إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

ادخل الآن: هل رضي الله عن الصحابة؟!

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ادخل الآن: هل رضي الله عن الصحابة؟!

    ماذا عسى أن نقول ونحن نسمعهم يصيحون ويُطنطنون في قنواتهم الفضائية بهذه الآية الكريمة:
    {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}.
    ويقولون:كيفَ يغضب الله على أُناسٍ رضيَ عنهم؟ وكيف نلعن الصحابة والله قد رضي عنهم؟ وغير ذلك من الأسئلة والهيجان الجاهلي..، نقول لهم بأنَّ الجواب على هذه الطنطنة في النقاط التالية:
    النقطة الأولى: إنَّ ممن شهِدَ بيعة الرضوان الوليد بن عقبة! والآية التي تقول بفسقهِ نزلت بعد الآية التي تقول بالرضا عنه -كما تزعمون-! فهل الرضا يُعتبر أبديّاً؟! . وقال بعض الجهَّال لكي يُخرج الوليد من بيعة الرضوان: أن الوليد كانَ صغيراً آنذاك ولم يشهد البيعة. الجواب: لقد كفانا الإجابة عليكم عالمكم الكبير ابن عساكر في (تأريخ دمشق الكبير) حيث قال: أن هذا الكلام كذب بل كانَ الوليدكبيراً وقد أرسله النبي إلى بني المصطلق. وقالَ ابن عساكر في كتابهِ (بيعة الرضوان) والدكتور عبد الباقي قطب في كتابه المعروف (تأريخ الدولة الأموية): أنَّ الوليد ممن شهِد بيعة الرضوان تحت الشجرة. فلا تنزعج يا وهَّابي من هذه الحقائق.
    * للتكلم عن فسق الوليد نعرض الآية التي نزلت بفسقه وأقوال علماء البكرية فيها:
    قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}
    إن الله قالَ عن الوليد أنه فاسق، ويقولون رضي الله عنه! ومَن يتكلَّم عليه يُحكم عليه بالإعدام، وهو أخو عُثمان بن عفان لأمه، ومع أنَّ الإجماع القاطع في أنَّ الوليد بن عُقبة فاسق إلا أنَّ بعض النواصب لا يعترف بالله ولا بالقرآن أصلاً، وسنأتي لذكر أقوالهم بعد ذكر المصادر التي تقول بأنها نزلت في الوليد وأنهُ فاسق، وإليكَ أيها القارئ بعض المصادر: (تفسير ابن زمين)، (تفسير الثعلبي)، (تفسير القرآن) للصنعاني، (أسباب النزول) للواحدي، (تفسير ابن أبي حاتم)، (جامع البيان) للطبري، (تفسير السمعاني)، (أحكام القرآن) للجصاص، (تفسير البغوي)، (تفسير السمرقندي)، (تفسير النسفي) وقال: أجمعوا أنها نزلت في الوليد، (أحكام القرآن) لابن العربي وقال: مَن ثبت فسقه بَطَلَ قوله في الأخبار إجماعاً، لأنَّ الخبر أمانة والفسق قرينة تبطلها. (المحرر الوجيز) لابن عطية الأندلسي، (زاد المسير) لابن الجوزي، (تفسير العز بن عبد السلام)، (تفسير القرطبي)، (تفسير البيضاوي)، (تنوير المقباس) للفيروز آبادي، (تفسير ابن كثير)، (مسند أحمد)، (البرهان) للزركشي، (تفسير الجلالين)، (تفسير الثعالبي)، (الدر المنثور) للسيوطي، (لباب النقول) للسيوطي أيضاً، (تفسير أبي السعود)، (فتح القدير) للشوكاني، (تفسير الآلوسي)، (أضواء البيان) للشنقيطي، (الجرح والتعديل) للرازي، (تأريخ دمشق الكبير) لابن عساكر، (أُسد الغابة) لابن الأثير، (تهذيب الكمال) للمزي، (الاستيعاب) لابن عبد البر وقال: ولا خلاف بين أهل العِلم بتأويل القرآن فيما علمته أنَّ هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة، (الإصابة) لابن حجر، (تهذيب التهذيب) لابن حجر، (الوافي بالوفيَّات) للصفدي، (إمتاع الأسماع) للمقريزي، (التسهيل لعلوم التنزيل) للغرناطي، (شرح نهج البلاغة) للمُعتزلي، (الدر) لابن عبد البر، (المعجم الأوسط) للطبراني، (مجمع الزوائد) لابن حجر، وعشرات الكتب الأخرى نتركها مُراعاةً للاختصار، ومع ذلك فإنَّ عُثمان جعلَ الوليد الفاسق والياً على الكوفة! وهذا تحدي صريح للقرآن، وبعد هذه المصادر وبيان الإجماع على فسقه نأتي إلى قول النواصب، يقول الناصبي محمد بن عبد الوهاب -شيخ الوهابيَّة- في كتابهِ (تفسير آيات من القرآن الكريم) ما نصه -بعدَ أن ذَكَرَ الآية-: نزلت في رَجُلٍ أخبرَ النبي عن بعض المُسلمين أنهم منعوا الزكاة فَهَمَّ -أي النبي- بغزوهم، وكانَ كاذباً -أي الرَّجُل-. انظروا كيف يتنكَّر ابن عبد الوهاب لمولاهُ الفاسق الوليد بن عقبة! لماذا هذا الطغيان؟! إنه لا يمتلك ذرة من الأمانة العلمية! ويقول الناصبي الثاني وهو شيخهم الذهبي في (سير أعلام النبلاء) ما نصه -بعد ذِكر الآية-: نزلت في الوليد..، وكانَ مع فسقه -سامحه الله- شجاعاً قائماً بأمر الجهاد. إن الله يقول عنه (فاسق) والذهبي يقول (سامحه الله)! الله يقول عنه (فاسق) في كتابهِ الكريم على مدى الأيام والدهور وحتى تقوم الساعة.. والذهبي ما زالَ يقول (سامحه الله) فقط كي لا يقول (لعنه الله) لأنَّ اللعنة ستشمل أناساً آخرين!. يا أتباع ابن عبد الوهاب أليسَ الوليد صحابيّاً؟! فلماذا هذه القداسة والعدالة والعصمة التي تجعلونها لهم؟! إنَّ فيهم الصادق وفيهم الكاذب، وفيهم المؤمن والمُنافق، وفيهم الطيب والخبيث..
    النقطة الثانية: أنتم تقولون بعدالة كُل الصحابة، ولَم يكُن كُل الصحابة في البيعة تحت الشجرة، فعلى هذا يكون القانون سارياً في هؤلاء فقط، لأنَّ البقية لم تشملهم الآية، فعدد الصحابة الذين بايعوا تحت الشجرة 1400 وقيل 1300 وقيل 1500 [ألف وخمسمائة صحابي]، وأمَّا عدد الصحابة الكُلِّي يتجاوز 114000 [مائة وأربعة عشر ألف صحابي]، فما هو حُكم البقيَّة؟! عِلماً أنَّ عُثمان بن عفان لم يشهد البيعة تحت الشجرة لأنه كانَ في مكة والمصادر الكثيرة عندكم تؤكد ذلك، راجع (كنز العمال) للمتقي الهندي،(شرح نهج البلاغة) للمُعتزلي، (المحرر الوجيز) لابن عطية الأندلسي، (تفسير النسفي)، (تفسير السمرقندي)، (تفسير ابن أبي حاتم)، (جامع البيان)للطبري، (تفسير العز بن عبد السلام)، (تفسير البيضاوي)، (التسهيل لعلوم التنزيل) للغرناطي، (تفسير البحر المُحيط(تفسير ابن كثير)، (الدر المنثور) للسيوطي، (فتح القدير) للشوكاني، (تفسير الآلوسي)، (تيسير الكريم) للسعدي وغيرها، كُل هذه المصادر تنفي وجود عثمان في بيعة الرضوان.
