إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

كتاب حقائق عن الشيعة - للمرجع الشيراي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتاب حقائق عن الشيعة - للمرجع الشيراي

    حقائق عن الشيعة
    للمرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله
    مقدمة
    بسم الله الرحمن الرحيم


    لم يزل الاستعمار يوجه الأمة الإسلامية نحو التضارب والعداء توجيهاً ملؤه العصبية للباطل، والتفرقة والشتات .. إبقاءً لسيطرته الأثيمة على البلاد، وتنفيذاً لسياسة (فرّق تسد) الكافرة البغيضة!.


    فترى بعض المسلمين ـ وهم إخوان بنص القرآن الحكيم ـ يندفعون اندفاعاً لاشعورياً ليكيلوا التهم الكاذبة على طائفة من المسلمين،

    لأن تلك الطائفة تسير على مذهب غير مذهبهم، وتتلقى الفقه من إمام غير إمامهم، من دون تروٍ في صدق هذه الافتراءات وعدمه، وبغير هدى من نور العقل. وسنة الرسول العظيم صلى الله عليه وآله الصحيحة.


    مع أن واجب المسلمين ـ اليوم ـ يحتّم عليهم أن يرصّوا صفوفهم، ويوحّدوا هدفهم لضرب الاستعمار، ومطاردة الطامعين في المسلمين وفي بلاد المسلمين.. كرصّ صفوف الجيش الواحد التابع لحكومة واحدة المؤلف من مذاهب مختلفة حينما يهجم عليه العدو المشترك.


    أما المسائل المختلف فيها لدى المذاهب، والأحكام الخلافية بين طوائف المسلمين.. فطريق حلها البحث والنقاش النـزيهان المعرّيان من السباب والقذف، القائمان على أصول الإسلام المعترف بها لدى جميع المسلمين.


    أما أن يسبّ بعض المسلمين بعضاً لأجل بعض المسائل الخلافية أو يكفّر بعضهم بعضاً من أجل حكم غير إجماعي فذاك هو الذي يدعو إلى تشتت المسلمين وشق عصاهم وضرب الوحدة الإسلامية العظمى.


    وهنا نضع بعض النقاط التي هوجمت الشيعة الإمامية بها من قِبل بعض المفرّقين، لنرى في إطار من البحث هل هي باطلة والشيعة على ضلال من أجلها، أم هي حق الإمامية على هدى في اتباعها. والله المسؤول أن يسدد خطانا للنظر إلى الأشياء بمنظار الإسلام ويوفقنا للسير عليه، إنه سميع مجيب.




    الموضوع الأول : السجود على التربة

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم

    السجود على التربة

    سامي: يا علي إنكم الشيعة تشركون بسجودكم على التربة، وهل التربة غير كمية من الطين اليابس تعبدونه من دون الله؟.


    علي: اسمح لي أن أسألك سؤالاً.


    سامي: تفضل.


    علي: هل يجب السجود على جسم (الله) تعالى؟.


    سامي: إن قولك هذا كفر، لأن الله ليس بجسم، فلا يُرى بالعين، ولا يُلمس بالجسم، ومن اعتقد أن الله جسم فهو كافر.


    إنما السجود يجب أن يكون (لله)، يعني: تكون الغاية من السجود والخضوع هو (الله) سبحانه، أما السجود على (الله) فهو كفر.


    علي: من كلامك هذا ثبت أن سجودنا على التربة ليس شركاً لأننا نسجد على التربة،


    لا أنه نسجد لأجل التربة،


    وإن كنا نعتقد ـ على الفرض المحال ـ أن التربة هي (الله) فكان اللازم السجود لها،


    لا السجود عليها، لأن الشخص لا يسجد على ربه.


    سامي: إنني لأول مرة أسمع هذا التحليل، وإنه لصحيح إذ أنتم لو كنتم تعتبرون (التربة) إلهاً لما سجدتم عليها، وسجودكم عليها دليل على أنكم لا تعتبرون التربة إلهاً.


    سامي: دعني أسألك سؤالاً.


    علي: تفضل.


    سامي: إذن فما سبب إصراركم على السجود على التربة، ولِمَ لا تسجدون على سائر الأشياء، كما تسجدون على التربة؟.


    علي: هناك حديث شريف روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله بإجماع جميع فِرق المسلمين، أنه قال: (جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)(1).


    فالتراب الخالص هو الذي يجوز السجود عليه باتفاق جميع طوائف المسلمين،

    ولذلك نسجد دائماً على التراب الذي اتفق المسلمون جميعاً على صحة السجود عليه.


    سامي: وكيف اتفق المسلمون عليه؟.


    علي: أول ما جاء الرسول صلى الله عليه وآله إلى المدينة، وبنى المسجد فيها، هل كان المسجد مفروشاً بفرش؟.


    سامي: لا .. لم يكن مفروشاً بفرش.


    علي: فعلى أي شيء كان يسجد النبي صلى الله عليه وآله والمسلمون؟.


    سامي: على أرض مفروشة بالتراب.


    علي: إذن جميع صلوات رسول الله صلى الله عليه وآله كانت على الأرض وكان يسجد على التراب،

    وكذلك المسلمون في زمانه وبعده كانوا يسجدون على التراب..

    فالسجود على التراب صحيح قطعاً ونحن إذ نسجد على التراب نتأسى برسول الله صلى الله عليه وآله فتكون صلواتنا صحيحة قطعاً.


    سامي: فلم لا تسجدون ـ أنتم الشيعة ـ على غير التربة التي تحملونها معكم من سائر مواضع الأرض، أو غيرها من التراب؟.


    علي: أولاً: الشيعة تجوّز السجود على كل أرض سواء في ذلك المتحجر منها، أو التراب.


    وثانياً: حيث يشترط في محل السجود الطهارة من النجاسة

    فلايجوز السجود على أرض نجسة، أو تراب غير طاهر، لذلك

    نحمل معنا قطعة من الطين الجاف الطاهر، تخلصاً من السج

    ود على ما لايعلم طهارته من نجاسته.


    مع العلم أننا نجوز السجود على تراب الأرض أو أرض لا نعلم بنجاستها.



    سامي: إن كنتم تريدون بذلك السجود على التراب الطاهر الخالص.. فلم لا تحملون معكم تراباً تسجدون عليه؟.


    علي: حيث إن حمل التراب يوجب وسخ الثوب، لأنه أينما وضع من الثوب فلابد أن يوسخه، لذلك نمزجه بشيء من الماء ثم ندعه ليجف، حتى لا يوجب حمله وسخ الثوب.


    ثم: إن السجود على قطعة من الطين الجاف أكثر دلالة على الخضوع والتواضع لله تعالى.


    فإن السجود هو غاية الخضوع، ولذا لا يجوز السجود لغير الله سبحانه، فإذا كان الهدف من السجود هو الخضوع لله، فكلما كان مظهر السجود أكثر في الخضوع، لاشك أنه يكون أحسن.


    ومن أجل ذلك استحب أن يكون موضع السجود أخفض من موضع اليدين والرجلين، لأن ذلك أكثر دلالة على الخضوع لله تعالى.


    وكذلك استحب أن يعفر الأنف بالتراب في حال السجدة، لأن ذلك أشد دلالة على التواضع والخضوع لله تعالى.


    ولذلك .. فالسجود على الأرض، أو قطعة من الطين الجاف أحسن من السجود على غيرهما مما يجوز السجود عليه، لأن في ذلك وضع أشرف مواضع الجسد ـ وهو الجبهة ـ على الأرض خضوعاً لله تعالى وتصاغراً أمام عظمته.



    أما أن يضع الإنسان ـ في حال السجدة ـ جبهته على سجاد ثمين أو على معادن كالفضة والعقيق والذهب وغيرها، أو على ثوب غال الثمن..

    فذلك مما يقلل من الخضوع والتواضع، وربما أدى إلى عدم التصاغر أمام الله العظيم.

    إذن: فهل يمكن أن يعتبر السجود على ما يزيد من تواضع الإنسان أمام ربه، شركاً وكفراً، والسجود على ما يذهب بالخضوع لله تعالى.. تقرباً من الله؟.


    إن ذلك إلا قول زور.



    سامي: فما هذه الكلمات على التربة التي تسجدون عليها؟.



    علي: أولاً: إنه ليس جميع أقسام التربة مكتوباً عليها شيء فإن هناك كثيراً من التربات ليس عليها حرف واحد.



    وثانياً: المكتوب على بعضها هو أن هذه التربة متخذة من تراب أرض كربلاء المقدسة، وهل في ذلك شرك؟.


    أو هل ذلك يخرج التربة عن كونها تراباً جائز السجود عليه؟ كلا.




    سامي: فما الخصوصية في تربة أرض (كربلاء) حيث نجد أكثر الشيعة يتقيدون بالسجود عليها مهما أمكن؟.


    علي: السبب في ذلك أنه ورد في الحديث الشريف:

    (السجود على تربة الحسين سلام الله عليه يخرق السماوات السبع)(2) .

    أي أن السجود عليها يوجب قبول الصلاة، وصعودها إلى السماء.


    وما ذلك إلا لإدراك أفضلية ليست في تربة غير (كربلاء المقدس

    ة).


    سامي: وهل السجود على تربة الحسين تجعل الصلاة مقبولة عند الله تعالى و

    لو كانت الصلاة باطلة؟.



    علي: الشيعة تقول بأن الصلاة الفاقدة لشرط من شرائط الصحة باطلة، غير مقبولة.

    ولكن الصلاة الجامعة لجميع شرائط الصحة مقبولة عند الله تعالى، وقد تكون غير مقبولة، أي لا يثاب عليها،

    فإذا كانت الصلاة الصحيحة على تربة الحسين سلام الله عليه قُبلت ويُثاب عليها، فالصحة شيء والقبول شيء آخر.



    سامي: وهل أرض (كربلاء المقدسة) أشرف من جميع بقاع الأرض، حتى من أرض مكة والمدينة، حتى يكون السجود عليها أفضل؟.


    علي: وما المانع من ذلك؟.


    سامي: إن تربة (مكة المكرمة) التي لم تزل منذ نزول آدم سلام الله عليه أرض الكعبة، وأرض (المدينة المنورة) التي تحتضن جسد الرسول العظيم صلى الله عليه وآله تكونان في المنـزلة دون منـزلة (كربلاء)؟

    . هذا غريب!.

    وهل الحسين بن علي أفضل من جده الرسول صلى الله عليه وآله؟.



    علي: كلا.. إن عظمة الحسين سلام الله عليه بصيص من عظمة الرسول صلى الله عليه وآله،

    وشرف الحسين سلام الله عليه شيء من شرف الرسول صلى الله عليه وآله،

    ومكانة الحسين سلام الله عليه عند الله تعالى إنما هي لأجل أنه إمام سار على دين جده الرسول صلى الله عليه وآله حتى استشهد في ذلك..


    لا.. ليست منزلة الحسين سلام الله عليه إلا جزءً من منـزلة الرسول صلى الله عليه وآله، ولكن..


    حيث إن الحسين سلام الله عليه قُتل هو وأهل بيته وأنصاره في سبيل إقامة الإسلام، وإرساء قواعده، وحفظها عن تلاعب متبعي الشهوات، عوضّه الله تعالى باستشهاده ثلاثة أمور:



    1. استجابة الدعاء تحت قبته.

    2. والأئمة من ولده.

    3. والشفاء في تربته (3).



    فعظم الله تربته لأنه قُتل في سبيل الله أفجع قتلة، وسبي نساؤه، وقتل أصحابه، وغير ذلك من المصائب التي نزلت به من أجل الدين.. فهل في ذلك مانع؟.


    أم هل تفضيل تربة كربلاء على سائر بقاع الأرض حتى على أرض المدينة معناه أن الحسينسلام الله عليه أفضل من الرسول صلى الله عليه وآله، بل الأمر بالعكس. فتع

    ظيم تربة الحسين سلام الله عليه تعظيم للحسين سلام الله عليه، وتعظيم الحسين سلام الله عليه تعظيم لله ولرسوله صلى الله عليه وآله.



    سامي: هذا صحيح، وإني كنت أتخيل أنكم تفضلون الحسين سلام الله عليه حتى على الرسول صلى الله عليه وآله،

    والآن عرفت الحقيقة، وأشكرك على هذه الالتفاتات الطيبة التي زودتني بها، وسوف أحمل معي



    ـ أبداً ـ قطعة من أرض كربلاء المقدسة، لأسجد عليها أينما صليت.. كما أني سأدع السجود على مثل الفرش والمعادن.



    علي: إني أردت أن أبين لك أن هذه التهم الموجهة إلينا نحن الشيعة، ليس لها
    واقع،

    وإنما هي أكاذيب بحتة اختلقها علينا الآثمون من أعداء المسلمين ـ المسمين أنفسهم بـ (المسلمين) ـ علّك تتحرى الحقيقة دائما، ولا تعتني بكل ما تسمع ضد الشيعة دون أن تبحث عن واقعة وحقيقته.


    وهذا ما أرجوه منك.




