السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) المسلمين قبل وفاته في غدير خم وذكرهم في اهل بيته حتى قال (ص) :" من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذل وادر الحق معه حيثما دار."
ومر المسلمين للسلام على أمير المؤمنين علي بن ابي طالب وفي رواية البراء أن عمر بن الخطاب مر على علي بن ابي طالب وصاحفه فقال :" هنيئا لك يابن ابي طالب، اصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة".
وهذا النص كما فهمناه - الشيعة - أنه تنصيب لعلي بن ابي طالب للخلافة وقيادة الامة من بعد رسول الله وهناك نصوص اخرى في كتب التاريخ وبعض كتب اخواننا اهل السنة (حفظهم الله ورعاهم) تدل على تنصيب علي بن ابي طالب سلام الله عليه.
وهذا مانختلف فيه مع اخواننا الاعزاء أهل السنة والجماعة (حفظهم الله) في فهم النصوص وحول فهم نص حديث الغدير!
ومرت الايام وتوفى رسول الله (ص) وتفاجأ المسلمين بعد سماعهم لخبر وفاة نبي الأمة والرحمة.
وحزنت عليه ابنته الزهراء وبعلها علي بن ابي طالب الذي قام يتجهيزه ودفنه مع اهل بيته ومع عبدالله بن عباس.
واجتمع بقية المسلمين في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة لرسول الله (ص) فمنهم من بايع الخليفة الاول ومنهم من تخلف كسعد بن عبادة الذي رفض أن يبايع حتى زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب,مرت تلك الايام عصيبة على أهل بيت النبي وخصوصا الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله عليها التي طالبت بحق زوجها بعد خطبتها في المسجد امام المهاججرين والانصار حتى أن الشيخين ابي بكر وعمر جاءا يطلبان المسامحة والاعتذار من الزهراء (ع) بعد أن علما أنها غاضبة عليهما فدخلا عليها وطلبا منها السماح,
لكنها ظلت على موقفها الرافض حتى توفيت بعد ستة أشهر على بعض الروايات وهي غاضبة على الشيخين.
استغل ابو سفيان هذه الفرصة فذهب الى العباس عم النبي (ص) وعم الامام علي (ع) وقال له :" لو انت تبايع علي بن ابي طالب فيقول الناس عم النبي بايع علي فينثال الناس عليه ويبايعونه".
استغل العباس مقولة ابي سفيان ووافق على كلامه فذهب العباس وابو سفيان لأمير المؤمنين (ع) يطلبان منه البيعة فقال ابو سفيان:" أني لأرى عجاجةً لا يطفئها إلا دم، يا آل عبد مناف فيم أبو بكر من أموركم؟ أين المستضعفان؟ أين الأذلان علي والعباس؟ مابال هذا الأمر في أقل في حي من قريش؟ثم قال لعلي: ابسط يدك أبايعك فو الله لئن شئت لأملأنها عليه خيلاً ورجلاً. فأبى علي عليه السلام، فتمثل بشعر المتلمس:
ولن يقيم على خسف يراد به إلا الأذلان عير الحي والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته وذا يشج فلا يبكي له أحد
فزجره علي وقال: والله ما أردتَ بهذا إلا الفتنة، وإنك والله طالما بغيت للإسلام شراً! لا حاجة لنا في نصيحتك.
ومد علي يده ليبايع الخليفة الاول ابي بكر! ويؤكد مسألة الوحدة الاسلامية
فبايع اصحاب الامام (ع) ابي بكر أمثال عمار بن ياسر وسلمان الفارسي وابو ذر الغفاري والزبير وطلحة والمقداد والعباس (رض).
فعندما نقرأ كلماته في نهج البلاغة التي ارسلها مع مالك الاشتر لاهل مصر كان يقول (ع) :" فما راعني الا انثيال الناس على ابي بكر يبايعونه، فأمسكت يدي، حتى اذا رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام يريدون محق دين محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم) فخشيت ان انا لم انصر الاسلام واهله، أن ارى فيه ثلما او هدما تكون المصيبة به علي اعظم من فوت ولايتكم هذه، التي انما هي متاع ايام قلائل، يزول منها مازال كما يزول السراب او ينقشع السحاب فنهضت، حتى زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتنهنه".
الخدمات التي قدمها الامام علي في عهد الخليفة الأول أبي بكر:
1- فكر أبو بكر بغزو الروم فاستشار جماعة من الصحابة فقدموا و أخروا،و لم يقطعوا برأي،فاستشار عليا (ع) في الأمر فقال:إن فعلت ظفرت.فقال أبو بكر:بشرت بخير.و أمر أبو بكر الناس بالخروج بعد أن أمر عليهم خالد بن سعيد .
تاريخ اليعقوبي/ج 2/ص .111
2ـ أراد أبو بكر أن يقيم الحد على شارب خمر.فقال الرجل:إني شربتها و لا علم لي بتحريمها،فأرسل إلى الإمام يسأله عن ذلك فقال (ع) :«مر نقيبين من رجال المسلمين يطوفان به على المهاجرين و الأنصار و ينشدانهم هل فيهم أحد تلا عليه آية التحريم أو أخبره بذلك عن رسول الله (ص) ،فإن شهد بذلك رجلان منهم فأقم الحد عليه،و إن لم يشهد أحد بذلك،فاستتبه و خل سبيله» .ففعل الخليفة ذلك،فعلم صدق الرجل فخلى سبيله .
ابن شهر آشوب/مناقب آل أبي طالب/ج 2/ص .356
قدم جاثليق النصاري يصحبه مائة من قومه فسأل أبا بكر أسئلة، فدعا علياً (عليه السلام) فأجابه عنها، ونكتفي منها بسؤال واحد من أسئلة الجاثليق: -أخبرني عن وجه الرب تبارك وتعالى!
فدعا علي (ع) بنار و حطب،و أضرمه،فلما اشتعلت قال:أين وجه هذا النار؟
قال الجاثليق:هي وجه من جميع حدودها.
فقال علي (ع) :«هذه النار مدبرة مصنوعة،لا يعرف وجهها،و خالقها لا يشبهها،و لله المشرق و المغرب فأينما تولوا فثم وجه الله لا تخفى على ربنا خافية»
علي و الخلفاء/ص 60،التستري/قضاء أمير المؤمنين/ط مؤسسة الأعلمي (بيروت) /ص .86
5ـو أرسل ملك الروم رسولا إلى أبي بكر يسأله عن رجل لا يرجو الجنة و لا يخاف النار،و لا يخاف الله،و لا يركع و لا يسجد و يأكل الميتة و الدم،و يشهد بما لم ير و يحب الفتنة و يبغض الحق،فأخبر بذلك عليا (ع) فقال:
«هذا رجل من أولياء الله:لا يرجو الجنة و لا يخاف النار،و لكن يخاف الله و لا يخاف من ظلمه،و إنما يخاف من عدله،و لا يركع و لا يسجد في صلاة الجنازة،و يأكل الجراد و السمك،و يأكل الكبد،و يشهد بالجنة و النار و هو لم يرهما،و يحب المال و الولد (إنما أموالكم و أولادكم فتنة) ،و يشهد بالجنة و النار و هو لم يرهما،و يكره الموت و هو حق»
ابن شهر آشوب/مناقب آل أبي طالب/ج 2/ص .358
هذه بعض المعضلات التي كان علي عليه السلام حاضرا فيها على عهد الخليفة الاول
وكما نعلم ان الخليفة الاول قد عين من بعده للخلافة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب
وهذا ما أمر به قبل وفاته
وهذا ماذكره اليعقوبي في تاريخه
اعتل أبوبكر (رضي الله عنه) في جمادى الاخرة سنة (13). فلما اشتدت به العلة عهد إلى عمر بن الخطاب (رض)، فأمر عثمان (رض) ان يكتب عهده، و كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما عهد أبوبكر خليفة رسول الله إلى المؤمنين و المسلمين : سلام عليكم، فإنى أحمد إليكم الله؛ اما بعد فانى قد استعملت عليكم عمر بن الخطاب، فاسمعوا و أطيعوا، و إنى ما ألوتكم نصحا. والسلام.