    النقطة الثالثة: ألا تعلم بأن في نفس السورة آية أُخرى نزلت في بيعة الرضوان تُشير إلى أنَّ هناك شرطاً لتحقق الرضا؟! وهو الوفاء بالعهد الذي عاهدوا عليه النبي (ص) تحت الشجرة، والآية هي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}، والعهد كانَ على عدم الفِرار من المعارك والحروب كما جاء في الروايات الصحيحة عندهم، فعن جابر قال: بايعناهُ تحت الشجرة على أن لا نفرَّ، ولم نبايعهُ على الموت. وهذا الحديث جاء في (المجموع) للنووي، (مسند أحمد)، (سنن الدارمي)، (سنن الترمذي)، (صحيح مُسلم)، (سنن النسائي)، (السنن الكبرىللبيهقي، (معرفة السنن والآثار) للبيهقي أيضاً، (السنن الكبرى) للنسائي، (مجمع الزوائد) لابن حجر الهيثمي وقالَ: إسناده جيد، (عمدة القاري) للعيني، (تحفة الأحوذي) للمباركفوري، (مسند الحميدي)، (بغية الباحث) لابن أبي سلامة، (مُسند أبي يعلى)، (صحيح ابن حبان)، (المعجم الأوسط) للطبراني، (المعجم الكبير) للطبراني أيضاً، (التمهيد) لابن عبد البر، (كنز العمال) للمتقي الهندي، (جامع البيان) للطبري، (تفسير ابن زمين)، (تفسير الثعلبي)، (تفسير البغوي)، (المحرر الوجيز) لابن عطية الأندلسي، (تفسير البحر المُحيط)، (تفسير ابن كثير)، (البداية والنهاية) لابن كثير، (الدر المنثور) للسيوطي، (فتح القدير) للشوكاني، (تفسير الآلوسي)، (الطبقات الكبرى) لابن سعد، (تأريخ دمشق الكبير) لابن عساكر، (أُسد الغابة) لابن الأثير، (لسان الميزان) لابن حجر، (تأريخ الطبري(تأريخ الإسلام) للذهبي، (الوافي بالوفيات) للصفدي، (إمتاع الأسماع) للمقريزي، (السيرة النبوية) لابن هشام، (سُبل الهدى والرشاد) للصالحي وغيرهم..، كل هذه المصادر وَرَدَ فيها هذا الحديث، بأنهم بايعوا رسول الله على أن لا يفرُّوا، فالنتيجة المُستخلصة من هذا الحديث هي أن البيعة إنما تكون مفخرة لِمن وفَى بها من الصحابة، والوفاء بها هو عدم الفرار، فهل فرَّ منهم أحد؟! الجواب عند البخاري ومُسلم في صحيحيهما يقولان: لما كانَ يوم حُنين.. كانَ مع النبي عشرة آلاف.. فأدبروا عنهُ حتى بقيَ وحده. العشرة آلاف -يا وهابية- أليسوا صحابة؟! أليست حُنين بعد بيعة الرضوان تحت الشجرة؟! إننا نتعجَّب من تخريفاتكم! هذا ما يقوله البخاري إمامكم، وهو حُجة عليكم، ولكن.. بغض علي وفاطمة (ع) هو سبب غبائكم..، ولم يأتِ هذا الحديث في البخاري ومُسلم فقط، بل جاء في (عمدة القاري) للعيني، (صحيح ابن حبَّان)، (البداية والنهاية) لابن كثير، (السيرة النبويةلابن كثير أيضاً، (السيرة الحلبية) للحلبي، (فلك النجاة) لفتح الدين الحنفي، وغيرهم..، وفي (المستدرك على الصحيحين) للحاكم النيسابوري حديث آخر عن ابن مسعود أنه قال: (كنت مع النبي يوم حُنين فولَّى عنه الناس، وما بقي معه إلا ثمانون رجُلاً..) . وقد وردَ هذا الحديث الصحيح في (تفسير ابن أبي حاتم)، (تفسيرابن كثير(الدر المنثور) للسيوطي، (فتح القدير) للشوكاني، (تأريخ دمشق الكبير) لابن عساكر، (أُسد الغابة) لابن الأثير، (تأريخ الإسلام) للذهبي، (إمتاع الأسماع) للمقريزي، (سُبل الهدى والرشاد) للصالحي وغيرهم الكثير..، فهل تبقى كلمة (رضي الله عنهم) لهؤلاء؟! أليسَ فيهم ممن بايع تحت الشجرة؟! ولَم يفروا في حُنين فقط بل في أُحد وخيبر كما هو واضح، فقد فرَّ الشيخان في خيبر وأُحد فراراً كبيراً، ولِذا قالَ النبي (ص) في خيبر: إني لأعطينَّ الراية غداً..، والعشرات من كتب التأريخ شاهدة على ذلك، ولا نريد التفصيل لأنَّ اللبيب المُطَّلِع يفهم بالإشارة، عِلماً أنَّ بيعة الرضوان حَدَثت بعدَ فرارهم من المشركين، فعاهدهم النبي بالبيعة ثانية تحت الشجرة على أن لا يفرُّوا.
    النقطة الرابعة: إنَّ ممن بايع تحت الشجرة "عبدالرحمن بن عديس البلوي" وهو ممن قتلَ عثمان بن عفان، فإذا كانَ عُثمان مؤمناً -عندكم- فالذي قتله يكون مؤمناً أيضاً؟! وإذا كانَ عثمان مؤمناً -كما تزعمون- فلماذا نسيتم قولَ الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، إذاً ما هو مصير "عبد الرحمن بن عديس" يا وهابيَّة؟! فإمَّا عبد الرحمن ملعون! وإما أنَّ عثمان ليس مؤمناً؟! وربما يقول جاهل: إنَّ عبد الرحمن تابَ بعد ذلك.
    الجواب:
    أوَّلاً: إننا ابتُلينا بالجهال!.
    ثانياً: ألم يقرأ في العشرات من كتبهم بأن عبد الرحمن بن عديس بقيَ يفتخر بمقتل عُثمان حتى قُبض.
    ثالثاً: أينَ الحديث الصحيح في البخاري أو غيره الذي فيه بأنه تاب؟. ولن أُعطي هذا السؤال قيمة لأنَّ السائل ليسَ لدية قيمة علمية.
