إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الامام الحسن المجتبى عليه السلام ..

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الامام الحسن المجتبى عليه السلام ..

    في سطور
    الإمام الحسن بن علي الزكي (عليه السلام)


    في سطور

    اسمه: الحسن سماه به رسول الله (صلى الله عليه وآله).

    أبوه: علي أمير المؤمنين (عليه السلام).
    أمه: فاطمة الزهراء (عليها السلام).
    جده لأمه: رسول الله (صلى الله عليه وآله).
    جده لأبيه: أبو طالب بن عبد المطلب.
    جدته لأمه: خديجة بنت خويلد.
    جدنه لأبيه: فاطمة بنت أسد بن هاشم.
    أخوه لأمه وأبيه: الإمام الحسين (عليه السلام).
    إخواته لأمه وأبيه: زينب، أم كلثوم (عليهما السلام).
    ولادته: ولد بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث للهجرة، فجيء به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: اللهم إني أعيذه بك وولده من الشيطان الرجيم، وأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليرى، وسماه حسيناً، وعقّ عنه كبشاً.
    صفته: كان (عليه السلام) أبيض، مشرباً بحمرة، أدعج العينين، سهل الخدين، رقيق المشربة، كثّ اللحية، ذا وافرة، وكأن عنقه إبريق فضة، عظيم الكراديس، بعيد ما بين المنكبين، ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، مليحاً، من أحسن الناس وجهاً، وكان يخضب بالسواد، وكان جعد الشعر، حسن البدن.
    حياته مع أبيه: لازم أباه أمير المؤمنين (عليه السلام) طيلة حياته، وشهد معه حروبه الثلاث: الجمل، صفين، النهروان.
    كنيته: أبو محمد كناه بها رسول الله (صلى الله عليه وآله).
    ألقابه: التقي، الزكي، السبط.
    نقش خاتمه: العزة لله وحده
    أشهر زوجاته: خولة بنت منظور الفزارية، أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي، أم بشر بنت أبي مسعود الأنصاري، جعدة بنت الأشعث، هند بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.
    أولاده: زيد، الحسن، عمرو، القاسم، عبد الله، عبد الرحمن، الحسن، طلحة.
    بناته: أم الحسن، أم الحسين، فاطمة أم عبد الله، فاطمة أم سلمة، رقية.
    بيعته: بويع بالخلافة في الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة 40 للهجرة
    بوابه: سفينة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله).
    كاتبه: عبد الله بن أبي رافع.
    صلحه: صالح معاوية في النصف من جمادي الأولى سنة 41 للهجرة بعد أن تبين الوهن في أصحابه.
    وفاته: توفي (عليه السلام) في السابع من شهر صفر سنة 50 للهجرة.
    قبره: دفنه الحسين (عليه السلام) في البقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بوصية منه.
    مدة إمامته: كانت مدة إمامته عليه السلام 10 سنين.
    هدم قبره: في الثامن من شوال سنة 1344هـ هدم الوهابيون قبره وقبور بقية الأئمة (عليهم السلام ).


  • #2
    في سطور
    الإمام الحسن بن علي الزكي (عليه السلام)



    ولادته


    قال الحافظ ابن عساكر: الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي أبو محمد الهاشمي، سبط رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وريحانته وأحد سيدي شباب أهل الجنة(1).

    وروى بإسناده عن الأصبغ بن نباتة، قال: ولدت فاطمة ابنها الحسن بن علي في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة(2).

    وروى بإسناده عن قتادة، قال: ولدت فاطمة الحسن بعد أحد بسنتين وكان بين وقعة أحد وبين مقدم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سنتان وستة أشهر ونصف فولدته لأربع سنين وتسعة أشهر ونصف من التاريخ(3).

    وروى بإسناده عن سودة بنت مسرح قالت: كنت فيمن حضر فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حين ضربها المخاض، قال: فأتانا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال: كيف هي؟ كيف هي إبنتي فديتها؟ قالت: قلت: إنها لتجهد يا رسول الله، قال: فإذا وضعت فلا تسبقني به بشيء، قالت: فوضعته فسررته ولففته في خرقة صفراء فجاء رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال: ما فعلت إبنتي فديتها؟ وما حالها؟ وكيف هي ؟ فقلت: يا رسول الله وضعته وسررته ولففته في خرقة صفراء فقال: لقد عصيتني قالت: قلت: أعوذ بالله من معصية الله ومعصية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سررته يا رسول الله، ولم أجد من ذلك بداً، قال: آتيني به قالت: فأتيته به فألقى عنه الخرقة الصفراء ولفه في خرقة بيضاء وتفل في فيه وألباه بريقه قالت: فجاء علي (عليه السلام) فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ما سمّيته يا علي ؟ قال سميته جعفراً يا رسول الله، قال: لا ولكنه حسن وبعده حسين وأنت أبو الحسن والحسين(4).
    الهوامش
    1 - ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام) من تاريخ مدينة دمشق ص5.
    2 - المصدر ص10.
    3 - المصدر ص11.
    4 - المصدر ص13 ورواه المتقي في كنز العمال، ج13 ص651 رقم 37652.

    تعليق


    • #3
      في سطور
      الإمام الحسن بن علي الزكي (عليه السلام)



      أسماؤه وكناه


      باب اسمه واسم أخيه (عليهما السلام)


      علل الشرائع: بالإسناد عن الجوهري، عن الحكم بن أسلم، عن وكيع، عن الأعمش، عن سالم، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنيّ سمّيت ابنيّ هذين باسم ابني هارون شبراً وشبيراً(1).

      ومنه: بالإسناد عن الضبي، عن حرب بن ميمون، عن محمد بن علي ابن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال النبي (ص): يا فاطمة اسم الحسن والحسين في ابني هارون شبّر وشبير، لكرامتهما على الله عز وجل(2).
      معاني الأخبار وعلل الشرائع: الحسن العلوي، عن جده، عن داود ابن القاسم، عن عيسى، عن يوسف بن يعقوب، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، قال: لما ولدت فاطمة (عليها السلام) الحسن جاءت به إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فسمّاه حسناً، فلما ولدت الحسين جاءت به إليه فقالت: يا رسول الله هذا أحسن من هذا، فسماه حسيناً(3).
      المناقب لابن شهر آشوب: ابن بطة في الإبانة من أربع طرق منها:
      أبو الخليل، عن سلمان، قال رسول الله (ص): سمى هارون ابنيه شبّراً وشبيراً، وإني سميت ابني الحسن والحسين.
      مسند أحمد، وتاريخ البلاذري، وكتب الشيعة إنه (ص) قال: إنما سميتهم(4) باسماء (هؤلاء) أولاد هارون شبراً وشبيراً [ومشبراً].
      فردوس الديلمي، عن سلمان، قال النبي (ص): سمى هارون ابنيه شبراً وشبيراً وإنني سميت ابني الحسن والحسين بما سمى هارون ابنيه.
      عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، قال: قدم راهب على قعود به فقال: دلوني على منزل فاطمة (عليها السلام)، قال: فدلوه عليها، فقال لها: يا بنت رسول الله أخرجي إلى ابنيك، فأخرجت إليه الحسن والحسين فجعل يقبّلهما ويبكي ويقول: اسمهما في التوراة شبر وشبير وفي الإنجيل طاب وطيب، ثم سأل عن صفة النبي (ص) فلما ذكروه قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله (ص)(5).
      توضيح: قال الجوهري (القعود) من الإبل هو البكر حين يركب أي يمكن ظهره من الركوب، وأدنى(6) ذلك أن تأتي عليه سنتان إلى أن يثني، فإذا أثنى سمّي جملاً.
      المناقب: عمران بن سلمان، وعمرو بن ثابت، قالا: أحسن والحسين اسمان من أسامي أهل الجنّة ولم يكونا في الدنيا.
      جابر: قال النبي (صلى الله عليه وآله): سمي الحسن حسناً لأنّ بإحسان الله قامت السماوات والأرضون، واشتقّ الحسين من الإحسان(7)، وعلي والحسن واسمان من أسماء الله تعالى. وحسن وحسين الحسن.
      وحكى أبو الحسين النسابة: كأن الله عز وجل حجب هذين الاسمين عن الخلق، يعني حسناً وحسيناً، حتى تسمى بهما ابنا فاطمة (عليها السلام)، فإنه لا يُعرف أن أحداً من العرب تسمى(8) بهما في قديم الأيام إلى عصرهما لامن ولد نزار(9) ولا اليمن مع سعة أفخاذهما وكثرة ما فيهما من الأسامي وإنما يُعرف فيهما حسنٌ بسكون السين وحسينٌ بفتح الحاء وكسر السين على مثال حبيب، فأمّا حسنٌ بفتح الحاء والسين فلا نعرفه إلا اسم جبل معروف.
      قال الشاعر:
      بحـــــيث أضرّ بالحسن السبيل

