهاجرين إلى العيينة ، وبلغ أمير الأحساء وتوابعها من بني خالد سليمان بن عريعر الخالدي أمر الشيخ وأنه يدعو إلى الله وأنه يهدم القباب ، وأنه يقيم الحدود فعظم على هذا البدوي أمر الشيخ ، لأن من عادة البادية إلا من هدى الله ، الإقدام على الظلم ، وسفك الدماء ، ونهب الأموال ، وانتهاك الحرمات ، فخاف أن هذا الشيخ يعظم أمره ويزيل سلطان الأمير البدوي ، فكتب إلى عثمان يتوعده ويأمره أن يقتل هذا المطوع الذي عنده في العيينة ، وقال : إن المطوع الذي عندكم بلغنا عنه كذا ، وكذا!! فإما أن تقتله ، وإما أن نقطع عنك خراجك الذي عندنا!! وكان عنده للأمير عثمان خراج من الذهب ، فعظم على عثمان أمر هذا الأمير ، وخاف إن عصاه أن يقطع عنه خراجه أو يحاربه ، فقال للشيخ : إن هذا الأمير كتب إلينا كذا وكذا ، وأنه لا يحسن منا أن نقتلك وإنا نخاف هذا الأمير ولا نستطيع محاربته ، فإذا رأيت أن تخرج عنا فعلت ، فقال له الشيخ : إن الذي أدعو إليه هو دين الله وتحقيق كلمة لا إله إلا الله ، وتحقيق شهادة أن محمدا رسول الله ، فمن تمسك بهذا الدين ونصره وصدق في ذلك نصره الله وأيده وولاه على بلاد أعدائه ، فإن صبرت واستقمت وقبلت هذا الخبر فأبشر فسينصرك الله ويحميك من هذا البدوي وغيره ، وسوف يوليك الله بلاده وعشيرته ، فقال : أيها الشيخ إنا لا نستطيع محاربته ، ولا صبر لنا على مخالفته ، فخرج الشيخ عند ذلك وتحول من العيينة إلى بلاد الدرعية ، جاء إليها ماشيا فيما ذكروا حتى وصل إليها في آخر النهار ، وقد خرج من العيينة في أول النهار ماشيا على الأقدام لم يرحله عثمان ، فدخل على شخص من خيارها في أعلى البلد يقال له : محمد بن سويلم العريني فنزل عليه ، ويقال : إن هذا الرجل خاف من نزوله عليه وضاقت به الأرض بما رحبت ، وخاف من أمير الدرعية محمد بن سعود فطمأنه الشيخ وقال له : أبشر بخير ، وهذا الذي أدعو الناس إليه دين الله ، وسوف يظهره الله ، فبلغ محمد بن سعود خبر الشيخ محمد ، ويقال :
      إن الذي أخبره به زوجته جاء إليها بعض الصالحين وقال لها : أخبري محمدا بهذا الرجل ، وشجعيه على قبول دعوته وحرضيه على مؤازرته ومساعدته وكانت امرأة صالحة طيبة ، فلما دخل عليها محمد بن سعود أمير الدرعية وملحقاتها قالت له : أبشر بهذه الغنيمة العظيمة! هذه غنيمة ساقها الله إليك ، رجل داعية يدعو إلى دين الله ، ويدعو إلى كتاب الله ، يدعو إلى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام يا لها من غنيمة! بادر بقبوله وبادر بنصرته ، ولا تقف في ذلك أبدا ، فقبل الأمير مشورتها ، ثم تردد هل يذهب إليه أو يدعوه إليه؟! فأشير عليه ويقال : إن المرأة أيضا هي التي أشارت عليه مع جماعة من الصالحين وقالوا له : لا ينبغي أن تدعوه إليك ، بل ينبغي أن تقصده في منزله ، وأن تقصده أنت وأن تعظم العلم والداعي إلى الخير ، فأجاب إلى ذلك لما كتب الله له من السعادة والخير رحمة الله عليه وأكرم الله مثواه ، فذهب إلى الشيخ في بيت محمد بن سويلم ، وقصده وسلم عليه وتحدث معه ، وقال له يا شيخ محمد أبشر بالنصرة وأبشر بالأمن وأبشر بالمساعدة ، فقال له الشيخ : وأنت أبشر بالنصرة أيضا والتمكين والعاقبة الحميدة ، هذا دين الله من نصره نصره الله ، ومن أيده أيده الله وسوف تجد آثار ذلك سريعا ، فقال : يا شيخ سأبايعك على دين الله ورسوله وعلى الجهاد في سبيل الله ، ولكنني أخشى إذا أيدناك ونصرناك وأظهرك الله على أعداء الإسلام ، أن تبتغي غير أرضنا ، وأن تنتقل عنا إلى أرض أخرى فقال : لا أبايعك على هذا . . . أبايعك على أن الدم بالدم والهدم بالهدم لا أخرج عن بلادك أبدا ، فبايعه على النصرة وعلى البقاء في البلد وأنه يبقى عند الأمير يساعده ، ويجاهد معه في سبيل الله حتى يظهر دين الله ، وتمت البيعة على ذلك .

      وتوافد الناس إلى الدرعية من كل مكان ، من العيينة ، وعرقة ، ومنفوحة ، والرياض وغير ذلك ، من البلدان المجاورة ، ولم تزل الدرعية موضع هجرة يهاجر إليها الناس من كل مكان ، وتسامع الناس بأخبار الشيخ ، ودروسه في الدرعية ودعوته إلى الله وإرشاده إليه ، فأتوا زرافات ووحدانا .
      فأقام الشيخ بالدرعية معظما مؤيدا محبوبا منصورا ورتب الدروس في الدرعية في العقائد ، وفي القرآن الكريم ، وفي التفسير ، وفي الفقه ، وأصوله ، والحديث ، ومصطلحه ، والعلوم العربية ، والتاريخية ، وغير ذلك من العلوم النافعة ، وتوافد الناس عليه من كل مكان ، وتعلم الناس علمه في الدرعية الشباب وغيرهم ، ورتب للناس دروسا كثيرة للعامة ، والخاصة ، ونشر العلم في الدرعية واستمر على الدعوة

      ثم بدأ بالجهاد وكاتب الناس إلى الدخول في هذا الميدان وإزالة الشرك الذي في بلادهم ، وبدأ بأهل نجد ، وكاتب أمراءها وعلماؤها . كاتب علماء الرياض وأميرها دهام بن دواس ، كاتب علماء الخرج وأمراءها ، وعلماء بلاد الجنوب والقصيم وحائل والوشم ، وسدير وغير ذلك ، ولم يزل يكاتبهم ويكاتب علماءهم وأمراءهم .
      وهكذا علماء الأحساء وعلماء الحرمين الشريفين ، وهكذا علماء الخارج في مصر ، والشام ، والعراق ، والهند ، واليمن ، وغير ذلك ، ولم يزل يكاتب الناس ويقيم الحجج ويذكر الناس ما وقع فيه أكثر الخلق من الشرك والبدع ، وليس معنى هذا أنه ليس هناك أنصار للدين بل هناك أنصار والله جل وعلا قد ضمن لهذا الدين أن لا بد له من ناصر ولا تزال طائفة في هذه الأمة على الحق منصورة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ، فهناك أنصار للحق في أقطار كثيرة .
      ولكن الحديث الآن عن نجد ، فكان فيها من الشر والفساد والشرك والخرافات ما لا يحصيه إلا الله عز وجل . مع أن فيها علماء فيهم خير ، ولكن لم يقدر لهم أن ينشطوا في الدعوة وأن يقوموا بها كما ينبغي ، وهناك أيضا في اليمن وغير اليمن دعاة إلى الحق وأنصار قد عرفوا هذا الشرك وهذه الخرافات ، ولكن لم يقدر الله لدعوتهم النجاح ما قدر لدعوة الشيخ محمد لأسباب كثيرة ،

      منها : عدم تيسر الناصر المساعد لهم .
      ومنها : عدم الصبر لكثير من الدعاة وتحمل الأذى في سبيل الله ،
      ومنها : قلة علوم بعض الدعاة التي يستطيع بها أن يوجه الناس بالأساليب المناسبة ، والعبارات اللائقة ، والحكمة والموعظة الحسنة .
      ومنها : أسباب أخرى غير هذه الأسباب ، وبسبب هذه المكاتبات الكثيرة والرسائل والجهاد اشتهر أمر الشيخ ، وظهر أمر الدعوة ، واتصلت رسائله بالعلماء في داخل الجزيرة ، وفي خارجها . وتأثر بدعوته جمع غفير من الناس في الهند وفي أندونيسيا ، وفي أفغانستان ، وفي أفريقيا وفي المغرب ، وهكذا في مصر ، والشام ، والعراق ، وكان هناك دعاة كثيرون عندهم معرفة بالحق والدعوة إليه فلما بلغتهم دعوة الشيخ زاد نشاطهم ، وزادت قوتهم واشتهروا بالدعوة ولم تزل دعوة الشيخ تشتهر وتظهر بين العالم الإسلامي وغيره ، ثم في هذا العصر الأخير طبعت كتبه ، ورسائله ، وكتب أبنائه ، وأحفاده ، وأنصاره ، وأعوانه من علماء المسلمين في الجزيرة وخارجها ، وكذلك طبعت الكتب في دعوته ، وترجمته ، وأحواله ، وأحوال أنصاره ، حتى اشتهرت بين الناس في غالب الأقطار والأمصار ، ومن المعلوم أن لكل نعمة حاسدا وأن لكل داعي أعداء كثيرين قال الله تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }
      فلما اشتهر الشيخ بالدعوة وكتب الكتابات الكثيرة ، وألف المؤلفات القيمة ، ونشرها في الناس ، وكاتبه العلماء ، ظهر جماعة كثيرون من حساده ، ومن مخالفيه ، وظهر أيضا أعداء آخرون ، وصار أعداؤه وخصومه قسمين :
      قسم عادوه باسم العلم والدين ، وقسم : عادوه باسم السياسة ولكن تستروا بالعلم ، وتستروا باسم الدين ، واستغلوا عداوة من عاداه من العلماء الذين أظهروا عداوته وقالوا : إنه على غير الحق ، وإنه كيت وكيت .


      والشيخ رحمة الله عليه مستمر في الدعوة يزيل الشبه ، ويوضح الدليل ، ويرشد الناس إلى الحقائق على ما هي علي من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وطورا . يقولون : إنه من الخوارج ، وتارة يقولون : يخرق الإجماع ، ويدعي الاجتهاد المطلق ولا يبالي بمن قبله من العلماء والفقهاء وتارة يرمونه بأشياء أخرى وما ذاك إلا من قلة العلم من طائفة منه وطائفة أخرى قلدت غيرها واعتمدت عليها ، وطائفة أخرى خافت على مراكزها فعادته سياسة وتستتر باسم الإسلام والدين واعتمدت على أقوال المخرفين والمضللين .

      والخصوم في الحقيقة ثلاثة أقسام :
      علماء مخرفون يرون الحق باطلا والباطل حقا ، ويعتقدون أن البناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها ،ودعاءها من دون الله والاستغاثة بها وما أشبه ذلك دين وهدى ، ويعتقدون أن من أنكر ذلك فقد أبغض الصالحين ، وأبغض الأولياء ، وهو عدو يجب جهاده .
      وقسم آخر : من المنسوبين للعلم جهلوا حقيقة هذا الرجل ، ولم يعرفوا عنه الحق الذي دعا إليه بل قلدوا غيرهم وصدقوا ما قيل فيه من الخرافيين المضللين ، وظنوا أنهم على هدى فيما نسبوه إليه من بغض الأولياء والأنبياء ، ومن معاداتهم ، وإنكار كراماتهم ، فذموا الشيخ ، وعابوا ونفروا عنه .
      وقسم آخر : خافوا على المناصب والمراتب فعادوه لئلا تمتد أيدي أنصار الدعوة الإسلامية إليهم فتنزلهم عن مراكزهم ، وتستولي على بلادهم ، واستمرت الحرب الكلامية . والمجادلات والمساجلات بين الشيخ وخصومه ، يكاتبهم ويكاتبونه ، ويجادلهم ويرد عليهم ، ويردون عليه ، وهكذا جرى بين أبنائه وأحفاده وأنصاره وبين خصوم الدعوة . حتى اجتمع من ذلك رسائل كثيرة ، وردود جمة ، وقد جمعت هذه الرسائل والفتاوى والردود فبلغت مجلدات ، وقد طبع أكثرها والحمد لله ، واستمر الشيخ في الدعوة والجهاد وساعده الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية ، وجد الأسرة السعودية على ذلك ، ورفعت راية الجهاد وبدأ الجهاد من عام 1158 هـ .
      بدأ الجهاد بالسيف ، وبالكلام والبيان ، والحجة ، والبرهان ، ثم استمرت الدعوة مع الجهاد بالسيف ، ومعلوم أن الداعي إلى الله عز وجل إذا لم يكن لديه قوة تنصر الحق وتنفذه فسرعان ما تخبو دعوته وتنطفي شهرته ، ثم يقل أنصاره .
      ومعلوم ما للسلاح والقوة من الأثر العظيم في نشر الدعوة ، وقمع المعارضين ونصر الحق ، وقمع الباطل ولقد صدق الله العظيم في قوله عز وجل وهو الصادق سبحانه في كل ما يقول : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } فبين سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل بالبينات ، وهي الحجج والبراهين الساطعة التي يوضح الله بها الحق ، ويدفع بها الباطل ، وأنزل مع الرسل الكتاب الذي فيه البيان ، والهدى والإيضاح ، وأنزل معهم الميزان ، وهو العدل الذي ينصف به المظلوم من الظالم ، ويقام به الحق وينشر به الهدى ويعامل الناس على ضوئه بالحق والقسط ، وأنزل الحديد فيه بأس شديد ، فيه قوة وردع وزجر لمن خالف الحق ، فالحديد لمن لم تنفع فيه الحجة وتؤثر فيه البينة ، فهو الملزم بالحق ، وهو القامع للباطل ، ولقد أحسن من قال في مثل هذا :
      وما هو إلا الوحي أوحد مرهف *** تزيل ظباه اخدعي كل مائل
      فهذا دواء الداء من كل جاهل *** وهذا دواء الداء من كل عادل

      فالعاقل ذو الفطرة السليمة ، ينتفع بالبينة ، ويقبل الحق بدليله ، أما الظالم التابع لهواه فلا يردعه إلا السيف ، فجد الشيخ رحمه الله في الدعوة والجهاد ، وساعده أنصاره من آل سعود ، طيب الله ثراهم على ذلك ، واستمروا في الجهاد والدعوة من عام 1158هـ إلى أن توفي الشيخ في عام 1206هـ فاستمر الجهاد والدعوة قريبا من خمسين عاما . جهاد ، ودعوة ، ونضال ، وجدال في الحق ، وإيضاح لما قاله الله ورسوله ، ودعوة إلى دين الله ، وإرشاد إلى ما شرعه رسول الله عليه الصلاة والسلام .
      حتى التزم الناس بالطاعة ، ودخلوا في دين الله ، وهدموا ما عندهم من القباب ، وأزالوا ما لديهم من المساجد المبنية على القبور ، وحكموا الشريعة ، ودانوا بها ، وتركوا ما كانوا عليه من تحكيم سوالف الآباء والأجداد ، وقوانينهم ، ورجعوا إلى الحق .
      وعمرت المساجد بالصلوات ، وحلقات العلم ، وأديت الزكوات ، وصام الناس رمضان ، كما شرع الله عز وجل ، وأمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر ، وساد الأمن في الأمصار ، والقرى ، والطرق ، والبوادي ، ووقف البادية عند حدهم ، ودخلوا في دين الله وقبلوا الحق ، ونشر الشيخ فيهم الدعوة .
      وأرسل الشيخ إليهم المرشدين ، والدعاة في الصحراء والبوادي ، كما أرسل المعلمين ، والمرشدين ، والقضاة إلى البلدان والقرى ، وعم هذا الخير العظيم والهدى المستبين نجدا كلها وانتشر فيها الحق ، وظهر فيها دين الله عز وجل .