    (1) في صحيح مسلم: ج1 ص370 ط دا
    ر إحياء التراث العربي بيروت: (جعلت لي الأرض طيبة طهورا ومسجدا) وفي ج1 ص371: (جعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا).
    وانظر أيضاً سنن الدارمي: ج1 ص374 ط دار الكتاب العربي بيروت. وسنن البيهقي الكبرى: ج1 ص212 ط مكة المكرمة. وصحيح البخاري: ج1
    ص128 ح328، وج1 ص168 باب قول النبي صلى الله عليه وأله (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)، ط دار ابن كثير بيروت.
    وفي مصادر الشيعة: وسائل الشيعة: ج3 ص423 ب1 ح5، والوسائل: ج2 ص969 ب7 ح2، ومن لا يحضره الفقيه: ج1 ص240 ح724 ، وأمالي الصدوق: ص216 ح6. وغيرها مما هو كثير.
    (2) انظر وسائل الشيعة: ج5 ص366 باب استحباب السجود على تربة الحسين سلام الله عليه ح6808. ط آل البيت. وبحار الأنوار: ج82 ص153 ب28. ومكارم الأخلاق: ص302. والدعوات: ص188.
    (3) وسائل الشيعة: ج14 ص423 ب37 ح19509 ط آل البيت، مستدرك الوسائل: ج10 ص335 ب53 ح12128.

    تعليق


    • #3
      بناء القبور

      بناء القبور

      فؤاد: يا جعفر.. هل تسمح لي أن أسألك عن موضوع حول الشيعة والسنة؟.

      جعفر: اسأل، وكم أحب أن يكون الشخص واعياً مثقفاً يفهم الأشياء عن دراسة ويقين..

      ولا يكون همجياً يتبع كل نعيق يملأ الجو، أو كل صرخة تتعالى.. من غير أن يعلم صحتها وفسادها.

      فؤاد: أو تؤمن بكلامي إن صح أنّ الحق معنا (أهل السنة)؟.

      جعفر: إنني في طليعة من يؤمنون بالحقائق الصادقة فور معرفتها، وإني ما أخذت التشيع إلا لأني وجدته حقاً وأنت تعلم بأن أبي وأمي وإخواني وقومي.. كلهم سنة ليس فيهم شيعي واحد، وإنما اعتنقت التشيع لما وجدت من الحق فيه.. ولو عرفت صحة كلامك فأنا أول المؤمنين به.

      فؤاد: أنتم الشيعة تبنون على قبور الأنبياء والأئمة والعلماء، والصلحاء.. مباني، تصلون عندها، وليس ذلك إلا شركاً، فكما يعبد المشركون الأصنام، تعبدون (أنتم الشيعة) مباني قبور الأولياء.

      جعفر: يجب أن نكون ـ نحن ـ واقعيين، لا قشريين فلا ننظر إلى ما قاله فلان وفلان، وإنما ننظر إلى الحق الواضح من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله، وسيرة السف الصالح..

      فؤاد: نعم، وإني كذلك، أحب معرفة الأشياء عن طريق العلم والفهم، لا التقليد الأعمى.

      جعفر: أولاً: لسنا نحن الشيعة مختصين ببناء القبور، فالمسلمون جميعاً يبنون مراقد الأنبياء والأئمة وعظمائهم وإليك بعض ذلك:


      1. قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وقبل الخليفتين لازالا مبنيين بأفخم بناء وأعلى قبة.


      2. قبور جماعة من الأنبياء منهم إبراهيم سلام الله عليه بالأردن بمدينة (الخليل) لها أضرحة وعليها قباب وبنايات عظيمة.


      3. قبر النبي موسى سلام الله عليه له بناية كبيرة في الأردن بين مدينتي (القدس) و(عمان).


      4. قبر أبي حنيفة ببغداد لا يزال معموراً، ببناء ضخم، وعليه قبة.


      5. قبر أبي هريرة في (مصر) مزار له بناء وعليه قبة.


      6. قبر عبد القادر في (بغداد) له صحن وضريح وقبة.


      7. وغير ذلك من قبور الأنبياء وقبور الأئمة وعظماء المذاهب، لها بنايات وقباب، ولها أوقاف خاصة تصرف منافعها على تعمير تلك القبور، وحفظها عن الإندراس ..

      والبلاد الإسلامية ملؤها ذلك.. وكان المسلمون بمختلف مذاهبهم منذ اليوم الأول حتى اليوم يحبذون هذه الأشياء، ويأمرون الناس بها، ولم ينهوا عنها يوما، فلسنا نحن الشيعة فقط مختصين بهذا الحكم،

      وإنما يوافقنا عليه بقية المسلمين جميعاً، فهم أيضاً يبنون قبور أئمتهم، ويتعهدونها.
      وثانياً: إننا ـ الشيعة ـ أو بقية المسلمين حينما نصلي بجانب قبور الأولياء، لا نصلي لأولئك الأولياء وإنما نصلي لله تعالى فقط.


      ويدلك على ذلك أننا نتوجه في حال الصلاة إلى القبلة لا إلى تلك القبور، ولو كنا نصلي إلى تلك القبور، ونتوجه بالعبادة إلى تلك الأضرحة، لوجب أن نتوجه إليها لا إلى القبلة.


      فؤاد: فلِمَ تصلون خلف هذه القبور،حتى تجعلوا تلك القبور قبلة لكم؟.

      جعفر: ـ إننا حين نصلي خلف تلك القبور ـ نتوجه إلى القبلة

      لا إلى تلك القبور، وإنما تلك القبور ـ عفواً ـ تقع أمامنا، ومن دون قصد التوجه أليها.

      وهذا لا يكون إلا كمن يصلي إلى القبلة في مكان يكون أمامه بناية شامخة، فهل معنى الصلاة في هذا لمكان هو أن المصلي يعبد تلك البناية؟!.

      وأكثر من هذا يقول علماء المسلمين قاطبة: يجوز الصلاة إلى القبلة في معابد المشركين، وإن كان المصلي يقع أمامه صنم يعبد من دون الله، فان توجه المصلي إلى الله، لا الصنم.
      فهل معنى هذا أن المصلي يعبد ذلك الصنم؟

      فؤاد: إذا كان البناء على القبور ليس شركا ـ كما تقول ـ ويجوزها جميع المسلمين، فكيف هدموا الأضرحة والقبات المبنية على قبور الأئمة وغيرهم.. بحجة أنها شرك وعبادة من دون الله، وقد أفتى علماء الحجاز بذلك؟.

      جعفر: إنه لم يفت بذلك إلا بعض علماء الحجاز في ذلك الزمان فقط، ولذا حدثني بعض الشيوخ من أهل المدينة قال: إنـه حينما أمروا آنذاك بهدم قباب وأضرحة القبور، خالف في ذلك علماء الحجاز أنفسهم، رادين أن ذلك ليس شركاً بل إن مثل ذلك مندوب إليه في الشريعة الإسلامية، لقول الله تعالى: (من يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)(1)

      مما أدى إلى طرد أولئك العلماء، وإبعاد بعضهم عن مناصبهم ومقاطعتهم.

      إذن: فلم يفتِ بذلك إلا ثلاثة أو أربعة من علماء الحجاز.

      فؤاد: وإنني كنت أتفكر: إذا كانت الأضرحة والقباب محرمة وشركاً، فلم لم يتنبه لذلك علماء المسلمين منذ زمن الرسول صلى الله عليه وآله حتى اليوم، ولم يمنعوا عنها ؟.

      وكيف لم يعرفه المسلمون طيلة ثلاثة عشر قرناً؟.

      جعفر: وأزيدك علماً: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أقر بناء القبور، والأضرحة والقباب ولم ينه عنه.

      فهذا بناء حجر إسماعيل هو مدفن النبي (إسماعيل) ومدفن أمه هاجر. وهذه قبور الأنبياء ـ إبراهيم وموسى وغيرهما ـ في أطراف بيت المقدس، كان يعلوها البناء في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وإلى زماننا هذا، ولم ينه عنها لا الرسول صلى الله عليه وآله ولا أحد من خلفائه. ولو كانت محرمة أو كانت شركا لكان الرسول صلى الله عليه وآله يأمر بهدمها، وينهى عنها، وحيث لم يفعل ذلك نعلم يقينا بأن مثل ذلك جائز.

      وهكذا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله فإنه عند ما توفاه الله دفن في حجرته، وسدّ باب الحجرة، فصار قبره في وسط حجرة مبنية لها حيطان وسقف، ولو كان أحد من الأصحاب سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله حرمة مثل ذلك لما دفنوه هناك، ولو كانوا يدفنونه في حجرته لوجب هدم الحجرة لئلا يكون على القبر بناء.

      وحيث لم يفعلوا ذلك، علمنا بأن البناء على القبور ليس حراماً فكيف بأن يكون شركاً.

      فؤاد: أشكر لك إحسانك إذ هديتني إلى الحق، وعرفتني أن بناء القبور ليس حراماً ولا شركاً، وإن الذين يحرمونه ليس لهم دليل من الشرع يسند قولهم.. وإني شاكر لك أبداً على ذلك.

      جعفر: وإنني أشكرك على قبولك الحق إذ عرفته، واتباعك الهدى حينما رأيته، وأنك سائر بهدى العقل والمنطق الصحيح لذا أود أن أزيدك بصيرة في الحق ومعرفة في الدين، فهل بقي لك من الوقت شيء لأتحدث معك؟.

      فؤاد: إنني أشتاق إلى الكلام الحق، تحدث بما تريد، فإني على استعداد للاستماع بملء أذني.

      جعفر: ثبت من المحاورات الأنفة أن البناء على قبور أولياء الله جائز، وليس بحرام.

      فؤاد: نعم.. وأنا معك في ذلك.

      جعفر: الآن أريد أن أقول: إن البناء على قبور أولياء الله وإقامة الأضرحة عليها وبناء القباب.. كلها مستحبة يُثاب الشخص على فعل ذلك كله، لا أنها جائزة وحسب.

      فؤاد: وكيف؟.

      جعفر: قال الله تعالى: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)(2) فكل شيء يعدّ من شعائر الله فتعظيمه مستحب في الإسلام.

      فؤاد: نعم .. ولكن كيف يكون البناء على قبور الأولياء من الشعائر؟.

      جعفر: الشعائر هي الأشياء التي تعظم الدين في أنظار العالم من غير أن يكون نص على حرمتها.

      فؤاد: وهل يعظّم الدين بهذه البنايات والقباب؟.

      جعفر: نعم.

      فؤاد: وكيف ذلك؟.

      جعفر: بناء قبور عظماء الإسلام، وبناء القباب عليها، وحفظها عن الاندراس والانهدام تعظيم لأولئك العظماء بلا شك.

      مثلاً: إذا جاء شخص بوردة، وأنبتها عند قبر ميت، أليس هذا الشخص معظماً لذلك الميت، ومقدراً له؟.

      فؤاد: صحيح.

      جعفر: فكيف بما إذا بنى على قبره بنياناً عظيماً ووضع عليه قبة، فإن ذلك من التعظيم لذلك الميت بلا ريب.

      وتعظيم عظماء الإسلام،والأئمة،والأولياء.. تعظيم للإسلام، وتقدير للدين الذي كان هؤلاء دعاته، والموجهين للناس نحوه.
      أليس الإنسان إذا عظّم رئيس حزب، أو داعية دين أو عضو مبدأ .. يعد من المعظمين لذلك الحزب، والدين والمبدأ ؟.

      فؤاد: نعم هو كما تقول.

      جعفر: فالبناء على قبور أولياء الله تعظيم لهم وتعظيم لله، ورفع للإسلام، وكل شيء كان تعظيما لله وفيه رفعة من الإسلام فهو من شعائر الله التي يندب الله تعالى إليها حيث يقول:

      (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).

      فؤاد: إذن .. فهدم قبور الأولياء والأنبياء والأئمة، يكون توهيناً بالدين، وحطاً من كرامة الإسلام.. لأن هدمها تحقير لأصحابها، وتوهين بهم.. والتوهين بهم توهين بالدين، والحط من كرامتهم حط من كرامة الإسلام.

      جعفر: وإنني أيضا تشيعت، وتبعت مذهب أهل البيت سلام الله عليهم وغيرت اسمي من وليد إلى جعفر… لهذا السبب نفسه؟.

      فإني حينما كنت اتبع رأي الآخرين لم أكد أظن أن غيري على حق، ولكن فحصت عن الحق، وذهبت إليه حتى وصلته وبلغته.
      والإنسان دائماً إذا خلف العصبية المذهبية وراءه، وفتح صدره لقبول الحق، وفحص عن الحق.. لابد أن يصله، ويبلغ إليه.

      فؤاد: أنا ـ وبعد هذا الموقف ـ سأكون على بصيرة من الأمور، وسأفحص عن الحق، حتى اتبع الحق حيثما وجدته.

      وإني شاكر لك مدى الدهر..
      والآن اسمح لي أن أذهب.. لأني على ميعاد مع شخص

      جعفر: تفضل، محروساً بعين الله.

      فؤاد: في أمان الله.

      جعفر: مصحوباً بالسلامة.



