إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الاستراجية الامريكية تغير ما لايتغير

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاستراجية الامريكية تغير ما لايتغير

    في يوم ٢٠ ايلول / سبتمبر ٢٠٠٢ ، في الذكرى الاولى لهجمات ،٢٠٠١ فاجأ الرئيس الأميركي بوش الرأي العام الأميركي والعالمي بإعلان »استراتيجية الامن القومي« الأميركية الجديدة، متضمنة تحولا جذريا وحادا نحو استراتيجية هجومية لأول مرة في التاريخ العسكري الأميركي.
    فقد كانت كل الحروب التي شنتها الولايات المتحدة قبل ذلك تتم في إطار استراتيجية ترى أن مهمة القوات المسلحة الأميركية دفاعية في الأساس، واستوجبت في وقت من الأوقات وفي منتصف القرن الماضي تحديدا تغيير اسم وزارة الحرب الى وزارة الدفاع.
    نصت الاستراتيجية ـ الجديدة وقتها ـ على مذهب الحرب الاستباقية. وجاء في تقديم بوش للوثيقة »يتعين على هذا البلد أن يتجه هجوميا، وان يبقى في مواقع الهجوم«. وقتها فتحت الوثيقة الباب على مصراعيه لمناقشة واسعة تبين خلالها ـ من آراء المؤيدين والمعارضين للتوجه الجديد ـ ان استراتيجية الامن القومي الاميركية تحولت نحو اعتبار الحرب »الملجأ الاول« في مواجهة أي تهديد أو شبهة تهديد ... وكانت في الاستراتيجيات السابقة »ملجأ أخيرا«.