      ثم بعد وفاة الشيخ رحمة الله عليه استمر أبناؤه ، وأحفاده ، وتلاميذه ، وأنصاره في الدعوة والجهاد ، وعلى رأس أبنائه الشيخ الإمام عبد الله بن محمد ، والشيخ حسين بن محمد ، والشيخ علي بن محمد ، والشيخ إبراهيم بن محمد ، ومن أحفاده الشيخ عبد الرحمن بن حسن ، والشيخ علي بن حسين ، والشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد وجماعة آخرون ومن تلاميذه أيضا الشيخ حمد بن ناصر بن معمر ، وجمع غفير من علماء الدرعية ، وغيرهم استمروا في الدعوة والجهاد ونشر دين الله تعالى وكتابة الرسائل وتأليفات المؤلفات ، وجهاد أعداء الدين ، وليس بين هؤلاء الدعاة وخصومهم شيء إلا أن هؤلاء دعوا إلى توحيد الله وإخلاص العبادة لله عز وجل ، والاستقامة على ذلك ، وهدم المساجد والقباب التي على القبور ، ودعوا إلى تحكيم الشريعة والاستقامة عليها ودعوا إلى
      الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وإقامة الحدود الشرعية . هذه أسباب النزاع بينهم وبين الناس .

      والخلاصة : أنهم أرشدوا الناس إلى توحيد الله ، وأمروهم بذلك وحذروا الناس من الشرك بالله ومن وسائله وذرائعه ، وألزموا الناس بالشريعة الإسلامية ، ومن أبى واستمر على الشرك بعد الدعوة والبيان ، والإيضاح والحجة ، جاهدوه في الله عز وجل وقصدوه في بلاده حتى يخضع للحق ، وينيب إليه ويلزموه به بالقوة والسيف ، حتى يخضع هو وأهل بلده إلى ذلك .
      وكذلك حذروا الناس من البدع والخرافات ، التي ما أنزل الله بها من سلطان ، كالبناء على القبور ، واتخاذ القباب عليها والتحاكم إلى الطواغيت ، وسؤال السحرة والكهنة ، وتصديقهم وغير ذلك ، فأزال الله ذلك على يدي الشيخ وأنصاره رحمة الله عليهم جميعا . وعمرت المساجد بتدريس الكتاب العظيم والسنة المطهرة ، والتاريخ الإسلامي ، والعلوم العربية النافعة ، وصار الناس في مذاكرة ، وعلم ، وهدى ، ودعوة ، وإرشاد ، وآخرون منهم فيما يتعلق بدنياهم من الزراعة والصناعة وغير ذلك ، علم وعمل ، ودعوة وإرشاد ، ودنيا ودين ، فهو يتعلم ويذاكر ، ومع ذلك يعمل في حقله الزراعي ، أو في صناعته أو تجارته وغير ذلك . فتارة لدينه ، وتارة لدنياه دعاة إلى الله وموجهون
      إلى سبيله ، ومع ذلك يشتغلون بأنواع الصناعة الرائجة في بلادهم ، ويحصلون من ذلك على ما يغنيهم عن خارج بلادهم ، وبعد فراغ الدعاة وآل سعود من نجد امتدت دعوتهم إلى الحرمين ، وجنوب الجزيرة ، كاتبوا علماء الحرمين سابقا ، ولاحقا فلما لم تجد الدعوة واستمر أهل الحرمين على ما هم عليه من تعظيم القباب ، واتخاذها على القبور ، ووجود الشرك عندها ، والسؤال لأربابها ، سار الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بعد وفاة الشيخ بإحدى عشرة سنة توجه إلى الحجاز ، ونازل أهل الطائف ثم قصد أهل مكة وكان أهل الطائف قد توجه إليهم قبل سعود الأمير عثمان بن عبد الرحمن المضايفي ، ونازلهم بقوة أرسلها إليها الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد أمير الدرعية بقوة عظيمة من أهل نجد وغيرهم ، ساعدوه حتى استولى على الطائف ، وأخرج منها أمراء الشريف ، وأظهر فيه الدعوة إلى الله ، وأرشد إلى الحق ، ونهى فيها عن الشرك ، وعبادة ابن عباس ، وغيره مما كان يعبده هناك الجهال ، والسفهاء من أهل الطائف ، ثم توجه الأمير سعود عن أمر أبيه عبد العزيز إلى جهة الحجاز ، وجمعت الجيوش حول مكة .

      فلما عرف شريفها أنه لا بد من التسليم أو الفرار فر إلى جدة . ودخل سعود ومن معه من المسلمين البلاد من غير قتال واستولوا على مكة في فجر 1 من شهر محرم من عام 1218هـ وأظهروا فيها الدعوة إلى دين الله ، وهدموا ما فيها من القباب التي بنيت علي قبر خديجة وغيره ، فأزالوا القباب كلها ، وأظهروا فيها الدعوة إلى توحيد الله عز وجل ، وعينوا فيها العلماء والمدرسين ، والموجهين والمرشدين ، والقضاة الحاكمين بالشريعة .
      ثم بعد مدة وجيزة فتحت المدينة ، واستولى آل سعود على المدينة في عام 1220هـ بعد مكة بنحو سنتين ، واستمر الحرمان في ولاية آل سعود ، وعينوا فيها الموجهين والمرشدين ، وأظهروا في البلاد العدل وتحكيم الشريعة ، والإحسان إلى أهلها ولا سيما فقرائهم ومحاويجهم فأحسنوا إليهم بالأموال ، وواسوهم ، وعلموهم كتاب الله ، وأرشدوهم إلى الخير ، وعظموا العلماء ، وشجعوهم على التعليم ، والإرشاد ولم ينزل الحرمان الشريفان تحت ولاية آل سعود إلى عام 1226هـ ثم بدأت الجيوش المصرية والتركية تتوجه إلى الحجاز لقتال آل سعود وإخراجهم من الحرمين ، لأسباب كثيرة تقدم بعضها ، وهذه الأسباب كما تقدم هي أن أعداءهم ، وحسادهم ، والمخرفين الذين ليس لهم بصيرة ، وبعض السياسيين الذين أرادوا إخماد هذه الدعوة وخافوا منها أن تزيل مراكزهم ، وأن تقضي على أطماعهم ، كذبوا على الشيخ ، وأتباعه ، وأنصاره ، وقالوا إنهم يبغضون الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأنهم يبغضون الأولياء ، وينكرون كراماتهم ، وقالوا إنهم أيضا يقولون كيت وكيت مما يزعمون أنهم ينتقصون به الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وصدق هذا بعض الجهال ، وبعض المغرضين ، وجعلوه سلما للنيل منهم والقتال لهم ، وتشجيع الأتراك والمصريين على حربهم ، فجرى ما جرى من الفتن والقتال - وصار القتال بين الجنود المصرية والتركية ومن معهم وبين آل سعود في نجد ، والحجاز ، سجالا مدة طويلة من عام 1226 هـ إلى عام 1233 هـ سبع سنين كلها قتال ونضال بين قوى الحق وقوى الباطل
      والخلاصة : أن هذا الإمام الذي هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه إنما قام لإظهار دين الله ، وإرشاد الناس إلى توحيد الله ، وإنكار ما أدخل الناس فيه من البدع والخرافات ، وقام أيضا لإلزام الناس بالحق ، وزجرهم عن الباطل ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر .
      هذه خلاصة دعوته رحمة الله تعالى عليه ، وهو في العقيدة على طريقة السلف الصالح يؤمن بالله وبأسمائه ، وصفاته ، ويؤمن بملائكته ، ورسله وكتبه ، وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، وهو على طريقة أئمة الإسلام في توحيد الله ، وإخلاص العبادة له جل وعلا . وفي الإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله سبحانه ، لا يعطل صفات الله ، ولا يشبه الله بخلقه . وفي الإيمان بالبعث ، والنشور ، والجزاء .
      والحساب ، والجنة والنار ، وغير ذلك .
      ويقول في الإيمان ما قاله السلف أنه قول وعمل يزيد وينقص . يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ، كل هذا من عقيدته رحمه الله ، فهو على طريقتهم وعلى عقيدتهم قولا وعملا ، لم يخرج عن طريقتهم البتة ، وليس له في ذلك مذهب خاص ، ولا طريقة خاصة ، بل هو على طريق السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم بإحسان . رضي الله عن الجميع .
      وإنما أظهر ذلك في نجد ، وما حولها ودعا إلى ذلك ثم جاهد عليه من أباه ، وعانده ، وقاتلهم ، حتى ظهر دين الله وانتصر الحق ، وكذلك هو على ما عليه المسلمون من الدعوة إلى الله ، وإنكار الباطل ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ولكن الشيخ وأنصاره يدعون الناس إلى الحق ، ويلزمونهم به ، وينهونهم عن الباطل ، وينكرونه عليهم ، ويزجرونهم عنه حتى يتركوه .

      وكذلك جد في إنكار البدع والخرافات حتى أزالها الله سبحانه بسبب دعوته . فالأسباب الثلاثة المتقدمة آنفا هي أسباب العداوة ، والنزل بينه وبين الناس . وهي :
      أولا : إنكار الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص .
      ثانيا : إنكار البدع ، والخرافات ، كالبناء على القبور واتخاذها مساجد ونحو ذلك كالموالد والطرق التي أحدثتها طوائف المتصوفة .
      ثالثا : أنه يأمر الناس بالمعروف ، ويلزمهم به بالقوة فمن أبى المعروف الذي أوجبه الله عليه ، ألزم به وعزر عليه إذا تركه وينهى الناس عن المنكرات ، ويزجرهم عنها ، ويقيم حدودها ، ويلزم الناس الحق ، ويزجرهم عن الباطل ، وبذلك ظهر الحق ، وانتشر ، وكبت الباطل ، وانقمع ، وسار الناس في سيرة حسنة ، ومنهج قويم في أسواقهم ، وفي مساجدهم ، وفي سائر أحوالهم .
      لا تعرف البدع بينهم ولا يوجد في بلادهم الشرك ، ولا تظهر المنكرات بينهم . بل من شاهد بلادهم وشاهد أحوالهم وما هم عليه ذكر حال السلف الصالح وما كانوا عليه زمن النبي عليه الصلاة والسلام ، وزمن أصحابه ، وزمن أتباعه بإحسان في القرون المفضلة رحمة الله عليهم .
      فالقوم ساروا سيرتهم ، ونهجوا منهجهم ، وصبروا على ذلك ، وجدوا فيه ، وجاهدوا عليه ، فلما حصل بعض التغيير في آخر الزمان بعد وفاة الشيخ محمد بمدة طويلة ووفاة كثير من أبنائه رحمة الله عليهم وكثير من أنصاره حصل بعض التغيير جاء الابتلاء وجاء الامتحان بالدولة التركية ، والدولة المصرية ، مصداق قوله عز وجل :
      { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }
      نسأل الله عز وجل أن يجعل ما أصابهم تكفيرا وتمحيصا من الذنوب ، رفعة وشهادة لمن قتل منهم رضي الله عنهم ورحمهم .

      ولم تزل دعوتهم بحمد الله قائمة منتشرة إلى يومنا هذا فإن الجنود المصرية لما عثت في نجد ، وقتلت من قتلت ، وخربت ما خربت ، لم يمض على ذلك إلا سنوات قليلة ثم قامت الدعوة بعد ذلك وانتشرت ، ونهض بالدعوة بعد ذلك بنحو خمس سنين الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود رحمه الله عليه فنشر الدعوة في نجد وما حولها ، وانتشر العلماء في نجد وأخرج من كان هناك من الأتراك والمصريين أخرجهم من نجد وقراها ، وبلدانها وانتشرت الدعوة بعد ذلك في نجد في عام 1240هـ وكان تخريب الدرعية والقضاء على دولة آل سعود في عام 1233هـ .
      فمكث الناس في نجد في فوضى ، وقتال وفتن بنحو خمس سنين من أربع وثلاثين إلى عام 1239هـ ثم في عام أربعين بعد المائتين وألف اجتمع شمل المسلمين في نجد على الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود ، وظهر الحق وكتب العلماء الرسائل إلى القرى والبلدان ، وشجعوا الناس ودعوهم إلى دين الله وانطفأت الفتن التي بينهم بعد الحروب الطويلة التي حصلت على أيدي المصريين ، وأعوانهم ، وهكذا انطفأت الحروب ، والفتن التي وقعت بينهم على أثر تلك الحروب ، وخمدت
      نارها ، وظهر دين الله ، واشتغل الناس بعد ذلك بالتعليم ، والإرشاد ، والدعوة ، والتوجيه ، حتى عادت المياه إلى مجاريها .