      لأمِّ الأرض وبــــــــــل ما أجنّت
      سئل أبو عمه غلام تغلب(10) عن معنى قول أمير المؤمنين (عليه السلام): (حتى لقد وُطئ الحسنان، وشُقّ عطفاي)، فقال: الحسنان الإبهامان، وأحدهما حسن، قال الشنفري(11):
      جــــــمّاءُ ملســــــــاء بكفّيها شثـن

      مهضـومة الكشحين درماء الحسن
      شقِّ عطفاي: أي ذيلي(12).
      كشف الغمة: ومن كتاب الفردوس: عن النبي (صلى الله عليه وآله) أمرت أن أسمي ابني هذين حسناً وحسيناً(13).

      الأئمة: أمير المؤمنين (عليه السلام)
      المناقب لابن شهر آشوب: مسند أحمد، بالإسناد عن هاني بن هاني عن علي (عليه السلام) وفي رواية عن غيره، عن أبي غسان بإسناده، عن علي (عليه السلام) قال: لما ولد الحسن جاء النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: أروني ابني، ما سميتموه؟ قلت: سميته حرباً قال: بل هو حسن.
      مسندي أحمد وأبي يعلى قال: لما ولد الحسن سماه حمزة فلما ولد الحسين سماه جعفراً، قال علي: فدعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: إني أمرت أن أغيّر اسم هذين، فقلت: الله ورسوله اعلم، فسماهما حسناً وحسيناً.
      وقد روينا نحو هذا عن ابن أبي عقيل(14)

      الباقر، عن أبيه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله أجمعين)
      المناقب لابن شهر آشوب: محمد بن علي، عن أبيه (عليهما السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أمرت أن أسمي ابني هذين حسناً وحسيناً(15).

      الصادق، عن أبيه (عليه السلام)
      علل الشرائع ومعاني الأخبار: الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، عن جده، عن أحمد بن صالح التميمي، عن عبد الله بن عيسى، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليه السلام) قال: أهدى جبرائيل (عليه السلام) إلى رسول الله (ص) اسم الحسن بن علي (عليه السلام) وخرقة حرير من ثياب الجنة واشتّق اسم الحسين من اسم الحسن (عليه السلام).
      المناقب لابن شهر آشوب: شرح الأخبار قال الصادق (عليه السلام): لمّا ولد الحسن بن علي أهدى جبرئيل (عليه السلام) إلى رسول الله (ص) اسمه في سرقة من حرير من ثياب الجنة فيها حسن واشتقّ منها اسم الحسين، فلما ولدت فاطمة الحسن أتت به رسول الله (ص) فسمّاه حسناً، فلما ولدت الحسين أتته به فقال: هذا أحسن من ذاك فسماه الحسين(16).
      قوله: سرقة، أي أحسن الحرير.
      توضيح: قال الجوهري: (السرق): شقق الحرير، قال أو عبيد: الاّ أنّها البيض منها والواحدة منها سرقة، قال: وأصلها بالفارسية سره أي جيّد.

      الرضا، عن آبائه، عن الحسن بن علي (عليهم السلام)
      عيون أخبار الرضا: بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه، عن الحسن بن علي (عليه السلام)، أنه سُمي حسناً يوم السابع، واشتقّ من اسم الحسن حسيناً، وذكر أنه لم يكن بينهما إلاّ الحمل.
      صحيفة الرضا: عنه (عليه السلام)، مثله(17).
      كشف الغمة: وروى الجنابذيّ أن علياً (عليه السلام) سمى الحسن حمزة والحسين جعفراً، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً وقال له: [إني] قد أمرت أن أغير اسم [ابني] هذين، قال: فما شاء الله ورسوله، قال: فهما الحسن والحسين.
      ويظهر من كلامه أنّه بقي الحسن (عليه السلام) مسمى حمزة إلى حين وُلد الحسين (عليه السلام) وغيرت أسماؤهما (عليهما السلام) وقتئذٍ، وفي هذا نظر لمتأمّله، أو يكون قد سمى الحسن وغيره، ولما ولد الحسين وسمي جعفراً غيره فيكون التسمية في زمانين والتغيير كذلك(18).
      المناقب لابن شهر آشوب: وسماه الله [الحسن، وسماه] في التوراة شبراً(19).


      كنيته وألقابه الشريفة


      إرشاد المفيد: كنية الحسن بن علي (صلوات الله عليهما) أبو محمد(20).

      كشف الغمة: (نقلاً عن الجنابذي)(21): كنيته أبو محمد لا غير، وأما ألقابه فكثيرة: التقي، والطيب، والزكي، والسيد، والسبط، والولي، كل ذلك كان يقال له ويطلق عليه [و] أكثر هذه الألقاب شهرة: التقي، لكنَّ أعلاها رتبة وأولاها به ما لقبه به رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث وصفه به وخصّه بأن جعله نعتاً له، فإنه صحّ النقل عن النبي (صلى الله عليه وآله) فيما أورده الأئمة الأثبات، والروات الثقات، أنه قال: ابني هذا سيد. فيكون أولى ألقابه السيد.
      وقال ابن الخشاب: كنيته أبو محمد، وألقابه: الوزير، والتقي، والقائم، والطيب، والحجة، والسيد، والسبط، والولي(22).
      وقال في كشف الغمة نقلاً عن كتاب الذرية الطاهرة للدولابي: وكنيته أبو محمد.
      وقال أيضاً فيه:
      وقال الشافعي في كتاب كفاية الطالب: الحسن بن علي كنيته أبو محمد.
      المناقب لابن شهر آشوب: وكنيته أبو محمد وأبو القاسم، وألقابه: السيد، والسبط، والأمين، والحجة، والبر، والتقي، والأمير، والزكي، والمجتبى، والسبط الأول، والزاهد.
      الهوامش
      1 - 1 / 138 ح 8 والبحار 43 / 241 ح 9.
      2 - 1 / 138 ح 6 والبحار 43 / 241 ح 10.
      3 - معاني الأخبار: ص 57 ح 7 وعلل الشرائع: 1 / 139 ح 10 والبحار 43 / 242 ح 12.
      4 - في الأصل: سميتم.
      5 - 3 / 166 والبحار: 43 / 252 ح 29.
      6 - في الأصل: وأمرفي.
      7 - الظاهر: من الحسن.
      8 - في البحار والمصدر: يُسمى.
      9 - في الأصل: مراد.
      10 - في المصدر: ثعلب.
      11 - في الأصل والبحار: الشنفري، وما أثبتناه من المصدر.
      12 - 3 / 166 والبحار: 43 / 252 ح 30.
      13 - 1 / 535 والبحار: 43 / 256.
      14 - 3 / 166 والبحار: 43 / 251 ح 28.
      15 - 3 / 166 والبحار: 43 / 251 ح 28.
      16 - 3 / 166 والبحار: 43 / 251 ح 28.
      17 - عيون أخبار الرضا: 2 / 41 ح 145 وصحيفة الرضا: ص 33 والبحار: 43 / 240 ح 5.
      18 - 1 / 518 والبحار: 43 / 255.
      19 - 3 / 192 والبحار: 44 / 135.
      20 - ص 205 والبحار: 43 / 250 ح 26.
      21 - في المصدر: قال ابن طلحة.
      22 - 1 / 518 والبحار: 43 / 255.