      (1) سورة الحج: 32.
      (2) سورة الحج: 32.

      تعليق


      • #4



        تـزيين المشاهد




        خالد: سلام عليكم.


        باقر: عليكم السلام ورحمة الله.


        خالد: متى القدوم ؟ خيراً ؟.


        باقر: لي ابن عم هنا جئت لزيارته.


        خالد: أرجوك أن تتفضل اليوم عندنا.


        باقر: إن ورائي أعمالاً جمة تركتها لأجل (صلة الرحم) وأسألك أن تعفني عن ذلك.


        خالد: لا يمكن.. صديقان بعد فراق عشر سنوات يتلاقيان ثم لايصطحبان ساعة. إن لي عليك أيضاً حق الأخوة الإسلامية.


        ثم إنه وقع نقاش بيني، وبين أحد إخواني المؤمنين في موضوع الشيعة والسنة وحيث إني مطمئن منك أريد أن أباحثك في ذلك حتى يظهر لي الحق.



        باقر: لا بأس.



        .. اصطحبا معاً إلى دار خالد، ووصلا الدار، وجلس كل واحد منهما بجنب الآخر..

        وبعد ما تكلما عن الأمور الخاصة بهما،


        انبرى باقر قائلاً: وما النقاش الذي جرى بينكما؟.


        خالد: كان النقاش حول تزيين قبور الأنبياء والأئمة والعلماء والمؤمنين والصلحاء ونحوهم، بالذهب والفضة وسائر الحلي.


        باقر: وما الإشكال الذي فيه؟.


        خالد: أليس ذلك حراماً؟.


        باقر: ولٍمَ؟.


        خالد: هل يستفيد الميت من هذه؟.


        باقر: لا، لا يستفيد.


        خالد: إذن إن ذلك كله إسراف وتبذير، والله تعالى يقول:



        (ولا تبذر تبذيراً * إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين)(1) .


        باقر: وما تقول في حلل الكعبة، وحليها، والذهب والفضة اللذين عليها، وفيها؟.


        خالد: لا أدري.


        باقر: نعم كانت للكعبة حلل، وذهب كثير، يُهدى إليها من أطراف البلاد منذ زمن الجاهلية حتى يومنا هذا.



        يقول ابن خلدون في مقدمته:


        وقد كانت الأمم منذ عهد الجاهلية تعظمه،والملوك تبعث إليه بالأموال والذخائر مثل كسرى وغيره، وقصة الأسياف وغزالي الذهب اللذين وجدهما عبد المطلب حين احتفر زمزم معروفة.


        وقد وجد رسول الله صلى الله عليه وآله حين افتتح مكة في الجب الذي كان فيها سبعين ألف أوقية من الذهب مما كان الملوك يهدون للبيت. فيها: ألف ألف (أي: مليون) دينار، مكررة مرتين ، بمائتي قنطار وزناً. وقال له علي بن أبي طالب سلام الله عليه يا رسول الله صلى الله عليه وآله لو استعنت بهذا المال على حربك ؟. فلم يفعل.

        ثم ذكر لأبي بكر فلم يحركه.

        (إلى أن قال): قال أبو وائل: جلست إلى شيبة بن عثمان، وقال جلس إلى عمر بن الخطاب، فقال: هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين.


        قلت: ما أنت بفاعل.


        قال: ولم؟.


        قلت: فلم يفعله صاحباك.


        فقال: هما اللذان يقتدى بهما.


        فهل كانت الكعبة تستفيد من هذا الذهب والفضة يا خالد؟.


        أو كان الله ـ سبحانه وتعالى عن ذلك ـ يستفيد منهما؟.


        خالد: كلا.


        باقر: ومع ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يمد إلى تلك الأموال المتراكمة يداً، ولم يتصرف في شيء منها، على شدة احتياج الإسلام في تلك الأيام إلى المال الوافر والخزينة المليئة لإقامة أركانه في البلاد.

        ولِمَ ذلك؟. لأن كون هذا المال الكثير للكعبة يزيد من عظمتها في أعين الناس، وإن كان شرفها ومنزلتها الواقعية عند الله تعالى لايزداد ولا ينقص، سواء كان لها الدنيا كلها، أم لم يكن لها
        شيء.


        وهكذا الكلام بالنسبة للقباب الذهبية، والأبواب الذهبية والفضية، والحلي والحلل المزودة بها قبور أولياء الله تعالى مثل: أمير المؤمنين والإمام الحسن والإمام الحسين والإمام الرضا وغيرهم عليهم أفضل الصلاة والسلام.


        فهؤلاء منـزلتهم الإلهية الواقعية لا تزداد بوجود هذه المجوهرات ولا تنقص بعدم وجودها،

        فالإمام الحسن بن علي سلام الله عليه أفضل من أخيه الحسين سلام الله عليه وإن كان قبر الإمام الحسن سلام الله عليه تصهره الشمس، في وادي البقيع ليس عليه أي بناء، وغير مزود بأية حلية، وكان قبر الإمام الحسين سلام الله عليه مزوداً بأبنية عظمية فخمة من الذهب الخالص تبلغ الفضاء وتنطح السحاب!.


        ولكن فعلنا ذلك لهم، وإهداء المجوهرات لمراقدهم، وتذهيب قبابهم، وغير ذلك تقدير منا لهم وتعظيمهم.


        خالد: وهل هذه الأشياء تعظم أولياء الله في أعين الناس؟.


        باقر: نعم. والآن أجعلك أنت تعترف بذلك.


        إذا ذهبت إلى اليهود ورأيت مقابر علمائهم خربة، تطل عليها الشمس، لا من سقف أو حجرة يستظل بها الزائر.


        ثم ذهبت إلى النصارى، فرأيت مقابر علمائهم معمورة، مبينة عليها قباب، ومزينة بالذهب والفضة وغيرهما من المجوهرات.


        هل يعظم عندك علماء النصارى أم علماء اليهود، مع العلم أنك المسلم تعرف أن كليهما على باطل؟.


        خالد: طبعاً احمل في نفسي من المشهدين صورة عظمية عن علماء النصارى، وصورة حقيرة عن علماء اليهود.


        باقر: إذن فما تفعله الشيعة والسنة من بناء أضرحة وحرم وقباب وغيرها على قبور الأئمة والأنبياء .. تعظيم لهم، ورفع من قدرهم، وكذلك تزيينها بالذهب والفضة وسائر المجوهرات.


        خالد: صحيح كل ذلك، ولكن هل يخرجها هذا الوجه عن كونها إسرافاً وتبذيراً؟.


        باقر: نعم، وفوق ذلك، فإذا ثبت أن هذه الأعمال تعظيم لأولياء الله، فهي في الوقت نفسه تعظيم للإسلام، لأن تعظيم علماء الإسلام تعظيم للإسلام، وكل شيء كان فيه تعظيم للإسلام فهو من شعائر الله التي قال الله تعالى عنها:

        (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) (2)

        فتزيين مشاهد أولياء الله من شعائر الله التي يستحب فعله والعمل لأجله، ويثاب الشخص العامل في سبيله.


        خالد: استميحك العذر، إذ أخذت من وقتك هذا المقدار ولكنك مأجور عند الله تعالى، إذ أخرجتني من ظلمات الجهل إلى نور العلم والفهم، وكم كنت أطيل الفكر في هذه التزئينات فلم أدرك مغزاها ووجه صحتها،

        واليوم نورتني ـ أنت ـ بعلمك، وأبلغتني مقصدي.


        باقر: إذن هل ذهب جميع ما بك من ريب حول تزيين المشاهد؟.


        خالد: نعم.. لم يبق لي شك بأنه مستحب مندوب إليه في القرآن الحكيم:



        (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).


        باقر: وعلى أي حال إني مستعد للمفاهمة معك في أمثال هذه المواضيع لكي استفيد أنا، أو تستفيد أنت، ونكون عارفين للأمور عن فهم وتدبّر.


        خالد: أشكرك ألف شكر وشكر، وأسأل الله تعالى أن يوفقك لمراضيه.




        (1) سورة الإسراء: 26-27.


        (2) سورة الحج: 32.




        تعليق


        • #5
          تقبيل الأضرحة


          مالك: يا صادق ما الداعي إلى تقبيل أضرحة النبي والأئمة الذي تصرون عليه؟.


          صادق: وهل فيه إشكال؟.


          مالك: يقال إن ذلك من الشرك.


          صادق: ومن قال إنه شرك؟.


          مالك: يقوله المسلمون.


          صادق: عجيب! فمن الذين يقبلون الأضرحة؟.


          مالك: قيل: إنهم زمرة الشيعة.


          صادق: هل ذهبت إلى الحج؟.


          مالك: نعم.. والحمد لله.


          صادق: وهل زرت قبر رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة المنورة؟.


          مالك: والشكر لله.


          صادق: ألم تر الآلاف من السنة تريد تقبيل ضريح رسول الله صلى الله عليه وآله وتضربهم هيئة (الآمرين بالمعروف!!)؟.


          مالك: نعم ..


          صادق: إذن لسنا نحن الشيعة فقط نقبل أضرحة أنبياء الله بل يقبلها المسلمون قاطبة.


          مالك: فلم يقول البعض بحرمة ذلك، وأنه من الشرك بالله تعالى؟.


          صادق: هؤلاء زمرة قليلة جداً بالنسبة إلى المسلمين، يرون أنفسهم هم المصيبون، وهم المسلمون حقاً، ويرون غيرهم من المسلمين كافرين مشركين،
          يعبدون من دون الله، لا أن غيرهم مسلمون مخطئون.

          ولذا فهم يكفّرون جميع طوائف المسلمين.


          ألم تر (هيئة الآمرين بالمعروف!!) بالحجاز تضرب من أراد تقبيل ضريح الرسول
          صلى الله عليه وآله وتقول له:


          يا كافر! .. يا مشرك! .. يا زنديق! .. يا خنـزير! .. يا كلب!


          وغير ذلك من أتعس السباب والقذف ؟.


          سواء في ذلك : الشيعي، والحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، والزيدي، وغيرهم من المسلمين !


          مالك: نعم .. رأيت كل ذلك،

          وأشنع منها : إني رأيتهم يضربون بالعصي على رأس من أصر على ذلك بحيث ربما يتفجر دماً، وقد يضربون بأيديهم بكل قوة في صدور الزائرين مما يؤذي صدورهم ويمرض أجسامهم! وكم تألمت لهذه الأمور!!


          الحج الذي جعل الله منه مؤتمراً عاماً للمسلمين ليباحثوا فيه عن مختلف شؤونهم، يصبح اليوم مفرقاً للصفوف بواسطة أعمال تلك الزمرة التي أسمت نفسها (هيئة الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر)!!


          صادق: وعلى أي حال يا مالك .. أنت تقبل ابنك؟.


          مالك: نعم؟.


          صادق: وهل تشرك بالله تعالى في هذا التقبيل؟.


          مالك: لا، لا .. أبداً.


          صادق: وكيف لا تشرك بذلك؟.


          مالك: إنني أقبل ابني حباً له، وليس هذا شركا.


          صادق: أو تقبل القرآن؟.
          مالك: نعم .


          صادق: ولا تشرك بذلك؟.
          مالك: لا ..


          صادق: وهل غلاف القرآن الذي تقبله هو إلا جلد حيوان؟.


          مالك: نعم.


          صادق: إذن أنت أشركت بالله، وجعلت الجلد المتخذ من الحيوان شريكاً لله ـ

          تعالى عن ذلك علواً كبيراً ـ .


          مالك: ليس كذلك،

          إنما أقبل القرآن لأنه حاو لكلام الله، فحباً لكلام الله أقبل الغلاف الذي حواه، فهذا من وفرة الحب، وكثرة الاشتياق، وأين هذا من الشرك؟.


          ثم: إنني بتقبيل القرآن استحصل الثواب من الله تعالى، لأن تقبيل القرآن تعظيم له ورفع منه، وتعظيم القرآن له ثواب وأجر عند الله، فما أبعد هذا عن الشرك؟.


          صادق: ولم لا تقول مثل ذلك في تقبيل ضريح النبي صلى الله عليه وآله وأضرحة الأئمة سلام الله عليهم؟.

          أو تزعم أن الذين يقبّلون الأضرحة يجعلون الحديد شريكاً لله تعالى ؟!.

          إذا كان ذلك فلم لا يقبّلون الحدائد المتوفرة هنا وهناك؟.


          ولكن .. حيث إن الضريح حاو لقبر رسول الله صلى الله عليه وآله أو قبر أحد الأئمة سلام الله عليهم فحباً للنبي والإمام وشوقاً إليه يقبلون ضريحه لأنهم لا يستطيعون أن يصلوا إلى نفس النبي والإمام عليهما الصلاة والسلام.


          ومع ذلك فإنهم مأجورون عند الله تعالى ويثابون،

          لأن تقبيل ضريح شخص تعظيم لذلك الشخص، وتعظيم النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام سلام الله عليه تعظيم للإسلام الذي كان هذا النبي صلى الله عليه وآله أو هذا الإمام سلام الله عليه داعيا إليه.