      وعاد الناس إلى أحوالهم ، وما كانوا عليه في عهد الشيخ ، وعهد تلامذته ، وأبنائه ، وأنصاره ، رضي الله عن الجميع ورحمهم ، واستمرت الدعوة من عام 1240هـ إلى يومنا هذا بحمد الله ، ولم يزل يخلف آل سعود بعضهم بعضا ، وآل الشيخ وعلماء نجد بعضهم بعضا فآل سعود يخلف بعضهم بعضا في الإمامة والدعوة إلى الله والجهاد في سبيل الله .
      وهكذا العلماء يخلف بعضهم بعضا في الدعوة إلى الله والإرشاد إليه ، والتوجيه إلى الحق . إلا أن الحرمين بقيا مفصولين عن الدولة السعودية دهرا طويلا ، ثم عادا إليهم في عام 1343هـ ، واستولى على الحرمين الشريفين الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل ابن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود رحمة الله عليه ولم يزالا بحمد الله تحت ولاية هذه الدولة إلى يومنا هذا .

      فلله الحمد ونسأل الله عز وجل أن يصلح البقية الباقية من آل سعود ، ومن آل الشيخ ، ومن علماء المسلمين جميعا في هذه البلاد ، وغيرها وأن يوفقهم جميعا لما يرضيه وأن يصلح علماء المسلمين أينما كانوا وأن ينصر بالجميع الحق ، ويخذل بهم الباطل ، وأن يوفق دعاة الهدى أينما كانوا للقيام بما أوجب الله عليهم ، وأن يهدينا وإياهم صراطه المستقيم ، وأن يعمر الحرمين الشريفين ، وملحقاتهما ، وسائر بلاد المسلمين بالهدى ، ودين الحق ، وبتعظيم كتاب الله ، وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام ، وأن يمن على الجميع بالفقه فيهما ، والتمسك بهما ، والصبر على ذلك ، والثبات عليه ، والتحاكم إليهما ، حتى يلقوا ربهم عز وجل .
      إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير . وهذا آخر ما تيسر بيانه ، والتعريف به ، من حال الشيخ ، ودعوته وأنصاره ، وخصومه والله المستعان ، وعليه الاتكال ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله ، نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله ، وأصحابه ومن

      تعليق


      • #4
        محمد بن عبد الوهاب .. داعية التوحيد د. عبدالكريم عثمان

        هو أبو عبد الله "محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي"، إمام النهضة الإسلامية الحديثة في جزيرة العرب، ومجدد من مجددي الإسلام، وداعية إسلامي كبير، أخذ نفسه أولاً ثم من حوله بما يعتقد أنه الحق، وكافح من أجله وقاسى، حتى قيض الله له النصر.

        ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ونشأ في العيينة سنه 1115من هجرة الرسول، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام. وتلقى العلوم الأولى على يدي والده، وكان يعمل قاضياً للعيينة آنذاك.

        إلى الحجاز
        ثم ارتحل إلى الحجاز لأداء فريضة الحج ولمتابعة علومه وبحوثه، فدرس على أعلام مكة آنذاك، ثم انتقل إلى المدينة فقرأ على فقهائها وخاصة الشيخ "عبد الله بن إبراهيم النجدي" والشيخ "محمد السندي"، ثم قصد إلى البصرة واجتمع إلى عدد من علمائها المعروفين، وهناك اتضحت له معالم الدعوة التي يجب أن يبشر بها، وتبينت له ضخامة المهمة العظيمة التي ألقيت على عاتقه، وارتسمت أمام ناظريه أبعاد المعركة التي سيخوضها مع الطوائف المضّللة من الناس.

        في العصر الذي نشأ فيه إمامنا الجليل كانت عوامل الضعف بدأت تدب في أوصال الدولة الإسلامية، وأخذت الخلافة العثمانية تفقد سيطرتها وتصدرها للأمور، وبرزت الصليبية من جديد تكيد للعالم الإسلامي وتتآمر عليه وتدس له الدسائس.

        وساعد على هذا الضعف انتشار البدع، وتغلب الخرافة، وظهور أنواع من الشرك، فقدسّت القباب والأشجار والأحجار، وانتشر مبتدعو الولاية يزيفون على الناس دينهم، ويبتزون منهم أموالهم، وغلب على الناس الإقبال على الدنيا وقل الناصرون لدين لله، وظهر من بعض السلطات رغبة في تأكيد هذه الاتجاهات.

        وكانت كل هذه المظاهر تفعل فعلها في نفس ذلك الشاب، النقي السريرة، المخلص الطوية، المتوقد حماساً للدفاع عن عقيدة الإسلام ودولته وأمته.

        عناصر دعوته
        وقد أحس الشيخ ببصيرته النافذة، أن تصحيح العقيدة أول الخطوات في دربه الطويل في العمل على إعادة معاني الإسلام، فالإنسان الحق تصنعه العقيدة الحقة، والمجتمع السليم تقيمه المبادئ السليمة.. وهكذا تحددت عناصر دعوته.

        وكانت دعوة الشيخ بسيطة واضحة: تصحيح توحيد الله، إخلاص العبودية له، إنكار الشرك والبدع والخرافات والتوسل غير المشروع، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الاعتقاد بأن الإيمان قول وعمل، الإيمان الحق بالبعث والنشور والجنة والنار، إزالة كل ما يعوق الطريق إلى التوحيد والعبادة الخالصة، تحطيم ما علق بالإسلام من أوهام، ارتشاف الإسلام من معينه الصافي، وأخيراً إقامة الدولة الإسلامية.

        ولم يكن ابن عبد الوهاب إلا مجدداً ما كان عليه السلف الصالح من فهم صحيح للإسلام وسلوك سليم يستقيم مع هذا الفهم، لذلك نجد هذه الدعوة تهز عواطف الشعوب الإسلامية ومشاعرهم هزاً عنيفاً، وبلغ تأثيرها من القوة حداً لم يبلغه تأثير دعوة أخرى منذ عهد بعيد.

        لقد تأثر بها رجال الإصلاح الإسلامي في الهند ومصر والعراق والشام وغيرها، واقتبس كثيراً من مبادئها رجال كان لهم مكانتهم في هذه البلاد، كـ"جمال الدين الأفغاني"، و"محمد عبده"، و"جمال الدين القاسمي"، و"خير الدين التونسي" و"صديق حسن خان"، و"أمير علي".

        في الدرعية
        لم يتراجع إمامنا عن دعوته مع كل ما صادفه من صعوبات وما تحمله في سبيلها من أهوال، فقد كان يصدر عن إيمان عميق بما يدعو إليه واطمئنان كامل إلى نصر الله، حتى قيض الله له أمير الدرعية "محمد بن سعود"، فآزره ونصره وقاتل معه، وكانت هذه سنة أولاده وأحفاده من بعده في نصرة عقيدة التوحيد وحمل راية الإسلام.

        إلا أن خصوم الإسلام من المستعمرين والمستشرقين لم يرق لهم أن تظهر هذه الدعوة الإسلامية الخالصة، فحاولوا أن يحيطوها من أطرافها حتى تحصر في نطاق الجزيرة العربية وتعزل عن باقي أنحاء العالم الإسلامي، وقد نجحت حركة التطويق هذه في بدايتها إلى حد بعيد.

        فقد أطلقوا على الدعوة اسم "الوهابية" لتبدو بمظهر المنتسب إلى شخص، وما هي كذلك؛ لأنها دعوة إسلامية عامة، وادعوا أنها ابتدعت مذهباً جديداً، وآراء لم تكن معروفة في الإسلام، مع أن كل ما دعا إليه محمد بن عبد الوهاب من أصل إسلامي، قال به فقهاء المسلمين، وكل ما نادى به من محاربة البدع والضلالات فله مماثل في المذاهب الإسلامية، أما في الفروع فقد كان الشيخ على مذهب الإمام "أحمد بن حنبل".

        وبلغ من قدرة الاستعمار على تمويه الأشياء، أنه حتى يقضي على بعض الحركات الإسلامية التحريرية في الهند، ادعى أنها "وهابية" وكان مهد لذلك بنشر صورة غير صحيحة عن دعوة "محمد بن عبد الوهاب"، وذلك ليستحل المسلمون قتال هذه الحركات!

        لكن ذلك لم يجد أعداء الحق شيئاً، فقد زالت الحدود، وتحطمت الأسوار، وتفككت أطواق العزلة، وبدت حركة الشيخ في كل بلد إسلامي على صفائها ونقائها: دعوة إسلامية خالصة للإسلام.

        توفي محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ في عام 1206هـ. وقد خلف مؤلفات عديدة، منها: كتاب التوحيد، كشف الشبهات، تفسير الفاتحة، أصول الإيمان، المسائل التي خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية، فضل الإسلام، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. رحمه

        تعليق


        • #5
          ما قيل في الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله 6 ـ قال علامة العراق السيد محمود شكري الآلوسى رحمه الله في آخر تاريخه لنجد

          كان الشيخ محمد من بيت علم في نواحي نجد ، وكان أبوه الشيخ عبد الوهاب عالماً فقيهاً على مذهب الإمام أحمد ، وكان قاضياً في بلد العيينة ، ثم في حريملاء ، وذلك في أوائل القرن عشر ، وله معرفة تامة بالحديث والفقه ، وله أسئلة وأجوبة .
          وكان والد عبد الوهاب ، الشيخ سليمان ، عالماً فقيهاً ، أعلم علماء نجد في عصره ، له اليد الطولي في العلم ، وانتهت إليه رياسة العلم في نجد صنَّف ودرَّس وأفتى .
          إلا أن الشيخ محمداً لم يكن على طريقة أبيه وجده ، وكان شديد التعصب للسنة ، كثير الإنكار على من خالف الحق من العلماء.
          والحاصل أنه كان من العلماء الآمرين بالمعروف،والناهين عن المنكر،وكان يعلم الناس الصلاة وأحكامها، وسائر أركان الدين ، ويأمر بالجماعات :

          وقد جد في تعليم الناس،وحثهم على الطاعة وأمرهم بتعلم أصول الإسلام وشرائطه وسائر أحكام الدين، وأمر جميع أهل البلاد بالمذاكرة في المساجد كل يوم بعد الصلاة الصبح ، وبين العشائين ، بمعرفة الله، ومعرفة دين الإسلام ، ومعرفة أركانه ، ومعرفة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ونسبة ومبعثه وهجرته.
          وأول ما دعا إليه كلمة التوحيد ، وسائر العبادات التي لا تنبغي إلا الله ، كالدعاء ، والذبح ، والنذر ، والخوف ، والرجاء ، والخشية ، والرغبة ، والتوكل ، والأنابة ، وغير ذلك .
          فلم يبق أحد من عوام أهل نجد ، جاهلاً بأحكام دين الإسلام بل كلهم تعلموا ذلك ، بعد أن كانوا جاهلين ، إلا الخواص منهم .
          وانتفع الناس به من هذه الجهة الحميدة أي سيرته المرضية وإرشاده النافع انتهى .

          7 ـ الأمير شكيب أرسلان في الجزء الرابع من حاضر العالم الإسلامي تحت عنوان ( تاريخ نجد الحديث ) ذكر ولادة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
          ثم قال : طلب محمد بن عبد الوهاب العلم في دمشق (1) ورحل إلى بغداد والبصرة ، وتشرب مبادئ الحافظ حجة الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، وابن عروة الحنبلي ، وغيرهم من فحول أئمة الحنابلة ، وأخذ يفكر في إعادة الإسلام لنقاوته الأولى ،فلذلك،الوهابية يسمون مذهبهم عقيدة السلف (2) ومن هناك أنكر الاعتقاد بالأولياء وزيارة القبور (3) والاستغاثة بغير الله ، وغير ذلك مما جعله من باب الشرك واستشهد على صحة آرائه بالآيات القرآنية والأحاديث المصطفوية ، ولا أظنه أورد ثمة شيئاً غير ما أورده ابن تيمية . انتهى .
          -----------------
          [1] - أراد الذهاب إلى الشام ، فقلت نفقته فرجع من بغداد .
          [2] - نعم ولهم الحق لأنهم لم يخالفوا السلف قيد أنملة ، وكتبهم ناطقة بذلك .
          [3] - لم ينكر الزيارة المطلوبة شرعاً المقصود بها تذكر الإنسان الموت والدار الآخرة والدعاء للمقبور : وإنما أنكر الزيارة البدعية المشتملة على الإشراك ، كالاستغاثة ، أو وسائل الشرك كالصلاة لله عند القبور والدعاء عندها .


          المصدر كتاب : الشيخ محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه

          تعليق


          • #6
            عقيدة الشيخ الإمام المجدد العالم الربّاني:
            الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، فصل وبين وقرر صراطاً مستقيماً ومنهجاً، ونصب ووضح من براهين معرفته وتوحيده سلطاناً مبيناً وحججاً، أحمده سبحانه حمد عبد جعل له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا.
            وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له، شهادة ترفع الصادقين إلى منازل المقربين درجا، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي وضع الله برسالته عن المكلفين آصاراً وأغلالاً وحرجاً .

            1- بيان مجمل عقيدته رحمه الله
            أشهد الله ومن حضرني من الملائكة، وأشهدكم أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة، وما عليه أئمة المسلمين من الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره وأنا والحمد لله متبع ولست بمبتدع .

            2- قوله رحمه الله في الإيمان بالله
            وأعتقد أن الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان ومحله بإجماع السلف القلب والجوارح جميعاً كما ذكر الله تعالى في سورة الأنفال وغيرها . والإيمان الذي في القلب والذي في الجوارح يزيد وينقص يزيد بالأعمال الصالحة وينقص بضدها، وهو بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لاإله إلا الله وأدناه إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان، وأركانه ستة: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره .
            والإيمان بالله هو أن تعتقد أن الله هو الإله المعبود (بحق) وحده دون من سواه، وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله، وتنفيها عن كل معبود سواه، وتحب أهل الإخلاص وتواليهم، وتبغض أهل الشرك وتعاديهم. ولا يحصل الإيمان لأحد حتى يكون هواه تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وللإيمان حلاوة قد يجدها الإنسان وقد لايجدها، وهو يتجزأ، ولا يلزم إذا ذهب بعضه أن يذهب كله، ونفيه لايدل على الخروج من الإسلام.