    مع ذلك، فإن الاستراتيجية، الجديدة وقتها، صدرت في وقت كانت الولايات المتحدة قد بدأت تفقد ما حظيت به من تأييد وتعاطف من الرأي العام العالمي ومن حكومات العالم الصديقة وغيرها، بعد هجمات ،٢٠٠١ والاستراتيجية الجديدة آنذاك صدرت بينما كانت الحملة الضارية من التهديدات ضد العراق في ذروتها ... وكانت المظاهرات تملأ عواصم العالم ومدنه تعلن معارضة قوية على أمل ثني الولايات المتحدة عن عزمها شن حرب على العراق. لم يتأخر هذا طويلا، فقد بدأت الحرب بعد شهور قليلة وباقي القصة معروف تماما.
    الآن أصبح من المؤكد أن إدارة بوش أقرت صيغة جديدة لاستراتيجية الامن القومي الاميركية، وتصدرها خلال أسابيع قليلة، الأمر الذي يثير علامات استفهام كثيرة. ليس لان أحدا لا يمكن أن يظن أن الولايات المتحدة ـ وهي لا تزال تحت قيادة هذه الادارة المتطرفة ـ تنوي العودة الى استراتجية دفاعية تعيد الحرب »ملجأ اخيرا« في مواجهة المخاطر. بل لان إصدار وثيقة جديدة من هذا القبيل يتطلب على الاقل حدثا مختلفا نوعيا يغير الاستراتيجية الاميركية على نحو ما جرى بعد هجمات ايلول /سبتمبر .٢٠٠١
    بالطبع لا يمكن أن يتصور أحد أن إدارة بوش قررت ذلك في ضوء خطر الملف النووي الايراني. فمهما كان هذا الخطر فإن الاستراتيجية الهجومية الصادرة في عام ٢٠٠٢ كفيلة به، خاصة أنه لا يزال »خطرا على الورق«. فأكثر التقديرات تشاؤماً عنه ـ وهي التقديرات التحريضية من المخابرات الاسرائيلية ـ تقول ان ايران ستصبح قادرة على إنتاج سلاح نووي في عام .٢٠١٠
    هل هو الخطر الصيني؟ لقد صدرت تقارير استراتيجية أميركية عديدة عن نمو قوة الصين العسكرية في السنوات الأخيرة، وعن خططها لتطوير إمكانياتها... ومع ذلك فإن الصين لا تزال تعمل داخل إطار مياهها الاقليمية وأجوائها الوطنية ولم تقترب بأي حال من منابع النفط في الخليج التي تعتمد عليها بالقدر نفسه الذي تعتمد به الولايات المتحدة عليها في تسيير عجلاتها الصناعية والاقتصادية.
    هل هو الخطر الروسي؟ أيضا كثرت في الآونة الأخيرة تقارير البنتاغون ومصانع الأفكار الاستراتيجية الاميركية عن »روسيا شبه السوفياتية« التي عادت تتحدى الولايات المتحدة في وسط أوروبا وتعارض المشاريع الصاروخية الأميركية في مدى أقصر الصواريخ من الأراضي الروسية. لكن التعاون لا يزال الشعار المرفوع على العلاقات الأميركية ـ الروسية. واستراتيجية الامن القومي الاميركية الصادرة في عام ٢٠٠٢ لا يمكن أن تقتصر عن مواجهة الخطر الروسي الافتراضي.
    هل يتعلق التغيير اذاً بالحرب العالمية (الاميركية) على الإرهاب؟ هنا لا بد من تسجيل حقيقة: على الرغم من ان الولايات المتحدة لم تستطع أن تحسم هذه الحرب لمصلحتها في أفغانستان أو العراق أو باكستان (أو لبنان أو فلسطين) إلا انه لا بد من أن يلاحظ المراقب أن هجمات ١١/٩/٢٠٠١ كانت ذروة في النشاط الارهابي ضد الولايات المتحدة لم تتكرر، وليس هناك من يعتقد أنها يمكن أن تتكرر على الأقل في الزمن المنظور. وأصلا فإن الإستراتيجية الأميركية الصادرة عام ٢٠٠٢ كانت الرد على تلك الهجمات والاستعداد لما يمكن أن يماثلها، استباقيا.
    على أي الأحوال فإن الدول، الكبرى خاصة، لا تغير استراتيجيتها العسكرية على فترات متقاربة الى هذا الحد. وكانت استراتيجية ٢٠٠٢ قد صدرت لتحل محل تلك التي أصدرتها إدارة كلنتون في عام .١٩٩٨ وما كان من سبب لإصدارها سوى أن رئيسا ديموقراطيا أراد أن يترك بصمته على الجانب العسكري. والوثيقة المماثلة التي صدرت قبلها ترجع الى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي وكانت بتوقيع رونالد ريغان.