      تعليق


      • #4
        في سطور
        الإمام الحسن بن علي الزكي (عليه السلام)


        إمامته عليه السلام
        كانت قضية الولاية والإمامة والخلافة كمسميات مختلفة للقيادة الشرعية التي ستخلف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بعد وفاته وغياب شخصه عن ساحة الأمة الإسلامية، هذه القضية من الموضوعات المحورية وربما هي المحور الذي لم تتوتد دعائم وأركان الدين الإسلامي إلا بعد مخاض عسير كان يتطلب إعداد مناخ ملائم قابل لتلقي هذا الأمر العظيم من قبل أفراد المجتمع الإسلامي.
        وبطبيعة الحال: إن إرادة الله تعالى التي حكمت بأن يكون الإسلام خاتم الأديان والمهيمن عليها وقد قال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)(1). وبذلك يكون هذا الدين يحمل خصوصيات الغلبة والتكاملية في مجمل تشريعاته وقوانينه ونظمه بحيث يتمكن من إدارة البشرية بطريقة سليمة وصحيحة.
        وليس ثمة شك في أن القيادة هي حجر الأساس في بناء الدولة وهي القطب التي تنتظم حوله شؤون الأمة وإدارة أمورها، ولذلك من غير المنطقي ولا من العقل أن يعتقد البعض في أن يكون رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد غادر الدنيا وترك أمته دونما قيادة، أو سائبة دونما رعاية فتعصف بها الأزمات والعقد وتثار على ساحتها الأضغان والأنانيات والحروب القذرة.
        من هذا المنطلق كانت الولاية على درجة كبيرة من الأهمية لاستمرار تماسك جنبات المجتمع الإسلامي واستقرار أوضاعه كما كانت على مستوى كبير من الخطورة تتطلب موقفاً صريحاً وجريئاً، لأنها قد تعترض مصالح فئة من المجتمع ولا سيما تلك الفئة البيروقراطية والتي تسعى من خلال ثرواتها الحصول على موقع اجتماعي رفيع تكون فيه الواجهة المتقدمة في صفوف المجتمع... ولكن استمرارية الفئة الرسالية تتطلب ركوب الأمواج العاتية والصعود فوق المصالح والأهواء والحواجز النفسية والمادية.
        ومواقف النبي (صلّى الله عليه وآله) كثيرة من الإمامة والخلافة التي عمل (صلّى الله عليه وآله) منذ بداية الرسالة الإسلامية على الإعداد والتهيئة والإعلان عن الأئمة والقادة من بعده..
        ومن هذه المواقف، موقفه الشهير الذي تضافرت كل كتب السنن والتاريخ على تدوينه وشرحه بإسهاب، وأجمعت الحفظة ونقلة الأحاديث والرواة على صحته، إنه نداءٌ وبلاغٌ اذاعه وأعلنه على الألوف من المسلمين بعد رجوعه من حجّة الوداع الحجة الأخيرة التي حجّها النبي (صلّى الله عليه وآله) في آخر حياته، وعندما وصل إلى مكان اسمه ـ غدير خم(2) ـ وقف النبي (صلّى الله عليه وآله) في حرارة الشمس والوحي يهدّد رسالته وينذره إن تأخر عن أداء ما بقي منها ويبعث في نفسه الاطمئنان والأمن ممّا كان يحاذر ويخشى من قومه.
        (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)(3).
        ووقفت معه الجماهير التي حجّت في تلك السنة، نزل في ذلك المكان قبل تفرق الناس، حطّ أثقاله، التفّ حوله المسلمون ليعرفوا ما الخبر، ماذا نزل على النبي (صلّى الله عليه وآله) من السماء، بماذا أوحى له، صمت رهيب، الوقت هجير، صحراء قاحلة، عرف الجميع أن هناك بلاغاً هاماً خطيراً، صنع له المسلمون منبراً من أقتاب الإبل، قام خطيباً بعد أن صعد المنبر، ليشهدهم تنصيب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ولاية أمر المسلمين، حيث قال (صلّى الله عليه وآله) بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
        أيها الناس يُوشك أن أدعى فأجيب وإني مسؤول وإنكم مسؤولون فماذا أنتم قائلون؟ قالوا:
        نشهد أنك قد بلّغت وجاهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً فقال (صلّى الله عليه وآله): أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن جنّته حق، وأن ناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث بعد الموت حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟
        قالوا: بلى. نشهد بذلك.
        قال (صلّى الله عليه وآله): اللّهم اشهد: ثم قال (صلّى الله عليه وآله): يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه ـ يعني عليّاً ـ اللّهم والِ من والاه وعاد من عاداه ثم قال:
        يا أيها الناس إنّي فرطكم، وإنكم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض ممّا بين بصرى إلى صنعاء، إلى أن قال في خطبته، وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين، كيف تخلفوني فيهما الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل سبب طرفه بيد الله تعالى، وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به ولا تضلّوا ولا تبدلوا، والثقل الآخر: عترتي أهل بيتي، فإنّه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا عليّ الحوض..(4).
        بدأت تتردد أصداء هذه الكلمات العظيمة في صحراء خم وسمعها مائة ألف مسلم، كما ترددت في بطون كتب الرواة والمؤرخين واتفق المسلمون بالإجماع على حديث الرسول (صلّى الله عليه وآله) في حق الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام). وجاء الخليفة عمر بن الخطاب إلى علي (عليه السلام) فقال: بخ بخ لك يا أبا الحسن أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
        ونص رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على الأئمة والخلفاء من بعده بأمرٍ من الله عزّ وجلّ وهذا ما اعترف بصحته الأعلام من السنة والشيعة كما رواها الفريقان بأحاديث كثيرة وأسانيد متعددة ونصوص مختلفة.
        منها: ما روي عن جابر ابن سمرة قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة، فكبّر الناس وضجوا، ثم قال كلمة خفيت عليّ: قلت لأبي: يا أبة ما قال؟ قال: كلّهم من قريش(5). وروي عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة: أنه سمع النبي (صلّى الله عليه وآله) يقول: بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من بني هاشم(6).
        وجاء عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قوله للإمام علي (عليه السلام): أنا أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم ثم أنت يا علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم بعدك الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم بعده الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم بعده علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم بعده محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم بعده جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم بعده موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم بعده عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم بعده محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم بعده عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم بعده الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، والحجة بن الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم أئمة أبرار هم مع الحق والحق معهم(7).
        أما عن ولاية الحسن (عليه السلام) ففي حديث ابن عباس الذي مر ذكره قال النبي (صلّى الله عليه وآله): أما الحسن فإنه ابني وولدي ومنّي، وقرة عيني، وضياء قلبي، وثمرة فؤادي، وهو سيد شباب أهل الجنة، وحجة الله على الأمة، أمره أمري وقوله قولي، من تبعه فإنه مني، ومن عصاه فليس مني(8).
        غير أن الأمة لم تتبع أمر الله ورسوله وإنما بئس ما خلفته هذه الأمة في أهل بيته (عليهم السلام) حينما أعرضت عن الإمام الحق والوصي الشرعي لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) ودخلت في أتون الصراع السياسي المحتدم في مؤتمر السقيفة.
        بالطبع لم يكن الرسول (صلّى الله عليه وآله) بمنأى عن الحوادث الواقعة بعده بل كان على يقين تام بأن الأمة ستعيش نكسات خطيرة وانعطافات أخطر، ولعل قوله (صلّى الله عليه وآله) إلى أهل بيته (عليهم السلام) وهو في مرضه الذي انتقل بسببه إلى الرفيق الأعلى: (أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم)(9). لعل في ذلك إشارة إلى الحوادث التي يتعرض لها أهل البيت (عليهم السلام) من بعده (صلّى الله عليه وآله) ولذلك قبل أن يفارق رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الحياة يوصي أهل بيته (عليهم السلام) بالصبر والجلد أمام الامتحانات والابتلاءات التي ستحل بدارهم وعليهم من قبل الحاقدين والطامعين وقبل الوداع بدأ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقسّم الإرث على أهل بيته (عليهم السلام) حتى إذا وصل إلى الحسن (عليه السلام) قال: أما الحسن فأنحله الهيبة والحلم(10)..
        ثم ألقى نظرته الأخيرة على أهل بيته فكان يودع الواحد تلو الآخر، إلى أن اقتربت آخر لحظات حياته فكانت آخر دعواه (صلّى الله عليه وآله): (اللّهم خفف عن أمتي) وبعده صعدت روحه الطاهرة إلى الرفيق الأعلى.
        ولقد خلف غياب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فراغاً كبيراً كما أحدث جرحاً لا يندمل مع مرور الزمن، فكان دور الإمام علي (عليه السلام) في أن يتحمل انهدام الركن الأول والأساس في بيت الرسالة، كما عليه أن يحاول رأب الصدع حتى يبقى البيت النبوي ثابتاً ومستقراً ويظل مركز إشعاع فكري وروحي لكل المسلمين بصورة مستمرة دونما انقطاع أو توقف.
        1 - سورة آل عمران: 85.
        2 - غدير خم: بقعة بين مكة والمدينة منها يتفرق الحجاج كل يذهب إلى بلده.
        3 - سورة المائدة: 67.
        4 - أخرج لفظ الحديث الطبراني وابن جرير والحكم الترمذي بسند مجمع على صحته عن زيد بن أرقم، وقد نقله ابن حجر في كتابه، (الصواعق المحرقة)، عن الطبراني وغيره باللفظ الذي أعلاه وأرسل صحته إرسال المسلمات. راجع ص25 من الصواعق المحرقة.
        5 - ينابيع المودة: للشيخ القندوزي الحنفي، الباب السابع والسبعين، ج2، ص445، عن الشيعة في عقائدهم.
        6 - منتخب الأثر، للطف الله الصافي الكاشاني، ص114.
        7 - العوالم في أحوال الإمام الحسن (عليه السلام)، ص35.
        8 - ترجمة الإمام الحسن، لابن عساكر، ص100.
        9 - العوالم: ص45.
        10 - العوالم: ص54.