    وممن حضَرَ بيعة الرضوان "أبو العادية" أو "أبو الغادية" وهو الذي قتلَ عمار بن ياسر في معركة صفين، فهل الله يرضى عن عمار أم عن أبي العادية؟! بل إنَّ أبا العادية يفتخر بذلك، فعندما جاء إلى مُعاوية وقالَ له مَن أنت؟ قال: قاتل عمار! وفي الحديث الصحيح كما في(المستدرك على الصحيحين) وفي (مجمع الزوائد) وقال: رجال أحمد ثقات. وفي (مسند أحمد) أن النبي (ص) قال: (قَاتِلُ عَمَّارٍ وَسَالِبُهُ في النَّارِ). وروى هذا الحديث الكثير من علمائهم مثل (الجامع الصغير) للسيوطي، (كنز العمال) للمتقي الهندي، (تأريخ دمشق الكبير) لابن عساكر، (سير أعلام النبلاء) للذهبي، (الإصابة) لابن حجر، وعشرات الكتب الأخرى لا نريد ذكرها مُراعاةً للاختصار، فهل أبو العادية من أهل الرضا أم من أهل النار؟! فقد شَهِدَ البيعة، وقتلَ عماراً؟ فصارَ باغياً ومن أهل النار بصريح الأحاديث الصحيحة. وقالَ النبي (ص): (يَا عَمَّارُ تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ). كما في (صحيح البخاري)، (صحيح مسلم)، (مسند أحمد)، (سنن الترمذي)، (فضائل الصحابة) للنسائي، (المستدرك على الصحيحين) للحاكم النيسابوري، (السنن الكبرى) للبيهقي وغيرهم..،فهل بقيَ دين أو إسلام لأبي العادية حتى تُطنطنوا بالبيعة تحت الشجرة؟! وهل حصَّنتهم بيعتهم من الخطأ أو الانحراف أو الفسق أو الكفر أو البغي أو الخلود في النار على مرِّ الدهور كما يدعي ذلك الجهال من أتباع المذاهب الأربعة؟!.
    النقطة الخامسة: لقد تلاعبَ الكثير من أصحاب البيعة تحت الشجرة بالدِّين وبالإسلام وزوَّروا الأحاديث وأحْدَثُوا بعدَ النبي (ص) الشيء الكثير، فهل تبقى لهم عدالة؟! ولم نأتِ بهذا الكلام من البقالة..! بل هذا ما جاء في (صحيح البخاري) عن العلاء بن المُسيَّب عن أبيه أنه قال: لقيت البراء بن عازب رضي الله عنهما، فقلت: طوبى لك صحبت النبي وبايعته تحت الشجرة، فقال: يا ابن أخي إنك لا تدري ما أحْدَثْنا بعده. وهذا الحديث يُشير إلى أنَّ الصحابة يؤمنون بأن الآية في البيعة ليست عاصِمة لهم، بل وفيها إشارة إلى انحرافهم بعد النبي (ص)، وأيضاً فيها إشارة إلى أنهم أحْدَثُوا وتلاعبوا في سُنَّة النبي (ص) قطعاً، فمن هُنا يعرف القارئ مُستوى العقلية التي يتعامل بها أتباع المذاهب الأربعة؟! وهذا الحديث جاء في كتابهم الأعلى وهو البخاري، وأيضاً جاء في الكثير من كتبهم مثل (عمدة القاري) للعيني، (الكامل) لابن عدي، (تأريخ دمشق الكبير) لابن عساكر، (الإصابة) لابن حجر، (فلك النجاة) لفتح الدين الحنفي وغيرهم..، وماذا قالَ النبي عن الذي يُحْدِث في الدين؟! فعن رسول الله أنه قال: شَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتهُا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدعَةٍ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ وَكُلُّ ضَلاَلَةٍ في النَّارِ. أي أنهم مثل "أبي العادية" في النار. فهؤلاء أصحاب النبي (ص) -أولاً-، وبايعوهُ -ثانياً-، ومع ذلك أحْدَثُوا بعده وأصبحوا من أهل النار بحسب الحديث. وقد ورَدَ هذا الحديث بألفاظٍ مُختلفة في المئات من كتبهم مثل: (صحيح البخاري)، (صحيح مسلم)، (السنن الكبرى) للبيهقي، (المجموع) للنووي، (مسند أحمد)، (سنن الدارمي)، (سنن ابن ماجة)، (مجمع الزوائد) للهيثمي، (السنن الكبرى) للنسائي، (صحيح ابن حبَّان)، (رياض الصالحين) للنووي، (نصب الراية) للزيعلي، (كنز العمال) للمتقي، (الدر المنثور) للسيوطي، (الطبقات الكبرى) لابن سعد، (نيل الأوطار) للشوكاني، (أحكام الجنائز) للألباني، (عمدة القاري) للعيني، (مسند أبي داوود)، (المصنف) للصنعاني، (المصنف) لابن أبي شيبة، (المعجم الكبير، والأوسط، والصغير) للطبراني، (الجامع الصغير) للسيوطي.. وغيرها، -وإني آسف- ربما تعب القارئ من كثرة المصادر، ولكن -الله يساعدك-، ولو كانَ المجال واسعاً لكتبت خمس صفحات من مصادرهم فقط، وإليك أيها القارئ حديثاً آخر عن الرسول أنه قالَ لشهداء أُحد: هَؤُلاءِ أَشهَدُ عَلَيهِم، فَقالَ أبو بكر: ألسنا يا رسول الله بإخوانهم! أسلمنا كما أسلموا! وجاهدنا كما جاهدوا؟! فقالَ النبي: بَلَى، وَلَكِن لا أَدرِي مَا تحُدِثُونَ بَعْدِي. هل يريدون كلاماً أوضح من هذا؟! والخِطاب لأبي بكر! وهذا الحديث وردَ في (الموطأ) لمالك، (المصنف) للصنعاني، (الاستذكار) و(التمهيد) لابن عبد ربه، وقال: هذا الحديث مُرسل هكذا منقطع ثم جميع الرواة للموطأ، ولكن معناهُ يستند من وجوه صحاح كثيرة، (فلك النجاة) لفتح الدين الحنفي، وغيرهم..، فأيَّة بيعة هذه التي تُثرثرون بها في القنوات الفضائيَّة؟! ولا نريد التفصيل في هذا الموضوع لأنَّ هناك حديث الحوض وإقصاء الصحابة عنه يوم القيامة وغيره من الأحاديث الصحيحة، ثُمَّ إنكم تكتبونَ وتطبعون في بلادكم، فهل إذا كَتَبنا ردّاً عليكم ستسمحون بطباعتهِ في بلادكم؟! أو -على الأقل- السماح بدخولهِ؟! فعندما تتكلمون تُريدون من الناس أن يسمعوا فقط، وإذا تكلَّمنا حكمتم علينا بالإعدام، فلماذا؟! إنكم تتعاملون بمنطق القوة! ونحن نتعامل بقوَّة المنطق! وكم مكتبة للشيعة تم إغلاقها؟! إن كنتم على حق فلماذا تخافون من كتب الشيعة؟!.
    النقطة السادسة: قالَ الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ}، فالآية تتكلم عن المؤمنين فقط، ولا تشمل المُنافقين الذين حضروا بيعة الرضوان تحت الشجرة، وإني أتحدَّى أي صعلوك من صعاليكهم أن يُجيب على سؤالي: هل "عبد الله بن أُبي بن سلول" مؤمِنٌ أَم مِن كِبار المُنافقين؟! وهل "أوس بن خولى" مؤمِنٌ أَم مِن كِبار المُنافقين؟! وهل "حاطب بن أبي بلتعة" مؤمِنٌ أَم مِن كِبار المُنافقين؟!وهؤلاء كلهم كانوا في بيعة الرضوان. راجع كتاب (المستدرك على الصحيحين)، (صحيح البخاري(صحيح مُسلم)، (إمتاع الأسماع) للمقريزي، (سُبل الهدى والرشاد)، (السيرة الحلبية)، (المجموع)، (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية) لأحمد بن عبد الرزاق الدويش، وعشرات الكتب الأخرى.
    النقطة السابعة: "عمرو بن الحمق الخزاعي" ممن خرجَ على عثمان، وهو من أصحاب بيعة الرضوان!..، وهناك العشرات من النقاط لا يسع المجال لذكرها.