          وكلما كان شيء تعظيما للإسلام فهو من شعائر الله التي قال الله تعالى عنها:

          (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)(1).


          مالك: إذا كان ذلك فكيف يقول البعض بأنكم مشركون؟.


          صادق: ورد في الحديث الشريف: (إنما الأعمال بالنيات)(2)، فإن كان أحد يقبّل الضريح يقصد بذلك الشرك فهو مشرك. وإذا كان التقبيل من وفرة الحب، ولتحصيل الثواب على تعظيم شعائر الله بذلك، فهو عمل مأجور به فاعله.


          وأنت وجّه سؤالاً إلى جميع هؤلاء الذين يقبلون الأضرحة من الشيعة والسنة وقل لهم لِمَ تقبلون الأضرحة؟.


          فلا يجيبك أحد منهم إلا بأن ذلك من كثرة الحب والشوق ولتحصيل الثواب، ولا تكاد تسمع من أحد ـ قطعاً ـ بأنه يقبل الضريح لغير ذلك.


          مالك: صحيح .. صحيح.


          صادق: وإذا كان مجرد التقبيل بدون قصد الإشراك يجعل الشخص مشركا فلا تكاد ترى إنساناً غير مشرك.


          لأن المسلمين إما يقبلون الأضرحة، أو يقبلون القرآن .. فعلى كلتا الحالتين هم جميعا مشركون.

          فمن المسلم إذن؟.


          مالك: أشكرك كثيراً جداً، وإني سوف أناقش أبي الذي كان يزققني هذه العصبيات الجوفاء،

          وسوف لا أسمع كلام شخص على مذهب آخر .. وقد عرفت أن الحق معكم ـ أنتم الشيعة ـ وأن لك علي منة أبدية، لأنك أبصرتني، لا في هذا الأمر وحسب بل في الأمور كلها، لكي لا أعتنق كلما يصك مسامعي من دون تروٍ في صحته وفساده.

          (1) سورة الحج: 32.
          (2) صحيح البخاري: ج1 ص2 ط دار الفكر، بيروت، سنن ابن ماجة: ج2 ص1413 ط دار الفكر، سنن أبي داود: ج1 ص490 ط دار الفكر، صحيح ابن حبان: ج2 ص113 وج11 ص211 ط مؤسسة الرسالة، مسند أبي حنيفة لأبي نعيم الأصفهاني: ص269 مكتبة الكوثر الرياض، الجامع الصغير للسيوطي: ج1 ص5 ط دار الفكر بيروت، كشف الخفاء: ج1 ص11 ط دار الكتب العلمية، أحكام القرآن للجصاص: ج1 ص6 ط دار الكتب العلمية، تفسير القرطبي: ج9 ص14 ط مؤسسة التاريخ العربي بيروت، تفسير الثعالبي: ج2 ص312 وج3 ص276 ط دار إحياء التراث العربي
          .

          تعليق


          • #6
            التوسل بأولياء الله


            وليد: آه .. من هؤلاء المشركين الكفرة الزنادقة.. المسمين أنفسهم بالمسلمين.. آه منهم.


            محمد: ومن تقصد؟.


            وليد: هؤلاء الشيعة.


            محمد: لا تسبهم، ولا تنسبهم إلى الشرك، إنهم مسلمون.


            وليد: هؤلاء أولى بالقتل من الكفار!.


            محمد: وما هذا الانفجار اللاشعوري منك، ولِم هم مشركون؟.


            وليد: إنهم يتخذون مع الله آلهة أخرى، ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم.


            محمد: وكيف؟.


            وليد: هؤلاء يتوسلون بالأنبياء وبالأئمة وبأولياء الله في أن يقضوا حوائجهم،

            فيقولون: (يا محمد، يا رسول الله، يا علي، يا حسين، يا صاحب الزمان) وغير ذلك، زعماً منهم أن هؤلاء الأولياء قادرون على قضاء حوائجهم.

            وهل ذلك إلا الشرك الصريح والكفر وعبادة من دون الله؟.


            محمد: اسمح لي أن أحدثك بحديث قصير.


            وليد: قل.


            محمد: كنت أنا من الذين يكيلون أنواع الشتم والسب والقذف على الشيعة، وكنت لا أجلس ولا أقوم إلا وأسبّهم، وأتعرض لهم، كل ذلك في غيبة منهم،

            حتى جمعنا سفر الحج مع أحد الشيعة، فتخاشنت معه في الكلام،

            وأخرجت على لساني كل ما كان يختلج بصدري من غيظهم طوال سنين،

            فما كان من ذلك الشيعي إلا صبر وصمت وضحك في وجهي، وكان البشر يلمع في وجهه، وكنت كلما أزيده سباً يزيدني بسطاً في وجهه، ويهدئ حرارتي بالابتسامات التي كانت لا تفارق شفتيه، فذاك الخلق الطيب أطفأ مني نار العداء والسب.


            فلما سكت أنا، توجه إلي بالكلام قائلاً:

            أخي في الله.. محمد أتسمح لي بأن أتكلم معك بعض كلمات؟.


            ثم قال وقلت، وقال وقلت، وقال وقلت.. حتى ظهر لي الحق معهم في كثير من المواضيع التي جرى حوارها بيننا،

            ومن تلك المواضيع التي رأيت الحق معهم فيه هو موضوع التوسل بأولياء الله.


            وليد: وهل أثر فيك دجلهم، ومراوغتهم، وشركهم.. ما أقل بصيرتك في الدين، وأضأل معرفتك بالإسلام.


            محمد: إنني الآن على استعداد لأن أناقشك في موضوع التوسل بأولياء الله، على ضوء القرآن الحكيم، والسنة المطهرة، وسيرة الصالحين من المسلمين.


            وليد: إن الله تعالى هو أرأف بخلقه من جميع المخلوقات والمخلوقين، ولا حاجب له عن الخلق،

            وللعبد أن يتصل بالله تعالى بلا واسطة، في كل زمان وفي جميع الأمكنة،

            فهو يتصل رأساً إلى الله تعالى ويتوسل إليه، ولا يجوز التوسل بأحد غير الله مهما كانت منزلته رفيعة عند الله،

            ولو كان نبياً، أو إماماً، أو ملائكة، أو عبداً صالحاً، أو غيرهم.


            محمد: ولم لا يجوز ؟.


            وليد: لأن الإنسان إذا مات صار معدوماً، والمعدوم لا يستفاد منه، فكيف تتوسل بالمعدوم ؟.


            محمد: وكيف أن الموت عدم، ومن يقول بذلك ؟.


            وليد: قال الإمام محمد بن عبد الوهاب، التوسل بالصالحين من الأموات خطاب لشيء معدوم غير موجود، وذلك قبيح عقلاً.


            وهو يعتقد أن عصاه أنفع من رسول الله صلى الله عليه وآله لأن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يستفاد منه ما دام حياً، فلما مات انعدم، وصار كالجماد لايستفاد منه ولكن عصاه يتوكأ عليها ويرشد الناس، ففيها فائدة للدين.

            فهذه وغيرها تدل على قبح التوسل بالميت وإن كان نبياً وكان رسول الله.


            محمد: الأمر بالعكس، فإن الإنسان إذا مات تنكشف له عوالم لم تكن منكشفة له من قبل الموت.


            يقول الله تعالى: (فكشفنا عنك غطائك، فبصرك اليوم حديد)(1).


            ويقول تعالى: (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون)(2).


            ويقول تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون)(3).


            وفي البخاري: إن النبي صلى الله عليه وآله أتى قليب البدر(4) وخاطب المشركين بهذه الكلمة:

            (إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً)

            فقيل له إنك تدعو أمواتاً، فقال صلى الله عليه وآله:

            (ما أنتم بأسمع منهم)(5).


            فالإنسان سواء كان مؤمناً أم كان كافراً إذا مات لا يصير كالجماد لا يحس ولا يفهم.


            وقد قال الغزالي ـ أحد أئمة الشافعية ـ: (ظن بعضهم أن الموت هو العدم… وهذا رأي الملحدين..).


            وليد: الإمام الغزالي يرى القائل بالانعدام بواسطة الموت إلحاداً؟، وأين يذكر ذلك؟.


            محمد: في كتابه (إحياء العلوم) فراجعه، تجد نص ما ذكرناه(6).


            وليد: هذا عجيب من الغزالي!


            محمد: ليس ذلك عجيباً من (الغزالي) بل العجب منك الذي لاتعلم ذلك.

            أما سمعت مخاطبة النبي صلى الله عليه وآله لمشركي قليب بدر، ولو كانوا معدومين، لايسمعون ولا يفهمون، لم يكن الرسول صلى الله عليه وآله يخاطبهم،

            مع أن الرسول صلى الله عليه وآله قال: (ما أنتم بأسمع منهم).

            يعني أنهم يسمعون كما تسمعون، ويفهمون كما تفهمون.


            فهل قنعت بذلك ؟.


            وليد: قنعت، نعم..


            ولكني في حيرة كيف أني طوال هذه السنين لم أتعمق في هذه الآيات لأبلغ هذا المراد منها ؟!.


            وكيف لم أسمع حديث الرسول صلى الله عليه وآله وقول إمامنا (الغزالي)؟.


            محمد: الآن آمنت بنصف قول الشيعة، وهو: أن الشخص لاينعدم بالموت؟ أم بعد أنت في شك ؟.


            وليد: لا.. لم يبق لي شك في ذلك. ولكن أنا في حيرة أخرى!.


            محمد: وما هي؟.

            وليد: هي أن ابن عبد الوهاب كيف يعتقد انعدام الشخص بالموت، مع قول الغزالي بأن هذا من كلام الملحدين ؟ ومع تصريح الرسول صلى الله عليه وآله بأن الشخص الميت يسمع كما يسمع الحي سواء.

            ثم كيف ينبري ابن عبد الوهاب ليقول بكل جرأة: (عصاي خير من محمد، فإنها تنفع، ومحمد لا ينفع). هذه هي التي جعلتني أتحير.


            محمد: لا تتحير. إننا يلزم بنا أن نعرف الأشخاص بالدين،

            فكل شخص وافق قوله وعمله مع القرآن والسنة وسيرة السلف الصالح فهو مؤمن،
            لا أن نعرف الدين بالأشخاص،

            فإنا إذا عرفنا فلان بن فلان مثلاً شخصاً مؤمناً مخلصاً لا يجوز لنا أن نحسب أقواله وأعماله من الإسلام حتى ولو علمنا بمخالفتها الصريحة لكتاب الله وسنة رسوله وسيرة السلف الصالح، وأنها من الكفر والإلحاد،

            بل الواجب علينا، متى رأينا زيغاً من شخص مهما كانت مكانته أن نتبرأ منه، ونتبع الحق الذي ظهر لنا.


            وليد: صحيح..، وإني كنت من المؤمنين بهذا الشخص أشد الإيمان،

            والآن وحيث أوقفتني أنت على هذا الخطأ الكبير منه، الذي يعتبر إلحاداً عن الدين، فقد سلب إيماني به، وسوف لا أعتبره كعالم يؤخذ منه أحكام الإسلام.


            محمد: دع الكلام عن ابن فلان، لنخوض بقية حديثنا.


            وليد: نعم.. صحيح إن الميت لا ينعدم بالموت، ولكن كيف يجوز التوسل به إذا كان نبياً أو إماماً أو من الصالحين؟ مع العلم أن هناك أناساً يعتبرون التوسل بالمخلوق شركاً ومروقاً عن الدين.


            محمد: هل يجوز التوسل بالحي وطلب الحاجة منه، أو طلب الدعاء منه وغير ذلك، بأن يقول ـ مثلاً ـ

            يا باقر أو يا جعفر أو يا رضا أو يا … اعطني ديناراً، أو ادع لي ليغفر الله لي، أو خذ بيدي إلى المسجد، أو غير ذلك؟.


            وليد: نعم يجوز ذلك.


            محمد: إذن وبعد ما ثبت أن الميت يسمع كالحي سواء، فما المانع من التوسل به بعد الموت وطلب الحاجة منه؟.


            أطرق وليد قليلاً يفكر.. ثم رفع رأسه قائلاً: نعم بلى كما تقول أنت يا محمد.. صحيح.


            محمد: ولنا دليل آخر على جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله والصالحين.


            وليد: ما هو؟.


            محمد: إن الصحابة في زمن حياة(7) الرسول صلى الله عليه وآله وبعد وفاته كانوا يتوسلون به،

            يكن الرسول صلى الله عليه وآله نفسه، ولا أحد من بقية الصحابة يمنعونهم عن ذلك،

            ولو كان التوسل بغير الله شركاً لكانوا ينهون عنه.


            وليد: ومن توسل برسول الله صلى الله عليه وآله بعد وفاته؟.


            محمد: إليك بعض النماذج من ذلك:


            روى البيهقي، وابن أبي شيبة بإسناد صحيح ـ كما عن أحمد بن زيني دحلان ـ:

            أن الناس أصابهم قحط في خلافة عمر، فجاء بلال بن الحرث إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وقال:

            يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم هلكوا(8).