        تعليق


        • #5
          في سطور
          الإمام الحسن بن علي الزكي (عليه السلام)



          زوجاته وأبناؤه


          الإمام الحسن (عليه السلام) ذكر أولاده صلوات الله عليه، وأزواجه، وعددهم وأسمائهم


          طرف من أخبارهم

          1- في الإرشاد: أولاد الحسن بن علي (عليهما السلام) خمسة عشر ولداً ذكراً وأنثى: زيد بن الحسن، وأختاه أم الحسن وأم الحسين، أمهم أم بشير بنت أبي مسعود بن عقبة ابن عمرو بن ثعلبة الخزرجية، والحسن بن الحسن أمه خوله بنت منظور الفزارية وعمرو بن الحسن، وأخواه القاسم وعبد الله ابنا الحسن أمهم أم ولد، وعبد الرحمن ابن الحسن أمه أم ولد، والحسين بن الحسن الملقب بالأثرم، وأخوه طلحة بن الحسن وأختهما فاطمة بنت الحسن أمهم أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي وأم عبد الله، وفاطمة، وام سلمة، ورقية بنات الحسن (عليه السلام) لأمهات شتى(1).
          في أعلام الورى: له من الأولاد ستة عشر، وزاد فيهم أبا بكر وقال: قتل عبد الله مع الحسين (عليه السلام).
          الهوامش
          1 - الإرشاد ص176.

          تعليق


          • #6
            أشعة من حياة
            الإمام الحسن بن علي الزكي (عليه السلام)



            سيرته وسنته


            كراماته


            روى حسين بن عبد الوهاب بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خرج الحسن بن علي في بعض أسفاره ومعه رجل من أولاد الزبير كان يقول بإمامته، فنزلوا في منزل تحت نخل يابس قد يبس من العطش، ففرش للحسن تحت نخلة منهما، وفرش الزّبيري بحذائه، قال: فرفع الزبيري رأسه إلى النّخلة، وقال: لو كان عليها رطب لأكلنا منه، فقال له الحسن (عليه السلام) إنك لتشتهي الرّطب؟ قال: نعم، فرفع يده إلى السّماء ودعا بكلمات فاخضرّت النّخلة، وحملت رطباً فقال الجمال الذي اكتروا منه: سحر والله، فقال الحسن (عليه السلام) ليس هذا بسحر، ولكن دعوة أولاد الأنبياء مستجابة، فصعد أحدهم النخلة وجنى من الرّطب ما كفاهم(1).


            روى ابن شهر آشوب بإسناده عن زين العابدين (عليه السلام) قال: كان الحسن بن علي جالساً فأتاه آت، فقال: يا ابن رسول الله، قد احترقت دارك قال: لا، ما احترقت، إذ أتاه آت فقال: يا ابن رسول الله، قد وقعت النار في دار إلى جنب دارك حتى ما شككنا أنها ستحرق دارك ثم أن الله صرفها عنها(2).
            عبادته(3)

            روى الصدوق بإسناده عن المفضل بن عمر، قال: قال الصادق (عليه السلام) حدثني أبي عن أبيه (عليه السلام) أن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم وكان إذا حج، حج ماشياً وربما مشى حافياً وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقةً يغشى عليه منها، وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز وجل وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم، ويسال الله الجنة ويعوذ به من النار، وكان (عليه السلام) لا يقرأ من كتاب الله عز وجل ] يا أيها الذين آمنوا[ إلا قال: لبيك الله لبيك، ولم ير في شيء من أحواله إلا ذاكراً لله سبحانه وكان أصدق الناس لهجة وأفصحهم منطقاً(4).


            قال إبن شهر آشوب: إن الحسن بن علي (عليه السلام) كان إذا توضأ إرتعدت مفاصله وإصفر لونه فقيل له في ذلك، فقال: حق على كل من وقف بين يدي رب العرش أن يصفر لونه وترتعد مفاصله.
            وكان (عليه السلام) إذا بلغ المسجد رفع رأسه ويقول: إلهي ضيفك ببابك يا محسن قد أتاك المسيء فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم، وكان إذا فرغ من الفجر لم يتكلم حتى تطلع الشمس وان زحزح أي وإن أريد تنحيه من ذلك باستنطاق ما يهم(5).
            ما علمه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للحسن بن علي (عليه السلام)

            روى الحاكم النيسابوري بإسناده عن عائشة عن الحسن بن علي قال: علمني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في وتري، إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود: اللهم اهدني فيمَنْ هَدْيتَ وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيتَ وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت تباركت وتعاليت(6).


            وروى بإسناده عن الحسن بن علي، قال: علمني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هؤلاء الكلمات في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت(7).

            روى الحافظ ابن الأثير بإسناده عن عمير بن المأمون قال: سمعت الحسن بن علي يقول: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: من صلى صلا ة الغداة فجلس في مصلاه حتى تطلع الشمس كان له حجاب من النار، أو قال: ستر من النار(8).

            روى الجزري بإسناده عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، عن أبيه عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): من قرأ آية الكرسي في دبر الصلاة المكتوبة كان في ذمة الله إلى الصلاة الأخرى(9).
            نماذج من علم الحسن (عليه السلام)

            روى الطبري بإسناده عن أبي جعفر محمد بن علي الثاني (عليه السلام) قال: أقبل أمير المؤمنين ذات يوم ومعه الحسن بن علي(عليه السلام) وسلمان الفارسي، وأمير المؤمنين متكئ على يد سلمان، فدخل المسجد الحرام فجلس، فأقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلم على أمير المؤمنين، (عليه السلام) فرّد (عليه السلام) فجلس ثم قال: يا أمير المؤمنين، أسألك عن ثلاث مسائل، إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أفضى إليهم أنهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم، وإن يكن الأخرى علمت أنك وهم شرع سواء.

            فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): سلني عما بدا لك، فقال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) فقال: يا أبا محمد، أجبه، فقال (عليه السلام): أما ما سألت عنه من أمر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه، فإن روحه متعلقة بالريح والريح متعلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرّك صاحبها لليقظة، فإن أذن الله برّد تلك الروح على صاحبها جذبت الرّوح الريح وجذبت تلك الريح الهواء فرجعت فسكنت في بدن صاحبها، وإن لم يأذن الله عزّ وجلّ بردّ تلك الروح على صاحبها جذبت الهواء الرّيح فجذبت الريح الرّوح فلم ترد على صاحبها إلى وقت ما يبعث.
            وأما ما ذكرت من أمر الذكر والنسيان، فإن قلب الرجل في حق وعلى الحق طبق، فإن صلى الرجل عند ذلك على محمد وآل محمد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فأضاء القلب وذكر الرجل ما كان نسي وإن لم يصل على محمد وآل محمد، إذ نقص من الصلاة عليهم، انطبق ذلك الطبق على ذلك الحق فأظلم القلب، ونسي الرجل لما كان ذكره.
            وأما ما ذكرت من أمر المولود الذي يشبه أعمامه وأخواله، فإن الرجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب فأسكنت تلك النطفة جوف الرحم خرج الولد يشبه أباه وأمه، وإن أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت النطفة فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق، فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام، أشبه الولد أعماله، وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله.
            فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله، ولم أزل أشهد بها وأشهد أن محمداً رسول الله ولم أزل أشهد بذلك، وأشهد أنك وصي رسول الله، القائم بحجته، وأشار إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم أزل أشهد بها وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته وأشار إلى الحسن (عليه السلام) وأشهد أن الحسين بن علي وصي أبيك والقائم بحجته بعدك وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين بعده وأشهد على جعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي بعده، وأشهد على موسى بن جعفر أنه القائم بأمر جعفر بن محمد بعده وأشهد على علي بن موسى الرضا بأنه القائم بأمر موسى بن جعفر وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى وأشهد على علي بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي، واشهد على الحسن بن علي أنه القائم بأمر علي بن محمد، وأشهد على رجل من ولد الحسن بن علي يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
            ثم قام فمضى فقال أمير المؤمنين للحسن (عليه السلام): يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد، فخرج في أثره فقال: فما كان إلا أن وضع رجله خارج المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله فرجعت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأعلمته فقال (عليه السلام): يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم، قال: هو الخضر(10).
            الهوامش
            1 - عيون المعجزات ص55.
            2 - المناقب ج4 ص6.
            3 - قال محمد بن طلحة: إن العبادة تنقسم إلى ثلاثة أنواع: بدنية ومالية، ومركب منهما، فالبدنية كالصلاة والصيام وتلاوة القرآن الكريم وأنواع الأذكار والمالية: كالصدقات والخيرات والمبرات، والمركب منها: كالحج والجهاد والأعقاد، وقد كان الحسن (عليه السلام) ضارباً في كل واحد من هذه الأنواع بالقدح الفائز والقدح الحائز مطالب السؤول ص179.
            4 - الأمالي، المجلس الثالث والثلاثون ص178.
            5 - المناقب ج4 ص14.
            6 - المستدرك على الصحيحين ج3 ص172، رواه إبن الأثير في أسد الغابة ج2 ص10 وإبن عساكر في ترجمة الإمام الحسن من تاريخ مدينة دمشق ص6.
            7 - المصدر.
            8 - أسد الغابة ج2 ص11.
            9 - أسنى المطالب ص33.
            10 - الاحتجاج ج1 ص226.

            تعليق


            • #7
              أشعة من حياة
              الإمام الحسن بن علي الزكي (عليه السلام)


              مكارم أخلاقه

              مناقبه


              روى ابن عساكر بإسناده عن عبيد الله بن عباس عن شيخ من بني جمع عن رجل من أهل الشام، قال: قدمت المدينة فرأيت رجلاً جهري كحاله، فقلت: من هذا؟ قالوا: الحسن بن علي، قال: فحسدت والله علياً أن يكون له إبن مثله، قال: فأتيته فقلت: أنت إبن أبي طالب؟ قال: إني ابنه، فقلت: بك وبأبيك وبك وبأبيك، قال: وأزم لا يرد إلي شيئاً، ثم قال: أراك غريباً فلو إستحملتنا حملناك وإن استرفدتنا رفدناك وإن استعنت بنا أعناك قال: فانصرفت والله عنه وما في الأرض أحد أحب إلي منه(1).


              وروى بإسناده عن علي بن الحسين قال: خرج الحسن يطوف بالكعبة فقام إليه رجل فقال: يا أبا محمد، إذهب معي في حاجتي إلى فلان، فترك الطواف وذهب معه، فلما ذهب خرج إليه رجل حاسد للرجل الذي ذهب معه، فقال: يا أبا محمد تركت الطّواف وذهبت مع فلان إلى حاجة؟ قال: فقال له الحسن: وكيف لا أذهب معه ورسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: من ذهب في حاجة أخيه المسلم فقضيت حاجته كتبت له حجّة وعمرة وإن لم تقض له كتبت له عمره فقد إكتسبت حجّةً وعمرة ورجعت إلى طوافي(2).
              كرمه

              قال ابن الصبّاغ: الكرم والجود غريزة مغروسة فيه، واتصال صلاته للمعتقين نهج ما زال يسلكه ويقتفيه(3).


              روى ابن عساكر بإسناده عن شهاب بن عامر: أنّ الحسن بن عليّ (عليه السلام) قاسم الله تعالى ما له مرّتين حتى تصدّق بفرد نعله(4).

              وروى عن ابن سيرين: أنّ الحسن بن علي كان يجيز الرجل الواحد بمائة ألف(5).

              وروى عن سعيد بن عبد العزيز: أن الحسن بن علي بن أبي طالب، سمع إلى جنبه رجلاً يسأل أن يرزقه الله عشرة آلاف درهم فانصرف فبعث بها إليه(6).

              وقال: وروى عن الحسن بن علي أنه كان ماراً في بعض حيطان المدينة فرأى أسود بيده رغيف يأكل لقمة ويطعم الكلب لقمة إلى أن شاطره الرغيف، فقال له الحسن، ما حملك على أن، شاطرته ولم تغابنه فيه بشيء؟ فقال: إستحت عيناي من عينيه أن أغابنه، فقال له: غلام من أنت؟ قال: غلام أبان بن عثمان، فقال له: والحائط؟ قال: لأبان بن عثمان، فقال له الحسن: أقسمت عليك، لا برحت حتى أعود إليك فمرّ فاشترى الغلام والحائط وجاء إلى الغلام فقال: يا غلام قد اشتريتك، فقام قائماً، فقال: السمع والطاعة لله ولرسوله ولك يا مولاي، قال: وقد إشتريت الحائط، وأنت حرٌّ لوجه الله، والحائط هبة مني إليك، قال: فقال الغلام: يا مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له(7).
              الهوامش
              1 - ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام) من تاريخ مدينة دمشق ص149 رقم 250، ورواه الخوارزمي في الفصل السادس من (مقتل الحسين) ج1 ص131 مع فرق.
              2 - المصدر ص151 رقم 253.
              3 - الفصول المهمة ص157.
              4 - ترجمة الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) من تاريخ مدينة دمشق ص143
              5 - المصدر ص147 وروى الأخير السيد شهاب الدين أحمد في توضيح الدلائل ص712.
              6 - المصدر السابق.
              7 - المصدر ص148 ورواه ابن كثير في البداية والنهاية ج8 ص38 مع فرق يسير.