  • #2
    تفنيد الشبهات حول الصحابي المجاهد العدل المظلوم الوليد بن عقبة (رضي الله عنه)


    بالرغم من أمر الله بالتثبت والتبين كان صريحا في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين (الحجرات6).
    فقد ورد في تفسير هذه الآية ما يخالف هذا الأمر الإلهي فيها من منهج التثبت والتبين.

    فقد انتشرت في كتب التفسير روايات تصف (الوليد بن عقبة) أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي ثبت أنه كان مجاهدا صلبا عنيدا فتح به به كثيرا من بلاد فارس. زعموا أنه هو الذي نزلت في هذه الآية وأنه فاسق بالنص من القرآن.

    يقول ابن كثير حمه الله وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الاَية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط, حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات بني المصطلق, وقد روي ذلك من طرق ومن أحسنها ما رواه الإمام أحمد في مسنده من رواية ملك بني المصطلق, وهو الحارث بن ضرار والد جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنها. قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن سابق, حدثنا عيسى بن دينار, حدثني أبي أنه سمع الحارث بن ضرار الخزاعي رضي الله عنه.. (الحديث).

    وهذا السند الذي قال عنه ابن كثير بأنه من أحسنها هو سند ضعيف.
    فإن في السند محمد بن سابق. ضعفه ابن معين ووثقه العجلي. وقال يعقوب بن شيبة (ثقة لا يوصف بالضبط). وقال الحافظ عنه في التقريب (صدوق).
    ودينار وهو والد عيسى ذكره ابن حبان في الثقات مع أن ابنه عيسى هو من المجاهيل.

    فالرواية إذن ضعيفة بالرغم من أنها أحسن الموجود.
    ورواه ابن أبي حاتم والطبري في تاريخه (11/383) عن المنذر بن شاذان التمار عن محمد بن سابق به. وفيه موسى بن عبيدة الربذي وجهالة ثابت مولى أم سلمة. ولا يعرف لأم سلمة مولى إسمه ثابت.