            ولو كان نداء النبي صلى الله عليه وآله والتوسل به شركاً لما فعله بلال ـ الذي صحب النبي مدة غير قليلة ـ وأخذ الأحكام عن شفتي الرسول صلى الله عليه وآله ولنهى عنه بقية الصحابة.


            وهذا هو من أقوى الأدلة على جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله.


            وروى البيهقي عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اقترف آدم الخطيئة قال:

            يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي(9) إلى آخر الحديث ..

            ولو كان التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله حراماً وشركاً لما فعله النبي (آدم) سلام الله عليه.


            وروي أنه لما حج المنصور الدوانيقي، وزار قبر النبي صلى الله عليه وآله سأل الإمام مالكاً (إمام المالكية) وقال له:

            يا أبا عبد الله استقبل القبلة وأدعو، أم استقبل رسول الله؟.


            فقال مالك: (لِمَ تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله)،
            بل استقبله، واستشفع به فيشفعه الله فيك، قال الله تعالى:

            (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً)(10)،(11).


            وفي قول مالك: (هو وسيلتك، ووسيلة أبيك آدم إلى الله) لدليل صريح على جواز التوسل، بل واستحبابه أيضاً.


            وروى الدارمي في صحيحه عن أبي الجوزاء، قال: (قحط أهل المدينة قحطاً شديداً، فشكوا إلى عائشة، فقالت:

            انظروا قبر النبي صلى الله عليه وآله فاجعلوا منه كوىً إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف. ففعلوا، فمطروا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق)(12).


            وهناك المئات من الشواهد لذلك، تجدها في الكتب المفصلة، فإذا كان التوسل برسول الله صلى الله عليه وآله جائزاً غير محرم ولا شركاً، كان التوسل بالأئمة والملائكة والصالحين من عباد الله أيضاً جائزاً.


            فإن التوسل إن كان شركاً يجب أن يحرم التوسل حتى برسول الله صلى الله عليه وآله، وإن كان جائزاً لزم أن يجوز التوسل لا برسول الله فقط بل بجميع الصالحين من عباد الله.


            وليد: عجيب هذه الأحاديث التي نقلتها، فإني لم أر واحدة منها!.


            محمد: إنك لو راجعت كتب الأحاديث لرأيت المئات من شواهد التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وأولياء الله والصالحين، وإن الأحاديث التي نقلتها لك ما هي إلا كقطرة من بحر(13)، ويظهر أنك قليل المطالعة في الأحاديث وسيرة الصالحين من السلف؟.


            وليد: كثرة مشاغلي، وابتلاءاتي تمنعني عن مطالعة كتب الحديث والسيرة، على الرغم من كثرة اشتياقي إليها.


            محمد: إذا كنت قليل النظر في الأحاديث فيكف يجوز لك أن تسب الشيعة ـ بل وتسب جميع المسلمين ـ وتنسبهم إلى الشرك لمجرد قول محمد بن عبد الوهاب وأنت جاهل بالأحاديث؟.

            إن ذلك ليس من الصحيح، ولو تسمح لي أقول لك بصراحة.


            وليد: ـ بضحك وبسط وجه ـ قل يا محمد كل ما في قلبك، فإنا صديقان، وإنما فاتحتك بهذه الأحاديث لأستنير بعلمك، واستفيد منك.


            محمد: إن مثلك تماماً مثل كفار قريش الذين كانوا يعكفون على أصنامهم، بحجة: (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون)(14).

            ولِمَ يذمهم الله تعالى؟ لأنهم إذا رأوا الحق لم يستمعوا إليه، ليعرفوا أنه صحيح أم لا، وضلوا على أصنامهم عاكفين.


            وأنت يا وليد لا تقلد آباءك تقليد الأعمى،

            بل كن متنوراً وابحث عن الحقيقة لتجدها، وتبني عليها حياتك،

            ولو فحصت كتب الحديث وجدت أن ما تقوله جماعة خاصة، من عدم جواز التوسل بأولياء الله وأحبائه وكونه شركاً.. كلام اتفق جميع فرق المسلمين وطوائفهم ومذاهبهم على خلافه، فهل آمنت بذلك؟.


            وليد: نعم.. لأنه يظهر أن الحق مع الشيعة وسائر المسلمين في ذلك، ولكن ما ذا أفعل تجاه سبي للشيعة؟.


            محمد: استغفر الله، وابحث عن الحقيقة دائماً علّ الله يغفر لك، ودائماً كلما سمعت من معتقدات الشيعة فابحث عنه، حتى تجد الحق، ودع العصبية، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:

            (كل عصبية في النار)(15).


            وليد: سأفعل كل ذلك وأشكرك شكراً جزيلاً.

            (1) سورة ق: 22.
            (2) سورة البقرة: 154.
            (3) سورة آل عمران: 169.
            (4) حفرة ألقوا فيها قتلى المشركين.
            (5) صحيح البخاري: ج5 ص9 ط دار الفكر بيروت أفست على ط دار الطباعة العامرة باستانبول. وانظر أيضاً مسند أحمد بن حنبل: ج2 ص38 وج3 ص104 ط دار صادر بيروت. وصحيح مسلم: ج8 ص164 ط دار الفكر بيروت. سنن النسائي: ج4 ص110 ط1 دار الفكر بيروت. فتح الباري شرح صحيح البخاري: ج3 ص185 ط2 دار المعرفة بيروت. الديباج على مسلم للسيوطي: ج6 ص206 ط دار ابن عفان السعودية. تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة: ص140 ط دار الكتب العلمية بيروت. السنن الكبرى للنسائي: ج1 ص665 ط1 دار الكتب العلمية بيروت. مسند أبي يعلى: ج6 ص72 وج10 ص47 ط دار المأمون للتراث. صحيح ابن حبان: ج14 ص424 ط2 مؤسسة الرسالة. إثبات عذاب القبر للبيهقي: ص64 ط دار الفرقان. تفسير القرطبي: ج7 ص377 وج13 ص233 ط مؤسسة التاريخ العربي بيروت. تفسير ابن كثير: ج2 ص239 وج3 ص447 ط دار المعرفة بيروت. الدر المنثور للسيوطي: ج3 ص86 وج5 ص157 ط دار المعرفة. فتح القدير للشوكاني: ج4 ص151 ط عالم الكتب، و...
            (6) إحياء العلوم: ج4 ص493.
            (7) راجع: مسند أحمد بن حنبل: ج1 ص381 وج3 ص245 وج4 ص236 ط دار صادر بيروت، وصحيح البخاري: ج6 ص39 ط دار الفكر بيروت، سنن ابن ماجة: ج1 ص404 ط دار الفكر بيروت، سنن النسائي: ج3 ص160 ط دار الفكر، و... قصة توسل المسلمين برسول الله صلى الله عليه وآله في حياته لكي يدعو الله بنزول المطر وما أشبه.
            (8) انظر أيضا: فتح الباري: ج2 ص412 ط دار المعرفة بيروت، المصنف لابن أبي شيبة: ج7 ص482 ط دار الفكر، إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي: ص7 ط2 دار الإمام النووي. كنز العمال: ج8 ص431 ح23535 ط مؤسسة الرسالة. الإغاثة للسقاف: ص24 ط مكتبة الإمام النووي الأردن. تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: ج44 ص345 وج56 ص458 ط دار الفكر. الإصابة لابن حجر: ج6 ص216.
            (9) انظر أيضا: المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: ج2 ص615 ط دار المعرفة بيروت. كنز العمال: ج11 ص455 ح32138 ط مؤسسة الرسالة بيروت.
            (10) سورة النساء: 64.
            (11) خلاصة الكلام للسمهودي: ص17.
            (12) سنن الدارمي: ج1 ص44 ط مطبعة الاعتدال دمشق، الإغاثة للسقاف: ص25.
            (13) راجع كتاب (التوسل) للعلامة الشيخ جعفر السبحاني.
            (14) سورة الزخرف: 23.
            (15) راجع سنن أبي داود: ج2 ص503 ط دار الفكر بيروت، وفيه: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية). وفي مجمع الزوائد للهيثمي: ج5 ص224 ط دار الكتب العلمية عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (من مات تحت راية عصبية فقتلته قتلة جاهلية).

            تعليق


            • #7
              زيارة القبـور
              جميل: ما هذه الضوضاء التي تخلقونها أنتم الشيعة لأنفسكم دون السبب؟.


              جواد: وما هي؟.


              جميل: تزورون قبر النبي صلى الله عليه وآله وقبور أئمتكم وقبور الصالحين.


              جواد: وهل بذلك بأس؟.


              جميل: إنه حرام وهو من الشرك بالله.


              جواد: وهل أنت همج ـ يا جميل ـ تنعق مع كل ناعق وتميل مع كل ريح؟.
              إ

              نني لم أكن أترقب من مثلك ـ رجل مثقف فاهم ـ يندفع اندفاعا تعصبياً دون دليل أو برهان، كنت أقدرك ـ وإلى الآن ـ لما فيك من روح البحث عن الواقع والسير وراء الحق حيثما تجده.


              جميل: وهل كلامي هذا يكون عن الاندفاع التعصبي لمذهبي؟.


              جواد: نعم .. ليس غير ذلك.


              جميل: ومن أين تقول؟.


              جواد: الآن نعرض هذا الموضوع ـ زيارة القبور ـ على طاولة النقاش لنرى الحق مع من، ومن هو على الضلال؟.


              جميل: إنني مستعد، لأني على علم من كون زيارة القبور شركاً.


              جواد: وكيف أنها شرك؟.


              جميل: لأنها تشبه عكوف المشركين على أصنامهم.


              جواد: ولأجل ذلك كانت شركاً؟.


              جميل: نعم.. فإن الزيارة عكوف على القبر، كما يعكف المشركون على أصنامهم.


              جواد: فالعكوف هو الذي جعل الزيارة شركاً ؟.


              جميل: نعم ..


              جواد: إذن فالمسلمون جميعاً بلا استثناء مشركون وليس في الدنيا شخص غير مشرك، وأنت أيضاً من المشركين!


              جميل: وكيف؟.


              جواد: أذهبت إلى الحج؟.


              جميل: نعم، والحمد لله.


              جواد: وصليت في المسجد الحرام؟.


              جميل: نعم، والحمد لله.


              جواد: ورأيت كيف إن المسلمين في وقت الصلاة يحوطون حول الكعبة للصلاة، فالواقف في طرف المغرب يجعل ظهره على المغرب ويتوجه إلى الكعبة،

              والواقف طرف الجنوب يجعل ظهره على الجنوب ويتوجه إلى الكعبة والواقف طرف الشمال يجعل ظهره على الشمال ويتوجه إلى الكعبة، وكل في أية جهة كان يجعل ظهره على تلك الجهة ويتوجه إلى الكعبة بالصلاة والركوع والسجود وغيرها، أرأيت ذلك؟.


              جميل: بلى رأيت كل ذلك، وإني كنت أفعل حال الصلاة، ففي أية ناحية كنت من نواحي المسجد أجعل ظهري إلى تلك الناحية لأتوجه إلى الكعبة، لأن الصلاة بدون استقبال الكعبة باطلة.


              جواد: إذن المسلمون كلهم مشركون، وأنت أيضاً مشرك.


              جميل: ولم ؟


              جواد: لأن توجهك إلى الكعبة حال العبادة يشبه توجه عبدة الأصنام إلى أصنامهم حال عبادتهم، غاية الأمر أن عبدة الأصنام يتوجهون حال العبادة إلى أصنامهم التي صنعوها بأيديهم وأنت تتوجه حال الصلاة إلى بيت مرتفع متخذ من حجر.


              جميل: هناك فرق كثير بين توجهي نحو الكعبة، وبين توجه عبدة الأصنام إلى أصنامهم.


              جواد: وبما ذا الفرق.


              جميل: إنني حينما أتوجه إلى الكعبة في الصلاة لا أعتبرها إلهاً أعبدها من دون الله، والعياذ بالله،

              وكذلك بقية المسلمين، لايتوجهون إلى الكعبة بالصلاة كإله، بل نتوجه إليها لأن الله تعالى أمرنا بذلك،

              وعبدة الأصنام يتوجهون إلى أصنامهم ـ في عباداتهم ـ متخذين من الأصنام آلهة، يعبدونها من دون الله سبحانه،

              فهم يتوجهون حال العبادة بقلوبهم إلى أصنامهم ونحن نتوجه بقلوبنا حال الصلاة إلى الله تعالى، وعملهم ذاك شرك صريح، ولكن أين هذا من عملنا واتجاهنا نحو الكعبة بالصلاة؟.

              بينهما فرق ما بين الأرض والسماء.


              جواد: فالتشابه ليس سبب الشرك، وإلا كان عملك شركاً لتشابهه مع عمل عبدة الأصنام، وذاك الذي جعل عمل عبدة الأصنام شركاً هو قصدهم عبادة الأصنام لا العمل المجرد.


              وذاك الذي أخرج توجهك إلى الكعبة عن الشرك هو عدم قصدك عبادة الكعبة بهذا التوجه.


              جميل: نعم.


