لقد حدثنا المؤرخون والمحدثون أنه عليه السلام في آخر يوم من حياته الكريمة ، حينما كان على فراش الموت والشهادة ، حضر عنده جماعة من أصحابه لعيادته ، وكان ممن حضر صعصة بن صوحان ، وهو من كبار الشيعة في الكوفة ، وكان خطيبا بارعا ، ومتكلما لامعا ، وهو من الرواة الثقات حتى عند أصحاب الصحاح الستة وأصحاب المسانيد عندكم ، فإنهم يروون عنه ما ينقله الإمام علي عليه السلام ، وقد ترجم له كثير من علمائكم مثل ابن عبد البر في "الاستيعاب" وابن سعد في " الطبقات الكبرى" وابن قتيبة في " المعارف " وغيرهم ، فكتبوا أنه كان عالما صادقا ، وملتزما بالدين ، ومن خاصة أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام . في ذلك اليوم سأل صعصعة الإمام عليا عليه السلام قائلا :
يا أمير المؤمنين ! أخبرني أنت أفضل أم آدم (ع) ؟
فقال الإمام عليه السلام : يا صعصعة ! تزكية المرء نفسه قبيح ، ولولا قول الله عز وجل : ( وأما بنعمة ربك فحدث ) ما أجبت .
يا صعصعة ! أنا أفضل من آدم ، لأن الله تعالى أباح لآدم كل الطيبات المتوفرة في الجنة ونهاه عن أكل الحنطة فحسب ، ولكنه عصى ربه وأكل منها !
وأنا لم يمنعني ربي من الطيبات ، وما نهاني عن أكل الحنطة فأعرضت عنها رغبة وطوعا .
[ كلامه كناية عن أن فضل الإنسان وكرامته عند الله عز وجل بالزهد في الدنيا وبالورع والتقوى ، وأعلى مراتبه أن يجتنب الملاذ ويعرض عن الشهوات والطيبات المباحة ـ من باب رياضة النفس ـ حتى يتمكن منها ، ويمسك زمامها ، فيسوقها في طريق الورع والتقوى
فقال صعصعة : أنت أفضل أم نوح ؟
فقال عليه السلام : أنا أفضل من نوح ، لأنه تحمل ما تحمل من قومه ، ولما رأى منهم العناد دعا عليهم وما صبر على أذاهم ، فقال : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ).
ولكني بعد حبيبي رسول الله (ص) تحملت أذى قومي وعنادهم ، فظلموني كثيرا فصبرت وما دعوت )
[ كلامه عليه السلام كناية عن أن أقرب الخلق إلى الله سبحانه أصبرهم على بلائه وأكثرهم تحملا من جهال زمانه سوء تصرفهم ، وهو يقابلهم بالحكمة والموعظة الحسنة وبحسن سلوكه وأخلاقه ، قربة على الله تعالى ] .
فقال صعصعة : أنت أفضل أم إبراهيم ؟
فقال عليه السلام : أنا أفضل ، لأن إبراهيم قال : ( رب أرني كيف تحي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ).
ولكني قلت وأقول : لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا.
[ كلامه عليه السلام كناية عن أن مرتبة العبد عند الله سبحانه تكون بمرتبة يقينه ، فكلما ازداد العبد يقينا بالله عز وجل وبالمعتقدات الدينية ازداد قربا من الله سبحانه وتعالى ] .
قال صعصعة : أنت أفضل أم موسى ؟
قال (ع) : أنا أفضل من موسى لأن الله تعالى لما أمره أن يذهب إلى فرعون ويبلغه رسالته ( قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون ).
ولكني حين أمرني حبيبي رسول الله (ص) بأمر الله عز وجل حتى أبلغ أهل مكة المشركين سورة براءة ، وأنا قاتل كثير من رجالهم وأعيانهم ! مع ذلك أسرعت غير مكترث ، وذهبت وحدي بلا خوف ولا وجل ، فوقفت في جمعهم رافعا صوتي ، وتلوت آيات من سورة براءة ، وهم يسمعون !!
[ كلامه كناية عن أن فضل الإنسان عند الله سبحانه بالتوكل عليه عز وجل والإقدام في سبيل الله وأن لا يخشى العبد أحدا إلا ربه تعالى شأنه ] .