    وبهذا تعجب من قول الهيثمي بأن رجال الرواية ثقات مع جهالة عيسى هذا وجهالة ثابت المولى المزعوم لأم سلمة.
    ورواه الطبري أيضا وكذلك البيهقي في سننه (9/54) من طريق العوفي عن ابن عباس. وهذا إسناد مسلسل بالعوفيين والعوفيون ضعفاء كما هو معلوم.

    كذلك أورد ابن كثير أقوالا لمجاهد وقتادة وابن أبي ليلى. وكلها روايات مرسلة وهذه المرسلات لا تصلح لإثبات تهمة الفسق على صحابي فإننا لا نقبلها في أحكام الطهارة ولا الصلاة. فكيف نقبلها في جرح خير هذه الأمة؟

    فلم يثبت بحمد الله من هذه الروايات شيء ألبتة.

    وقد كانت هذه الروايات في حاجة إلى عناية ومتابعة وجهد ليتبين بعدها أن الروايات كلها كانت منقطعة الأسانيد وأن ما صح منها كما في صحيح مسلم لا يعدو أن يثبت شهادة الفساق عليه زورا كما سوف يتبين لك من هذا البحث القيم الذي قام به الأستاذ محب الدين الخطيب رحمه الله رحمة واسعة ووجب على كل قارئ لبحثه هذا أن يدعو له بالرحمة.

    شهادة الأستاذ محب الدين الخطيب في الوليد بن عقبة
    قال الأستاذ محب الدين الخطيب رحمه الله « كنت في ما مضى أعجب كيف تكون هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة ويسميه الله فاسقاً، ثم تبقى له في نفس خليفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر وعمر المكانة التي سجلها له التاريخ.. إن هذا التناقض ـ بين ثقة أبي بكر و عمر بالوليد بن عقبة وبين ما كان ينبغي أن يعامل به لو أن الله سماه فاسقاً ـ حملني على الشك في أن تكون الآية نزلت فيه..
    وبعد أن ساورني هذا الشك أعدت النظر في الأخبار التي وردت عن سبب نزول الآية { إن جاءكم فاسق بنبأ . . . } فلما عكفت على دراستها وجدتها موقوفة على مجاهد، أو قتادة أو ابن أبي ليلى، أو يزيد بن رومان، ولم يذكر أحد منهما أسماء رواة هذه الأخبار في مدة مائة سنة أو أكثر مرت بين أيامهم وزمن الحادث، وهذه المائة من السنين حافلة بالرواة من مشارب مختلفة.
    وإن الذين لهم هوى في تشويه سمعة مثل الوليد ومن هم أعظم مقاماً من الوليد قد ملأوا الدنيا أخباراً مريبة لها قيمة علمية.
    وما دام رواة تلك الأخبار في سبب نزول الآية مجهولين من علماء الجرح والتعديل بعد الرجال الموقوفة هذه الأخبار عليهم وعلماء الجرح والتعديل لا يعرفون من أمرهم حتى ولا أسمائهم [ شيئاً ]، فمن غير الجائز شرعاً وتاريخاً الحكم بصحة هذه الأخبار المنقطعة التي لا نسب لها وترتيب الأحكام عليها.
    وهنالك خبران موصولان أحدهما عن أم سلمة زعم موسى بن عبيدة أنه سمعه من ثابت مولى أم سلمة وموسى بن عبيدة ضعفه النسائي وابن المديني وابن عدي وجماعة.
    وثابت المزعوم أنه مولى أم سلمة ليس له ذكر في كل ما رجعت إليه من كتب العلم ن فلم يذكر في تهذيب التهذيب ولا في تقريب التهذيب ولا في خلاصة تذهيب الكمال، بل لم أجده في (ميزان الاعتدال ) و( لسان الميزان ).
    وذهبت إلى مجموعة أحاديث أم سلمة في مسند الإمام أحمد فقرأتها واحداً واحداً فلم أجد فيها هذا الخير بل لم أجد لأم سلمة أي خبر ذكر فيه اسم مولى لها يدعى ثابت ، زد على كل هذا أن أم سلمة لم تقل في هذا الخبر ـ إن صح عنها ـ ولا سبيل إلى أن يصح عنها ـ إن الآية نزلت في الوليد بل قالت ـ أي قيل على لسانها ـ " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رجلا ) في صدقات بين المصطلق " .
    والخبر الثاني الموصول رواه الطبري في التفسير عن ابن سعد عن أبيه عن عمه عن أبيه عن أبيه عن ابن عباس.
    والطبري لم يلق ابن سعد ولم يأخذ عنه لأن ابن سعد لما توفي بغداد سنة 23هـ كان الطبري طفلا في نحو السادسة من عمره ولم يخرج إلى ذلك الحين من بلده آمل في طبرستان لا إلى بغداد ولا لغيرها.
    ثم تبين لي أن ابن سعد الذي ورى عنه الطبري هو محمد بن سعد العوفي ن وقد وصف الشيخ أحمد شاكر سنده بأنه ( سند مسلسل بالضعفاء من أسرة واحدة ) انظر تفسير الطبري طبعة دار المعارف 1 :263).
    فكل هذه الأخبار من أولها إلى آخرها لا يجوز أن يؤاخذ بها مجاهد كان موقع ثقة أبي بكر وعمر وقام بخدمات للإسلام يرجى له بها أعظم المثوبة إن شاء الله أضف إلى كل ما تقدم أنه في الوقت الذي حدث فيه لبني المصطلق الحادثة التي نزلت فيها الآية كان الوليد صغير السن كما سيأتي في الفقرة التالية .
    وروى أحمد في مسنده ( 4 : 32 ) حول عمر الوليد بن عقبة يوم فتح مكة عن شيخ له هو فياض بن محمد الرقي عن جعفر بن برقان الرقي عن ثابت بن الحجاج الكلابي الرقي عن عبد الله الهمداني هو ( عبد الله بن مالك بن الحارث ) عن الوليد بن عقبة، والظاهر أن الوليد بن عقبة تحدث بهذا الحديث عندما اعتزل الناس في السنين الأخيرة من حياته واختار الإقامة في قرية له من أعمال الرقة ، فتسلسلت رواية الخبر في الرواة الرقيين، وأخذه الإمام أحمد عن شيخ له منهم وعبد الله الهمداني ثقة لكن التبس اسمه في غر هذه الرواية بهمداني آخر يكنى أبا موسى واسمه مالك بن الحارث ( أي على اسم والد عبد الله الهمداني ) وهو مجهول عند أهل الجرح والتعديل.
    أما عبد الله الهمداني الذي ينتهي إليه الخبر في رواية الإمام أحمد فمعروف وموثوق به وعلى روايته وأمثالها اعتمد القاضي ابن العربي في الحكم على سن الوليد بن عقبة بأنه كان صبياً عند فتح مكة وأن الذي نزلت فيه آية ( إن جاءكم فاسق بنبأ ) هو شخص آخر.
    ومن عجيب أمر الذين كان لهم هوى في تشويه سمعة هذا الصحابي الشاب المجاهد الطيب النفس الحسن السيرة في الناس أنهم حاولوا إدحاض حجة صغر سنه في ذلك الوقت بخبر آخر روي عن قدومه مع أخيه عمارة إلى المدينة في السنة السابعة للهجرة ليطلبا من النبي صلى الله عليه وسلم رد أختهما أم كلثوم إلى مكة.
    وأصل هذا الخبر ـ إن صح ـ مقدم فيه اسم عمارة على اسم الوليد وهذا مما يستأنس به في أن عمارة هو الأصل في هذه الرحلة وأن الوليد جاء في صحبته.
    وأي مانع يمنع قدوم الوليد صبياً بصحبة أخيه الكبير كما يقع مثل ذلك في كل زمان ومكان؟
    فقول الوليد إنه كان في سنة الفتح صبياً ليس في خبر قدومه مع أخيه الكبير إلى المدينة في السنة السابعة ما يمنعه أو يناقضه.
    فإذا تقرر عندك أن جميع الأخبار الواردة بشأن الوليد بن عقبة في سبب نزول آية {إن جاءكم فاسق بنبأ } لا يجوز علمياً أن يبنى عليها حكم شرعي أو تاريخي، وإذا أضفت إلى ذلك حديث مسند الإمام أحمد عن سن الوليد في سنة الفتح يتبين لك بعد ذلك حكمة استعمال أبي بكر وعمر للوليد وثقتهما به واعتمادهما عليه مع أنه كان لا يزال في صدر شبابه.