تاريخ اليعقوبى: 2 / .136
ومن الواضح أن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعد ماجرى في السقيفة من الهجوم على دار أمير المؤمنين
فنحن نرى أن الخليفة ابي بكر قد قال قبل وفاته وهو يحتضر في آخر حياته :" وددت أني لم اكشف بيت فاطمة (ع) ولو أعلن علي الحرب!!"
واحتضر الصديق في تلك اللحظات وذهبت روحه الى الخالق
على عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب:
وتم تعيين الخلافة لعمر بن الخطاب ولازال الخلفاء يأخذون من علم علي (ع) الذي ساعد وعاون في بناء دولة الخلافة الراشدة مع الخلفاء الذين تقدموه وكان يحضر مجالس الخلفاء ويصلي جماعة المسلمين معهم ويشاركهم في الاعياد والافراح ولم يكن معتزلا كما يتصور بعض المسلمين!
نعم فهذا هو رائد الوحدة الاسلامية وهو أمير المؤمنين وهو وصي رسول الله الذي يحس بالمسئولية ولو كان خارج دائرة الخلافة!
وكما تروى النصوص التاريخية في نهج البلاغة أن عمر بن الخطاب استشار المسلمين في الخروج بنفسه لقتال الفرس فنصحه المسلمين بالخروج كعثمان والزبير ولكن عليا رفض ذلك وقال عليه السلام:" إن هذا الأمر لم يكن نصره و لا خذلانه بكثرة ولا بقلة، و هو دين الله الذي أظهره، و جنده الذي أعده و أمده، حتى بلغ ما بلغ، و طلع حيث طلع، و نحن على موعود من الله، و الله منجز وعده، و ناصره جنده.
و مكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز؛ يجمعه و يضمه، فإن انقطع النظام تفرق الخرز و ذهب، ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا . و العرب اليوم و إن كانوا قليلا فهم كثيرون بالإسلام، عزيزون بالاجتماع. فكن قطبا و استدر الرحى بالعرب، و أصلهم دونك نار الحرب؛ فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها و أقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك .
إن الأعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولوا: هذا أصل العرب، فإذا اقتطعتموه استرحتم؛ فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك و طمعهم فيك. فأما ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين، فإن الله سبحانه هو أكره لمسيرهم منك، و هو أقدر على تغيير ما يكره! و أما ما ذكرت من عددهم، فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة، و إنما كنا نقاتل بالنصر و المعونة!
نهج البلاغة: الخطبة 146
نعم... لقد عمل الامام علي على أن يحفظ حياة الخليفة عمر ونصحه بعدم الخروج لقتال الفرس بنفسه لأن ذلك سيشكل خطرا على حياته. بل وصفه بوصف أشد من ذلك ووصفه بأنه رأس الاسلام وأصل العرب وحصن العرب والحامي والمدافع عنهم، بالطبع الامام علي لم يكن منافقا في كلامه بل صحيح ان الخليفة عمر كان هو الخليفة انذاك ولابد من حفظ حياة الخليفة فاذا سقط الخليفة فسيسقط الجنود وتقع راية الاسلام التي كان يرفعها المسلمين في عهد عمر بن الخطاب.
بعد انتصار المسلمين على الفرس في خلافة عمر، شاور عمر ابن الخطاب أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سواد الكوفة.. فقال بعضهم: تقسمها بيننا، ثم شاور علياً (عليه السلام) في الأمر.
فقال إن قسمتها اليوم لم يكن لمن يجيء بعدنا شيء، ولكن تقرها في أيديهم يعملونها، فتكون لنا ولمن بعدنا.
فقال عمر لعلي: وفقك الله... هذا الرأي.
وقد استشاره عمر بن الخطاب في الخروج الى غزو الروم بنفسه فقال الامام (ع):" وَقَدْ تَوَكَّلَ اللهُ لأهْلِ هذَا الدِّينِ بِإِعْزَازِ الْحَوْزَةِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَالَّذِي نَصَرَهُمْ، وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَنْتَصِرُونَ، وَمَنَعَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَمْتَنِعُونَ، حَيٌّ لاَ يَمُوتُ. إِنَّكَ مَتَى تَسِرْ إِلَى هذَا الْعَدُوِّ بِنَفْسِكَ، فَتَلْقَهُمْ فَتُنْكَبْ، لاَ تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ كَانِفَةٌ دُونَ أَقْصَى بِلاَدِهِمْ. لَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ رَجُلاً مِحْرَباً، وَاحْفِزْ مَعَهُ أَهْلَ الْبَلاَءِ وَالنَّصِيحَةِ، فَإِنْ أَظْهَرَ اللهُ فَذَاكَ مَا تُحِبُّ، وَإِنْ تَكُنِ الأخْرَى، كُنْتَ رِدْءاً للنَّاس وَمَثَابَةً لِلْمُسْلِمِينَ.
نهج البلاغة باب الخطاب خطبة رقم 134
ونرى الامام علي يحفظ حياة الخليفة عمر بعد ان استشاره في غزو الروم، فقد كان رائد الوحدة الاسلامية ويعاون الذين تقدموه في الخلافة وابعدوه عن حقه - من خلال نظرتنا نحن الشيعة - بل حافظ على حياتهم الى درجة تدمع لها العين.
فقد كان الانسان المخلص للاسلام والمسلمين وكان يجسد الوحدة الاسلامية كابن عمه رسول الله (ص) الذي آخى بين الصحابة وكان الانسان الصابر 25 سنة التي قضاها بعيدا عن الخلافة!
وفي مشكلة أخرى يعمل الامام علي عليه السلام في مساعدة ومساندة الخليفة عمر في حل احد معضلاته
ورد إلى بيت مال المسلمين مال كثير –من البحرين– فقسمه عمر بين المسلمين، ففضل منه شيء، فجمع عمر المهاجرين والأنصار واستفتاهم بأمره قائلاً: ما ترون في فضلٍ، فضل عندنا من هذا المال؟
قالوا: يا أمير المؤمنين إنا شغلناك بولاية أمورنا من أهلك وتجارتك، وضيعتك، فهو لك,
فالتفت عمر إلى علي قائلاً: ما تقول أنت؟
قال الإمام (عليه السلام): قد أشاروا عليك.
قال الخليفة: فقل أنت؟
قال (عليه السلام): لِمَ تجعل بيقينك ظناً، ثم حدثه بواقعة مشابهة في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأخيراً أشار عليه الإمام (عليه السلام) بتوزيعه على الفقراء، قائلاً، «أشير عليك أن لا تأخذ من هذا الفضل وأن تفضه على فقراء المسلمين».
فقال عمر: صدقت والله.
علي والخلفاء/ نجم الدين العسكري ص83، نقلاً عن أحمد بن حنبل في المسند ج1 ص94 وكنز العمال ج4 ص39
استشارة عمر بن الخطاب (رض) المسلمين في تسجيل التاريخ الهجري:
عن الطبري في تاريخه عن سعيد بن المسيب. قال: جمع عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) الناس فسألهم، من أي يوم نكتب التاريخ؟..
فقال علي (عليه السلام): من يوم هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله، وترك أرض الشرك، ففعله عمر.
تاريخ الطبري ج2 ص253، وفي تاريخ اليعقوبي مثله وكنز العمال ومستدرك الحاكم والكامل لابن الأثير نقلاً عن علي والخلفاء ص240.