            3- قوله رحمه الله في كلمة التوحيد وحق الله على العبيد
            إنها - أي كلمة التوحيد - العروة الوثقى، وكلمة التقوى، لايقبل الله من أحد عملاً إلا بها، لاصلاة، ولا صوماً، ولا حجاً، ولا صدقة، ولا من جميع الأعمال الصالحة، إلا بمعرفتها والعمل بها فحقيقة لاإله غلا الله هي إفراده بجميع العبادات وتخصيصه بالقصد والإرادات، ونفيها عما سواه من جميع المعبودات، التي نفتها لاإله إلا الله، وذلك هو الكفر بالطاغوت والإيمان بالله الذي لايبقي في القلب شيئاً لغير الله، ولله إرادة لما حرم الله، ولا كراهة لما به أمر الله.
            فالمراد من هذه الكلمة هو إفراد الله بالتعلق والكفر بما يعبد من دونه والبراءة منه، والمراد منها معناها لامجرد لفظها. ومعناها نفي وإثبات، إثبات، إثبات الألوهية كلها لله وحده، ونفيها عن الأنبياء والصالحين وغيرهم.
            و (لا) هذه النافية للجنس تنفي جميع الآلهة، و (إلا) حرف استثناء يفيد حصر جميع العبادة على الله عز وجل، و (الإله) اسم صفة لكل معبود بحق أو باطل ثم غلب على المعبود بحق وهو الله تعالى، وهو الذي يخلق ويزرق ويدبر الأمور، و (التأله) التعبد، فمن أخلص العبادات لله ولم يشرك فيها غيره فهو الذي شهد أن لاإله إلا الله ومن جعل فيها مع الله غيره فهو المشرك الجاحد لقول لاإله إلا الله. وليس التلفظ بها عاصماً للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لفظها، بل ولا الإقرار بذلك، بل ولا كونه لايدعو إلا الله وحده لاشريك له، بل لايحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله، فإن شك أو توقف لم يحرم ماله ودمه. وإن قالها (أي لاإله إلا الله) وفي قلبه من الإيمان مثقال ذرة فإنه يخرج من النار.

            4- قوله رحمه الله في العلاقة بين الإيمان والإسلام
            إذا ذكر الإسلام وحده دخل فيه الإيمان، وكذلك الإيمان إذا أفراد فيدخل فيه الإسلام. وإذا ذكرا معاً، فالإسلام الأعمال الظاهرة والإيمان الأعمال الباطنة. والإيمان أعلى من الإسلام، فيخرج الإنسان من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرجه من الإسلام إلا الكفر. وحقيقة الأمر أن الإيمان يستلزم الإنسان قطعاً، وأما الإسلام فقد يستلزمه وقد لايستلزمه.

            5- قوله رحمه الله في الإسلام

            الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله. وأصله وقاعدته أمران.
            الأول: الأمر بعبادة الله وحده لاشريك له، والتحريض على ذلك والموالاة فيه، وتكفير من تركه.
            والثاني: الإنذار عن الشرك في عبادة الله، والتغليظ في ذلك، والمعاداة فيه وتكفير من فعله.
            وهو مبني على خمسة أركان. تضمن كل ركن علماً وعملاً فرضاً على كل ذكروأنثى فأهمها وأولاها الشهادتان، وما تضمنتا من النفي والإثبات من حق الله على عبيده ومن حق الرسالة على الأمة ثم الأركان الأربعة إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام. ونواقص الإسلام عشرة:
            الأول: الشرك في عبادة الله وحده لاشريك له، ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو القبر أو القباب.
            الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائل يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم كفر إجماعاً.
            الثالث: من لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم كفر (إجماعاً).
            الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه. أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذي يفضل حكم الطاغوت على حكمه فهو كافر.
            الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفرإجماعاً.
            السادس: من استهزأ بشيء (من دين الرسول صلى الله عليه وسلم (أو ثواب الله) ، أو عقابه كفر.
            السابع: السحر ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر.
            الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين.
            التاسع: من اعتقد أن بعض الناس [ لايجب عليه اتباعه صلى الله عليه وسلم ] . وأنه يسعه الخروج من شريعته كما وسع الخضر الخروج من شريعة موسى عليه السلام فهو كافر.
            العاشر: الإعراض عن دين الله لايتعلمه ولا يعمل به.
            ولا فرق في جميع هذه النواقص بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره، وكلها من أعظم مايكون خطراً، ومن أكثر مايكون وقوعاً، فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه.

            6- قوله رحمه الله في التوحيد
            التوحيد هو إفراد الله سبحانه بالعبادة، وهو دين الرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده، وهو أول واجب على كل ذكر وأنثى، وهو أعظم ماأمر الله به، ولا خلاف أن التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلماً، فإن عرف التوحيد ولم يعمل به فهو كافر معاند كفرعون وإبليس وأمثالهما، وإن عمل بالتوحيد ظاهراً، وهو لايفهمه أو لايعتقده بقلبه فهو منافق، وهو شرمن الكافر الخالص.
            والبحث عن مسائل التوحيد وتعلمها فرض لازم على العالم والجاهل والمحرم والمحل والذكر والأنثى.
            [ وهو ثلاثة أنواع: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات] .


            7-قوله رحمه الله في توحيد الربوبية
            توحيد الربوبية هو أن الله سبحانه متفرد بالخلق والتدبير عن الملائكة والأنبياء وغيرهم، فلا يخلق ولا يرزق ولا يحيى ولا يميت ولا يدبر الأمور إلا الله وحده. وهو: فعل الرب، مثل الخلق والرزق والإحياء والإماتة وإنزال المطر وإنبات النبات وتدبير الأمور.
            وهذا - أي الإقرار بالربوبية - حق لابد منه، لكن لايدخل الرجل في الإسلام [ و ] أكثر الناس مقرون به، وأعظم الكفار كفراً الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهدون به ولم يدخلهم في الإسلام قال تعالى: (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمَّن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون). سورة يونس: 31.
            أما الصبر والرضاء والتسليم والتوكل والإنابة والتفويض والمحبة والخوف والرجاء فمن نتائج توحيد الربوبية، وقد تصدر الإنابة والتوكل من عابد الوثن بسبب معرفته الربوبية


            8- قوله رحمه الله في توحيد الألوهية
            الذي يدخل الرجل في الإسلام هو توحيد الألوهية، وهو معك أيها العبد مثل الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والإنابة والرغبة والرهبة والنذر والاستغاثة وغير ذلك من أنواع العبادة، فلا يدعى ولا يرجى إلا الله وحده لاشريك له ولا يستغاث بغيره ولا يذبح لغيره ولا ينذر لغيره لالملك مقرب ولا لنبي مرسل، ومن أشرك مخلوقاً فيها - أي في العبادة - من ملك مقرب أو نبي مرسل، أو ولي، أو صحابي وغيره، أو صاحب قبر، أو جني أو غيره، أو استغاث به، أو استعان به فيما لايطلب إلا من الله، أو نذر له أو ذبح له، أو توكل عليه أو رجاه أو دعاه دعاء استغاثة أو استعانة، أو جعله واسطة بينه وبين الله لقضاء حاجته أو لجلب نفع، أو كشف ضرب، فقد كفر كفر عباد الأصنام، وهم مخلدون في النار، وإن صاموا وصلوا وعملوا بطاعة الله الليل والنهار، وكذلك من ترشح بشيء من ذلك أو أحب من ترشح له، أو ذب عنه، أو جادل عنه، فقد أشرك شركاً لايغفر، ولا يقبل ولا تصح معه الأعمال الصالحة، ومن فعل ذلك في نبي من الأنبياء أو ولي من الأولياء فقد أشرك بالله، وذلك النبي أو الرجل الصالح بريء ممن أشرك به كتبرء عيسى من النصارى وموسى من اليهود. أما الاستغاثة بالمخلوق أي الحي فيما يقدر عليه فلا ننكرها، فمن أخلص العبادات لله ولم يشرك فيها غيره فهو الذي شهد أن لاإله إلا الله ومن جعل فيها مع الله غيره فهو المشرك الجاحد لقول لاإله إلا الله . ومن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله تعالى فقد اتخذه رباً وإلهاً وأشرك مع الله غيره. وصرف شيء من أنواع العبادة لغير الله كصرف جميعها لأنه سبحانه أغنى الشركاء عن الشرك ولا يقبل من العمل إلا ماكان خالصاً. و (الإله) في كلام العرب هو الذي يقصد للعبادة، وكانوا يقولون: إن الله سبحانه هو إله الآلهة، لكن يجعلون معه آلهة أخرى، مثل: الصالحين والملائكة وغيرهم، يقولون: إن الله يرضى هذا ويشفعون لنا عنده.
            وأما عبادته سبحانه بالإخلاص دائماً في الشدة والرخاء فهي نتيجة توحيد الألوهية، وكذلك الإيمان بالله واليوم الآخر، والإيمان بالكتب والرسل، وغير ذلك.

            9- قوله رحمه الله في توحيد الله بأسمائه وصفاته
            لايستقيم توحيد الربوبية، ولا توحيد الألوهية إلا بالإقرار بالصفات، لكن الكفار أعقل ممن أنكر الصفات، وقد قرأت في كتب أهل العلم من السلف وأتباعهم من الخلف الإجماع على وجوب الإيمان بصفات الله تعالى، وتلقيها بالقبول، وأن من جحد شيئاً منها أو تأول شيئاً من النصوص قد افترى على الله وخالف إجماع أهل العلم.
            ومذهب أهل السلف أنهم لايتكلمون في هذا النوع إلا بما يتكلم الله به ورسوله، فما أثبته الله لنفسه أو أثبته رسوله أثبتوه مثل: الفوقية والاستواء والكلام والمجيء وغير ذلك.
            وما نفاه الله عن نفسه ونفاه عنه رسوله نفوه مثل المثل والند والسمي وغير ذلك، وأما مالا يوجد عن الله ورسوله إثباته ولا نفيه مثل الجوهر والجسم والعرض والجهة وغير ذلك فلا يثبتونه ولا ينفونه، فمن نفاه فهو عند أحمد والسلف مبتدع، ومن أثبته فهو عندهم مبتدع، والواجب عندهم السكوت عن هذا النوع اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
            وأعتقد بما وصف الله به نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، بل أعتقد أن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، وهو الله العلي العظيم القادر، الأول والآخر والباطن والظاهر، عالم الغيب والشهادة المطلع على السرائر والضمائر، خلق فقدر، ودبر فيسر، فكل عبد إلى ماقدر عليه وقضاه صائر، أحاط بكل شيء علماً وهو على كل شيء شهيد، فلا أنفي عنه ماوصف به نفسه، ولا أحرف الكلم عن مواضعه، ولا ألحد في أسمائه وآياته، ولا أكيف، ولا أمثل صفاته تعالى بصفات خلقه لأنه تعالى لاسميّ له، ولا كفؤ له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه، فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً، فنزه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل: وعما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل فقال: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون. وسلام على المرسلين. والحمد لله رب العالمين) ، الصافات: 180- 182 فنقول بإثبات الصفات خلافاً للمعطلة والأشعرية. ومعلوم أن التعطيل ضد التجسيم، وأهل هذا أعداء لأهل هذا والحق وسط بينهما.
            وقد جاء القرآن الكريم: بإثبات صفة الوجه وبالتصريح بذكر اليدين، وأن السماوات في اليد اليمنى والأرضين في الأخرى: وتسميتها الشمال وبإثبات صفة المكر لله، وهو أنه إذا عصاه أو أغضبه أنعم عليه بأشياء يظن بأنها من رضاه عليه، وبالتصريح بأن الله فوق العرش وبغيرها من الصفات.
            ومن جحد شيئاً من الأسماء والصفات فقد عدم الإيمان، وأما معنى قول السلف "أمروها كما جاءت": أي لاتتعرضوا لها بتفسير لاعلم لكم به.

            10- قوله رحمه الله في وجوب إخلاص الدين لله
            راس الأمر عندنا وأساسه إخلاص الدين لله، نقول: مايدعى إلا الله ولا ينذر إلا لله، ولا يذبح القربان إلا لله، ولا يخاف خوف الله إلا من الله فمن جعل من ذلك شيئاً لغير الله، فنقول: هذا الشرك بالله. وإن الله سبحانه بعث محمداً صلى الله عليه وسلم لإخلاص الدين لله، وألا يجعل معه أحدٌ في العبادة والتاله، لاملك، ولا نبي، ولا قبر، ولا حجر، ولا شجر، ولا غير ذلك، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإخلاص وأخبر انه دين الله الذي أرسل به جميع الرسل، وأنه لايقبل من الأعمال إلا الخالص.

            11- قوله رحمه الله في الإحسان
            الإحسان ركن واحد، وهو أن تعبدا، كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

            12- قوله رحمه الله في القرآن الكريم
            وأعتقد أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأنه تكلم به حقيقة، وأنزله على عبده ورسوله وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو كتابه الذي جعله تبياناً لكل شيء وهدى وبشرى للمسلمين، فلا يأتي صاحب باطل بحجة إلاو في القرآن ماينقضها ويبين بطلانها، وهو الهدى، فمن زعم أن القرآن لايقدر على الهدى منه إلا من بلغ رتبة الاجتهاد فقد كذب الله بخبره أنه هدى.
            وكلام الله وكلام رسوله، كله حق يصدق بعضه بعضاً والواجب على المؤمن أن يحسن الظن بكلام الله وكلام رسوله، ويقول كما أمر الله [ كل من عند ربنا ]، آل عمران : 7 فإذا تبين له الحق فليقل به وليعمل به، وإلا فليمسك وليقل: الله ورسوله أعلم(*)، فإن الله تعالى ابتلى الناس بالمتشابه كما ابتلاهم بالمحكم، ليعلم من يقف حيث وقفه الله، ومن يقول على الله بلا علم.
            والذي يسوغ لمثلنا هو طلبُ علم ماأنزله الله على رسوله، ورد ماتنازع فيه المسلمون إليه، فإن علمه الله شيئاً فليقل به وإلا فليمسك، ويقول: الله أعلم، ويجعله من العلم الذي لايعرفه.
            ومن اعتقد عدم صحة حفظ القرآن الكريم من الإسقاط واعتقد ماليس منه أنه منه فقد كفره.
            ومكذب القرآن كافر ليس له إلا السيف وضرب العنق، ومن هزل بشيء فيه ذكرا لله أو القرآن أو الرسول فهو كافر، واعتقاد مايخالف كتاب الله كفر، فمن اعتقد مايخالف كتاب الله فقد كفر.

            13- قوله رحمه الله في الإرادة والمشيئة
            وأؤمن بأن الله فعال لما يريد، ولا يكون شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره، ولا يصدر إلا عن تدبيره .