              تعليق


              • #8
                أشعة من حياة
                الإمام الحسن بن علي الزكي (عليه السلام)


                دوره السياسي
                خلافة الحسن بن علي (عليهما السلام)

                روى الحاكم النيسابوري بإسناده عن علي بن الحسين قال: خطب الحسن بن علي الناس حين قتل علي، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لا يسبقه الأولون بعمل ولا يدركه الآخرون، وقد كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يعطيه رايته فيقاتل وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فما يرجع حتى يفتح الله عليه وما ترك على أهل الأرض صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله.

                ثم قال: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي وأنا ابن النبي، وأنا ابن الوصي، وإنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الذي كان جبريل ينزل إلينا ويصعد من عندنا وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم، فقال تبارك وتعالى لنبيه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى، ومن يقترف حسنة نرد له فيها ألف حسنة) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت(1).

                قال المسعودي: بويع الحسن بن علي بن أبي طالب بالكوفة بعد وفاة أبيه بيومين في شهر رمضان من سنة أربعين، ووجه عماله إلى السواد والجبال(2).
                وقال ابن شهر آشوب: بويع بعد أبي يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان في سنة أربعين(3).
                الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) ولائموه

                قال ابن قتيبة: لما تمّت البيعة لمعاوية بالعراق وانصرف راجعاً إلى الشام أتاه سليمان بن صرد – وكان غائباً عن الكوفة، وكان سيد أهل العراق ورأسهم – فدخل على الحسن فقال: السلام عليك يا مذل المؤمنين ‍ فقال الحسن: وعليك السلام، اجلس لله أبوك قال: فجلس سليمان (وقال): أما بعد فإن تعجبنا لا ينقضي من بيعتك معاوية ومعك مائة ألف مقاتل من أهل العراق وكلهم يأخذ العطاء مع مثلهم من أبنائهم ومواليهم سوى شيعتك من أهل البصرة وأهل الحجاز، ثم لم تأخذ لنفسك بقية في العهد ولا حظاً من القضية فلو كنت إذ فعلت ما فعلت، وأعطاك ما أعطاك بينك وبينه من العهد والميثاق، كنت كتبت عليك بذلك كتاباً وأشهدت عليه شهوداً من أهل المشرق والمغرب أن هذا الأمر لك من بعده كان الأمر علينا أيسر، ولكنه أعطاك هذا فرضيت به من قوله، ثم قال: وزعم على رؤوس الناس، ما قد سمعت إني كنت شرطت لقوم شروطاً ووعدتهم عدات ومنيتهم أماني إرادة إطفاء نار الحرب ومداراة لهذه الفتنة، إذ جمع الله لنا كلمتنا وألفتنا فإن كل ما هنالك تحت قدمي هاتين، والله ما عنى بذلك إلا نقض ما بينك وبينه فأعد للحرب خدعة وأذن لي أشخص إلى الكوفة، فأخرج عامله منها وأظهر فيها خلعه وأنبذ إليه على سواء، إن الله لا يهدي كيد الخائنين.

                ثم سكت فتكلم كل من حضر مجلسه بمثل مقالته وكلهم يقول: ابعث إلى سليمان بن صرد وابعثنا معه ثم الحقنا إذا علمت أنا قد أشخصنا عامله وأظهرنا خلعه.
                فتكلم الحسن فحمد الله ثم قال:
                أما بعد، فإنكم شيعتنا وأهل مودتنا، ومن نعرفه بالنصيحة، والاستقامة لنا، وقد فهمت ما ذكرتم ولو كنت بالحزم في أمر الدنيا وللدنيا أعمل وأنصب ما كان معاوية بأيأس مني وأشد شكيمة ولكان رأيي غير ما رأيتم سلكني، أشهد الله وإياكم أني لم أرد بما رأيتم إلا حقن دمائكم وإصلاح ذات بينكم فاتقوا الله وارضوا بقضاء الله وسلموا الأمر لله، الزموا بيوتكم وكفوا أيديكم حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر، مع أن أبي كان يحدثني أن معاوية سيلي الأمر فوالله لو سرنا إليه بالجبال والشجر ما شككت أنه سيظهر، إن الله لا معقّب لحكمه ولا راد لقضائه.
                وأما قولك: يا مذل المؤمنين، فوالله لئن تذلوا وتعافوا أحب إلي من أن تعزّوا، وتقتلوا، فإن رد الله علينا حقنا في عافية قبلنا وسألنا الله العون على أمره وإن صرفه عنا، رضينا وسألنا الله أن يبارك في صرفه عنا فليكن كل رجل منكم حلساً من أحلاس بيته ما دام معاوية حياً، فإن يهلك ونحن وأنتم أحياء سألنا الله العزيمة على رشدنا والمعونة على أمرنا وأن لا يكلنا إلى أنفسنا فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون(4).

                روى الحاكم النيسابوري بإسناده عن أبي العريف قال: كنا في مقدمة الحسن بن علي اثني عشر ألفاً تقطر أسيافنا من الحدة على قتال أهل الشام وعلينا أبو العمر طه، فلما أتانا صلح الحسن بن علي ومعاوية كأنما كسرت ظهورنا من الحرد والغيظ، فلما قدم الحسن بن علي الكوفة قام إليه رجل منا يكنى أبا عامر سفيان بن الليل، فقال: السلام عليك يا مذل المؤمنين ‍ فقال الحسن: لا تقل ذلك يا أبا عامر لم أذل المؤمنين، ولكني كرهت أن أقتلهم في طلب الملك(5).