قضية حلي الكعبة وموقف أمير المؤمنين(ع):
و من اخباره في زمن عمر ما في نهج البلاغة:روي انه ذكر عند عمر بن الخطاب في ايامه حلي الكعبة و كثرته فقال قوم لو اخذته فجهزت به جيوش المسلمين كان أعظم للاجر و ما تصنع الكعبة بالحلي فهم عمر بذلك و سأل عنه امير المؤمنين عليه السلام فقال ان هذا القرآن انزل على محمد صلى الله عليه و آله و سلم و الاموال اربعة.اموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض و الفيء فقسمه على مستحقيه.و الخمس فوضعه الله حيث وضعه.و الصدقات فجعلها الله حيث جعلها و كان حلي الكعبة فيها يومئذ فتركه على حاله و لم يخف عنه مكانا فاقره حيث اقره الله و رسوله فقال عمر لولاك لافتضحنا و ترك الحلي بحاله.
وكان عمر بن الخطاب كثيرا مايقول :" لولا علي لهلك عمر، أعوذ بالله من معضلة ليس لها ابو الحسن."
وقد رجع الى علي بن ابي طالب في أكثر من 90 قضية حتى قال :" قضية ولا ابو حسن لها"
وكان يقول:" عجزت النساء أن تلد مثل علي بن ابي طالب، ولولا علي لهلك عمر"
وقال:" لايفتي احدكم في المسجد وعلي حاضر".
وقال :" اقضانا علي بن ابي طالب".
وكان كثيرا ما يأخذ برأي علي ومشورته مما أثار غيرة بعض الصحابة فقالوا له:" نراك كثيرا تأخذ برأي علي بن ابي طالب وتستشيره وكثيرا ما تقف معه وتعاونه في بعض اموره وتحضر مجلسه ."
فقال الخليفة عمر بن الخطاب:" هذا مولاي!!!!"
مقتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض) وقضية الشورى:
حدثنى محمد بن سعد حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهرى عن أبيه عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يأذن لسبى قد احتلم فى دخول المدينة حتى كتب المغيرة، و هو على الكوفة، يذكر غلاما له صانعا، و يستأذنه فى دخوله المدينة و يقول:إن عنده اعمالا كثيرة فيها منافع للناس، انه حداد نقاش نجار، فكتب اليه عمر فاذن له ان يرسل به الى المدينة و ضرب عليه المغيرة مائة درهم كل شهر، فجاء الى عمر يشتكى اليه شدة الخراج و ثقله، فقال له: ماذا تحسن؟ فذكر له الأعمال التى يحسنها، فقال عمر : ما خراجك بكثير فى جنب ما تعمل، فانصرف ساخطا يتذمر، فلبث عمر ليالى، ثم ان العبد مر به فدعاه فقال:ألم أحدث أنك تقول لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح؟ فالتفت العبد إلى عمر ساخطا عابسا، و كان مع عمر رهط، فقال: لأصنعن لك رحى يتحدث الناس فى المشرق و المغرب بها؛ فلما ولى العبد أقبل عمر على الرهط الذين كانوا معه فقال لهم: أوعدني العبد آنفا . فلبث ليالى ثم اشتمل على خنجر ذي رأسين نصابه فى وسطه، فكمن فى زاوية من زوايا المسجد فى غبش السحر، فلم يزل هناك حتى خرج عمر رضى الله عنه يوقظ الناس لصلاة الصبح، و كان عمر يفعل ذلك، فلما دنا عمر منه وثب عليه فطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت السرة فخنقت الصفاق، و هى التي قتلته، ثم أغار على أهل المسجد فطعن من يليه حتى طعن سوى عمر أحد عشر رجلا ثم انتحر بخنجره، فقال عمر حين أدركه النزف و انقصف الناس عنه: قولوا لعبدالرحمن بن عوف فليصل بالناس، ثم غلب عمر النزف حتى غشى عليه، قال ابن عباس: فاحتملته فى رهط حتى ادخلته، ثم صلى بالناس عبدالرحمن، فأنكر الناس صوت عبدالرحمن قال ابن عباس: فلم أزل عند عمر، و لم يزل فى غشية واحدة حتى أسفر الصبح، ثم أفاق فنظر إلى وجوهنا ثم قال: أصلى الناس؟ قلت: نعم، فقال: لا إسلام لمن ترك الصلاة، ثم دعا بوضوء فتوضأ ثم قال: اخرج يا عبدالله فسل من قتلنى، قال: فخرجت حتى فتحت باب الدار، فإذا الناس مجتمعون جاهلون بخبر عمر، فقلت: من طعن اميرالمؤمنين ؟ قالوا: طعنه عدو الله ابو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة ثم طعن معه رهطا ثم قتل نفسه، فاخبرت عمر فقال: الحمد لله الذى لم يجعل قاتلى يحاجنى عند الله بسجدة سجدها له قط، ما كانت العرب لتقتلنى؛ قال سالم: فسمعت عبدالله بن عمر يقول، قال عمر: ارسلوا الى الطبيب ينظر فى جرحى هذا، فارسلوا الى طبيب من العرب فسقاه نبيذا فشبه النبيذ بالدم حين خرج من الطعنة التى تحت السرة، قال: فدعوت طبيبا آخر من الانصار فسقاه لبنا فخرج من الطعنة ابيض، فقال الطبيب: يا امير المؤمنين اعهد، فقال عمر: صدقنى اخو بنى معاوية و لو قلت غير ذلك كذبتك، قال: فبكى عليه القوم حين سمعوا قوله، فقال: لا تبكوا عينا، ألم تسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه و سلم: يعذب الميت بكاء اهله عليه؛ فبلغ عائشة رضي الله عنها قوله فقالت: انما مر رسول الله صلى الله عليه و سلم على نوح يبكين على هالك فقال: ان هؤلاء يبكون و صاحبهم يعذب، و كان قد اخترم ذلك .
وجمع الخليفة عمر الصحابة لاختيار خليفة للمسلمين من بعده فاختار ستة من الصحابة كان النبي (ص) توفي وهو راض عنهم وهم عثمان بن عفّان وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوّام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص.
فدخل عليه عبدالله ابن عباس (رضوان الله عليه) قبل وفاته و قال له :" أوص يا أمير المؤمنين! استخلف." قال: ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو عنهم راضٍ, وسمّى هؤلاء الستة من الصحابة (رض).
وقال عمر: يشهدكم عبد الله بن عمر وليس له من الأمر شيء, فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك وإلا فليستعن به أيكم ما أمّر فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة. فقد كان عمر قد عزل فيما سبق سعد بن أبي وقاص عن ولاية الكوفة.
عند ذلك اجتمع هؤلاء الستة (رض) وقال لهم عبد الرحمن بن عوف:
اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم, أي ليتنازل ثلاثة ويبق ثلاثة:
فقال الزبير: جعلت أمري إلى علي.
وقال طلحة: جعلت أمري إلى عثمان.
وقال سعد: جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف.
وقد انسحب من الخلافة الزبير وطلحة وسعد, وبقي عثمان وعلي وعبد الرحمن, وقد أخرج عبد الرحمن بن عوف نفسه من "قائمة المرشحين" وحصرها في عثمان وعلي وطلب منهم أن يدير العملية هو فوافقوا.
وهنا يقول عبد الرحمن بن عوف (رض): أفتجعلونه إليّ والله عليّ أن لا آلو عن أفضلكما. أي أنني لن أختار إلا الأفضل, وبعد موافقة الإثنين, قال لعلي: لك قرابة من رسول الله (ص) والقِدم في الإسلام ما قد علمت, فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن.
واشترط عليه شرطا وهو أن يسير بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة الشيخين فوافق علي على كتاب الله وسنة نبيه وكلن سيرة الشيخين فقال :" انا اسير باجتهادي فان كانت سيرة الشيخين موافقة لكتاب الله وسنة نبيه فانا ساسير عليها وان كانت مخالفة فلماذا السير عليها!" فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول.
وعندما اشترط عبدالرحمن بن عوف هذا الشرط على عثمان وافق عليه فبايع المسلمين الخليفة عثمان فقال علي عليه السلام:" والله لقد علمتم أني احق بها من غير ، لأسلمن ماسلمت أمور المسلمين ولم يكن بها جور الا علي خاصة. التماسا لاجر ذلك وفضله وزهدا فيما ت نافستموه من زخرفه وزبرجه."