            14- قوله رحمه الله في المحبة
            إن الله منعم، والمنعم يحب على قدر إنعامه، والمحبة تنقسم إلى أربعة أنواع: محبة شركية وهم الذين قال الله فيهم: ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله) البقرة: 165.
            والمحبة الثانية: حب الباطل وأهله وبغض الحق وأهله، وهذه صفة المنافقين.
            والمحبة الثالثة: طبيعية وهي محبة المال والولد، إذا لم تشغل عن طاعة الله، ولم تعن على محارم الله فهي مباحة.
            والمحبة الرابعة: حب أهل التوحيد، وبغض أهل الشرك، وهي أوثق عرى الإيمان وأعظم مايعبد به العبد ربه.

            15- قوله رحمه الله في العبادة ووجوب صرفها لله
            إن الحنيفية ملة إبراهيم:أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين، وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها. فمن أنواع العبادة التي لاتصلح إلا لله تعالى الدعاء والاستعانة والاستغاثة وذبح القربان والنذر والخوف والرجاء والتوكل والإنابة والمحبة والخشية والرغبة والرهبة والتأله والرجوع والسجود والخشوع والتذلل والتعظيم الذي و من خصائص الإلهية فمن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله تعالى فقد اتخذه رباً وإلها، وهو مشرك كافر، والعبادة لاتسمى عبادة إلا مع التوحيد فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت.

            16- قوله رحمه الله في القضاء والقدر
            وأعتقد فرض الإيمان بالقدر، وإحباط عمل من لم يؤمن به، وبراءته صلى الله عليه وسلم ممن لم يؤمن به، وأن لامحيد لأحد عن القدر المقدور، ولايتجاوز ماخط له في اللوح المسطور. وأن الله تعالى قد علم الأشياء قبل وجودها إجمالاً وتفصيلاً كلية وجزئية، وعلم مايتعلق بها، وقدر في الأزل لكل شيء قدراً ، فلا يزيد ولا ينقص، ولا يتقدم ولا يتأخر، وأنه لايوجد شيء إلا بإرادة الله ومشيئته والله بكل شيء عليم، وما قدر الله يكون وما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وثبت ذلك ببداهة العقل وتواتر النقل، وعلم يقيناً، فمن أنكر هذا البدهي والمتواتر فإن لم يصر كافراً ، فلا أقل من أن يصير فاسقاً .

            17- قوله رحمه الله في القبور وأحكامها
            وأعتقد الإيمان بكل ماأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت، فأؤمن بفتنة القبر، ونعيمه، وسؤال الملكين، الذي علمناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما يسألان عن ثلاث: عن التوحيد، وعن الدين، وعن محمد صلى الله عليه وسلم .
            ونحن نعلم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن يدعو أحداً من الأموات، لا الأنبياء ولا الصالحين، ولا غيرهم، بل نهى عن هذه الأمور كلها وذلك من الشرك الأكبر الذي حرمه الله ورسوله.
            أما بناء القباب على القبر فيجب هدمها، ولا علمت أنه يصل إلى الشرك الأكبر، وكذلك الصلاة عنده، وقصده لأجل الدعاء فكذلك لاأعلمه يصل إلى ذلك، ولكن هذه الأمور من أسباب حدوث الشرك، فيشتد نكير العلماء لذلك.
            وأما النذر له -أي للميت أو القبر- ودعاؤه والخضوع له فهو من الشرك الأكبر.

            18- قوله رحمه الله في البعث والنشور
            وأؤمن بإعادة الأرواح إلى الأجساد، فيقوم الناس لرب العالمين حفاة عراة غرلا فالناس إذا ماتوا يبعثون، ومن كذب بالبعث كفر .

            19- قوله رحمه الله في نصب الموازين وتطاير الكتب
            والناس بعد الموت محاسبون، ومجزيون بأعمالهم فتنصب الموازين، وتوزن بها أعمال العباد فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون، وتنشر الدواوين فآخذٌ كتابه بيمينه، وآخذٌ كتابه بشماله فالميزان يطير بالحبة فلا يحيد، والكتاب يطير فيصير قلادة في الجيد .


            20- قوله رحمه الله في الحوض والصراط
            وأؤمن بحوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعرصة القيامة، ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً .
            وأؤمن بأن الصراط منصوب على شفير جهنم يمر به الناس على قدر أعمالهم، وهو أحدُّ من الحديد .

            21- قوله رحمه الله في الإيمان بالملائكة المكرمين
            من سادات الملائكة جبريل عليه السلام، وهو شديد القوى، وذو مرة (أي خلق حسن وبهاء وسناء)، وله قوة وبأس شديد، وله مكانة ومنزلة عالية رفيعة عند ذي العرش المجيد، وهو مطاع في الملأ الأعلى، ذو أمانة عظيمة، ولهذا كان السفير بين الله وبين رسله وقد كان يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفات متعددة، وقد رآه على صفته التي خلقه الله عليها مرتين، وله ستمائة جناح، وهو الذي ينتهي بالوحي إلى حيث أمره الله .
            ومن ساداتهم ميكائيل عليه السلام، وهو موكل بالقطر والنبات، ومن ساداتهم إسرافيل، وهو أحد حملة العرش، وهو الذي ينفخ في الصور. ومن ساداتهم ملك الموت، ولم يجئ مصرحاً بإسمه في القرآن ولا في الأحاديث الصحيحة، وقد جاء في بعض الآثار تسميته بعزرائيل والله أعلم.
            ومنهم حملة العرش، ومنهم الكروبيون الذين هم حول العرش، وهم مع حملة العرش أشرف الملائكة وهم المقربون.
            ومنهم سكان السماوات السبع يعمرونها عبادة دائمة ليلاً ونهاراً، والظاهر أنهم الذين يتعاقبون إلى البيت المعمور.
            ومنهم موكلون بالجنان مراقبون بيان عداد الكرامات لأهلها وتهيئة الضيافة لساكنيها من ملابس ومآكل ومشارب ومصاغ ومساكن وغير ذلك مما لاعين رأيت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ومنهم الموكلون بالنار (أعاذنا الله منها) وهم الزبانية، ومقدموهم تسعة عشر وخازنها مالك، وهو مقدم على الخزنة. ومنهم الموكلون بحفظ بني آدم. ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد.

            22- قوله رحمه الله في الجنة والنار
            وأؤمن بأن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما اليوم موجودتان، وأنهما لايفنيان، ففي الجنة لأهلها من الكرامات والملابس والمآكل والمشارب والمصاغ والمسكن وغير ذلك مما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
            وأما النار فدار معدوم رجاؤها، محتوم بلاؤها، موحشة مسالكها، مظلمة مهالكها، مخلد أسيرها، مؤبد سعيرها، عال زفيرها، طعام أهلها الزقوم، وشرابهم الحميم، وعذابهم أبداً فيها مقيم، الزبانية تقمعهم، والهاوية تجمعهم، لهم فيها بالويل ضجيج، وللهبها أجيج، أمانيهم فيها الهلاك، وما لهم من أسرها فكاك، إلا من قال لاإله إلا الله وفي قلبه من الإيمان مثقال ذرة، فإنه يخرج منها.

            23- قوله رحمه الله في رؤية المؤمنين ربهم
            وأؤمن أن المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة، كما يرون القمر ليلة البدر، لايضامون في رؤيته فمن قال: لايرى في الآخرة فهو جمي ضال، ومن قال: يُرى في الدنيا بالفؤاد لغيره صلى الله عليه وسلم فهو مبتدع ضال، أما رؤيته صلى الله عليه وسلم بعيني رأسه - في الدنيا - فلم يثبت عنه ولا عن أحد من الصحابة، ولا الأئمة المشهورين، فمن قال: إنه صلى الله عليه وسلم رآه بعينه فهو غالط.

            24- قوله رحمه الله في أنبياء الله ورسله
            أرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين، فاولهم نوح عليه السلام، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ، وكل أمة بعث الله إليها رسولاً من نوح إلى محمد يأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن عبادة الطاغوت. ونقص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كفر. فمن اعتقد في غيرهم كونه أفضل منهم أو مساوياً لهم فقد كفر .


            25- قوله رحمه الله في خاتم رسل الله
            وأؤمن بأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين، بعثه الله إلى الناس كافة، وافترض طاعته على جميع الثقلين الجن والإنس، وأكمل به الدين، فلا خير إلا دل الأمة عليه، ولا شر إلا حذَّرها منه، فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، ولا يحصل الإيمان لأحد حتى يكون هواه تبعاً لما جاء به صلى الله عليه وسلم .
            وكل ماقاله الرسول صلى الله عليه وسلم حق يجب الإتيان به ولو لم يعرف الإنسان معناه، بل يجب على أمته متابعته في الاعتقادات والأقوال والأفعال.
            ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته، ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ماعنه نهى وزجر وأن لايعبد الله إلا بما شرع.
            ومن استحل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد كفر، ومن كذب عليه ولم يستحل ذلك فقد تفسق، ومن كذبه فيما ثبت عنه قطعاً فقد كفر، بلا شك، والجهل في مثل ذلك ليس بعذر، والله أعلم.

            26- قوله رحمه الله في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
            وأتولى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأذكر محاسنهم، وأترضى عنهم وأستغفر لهم، وأكف عن مساويهم، واسكت عما شجر بينهم، وأعتقد فضلهم.
            وقد جاءت الآيات والأحاديث الناصة على أفضلية الصحابة واستقامتهم على الدين.
            وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم مايدل على كمال الصحابة رضي الله عنهم، خصوصاً الخلفاء الراشدين، فإن ماذكر في مدح كل واحد مشهور بل متواتر لأن نقلة ذلك أقوام يستحيل تواطؤهم على الكذب، ويفيد مجموع أخبارهم العلم اليقيني بكمال الصحابة وفضل الخلفاء.
            ومن اعتقد فيهم - أي الصحابة - مايوجب إهانتهم فقد كذّب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به من وجوب إكرامهم وتعظيمهم، ومن كذبه فيما ثبت عنه قطعاً فقد كفر.
            ومن سبهم فقد خالف ماأمر الله به من إكرامهم، ومن اعتقد السوء فيهم كلهم أو جمهورهم فقد كذب الله تعالى فيما أخبر من كمالهم وفضائلهم، ومكذبه كافر.
            ومن سب من رضي الله عنه فقد حارب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن اعتقد أحقية سبه أو إباحته فقد كفر لتكذيبه ماثبت قطعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن سبه من غير اعتقاد حقية سبه أو إباحته فقد تفسق لأن سباب المسلم فسوق، وإن كان ممن لم يتواتر النقل في فضله وكماله فالظاهر أن سبابه فاسق إلا أن يسبه من حيث صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن ذلك كفر، ومن اعتقد فسقهم أو فسق مجموعهم وارتداد معظمهم عن الدين فقد كذب الله تعالى ورسوله فيما أخبرا به من فضائلهم وكمالاتهم المستلزمة لبراءتهم مما يوجبا لفسق والارتداد، ومن كذبهما فيما ثبت قطعاً صدوره عنهما فقد كفر، فإذا فرض ارتداد من أخذ من النبي صلى الله عليه وسلم إلا النفر الذين لايبلغ خبرهم التواتر وقع الشك في القرآن والأحاديث، نعوذ بالله من اعتقاد يوجب هدم الدين، ومعتقدوا هذا أشد ضرراً على الدين من اليهود والنصارى.

            27- قوله رحمه الله في التفضيل بين الصحابة
            وأعتقد أن أفضل أمته صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى، ثم بقية العشرة، ثم أهل بدر، ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان، ثم سائر الصحابة رضي الله عنهم.

            28- قوله رحمه الله في أهل بيت النبوة
            وقد أوجب الله لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس حقوقاً فلا يجوز لمسلم أن يسقط حقهم ويظن أنه من التوحيد، بل هو من الغلو، ونحن ماأنكرنا إلا إكرامهم لأجل إدعاء الألوهية فيهم، أو إكرام المدعي لذلك.

            29- قوله رحمه الله في فضل الصديق وخلافته
            الأحاديث الواردة في صحة خلافة الصديق وبإجماع الصحابة وجمهور الأمة على الحق أكثر من أن تُحصر، وقد بايعه الصحابة رضي الله عنهم حتى أهل البيت كعلي رضي الله عنه، وقد اعتقدها حقاً جمهور الأمة، ومن نسب جمهور الصحابة صلى الله عليه وسلم إلى الفسق والظلم وجعل اجتماعهم على الباطل فقد ازدرى بالنبي صلى الله عليه وسلم وازدراؤهم كفر.
            وقد حكم بعض - أي من اهل العلم - فيمن سب الشيخين بالكفر مطلقاً. والله أعلم.

            30 -قوله رحمه الله في أمهات المؤمنين الطاهرات وذبه عن عرض الصديقة بنت الصديق
            وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء. ومن قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالفاحشة مع اعتقاد أنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنها بقيت في عصمته بعد هذه الفاحشة فقد جاء بكذب ظاهر واكتسب الإثم واستحق العذاب، وظن بالمؤمنين سوءاً وهو كاذب، وأتى بأمر ظنه هيناً وهو عند الله عظيم، واتهم أهل بيت النبوة بالسوء، ومن هذا الاتهام يلزم نقص النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن نقصه فكأنما نقص الله، ومن نقص الله ورسوله فقد كفر وهو بفعله هذا خارج عن أهل الإيمان، ومتبع لخطوات الشيطان، وملعون في الدنيا والآخرة، ومكذب الله في قوله تعالى (الطيبات للطيبين) الآية، ومن كذب الله ففد كفر.
            ومن قذفها مع زعمه أنها لم تكن زوجته، أو لم تبق في عصمته بعد هذه الفاحشة، فإن قلنا: إنه ثبت قطعاً أنها هي المرادة بهذه الآيات وهو الظاهر يلزم من قذفها ماتقدم من القبائح.
            والحاصل أن قذفها كيفما كان يوجب تكذيب الله تعالى في إخباره عن تبرئتها عما يقول القاذف فيها، ومن يقذف الطاهرة الطيبة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين في الدنيا والآخرة كما صح عنه فهو من ضرب عبدالله بن أبي بن سلول رأس المنافقين.

            31- قوله رحمه الله في أولياء الله وكراماتهم
            وأقر بكرامات الأولياء، وما لهم من المكاشفات، إلا أنهم لايستحقون من حق الله تعالى شيئاً ولا يطلب منهم مالا يقدر عليه إلا الله ولا يجحد كرامات الأولياء إلا أهل البدع والضلال.