قال صعصة : أنت أفضل أم عيسى ؟
قال عليه السلام : أنا أفضل ، لأن مريم بنت عمران لما أرادت أن تضع عيسى ، كانت في البيت المقدس ، جاءها النداء يا مريم اخرجي من البيت ! هاهنا محل عبادة لا محل ولادة ، فخرجت ( فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ) .
ولكن أمي فاطمة بنت أسد لما قرب مولدي جاءت إلى بيت الله الحرام والتجأت إلى الكعبة ، وسألت ربها أن يسهل عليها الولادة ، فانشق لها جدار البيت الحرام ، وسمعت النداء : يا فاطمة ادخلي ! فدخلت ورد الجدار على حاله فولدتني في حرم الله وبيته.
[ لا أدري هل هذه المقايسة تنبئ عن أفضلية فاطمة بنت أسد على مريم بنت عمران كما أن ابنها عليا (ع) كان أفضل وأشرف عند الله تعالى من عيسى بن مريم (ع) ؟! ربما ] .
بالله عليكم فكروا قليلا وأنصفوا ، مع وجود هذه الروايات والأحاديث المنقولة في كتبكم ، والمروية بطرقكم ، هل يجوز أن تقدموا أحدا على الإمام علي (ع) في الخلافة ؟!!
وهل يجوز عند العقلاء والنبلاء تقديم المفضول على الفاضل ؟! كما يقول أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 10/226 : أما الذي استقر عليه رأي المعتزلة بعد اختلاف كثير بين قدمائهم في التفضيل وغيره ، أن عليا أفضل الجماعة ، وأنهم تركوا الأفضل لمصلحة رأوها !
ويقول في صفحة 227 : وبالجملة أصحابنا يقولون : إن الأمر كان له [ لعلي ] (ع) ، وكان هو المستحق والمتعين !
ويقول في شرح الخطبة الشقشقية في شرح نهج البلاغة 1/157 ط. دار إحياء التراث العربي : لما كان أمير المؤمنين (ع) هو الأفضل والأحق وعدل عنه إلى من لا يساويه في فضل ولا يوازيه في جهاد وعلم ، ولا يماثله في سؤدد وشرف ، ساغ إطلاق هذه الألفاظ ... إلى آخره .
فلا ينكر أحد تفضيل الإمام علي (ع) على غيره إلا عن تعصب وعناد ، وإلا فإن أعلامكم المنصفين ذهبوا أيضا مذهب المعتزلة في ذلك :
فقد روى العلامة الكنجي الشافعي في " كفاية الطالب " الباب الثاني والستين ، بسنده عن ابن التيمي ، عن أبيه ، قال : فضل علي بن أبي طالب على سائر الصحابة بمائة منقبة وشاركهم في مناقبهم .
وقال العلامة الكنجي ، وابن التيمي هو موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي ، ثقة وابن ثقة ، أسند عنه العلماء والإثبات ... ثم ذكر المائة منقبة بالتفصيل.....
ونقل الشيخ سليمان القندوزي في كتابه " ينابيع المودة " الباب الأربعين ، قال : أخرج موفق بن أحمد ، عن محمد بن منصور ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما جاء لأحد من الصحابة من الفضائل مثل ما لعلي بن أبي طالب (ع) .
وقال أحمد : قال رجل لابن عباس سبحان الله ! ما أكثر فضائل علي بن أبي طالب ومناقبه! إني لأحسبها ثلاثة آلاف منقبة . فقال ابن عباس : أَو لا تقول إنها ثلاثين ألفا أقرب ؟!
وقال ابن أبي الحديد في مقدمة شرح نهج البلاغة 1/17 ط. دار إحياء التراث العربي : وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله ؟!
... وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة ، وتنتهي إليه كل فرقة ، وتتجاذبه كل طائفة ؟! فهو رئيس الفضائل وينبوعها ، وأبو عذرها ، وسابق مضمارها ومجلي حلبتها . كل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ ، وله اقتفى ، وعلى مثاله احتذى .
ويقول في خاتمة المقدمة : 30 : وجب أن نختصر ونقتصر ، فلو أردنا شرح مناقبه وخصائصه لاحتجنا إلى كتاب مفرد يماثل حجم هذا ، بل يزيد عليه . وبالله التوفيق .