في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان:
تزوج شيخ كبير بكراً فحملت، فادعى الرجل أنه لم يصل إليها، فسأل عثمان المرأة: هل افتضك الشيخ؟
قالت: لا .. فأمر باقامة الحد عليها
فقال الإمام (عليه السلام): إن للمرأة سمين: سم الحيض وسم البول، فلعل الشيخ كان ينال منها فسال ماؤه في سم الحيض، فحملت منه.
فقال الرجل: قد كنت أنزل الماء في قبلها من غير وصول إليها بالافتضاض.
فقال الإمام علي (عليه السلام): «الحمل له، والولد له، وأرى عقوبته على الإنكار له»
مناقب آل أبي طالب ج2 ص192 وعجائب أحكام أمير المؤمنين/ محمد ابن علي القمي (ره) ص43
عن موطأ مالك عن بعجة بن بدر الجهني: أنه أتى –عثمان– بامرأة قد ولدت لستة أشهر، فهم برجمها فقال علي (عليه السلام): إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك، إن الله تعالى يقول: «وحمله وفصاله ثلاثون شهراً» ثم قال «والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة». فحولان مدة الرضاعة وستة أشهر مدة الحمل.
فقال عثمان: ردوها .
المناقب ص192 وابن كثير في تفسيره ج4 ص57، والبيهقي في سننه ج7 ص442.
الامام (ع) ينصح عثمان ويحذره:
حين استمر هياج الناس و هم يطالبون عثمان بعزل الولاة الظالمين حاول الإمام (ع) أن يقنع الخليفة بضرورة الاصلاح،و جرت بينهما أحاديث بهذا الشأن،و مما نصح به الإمام (ع) الخليفة قوله:«و إني انشدك الله ألا تكون إمام هذه الامة المقتول فإنه كان يقال:يقتل في هذه الامة إمام يفتح عليها القتل و القتال إلى يوم القيامة،و يلبس امورها عليها،و يبث الفتن فيها،فلا يبصرون الحق من الباطل،يموجون فيها موجا و يمرجون فيها مرجا،فلا تكونن لمروان سيقة يسوقك حيث يشاء بعد جلال السن و تقضي العمر».
نهج البلاغة/خطبة رقم .164
فقال له عثمان:«كلم الناس في أن يؤجلوني حتى أخرج إليهم من مظالمهم»
فقال الإمام (ع) :«ما كان بالمدينة،فلا أجل فيه،و ما غاب فأجله وصول أمرك إليه»
قال الخليفة (رض) :نعم،و لكن أجلني فيما بالمدينة ثلاثة أيام.
فخرج الإمام إلى الناس،و أخبرهم بما وعد به الخليفة،و كتب بينهم و بين عثمان كتابا و أشهد عليه قوما من وجوه المهاجرين و الأنصار.
و قد لعب مروان بن الحكم دورا سيئا للغاية في تفاقم غضب الثائرين،فبعد كل مرة يعلن فيها عثمان عن تفاهم مع وفود الثائرين أو يعدهم بشيء سينفذه،يقوم مروان بخطوة تؤدي إلى تصعيد الموقف ضد عثمان،فقد وقف أمام القوم مرة و صاح:«إن شئتم حكمنا و الله بيننا و بينكم السيف»
و مرة كلفه عثمان بأن يتكلم مع الناس فخرج و هم محتشدون فصاح بهم:«جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا؟أخرجوا عنا»
فذهبوا إلى الإمام علي (ع) و عرضوا عليه ما فعله مروان،فذهب الإمام إليه و نصحه بأن لا يطيع مروان و إلا فإنه سيورده إلى التهلكة،و إنه أي الإمام علي لن يعد مرة اخرى إلى دار عثمان،لأنه كلما نصحه بنصيحة كان مروان يدخل عليه و يقنعه بعكس ما نصح به الإمام (ع) عثمان (رض) .
و بعد خروج الإمام،نصحت نائلة زوج عثمان،نصحته بأن يأخذ بنصيحة الإمام و ان يترك مروان،و قالت:«إنك متى أطعت مروان قتلك،و مروان ليس له عند الناس قدر و لا هيبة و لا محبة،و انما تركك الناس لمكان مروان»
و قد تكررت نصيحة الإمام علي و وساطاته بين عثمان و الثوار،إلا أن مروان كان ينجح دائما في صرف عثمان عن آراء الإمام علي (ع) التي كانت في مصلحة عثمان و المسلمين،و كان عثمان كلما اشتد حصار الثوار عليه في بيته،أرسل إلى الإمام علي،حتى شكا الإمام (ع) تلك الحالة بقوله: «يا للمسلمين!إني إن قعدت في بيتي قال (عثمان) لي:تركتني و قرابتي و حقي،و إني إن تكلمت فجاء ما يريد،يلعب به مروان،فصار (أي عثمان) سيقة له يسوقه حيث شاء،بعد كبر السن و صحبة رسول الله (ص) »
مقتل الخليفة الثالث:
مرت الايام واشتد الثوار في غضبهم على الخليفة عثمان حتى صاروا يهددونه بالقتل من حين الى آخر!
وحاصروا دار لخليفة ومنعوا عنه الماء فاستنجد عثمان بعلي (ع) فارسل علي الماء للخليفة وارسل خادمه قنبر والحسن والحسين رغم معارضة طلحة وبعض الثوار.
فهجم الثوار على دار الخليفة فارسل وعندما علم امير المؤمنين (ع) بخبر الهجوم على دار عثمان اسرع للدفاع عنه و ارسل الحسنين (ع) للدفاع عنه حتى ان بعض النصوص التاريخية تقول ان المحاصرين والمهاجمين والمتمردين ضربوا الحسن (ع) واصابوه بجرح وتسلقوا دار الخليفة واردوه قتيلا بدمه وبطريقة بشعة جدا.
وانتهت خلافة الخلفاء فجاء المسلمين وطلحة والزبير ليبايعوا علي بن ابي طالب عليه السلام.
وبدات الفتنة من جديد حتى صار بعض المعارضين لخلافة امير المؤمنين كمعاوية بن ابي سفيان قد اتهموا الامام بأنه اشترك في قتل الخليفة عثمان ولكن عليا بريء من دم عثمان براءة الذئب من دم يوسف!
وامتدت المشكلة الاسلامية الى يومنا هذا وافترق المسلمين من بداية حرب الجمل مرورا بحرب صفين والنهروان.
وكان البعض يسال عليا عن الخوارج ومن قالته في صفين والجمل كطلحة والزبير فقالوا له:"امشركون هم؟"
فقال (ع) :" من الشرك فروا."
فقالوا له:" امنافقون هم؟"
فقال (ع) :" المنافقون لا يذكرون الله كثيرا وهؤلاء يذكرون الله."
فقالوا له:" ماهم يا أمير المؤمنين؟."
فقال(ع) :" اخواننا بغوا علينا!"
نعم هذه الاخوة الاسلامية والوحدة الاسلامية التي كان يعيشها امير المؤمنين ورائد الوحدة الاسلامية حتى مع من قاتله ورفض خلافته!!
وتذكر النصوص التاريخية انه كان يسمع قومه يسبون جيش معاوية فقال (ع) :" اني اكره لكم ان تكونوا سبابين ولكن لو ذكرتم حالهم ووصفتم افعالهم لكان اصوب في القول، وابلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم اياهم ربنا احقن دماذنا ودماذهم، واصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم من ضلالهم حتى يعرف الحق من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به."
نعم هذا هو نهج امير المؤمنين لذي كان يرفض السب وحتى اللعن وأي شيء يثير الحقد والتباعد والفتنة بين المسلمين بل كان يحرص على وحدتها.
فهل نحن شيعته ومحبيه نمشي على نهجه الذي رسمه لنا وهو الاسلام الخالد الاصيل؟
فقد كان رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.
فسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) المسلمين قبل وفاته في غدير خم وذكرهم في اهل بيته حتى قال (ص) :" من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذل وادر الحق معه حيثما دار."
ومر المسلمين للسلام على أمير المؤمنين علي بن ابي طالب وفي رواية البراء أن عمر بن الخطاب مر على علي بن ابي طالب وصاحفه فقال :" هنيئا لك يابن ابي طالب، اصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة".
وهذا النص كما فهمناه - الشيعة - أنه تنصيب لعلي بن ابي طالب للخلافة وقيادة الامة من بعد رسول الله وهناك نصوص اخرى في كتب التاريخ وبعض كتب اخواننا اهل السنة (حفظهم الله ورعاهم) تدل على تنصيب علي بن ابي طالب سلام الله عليه.
وهذا مانختلف فيه مع اخواننا الاعزاء أهل السنة والجماعة (حفظهم الله) في فهم النصوص وحول فهم نص حديث الغدير!
ومرت الايام وتوفى رسول الله (ص) وتفاجأ المسلمين بعد سماعهم لخبر وفاة نبي الأمة والرحمة.
وحزنت عليه ابنته الزهراء وبعلها علي بن ابي طالب الذي قام يتجهيزه ودفنه مع اهل بيته ومع عبدالله بن عباس.
واجتمع بقية المسلمين في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة لرسول الله (ص) فمنهم من بايع الخليفة الاول ومنهم من تخلف كسعد بن عبادة الذي رفض أن يبايع حتى زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب,مرت تلك الايام عصيبة على أهل بيت النبي وخصوصا الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله عليها التي طالبت بحق زوجها بعد خطبتها في المسجد امام المهاججرين والانصار حتى أن الشيخين ابي بكر وعمر جاءا يطلبان المسامحة والاعتذار من الزهراء (ع) بعد أن علما أنها غاضبة عليهما فدخلا عليها وطلبا منها السماح,
لكنها ظلت على موقفها الرافض حتى توفيت بعد ستة أشهر على بعض الروايات وهي غاضبة على الشيخين.
استغل ابو سفيان هذه الفرصة فذهب الى العباس عم النبي (ص) وعم الامام علي (ع) وقال له :" لو انت تبايع علي بن ابي طالب فيقول الناس عم النبي بايع علي فينثال الناس عليه ويبايعونه".
استغل العباس مقولة ابي سفيان ووافق على كلامه فذهب العباس وابو سفيان لأمير المؤمنين (ع) يطلبان منه البيعة فقال ابو سفيان:" أني لأرى عجاجةً لا يطفئها إلا دم، يا آل عبد مناف فيم أبو بكر من أموركم؟ أين المستضعفان؟ أين الأذلان علي والعباس؟ مابال هذا الأمر في أقل في حي من قريش؟ثم قال لعلي: ابسط يدك أبايعك فو الله لئن شئت لأملأنها عليه خيلاً ورجلاً. فأبى علي عليه السلام، فتمثل بشعر المتلمس:
ولن يقيم على خسف يراد به إلا الأذلان عير الحي والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته وذا يشج فلا يبكي له أحد
فزجره علي وقال: والله ما أردتَ بهذا إلا الفتنة، وإنك والله طالما بغيت للإسلام شراً! لا حاجة لنا في نصيحتك.
ومد علي يده ليبايع الخليفة الاول ابي بكر! ويؤكد مسألة الوحدة الاسلامية
فبايع اصحاب الامام (ع) ابي بكر أمثال عمار بن ياسر وسلمان الفارسي وابو ذر الغفاري والزبير وطلحة والمقداد والعباس (رض).
فعندما نقرأ كلماته في نهج البلاغة التي ارسلها مع مالك الاشتر لاهل مصر كان يقول (ع) :" فما راعني الا انثيال الناس على ابي بكر يبايعونه، فأمسكت يدي، حتى اذا رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام يريدون محق دين محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم) فخشيت ان انا لم انصر الاسلام واهله، أن ارى فيه ثلما او هدما تكون المصيبة به علي اعظم من فوت ولايتكم هذه، التي انما هي متاع ايام قلائل، يزول منها مازال كما يزول السراب او ينقشع السحاب فنهضت، حتى زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتنهنه".
الخدمات التي قدمها الامام علي في عهد الخليفة الأول أبي بكر:
1- فكر أبو بكر بغزو الروم فاستشار جماعة من الصحابة فقدموا و أخروا،و لم يقطعوا برأي،فاستشار عليا (ع) في الأمر فقال:إن فعلت ظفرت.فقال أبو بكر:بشرت بخير.و أمر أبو بكر الناس بالخروج بعد أن أمر عليهم خالد بن سعيد .
تاريخ اليعقوبي/ج 2/ص .111
2ـ أراد أبو بكر أن يقيم الحد على شارب خمر.فقال الرجل:إني شربتها و لا علم لي بتحريمها،فأرسل إلى الإمام يسأله عن ذلك فقال (ع) :«مر نقيبين من رجال المسلمين يطوفان به على المهاجرين و الأنصار و ينشدانهم هل فيهم أحد تلا عليه آية التحريم أو أخبره بذلك عن رسول الله (ص) ،فإن شهد بذلك رجلان منهم فأقم الحد عليه،و إن لم يشهد أحد بذلك،فاستتبه و خل سبيله» .ففعل الخليفة ذلك،فعلم صدق الرجل فخلى سبيله .
ابن شهر آشوب/مناقب آل أبي طالب/ج 2/ص .356
قدم جاثليق النصاري يصحبه مائة من قومه فسأل أبا بكر أسئلة، فدعا علياً (عليه السلام) فأجابه عنها، ونكتفي منها بسؤال واحد من أسئلة الجاثليق: -أخبرني عن وجه الرب تبارك وتعالى!
فدعا علي (ع) بنار و حطب،و أضرمه،فلما اشتعلت قال:أين وجه هذا النار؟
قال الجاثليق:هي وجه من جميع حدودها.
فقال علي (ع) :«هذه النار مدبرة مصنوعة،لا يعرف وجهها،و خالقها لا يشبهها،و لله المشرق و المغرب فأينما تولوا فثم وجه الله لا تخفى على ربنا خافية»
علي و الخلفاء/ص 60،التستري/قضاء أمير المؤمنين/ط مؤسسة الأعلمي (بيروت) /ص .86
5ـو أرسل ملك الروم رسولا إلى أبي بكر يسأله عن رجل لا يرجو الجنة و لا يخاف النار،و لا يخاف الله،و لا يركع و لا يسجد و يأكل الميتة و الدم،و يشهد بما لم ير و يحب الفتنة و يبغض الحق،فأخبر بذلك عليا (ع) فقال:
«هذا رجل من أولياء الله:لا يرجو الجنة و لا يخاف النار،و لكن يخاف الله و لا يخاف من ظلمه،و إنما يخاف من عدله،و لا يركع و لا يسجد في صلاة الجنازة،و يأكل الجراد و السمك،و يأكل الكبد،و يشهد بالجنة و النار و هو لم يرهما،و يحب المال و الولد (إنما أموالكم و أولادكم فتنة) ،و يشهد بالجنة و النار و هو لم يرهما،و يكره الموت و هو حق»
ابن شهر آشوب/مناقب آل أبي طالب/ج 2/ص .358
هذه بعض المعضلات التي كان علي عليه السلام حاضرا فيها على عهد الخليفة الاول
وكما نعلم ان الخليفة الاول قد عين من بعده للخلافة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب
وهذا ما أمر به قبل وفاته
وهذا ماذكره اليعقوبي في تاريخه
اعتل أبوبكر (رضي الله عنه) في جمادى الاخرة سنة (13). فلما اشتدت به العلة عهد إلى عمر بن الخطاب (رض)، فأمر عثمان (رض) ان يكتب عهده، و كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما عهد أبوبكر خليفة رسول الله إلى المؤمنين و المسلمين : سلام عليكم، فإنى أحمد إليكم الله؛ اما بعد فانى قد استعملت عليكم عمر بن الخطاب، فاسمعوا و أطيعوا، و إنى ما ألوتكم نصحا. والسلام.
