نظرة الاسلام للعلمانية
ان موضوع العلمانية واحدة من المصطلحات المهمة التي افرزت في المجتمعات بمختلف طبقاتها واشكالها ،فحالها حال الكثير من الامور التي افرزت حتى على مستوى الصعيد الديني فالدين واحد والاله واحد والقران واحد والقبلة واحدة لكن رغم كل ذلك ترى ان الدين الاسلامي على فرق ومذاهب وخلافات، وهذه ناشئة نتيجة بعض التصرفات الخاطئة الحاصلة في ساحة التاريخ التي نحن لسنا بصددها ،لكن قبل الخوض في موضوعي احببت ان انوه الى انه هناك فرق واضح بين العلمانية ومنشاها وبين الدين ،وان اصبح الدين اليوم على فرق وعندما اقول الدين اقصد الاسلام وان اصبح اليوم عبارة عن فرق الا انه حافظ على الخطوط العريضة والقوانين العامة له، بمختلف مذاهبه فهو مؤمن بالخطوط العريضة والعناوين العامة والاختلاف ياتي مابعد ذلك ،اما بالنسبة للعلمانية اليوم فانه يختلف عن ذلك اختلافا حقيقيا فانه وكما سياتي يتعارض مع الدين ولايلتقي معه، الا ان المشكلة تاقلمت واصبحت شعارا للمثقف على حد زعمه!!واريد ان اعرف ماعلاقة الثقافة بهذا الاعتناق ؟؟هل الثقافة يوما من الايام كانت مرتبطة بدين ؟؟ابدا ،فان اكبر عالم بالفيزياء يعبد فارة !!فلاعلاقة للدين بالثقافة واقصد انه مهما وصلت من الدرجة العالية من التدين فهية غير معارضة للثقافة كمايزعم البعض!! من ان اعتناق الدين معارض للثقافة !!! حتى يلجا البعض الى العلمانية تحت عنوان التحظر والتطور !!وكان في الدين عكس ذلك !!فلو رجعنا الى منشا العلمانية لوجدنا ان
العلمانية هي نتاج صراع مرير، ومخلفات عقود من المعاناة عاشها الغرب المسيحي في ظل أوضاع غاية في التخلف والقسوة ، وليس العجب في تلك الأوضاع من حيث هي، ولكن العجب في ارتباط تلك الأوضاع المأساوية بالدين ، فقد غدت الكنيسة في الغرب المسيحي مصدرا للظلم ومُعِينَاً للظالمين، وهي في ذات الوقت مصدر للجهل، وانتشار الخرافة والدجل ، وأصبح رجال الدين ( الاكليروس ) عبئا ثقيلا، وكابوسا مريعا، يسومون الناس سوء العذاب فكريا وماليا وجسديا، فقد كانت الكنيسة سندا قويا لرجال الإقطاع، بل كانت هي أعظم الإقطاعيين، الذين يستعبدون العامة فيستخدمونهم وأولادهم في العمل في أراضيهم ويفرضون عليهم قيودا وشروطا وإتاوات، جعلت من حياتهم جحيما لا يطاق، ليس أدنى تلك القيود حرمانهم وأولادهم من العلم، وأخذ جزء كبير من محصول الأرض التي يحرثونها، واستباحة الإقطاعي زوجة العامي في ليلتها الأولى، فإذا ما انتقلنا إلى جانب الخرافة فنجد أن الكنيسة قد رسَّخت في الناس الخرافة باسم الدين، فهناك صكوك الغفران التي يشتريها العامة مرغمين في بعض الأحيان، والتي بمقتضاها تزعم الكنيسة أنه يُغفر للإنسان ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهناك العشاء الرباني وهو عبارة عن وجبة خبز وخمر يأكلها العامي ، ليتَّحِد بالمسيح حسب زعم الكنيسة، فليس الخبز - حسب زعمهم- سوى لحم المسيح ، وليس الخمر سوى دمه، في خرافة يأبى العقلاء تصديقها.