فلا أدري بأي عذر أخروا هذا الرجل الفذ ، والإنسان العبقري ، العملاق العظيم ، العلي على البشر بعد النبي (ص) .
ولماذا لم يستشيروه في أمر الخلافة ؟!
وهل لهم دليل على تقديم الآخرين عليه ؟!
فانصفوا ولا تتبعوا التعصب والعناد !
والله لو كان الحجر له عقل يعي به لادرك اين الحق والرشاد فإنها لا تعمى الأبصر ولكن تعمى القلوب التي في الصدور
يا أمير المؤمنين ! أخبرني أنت أفضل أم آدم (ع) ؟
فقال الإمام عليه السلام : يا صعصعة ! تزكية المرء نفسه قبيح ، ولولا قول الله عز وجل : ( وأما بنعمة ربك فحدث ) ما أجبت .
يا صعصعة ! أنا أفضل من آدم ، لأن الله تعالى أباح لآدم كل الطيبات المتوفرة في الجنة ونهاه عن أكل الحنطة فحسب ، ولكنه عصى ربه وأكل منها !
وأنا لم يمنعني ربي من الطيبات ، وما نهاني عن أكل الحنطة فأعرضت عنها رغبة وطوعا .
[ كلامه كناية عن أن فضل الإنسان وكرامته عند الله عز وجل بالزهد في الدنيا وبالورع والتقوى ، وأعلى مراتبه أن يجتنب الملاذ ويعرض عن الشهوات والطيبات المباحة ـ من باب رياضة النفس ـ حتى يتمكن منها ، ويمسك زمامها ، فيسوقها في طريق الورع والتقوى
فقال صعصعة : أنت أفضل أم نوح ؟
فقال عليه السلام : أنا أفضل من نوح ، لأنه تحمل ما تحمل من قومه ، ولما رأى منهم العناد دعا عليهم وما صبر على أذاهم ، فقال : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ).
ولكني بعد حبيبي رسول الله (ص) تحملت أذى قومي وعنادهم ، فظلموني كثيرا فصبرت وما دعوت )
[ كلامه عليه السلام كناية عن أن أقرب الخلق إلى الله سبحانه أصبرهم على بلائه وأكثرهم تحملا من جهال زمانه سوء تصرفهم ، وهو يقابلهم بالحكمة والموعظة الحسنة وبحسن سلوكه وأخلاقه ، قربة على الله تعالى ] .
فقال صعصعة : أنت أفضل أم إبراهيم ؟
فقال عليه السلام : أنا أفضل ، لأن إبراهيم قال : ( رب أرني كيف تحي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ).
ولكني قلت وأقول : لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا.
[ كلامه عليه السلام كناية عن أن مرتبة العبد عند الله سبحانه تكون بمرتبة يقينه ، فكلما ازداد العبد يقينا بالله عز وجل وبالمعتقدات الدينية ازداد قربا من الله سبحانه وتعالى ] .
قال صعصعة : أنت أفضل أم موسى ؟
قال (ع) : أنا أفضل من موسى لأن الله تعالى لما أمره أن يذهب إلى فرعون ويبلغه رسالته ( قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون ).
ولكني حين أمرني حبيبي رسول الله (ص) بأمر الله عز وجل حتى أبلغ أهل مكة المشركين سورة براءة ، وأنا قاتل كثير من رجالهم وأعيانهم ! مع ذلك أسرعت غير مكترث ، وذهبت وحدي بلا خوف ولا وجل ، فوقفت في جمعهم رافعا صوتي ، وتلوت آيات من سورة براءة ، وهم يسمعون !!
[ كلامه كناية عن أن فضل الإنسان عند الله سبحانه بالتوكل عليه عز وجل والإقدام في سبيل الله وأن لا يخشى العبد أحدا إلا ربه تعالى شأنه ] .
قال صعصة : أنت أفضل أم عيسى ؟
قال عليه السلام : أنا أفضل ، لأن مريم بنت عمران لما أرادت أن تضع عيسى ، كانت في البيت المقدس ، جاءها النداء يا مريم اخرجي من البيت ! هاهنا محل عبادة لا محل ولادة ، فخرجت ( فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ) .