تاريخ اليعقوبى: 2 / .136
ومن الواضح أن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعد ماجرى في السقيفة من الهجوم على دار أمير المؤمنين
فنحن نرى أن الخليفة ابي بكر قد قال قبل وفاته وهو يحتضر في آخر حياته :" وددت أني لم اكشف بيت فاطمة (ع) ولو أعلن علي الحرب!!"
واحتضر الصديق في تلك اللحظات وذهبت روحه الى الخالق
على عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب:
وتم تعيين الخلافة لعمر بن الخطاب ولازال الخلفاء يأخذون من علم علي (ع) الذي ساعد وعاون في بناء دولة الخلافة الراشدة مع الخلفاء الذين تقدموه وكان يحضر مجالس الخلفاء ويصلي جماعة المسلمين معهم ويشاركهم في الاعياد والافراح ولم يكن معتزلا كما يتصور بعض المسلمين!
نعم فهذا هو رائد الوحدة الاسلامية وهو أمير المؤمنين وهو وصي رسول الله الذي يحس بالمسئولية ولو كان خارج دائرة الخلافة!
وكما تروى النصوص التاريخية في نهج البلاغة أن عمر بن الخطاب استشار المسلمين في الخروج بنفسه لقتال الفرس فنصحه المسلمين بالخروج كعثمان والزبير ولكن عليا رفض ذلك وقال عليه السلام:" إن هذا الأمر لم يكن نصره و لا خذلانه بكثرة ولا بقلة، و هو دين الله الذي أظهره، و جنده الذي أعده و أمده، حتى بلغ ما بلغ، و طلع حيث طلع، و نحن على موعود من الله، و الله منجز وعده، و ناصره جنده.
و مكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز؛ يجمعه و يضمه، فإن انقطع النظام تفرق الخرز و ذهب، ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا . و العرب اليوم و إن كانوا قليلا فهم كثيرون بالإسلام، عزيزون بالاجتماع. فكن قطبا و استدر الرحى بالعرب، و أصلهم دونك نار الحرب؛ فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها و أقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك .
إن الأعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولوا: هذا أصل العرب، فإذا اقتطعتموه استرحتم؛ فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك و طمعهم فيك. فأما ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين، فإن الله سبحانه هو أكره لمسيرهم منك، و هو أقدر على تغيير ما يكره! و أما ما ذكرت من عددهم، فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة، و إنما كنا نقاتل بالنصر و المعونة!
نهج البلاغة: الخطبة 146
نعم... لقد عمل الامام علي على أن يحفظ حياة الخليفة عمر ونصحه بعدم الخروج لقتال الفرس بنفسه لأن ذلك سيشكل خطرا على حياته. بل وصفه بوصف أشد من ذلك ووصفه بأنه رأس الاسلام وأصل العرب وحصن العرب والحامي والمدافع عنهم، بالطبع الامام علي لم يكن منافقا في كلامه بل صحيح ان الخليفة عمر كان هو الخليفة انذاك ولابد من حفظ حياة الخليفة فاذا سقط الخليفة فسيسقط الجنود وتقع راية الاسلام التي كان يرفعها المسلمين في عهد عمر بن الخطاب.
بعد انتصار المسلمين على الفرس في خلافة عمر، شاور عمر ابن الخطاب أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سواد الكوفة.. فقال بعضهم: تقسمها بيننا، ثم شاور علياً (عليه السلام) في الأمر.
فقال إن قسمتها اليوم لم يكن لمن يجيء بعدنا شيء، ولكن تقرها في أيديهم يعملونها، فتكون لنا ولمن بعدنا.
فقال عمر لعلي: وفقك الله... هذا الرأي.
وقد استشاره عمر بن الخطاب في الخروج الى غزو الروم بنفسه فقال الامام (ع):" وَقَدْ تَوَكَّلَ اللهُ لأهْلِ هذَا الدِّينِ بِإِعْزَازِ الْحَوْزَةِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَالَّذِي نَصَرَهُمْ، وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَنْتَصِرُونَ، وَمَنَعَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَمْتَنِعُونَ، حَيٌّ لاَ يَمُوتُ. إِنَّكَ مَتَى تَسِرْ إِلَى هذَا الْعَدُوِّ بِنَفْسِكَ، فَتَلْقَهُمْ فَتُنْكَبْ، لاَ تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ كَانِفَةٌ دُونَ أَقْصَى بِلاَدِهِمْ. لَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ رَجُلاً مِحْرَباً، وَاحْفِزْ مَعَهُ أَهْلَ الْبَلاَءِ وَالنَّصِيحَةِ، فَإِنْ أَظْهَرَ اللهُ فَذَاكَ مَا تُحِبُّ، وَإِنْ تَكُنِ الأخْرَى، كُنْتَ رِدْءاً للنَّاس وَمَثَابَةً لِلْمُسْلِمِينَ.
نهج البلاغة باب الخطاب خطبة رقم 134
ونرى الامام علي يحفظ حياة الخليفة عمر بعد ان استشاره في غزو الروم، فقد كان رائد الوحدة الاسلامية ويعاون الذين تقدموه في الخلافة وابعدوه عن حقه - من خلال نظرتنا نحن الشيعة - بل حافظ على حياتهم الى درجة تدمع لها العين.
فقد كان الانسان المخلص للاسلام والمسلمين وكان يجسد الوحدة الاسلامية كابن عمه رسول الله (ص) الذي آخى بين الصحابة وكان الانسان الصابر 25 سنة التي قضاها بعيدا عن الخلافة!
وفي مشكلة أخرى يعمل الامام علي عليه السلام في مساعدة ومساندة الخليفة عمر في حل احد معضلاته
ورد إلى بيت مال المسلمين مال كثير –من البحرين– فقسمه عمر بين المسلمين، ففضل منه شيء، فجمع عمر المهاجرين والأنصار واستفتاهم بأمره قائلاً: ما ترون في فضلٍ، فضل عندنا من هذا المال؟
قالوا: يا أمير المؤمنين إنا شغلناك بولاية أمورنا من أهلك وتجارتك، وضيعتك، فهو لك,
فالتفت عمر إلى علي قائلاً: ما تقول أنت؟
قال الإمام (عليه السلام): قد أشاروا عليك.
قال الخليفة: فقل أنت؟
قال (عليه السلام): لِمَ تجعل بيقينك ظناً، ثم حدثه بواقعة مشابهة في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأخيراً أشار عليه الإمام (عليه السلام) بتوزيعه على الفقراء، قائلاً، «أشير عليك أن لا تأخذ من هذا الفضل وأن تفضه على فقراء المسلمين».
فقال عمر: صدقت والله.
علي والخلفاء/ نجم الدين العسكري ص83، نقلاً عن أحمد بن حنبل في المسند ج1 ص94 وكنز العمال ج4 ص39
استشارة عمر بن الخطاب (رض) المسلمين في تسجيل التاريخ الهجري:
عن الطبري في تاريخه عن سعيد بن المسيب. قال: جمع عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) الناس فسألهم، من أي يوم نكتب التاريخ؟..
فقال علي (عليه السلام): من يوم هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله، وترك أرض الشرك، ففعله عمر.
تاريخ الطبري ج2 ص253، وفي تاريخ اليعقوبي مثله وكنز العمال ومستدرك الحاكم والكامل لابن الأثير نقلاً عن علي والخلفاء ص240.