    ان الاستراتيجية العسكرية لدولة ما لا تتغير إلا بسبب تغير نوعي في الظروف الاقليمية أو الدولية . وتتغير اذا حدث تطور نوعي في أدوات إنتاج الحرب. وهو ما حدث للمرة الاخيرة باكتشاف الذرة وتطبيقاتها العسكرية، وتتغير اذا ما تغيرت الطبقة الحاكمة، كما حدث عند تأسيس الاتحاد السوفياتي. ولم يحدث مثل هذا التغيير في أميركا منذ تأسيسها كجمهورية اتحادية حتى اليوم.
    لعل من المفيد أن نذكّر بما تعنيه كلمة »استراتيجيا«. الكلمة تعني في اليونانية القديمة »فن القائد«. واكتسب الاصطلاح معناه العسكري الحصري في أواخر القرن الثامن عشر، لكنه توسع الى ما هو أبعد كثيرا من معناه الأصلي وأصبح من المستحيل ـ أو على الاقل من الصعوبة بمكان ـ الفصل بين الجوانب العسكرية والمدنية في الاستعداد للحرب ... أو تأمين السلام. ولا يكاد يكون معنى المصطلح والمبادئ التي يقوم عليها قد تغير منذ أيام المفكر الصيني صن تزو الذي كتب مؤلفه الاشهر »فن الحرب« قبل ٥٠٠ عام من ميلاد المسيح. أضاف مفكرون بارزون، كانوا في معظمهم قادة عسكريين، وكان غيرهم مفكرين سياسيين، ملامح أساسية الى الفكر الاستراتيجي ومعنى الحرب وأساليبها وخططها: من ماكيافيللي وفريدريك الاكبر قيصر روسيا الى نابليون الى النمساوي فون كلاوزفيتس ... وصولا الى استراتيجييي العصر النووي، وهم أقل حظا من الشهرة، والأشهر بينهم الأميركي توماس شيللنغ، الذي أنتج كتاباً واحداً مهماً باسم »استراتيجية الصراع« (١٩٦٠). وهؤلاء لم يتركوا ميراثا فكريا ذا أهمية ترقى حتى الى مصاف صن تزو قبل ٢٦ قرنا. ويندرج تحت هذه القائمة من الاستراتيجيين المجهولين أولئك الذين يشاركون في كتابة »استراتيجية الأمن القومي الأميركية«. فهم مجموعة من الجنرالات وأساتذة الدراسات الاستراتيجية الذين استوعبوا كتابات أولئك العباقرة الذين سبقوهم، لكن أحدا منهم لم يضف شيئا جوهريا.
    والآن فإن الشغل الشاغل للمخططين الاستراتيجيين هو محاولة معرفة اذا كان دخول الحرب عصر الإرهاب والمنظمات الإرهابية يستوجب إدخال تغييرات على استراتيجية الأمن القومي. وقد سيطر على أبحاث هؤلاء ـ خاصة كما يتضح من إصدارات »مؤسسة راند« مصنع الأفكار الاستراتيجية الأول في الولايات المتحدة ـ عن كيف يمكن مواجهة »هجوم إرهابي بأسلحة الدمار الشامل« (نووية، كيماوية وبيولوجية) على أحد المراكز السكانية أو على مركز صناعي أو قاعدة عسكرية. ولقد نما هذا السؤال الى حد أنتج عددا كبيرا من الدراسات والتقارير حول الموضوع الى واحد من أكبر ـ ان لم نقل أكبر ـ هموم القادة الأميركيين، مع انه موضوع لا يزال يتأرجح بين مجال الواقع وروايات الخيال العلمي.
    قد لا نستطيع أن نجد إجابة محددة على السؤال: لماذا تتغير الاستراتيجية الأميركية في فترات متقاربة الى هذا الحد؟ ولكننا بالتأكيد مطالبون بأن نعرف دلالات هذا التغيير المتكرر دون مبررات حقيقية، فهذه الدلالات تقول الكثير عن طبيعة النظام السياسي.
    اولا: يعكس هذا التغيير المتكرر حالة ارتباك إزاء التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة. لقد كانت الإدارات المتعاقبة على الحكم بعد مضي وقت على الاعتراضات الشعبية على حرب فيتنام. قد شغلت بتأكيد قدرتها على تجاوز عقدة الهزيمة التي جعلت شعار المرحلة التالية لوقوعها »لا فيتنام اخرى«. ومع إدارة ريغان (١٩٨١ـ١٩٨٩) بدا الميل الى تأكيد قدرة أميركا على خوض حروب في العالم الخارجي دون خشية تكرار فيتنام، لكنها اختارت أهدافا صغيرة (غرينادا، نيكاراغوا، لبنان) مع ذلك اضطرت للخروج منها محبطة ومصابة بخسائر بشرية كبيرة.