            32- قوله رحمه الله في الشفاعة
            وأؤمن بشفاعة النبي، وأنه أول شافع وأول مشفع، ولا ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أهل البدع والضلال، وله الشفاعة الكبرى وهي المقام المحمود، والشفاعة كلها لله، والشافع مكرم بالشفاعة، والمشفوع له من رضي قوله وعمله بعد الإذن.
            والشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية وشفاعة مثبتة، فالشفاعة المنفية ماكانت تطلب من غير الله فيما لايقدر عليه إلا الله، والشفاعة المثبتة هي التي تطلب من الله، وتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله، فلا تكون إلا من بعد إذنه، ولا يشفع في أحد إلا من بعد أن يأذن الله فيه، وهو لايرضى إلا التوحيد، وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب كما قال تعالى: ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين) [ النجم: 26 ].
            وقد صح أن الملائكة يشفعون، والأولياء يشفعون، والأفراط يشفعون، ومن جعل بينه وبين الله وسائط يسألهم الشفاعة فقد عبدهم وأشرك بهم.

            33- نفيه رحمه الله شبهة التكفير بالعموم
            وأما القول: إنا نكفر بالعموم فذلك من بهتان الأعداء، الذي يصدون به عن هذا الدين ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم.
            على أن الذي نعتقد، وندين الله به، ونرجو أن يثبتنا عليه في مسألة المسلم إذا أشرك بالله بعد بلوغ الحجة، أو المسلم الذي يفضل هذا على الموحدين، أو يزعم أنه على حق أو غير ذلك من الكفر الصريح الظاهر الذي بينه الله ورسوله وبينه علماء الأمة أنا نؤمن بما جاءنا عن الله وعن رسوله من تكفيره ولو غلط فيه من غلط .
            إننا نكفر من أشرك بالله في إلهيته بعدما نبين له الحجة على بطلان الشرك، وكذلك نكفر من حسنه للناس، أو أقام الشبه الباطلة على إباحته، وكذلك من قام بسيفه دون هذه المشاهد التي يشرك بالله عندها، وقاتل من أنكرها وسعى في إزالتها والله المستعان.
            ولا تظنوا أن الاعتقاد في الصالحين مثل الزنا والسرقة، بل هو عبادة للأصنام من فعله كفر وتبرأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم . ياعباد الله تفكروا وتذكروا، ونكفر من بان له أن التوحيد هو دين الله ورسوله ثم أبغضه، ونفر الناس عنه وجاهد من صدق الرسول فيه، ومن عرف الشرك، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بإنكاره ثم مدحه وحسنه للناس وزعم أن أهله لايخطئون لأنهم السواد الأعظم والداعي لغير الله لاتقبل منه الجزية كما تقبل من اليهود، ولا تنكح نساؤهم كما تنكح نساء اليهود لأنه أغلظ كفراً.
            ونكفر من أقر بدين الله ورسوله ثم عاداه وصد الناس عنه، وكذلك من عبد الأوثان، بعد ماعرف أنها دين للمشركين وزينه للناس، فهذا الذي نكفره.
            ونكفر من عرف دين الرسول ثم بعدما عرفه سبه ونهى الناس عنه، وعادى من فعله.
            وكذا الذي يتكلم بالكفر أو يعمل به خوفاً من نقص مال أو جاه أو مداراة لأحد فهذا أعظم ممن يتكلم بكلمة يمزح بها، ولم يعذر الله من هؤلاء إلا من أكره مع كون قلبه مطمئناً بالإيمان، وأما غير هذا فقد كفر بعد إيمانه، سواء فعله على خوف أو مداراة، أو مشحة بوطنه، أو أهله، أو عشيرته، أو ماله، أو فعله على وجه المزح أو لغير ذلك من الأغراض إلا المكره، ومعلوم أن الإنسان لايكره إلا على الكلام والفعل وأما عقيدة القلب فلا يكره عليها أحد.

            34- قوله رحمه الله في الحكم على المعين
            وإني لا أعتقد كفر من كان عند الله مسلماً، ولا إسلام من كان عنده كافراًن بل أعتقد أن من كان عنده كافراً كافر.
            ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنني أرجو للمسلم وأخاف على المسيء.

            35- قوله رحمه الله في العذر بالجهل حتى تقوم الحجة
            ولا نكفر من عبد الصنم الذي على قبر عبدالقادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما، لأجل جهلهم وعدم من ينبههم ونكفره بعد التعريف إذا عرف وأنكر، والذي يدعي الإسلام وهو يفعل من الشرك الأمور العظام، فإذا عليت عليه آيات الله استكبر عنها فليس هذا بالمسلم، وأما الإنسان الذي يفعلها بجهالة، ولم يتيسر له من ينصحه، ولم يطلب العلم الذي أنزله الله على رسوله، بل أخلد إلى الأرض واتبع هواه فلا أدري ماحاله .
            علماً أن من لم تقم عليه الحجة هو حديث العهد بالإسلام، والذي نشأ ببادية، أو يكون ذلك في مسألة خفية، مثل الصرف والعطف فلا يكفر حتى يعرف.
            وأما أصول الدين التي أوضحها الله في كتابه فإن حجة الله هي القرآن فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة .
            وأكثر الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامهم عليهم.. وقيام الحجة وبلوغها نوع، وفهمهم إياها نوع آخر، وكفرهم ببلوغها إياهم، وإن لم يفهموها نوع آخر.


            25- قوله رحمه الله في خاتم رسل الله
            وأؤمن بأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين، بعثه الله إلى الناس كافة، وافترض طاعته على جميع الثقلين الجن والإنس، وأكمل به الدين، فلا خير إلا دل الأمة عليه، ولا شر إلا حذَّرها منه، فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، ولا يحصل الإيمان لأحد حتى يكون هواه تبعاً لما جاء به صلى الله عليه وسلم .
            وكل ماقاله الرسول صلى الله عليه وسلم حق يجب الإتيان به ولو لم يعرف الإنسان معناه، بل يجب على أمته متابعته في الاعتقادات والأقوال والأفعال.
            ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته، ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ماعنه نهى وزجر وأن لايعبد الله إلا بما شرع.
            ومن استحل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد كفر، ومن كذب عليه ولم يستحل ذلك فقد تفسق، ومن كذبه فيما ثبت عنه قطعاً فقد كفر، بلا شك، والجهل في مثل ذلك ليس بعذر، والله أعلم.

            26- قوله رحمه الله في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
            وأتولى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأذكر محاسنهم، وأترضى عنهم وأستغفر لهم، وأكف عن مساويهم، واسكت عما شجر بينهم، وأعتقد فضلهم.
            وقد جاءت الآيات والأحاديث الناصة على أفضلية الصحابة واستقامتهم على الدين.
            وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم مايدل على كمال الصحابة رضي الله عنهم، خصوصاً الخلفاء الراشدين، فإن ماذكر في مدح كل واحد مشهور بل متواتر لأن نقلة ذلك أقوام يستحيل تواطؤهم على الكذب، ويفيد مجموع أخبارهم العلم اليقيني بكمال الصحابة وفضل الخلفاء.
            ومن اعتقد فيهم - أي الصحابة - مايوجب إهانتهم فقد كذّب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به من وجوب إكرامهم وتعظيمهم، ومن كذبه فيما ثبت عنه قطعاً فقد كفر.
            ومن سبهم فقد خالف ماأمر الله به من إكرامهم، ومن اعتقد السوء فيهم كلهم أو جمهورهم فقد كذب الله تعالى فيما أخبر من كمالهم وفضائلهم، ومكذبه كافر.
            ومن سب من رضي الله عنه فقد حارب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن اعتقد أحقية سبه أو إباحته فقد كفر لتكذيبه ماثبت قطعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن سبه من غير اعتقاد حقية سبه أو إباحته فقد تفسق لأن سباب المسلم فسوق، وإن كان ممن لم يتواتر النقل في فضله وكماله فالظاهر أن سبابه فاسق إلا أن يسبه من حيث صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن ذلك كفر، ومن اعتقد فسقهم أو فسق مجموعهم وارتداد معظمهم عن الدين فقد كذب الله تعالى ورسوله فيما أخبرا به من فضائلهم وكمالاتهم المستلزمة لبراءتهم مما يوجبا لفسق والارتداد، ومن كذبهما فيما ثبت قطعاً صدوره عنهما فقد كفر، فإذا فرض ارتداد من أخذ من النبي صلى الله عليه وسلم إلا النفر الذين لايبلغ خبرهم التواتر وقع الشك في القرآن والأحاديث، نعوذ بالله من اعتقاد يوجب هدم الدين، ومعتقدوا هذا أشد ضرراً على الدين من اليهود والنصارى.

            27- قوله رحمه الله في التفضيل بين الصحابة
            وأعتقد أن أفضل أمته صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى، ثم بقية العشرة، ثم أهل بدر، ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان، ثم سائر الصحابة رضي الله عنهم.

            28- قوله رحمه الله في أهل بيت النبوة
            وقد أوجب الله لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس حقوقاً فلا يجوز لمسلم أن يسقط حقهم ويظن أنه من التوحيد، بل هو من الغلو، ونحن ماأنكرنا إلا إكرامهم لأجل إدعاء الألوهية فيهم، أو إكرام المدعي لذلك.

            29- قوله رحمه الله في فضل الصديق وخلافته
            الأحاديث الواردة في صحة خلافة الصديق وبإجماع الصحابة وجمهور الأمة على الحق أكثر من أن تُحصر، وقد بايعه الصحابة رضي الله عنهم حتى أهل البيت كعلي رضي الله عنه، وقد اعتقدها حقاً جمهور الأمة، ومن نسب جمهور الصحابة صلى الله عليه وسلم إلى الفسق والظلم وجعل اجتماعهم على الباطل فقد ازدرى بالنبي صلى الله عليه وسلم وازدراؤهم كفر.
            وقد حكم بعض - أي من اهل العلم - فيمن سب الشيخين بالكفر مطلقاً. والله أعلم.

            30 -قوله رحمه الله في أمهات المؤمنين الطاهرات وذبه عن عرض الصديقة بنت الصديق
            وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء. ومن قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالفاحشة مع اعتقاد أنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنها بقيت في عصمته بعد هذه الفاحشة فقد جاء بكذب ظاهر واكتسب الإثم واستحق العذاب، وظن بالمؤمنين سوءاً وهو كاذب، وأتى بأمر ظنه هيناً وهو عند الله عظيم، واتهم أهل بيت النبوة بالسوء، ومن هذا الاتهام يلزم نقص النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن نقصه فكأنما نقص الله، ومن نقص الله ورسوله فقد كفر وهو بفعله هذا خارج عن أهل الإيمان، ومتبع لخطوات الشيطان، وملعون في الدنيا والآخرة، ومكذب الله في قوله تعالى (الطيبات للطيبين) الآية، ومن كذب الله ففد كفر.
            ومن قذفها مع زعمه أنها لم تكن زوجته، أو لم تبق في عصمته بعد هذه الفاحشة، فإن قلنا: إنه ثبت قطعاً أنها هي المرادة بهذه الآيات وهو الظاهر يلزم من قذفها ماتقدم من القبائح.
            والحاصل أن قذفها كيفما كان يوجب تكذيب الله تعالى في إخباره عن تبرئتها عما يقول القاذف فيها، ومن يقذف الطاهرة الطيبة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين في الدنيا والآخرة كما صح عنه فهو من ضرب عبدالله بن أبي بن سلول رأس المنافقين.

            31- قوله رحمه الله في أولياء الله وكراماتهم
            وأقر بكرامات الأولياء، وما لهم من المكاشفات، إلا أنهم لايستحقون من حق الله تعالى شيئاً ولا يطلب منهم مالا يقدر عليه إلا الله ولا يجحد كرامات الأولياء إلا أهل البدع والضلال.

            32- قوله رحمه الله في الشفاعة
            وأؤمن بشفاعة النبي، وأنه أول شافع وأول مشفع، ولا ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أهل البدع والضلال، وله الشفاعة الكبرى وهي المقام المحمود، والشفاعة كلها لله، والشافع مكرم بالشفاعة، والمشفوع له من رضي قوله وعمله بعد الإذن.
            والشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية وشفاعة مثبتة، فالشفاعة المنفية ماكانت تطلب من غير الله فيما لايقدر عليه إلا الله، والشفاعة المثبتة هي التي تطلب من الله، وتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله، فلا تكون إلا من بعد إذنه، ولا يشفع في أحد إلا من بعد أن يأذن الله فيه، وهو لايرضى إلا التوحيد، وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب كما قال تعالى: ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين) [ النجم: 26 ].
            وقد صح أن الملائكة يشفعون، والأولياء يشفعون، والأفراط يشفعون، ومن جعل بينه وبين الله وسائط يسألهم الشفاعة فقد عبدهم وأشرك بهم.

            33- نفيه رحمه الله شبهة التكفير بالعموم
            وأما القول: إنا نكفر بالعموم فذلك من بهتان الأعداء، الذي يصدون به عن هذا الدين ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم.
            على أن الذي نعتقد، وندين الله به، ونرجو أن يثبتنا عليه في مسألة المسلم إذا أشرك بالله بعد بلوغ الحجة، أو المسلم الذي يفضل هذا على الموحدين، أو يزعم أنه على حق أو غير ذلك من الكفر الصريح الظاهر الذي بينه الله ورسوله وبينه علماء الأمة أنا نؤمن بما جاءنا عن الله وعن رسوله من تكفيره ولو غلط فيه من غلط .
            إننا نكفر من أشرك بالله في إلهيته بعدما نبين له الحجة على بطلان الشرك، وكذلك نكفر من حسنه للناس، أو أقام الشبه الباطلة على إباحته، وكذلك من قام بسيفه دون هذه المشاهد التي يشرك بالله عندها، وقاتل من أنكرها وسعى في إزالتها والله المستعان.
            ولا تظنوا أن الاعتقاد في الصالحين مثل الزنا والسرقة، بل هو عبادة للأصنام من فعله كفر وتبرأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم . ياعباد الله تفكروا وتذكروا، ونكفر من بان له أن التوحيد هو دين الله ورسوله ثم أبغضه، ونفر الناس عنه وجاهد من صدق الرسول فيه، ومن عرف الشرك، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بإنكاره ثم مدحه وحسنه للناس وزعم أن أهله لايخطئون لأنهم السواد الأعظم والداعي لغير الله لاتقبل منه الجزية كما تقبل من اليهود، ولا تنكح نساؤهم كما تنكح نساء اليهود لأنه أغلظ كفراً.
            ونكفر من أقر بدين الله ورسوله ثم عاداه وصد الناس عنه، وكذلك من عبد الأوثان، بعد ماعرف أنها دين للمشركين وزينه للناس، فهذا الذي نكفره.
            ونكفر من عرف دين الرسول ثم بعدما عرفه سبه ونهى الناس عنه، وعادى من فعله.
            وكذا الذي يتكلم بالكفر أو يعمل به خوفاً من نقص مال أو جاه أو مداراة لأحد فهذا أعظم ممن يتكلم بكلمة يمزح بها، ولم يعذر الله من هؤلاء إلا من أكره مع كون قلبه مطمئناً بالإيمان، وأما غير هذا فقد كفر بعد إيمانه، سواء فعله على خوف أو مداراة، أو مشحة بوطنه، أو أهله، أو عشيرته، أو ماله، أو فعله على وجه المزح أو لغير ذلك من الأغراض إلا المكره، ومعلوم أن الإنسان لايكره إلا على الكلام والفعل وأما عقيدة القلب فلا يكره عليها أحد.