              جواد: ونحن الشيعة، وكذلك بقية المسلمين، لا نقصد بالزيارة عبادة النبي أو عبادة الإمام أو عبادة ذلك الميت الصالح..
              وكون هذه الزيارة تشبه عملاً من أعمال المشركين لو صح ذلك، فإن التشابه لايجعل الزيارة محرمة وشركاً إذا لم يقصد منها العبادة .

              ففي الحديث الشريف: (إنما الأعمال بالنيات)(1).


              فقد يكون عمل واحد شركاً إذا قصد به العبادة لغير الله، وجائزاً إذا لم يقصد منه ذلك.

              فمثلاً: لو صليت في مكان وأمامك صنم منصوب، فإن قصدت بالصلاة العبادة لذلك الصنم صرت مشركاً بهذه الصلاة،
              وإن قصدت بالصلاة العبادة لله تعالى من دون قصد التوجه إلى الصنم بقلبك فصلاتك صحيحة، وجائزة ولا تصير بذلك مشركاً.


              جميل ـ بعد تفكير عميق ـ: صحيح كل ذلك.
              وأسأل الله تعالى أن يبقيك سنداً لنا، إذ أوقفتني على مواضع مهمة أغفلتني العصبية عنها.


              ولكن أريد أن استفيد منك الآن بسؤال.


              جواد: تفضل.


              جميل: عرفتُ أن زيارة القبور ليست محرمة وهي جائزة، ولكن ما السّر في أنكم الشيعة تهتمون بها همة وافرة، وما سبب ذلك ؟.


              جواد: لأنها مستحبة مؤكدة .


              جميل: مستحبة ؟.


              جواد: نعم.. وتأكيد الاستحباب فيها شديد شديد.


              جميل: وهل هناك حديث يدل على استحباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وقبور صالح المؤمنين ؟.


              جواد: نعم.. هناك أحاديث كثيرة، بالإضافة إلى عمل الرسول صلى الله عليه وآله نفسه، وسيرة المسلمين منذ فجر الإسلام حتى اليوم.


              جميل: لطفاً أذكر لي بعض ذلك.


              جواد:

              1: روي في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله زار شهداء أحد(2).


              2:وروى أنه صلى الله عليه وآله حضر لزيارة البقيع(3).


              3: في (سنن النسائي) و(سنن ابن ماجة) و(إحياء العلوم) للغزالي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة)(4).


              4: في نفس الكتاب عن أبي هريرة قال: زار النبي صلى الله عليه وآله قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال: (… فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت)(5).


              5: وباب ما ورد في كيفية زيارة الأموات مليء بالأحاديث في جميع كتب الحديث، كالصحاح والسنن، ومن بين ذلك: أن الزائر متى خرج إلى البقيع ـ أو سائر المقابر ـ يقول:


              (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين…) الخ(6).


              هذه في استحباب زيارة الصلحاء والمؤمنين(7)، والأمر بها والترغيب فيها.


              وأما ما يخص زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وآله فكثير جداً، نذكر منها:


              1: روى (الدارقطنى) و(الغزالي) و(البيهقي) وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (من زارني وجبت له شفاعتي)(8).


              2: وروى أنه صلى الله عليه وآله قال: (من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامة)(9).


              3: عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (من حج ولم يزرني فقد جفاني)(10).


              4: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآلهقال: (من زارني بعد موتي فكأنما زارني حياً)(11).


              5: عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله: (من حج وقصدني في مسجدي كانت له حجتان مبرورتان)(12).


              وهناك أحاديث كثيرة غير هذه تدل على شدة الندب وتأكيد استحباب زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وآله وزيارة قبور الصالحين من المؤمنين.


              أفليس قوله صلى الله عليه وآله: (فقد جفاني) دالاً على شدة استحباب زيارته؟.

              أو ليس قوله صلى الله عليه وآله: (وجبت له شفاعتي) دالاً على كثرة الندب فيها.

              أو ليس قوله صلى الله عليه وآله: (زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة) أمراً بالزيارة،

              والأمر هنا إن لم يدل على الوجوب فلا شك أنه للاستحباب؟.


              جميل: أين ذكرت هذه الأحاديث وفي أي كتاب؟.


              جواد: كتب الحديث مليئة بهذه وأمثالها، أنت راجع واقرأ ترى أحاديث جمة.


              جميل: إنني إلى الآن لم أر، ولم أسمع واحداً من هذه الأحاديث.


              جواد: هل قرأت كتبكم كصحيح البخاري؟ .


              جميل: ليس عندنا منه؟.


              جواد: هل قرأت صحيح مسلم؟.


              جميل: كان عند المرحوم جدي منه، ولكن عمي أخذه عند وفاة جدي.


              جواد: هل قرأت سنن النسائي؟.


              جميل: وما هو؟.


              جواد: كتاب حديث.


              جميل: لا.. لم أره.


              جواد: إذن فما ذا قرأت من الأحاديث في كتبكم؟.


              جميل: عفواً إنني طالب في كلية الطب، ولا أزال أجدّ في الدراسة حتى أنجح في دروسي، ولم تبق لي فرصة أقرأ فيها الأحاديث على شدة علاقتي بالأحاديث.


              جواد: إذا كنت لم تقرأ حديثاً، ولم تنظر حتى في كتبكم فكيف تنبري لتنكر زيارة النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (عليهم الصلاة والسلام) دون معرفة بالأحاديث.

              وهل علمت بأن قولك زيارة القبور شرك لم يكن مستنداً إلى شيء؟.


              جميل: كلما سمعته ـ أنا ـ من والدي وجدي وزملائي.. حول الزيارة ما كان إلا استنكاراً لها، وسباً لمن يزور، ولم أسمع يوماً ما بواحد من هذه الأحاديث التي ذكرتها ونقلتها.


              جواد: يجب على الإنسان أن يفحص عن الحقيقة ليصل إليها ولا يظل عاكفاً على أقوال بيئته، فلعلهم كانوا على خطأ فليدرس هو، وليتتبع هو، وليقرأ هو، حتى يعيش في عقيدته، وأعماله وأقواله كما أراد الله تعالى.


              جميل: الآن آمنت بأن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله مستحب مؤكد مندوب إليها، وكذلك زيارة قبور الأئمة سلام الله عليهم ومقابر المؤمنين والصالحين من عباد الله.


              جواد: لي رجاء منك.

              جميل: تفضل.


              جواد: إنني أؤكد الرجاء منك بأن لا تكون همجاً تتبع كل صيحة تعلو، ولا تخضع لعقائد بيئتك التي أنت فيها إلا بعد معرفتها عن طريق العلم والدراسة، فإنك لو فعلت ذلك نجوت.


              جميل: وهذا أقصده أنا في المستقبل، لأني بعد ما كنت أعتقد أن زيارة القبور شرك علمت عن الطريق الإسلامي أنها مستحبة مؤكدة، عرفت أن المفروض عليّ الفحص عن المواضيع.


              وسوف أباحث بهذا الشأن أبي أولاً، وقبل كل شيء الذي كان هو السبب الوحيد في اعتقادي بهذا الموضوع علني أوفق لهدايته.


              جواد: أشكرك.


              جميل: أنا شاكر لك لما هديتني.

              (1) صحيح البخاري: ج1 ص2 ط دار الفكر بيروت، سنن ابن ماجة: ج2 ص1413 ط دار الفكر بيروت، سنن أبي داود: ج1 ص49 ط دار الفكر بيروت، السنن الكبرى للبيهقي: ج1 ص41 ط دار الفكر بيروت. و...
              (2) في المستدرك على الصحيحين: ج3 ص331 ط دار الكتب العلمية بيروت ح4320: (حدثنا أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالري حدثنا محمد بن المغيرة السكري حدثنا عبد الرحمن بن علقمة المروزي حدثنا العطاف بن خالد المخزومي حدثني عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة عن أبيه أن النبي صلی الله علیه و آله
              زار قبور الشهداء بأحد فقال: اللهم إن عبدك ونبيك يشهد أن هؤلاء شهداء وأنه من زارهم وسلم عليهم إلى يوم القيامة ردوا عليه).
              وجاء في تفسير الطبري: ج13 ص142 ط دار الفكر بيروت: بسنده قال: كان النبي صلی الله علیه و آله
              يأتي قبور الشهداء على رأس كل حول فيقول: السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).
              وفي تفسير ابن كثير: ج2 ص512 ط دار الفكر: (وقد جاء في الحديث أن رسول الله صلی الله علیه و آله
              كان يزور قبور الشهداء في رأس كل حول فيقول لهم: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).
              وفي (الأحاديث المختارة) للحنبلي المقدسي: ج3 ص14 ط مكة المكرمة: (قال لي طلحة خرجنا مع رسول الله صلی الله علیه و آله حتى أشرفنا على حرة واقم قال: فدنونا منها فإذا قبور بمحنية فقلنا: يا رسول الله قبور إخواننا هذه، قال: قبور أصحابنا، ثم خرجنا حتى إذا جئنا قبور الشهداء قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله هذه قبور إخواننا)، وروي عن عثمان يحفظ عنه إلا هذا الحديث عن ربيعة بن أبي عبدالرحمن عن ربيعة بن عبدالله ابن الهدير عن طلحة بن عبيد الله عن النبي صلی الله علیه و آله
              أنه أتى قبور الشهداء).
              وفي سنن البيهقي الكبرى: ج5 ص249 ط مكة المكرمة: (قال لي طلحة بن عبيد الله خرجنا مع رسول الله صلی الله علیه و آله فلما أشرفنا على حرة واقم تدلينا منها فإذا قبور بمحنية، فقلنا يا رسول الله هذه قبور إخواننا، فقال هذه قبور أصحابنا، ثم خرجنا فلما جئنا قبور الشهداء، قال لي رسول الله صلی الله علیه و آله
              هذه قبور إخواننا).
              وفي مصنف عبد الرزاق: ج3 ص573 ط المكتب الإسلامي بيروت ح6716: (عبد الرزاق عن رجل من أهل المدينة عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن إبراهيم التيمي قال: كان النبي صلی الله علیه و آله
              يأتي قبور الشهداء عند رأس الحول فيقول: السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).
              وفي (مختصر المختصر) لأبي المحاسن الحنفي: ج2 ص349 ط عالم الكتب بيروت: (في الأخوة والصحبة، روي عن طلحة قال: كنا مع رسول الله صلی الله علیه و آله في سفر فلما أشرفنا على حرة وأقم إذا نحن بقبور قلنا يا رسول الله هذه قبور إخواننا، قال: هذه قبور أصحابنا، فلما جاء قبور الشهداء قال: هذه قبور إخواننا) ثم قال: (وعن أبي هريرة أن رسول الله صلی الله علیه و آله
              خرج إلى المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وددت أني قد رأيت إخواننا قالوا يا رسول الله لسنا بإخوانك، قال بل أنتم أصحابي، وأخواني الذين يأتون من بعدي وأنا فرطهم على الحوض).
              وفي مسند البزار: ج3 ص169 ط مؤسسة علوم القرآن بيروت: (عن طلحة قال: خرجنا مع رسول الله صلی الله علیه و آله إلى قبور الشهداء فلما نزلنا من حرة واقم رأينا قبورا بمحنية الجبل فقلنا يا رسول الله هؤلاء إخواننا، قال هؤلاء أصحابنا ثم خرجنا حتى جئنا قبور الشهداء، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله
              : هذه قبور إخواننا ودعا لهم) ورواه احمد في مسنده: ج1 ص161 ح1387 ط مؤسسة قرطبة مصر. وروي أيضا في التمهيد لابن عبد البر: ج20 ص245 و246 ط وزارة الأوقاف المغرب.
              (3) انظر صحيح مسلم: ج3 ص 64 ط دار الفكر، وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إن جبرئيل أتاني ... فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم) الحديث، المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: ج1 ص448 ج3 ص56 ط دار المعرفة، كتاب الموطأ للمالك: ج1 ص242 ط دار إحياء التراث العربي، تنوير الحوالك للسيوطي: ص249 ح575، مسند أحمد بن حنبل: ج3 ص488 وج6 ص92 ط دار صادر بيروت، سنن النسائي: ج4 ص93 وج7 ص73 ط دار الكتب العلمية، مجمع الزوائد للهيثمي: ج9 ص24 ط دار الكتب العلمية، المصنف للصنعاني: ج3 ص571 ط المجلس العلمي، مسند ابن راهويه: ج2 ص457 ط مكتبة الإيمان المدينة المنورة، السنن الكبرى للنسائي: ج1 ص656 ج5 ص288 ط دار الكتب العلمية، صحيح ابن حبان: ج16 ص46 ط مؤسسة الرسالة، المعجم الكبير للطبراني: ج22 ص347 ط القاهرة، كنز العمال: ج12 ص262 ح 34598 و34961 ط مؤسسة الرسالة، الطبقات الكبرى لابن سعد: ج2 ص203 ط دار صادر بيروت، تاريخ بغداد: ج8 ص217 ط دار الكتب العلمية، تاريخ دمشق لابن عساكر: ج4 ص299 ط دار الفكر، تهذيب الكمال: ج15 ص467 ط مؤسسة الرسالة، و...
              (4) سنن ابن ماجة: ج1 ص500 ط دار الفكر بيروت، فتح الباري: ج3 ص118 ط دار المعرفة بيروت، المعجم الصغير للطبراني: ج2 ص43 ط دار الكتب العلمية، الجامع الصغير للسيوطي ج2 ص31 ح4572 و4573 ط دار الفكر، كنز العمال: ج15 ص646 ح42551 إلى 42559 ط مؤسسة الرسالة، فيض القدير للمناوي: ج4 ص88 و89 ط دار الكتب العلمية، تفسير ابن كثير: ج1 ص448 ط دار المعرفة، سنن النسائي: ج4 ص89-90 ط دار الفكر. و...
              (5) سنن النسائي: ج4 ص90 ط دار الفكر، سنن ابن ماجة: ج1 ص501 ط دار الفكر، مسند أحمد بن حنبل: ج2 ص441 ط دار صادر، تحفة الأحوذي: ج4 ص136 ط دار الكتب العلمية، المصنف لابن أبي شيبة: ج3 ص223 ط دار الفكر، مسند ابن راهويه: ج1 ص245 ط مكتبة الإيمان المدينة المنورة، السنن الكبرى للنسائي: ج1 ص654 ط دار الكتب العلمية، صحيح ابن حبان: ج7 ص44 ط مؤسسة الرسالة،
              (6) صحيح مسلم: ج3 ص64 و65 ط دار الفكر، السنن الكبرى للبيهقي: ج4 ص79 ط دار الفكر، مسند أحمد بن حنبل: ج5 ص353 وج6 ص221 ط دار صادر، سنن ابن ماجة: ج1 ص494 ط دار الفكر، سنن النسائي: ج4 ص93 و94 ط دار الفكر، مجمع الزوائد للهيثمي: ج3 ص60 وج9 ص299 ط دار الكتب العلمية، فتح الباري: ج11 ص4 ط دار المعرفة، المصنف للصنعاني: ج3 ص576. السنن الكبرى للنسائي: ج1 ص656 ط دار الكتب العلمية، صحيح ابن حبان: ج16 ص46 ط مؤسسة الرسالة، الدعاء للطبراني: ص372 ط دار الكتب العلمية، المعجم الأوسط للطبراني: ج3 ص177 وج6 ص142 ط دار الحرمين، المعجم الكبير: ج2 ص46 ط مكتبة ابن تيمية القاهرة، كنز العمال: ج13 ص301 ح36866 ط مؤسسة الرسالة، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: ج10 ص310 ط دار الفكر، سير أعلام النبلاء: ج18 ص434 ط مؤسسة الرسالة بيروت، و...
              (7) وهناك روايات في زيارة قبر الوالدين أيضا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (من زار قبر والديه أو أحدهما يوم الجمعة فقرأ عنده يس غفر له) وقال صلى الله عليه وآله: (من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة مرة غفر الله له وكتب برّا)، الجامع الصغير: ج2 ص605-606 ح8717 و8718.
              (8) الجامع الصغير للسيوطي: ج2 ص605 ح8715 ط دار الفكر، وانظر أيضاً السنن الكبرى للبيهقي: ج5 ص245 ط دار الفكر، وفيه (من زار قبري كنت له شفيعاً)، سنن أبي داود: ص13 دار الحديث، المصنف للصنعاني: ج9 ص267 ط المجلس العلمي وفيه: (من زارني كان في جواري).
              (9) الجامع الصغير: ج2 ص605 ح8716 ط دار الفكر بيروت.
              (10) كنز العمال: ج5 ص135 ح12369 ط مؤسسة الرسالة، كشف الخفاء: ج2 ص244 ط دار الكتب العلمية، الكشف الحثيث لسبط بن العجمي: ص267 ط مكتبة النهضة العربية.
              (11) انظر كنز العمال: ج5 ص135 ح12372 ط مؤسسة الرسالة، كشف الخفاء للعجلوني: ج 2 ص251 ط دار الكتب العلمية، الدر المنثور: ج1 ص237 ط دار المعرفة، ميزان الاعتدال: ج3 ص348 وج4 ص285 ط دار المعرفة.
              (12) كنز العمال: ج5 ص135 ح12370 ط مؤسسة الرسالة، ميزان الاعتدال: ج3 ص310 ح6554 ط دار المعرفة.



              تعليق


              • #8
                متعة النساء


                نعمان: كيف تبيحون ـ أنتم الشيعة ـ متعة النساء أي: النكاح المنقطع، وقد أجمع جميع المسلمين على حرمتها ؟.


                رضا: لقول عمر بن الخطاب: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أحلّها وجوّزها.


                نعمان: وما هو ؟.


                رضا: روى الجاحظ(1)، والقرطبي(2)، والسرخسي الحنفي(3)، والفخر الرازي(4)، وكثير غيرهم من أعلام السنة أن عمر قال في خطبته:

                (متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أنهى عنهما، وأعاقب عليهما: متعة الحج، ومتعة النساء)(5).


                وفي تاريخ ابن خلكان أن عمر قال: (متعتان كانتا على عهد رسول صلى الله عليه وآله وعلى عهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما)(6).


                فماذا تقول يا نعمان؟ هل يصدق عمر في أن المتعتين كانتا محللتين في عهد النبي صلى الله عليه وآله أم يكذب ؟.


                نعمان: يصدق طبعاً.


                رضا: إذن فهل لنا مبرر لو تركنا قول النبي صلى الله عليه وآله وأخذنا بقول عمر؟.


                نعمان: المبرر نهي عمر بن الخطاب.


                رضا: إذن فما معنى (حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة)(7) المتفق عليه بين علماء المسلمين قاطبة من دون استثناء؟.


                نعمان ـ بعد ترو عميق طويل ـ: صحيح ما تقول، ولكن كيف نهى عنهما؟ وعلى أي شيء استند في هذا التحريم؟ ذلك الذي تحريت فيه.


                رضا: كان ذلك اجتهاداً شخصيا من عمر، وكل اجتهاد عارضه نص فذلك الاجتهاد لا يُقبل به.


                نعمان: وإن كان الاجتهاد من مثل عمر بن الخطاب؟.


                رضا: وإن كان من أكبر منه، افترى قول الله تعالى، وقول رسوله العظيم صلى الله عليه وآله أحق بالاتباع، أم قول عمر بن الخطاب؟.


                نعمان: وهل في القرآن الكريم آية في المتعة وحليتها؟.


                رضا: نعم، تلك قول الله سبحانه: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة)(8).


                وقد أخرج العلامة الأميني في (الغدير) المصادر الكثيرة من كتب السنة كمسند ابن حنبل إمام الحنابلة، وغيره في أن الآية نزلت في متعة النساء، وأن الآية أول مستند لحليتها(9).


                نعمان: لم أكن أعلم بذلك من ذي قبل.


                رضا: راجع (الغدير) تجد فوق ما وصفت أنا، وأكثر مما قلته لك.

                فهل يترك حلال الله ورسوله ليؤخذ بنهي عمر وتحريمه؟.

                ثم، أنا من أمة مَن؟، أمة النبي صلى الله عليه وآله أم أمة عمر؟.


                نعمان: طبعاً من أمة الرسول صلى الله عليه وآله، وعمر إنما فضله بأنه من أمة رسول الله صلى الله عليه وآله.


                رضا: إذن فما توقفك في الأخذ بقول الرسول صلى الله عليه وآله؟.

                نعمان: اتفاق المسلمين على حرمة المتعة هو الذي أحرج موقفي منها.


                رضا: ليس اتفاق بين المسلمين في ذلك أبداً.


                نعمان: وكيف؟.


                رضا: أنت يا نعمان تعترف بأن الشيعة تبيح متعة النساء والشيعة يشكلون (أكثر من)ثلث المسلمين، فأي اتفاق هذا الذي خرج عنه نحو مائتي مليون مسلم وهم الشيعة(10)؟.


                ثم: إن الأئمة المعصومين (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ـ أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله ـ الذين شبههم النبي صلى الله عليه وآله بسفينة نوح، التي من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق وهوى(11)، وقال صلى الله عليه وآله فيهم:


                (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)(12).


                هؤلاء الذين من تبعهم وحذا حذوهم كان من الناجين والواصلين إلى الحق،
                ومن تبع غيرهم وأدبر عنهم كان من الضالين التائهين..
                هؤلاء كانوا يجيزون متعة النساء، ويرون أنها غير منسوخة، حتى عرفوا بذلك، وأخذت الشيعة عنهم ذلك.


                وقد صح عن الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه أنه قال: (لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي)(13).


                يعني: أن نهي عمر عن المتعة كان سبباً لأن لا يتعرف الناس على المتعة والنكاح المنقطع، وليس كل يقدر على النكاح الدائم، فيزني الناس من جراء تحريم المتعة.

                فأين اتفاق المسلمين، وهؤلاء أئمة المسلمين مصرون على إباحة المتعة وجوازها؟ مع أن كثيراً من الصحابة والتابعين والمسلمين ردوا على عمر تحريمه للمتعة، مستدلين بالقرآن الكريم وتجويز رسول الله صلى الله عليه وآله،

                وإليك بعضاً منهم وبعض أقوالهم:


                1: عمران بن الحصين.
                قال: (نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى، لم تنـزل آية بعدها بنسخها، فأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله وتمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ومات ولم ينهنا عنها ثم قال رجل بعد برأيه ما شاء)(14).



                2: جابر بن عبد الله الأنصاري. قال: (تمتعنا إلى نصف من خلافة عمر حتى نهى عمر الناس عنها في شأن عمرو بن حريث)(15).


                3: عبد الله بن مسعود.
                وقد عدّه ابن حزم في (المحلى) والزرقاني في (شرح الموطأ) ممن ثبت على إباحة متعة النساء.


                وأخرج الحفاظ عنه أنه قال: (كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وليس لنا نساء،

                فقلنا: يا رسول الله ألا نستخصي ؟ فنهانا عن ذلك، ورخص لنا أن ننكح بالثوب إلى أجل، ثم قال:

                (لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم)(16).


                4: عبد الله بن عمر.
                روى أحمد بن حنبل ـ إمام الحنابلة ـ بإسناده عن عبد الرحمن ابن نعم الأعرجي قال: سأل رجل ابن عمر عن المتعة ـ وأنا عنده ـ متعة النساء؟ فقال: (والله ما كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله زانين ولا مسافحين)(17).



                5: أبو سعيد الخدري.


                6: سلمة بن أمية بن خلف.
                روى عنهما ابن حزم في (المحلى) والزرقاني في (شرح الموطأ) أنهما كانا يبيحان المتعة بالنساء، والنكاح المنقطع.



                7: معبد بن أمية بن خلف.
                ذكر ابن حزم في (المحلى) أنه كان يبيح النكاح المنقطع .



                8: الزبير بن العوام.
                قال الراغب: عير عبد الله بن الزبير عبد الله بن عباس بتحليله المتعة فقال له: سل أمك كيف سطعت المجامر بينها وبين أبيك؟.

                فسألها، فقالت: ما ولدتك إلا في المتعة(18).

                وإن ذلك لدليل ثابت على تجويز الزبير متعة النساء.


                9: خالد بن مهاجر بن خالد المخزومي.
                قال: بينا هو جالس عند رجل، جاءه رجل فاستفتاه في المتعة، فأمره بها.

                فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري: مهلا.

                قال: ما هي والله لقد فعلت في عهد إمام المتقين(19).


                10: عمرو بن حريث.
                أخرج الحافظ عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريح قال: أخبرني أبو الزبير عن جابر، قال: (قدم عمرو بن حريث الكوفة فاستمتع بمولاة فأتى بها عمرو وهي حبلى، فسأله فأعترف. قال: فذلك حين نهى عنها عمر)(20).
                وهناك غير هؤلاء كثيرون ممن أبدوا استنكارهم على فتوى عمر هذه، واجتهاده في مقابل القرآن والسنة مثل:


                أبيّ بن كعب.


                وربيعة بن أمية.


                وسمير ـ أو سمرة ـ بن جندب.


                وسعيد بن جبير.


                وطاووس اليماني.


                وعطاء أبو محمد المدني.


                والسدي.


                ومجاهد.


                وزفر بن أوس المدني.


                وغيرهم(21).. من كبار الصحابة، والتابعين وعظماء المسلمين نترك ذكرهم بغية الاختصار وعدم التطويل.


                فيا (نعمان) أسألك:

                هل بعد هذا كله تقول: اتفاق بين المسلمين على حرمة المتعة؟.


                نعمان: عفواً.. وعذراً.

                إنني كنت سامعاً بما قلت لك من دون أن أتحقق من صحتها وفسادها، والآن ظهر لي أن الواجب يحتم عليّ أن أبحث عن الأمور لأصل إلى حقيقتها وواقعها المعرى عن التعصب المذهبي.


                رضا: وهل آمنت بأن متعة النساء جائزة ومباحة؟.