    الوليد المجاهد الفاتح العادل
    أما الوليد بن عقبة المجاهد الفاتح العادل المظلوم ( الذي كان منه لأمته كل ما استطاع من عمل طيب، ثم رأى بعينه كيف يبغي المبطلون على الصالحين وينفذ باطلهم فيهم، فاعتزل الناس بعد مقتل عثمان في ضيعة له منقطعة عن صخب المجتمع، وهي تبعد خمسة عشر ميلاً عن بلدة الرقة من أرض الجزيرة التي كان يجاهد فيها ويدعو نصاراها إلى الإسلام في خلافة عمر).
    فقد آن لدسائس الكذابين فيه أن ينكشف عنها عوارها ولا يضير هذا الرجل أن يتأخر انكشاف الحق فيه ثلاثة عشر قرناً فإن الحق قديم ولا يؤثر في قدمه احتجابه.
    أراد الوليد بن عقبة ـ منذ ولي الكوفة لأمير المؤمنين عثمان ـ أن يكون الحاكم المثالي في العدل والنبل والسيرة الطيبة مع الناس كما كان المحارب المثالي في جهاده وقيامة للإسلام بما يليق بالذائدين عن دعوته، الحاملين لرايته الناشرين لرسالته وقد لبث في إمارته على الكوفة خمس سنوات وداره ـ إلى اليوم الذي زايل فيه الكوفة ـ ليس لها باب يحول بينه وبين الناس ممن يعرف أولا يعرف، فكان يغشاها كل من شاء متى شاء من ليل أو نهار ولم يكن بالوليد حاجة لأن يستتر عن الناس.
    فالستر دون الفاحشات ولا يلقاك دون الخير من ستر
    وكان ينبغي أن يكون الناس كلهم محبين لأميرهم الطيب لأنه أقام لغربائهم دور الضيافة وأدخل على الناس خيراً حتى جعل يقسم المال للولائد والعبيد ، ورد على كل مملوك من فضول الأموال في كل شهر ما يتسعون به من غير ان ينقص مواليهم من أرزاقهم وبالفعل كانت جماهير الشعب متعلقة بحب هذا الأمير المثالي طول مدة حكمه.
    إلا أن فريقاً من الأشرار وأهل الفساد أصاب بنيهم سوط الشريعة بالعقاب على يد الوليد فوقفوا حياتهم على ترصد الأذى له.
    ومن هؤلاء رجال يسمى أحدهم أبا زينب بن عوف الأزدي وآخر يسمى أبا مورع وثالث اسمه جندب أبو زهير.
    قبضت السلطات على أبنائهم في ليلة نقبوا فيها على ابن الحيسمان داره وقتلوه وكان نازلاً بجواره رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أهل السابقة في الاسلام وهو أبو شريح الخزاعي حامل راية رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش خزاعة يوم فتح مكة.
    فجاء هو وابنه من المدينة ليسيرا مع أحد جيوش الوليد بن عقبة التي كان يواصل توجيهها نحو المشرق للفتوح ونشر دعوة الإسلام، فشهد هذا الصحابي وابنه في تلك الليلة سطو هؤلاء الأشرار على منزل ابن الحيسمان، وأدى شهادته هو وابنه على هؤلاء القتلة السفاحين.
    فأنفذ الوليد فيهم حكم الشريعة على باب القصر في الرحبة ، فكتب آباؤهم العهد على أنفسهم للشيطان بأن يكيدوا لهذا الأمير الطيب الرحيم وبثوا عليه العيون والجواسيس ليترقبوا حركاته.
    وكان بيته مفتوحاً دائماً وبينما كان عنده ذات يوم ضيف له من شعراء الشمال كان نصرانياً في أخواله من بني تغلب بأرض الجزيرة وأسلم على يد الوليد فظن جواسيس الموتورين أن هذا الشاعر الذي كان نصرانياً لا بد أن يكون يشرب الخمر.
    ولعل الوليد أن يكرمه بذلك. فنادوا أبا زينب وأبا المورع وأصحابهما، فاقتحموا الدار على الوليد من ناحية المسجد ولم يكن لداره باب. فلما فوجئ بهم نحى شيئاً أدخله تحت السرير ، فأدخل بعضهم يده فأخرجه بلا إذن من صاحب الدار، فلما أخرج ذلك الشئ من تحت السرير إذا هو طبق عليه تفاريق عنب فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون من الخجل ، وسمع الناس بالحكاية فأقبلوا يسبونهم ويلعنونهم.
    وقد ستر الوليد عليهم ذلك وطواه عن عثمان وسكت عن ذلك وصبر، ثم تكررت مكايد جندب وأبي زينب وأبي المورع وكانوا يغتنمون كل حادث فيسيئون تأويله ويفترون الكذب وذهب بعض الذين كانوا عمالا في الحكومة ونحاهم الوليد عن أعمالهم لسوء سيرتهم فقصدوا المدينة وجعلوا يشكون الوليد لأمير المؤمنين عثمان ويطلبون منه عزله عن الكوفة وفيما كان هؤلاء في المدينة دخل أبو زينب وأبو المورع دار الإمارة بالكوفة مع من يدخلها من غمار الناس وبقيا فيها إلى أن تنحى الوليد ليستريح فخرج بقية القوم ، وثبت أبو زينب وأبو المورع إلى أن تكنا من سرقة خاتم الوليد من داره وخرجا.
    فلما استيقظ الوليد لم يجد خاتمه فسأل عنه زوجتيه ـ وكانتا في مخدع تريان منه زوار الوليد من وراء ستر ـ فقالتا إن آخر من بقي في الدار رجلان، وذكرنا صفتيهما وحليتهما للوليد، فعرف أنهما أبو زينب وأبو المورع، وأدرك أنهما لم يسرقا الخاتم إلا لمكيدة بيتاها فأرسل في طلبهما فلم يوجدا في الكوفة، وكان قد سافرا تواً إلى المدينة.
    وتقدما شاهدين على الوليد بشرب الخمر (واكبر ظني أنهما استلهما شهادتهما المزورة من تفاصيل الحادث الذي سبق وقوعه لقدامة بن مضعون في خلافة عمر (فقال كنا من غاشيته فدخلنا عليه وهو يقئ الخمر فقال عثمان ما يقئ الخمر إلا شاربها فجئ بالوليد من الكوفة فحلف لعثمان وأخبره خبرهم، فقال عثمان : " نقيم الحدود ويبوء شاهد الزور بالنار ".