ولكن أمي فاطمة بنت أسد لما قرب مولدي جاءت إلى بيت الله الحرام والتجأت إلى الكعبة ، وسألت ربها أن يسهل عليها الولادة ، فانشق لها جدار البيت الحرام ، وسمعت النداء : يا فاطمة ادخلي ! فدخلت ورد الجدار على حاله فولدتني في حرم الله وبيته.
[ لا أدري هل هذه المقايسة تنبئ عن أفضلية فاطمة بنت أسد على مريم بنت عمران كما أن ابنها عليا (ع) كان أفضل وأشرف عند الله تعالى من عيسى بن مريم (ع) ؟! ربما ] .
بالله عليكم فكروا قليلا وأنصفوا ، مع وجود هذه الروايات والأحاديث المنقولة في كتبكم ، والمروية بطرقكم ، هل يجوز أن تقدموا أحدا على الإمام علي (ع) في الخلافة ؟!!
وهل يجوز عند العقلاء والنبلاء تقديم المفضول على الفاضل ؟! كما يقول أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 10/226 : أما الذي استقر عليه رأي المعتزلة بعد اختلاف كثير بين قدمائهم في التفضيل وغيره ، أن عليا أفضل الجماعة ، وأنهم تركوا الأفضل لمصلحة رأوها !
ويقول في صفحة 227 : وبالجملة أصحابنا يقولون : إن الأمر كان له [ لعلي ] (ع) ، وكان هو المستحق والمتعين !
ويقول في شرح الخطبة الشقشقية في شرح نهج البلاغة 1/157 ط. دار إحياء التراث العربي : لما كان أمير المؤمنين (ع) هو الأفضل والأحق وعدل عنه إلى من لا يساويه في فضل ولا يوازيه في جهاد وعلم ، ولا يماثله في سؤدد وشرف ، ساغ إطلاق هذه الألفاظ ... إلى آخره .
فلا ينكر أحد تفضيل الإمام علي (ع) على غيره إلا عن تعصب وعناد ، وإلا فإن أعلامكم المنصفين ذهبوا أيضا مذهب المعتزلة في ذلك :
فقد روى العلامة الكنجي الشافعي في " كفاية الطالب " الباب الثاني والستين ، بسنده عن ابن التيمي ، عن أبيه ، قال : فضل علي بن أبي طالب على سائر الصحابة بمائة منقبة وشاركهم في مناقبهم .
وقال العلامة الكنجي ، وابن التيمي هو موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي ، ثقة وابن ثقة ، أسند عنه العلماء والإثبات ... ثم ذكر المائة منقبة بالتفصيل.....
ونقل الشيخ سليمان القندوزي في كتابه " ينابيع المودة " الباب الأربعين ، قال : أخرج موفق بن أحمد ، عن محمد بن منصور ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما جاء لأحد من الصحابة من الفضائل مثل ما لعلي بن أبي طالب (ع) .
وقال أحمد : قال رجل لابن عباس سبحان الله ! ما أكثر فضائل علي بن أبي طالب ومناقبه! إني لأحسبها ثلاثة آلاف منقبة . فقال ابن عباس : أَو لا تقول إنها ثلاثين ألفا أقرب ؟!
وقال ابن أبي الحديد في مقدمة شرح نهج البلاغة 1/17 ط. دار إحياء التراث العربي : وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله ؟!
... وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة ، وتنتهي إليه كل فرقة ، وتتجاذبه كل طائفة ؟! فهو رئيس الفضائل وينبوعها ، وأبو عذرها ، وسابق مضمارها ومجلي حلبتها . كل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ ، وله اقتفى ، وعلى مثاله احتذى .
ويقول في خاتمة المقدمة : 30 : وجب أن نختصر ونقتصر ، فلو أردنا شرح مناقبه وخصائصه لاحتجنا إلى كتاب مفرد يماثل حجم هذا ، بل يزيد عليه . وبالله التوفيق .
فلا أدري بأي عذر أخروا هذا الرجل الفذ ، والإنسان العبقري ، العملاق العظيم ، العلي على البشر بعد النبي (ص) .
ولماذا لم يستشيروه في أمر الخلافة ؟!
وهل لهم دليل على تقديم الآخرين عليه ؟!
فانصفوا ولا تتبعوا التعصب والعناد !
والله لو كان الحجر له عقل يعي به لادرك اين الحق والرشاد فإنها لا تعمى الأبصر ولكن تعمى القلوب التي في الصدور