قضية حلي الكعبة وموقف أمير المؤمنين(ع):
و من اخباره في زمن عمر ما في نهج البلاغة:روي انه ذكر عند عمر بن الخطاب في ايامه حلي الكعبة و كثرته فقال قوم لو اخذته فجهزت به جيوش المسلمين كان أعظم للاجر و ما تصنع الكعبة بالحلي فهم عمر بذلك و سأل عنه امير المؤمنين عليه السلام فقال ان هذا القرآن انزل على محمد صلى الله عليه و آله و سلم و الاموال اربعة.اموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض و الفيء فقسمه على مستحقيه.و الخمس فوضعه الله حيث وضعه.و الصدقات فجعلها الله حيث جعلها و كان حلي الكعبة فيها يومئذ فتركه على حاله و لم يخف عنه مكانا فاقره حيث اقره الله و رسوله فقال عمر لولاك لافتضحنا و ترك الحلي بحاله.
وكان عمر بن الخطاب كثيرا مايقول :" لولا علي لهلك عمر، أعوذ بالله من معضلة ليس لها ابو الحسن."
وقد رجع الى علي بن ابي طالب في أكثر من 90 قضية حتى قال :" قضية ولا ابو حسن لها"
وكان يقول:" عجزت النساء أن تلد مثل علي بن ابي طالب، ولولا علي لهلك عمر"
وقال:" لايفتي احدكم في المسجد وعلي حاضر".
وقال :" اقضانا علي بن ابي طالب".
وكان كثيرا ما يأخذ برأي علي ومشورته مما أثار غيرة بعض الصحابة فقالوا له:" نراك كثيرا تأخذ برأي علي بن ابي طالب وتستشيره وكثيرا ما تقف معه وتعاونه في بعض اموره وتحضر مجلسه ."
فقال الخليفة عمر بن الخطاب:" هذا مولاي!!!!"
مقتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض) وقضية الشورى:
حدثنى محمد بن سعد حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهرى عن أبيه عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يأذن لسبى قد احتلم فى دخول المدينة حتى كتب المغيرة، و هو على الكوفة، يذكر غلاما له صانعا، و يستأذنه فى دخوله المدينة و يقول:إن عنده اعمالا كثيرة فيها منافع للناس، انه حداد نقاش نجار، فكتب اليه عمر فاذن له ان يرسل به الى المدينة و ضرب عليه المغيرة مائة درهم كل شهر، فجاء الى عمر يشتكى اليه شدة الخراج و ثقله، فقال له: ماذا تحسن؟ فذكر له الأعمال التى يحسنها، فقال عمر : ما خراجك بكثير فى جنب ما تعمل، فانصرف ساخطا يتذمر، فلبث عمر ليالى، ثم ان العبد مر به فدعاه فقال:ألم أحدث أنك تقول لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح؟ فالتفت العبد إلى عمر ساخطا عابسا، و كان مع عمر رهط، فقال: لأصنعن لك رحى يتحدث الناس فى المشرق و المغرب بها؛ فلما ولى العبد أقبل عمر على الرهط الذين كانوا معه فقال لهم: أوعدني العبد آنفا . فلبث ليالى ثم اشتمل على خنجر ذي رأسين نصابه فى وسطه، فكمن فى زاوية من زوايا المسجد فى غبش السحر، فلم يزل هناك حتى خرج عمر رضى الله عنه يوقظ الناس لصلاة الصبح، و كان عمر يفعل ذلك، فلما دنا عمر منه وثب عليه فطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت السرة فخنقت الصفاق، و هى التي قتلته، ثم أغار على أهل المسجد فطعن من يليه حتى طعن سوى عمر أحد عشر رجلا ثم انتحر بخنجره، فقال عمر حين أدركه النزف و انقصف الناس عنه: قولوا لعبدالرحمن بن عوف فليصل بالناس، ثم غلب عمر النزف حتى غشى عليه، قال ابن عباس: فاحتملته فى رهط حتى ادخلته، ثم صلى بالناس عبدالرحمن، فأنكر الناس صوت عبدالرحمن قال ابن عباس: فلم أزل عند عمر، و لم يزل فى غشية واحدة حتى أسفر الصبح، ثم أفاق فنظر إلى وجوهنا ثم قال: أصلى الناس؟ قلت: نعم، فقال: لا إسلام لمن ترك الصلاة، ثم دعا بوضوء فتوضأ ثم قال: اخرج يا عبدالله فسل من قتلنى، قال: فخرجت حتى فتحت باب الدار، فإذا الناس مجتمعون جاهلون بخبر عمر، فقلت: من طعن اميرالمؤمنين ؟ قالوا: طعنه عدو الله ابو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة ثم طعن معه رهطا ثم قتل نفسه، فاخبرت عمر فقال: الحمد لله الذى لم يجعل قاتلى يحاجنى عند الله بسجدة سجدها له قط، ما كانت العرب لتقتلنى؛ قال سالم: فسمعت عبدالله بن عمر يقول، قال عمر: ارسلوا الى الطبيب ينظر فى جرحى هذا، فارسلوا الى طبيب من العرب فسقاه نبيذا فشبه النبيذ بالدم حين خرج من الطعنة التى تحت السرة، قال: فدعوت طبيبا آخر من الانصار فسقاه لبنا فخرج من الطعنة ابيض، فقال الطبيب: يا امير المؤمنين اعهد، فقال عمر: صدقنى اخو بنى معاوية و لو قلت غير ذلك كذبتك، قال: فبكى عليه القوم حين سمعوا قوله، فقال: لا تبكوا عينا، ألم تسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه و سلم: يعذب الميت بكاء اهله عليه؛ فبلغ عائشة رضي الله عنها قوله فقالت: انما مر رسول الله صلى الله عليه و سلم على نوح يبكين على هالك فقال: ان هؤلاء يبكون و صاحبهم يعذب، و كان قد اخترم ذلك .
وجمع الخليفة عمر الصحابة لاختيار خليفة للمسلمين من بعده فاختار ستة من الصحابة كان النبي (ص) توفي وهو راض عنهم وهم عثمان بن عفّان وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوّام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص.
فدخل عليه عبدالله ابن عباس (رضوان الله عليه) قبل وفاته و قال له :" أوص يا أمير المؤمنين! استخلف." قال: ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو عنهم راضٍ, وسمّى هؤلاء الستة من الصحابة (رض).
وقال عمر: يشهدكم عبد الله بن عمر وليس له من الأمر شيء, فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك وإلا فليستعن به أيكم ما أمّر فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة. فقد كان عمر قد عزل فيما سبق سعد بن أبي وقاص عن ولاية الكوفة.
عند ذلك اجتمع هؤلاء الستة (رض) وقال لهم عبد الرحمن بن عوف:
اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم, أي ليتنازل ثلاثة ويبق ثلاثة:
فقال الزبير: جعلت أمري إلى علي.
وقال طلحة: جعلت أمري إلى عثمان.
وقال سعد: جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف.
وقد انسحب من الخلافة الزبير وطلحة وسعد, وبقي عثمان وعلي وعبد الرحمن, وقد أخرج عبد الرحمن بن عوف نفسه من "قائمة المرشحين" وحصرها في عثمان وعلي وطلب منهم أن يدير العملية هو فوافقوا.
وهنا يقول عبد الرحمن بن عوف (رض): أفتجعلونه إليّ والله عليّ أن لا آلو عن أفضلكما. أي أنني لن أختار إلا الأفضل, وبعد موافقة الإثنين, قال لعلي: لك قرابة من رسول الله (ص) والقِدم في الإسلام ما قد علمت, فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن.
واشترط عليه شرطا وهو أن يسير بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة الشيخين فوافق علي على كتاب الله وسنة نبيه وكلن سيرة الشيخين فقال :" انا اسير باجتهادي فان كانت سيرة الشيخين موافقة لكتاب الله وسنة نبيه فانا ساسير عليها وان كانت مخالفة فلماذا السير عليها!" فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول.
وعندما اشترط عبدالرحمن بن عوف هذا الشرط على عثمان وافق عليه فبايع المسلمين الخليفة عثمان فقال علي عليه السلام:" والله لقد علمتم أني احق بها من غير ، لأسلمن ماسلمت أمور المسلمين ولم يكن بها جور الا علي خاصة. التماسا لاجر ذلك وفضله وزهدا فيما ت نافستموه من زخرفه وزبرجه."