            34- قوله رحمه الله في الحكم على المعين
            وإني لا أعتقد كفر من كان عند الله مسلماً، ولا إسلام من كان عنده كافراًن بل أعتقد أن من كان عنده كافراً كافر.
            ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنني أرجو للمسلم وأخاف على المسيء.

            35- قوله رحمه الله في العذر بالجهل حتى تقوم الحجة
            ولا نكفر من عبد الصنم الذي على قبر عبدالقادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما، لأجل جهلهم وعدم من ينبههم ونكفره بعد التعريف إذا عرف وأنكر، والذي يدعي الإسلام وهو يفعل من الشرك الأمور العظام، فإذا عليت عليه آيات الله استكبر عنها فليس هذا بالمسلم، وأما الإنسان الذي يفعلها بجهالة، ولم يتيسر له من ينصحه، ولم يطلب العلم الذي أنزله الله على رسوله، بل أخلد إلى الأرض واتبع هواه فلا أدري ماحاله .
            علماً أن من لم تقم عليه الحجة هو حديث العهد بالإسلام، والذي نشأ ببادية، أو يكون ذلك في مسألة خفية، مثل الصرف والعطف فلا يكفر حتى يعرف.
            وأما أصول الدين التي أوضحها الله في كتابه فإن حجة الله هي القرآن فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة .
            وأكثر الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامهم عليهم.. وقيام الحجة وبلوغها نوع، وفهمهم إياها نوع آخر، وكفرهم ببلوغها إياهم، وإن لم يفهموها نوع آخر.


            36- ذكره رحمه الله طائفة من الأعمال المكفرة
            من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء، وجحد وجوب الصلاة فإنه كافر خلال الدم والمال بالإجماع، وكذلك إذا أقر بكل شيء إلا البعث، وكذلك لو جحد وجوب صوم رمضان وصدق بذلك كله، لاتختلف المذاهب فيه، وقد نطق به القرآن.
            والذي ينكر البعث كافر، والساحر يكفر ويقتل ولا يستتاب، والذبح للجن ردة تخرج - أي من الإسلام - ، ومن استغاث بغير الله فقد كفر، ومن ذبح لغيره فقد كفر، ومن نذر لغيره فقد كفر، ومن دعا نبياً أو ملكاً أو ندبه أو استغاث به فقد خرج من الإسلام.

            37- قوله رحمه الله في كفر دون كفر
            وما أطلق الشارع كفره بالذنوب فقول الجمهور: أنه لايخرج من الملة وقال الإمام أحمد: أمروها كما جاءت يعني لايقال يخرج ولا لايخرج، وما سوى هذين القولين غير صحيح، ومعنى (كفر دون كفر) أنه ليس يخرج من الملة مع كبره.

            38- قوله رحمه الله في عدم التكفير بالذنب
            أركان الإسلام الخمسة أولها الشهادتان ثم الأركان الأربعة، فالأربعة إذا أقر بها وتركها تهاوناً فنحن وإن قاتلناه على فعلها - فلا تكفره بتركها، ولا أكفر أحداً بذنب ولا أخرجه من دائرة الإسلام.
            39- قوله رحمه الله في الحكم بالظاهر دون السرائر
            لو عرف منه النفاق فما أظهر - أي من أعمال أهل الإيمان - يحمي دمه، وماله والرجل إذا أظهر الإسلام وجب الكف عنه حتى يتبين منه مايخالف ذلك، وأهل البدع أحكم عليهم بالظاهر وأكل سرائرهم إلى الله .

            40- قوله رحمه الله في الردة عن الإسلام
            المرتد هو المسلم الذي يكفر بعد إسلامه، ولا يقتل إلا بعد الاستتابة.

            41- قوله رحمه الله في التحذير من الشرك
            أعظم نهي نهى الله عنه الشرك بالله وهو أن يدعو مع الله غيره، أو يقصده بغير ذلك من أنواع العبادة، فمن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله تعالى فقد اتخذه رباً وإلهاً، وأشرك مع الله غيره.
            ومن لقي الله لايشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار، ولو كان أعبد الناس.
            وأول من أدخل الشرك في هذه الأمة هم الرافضة الملعونة الذين يدعون علياً وغيره، ويطلبون منهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، أما أول شرك حدث في الأرض فكان بشبهة محبة الصالحين، وأعلم أن شرك الأولين أخف من شرك أهل زماننا بأمرين:
            أحدهما: أن الأولين لايشركون ولا يدعون الملائكة والأولياء والأوثان مع الله إلا في الرخاء وأما في الشدة فيخلصون لله العبادة، ومشركوا زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة.
            الأمر الثاني: أن الأولين يدعون مع الله أناساً مقربين عند الله، إما أنبياء وإما أولياء وإما ملائكة أو يدعون أشجاراً وأحجاراً مطيعة لله ليست عاصية، وأهل زماننا يدعون مع الله أناساً من أفسق النسا، والذين يدعونهم هم الذين يحكون عنهم الفجور من الزنا والسرقة وترك الصلاة وغير ذلك.
            والذي يعتقد في الصالح أو الذي لايعصي مثل الخشب والحجر أهون ممن يعتقد فيمن يشاهد فسقه وفساده ويشهد به.

            43- تحذيره رحمه الله من عظائم هي من الشرك
            من اتخذ نداً تساوي محبته محبة الله فهو الشرك الأكبر، ومن الشرك الاستعاذة بغير الله، ومن الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره، وهذا هو الشرك الأكبر، والنذر لكونه عبادة فصرفه إلى غير الله شرك، والحلف بغير الله شرك، والطيَرَة شرك، ومن الشرك قول ماشاء الله وشئت ولكنه ليس من الشرك الأكبر، والرياء من الشرك الأصغر.
            ولا يجتمع في تصديق الكاهن مع الإيمان بالقرآن، بل هو كفر. ومن تعلق شيئاً وُكل إليه، ومن تعلق تميمة فقد أشرك، - شركاً أصغر - وتعليق الخيط من الحمى، والودع عن العين من ذلك. والرقى والتمائم والتولة، هذه الثلاث كلها من الشرك إلا الرقية بالكلام الحق من العين والحمة فليس من ذلك، والتميمة إذا كانت من القرآن فقد اختلف العلماء هل هي من ذلك أو لا .
            أما الشرك الذي يصدر من المؤمن وهو لايدري، مع كونه مجتهداً في اتباع أمر الله ورسوله، فأرجوا أن لايخرجه هذا من الوعد، وقد صدر من الصحابة أشياء من هذا الباب: كحلفهم بآبائهم، وحلفهم بالكعبة، وقولهم: ماشاء الله وما شاء محمدن وقولهم: اجعل لنا ذات أنواط، ولكن إذا بان لهم الحق اتبعوه، ولم يجادلوا حمية الجاهلية لمذهب الآباء والعادات.

            43- قوله رحمه الله في الجبت والطاغوت
            أول مافرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ، فالإنسان لايصير مؤمناً بالله إلا بالكفر بالطاغوت.
            والطاغوت عام فكل ماعبد من دون الله، ورضي العبادة، من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله فهو طاغوت، وهو - بحسب تعريف ابن القيم - كل ماتجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله أو يتبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لايعلمون أنه طاعة الله، وقد يكون الطاغوت من الجن وقد يكون من الإنس، وصفة الكفر به هي أن تعتقد بطلان عبادة غير الله وتتركها وتبغضها وتكفر أهلها وتعاديهم.
            والطواغيت كثيرة رؤوسهم خمسة:
            الأول: الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله.
            والثاني: الحاكم الجائر المغير لأحكام الله . والثالث: الذي يحكم بغير ماأنزل الله. والرابع الذي يدعي علم الغيب من دون الله. والخامس: الذي يعبد من دون الله وهو راض بالعبادة .


            وجميع الطواغيت الذين يعتقد الناس فيهم - كما لو كانوا يندبونهم وينذرون لهم ويتوكلون عليهم، يريدون منهم أن يقربوهم إلى الله - وهم مشهورون عند الخاص والعام بذلك، وأنهم يترشحون له ويأمرون به الناس كلهم كفار مرتدون عن الإسلام ومن زعم أن فعلهم هذا لو كان باطلاً فلا يخرجهم إلى الكفر، فأقل أحوال هذا المجادل أنه فاسق لايقبل خطه ولا شهادته ولا يصلى خلفه، بل لايصح دين الإسلام إلا بالبراءة من هؤلاء وتكفيرهم.
            أما الجبت فهو السحر، ومنه - أي من الجبت - العيافة والطرقُ والطيرة .

            44- قوله رحمه الله في لزوم الجماعة ونبذ الفرقة والشقاق
            نعتقد أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم المتبعين لسنته لاتجتمع على ضلالة، وقد أمر الله بالاجتماع في الدين، ونهى عن التفرقة فيه، ونهانا أن نكون كالذين تفرقوا واختلفوا قبلنا فهلكوا، فالرحمة في الجماعة، والفرقة عذاب، ومن تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمر علينا، ولو كان عبداً حبشياً .

            45- قوله رحمه الله في الفرقة الناجية والطائفة المنصورة
            أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أمته ستفترق على أكثر من سبعين فرقة، أخبر أنهم كلهم في النار إلا واحدة، ثم وصف تلك الواحدة أنها التي على ماكان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فلينظر إلى الفرق ومعتقداتهم وأعمالهم، فما وافقت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهي الفرقة الناجية.
            وأهل السنة هم المتبعون لآثاره صلى الله عليه وسلم ، وآثار أصحابه كما لايخفى، فهم أحق أن يكونوا الفرقة الناجية، وآثار النجاة ظاهرة فيهم لاستقامتهم على الدين من غير تحريف، وظهور مذهبهم وشوكتهم في غالب البلاد، ووجود العلماء المحققين والمحدثين والأولياء والصالحين فيهم.
            والفرقة الناجية وسط في باب أفعاله تعالى بين القدرية والجبرية (*) وهم في باب وعيد الله وسط بين المرجئة والوعيدية (**).
            وهم وسط في باب الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة، وبين المرجئية والجهمية (***).


            وهم وسط في باب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض والخوارج (*)، وهم الذين سبقت لهم من الله الحسنى، وهم كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود ونعتقد بأن الحق لايزول بالكلية كما زال فيما مضى، وأنه لاتزال طائفة من أمته صلى الله عليه وسلم على الحق منصورة لايضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأمر أمر الله وهم على ذلك.

            46- قوله رحمه الله في الإمامة العظمى والسمع والطاعة
            وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين، برهم وفاجرهم مالم يأمروا بمعصية الله، فمن تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمر علينا، ولو كان عبداً حبشياً، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبر على جور الولاة، وأمر بالسمع والطاعة لهم والنصيحة، وغلظ في ذك، وأبدى فيه وأعاد.
            ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته، وحرم الخروج عليه والأئمة مجمعون من كل مذهب، على أن من تغلب على بلد أو بلدان، له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا، مااستقامت الدنيا، لأن الناس من زمن طويل إلى يومنا هذا مااجتمعوا على إمام واحد، ولا يعرف أن أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لايصح إلا بالإمام الأعظم.

            47- قوله رحمه الله في الهجرة
            والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، وهي باقية إلى قيام الساعة.

            48- قوله رحمه الله في الولاء والبراء
            من أطاع الرسول وود الله لايجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم.
            فالإنسان لايستقيم له إسلام ولو وحد الله وترك الشرك إلا بعداوة المشركين، والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء.
            والمراد من قول " لاإله إلا الله" مع معرفتها بالقلب محبتها ومحبة أهلها وبغض من خالفها ومعاداته.
            فأحبوها وأحبوا أهلها واجعلوهم إخوانكم، ولو كانوا بعيدين، واكفروا بالطواغيت وعادوهم وأبغضوهم وأبغضوا من أحبهم أو جادل عنهم، أو لم يكفرهم.

            49- قوله رحمه الله في الجهاد والصلاة مع أئمة الجور
            وأرى الجهاد ماضياً مع كل إمام براً كان أو فاجراً، وصلاة الجماعة خلفهم جائزة، والجهاد ماض منذ بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال، لايبطله جور جائر، ولا عدل عادل.


            50 - قوله رحمه الله من البدع والحوادث
            وأرى هجر أهل البدع، ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر، وأكل سرائرهم إلى الله، وأعتقد أن كل محدثة بدعة، وأوجب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك البدع وإن اشتهرت بين أكثر العوام. ومتابعة الرسول في العبادة تخلع جميع البدع إلا بدعة لها أصل في الشرع كجمع المصحف في كتاب واحد، وجمع عمر رضي الله الله عنه الصحابة على التراويح جماعة، وجمع ابن مسعود أصحابه على القصص كل خميس، ونحو ذلك فهذا حسن والله أعلم.
            أما ماصح عن العلماء من أنهم لايكفرون أهل القبلة فمحمول على من لم تكن بدعته مكفرة، لأن كلمتهم اتفقت على تكفير من كانت بدعته مكفرة .

            51- قوله رحمه الله في بيان مذهبه
            نحن مقدلون الكتاب والسنة وصالح سلف الأمة، وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة أبي حنيفة النعمان بن ثابت، ومالك بن أنس، ومحمد بن إدريس، وأحمد بن حنبل رحمهم الله. أما مذهبنا فمذهب الإمام أحمد إمام أهل السنة ولا ننكر على أهل المذاهب الأربعة إذا لم يخالف نص الكتاب والسنة، وإجماع الأمة وقول جمهورها، وأما المتأخرون رحمهم الله فكتبهم عندنا نعمل بما وافق النص منها، وما لم يوافق النص لانعمل به .