    هذه قصة اتهام الوليد بالخمر كما في حوادث سنة 30 هـ من تاريخ الطبري وليس فيها ـ على تعدد مصادرها ـ شئ غير ذلك وعناصر الخبر عند الطبري أن الشهود على الوليد اثنان من الموتورين الذين تعادت شواهد غلهم عليه ، ولم يرد في الشهادة ذكر الصلاة من أصلها فضلا عن أن تكون اثنتين أو أربعاً، وزيادة ذكر الصلاة هي الأخرى أمرها عجيب.
    فقد نقل خبرها عن الحضين بن المنذر ( أحد أتباع علي ) أنه كان مع علي عند عثمان ساعة أقيم الحد على الوليد، وتناقل الناس عنه هذا الخبر فسجله مسلم في صحيحه ( كتاب الحدود ) بلفظ " شهدت عثمان ابن عفان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ( ركعتين ) ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان بأنه تقياً أحدهما حمران أنه شرب الخمر وشهد اخر أنه أنه راه يتقيأ ) فالشاهدان لم يشهدا بأن الوليد صلى الصبح ركعتين وقال أزيدكم بل شهد أحدهما بأنه شرب الخمر وشهد الآخر بأنه تقيأ.
    أما صلاة الصبح ركعتين وكلمة أزيدكم فهي من كلام حضين، ولم يكن حضين من الشهود، ولا كان في الكوفة في وقت الحادث المزعوم، ثم إنه لم يسند هذا العنصر من عناصر الاتهام إلى إنسان معروف.
    ومن العجيب أن نفس الخبر الذي في صحيح مسلم وارد في ثلاثة مواضع من مسند أحمد مروياً عن حضين، والذي سمعه من حضين في صحيح مسلم هو الذي سمعه منه في مسند احمد بمواضعه الثلاثة.
    فالموضعان الأول والثاني ( ج1 ص82 و140 ) ليس فيهما ذكر الصلاة عن لسان حضين فضلاً عن غيره، فلعل أحد الرواة من بعده أدرك أن الكلام عن الصلاة ليس من كلام الشهود فاقتصر على ذكر الحد.
    وأما في الموضع الثالث من مسند أحمد ( ج1ص 144 ) فقد جاء على لسان حضين أن الوليد صلى بالناس الصبح أربعاً، وهو يعارض ما جاء على لسان حضين نفسه في صحيح مسلم ، ففي إحدى الروايتين تحريف [ و ] الله أعلم بسببه.
    وفي الحالتين لا يخرج ذكر الصلاة عنه أنه كلام حضين وحضين ليس بشاهد ، ولم يرو عن شاهد ، فلا عبرة بهذا الجزء من كلامه.
    وبعد أن علمت بأمر الموتورين فيما نقله الطبري عن شيوخه، أزيدك علماً بأمر حمران [ المذكور في الرواية ] وهو عبد من عبيد عثمان كنا قد عصى الله قبل شهادته على الوليد فتزوج في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم امرأة مطلقة ودخل بها وهي في عدتها من زوجها الأول، فغضب عليه عثمان لهذا ولأمور أخرى قبله فطرده من رحابه وأخرجه من المدينة، فجاء الكوفة يعيث فيها فساداً، ودخل على العبد الصالح عامر بن عبد القيس فافترى عليه الكذب عند رجال الدولة وكان سبب تسييره إلى الشام.
    وأنا أترك أمر هذا الشاهد والشاهدين الآخرين قبله إلى ضمير القارئ يحكم عليهم بما يشاء ، وفي اجتهادي أن مثل هؤلاء الشهود لا يقام بهم حد الله على ظنين من السوقة والرعاع ، فكيف بصحابي مجاهد وضع الخليفة في يده أمانة قطر وقيادة جيوش فكان عند الظن به من حسن السيرة في الناس وصدق الرعاية لأمانات الله ، وكان موضع الثقة عند ثلاثة من اكمل خلفاء الإسلام ابي بكر وعمر وعثمان.
    وإن قرابة الوليد من عثمان التي يزعم الكذبة أنها سبب المحاباة منه لهم إنما كانت سبب التسامح من عثمان في عزلهم يتسلون بأعراض الناس يتفكهون بأبيات ستة منسوبة إلى ماجن خسيس النفس وردت في ص85 من ديوانه ولا تحملهم سليقة النقد على الشعور بما في هذه الأبيات من التضارب والتعارض فأين مدحه فيها للوليد بقوله :