في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان:
تزوج شيخ كبير بكراً فحملت، فادعى الرجل أنه لم يصل إليها، فسأل عثمان المرأة: هل افتضك الشيخ؟
قالت: لا .. فأمر باقامة الحد عليها
فقال الإمام (عليه السلام): إن للمرأة سمين: سم الحيض وسم البول، فلعل الشيخ كان ينال منها فسال ماؤه في سم الحيض، فحملت منه.
فقال الرجل: قد كنت أنزل الماء في قبلها من غير وصول إليها بالافتضاض.
فقال الإمام علي (عليه السلام): «الحمل له، والولد له، وأرى عقوبته على الإنكار له»
مناقب آل أبي طالب ج2 ص192 وعجائب أحكام أمير المؤمنين/ محمد ابن علي القمي (ره) ص43
عن موطأ مالك عن بعجة بن بدر الجهني: أنه أتى –عثمان– بامرأة قد ولدت لستة أشهر، فهم برجمها فقال علي (عليه السلام): إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك، إن الله تعالى يقول: «وحمله وفصاله ثلاثون شهراً» ثم قال «والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة». فحولان مدة الرضاعة وستة أشهر مدة الحمل.
فقال عثمان: ردوها .
المناقب ص192 وابن كثير في تفسيره ج4 ص57، والبيهقي في سننه ج7 ص442.
الامام (ع) ينصح عثمان ويحذره:
حين استمر هياج الناس و هم يطالبون عثمان بعزل الولاة الظالمين حاول الإمام (ع) أن يقنع الخليفة بضرورة الاصلاح،و جرت بينهما أحاديث بهذا الشأن،و مما نصح به الإمام (ع) الخليفة قوله:«و إني انشدك الله ألا تكون إمام هذه الامة المقتول فإنه كان يقال:يقتل في هذه الامة إمام يفتح عليها القتل و القتال إلى يوم القيامة،و يلبس امورها عليها،و يبث الفتن فيها،فلا يبصرون الحق من الباطل،يموجون فيها موجا و يمرجون فيها مرجا،فلا تكونن لمروان سيقة يسوقك حيث يشاء بعد جلال السن و تقضي العمر».
نهج البلاغة/خطبة رقم .164
فقال له عثمان:«كلم الناس في أن يؤجلوني حتى أخرج إليهم من مظالمهم»
فقال الإمام (ع) :«ما كان بالمدينة،فلا أجل فيه،و ما غاب فأجله وصول أمرك إليه»
قال الخليفة (رض) :نعم،و لكن أجلني فيما بالمدينة ثلاثة أيام.
فخرج الإمام إلى الناس،و أخبرهم بما وعد به الخليفة،و كتب بينهم و بين عثمان كتابا و أشهد عليه قوما من وجوه المهاجرين و الأنصار.
و قد لعب مروان بن الحكم دورا سيئا للغاية في تفاقم غضب الثائرين،فبعد كل مرة يعلن فيها عثمان عن تفاهم مع وفود الثائرين أو يعدهم بشيء سينفذه،يقوم مروان بخطوة تؤدي إلى تصعيد الموقف ضد عثمان،فقد وقف أمام القوم مرة و صاح:«إن شئتم حكمنا و الله بيننا و بينكم السيف»
و مرة كلفه عثمان بأن يتكلم مع الناس فخرج و هم محتشدون فصاح بهم:«جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا؟أخرجوا عنا»
فذهبوا إلى الإمام علي (ع) و عرضوا عليه ما فعله مروان،فذهب الإمام إليه و نصحه بأن لا يطيع مروان و إلا فإنه سيورده إلى التهلكة،و إنه أي الإمام علي لن يعد مرة اخرى إلى دار عثمان،لأنه كلما نصحه بنصيحة كان مروان يدخل عليه و يقنعه بعكس ما نصح به الإمام (ع) عثمان (رض) .
و بعد خروج الإمام،نصحت نائلة زوج عثمان،نصحته بأن يأخذ بنصيحة الإمام و ان يترك مروان،و قالت:«إنك متى أطعت مروان قتلك،و مروان ليس له عند الناس قدر و لا هيبة و لا محبة،و انما تركك الناس لمكان مروان»
و قد تكررت نصيحة الإمام علي و وساطاته بين عثمان و الثوار،إلا أن مروان كان ينجح دائما في صرف عثمان عن آراء الإمام علي (ع) التي كانت في مصلحة عثمان و المسلمين،و كان عثمان كلما اشتد حصار الثوار عليه في بيته،أرسل إلى الإمام علي،حتى شكا الإمام (ع) تلك الحالة بقوله: «يا للمسلمين!إني إن قعدت في بيتي قال (عثمان) لي:تركتني و قرابتي و حقي،و إني إن تكلمت فجاء ما يريد،يلعب به مروان،فصار (أي عثمان) سيقة له يسوقه حيث شاء،بعد كبر السن و صحبة رسول الله (ص) »
مقتل الخليفة الثالث:
مرت الايام واشتد الثوار في غضبهم على الخليفة عثمان حتى صاروا يهددونه بالقتل من حين الى آخر!
وحاصروا دار لخليفة ومنعوا عنه الماء فاستنجد عثمان بعلي (ع) فارسل علي الماء للخليفة وارسل خادمه قنبر والحسن والحسين رغم معارضة طلحة وبعض الثوار.
فهجم الثوار على دار الخليفة فارسل وعندما علم امير المؤمنين (ع) بخبر الهجوم على دار عثمان اسرع للدفاع عنه و ارسل الحسنين (ع) للدفاع عنه حتى ان بعض النصوص التاريخية تقول ان المحاصرين والمهاجمين والمتمردين ضربوا الحسن (ع) واصابوه بجرح وتسلقوا دار الخليفة واردوه قتيلا بدمه وبطريقة بشعة جدا.
وانتهت خلافة الخلفاء فجاء المسلمين وطلحة والزبير ليبايعوا علي بن ابي طالب عليه السلام.
وبدات الفتنة من جديد حتى صار بعض المعارضين لخلافة امير المؤمنين كمعاوية بن ابي سفيان قد اتهموا الامام بأنه اشترك في قتل الخليفة عثمان ولكن عليا بريء من دم عثمان براءة الذئب من دم يوسف!
وامتدت المشكلة الاسلامية الى يومنا هذا وافترق المسلمين من بداية حرب الجمل مرورا بحرب صفين والنهروان.
وكان البعض يسال عليا عن الخوارج ومن قالته في صفين والجمل كطلحة والزبير فقالوا له:"امشركون هم؟"
فقال (ع) :" من الشرك فروا."
فقالوا له:" امنافقون هم؟"
فقال (ع) :" المنافقون لا يذكرون الله كثيرا وهؤلاء يذكرون الله."
فقالوا له:" ماهم يا أمير المؤمنين؟."
فقال(ع) :" اخواننا بغوا علينا!"
نعم هذه الاخوة الاسلامية والوحدة الاسلامية التي كان يعيشها امير المؤمنين ورائد الوحدة الاسلامية حتى مع من قاتله ورفض خلافته!!
وتذكر النصوص التاريخية انه كان يسمع قومه يسبون جيش معاوية فقال (ع) :" اني اكره لكم ان تكونوا سبابين ولكن لو ذكرتم حالهم ووصفتم افعالهم لكان اصوب في القول، وابلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم اياهم ربنا احقن دماذنا ودماذهم، واصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم من ضلالهم حتى يعرف الحق من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به."
نعم هذا هو نهج امير المؤمنين لذي كان يرفض السب وحتى اللعن وأي شيء يثير الحقد والتباعد والفتنة بين المسلمين بل كان يحرص على وحدتها.
فهل نحن شيعته ومحبيه نمشي على نهجه الذي رسمه لنا وهو الاسلام الخالد الاصيل؟
فقد كان رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.
فسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق