مناقشة حول الاجتهاد بين الفريقين
لقد شغلت مسالة الاجتهاد نقاشا واسعا بين الأمامية والمذاهبالإسلامية الأخرى ،ذلك لان الأمامية اخذوا الاجتهاد بمفهوم والمذاهب الإسلاميةالأخرى أخذت الاجتهاد بمفهوم أخر لذلك ترى أن
الأمامية لديهم الكثير منالروايات التي ذمت الاجتهاد ،لكن لا يتبادر إلى الذهن أن الاجتهاد الذي ذمته رواياتالأمامية هو نفس الاجتهاد الذي تعنيه الأمامية ،وإنما ذمت الاجتهاد بالمعنى الموجود
عند الغير وهذه الشبهة هي التي أوقعت احد الكتاب في مقالته (( تطورالفقه الشيعي من عصر النص إلى عصر الاجتهاد ... اكبر سرقة فكرية في تاريخ المذاهبالإسلامية )) ولا اعلم من أين أتى بهذا العنوان وكيف استطاع أن يستند في مقالته !!حيث أن الأمامية يستندون إلى المصادر الأربعة في استنباط الحكم الشرعي ((الكتاب،السنة ،العقل ،الإجماع )) ومن جانب أخر أن الطالب عند الأمامية إذا وصل إلى قدرةاستنباط الأحكام الشرعية ينتقل إلى كونه مجتهد وهذا الاجتهاد الذي من قسمه الإجماعوالعقل ليس كما ادعى الأخ ألكاتب !!انه ذوق الفقيه ورائيه الشخصي فاني لاحظت
من كتابته هذه يريد إلصاق كون الرأي والاستحسان والقياس هي شبيهة بالإجماعو العقل لكن عند الأمامية يسمى اجتهاد وهذا يعتبر قصر في نظر الاعتقاد الأمامي لانالمقارنة بين الرأي والقياس
والاستحسان مع الإجماع والعقل هو قياس معالفارق لان القاعدة التي مشيت عليها مدارس الفقه السني هي ((أن الفقيه إذا أراد أنيستنبط حكما شرعيا من كتاب وسنة رجع إلى الاجتهاد والاجتهاد الذي
يرجع إليههو التفكير الشخصي والذوق النفسي وقد يعبر عنه بالرأي ويرتب عليه اثر ويعتبر مصدرامن مصادر التشريع وقد نادت المدارس السنية بهذا المعنى وعلى رأسها مدرسة الإمام أبيحنيفة وقد
لقي هذا معارضة شديدة من أهل البيت والفقهاء الذين ينتسبون إلىمدرستهم فكيف يا كاتب كانت اكبر سرقة؟؟ ومن صاحب الفكر الذي يستطيع أن يقف أمام أهلالبيت ع في علمهم وفقههم؟؟وأين درس
أبو حنيفة ؟؟أما مرت عليك الروايات التيملأت الكتب السنية والشيعية حول علم أهل البيت وفقههم ؟؟أ فيصح منك اتهام إتباع علمأهل البيت بالسرقة ممن هم أدنى منهم مرتبة وعلما ؟؟أما الاجتهاد عند
الشيعةفهم ذموا الاجتهاد بذلك المعنى منهم الشيخ المفيد والسيد المرتضى إذ كتب السيدالمرتضى في أوائل القرن الخامس في الذريعة بذم الاجتهاد وهو المعنى الموجود عندالمقابل لا الاجتهاد الذي نقوله
فمثلا عندما ينقل الكاتب عبارة الحلي التي هي ((هو في عرف الفقهاء بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية،وبهذا الاعتبار يكوناستخراج الأحكام من أدلة الشرع اجتهادا، لأنها تبتني على اعتبارات نظرية ليستمستفادة من ظواهر النصوص في الأكثر، سواء كان ذلك الدليل قياسا أو غيره،فيكونالقياس على هذا التقرير احد أقسام الاجتهاد.
فان قيل: يلزم على هذا أن يكونالأمامية من أهل الاجتهاد.
قلنا:إن الأمر كذلك، لكن فيه أيهام من حيث أن القياسمن جملة الاجتهاد، فإذا استثنى القياس كنا من أهل الاجتهاد في تحصيل الاحكام بالطرقالنظرية التي ليس احدها القياس
فيلاحظ أن الفرق بين المعنيين جوهري للغايةإذ أن الفقيه على أساس المصطلح الأول أن يستنبط من تفكيره الشخصي وذوقه الخاص فيحالة عدم توفر النص وأما المصطلح الجديد فهو لا يسمح
إن يبرر أي حكم منإحكام الإسلام بالاجتهاد لان الاجتهاد بالمعنى الثاني أي الذي تقصده الأمامية ليسمصدرا من مصادر الحكم بال هو عملية استنباط الأحكام من مصادرها فإذا قال الفقيه هذا
اجتهادي كان معناه هذا ما استنبطه من المصادر والأدلة فان قيل أين هيالمصادر فأقول أن استنباط الحكم من ظاهر النص ليس فيه جهد كثير أو عناء ليسمىاجتهادا فهذا مراد المحقق الحلي
عندما حدده أراد أن يبين انه الأخذ منالظواهر لا جهد فيه وهذا لا يعني انه أراد التفكير أو الذوق الشخصي فالاجتهاد يرادف عملية الاستنباط والذين رفضوا الاجتهاد من علمائنا الأخيار ممن
عارضواهذه الكلمة أي كلمة الاجتهاد بما تحمل من تراث المصطلح الأول الذي شن أهل البيت عحملة شديدة عليه وهذا وبعد إن تبين الفرق بين المعنيين فيمكن العمل بالاجتهادبالمعنى الثاني
فأما المصادر المذكورة والتي ذكرها ألكاتب هي تقصد ما ذكرتهمن الاجتهاد فالكاتب الظاهر انه لم يلتفت إلى الفرق بين المصطلحين في الاجتهادبالمعنى الأول والمعنى الثاني أما عبارة ألكاتب المذكور
حيث قال((يقول الشيعة أنالاجتهاد السني هو تحول رأي الفقيه إلى مصدر من مصادر التشريع مثل الآية والحديثفوقتما لا يجد الفقيه مصدرا يستند أليه في الوصول إلى الحكم الشرعي عمل رأيه مجرداوعده مصدرا للتشريع أما في تعريف الاجتهاد عند الشيعة فإنهم يقولون انه بذل الوسعلاستنباط الحكم الشرعي من مصادره الأساسية وهنا نقطة الالتقاء التي لا يمكن عد أكثرمن نقطة غيرها فالشيعة يقولون في تعداد الأدلة المحرزة أنها تنقسم إلى دليل شرعيودليل عقلي فهل الدليل العقلي إلا العودة إلى ذات الفقيه الذي آخذنا عليه العودةإلى ذاته؟؟
فأقول يا كاتب أن الدليل العقلي الذي تقول به ليس ذوقا للفقيهأو الرجوع إلى ذاته كما ادعيت فالدليل العقلي إنما جعل مصدرا من مصادر الاستنباط لامصدرا من مصادر التشريع واضرب لك
أمثلة
لتلتفت إن العقل يدرك مثلاالتضاد بين السواد والبياض والمعنى استحالة اجتماعه ما في جسم واحد أي انه يكون هذاالشيء ابيض واسود في آن واحد ويدرك التلازم بين السبب والمسبب فان كل
مسببفي نظر العقل ملازم لسببه ويستحيل ا نفكاكه عنه نظير الحرارة بالنسبة إلى الناروهكذا والأمثلة كثيرة فكما يدرك العقل هذه العلاقات بين الأشياء ويستفيد من وجودشيء أو عدمه كذلك
يدرك العلاقات القائمة بين الأحكام ويستفيد من تلكالعلاقات في الكشف عن وجود حكم أو عدمه فهو يدرك وهو موضع الشاهد التضاد بين الوجوبوالحرمة كما يدرك التضاد بين السواد والبياض
والعبارة الأخرى التي ذكرهاألكاتب من((أن القول بوجود فوارق جوهرية بين التعريفين يقتضي وجود مصادر أساسيةيمكن الرجوع إليها بالنسبة إلى الشيعة لكن مع البعد عن (الزمن المعصومي نرى أنالاجتهاد الشيعي لم يعد يرجع إلى مصادر أساسية بقدر رجوعه إلى رأي الفقيه نفسهخصوصا في المسائل المتعلقة بالتطور في جوانب حياة الإنسان المختلفة
فأقولأن المصادر التي تطلبها من الرجوع إليها في ذلك فهي واضحة فلو كنت أصوليا لعلمتوعرفت ذلك فلو رجعنا إلى منشأ علم الأصول وولادة علم الأصول عند الفريقين لكاناعاملين مساعدين
في المعرفة فنحن نعلم انه كلما بعد الفقيه عن عصر النصوصالواردة من المعصوم تعددت جوانب الغموض في فهم الحكم من مداركه الشرعية وتنوعتالفجوات في عملية الاستنباط نتيجة للبعد
الزمني فيحس أكثر فأكثر بالحاجةإلى تحديد قواعد عامة يعالج بها جوانب الغموض ويملا بها تلك الفجوات في عمليةالاستنباط نتيجة للبعد الزمني فيحس أكثر فأكثر بالحاجة إلى تحديد قواعد عامة
يعالج بها جوانب الغموض فلهذا السبب كانت الحاجة إلى علم الأصول تاريخيةبمعنى أنها تشتد وتتأكد كلما ابتعد الفقيه تاريخيا عن عصر النص وعلى هذا فيمكن أننفسر الفارق الزمني في ازدهار
علم الأصول في نطاق التفكير الفقهي السنيوازدهاره في تفكير الفقه الأمامي فان التاريخ يشير إلى أن علم الأصول في نطاقالتفكير الفقهي السني وازدهاره في نطاق تفكيرنا الفقهي الأمامي
فان التاريخيشير إلى أن علم الأصول ترعرع وازدهر نسبيا في نطاق الفقه السني قبل ترعرعهوازدهاره في نطاقنا الفقهي الأمامي وذلك لان المذهب السني كان يزعم انتهاء عصرالنصوص
بوفاة النبي ص فحين اجتاز الفكر الفقهي السني القرن الثاني كان قدابتعد عن عصر النصوص بمسافة زمنية كبيرة تخلق بطبيعتها الثغرات والفجوات وأماالأمامية فقد كانوا وقتئذ يعيشون عصر
النص الشرعي لان الإمام هو الامتدادالطبيعي للنبي فكانت المشاكل التي يعانيها فقهاء الامامية في الاستنباط اقل بكثيرإلى الدرجة التي لأتفسح المجال بالحاجة الشديدة إلى وضع علم الأصول
ولذلكنرى أن الامامية بمجرد ما انتهى عصر النصوص بالغيبة تفتحت ذهن يتهم الأصولية فعلمالأصول لايعني ان الفقيه يفتي على رسله أو بذوقه بال على العكس تماما إن علم الأصولعاملا
رئيسيا في استنباط الحكم فأين موضع الإشكال في الرجوع إلى رأي الفقيهفان الرجوع إلى رأي الفقيه لايعني أننا تركنا النصوص بال أن الفقيه هو الذي يقدملنا النصوص يعني العمل برائي الفقيه
هو عملا بالنصوص الشرعية حيث لايمكنلكل شخص أن يعمل عمل الفقيه تحت عنوان نرجع إلى النصوص الشرعية ولانتمسك برأيالفقيه !!! فالرجوع إلى الفقيه رجوع إلى المصادر الأساسية
التي تعنيها ثميستمر قائلا ((
إن الاجتهاد الشيعي والاجتهاد السني واحد، ليس مقولة من بابتوحيد المسلمين وإنما حقيقة تسقط مقولات الطرف الشيعي الذي يدعي زورا أن اجتهادهليس مثل اجتهاد غيره.
أن هناك أقرارا شيعيا على استحياء بعائدية علم الأصولللمدارس السنية في الفقه وكثيرا ما يستخدم هذا الإقرار كأداة لإدانة العلم نفسه علىطريقة المسلمين المشهورة في استخدام المنتجات وشتم أصحابها.))
فأقول الفرق بينالاجتهاد الشيعي والاجتهاد السني فيه فرق واضحا وكبيرا وليس كما ادعاها ألكاتب والحقيقة إن شبهت ألكاتب كما ذكرت لأنه لم يفرق بين الاجتهاد بالمعنى الموجود عندالسنة والمعنى المراد به عند الشيعة وكما أسلفت أن التمسك بالفقيه لايعني التمسكبالذوق الفقهي وترك النصوص بال هو عين التمسك بالنصوص الشرعية فأين الزور يا كاتب ؟؟؟!!
وهل ماتقوله لا يعتبر زورا أم انك لا تسمي الأسماء بمسمياتها !!؟؟أما القولبان عائدية علم الأصول هية للسنة فانا أقول نعم أن السنة هم قبلنا في الأصول وذلكلأنهم انتهت عندهم عصر
النصوص بوفاة النبي ص أما نحن انتهت عصر النصوصلدينا بغياب الإمام عج وليس هذا دليلا أنهم قالوا بالاجتهاد أولا ومن ثم نحن سرقنامنهم الاجتهاد فلو كان كذلك فلماذا أغلقت عند العامة
أبواب الاجتهاد واقتصرعندنا وهل الحديث المرفوع عن المعصومين ع الذي يحث على الاجتهاد وما ترويه كتبالأمامية (((وإما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا
لآمر مولاه فعلى العوام أن يقلدوه ))) هل هذا الحديث أيضا مسروق ؟؟أن غلقأبواب الاجتهاد غلق الدنيا بأسرها فليس وجود علم الأصول عند العامة قبل الأماميةدليلا على أنا سرقنا الاجتهاد
منهم بال كان الأمامية يعملون بالنص الذي لامجال فيه وقطعا هي أفضل من الأصول نفسه فتأمل ثم ينقل قائلا ((
إن حجم الفقهالإسلامي الحق المحجوب بسبب المذهبية الفقهية يعدل فقه المذاهب لكن لا سبيل إلىإخراجه مادامت المذاهب هي الحاكمة لا الدين نفسه.
إن السنة والشيعة كلاهما يقوللن اقر بذلك وان كان حقائق فقهية أو عقائدية أو تاريخية لان عدوي سيفيد من ذكرالحقيقة.
وأخر عبارات هذا الكاتب بأنه حصل اضطراب واسع وهو اعتراف صريح لعدمالعمل بحديث النبي ص أني تارك فيكم الثقلين الخ ومصادر الحديث أوضح من أن تذكر فلوعملوا بكتاب الله والعترة لما
حصل هذا الاضطراب أما عند الأمامية وان وجدفوجد نتيجة الدسائس مع ملاحظة انه لا منافاة بين عترتي وسنتي لان العترة هي المبينالحقيقي للسنة فالعمل بالمذهب ليس إلا عملا بالدين فلو
ترجع إلى تعريفالمذهب هو العمل برأي العالم الفلاني الذي سمي المذهب باسمه فلو كان مسددا فبهاوالا فهي كما تقول لكن لوكان من منبع أهل البيت ع فلا اعتقد انه هناك شخص يستطيع أن
يضع شبهة واحدة والنصوص التاريخية التي ذكرتها أنت بأنه لا تنازل فالشيعة مقرونبأنه النبي ص قال هلموا اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده الخ يوم الرزية التي يرويهاالبخاري فهل من مقر ؟؟؟
أن المقال هذا مبني على شبهات لا أساس لها من الصحةوارجوا أعادة النظر في كل ما كتب والسلام
تمت بقلمالشيخ واثقألشمري
تعليق