                قال تقي الدين الحموي: اجتمع عند معاوية عمرو بن العاص والوليد بن عقبة وعقبة بن أبي سفيان والمغيرة بن شعبة فقالوا: يا أمير المؤمنين، ابعث لنا الحسن بن علي فقال لهم: فيم؟ فقالوا: كي نوبخه ونعرّفه أن أباه قتل عثمان، فقال لهم: إنكم لا تنتصفون منه ولا تقولون شيئاً إلا كذبكم الناس ولا يقول لكم شيئاً ببلاغته إلا صدّقه الناس، فقالوا: أرسل إليه فإنا سنكفيك أمره فأرسل إليه معاوية فلما حضر قال: يا حسن إني لم أرسل إليك ولكن هؤلاء أرسلوا إليك فاسمع مقالتهم وأجب لا تحرمني.
                فقال الحسن (عليه السلام): فليتكلموا ونسمع، فقام عمرو بن العاص، فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: هل تعلم يا حسن أن أباك أول من أثار الفتنة وطلب الملك فكيف رأيت صنع الله به؟
                ثم قال الوليد بن عقبة بن أبي معبط، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا بني هاشم كنتم أصهار عثمان بن عفان فنعم الصهر، كان يفضلكم ويقربكم ثم بغيتم عليه فقتلتموه، ولقد أردنا يا حسن قتل أبيك فأنقذنا الله منه، ولو قتلناه بعثمان ما كان علينا من الله ذنب.
                ثم قام عقبة، فقال: تعلم يا حسن أن أباك بغى على عثمان فقتله حسداً على الملك والدنيا فسلبها ولقد أردنا قتل أبيك حتى قتله الله تعالى‍!
                ثم قام المغيرة بن شعبة فكان كلامه كله سباً لعلي وتعظيماً لعثمان.
                فقام الحسن (عليه السلام) فحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال: بك أبدأ يا معاوية لم يشتمني هؤلاء ولكن أنت تشتمني بغضاً وعداوة لجدي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم التفت إلى الناس، وقال: أنشدكم الله أتعلمون أن الرجل الذي شتمه هؤلاء كان أول من آمن بالله وصلى للقبلتين وأنت يا معاوية يومئذ كافر تشرك بالله وكان معه لواء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر ومع معاوية وأبيه لواء المشركين ثم قال: أنشدكم الله والإسلام، أتعلمون أن معاوية كان يكتب الرسائل لجدي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأرسل إليه يوماً فرجع الرسول وقال: هو يأكل، فرد الرسول إليه ثلاث مرات كل ذلك وهو يقول، هو يأكل، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا أشبع الله بطنه، أما تعرف ذلك في بطنك يا معاوية، ثم قال: وأنشدكم بالله، أتعلمون أن معاوية كان يقود بأبيه على جمل وأخوه هذا يسوقه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لعن الله الجمل وقائده وراكبه وسائقه، هذا كله لك يا معاوية.
                وأما أنت يا عمرو، فتنازع فيك خمسة من قريش فغلب عليك شبه ألأمهم حسباً وشرهم منصباً، ثم قمت وسط قريش فقلت: إني شانئ محمداً فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) (إن شانئك هو الأبتر) ثم هجوت محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) بثلاثين بيتاً من الشعر، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): اللهم إني لا أحسن الشعر ولكن العن عمرو بن العاص بكل بيت لعنة، ثم انطلقت إلى النجاشي بما علمت وعملت، فأكذبك الله وردك خائباً، فأنت عدو بني هاشم في الجاهلية والإسلام فلم نلمك على بغضك.
                وأما أنت يا ابن أبي معيط فكيف ألومك على سبّك لعليّ، وقد جلد ظهرك في الخمر ثمانين سوطاً، وقتل أباك صبراً بأمر جدّي، وقتله جدّي بأمر ربي ولما قدّمه للقتل، قال: من للصبية يا محمد؟ فقال لهم النار، فلم يكن لكم عند النبي إلا النار ولم يكن لكم عند علي غير السيف والسوط.
                وأما أنت ياعتبة، فكيف تعد أحدنا بالقتل؟ لِمَ لا قتلت الذي وجدته في فراشك مضاجعاًِ لزوجتك ثم أمسكتها بعد أن بغت.
                وأما أنت يا أعور ثقيف، ففي أي ثلاث تسّب علياً أفي بعده من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أم في حكم جائر، أم في رغبة في الدنيا؟ فإن قلت شيئاً من ذلك كذبت وأكذبك الناس، وإن زعمت أن علياً قتل عثمان فقد كتبت وأكذبك الناس، وأما وعيدك فإنما مثلك كمثل بعوضة وقفت على نخلة فقالت لها: استمسكي فإني أريد أن أطير، فقالت لها النخلة، ما علمت بوقوفك فكيف يشق علي طيرانك، وأنا فما شعرنا بعداوتك فكيف يشق علينا سبّك؟ ثم نفض ثيابه وقام، فقال لهم معاوية: ألم أقل لكم أنكم لا تنتصفون منه، فوالله لقد أظلم عليّ البيت حتى قام، فليس فيكم بعهد اليوم خير.
                الهوامش
                1 - المستدرك على الصحيحين ج3 ص172 ورواه محب الدين الطبري في ذخائر العقبى ص138.
                2 - مروج الذهب ج3 ص4.
                3 - المناقب ج4 ص28.
                4 - تاريخ الخلفاء الراشدين: ص 151 ج 1.
                5 - المستدرك على الصحيحين: ج 3 ص 175.

                أشعة من حياة
                الإمام الحسن بن علي الزكي (عليه السلام)


                أصحابه

                1- (الاحنف) بن قيس.

                2- (اصبغ) بن نباته.
                3- (أشعث) بن سوار.
                4- (جابر) بن عبد الله الأنصاري.
                5- (جعيد) الهمداني.
                6- (الجارود) الهمداني.
                7- (الجارود) بن أبي بشر.
                8- (حبيب) بن مظاهر(1).
                9- (حذيفة) بن أسيد الغفاري
                10- (الحارث) الأعور.
                وللموضوع تتمة.
                الهوامش
                1 - هو حبيب بن مظاهر - (أو مظهر) بتشديد الهاء بدون ألف – الأسدي الذي قتل مع الحسين (عليه السلام) بكربلا.

                تعليق


                • #9
                  الموت والخلود
                  الإمام الحسن بن علي الزكي (عليه السلام)



                  استشهاده

                  •• شهادة الإمام الحسن بن علي (عليه السلام)
                  • روى ابن عساكر بإسناده عن عمران بن عبد الله قال: رأى الحسن بن علي في منامه أنه مكتوب بين عينيه (قل هو الله أحد) ففرح لذلك قال: فبلغ سعيد بن المسيب، فقال: إن كان رأى هذه الرؤيا، فقلّ ما بقي من أجله، فلم يلبث الحسن بعدها إلا أياماً حتى مات(1).
                  • روى الحاكم النيسابوري بإسناده عن أم بكر بنت المسور، قالت: كان الحسن بن علي سُمّ مراراً كل ذلك يفلت حتى كانت المرة الأخيرة التي مات فيها فإنه كان يختلف كبده(2).
                  • روى ابن عساكر بإسناده عن يعقوب عن أم موسى: أن جعدة بنت الأشعث بن قيس سقت الحسن السم، فاشتكى منه شكاة قال: فكان يوضع تحته طست وترفع أخرى نحواً من أربعين يوماً.
                  • روى محب الدين الطبري بإسناده عن قتادة قال: دخل الحسين على الحسن، فقال: يا أخي، إني سقيت السم ثلاث مرات لم أسق مثل هذه المرة إني لأضع كبدي، فقال الحسين: من سقاك يا أخي؟ فقال: ما سؤالك عن هذا تريد أن تقتلهم؟ أكلهم إلى الله عز وجل.
                  • وعن عمر بن إسحاق قال: كنا عند الحسن فدخل المخدع ثم خرج، فقال: لقد سقيت السم مراراً ما سقيته مثل هذه المرة ولقد لفظت طائفة من كبدي فرأيتني أقلبها بعود، فقال له الحسين: أي أخ من سقاك؟ قال: وما تريد إليه؟ أريد أن تقتله قال: نعم قال: لئن كان الذي أظن فالله أشد نقمة وإن كان غيره فلا أريد أن يقتل بريء(3).
                  الهوامش
                  1 - المستدرك على الصحيحين ج3 ص173. ورواه محبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى ص 138.
                  2 - ترجمة الإمام الحسن من تاريخ مدينة دمشق ص210 رقم 340.
                  3 - ذخائر العقبى ص141.

                  الموت والخلود
                  الإمام الحسن بن علي الزكي (عليه السلام)