    ثانيا: ان الادارات الاميركية المتعاقبة، وخاصة الحالية، تواجه معارضة صريحة في الشارع وفي مراكز الاقتراع لحروبها الخارجية، ولم تستطع إقناع غالبية الأميركيين بأن لهذه الحروب علاقة بما حدث في ١١/٩/٢٠٠١ أو بالإرهاب بوجه عام كخطر استراتيجي. لكن السمة الأساسية التي تجعلها تلجأ الى تحديد جديد لأهداف استراتيجية الأمن القومي، هي ان هذا النوع من الوثائق على الرغم من أهميته القصوى باعتباره يتناول قضايا الحياة والموت، لا يعرض لأي نقاش برلماني أو مشاركة شعبية كليا أو جزئيا. وصحيح أن الحكومات لا تعرض خططها العسكرية للنقاش العام إلا ان استراتيجية الامن القومي وثيقة لا هي خطة ولا هي سرية، بل يتولى الاعلام على نطاق واسع تحليلها ... إلا ان الشعب الاميركي لا يشارك بأي شكل في إقرارها.
    ثالثا: ان هذه الوثيقة العلنية تعد إنذارا أساسيا من الادارة الاميركية الى دول العالم كافة: هذه هي استراتيجيتنا وعليكم وضعها في الاعتبار. وبطبيعة الحال هي موجهة ايضا الى المنظمات الإرهابية والى التيارات التي تراها الولايات المتحدة داعمة للإرهاب. ويمكن الاستنتاج أن عجز أميركا العملي على أرض الواقع عن فرض استراتيجيتها يجعلها مجبرة على استخدام هذا النوع من الإنذارات الكاسحة. ولعل هذا ما تقصد اليه الوثيقة مرارا وتكرارا في استخدامها لتعبير الردع. ونصيب العالم الثالث من هذه الإنذارات هو النصيب الأكبر ليس فقط لأنها موطن الإرهاب ومنظماته، بل ايضا لان مكامن المصالح الأميركية التي تتلخص في كلمتين: المواد الاولية والاسواق.
    رابعا: ان إصدار الوثيقة الجديدة بما تتضمنه من تأكيدات على أهمية الحرب على الارهاب يأتي في وقت أحاط فيه الشك ـ على أقل تقدير ـ بجدوى ما قامت به الولايات المتحدة حتى الآن في هذا المجال. وهي بالتالي محاولة لإعادة التأكيد وإنعاش الثقة التي وهنت كثيرا، حتى قال تقرير لمؤسسة »ستارفور« البحثية ذات الاهتمامات الاستراتيجية والمخابراتية معا ان هذه الحرب تراجعت ولا تزال تتراجع. وان ما تسرب من نصوص الوثيقة الجديدة يكشف عن محاولة لرد الاعتبار الى أفكار وزير الدفاع الاميركي السابق دونالد رامسفيلد الاكثر تطرفا، كواحد من فريق المحافظين الجدد. فالوثيقة تضع أفكار رامسفيلد جنبا الى جنب مع أفكار وزير الدفاع الحالي »المعتدل« روبرت غيتس، فيما تصفه »ستارفور« بأنه حالة تذبذب.
    خامسا: ثمة عامل أميركي داخلي يتعلق برغبة إدارة بوش الذاهبة وربما رغبة بوش شخصيا في ان تترك استراتيجية جديدة للامن القومي عليها بصماتها الفكرية وعليها توقيع هذا الرئيس قبل شهور معدودة من نهاية ولايته. والهدف هنا هو إبقاء التأثير الاستراتيجي لفريق المحافظين الجدد الى ما بعد نهاية الادارة، وبصرف النظر اذا كان الحكم سيؤول الى إدارة جمهورية أو ديموقراطية.

    هل يمكن أن يكون هذا التذبذب الاستراتيجي ـ وهو تعبير متناقض بحد ذاته ـ هو السبب الحقيقي وراء عجز أميركا عن تحقيق انتصار استراتيجي واحد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؟
    على أي الأحوال، يبدو صحيحا هنا انه في الانتصار وفي الهزيمة على السواء تنمو النزعة العسكرية.

  • #2
    لابد من ناهيه للقوه الغاشمه

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
    استجابة 1
    10 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة ibrahim aly awaly
    بواسطة ibrahim aly awaly
     
    أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
    ردود 2
    12 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة ibrahim aly awaly
    بواسطة ibrahim aly awaly
     
    يعمل...
    X