وأما تعامل الكنيسة مع من يخالفها في معتقداتها فهو العذاب والتنكيل والاتهام بالهرطقة " الكفر "، فعندما برزت بعض النظريات المتعلقة بحركة الأرض، وكرويتها على يد العلماء، قامت الكنيسة بالتنكيل بهم، فحرقت ، وسجنت ، وقتلت، في محاولة منها للحفاظ على سلطانها القائم على الخرافة والدجل، كل هذا وغيره دفع الناس إلى التمرد على سلطان الكنيسة، بغية الخلاص من بطشها وجبروتها، وولّد في نفوسهم شعورا عارما باحتقار الدين والنفور عنه ، فكان من نتاج ذلك أن ظهر الإلحاد كإطار عقدي في البعد عن إله الكنيسة ، وظهرت العلمانية كإطار عملي في البعد عن سلطان الكنيسة، واندفع الناس في هذين الإطارين حتى نادى بعضهم قائلا : " اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس " ، لقد كانت ردة الفعل مندفعة ومتهورة ، لأن كبت الكنيسة كان قاسيا وطويلا .فنتيجة لكل ذلك تولدت هذه الفكرة لذلك اليوم،لذلك العلمانية عرفت بثلاث تعاريف تقريبا
الاولى : هي ترجمة لكلمة سكيولاريزم وقد استخدم هذا المصطلح بداية في معنى محدود الدلالة يشير إلى علمنة ممتلكات الكنيسة بمعنى نقلها إلى سلطات غير دينية
الثانية :
إلا أن معنى الكلمة اتسع بعد ذلك على يد "جون هوليوك" فعرّف العلمانية بأنها: " الإيمان بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية دون التصدي لقضية الايمان بالقبول او الرفض
الثالث:غير أن هذا المفهوم للعلمانية تقلص كثيرا عند مفكرين آخرين ليصبح معناه فصل الدين عن الدولة وهو من أكثر التعاريف شيوعاً سواء في الغرب أو في الشرق، وهو يعني " فصل المؤسسات الدينية ( الكنيسة ) عن المؤسسات السياسية ( الدولة ) " وبذلك تحصر العلمانية في المجال السياسي
اما علاقة العلمانية في الدين فإن العلمانية تشكل تناقضا صريحا للدين، وتمثل منازعة حقيقية للسلطة الإلهية، فبينما تعطي الأديان السماوية السلطة خالصة لله سبحانه في تصريف الكون والإنسان، نجد في المقابل العلمانية تضع ذلك في يد الإنسان نفسه، فهو من يشرّع لنفسه ويضع لها النظم والقوانين، وهو من يحدد لنفسه قِيَمَ الخير والشر ، والمصالح والمضار ، في غنى تام عن الدين ، ونظرا لهذه التناقض الصريح والتنافر الكبير بين الأديان عامة - والدين الإسلامي خاصة - وبين العلمانية نص العلماء على أن العلماني بهذا المعنى خارج من الدين مارق منه والدليل على ذلك لو ترجع الى اسباب بروز العلمانية ماهية ؟؟
الأسباب التي أدت إلى بروز العلمانية في المجتمع الغربي، لم يكن لها وجود ألبتة في الشرق الإسلامي، فالدين الإسلامي ليس كالنصرانية المحرفة ، وعلماء الإسلام لم يكونوا إقطاعيين ظلمة كرجال الدين المسيحي، وموقف الإسلام من العلم ليس موقفا مصادما للعلم كموقف الكنيسة، بل موقف الإسلام من العلم موقف الحاث عليه، الداعي إلى الاستزادة منه، والبحث عنه، ما دام نافعا للناس في دينهم ودنياهم، وهو في ذات الوقت دين ينكر الخرافة ويحاربها، ويعلي قيمة العقل على خلاف تعاليم الكنيسة .