                  قبره
                  قبر الإمام الحسن
                  البقيع هو مقبرة المدينة المنورة في العهد النبوي الشريف وفيه دفن جمع كثير من الصحابة منهم ابن النبي إبراهيم وأم النبي وكذلك الأئمة الأربعة من أهل البيت عليهم السلام وهم:
                  1- الإمام الحسن المجتبى عليه السلام المتوفى 7/ صفر/50هـ.
                  2- الإمام الرابع زين العابدين عليه السلام المتوفى 25/ محرم/95هـ.
                  3- الإمام الخامس محمد الباقر عليه السلام المتوفى 8/ ذوالحجة/112هـ.
                  4- الإمام السادس جعفر بن محمد الصادق عليه السلام المتوفى 25/ شوال/ 148 معهم فاطمة بنت أسد والدة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أو فاطمة الزهراء عليها السلام على قول.
                  كانت تعلو القبة على قبور أئمة أهل البيت النبوي كالقبة الموجودة على قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد هدم الوهابيون في تاريخ 8 شوال/1343 جميع القباب ما عدا قبة النبي وذلك باعتقاد أن بناء القبة على القبر محرم شرعا وهذا تصرف غريب فإذا كان بناء القبة محرما فلماذا جاز البناء على قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولماذا جاز نصب الضريح والمقصورة على قبره فقط فإن الحرام حرام على كل قبر ولا يفرق بين قبر النبي وقبر أهل بيته عليهم السلام.
                  في وفاء الوفاء(2/84)كان البقيع غرقدا فلما هلك عثمان بن مظعون دفن بالبقيع وقطع الغرقد عندي والغرقد اسم شجر لذلك كان يعرف بقيع الغرقد).
                  قال السمهوديدفن العباس بن عبد المطلب عند قبر فاطمة بنت أسد بن هاشم في أول مقابر بني هاشم التي في دار عقيل).
                  والنصوص تشهد بأن البقيع في بداية الأمر كان أرضا مواتا فيها شجر الغرقد ولما دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابنه إبراهيم رغب المسلمون في دفن موتاهم.
                  وقال أيضارغب الناس في البقيع وقطعوا الشجر فاختارت كل قبيلة ناحية).
                  وفي عام 95 قال السيد الأمين في الكشف/387ذكر المؤرخون وعلماء الأثر وكل من كتب في التراجم أن الأئمة زين العابدين والباقر والصادق دفنوا في قبة الحسن عليه السلام والعباس بالبقيع وكانت وفاة زين العابدين 95).
                  فيظهر من ذلك وجود القبة على قبر الحسن قبل هذا التاريخ.
                  وفي القرن الرابع: قالت الدكتورة سعاد ماهر عميدة كلية الآثار في جامعة القاهرة تحت عنواندفاع عن بنت النبوة)كان يوجد حتى القرن الرابع الهجري رخامة مكتوب عليها العبارة الآتيةالحمد لله مبيد الأمم ومحيي الرمم هذا قبر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيدة نساء العالمين والحسن بن علي بن أبي طالب وعلي بن الحسين بن علي ومحمد بن علي وجعفر بن محمد رضوان الله عليهم أجمعين).

                  في الخلافة العثمانية:
                  1270هـ أمر السلطان عبد المجيد بتجديد عمارة المسجد والقبة النبوية الشريفة بالبناء الموجود- اليوم- واستمر في ذلك نحو أربع سنين… وكذلك أمر ببناء قبة أئمة البقيع بعين البناء الذي بنى به قبة جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
                  قال السيد الأمين في كشف الإرتياب ص 407. (لما عمل في زماننا شباك لضريحهم الشريف بأصفهان من الفولاذ الدقيق الصنع وبأعاليه الأسماء الحسنى بالخط الجميل المذهب واستأذنت الدولة الإيرانية من الدولة العثمانية في وضعه على ضريحهم المقدس فأذنت لها ولما جاء به السيد علي القطب(ره) إلى جدة عارض أهل المدينة في وضعه على الضرائح المقدسة فبقي في جدة ثلاثة أعوام حتى بذل الإيرانيون مبلغا عظيما من المال لأهل المدينة ورضوا بنقله ووضعه ولما حمل إلى المدينة المنورة أرادوا إزالة الصندوق الخشب الموضوع على القبور الشريفة ووضعه مكانه فمنع أهل المدينة من ذلك بحجة أن الصندوق الخشب وقف لا يجوز تغييره فاضطروا إلى وضعه خارج الصندوق فنقصت ألواحه الفولاذية بسبب ذلك فاضطروا إلى إكماله بقطعة من الخشب بعد دهنها يقرب من لونه والكتابة عليها وقد رأيت القطعة الخشبية ظاهرة فيه مقصرة عنه في الرونق عند تشرفي بزيارتها من دمشق عام 1330 وبقى هذا الشباك حتى أزاله الوهابية عام 1343 حين استيلائهم على المدينة المنورة وهدمهم لقبة أئمة البقيع عليهم السلام وقبورهم المقدسة).


                  الموت والخلود
                  الإمام الحسن بن علي الزكي (عليه السلام)



                  زياراته

                  ••• زيارة أئمة البقيع:

                  أئمة البقيع (عليهم السلام) هم: الإمام الحسن المجتبى والإمام زين العابدين والإمام محمد الباقر والإمام جعفر الصادق (عليهم السلام) إذا أردت زيارتهم فاعمل بما سبق من آداب الزيارة من الغسل والكون على الطهارة ولبس الثياب الطاهرة النظيفة والتطيب والاستئذان للدخول ونحو ذلك وقل أيضاً:
                  (يا مواليّ يا أبناء رسول الله عبدكم وابن أمتكم الذليل بين أيديكم والمضعف في علو قدركم والمعترف بحقكم جاءكم مستجيراً بكم قاصداً إلى حرمكم متقرباً إلى مقامكم متوسلاً إلى الله تعالى بكم. أأدخل يا موالي أأدخل يا أولياء الله أأدخل يا ملائكة الله المحدقين بهذا الحرم المقيمين بهذا المشهد).
                  وادخل بعد الخشوع والخضوع ورقة القلب وقدّم رجلك اليمنى وقل:
                  (الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرةً وأصيلاً والحمد لله الفرد الصمد الماجد الأحد المتفضل المنان المتطوّل الحنان الذي منّ بطوله وسهل زيارة ساداتي بإحسانه ولم يجعلني عن زيارتهم ممنوعاً بل تطوّل ومنح).
                  ثم اقترب من قبورهم المقدسة واستقبلها واستدبر القبلة وقل:
                  (السلام عليكم أئمة الهدى السلام عليكم أهل التقوى السلام عليكم أيها الحجج على أهل الدنيا السلام عليكم أيها القوّام في البرية بالقسط السلام عليكم أهل الصفوة السلام عليكم آل رسول الله السلام عليكم أهل النجوى أشهد أنكم قد بلغتم ونصحتم وصبرتم في ذات الله وكُذِّبتم وأُسيء إليكم فغفرتم وأشهد أنكم الأئمة الراشدون المهتدون وأن طاعتكم مفروضةٌ وأن قولكم الصدق وأنكم دعوتم فلم تُجابوا وأمرتم فلم تُطاعوا وأنكم دعائم الدين وأركان الأرض لم تزالوا بعين الله ينسخكم من أصلاب كل مطهرٍ وينقلكم من أرحام المطهرات لم تدنسكم الجاهلية الجهلاء ولم تشرك فيكم فتن الأهواء طبتم وطاب منبتكم مَنّ بكم علينا ديان الدين فجعلكم في بيوتٍ أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه وجعل صلاتنا عليكم رحمةً لنا وكفارةً لذنوبنا إذ اختاركم الله لنا وطيب خلقنا بما مَنّ علينا من ولايتكم وكنا عنده مسمّين بعلمكم معترفين بتصديقنا إياكم وهذا مقام من أسرف وأخطأ واستكان وأقرّ بما جنى ورجا بمقامه الخلاص وأن يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى من الردى فكونوا لي شفعاء فقد وفدت إليكم إذ رغب عنكم أهل الدنيا واتخذوا آيات الله هزواً واستكبروا عنها يا من هو قائمٌ لا يسهو ودائمٌ لا يلهو ومحيطٌ بكل شيء لك المن بما وفقتني وعرّفتني بما أقمتني عليه إذ صد عنه عبادك وجهلوا معرفته واستخفوا بحقه ومالوا إلى سواه فكانت المِنّة منك عليّ مع أقوامٍ خصصتهم بما خصصتني به فلك الحمد إذ كنت عندك في مقاهي هذا مذكوراً مكتوباً فلا تحرمني ما رجوت ولا تخيبني فيما دعوت بحرمة محمدٍ وآله الطاهرين وصلى الله على محمدٍ وآل محمدٍ).
                  ثم ادع لنفسك بما تريد.
                  وقال الطوسي (رضي الله عنه) في التهذيب: ثم صلِّ صلاة الزيارة ثمان ركعات، أي صلِّ لكل إمام ركعتين.

                  تعليق

                  المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                  حفظ-تلقائي
                  x

                  رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                  صورة التسجيل تحديث الصورة

                  اقرأ في منتديات يا حسين

                  تقليص

                  المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                  أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
                  ردود 2
                  12 مشاهدات
                  0 معجبون
                  آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                  بواسطة ibrahim aly awaly
                   
                  يعمل...
                  X