أخوك يدخل على المواقع الإباحية!! لماذا الاندهاش؟
ما المانع؟!
لا أقصد أن أصدمك أو أخذلك،
ولكن أتساءل معك ومعكي ما الذي يمنع شابا مراهقا أن يفعل وهو لديه طاقة وفضول وفراغ، وتحيطه الإشارات والبواعث الجنسية في كل مكان، في الشارع بنات كاسيات عاريات، وفي التلفزيون "مسخرة" وعري وجنس وابتذال في الأغاني وهزل وإيحاءات جنسية، فإذا دخل على الإنترنت لاحقته الصور الفاضحة في (يو تيوب) و(الفيس بوك) والمنتديات تحت كل العناوين وبكل اللغات، حتى أصبح السؤال المتوقع أخي يدخل على الإنترنت ولم تصادفه أي صور أو مواقع إباحية ماذا أفعل؟!
يا أخي ويا أختي الذين يحبون أن تشيع الفاحشة أيديهم طالت وقويت، والذين يحبون الله والطهارة والصلاح أيديهم ضعيفة وقصيرة ومقيدة، فماذا نقول غير حسبنا الله ونعم الوكيل!!
شبابنا مسكين تفتح عينه إما على لون الدم لإخوان له يصرخون ويظلمون ويقتلون دون حول منه ولا قوة أو قدرة على تقديم أي عون لهم، وإما على فحش ورذيلة وأجساد عارية وأغان هابطة تهيج الغريزة وتدعو للسقوط، فأصبح وعيه مشوها ومشوشا، وفي المقابل هو لم يتعلم كيف يواجه هذا العدوان النفسي، فالتعليم لم يزوده إلا بفكر محدود وثقافة هشة، والأسرة لم تزوده إلا بقيم جامدة تلون الظاهر وتعجز عن التأثير في الباطن، وصيانة دينية حاسمة تحدد ما يجب وما لا يجب بشكل نظري سطحي، فاستهان بها وعجز عن توظيفها في حياته، وبأجوبة جاهزة حجمت نمو عقله ووعيه وضميره فوصل إلى حالة من الركود والاعتمادية أفقدته الثقة في قدرته على التصدي والمقاومة والاختيار والمسئولية.
فإذا ما انفتح العالم أمامه بخيره وشره وقف أمامه مكتوفا حائرا مستسلما، فهو لم يتعود على الحرية ولم يتحمل أبدا مسئولية الاختيار، فهناك دائما من يوجهه ويقوده إلى الطريق دون وعي منه ولا إرادة، ولذلك فمؤشر النجاح عنده هو نظرة الرضا في عيون من حوله، وليس رضاه هو عن نفسه واحترامه لذاته ومراقبته لربه.
شبابنا محتاج لإعادة تكوين وأسرنا تحتاج لإعادة النظر في تنشئة أولادها وتنمية قدرات هؤلاء الأبناء بمنحهم حرية الاختيار ومراقبة اختياراتهم ومناقشتهم في حوار خلاق يوسع مداركهم وينمي إرادتهم ويعمق تجاربهم ويسمح لضمائرهم بمواصلة النمو ليروا الحق حقا ويختاروه، ويروا الباطل باطلا ويتجنبوه.
وبالطبع الكلام ليس على العموم، فهناك بالتأكيد شباب ناضج واع يقدر المسئولية ويفهم معنى الحرية، وأنت خير مثال على ذلك، ولكنهم للأسف ليسوا الأغلبية.
ذكرت ذلك كله ليس تبريرا لما يفعله أخوك أو صديقك ولا قبولا له ولكن:
أولا: لتقدر الموقف بشكل كلي فتعمل على معالجة المرض وليس العرض.
ثانيا: ولكي تتسوعبوا أخاكم المدمن حتى ينفر منك وتقدرا مرحلته السنية وقلة خبرته، ولن تستطيعوا أن تقدموا له أي مساعدة ناجحة إلا من خلال حبك وقبولك له بحسناته وهفواته.
ليس معنى هذا أن تتركوه يفعل ما يشاء، ولكن معناه أن تتحركوا بأسلوب فعال غير مدمر، حتى إن أتى بنتيجة على المدى الطويل.
وأول خطوة لا بد أن تقوموا بها هي أن تتوقفوا نهائيا عن مراقبته وتتبع عوراته، ولا تهتكوا الستر الذي بينه وبين ربه طالما لم يجاهر هو بالمعصية.
وإياك أن تواجهوه بما علمتم عنه لكي لا تخسروه فهو إما أن يخجل منك ومن نفسه وينفر منك ويتجنبك، وإما أن يتبجح عليك ويعاندك، وأنت بالتأكيد لا ترغب في هذا ولا ذاك.
وسؤالي لك الآن إذا أردت أن تحصل على بيضة ناضجة من الداخل ومحافظة على شكلها البيضاوي المتناسق الناصع الجميل من الخارج فماذا تفعل؟؟
ستقولون: ما أسهل ذلك سأمسكها أولا بحرص حتى أحافظ على قشرتها الخارجية دون شرخ أو خدش وأحيطها بماء عذب يغمرها برفق وأصبر عليها تحت نار هادئة مدة كافية حتى تنضج وعندها سأضمن تماسكها مهما تعرضت لصدمات أو محاولات لتشويهها.
ما أجملك.. هذا بالضبط ما أريدك أن تفعلوا مع من مع أخوكم الحبيب، ارفقوا به وصادقوه واختلقوا له مواقف للتقربوا منه وحال تستمع له وتحاوره معه دون تلقين أو تشريط، ودون أن يكون هناك طرف أعلم من طرف ولا طرف أفضل من طرف.
وأهم من ذلك كله اعتمدوا على التعليم بالقدوة والاحترام المتبادل، وكما يقولون في علم النفس: "أنا أفعل ما أفعل وأتحمل مسئولية فعلي، وأحترم حقك في أن تفعل ما تفعل وتتحمل مسئولية فعلك، فإذا كان ما أفعل هو الحق وأنت كإنسان مثلي تبحث عن الحق فالأغلب أنك سوف تفعل ما أفعل دون أن أفرضه عليك".
ولا يمنع ذلك من أن تعينوه على ضعف نفسه بعدم وضعه أمام اختبار قوة الإرادة والعزيمة على الكف وليوضع جهاز الكمبيوتر في مكان متوسط في المنزل وليس في غرفة خاصة مغلقة، وهذه هي الحماية الخارجية فقط حتى تنضج مكونات شخصيته وإرادته بشكل متدرج هادئ، وفي جو من الحب والقبول والفهم.
والسلام عليكم
تعليق