    ورأوا شمائل ماجد أنف بعطي على الميسور والعسر
    فنزعت مكذوباً عليك ولم تردد إلى عوز ولا فقر
    من بقية الأبيات التي فيها :
    نادى وقد تمت صلاتهم أأزيدكم ثملا وما يدري
    فالذي يقول البيت الأخير لا يعقل أن يقول معه البيتين الأولين فيكون مادحاً وذاماً في قطعة واحدة لا تزيد على ستة أبيات : وقد كانت لي مقالة مطولة عن ( التخليط في الشعر ) ضربت فيها الأمثلة على دس الأبيات غريبة في قصائد من وزنها ورويها لغير ناظمها .
    وعلى كل حال فالشهود الذين شهدوا بين يدي عثمان لم يدّعوا حكاية الصلاة مع أنهم لم يكونوا ممن يخاف الله واليوم الاخر.
    والآن أقولها لوجه الله صريحة ومدوية إن الوليد لو كان من رجال التاريخ الأوربي كالقديس لويس الذي أسرناه في دار ابن لقمان بالمنصورة لعدوه قديساً لأن لويس التاسع لم يحسن إلى فرنسا كإحسان الوليد بن عقبة إلى أمته ولم يفتح للنصرانية كفتح الوليد للإسلام.
    والعجب لأمة تسئ إلى أبطالها وتشوه جمال تاريخها وتهدم أمجادها كما يفعل الأشرار منا ، ثم ينتشر كيد هؤلاء الأشرار حتى يظن الأخيار أنه هو الحق» ا. هـ
    (العواصم من القواصم ص90-98 تحتقيق وتعليق الأستاذ محب الدين الخطيب).

    بعد هذا البحث القيم نقول:
    رحم الله الأستاذ محب الدين الخطيب على ما ذب به عن عرض الصحابي الجليل الوليد بن عقبة المتهم ظلما وزورا بشرب الخمر والذي طار أعداء الإسلام من الداخل بخبره فرحا ليكيدوا لأسانيد القرآن البشرية (أعني الصحابة) حسدا من عند أنفسهم.

    وليبرروا قولهم بتحريف القرآن وليوجدوا لأنفسهم ولو أنموذجا واحدا يكسرون به عدالة الصحابة.

    وظن هؤلاء أنهم يدافعون بذلك عن الاسلام. وما دروا أنهم إنما يطعنون بذلك في القرآن بمحاولتهم كسر حصن وقاعدة (عدالة الصحابي) التي غدت قاعدة أهل السنة ومنهجهم.
    الصحابة أسانيد القرآن. والطعن بهم طعن في سند القرآن.

    وكم سوف يفرح أعداء المسلمين حين يجدون من يعينهم من داخل الإسلام من يكسر هذا السند ليعينهم على الطعن في القرآن الكريم. فكيف وأن كتب هؤلاء قد صرحت هي الأخرى بتواتر الأسانيد والروايات عن امتداد أيدي الصحابة إلى القرآن بالتحريف والحذف وتغيرر الآيات عن موضعها: لهثا وراء المكاسب والإمارة الدنيوية.

    أو يعقل هذا فيمن وصفهم الله بأنهم (يؤثرون على أنفسهم). ونحذف إكراما لعيون هؤلاء المنافقين نحذف حرف الجر (على). من الآية فتصير الآية هكذا:
    (ويؤثرون أنفسهم) ليحلو لهم اعتقادهم أن الصحابة كانوا أنانيين وكانوا أحرص الناس على حياة وعلى عرض الدنيا القليل؟

    بدلا من (ويؤثرون على أنفسهم) والتي تصفهم بأنهم يقدمون الآخرين إطعاما وكفالة على أنفسهم.

    كلا والله. إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا وبلوا كل ما عندهم رخيصا في سبيل أقامة دين الله لا يمكن أن نعتقد فيهم إلا ما قاله الله تعالى (ويؤثرون على أنفسهم) وليس (يؤثرون أنفسهم)...

    بعد هذا نقول للرافضة: قد عدتم بعد هذا خائبين لم تنالوا بجهدكم هذا خيرا. بل أرغم الله أنوفكم ولم تستطيعوا أن تكسروا قاعدتنا في عدالة صحابة نبينا.
    وهكذا بقيت لنا قاعدتنا العظيمة أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عدول.

    اللهم إني أسألك بهذا الجهد المتواضع للذب عن صحابة نبيك أن تحشرني معهم أنا وكل من يؤمن على دعائي.

    وكتبه: عبد الرحمن محمد سعيد دمشقية

    تعليق


    • #3
      وكلها روايات مرسلة وهذه المرسلات لا تصلح لإثبات تهمة الفسق على صحابي فإننا لا نقبلها في أحكام الطهارة ولا الصلاة. فكيف نقبلها في جرح خير هذه الأمة؟ فلم يثبت بحمد الله من هذه الروايات شيء ألبتة. وقد كانت هذه الروايات في حاجة إلى عناية ومتابعة وجهد ليتبين بعدها أن الروايات كلها كانت منقطعة الأسانيد وأن ما صح منها كما في صحيح مسلم لا يعدو أن يثبت شهادة الفساق عليه زورا

      تعليق


      • #4
        إنَّ ممن شهِدَ بيعة الرضوان الوليد بن عقبة!

        وضح كيف ان الوليد ممن شهد بيعة الرضوان

        نعم كل من شهد بيعة الرضوان الله رضى عنهم

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        x

        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

        صورة التسجيل تحديث الصورة

        اقرأ في منتديات يا حسين

        تقليص

        لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

        يعمل...
        X