            52- قوله رحمه الله في القتال بعد إقامة الحجة
            نقاتل عبَّاد الأوثان كما قاتلهم صلى الله عليه وسلم ، وقد قاتلهم ليكون الدين كله لله والذبح كله لله والنذر كله لله والاستغاثة كلها لله وجميع أنواع العبادة كلها لله .
            وإلى اليوم لم نقاتل أحداً إلا دون النفس والحرمة، وهم الذين أتونا في ديارنا ولا أبقوا ممكنا، ولكن قد نقاتلهم على سبيل المقابلة ( وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها) وكذلك من جهر بسب دين الرسول بعدما عرفه ، ومن لم يجب الدعوة بالحجة والبيان قاتلناه بالسيف والسنان ونقاتلهم على ترك الصلاة ومنع الزكاة كما قاتل مانعها صديق هذه الأمة أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وإنما نقتلهم بعدما نُقم عليهم الحجة من كتاب الله وسنة رسوله وإجماع السلف الصالح من الأمة .

            53- قوله رحمه الله في حجية المتواتر
            الجهل بالمتواتر القاطع - بعذر - أو تأويله وصرفه من غير دليل معتبر غير مفيد، كمن أنكر فرضية الصلوات الخمس جهلاً لفرضيتها، فإنه بهذا الجهل يصير كافراً، وكذا لو أولها على غير المعنى الذي نعرفه فقد كفر.

            54- قوله رحمه الله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
            وأرى وجوب الأمر والنهي عن المنكر على ماتوجبه الشريعة المحمدية الطاهرة.

            55- قوله رحمه الله في المسح على الخفين
            صح عن النبي صلى الله عليه وسلم برواية نحو خمسين من الصحابة أو ثمانين أو أزيد المسح على الخفين، فمنكره مبتدع .

            56- قوله رحمه الله في نكاح المتعة
            إن المتعة كانت حلالاً ثم نسخت وحرِّمت تحريماً مؤبداً فمن فعلها فقد فتح على نفسه باب الزنا.

            57- قوله رحمه الله في النياحة
            وأما النياحة فمن أعظم منكرات الجاهلية .

            58- ختام قوله رحمه الله
            فهذه عقيدة وجيزة حررتها، والله على مانقول وكيل أ هـ.

            * * *
            تم بفضل الله وعظيم منته تحرير هذا البحث اليسير المسمى
            ( فصل الخطاب في بيان عقيدة "الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب )
            في حلب الشهباء من الديار الشامية لثلاث وعشرين ليلة من شهر رمضان المبارك عام أربعة عشر وأربعمئة وألف للهجرة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام

            تعليق


            • #7
              إذا كان ثمَّ أي إعتراض أو شبهة
              فنحن في الخدمة
              الّلهمَّ إهدنا و إهدي بنا و أجعلنا هداة مهتدين
              تحيّاتي للإخوة المحترمين

              تعليق


              • #8
                [quote=عمادعلي]الوهابية فرقة خرجت من المذهب الحنبلي ....
                أسوأ مافيها أنها أولت كل آيات القران التي تتحدث عن المشركين والكافرين وسلطتها على رقاب المسلمين
                لا تفرق بين شيعي أو سني

                ولهذا لهم كلمة مشهورة وهي حينما خرج محمد بن عبد الوهاب داعياً يقولون كان الناس في الجزيرة العربية اهل بدع وضلالة فأنقذهم الله بمحمد بن عبد الوهاب ... ركز على كلمة الناس في الجزيرة العربية ولم أقل الشيعة وحدهم فقط...

                الوهابي يعتبر نفسه الوحيد من أهل السنة والجماعة
                بينما إخوانه من بقية المذاهب السنية يعتبرهم فقط من اهل السنة وليست الجماعة....
                وحتى لو كان وصفي غير دقيق فهو يعني أن الوهابي يفرق بين سني وآخر...

                أكثر المصطلحات التي يمارسها الوهابي هي: شرك - بدعة - كفر
                أكثر ما يحارب الوهابي اخوانه من الفرق الاسلامية
                أبعد ما يحارب اليهود....

                في افغانستان المتأذي منهم أهل افغانستان
                في السعودية كل الارهابيين وهابية

                لم نرى يوما ولن نرى وهابي حارب يهودي....


                برأيي أن كلمة وهابية كلمة يستخدمه الاخوة الامامية للرد على كل سؤال لا يجدون له اجابة

                والسبب أن آل بيت رسول الله وأصحابه الدفاع عنهم ليس حكرا للوهابية فهم لجميع المسلمين

                هذا رأيي الى الآن
                لكن كلام الأخ عماد علي بعضه فيه نظر
                أما أنهم لا يحاربون اليهود
                أخي أنت تعلم أن حكومات العرب هي التي تحمي حدود اليهود

                فكن منصفا حتى مع أعدائك بارك الله فيك

                وأنتظر من الاخوة الامامية الجواب حتى أتيقن من الموضوع


                والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة عمادعلي
                  الوهابية فرقة خرجت من المذهب الحنبلي ....
                  أسوأ مافيها أنها أولت كل آيات القران التي تتحدث عن المشركين والكافرين وسلطتها على رقاب المسلمين
                  لا تفرق بين شيعي أو سني

                  ولهذا لهم كلمة مشهورة وهي حينما خرج محمد بن عبد الوهاب داعياً يقولون كان الناس في الجزيرة العربية اهل بدع وضلالة فأنقذهم الله بمحمد بن عبد الوهاب ... ركز على كلمة الناس في الجزيرة العربية ولم أقل الشيعة وحدهم فقط...

                  الوهابي يعتبر نفسه الوحيد من أهل السنة والجماعة
                  بينما إخوانه من بقية المذاهب السنية يعتبرهم فقط من اهل السنة وليست الجماعة....
                  وحتى لو كان وصفي غير دقيق فهو يعني أن الوهابي يفرق بين سني وآخر...

                  أكثر المصطلحات التي يمارسها الوهابي هي: شرك - بدعة - كفر
                  أكثر ما يحارب الوهابي اخوانه من الفرق الاسلامية
                  أبعد ما يحارب اليهود....

                  في افغانستان المتأذي منهم أهل افغانستان
                  في السعودية كل الارهابيين وهابية

                  لم نرى يوما ولن نرى وهابي حارب يهودي.....
                  ياعماد على رسلك ياصاح انا وانت خلف الكيبورد ولسنا في معركة
                  سؤالي لك واضح : انا الوهابي الواقعي هل انا مسلم ام لا ؟
                  ان كنت مسلما فالحمد لله
                  وان كنت كافرا فبصرني بديني وردني الى الاسلام 0
                  واما اننا نعتبر اننا اهل السنة والجماعة وان البقية هم اهل السنة فان شاء الله مانختلف اجعلهم اهل السنة والجماعة ونحن اهل السنة ولا مشكلة في ذلك ابدا 0
                  اما نفرق بين سني وآخر فمذاهب اهل السنة الاربعة كلها صحيحة والسني الشافعي والحنبلي والمالكي والحنفي كلهم ان شاء الله ائمة الهدى ولا يعاب على اي مذهب منها 0
                  ــــ اما اننا نحارب اخواننا فجيوش المسلمين انطلقت من هنا ومنذ فجر الاسلام لمحاربة الكفرة والملحدين ولم تتوجه لمحاربة المسلمين هذا مانعرفه 0ومنذ عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الى وقتنا الحاضر لم اسمع بان جيشا من المملكة العربية السعودية توجه لمحاربة المسلمين في اي مكان بل الواقع يتحدث عن عكس ماتقوله تماما
                  ـــ اما افغانستان فنحن من حررها من الشيوعيين بفضل الله بمساعدة اخواننا من كل البلدان العربية والاسلامية 0
                  ولكنها الان بين فكي كماشة الغرب وايران0
                  ـــ وعن محاربة اليهود فقد تركناها لكل شجاع مثلك 0 فعليك ايها البطل المقدام ان تحرر ماتعتقد انها عتبات مقدسة لديك من ايدي الصهاينة والصليبيين فهذا اكبر دليل على شجاعتك 0
                  ـــ اما نحن فنحن احفاد عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وسعد بن ابي وقاص وابو عبيدة رضوان الله عليهم وهم في نظرك جبناء يفرون من المعارك فان كانوا كذلك فنحن اجبن منهم وان كانوا اسودا نشروا الاسلام واطاحوا بكسرى الفرس وقيصر الروم فالاسد لايخلفه الا شبلا 0
                  ــــ واخيرا الارهاب عانت منه المملكة حفظها الله من كل سوء ولازالت اكثر من غيرها وهم فئة ضالة مضلة كالخوارج والمتطرفون موجودون في جميع الملل والاديان 0

                  تعليق


                  • #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة أبو حذيفة
                    إذا كان ثمَّ أي إعتراض أو شبهة
                    فنحن في الخدمة
                    الّلهمَّ إهدنا و إهدي بنا و أجعلنا هداة مهتدين
                    تحيّاتي للإخوة المحترمين
                    الاخ ابو حذيفة جزاك الله خيراوبارك في علمك وجعل ماتقدمه في موازين حسناتك وفيت وكفيت بارك الله فيك

                    تعليق


                    • #11
                      [quote=خادم سيدنا علي]
                      المشاركة الأصلية بواسطة عمادعلي
                      الوهابية فرقة خرجت من المذهب الحنبلي ....
                      أسوأ مافيها أنها أولت كل آيات القران التي تتحدث عن المشركين والكافرين وسلطتها على رقاب المسلمين
                      لا تفرق بين شيعي أو سني

                      ولهذا لهم كلمة مشهورة وهي حينما خرج محمد بن عبد الوهاب داعياً يقولون كان الناس في الجزيرة العربية اهل بدع وضلالة فأنقذهم الله بمحمد بن عبد الوهاب ... ركز على كلمة الناس في الجزيرة العربية ولم أقل الشيعة وحدهم فقط...

                      الوهابي يعتبر نفسه الوحيد من أهل السنة والجماعة
                      بينما إخوانه من بقية المذاهب السنية يعتبرهم فقط من اهل السنة وليست الجماعة....
                      وحتى لو كان وصفي غير دقيق فهو يعني أن الوهابي يفرق بين سني وآخر...

                      أكثر المصطلحات التي يمارسها الوهابي هي: شرك - بدعة - كفر
                      أكثر ما يحارب الوهابي اخوانه من الفرق الاسلامية
                      أبعد ما يحارب اليهود....

                      في افغانستان المتأذي منهم أهل افغانستان
                      في السعودية كل الارهابيين وهابية

                      لم نرى يوما ولن نرى وهابي حارب يهودي....


                      برأيي أن كلمة وهابية كلمة يستخدمه الاخوة الامامية للرد على كل سؤال لا يجدون له اجابة

                      والسبب أن آل بيت رسول الله وأصحابه الدفاع عنهم ليس حكرا للوهابية فهم لجميع المسلمين

                      هذا رأيي الى الآن
                      لكن كلام الأخ عماد علي بعضه فيه نظر
                      أما أنهم لا يحاربون اليهود
                      أخي أنت تعلم أن حكومات العرب هي التي تحمي حدود اليهود

                      فكن منصفا حتى مع أعدائك بارك الله فيك

                      وأنتظر من الاخوة الامامية الجواب حتى أتيقن من الموضوع


                      والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      جزاك الله خيرا اخي خادم سيدنا علي

                      تعليق


                      • #12
                        ما عرفنا وش المطلوب !

                        تعليق


                        • #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة الواقعي ***
                          السلام عليكم اخواني ورحمة الله وبركاته
                          كثيرا مااسمع عن الوهابية اريد ان اعرف معناها
                          وانا اسألكم وانا من سكان مكة المكرمة ( طبعا وهابي )واريد ان تبصروني هل انا مسلم ام لا ؟ وسأجيبكم حسب عقيدتي وما اقوم به من العبادات 00000
                          تحياتي للجميع
                          حياك الله يالواقعي
                          انت تعرف ان اهل السنة يشهدون باسلام كل من شهد ان لااله الا الله وان محمدا رسول الله واقر ببقية الاركان الاسلام الخمسة 0000
                          اما عن تسمية الوهابية فهذه من المصطلحات الحديثة للشيعة حتى يوهموا الناس ان هناك سنة ووهابية وقد قرأت كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولم اجد فيها مايخرج عن المذاهب الاربعة 00
                          اما اذا كنت تريد جواب الشيعة فانك لاتخلوا من احد امرين :
                          وهابي كافر او ناصبي كافر
                          وحتى تكون مؤمنا عندهم لابد لك من الآتي :
                          1- ان تؤمن بإمامة وخلافة علي بن ابي طالب رضي الله عنه وابنائه من بعده وحتى الامام الثاني عشر وان هذا بامر من الله ورسوله0
                          2- ان تقول بعصمتهم عصمة مطلقة وانهم افضل من الانبياء والرسل بل ان بعضهم قال اوتوا علم الاولين والاخرين من ادم عليه السلام والى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اي انهم لهم مكانة لايصلها ملك مقرب ولا نبي مرسل 0
                          3- ان تكفر الصحابة رضي الله عنهم وأولهم ابوبكر وعمر رضي الله عنهم وتلعنهم ( والعياذ بالله ) في كل وقت فان قلت لا قالوا لايستوي حب علي ومبغضيه في قلب مؤمن 0
                          4- ان تكفر امهات المؤمنين وخاصة عائشة رضي الله عنها وتنسب اليهن مايعف اللسان عن ذكره 0
                          5- ان تقر بامامة مهدي الشيعة محمد العسكري الامام الثاني عشر لديهم والذي ذكروا انه اختفى كما يقولون في سرداب سامراء منذ مايقارب 1200 سنة وانه سيخرج للناس وله معجزات كثيرة ولعلمك اول مايبدأ بقتلكم يااهل مكة خاصة وبالعرب عامة وياويلك ياواقعي 000
                          هذا اهم ماتتضمنه عقيدة الامامية وطبعا ان انكرت احدها فانت اما وهابي كافر او ناصبي كافر
                          هدانا الله جميعا لما يحبه ويرضاه 0

                          تعليق


                          • #14
                            اسمع قول الحبيب علي زين العابدين الجفري عن الوهابيه

                            /
                            /
                            /

                            http://www.youtube.com/watch?v=XEl2O94t-l8

                            تعليق


                            • #15
                              اسمع مفتي مصر الشيخ علي جمعة وهو يكشف حقيقية الحركة الوهابية

                              /
                              /
                              /
                              /

                              http://www.youtube.com/watch?v=ulfMvQ1zs-A&feature=related


                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X