لذلك لايمكن تطبيق العلمانية على الدين الاسلامي لان ماحصل في الديانات المسيحية يصعب تطبيقها على الدين الاسلامي وبنفس الوقت ان الدين الاسلامي يدعو الى الحرية في حين ان العلمانية تدعو الى الديمقراطية وهناك فرق بين الحرية والديمقراطية فان الدين لايفرض عليك الالتزام بدين اخر اما الديمقراطية
فهي عبارة عن مصطلح سياسي غربي يوناني ويعني حكم الشعب، وان الشعب مصدر السلطات، وهذا المفهوم جزء من كيان الحضارة الغربية، وقد ظهر في الغرب كرد فعل للاستبداد والظلم والدكتاتورية التي شهدتها المجتمعات الغربية، وهي اسلوب من اساليب الحكم يقوم على الرأي العام، وانه نظام يستلهم شكله من رأي الامة. وبتعبير اخر ان الشعب هو الذي يؤسس لنفسه وهو المشرع لنفسه ،!!وقطعا المفروض الخضوع للقوانين الالاهية التي هي اعظم قانون لخدمة البشرية لكن العلمانية
بنيت على اساس ذلك الظلم الذي حصل في تلك الازمن من قبل اهل الكنائيس فتولد عنده ذلك الامر ففصلوا الدين عن السياسة فاقول بهذا اللحاظ فهو امر رائع لو كان كذلك،اقصد لو كان قانونا ثابتا في كل زمن بان مايفعله اهل الدين مثل ما فعله القساوسة اوقل اهل الكنائس ،فاقول امرا رائعا ان نفصل الدين عن السياسة لابال لابد من ذلك ومنع اهل المعابد من التدخل باي شيئ لكن الفرق عن الدين الاسلامي وعن ماحصل من قبل القساوسة فرقا واضحا وشاسعا ،فان الدين لو نتطلع الى قوانينه لوجدناه من اسمى مراعات مشاعر حتى الحيوان !!فقد كره الدين ان ياكل الانسان الطعام وهناك حيوان جائع ينظر اليه !!افلا يعد هذا فارقا بكل معانيه بين مانسمعه من اهل الكنائس وبين هذا الدين !!من العدل والرفق والشفقة لابال حتى لو عمل ببقية الاديان بشكلها الصحيح ايضا فيه اختلاف عما فعله اهل المعابد من ظلم واستبداد فاقول يفترض اليوم ان يلغى اعتناق العلمنة تماما لانها سالبة بانتفاء الموضوع،، فانها اسست على ضوء حالة من الحالات وانتهت تلك الحالة فما معنى بقاء العلماني الى هذا اليوم مطالبا بفصل الدين عن السياسة ولاسيما ان السياسة لاتنفك عن الدين بحال من الاحوال ولا بوجه من الاوجه فعليه ان هذه اللفظة وليدة حالة من الحالات وانتهت تلك الحالة، وهي الان متشبثة ومتمسكة باصل منتهي وبجذر قد قلع وانتهى امره فيبطل العمل بالعلمنة بمجرد اللجوء الى القوانين الاسلامية ،لابل حتى البقاء على بقية الاديان وتطبيقها بشكل صحيح يبطل مفعول العلمنة لانه تصبح سالبة بانتفاء الموضوع، وذلك لان بقية الاديان ليست الا منهجا من مناهج القران الكريم وهل القران الا ناسخا لتلك الاديان ؟؟اذن لايجوز عقلا وشرعا ان تحسب تلك التصرفات التي افرزت العلمنة الى انها من الدين او في الدين حتى ترتب قاعدة تمشي عليها باسم الدين !!وان كانت قد صدرت من رجال دين او بزي دين الا ان ذلك لايمت للدين بصلة او بحال من الاحوال فعليه ان العلمنة لااساس لها ولا صحة وهي سالبة بانتفاء الموضوع ،وحتى لو حصل هناك خللا لاسامح الله في الدين أوفي تطبيق الدين ينبغي ان تواجه تلك الحالة بالتطبيق الصحيح للدين والقوانين السماوية باعتبار ان المقابل قصر وابطا وافسد في تطبيق الدين فعلينا اصلاح ذلك بتطبيق الدين لا محاربة الدين !!فاننا نكون بذلك قد اسسنا لانفسنا دينا ومنهجا لاعلاقة له بالديانات السماوية التي هي ((العلمانية ))!!
بقلم الشيخ واثق الشمري