الإفريقي المحتار

الثلاثاء, 10 يونيو 2008
نشر في جريدة المدينه السعوديه
عمرو الفيصل
زرت في الأسبوع الماضي دولة من دول إفريقيا الغربية هي مالي.
كانت زيارة ممتعة سأرويها لكم في مقالة ثانية إن شاء الله ، ولكن اليوم سأحكي لكم عن قصة حدثت لي هناك
كانت زيارة ممتعة سأرويها لكم في مقالة ثانية إن شاء الله ، ولكن اليوم سأحكي لكم عن قصة حدثت لي هناك
التقيت بأستاذ من دولة بوروندي يعمل في اليونسكو وبوروندي هذه دولة صغيرة متاخمة لرواندا في وسط إفريقيا. عدد المسلمين فيها لا يتجاوز الخمسة في المائة وهم أفقر سكان تلك البلاد وأقلهم تعليما
قال لي هذا الأستاذ
«لقد زرت المملكة كثيرا في الثمانينات ، أثناء عهد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز ، قبل أن ألتحق باليونسكو حيث كنت ممثلا عن الأقلية المسلمة في بوروندي لدى رابطة العالم الإسلامي وهيئة الإغاثة الإسلامية
قلت له
«أريد أن أسألك ، كيف ساهمت هذه المؤسسات في معاونة إخوتنا في رواندا حسب خبرتكم الطويلة التي دامت ثماني سنوات تقريبا؟
قال
لقد بنوا لنا مسجدين وألحقوا عددا من الطلبة البورونديين في جامعة الإمام محمد في الرياض ليعدوهم كأساتذة تحفيظ القرآن الكريم
قلت
ما شاء الله!.. عظيم! هذا ما نتوقع من مؤسساتنا التي لا تألو وسيلة لدعم إخوتنا في الأقليات الإسلامية في كل مكان
سكت قليلا ثم قال
«نعم ، ولكن مشكلتنا في بوروندي ليست نقصا في المساجد ولا في تحفيظ القرآن. مشكلتنا أنه لا يوجد بيننا مهندس أو طبيب لأننا غير قادرين على أن نعلم أبناءنا إلى درجة تؤهلهم دخول الكليات الطبية أو التقنية كما أن مدارس تحفيظ القرآن التي أنشأتموها لا تعلم الأبناء اللغة الإنجليزية مما يجعلهم عاجزين عن دخول الجامعات
قلت :
لكن ألم تشرح لهم ذلك؟
قال:
بلى ، ولكن لم يعبأوا بوجهة نظرنا فقبلنا أعطيتهم على أساس أن أي شيء أفضل من بلاش
ضحكت وقلت له :
لقد أخطأتم العنوان من الأساس وكان ينبغي عليكم أن تذهبوا إلى مكان آخر!قال :أين؟قلت : إلى طهران بالطبع
دهش الرجل وقال :
أنت تقول هذا ؟
قلت :
نعم ، أنا لا يهمني إن كان مسلمو بوروندي سنة أو شيعة أنا يهمني أن يكونوا مسلمين
فأن يكون نصف شعب بوروندي بعد عشرين سنة شيعة مسلمين ومتنفذين في بلدهم خيرا من أن تكون بوروندي خمسة في المائة سُنَّة ويشكلون أغلبية الشحاتين في تلك الدولة كما هو الحال الآن إن الأقليات أيا كانوا لابد أن يركزوا على تحسين نوعية المنتسبين إليهم وذلك في المقام الأول بالتركيز على التعليم.
ألا ترى أن اليهود في كل دولة يعيشون فيها تجدهم أفضل فئة تعلما بها فأفضل أطباء منهم وأفضل مهندسين وأفضل كتاب ومؤلفين وأساتذة جامعات وهكذا
لقد فطن الإيرانيون لهذه الحقيقةفهم في دعمهم للأقليات يركزون على التعليم والعالي منه بالذات أكثر من تركيزهم على بناء المساجد وتوزيع المصاحف وفتاوى علماء الدين عندهم
قال
ولكن خريجي جامعة الإمام الذين أرسلوا لنا إذا علموا بهذا فسيقيمون الدنيا علي ولن يقعدوها
فضحكت وقلت
"يا أخي ، لا تخف فإن أمرهم هين. ما عليك إلا أن تجمعهم وتسلم كل واحد منهم تذكرة سفر إلى الرياض
وتقول لهم الآتي:
تعلمون مشكلتنا في هذا البلد وما نحتاجهأريد منكم أن تذهبوا لأصحابكم في الرياض ، إن إستطعتم أن تحصلوا على تأشيرة دخول ، وتعودوا بخمسين منحة دراسية جامعية نصفها للعلوم الطبية والنصف الآخر للعلوم الهندسية فإن أعطوكم فخير وبركة ولكن إن لم يفعلوا فسأذهب وآتي بها من مكان آخر" ..
تركت الرجل وهو غارق في التفكير.
على كل حال ، أنا منتظر زيارة قريبة من وفد بوروندي وسنرى هنالك أفرسا تحتهم أم حمار
على كل حال ، أنا منتظر زيارة قريبة من وفد بوروندي وسنرى هنالك أفرسا تحتهم أم حمار