                نعمان: ذلك مما أيقنت به، وأعتقد أن الذين حرموا ذلك إنما حرموها إتباعاً لميولهم وشهواتهم، وإلا فالقرآن حاكم بجواز نكاح المتعة وحليته من دون أن يعقبه نسخ.

                وليس لعمر، ولا لأعظم من عمر أن يبدل ويغير أحكام الله ولايكاد ينقضي تعجبي من عمر، أنه كيف أفتى بهذه الفتوى حيث لا أرى أي مبرر لهذه الفتوى.

                وإنك لتزيد علي منة لو ذكرت لي بعض الكتب التي تناول هذه المواضيع بالنقاش العلمي، والبحث النزيه، فتكون قد أسديت إليّ يداً لا تنسى.


                رضا: نعم، أذكر لك ذلك، فسجل أسماء الكتب وخذها من المكتبات، واقرأها بإمعان وعمق، ولا تدع التعصب يغلب عليك حال القراءة.


                نعمان: بلى، أفعل ذلك.


                رضا: (الغدير) للعلامة الأميني.


                (النص والاجتهاد) للإمام شرف الدين.


                (المتعة) للأستاذ توفيق الفكيكي.


                (الفصول المهمة) للإمام شرف الدين.


                هذه بعض تلك الكتب (22).


                نعمان: أشكرك كثيراً، وأسأل الله تعالى لك كل خير.


                رضا: وهنا إيراد آخر على السنة الذين أخذوا يقول عمر في مسألة متعة النساء.
                نعمان: ما هو ؟.


                رضا: إن عمر، نهى عن (متعة النساء) وعن (متعة الحج) فما السبب في أن السنة يجوزون (متعة الحج) ولا يجوزون (متعة النساء).


                فإن كان قول عمر صحيحاً.. كان اللازم حرمة كلتا المتعتين.
                وإن كان قول عمر باطلاً .. كان اللازم حلية كلتا المتعتين.


                نعمان: وهل السنة يقولون بصحة (متعة الحج).


                رضا: يقولون، فراجع الكتب حتى تعرف.


                نعمان: أشكرك جداً.


                ***


                سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب

                العالمين(23).


                صادق الحسيني الشيرازي


                (1) البيان والتبيين: ج2 ص223.
                (2) تفسير القرطبي: ج2 ص392 ط مؤسسة التاريخ العربي.
                (3) المبسوط في باب القرآن من كتاب الحج.
                (4) التفسير الكبير: ج2 ص167 وج3 ص201-202.
                (5) انظر مسند أحمد بن حنبل: ج1 ص52 ط دار صادر بيروت، شرح معاني الآثار لابن سلمة الأزدي: ج2 ص144 ط دار الكتب العلمية، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج1 ص182 وج12 ص251 ط دار إحياء الكتب العربية، كنز العمال: ج16 ص519 ح45715 ط مؤسسة الرسالة، أحكام القرآن للجصاص: ج1 ص338 وج2 ص191 وج3 ص312 ط دار الكتب العلمية، الفصول في الأصول للجصاص: ج3 ص205، أصول السرخسي: ج2 ص6 ط دار الكتب العلمية، علل الدارقطني: ج2 ص156 ط دار طيبة الرياض، تاريخ بغداد: ج14 ص202 ط دار الكتب العلمية، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: ج64 ص71 ط دار الفكر، تذكرة الحفاظ: ج1 ص366 ط مكتبة الحرم المكي.
                (6) تاريخ ابن خلكان: ج2 ص359.
                وانظر أيضا ما رواه المتقي الهندي عن جابر (أنه سئل عن متعة النساء؟ فقال: استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأبي بكر وعمر، ثم نهى عنها عمر) كنز العمال: ج16 ص523 ح 45730 ط مؤسسة الرسالة. وعن جابر أيضا قال: (كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق على عهد النبي صلى الله عليه وآله وأبي بكر حتى نهى عمر الناس، وكنا نعتد من المستمتع منهن بحيضة). كنز العمال: ج16 ص523 ح45732.
                (7) انظر المختصر النافع: ص18 ط دار التقريب القاهرة.
                (8) سورة النساء: 24.
                (9) انظر الغدير: ج6 ص229-236، وانظر أيضاً فتح القدير للشوكاني: ج1 ص455 ط عالم الكتب،
                (10) هذه الإحصاءات قديمة، واليوم نفوس الشيعة أكثر من خمسمائة مليون.
                (11) راجع المستدرك على الصحيحين: ج2 ص373 وج3 ص163 ط دار الكتب العلمية بيروت. ومجمع الزوائد: ج9 ص168، وكفاية الطالب: ص378 ط الحيدرية، والمعجم الصغير: ج2 ص22، ورشفة الصادي: ص79، وحلية الأولياء: ج4 ص306، والجامع الصغير: ج2 ص132، ونور الأبصار: ص104 ط الميمنية، والمناقب للمغازلي: ص132 ح174 ـ 177. وعيون الأخبار لابن قتيبة: ج1 ص211، والفتح الكبير: ج1 ص414 وج2 ص113، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج1 ص73 ط مصر.
                (12) حديث الثقلين من الأحاديث الصحيحة والمتواترة عند الفريقين، وقد رويت بألفاظ عديدة ولها معنى واحد وهو أنه ترك لأمته القرآن وأهل بيته وأمر بالتمسك بهما، انظر: صحيح الترمذي: ج5 ص328 ح3874 و ح3876 ط دار الفكر بيروت، وج13 ص199 و200 ط مكتبة الصاوي مصر، وج2 ص308 ط بولاق مصر. مسند أحمد: ج3 ص17 و26 و59 ، وج4 ص366 و371، وج5 ص181 ط الميمنية بمصر. وصحيح مسلم، كتاب الفضائل باب فضائل علي بن أبي طالب: ج2 ص362 ط عيسى الحلبي، وج7 ص122 ط صبيح، وج15 ص179 ط مصر بشرح النووي. ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص231 و232 ط مطبعة القضاء النجف. وينابيع المودة للقندوزي الحنفي: ص29 و30 و31 و36 و38 و41 و183 و191 و296 و370 ط اسلامبول. وتفسير ابن كثير: ج4 ص113 ط دار إحياء الكتب العربية مصر. ومصبابيح السنة للبغوي: ص203 و206 ط القاهرة. وج2 ص278 ط صبيح، وجامع الأصول لابن الأثير: ج1 ص187 ح65 و66 ط مصر. والمعجم الكبير للطبراني: ص137. ومشكاة المصابيح: ج3 ص255 و258 ط دمشق. وإحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف: ص111 و114 و116 ط الحلبي. والفتح الكبير للنبهاني: ج1 ص252 و451 و 503 وج3 ص385 ط دار الكتب العربية بمصر. والشرف المؤبد للنبهاني: ص18 ط مصر. وأرجح المطالب: ص236 أو 336 ط لاهور. ورفع اللبس والشبهات للإدريسي: ص11 و15 ط مصر. والسيف اليماني المسلول: ص10 ط الترقي بدمشق. والدر المنثور للسيوطي: ج2 ص60، وج6 ص7 و306. وذخائر العقبى ص16. والصواعق المحرقة: ص147 و226 ط المحمدية، وص 89 ط الميمنية مصر. المعجم الصغير للطبراني: ج1 ص135. أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير الشافعي: ج2 ص12. وتفسير الخازن: ج1 ص4. علم الكتاب للسيد خواجة الحنفي: ص264 ط دهلي. منتخب تاريخ ابن عساكر: ج5 ص436 ط دمشق. مشكاة المصابيح للعمري: ج3 ص258. وتيسير الوصول لابن البديع: ج1 ص16 ط نور كشور. والتاج الجامع للأصول: ج3 ص308 ط القاهرة. مجمع الزوائد للهيثمي: ج9 ص162 و163. الجامع الصغير للسيوطي: ج1 ص353 ط مصر. وأرجح المطالب للآمرتسري الحنفي: ص335 ط لاهور. ومناقب علي بن أبي طالب عليه السلام لابن المغازلي الشافعي ص234 ح281 وص235 ح283 ط طهران. والمناقب للخوارزمي الحنفي: ص223. وفرائد السمطين للحمويني الشافعي: ج2 ص143 ب33. وإسعاف الراغبين للصبان الشافعي بهامش نور الأبصار: ص108 ط السعيدية، السيرة النبوية لزين دحلان المطبوع بهامش السيرة الحلبية: ج3 ص330 و331 ط البهية مصر. الطبقات الكبرى لابن سعد: ج2 ص194 دار صادر بيروت. المواهب اللدنية: ج7 ص7 ط مصر. راموز الأحاديث للشيخ احمد الحنفي: ص144 ط آستانة. الأنوار المحمدية للنهباني: ص435 ط الأدبية لبنان. فرائد السمطين: ج2 ص272 ح538. وتاريخ دمشق لابن عساكر: ج2 ص36 ح534 و545. وأنساب الأشراف للبلاذري: ج2 ص110. وحلية الأولياء: ج1 ص355. وكنـز العمال: ج1 ص158 ح899 و943-947 و950-953 و958 و1651 و1658 و1668. وكفاية الطالب للكنجي الشافعي: ص53 ط الحيدرية، و…
                أما الحديث في مصادر الشيعة فأكثر من ذلك، راجع مثلاً: عيون أخبار الرضا علیه السلام : ج2 ص62 ح259 ب31 وفيه: (قال النبي: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض). ومستدرك الوسائل: ج11 ص374 ب49 ح13294.
                (13) انظر كنز العمال: ج16 ص522-523 ح45728 ط مؤسسة الرسالة بيروت.
                كما روي ذلك عن ابن عباس أيضاً حيث قال: (ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها هذه الأمة ولولا نهي عمر بن الخطاب عنها ما زنى إلا شقي) شرح معاني الآثار: ج3 ص26 ط دار الكتب العلمية، تفسير القرطبي: ج5 ص130 ط مؤسسة التاريخ العربي، بيروت.
                (14) مسند أحمد بن حنبل: ج4 ص436 ط دار صادر بيروت، صحيح البخاري: ج5 ص158 ط دار الفكر بيروت، صحيح مسلم: ج4 ص48 ط دار الفكر، السنن الكبرى للبيهقي: ج5 ص19 ط دار الفكر، السنن الكبرى للنسائي: ج6 ص300 ط دار الكتب العلمية، المعجم الكبير للطبراني: ج18 ص136 ط مكتبة ابن تيمية القاهرة، تفسير القرطبي: ج2 ص388 ط مؤسسة التاريخ العربي، تفسير ابن كثير: ج1 ص240 ط دار المعرفة بيروت، الدر المنثور: ج1 ص216 ط دار المعرفة،
                (15) انظر فتح الباري: ج9 ص141 ط دار إحياء التراث العري، وراجع أيضا مسند أحمد: ج3 ص225 ط دار صادر وفيه عن جابر قال: (متعتان كانتا على عهد النبي صلى الله عليه وآله فنهانا عنهما عمر فانتهينا). ومسند أحمد: ج5 ص229، وراجع أيضاً شرح معاني الآثار لابن سلمة الأزدي: ج2 ص144 ط دار الكتب العلمية، كنز العمال: ج16 ص519 ح45719 و45720 وص 521 ح45724 ط مؤسسة الرسالة، ميزان الاعتدال: ج3 ص552 ط دار المعرفة،
                (16) انظر المصنف لابن أبي شيبة: ج3 ص391 ط دار الفكر، السنن الكبرى للنسائي: ج6 ص337 ط دار الكتب العلمية بيروت، مسند أبي يعلى: ج9 ص260 ط دار المأمون للتراث، صحيح ابن حبان: ج9 ص449 ط مؤسسة الرسالة، نصب الراية: ج3 ص337 ط دار الحديث القاهرة، أحكام القرآن للجصاص: ج2 ص190 ط دار الكتب العلمية بيروت، تفسير القرطبي: ج5 ص130 مؤسسة التاريخ العربي، تفسير ابن كثير: ج2 ص90 ط دار المعرفة بيروت، تاريخ دمشق لابن عساكر: ج52 ص328 ط دار الفكر،
                (17) مسند أحمد بن حنبل: ج2 ص95 ط دار صادر بيروت، مجمع الزوائد للهيثمي: ج7 ص333 ط دار الكتب العلمية بيروت، مسند أبي يعلى: ج10 ص69 ط دار المأمون للتراث،
                (18) محاضرات الأدباء: ج2 ص94.
                (19) صحيح مسلم: ج4 ص134 ط دار الفكر بيروت، السنن الكبرى للبيهقي: ج7 ص205 ط دار الفكر، نصب الراية: ج3 ص333 ط دار الحديث القاهرة. تهذيب الكمال للمزي: ج8 ص176 ط مؤسسة الرسالة.
                (20) فتح الباري: ج9 ص141 ط دار إحياء التراث العربي.
                (21) مثل ابن عباس، حيث ورد في كنز العمال: ج16 ص521 ح45725 ط مؤسسة الرسالة، عن أبي النضرة قال: كان ابن عباس يأمر بالمتعة.
                ومثل الرجل الشامي كما رواه المتقي الهندي في كنز العمال: ج16 ص522 ح45726 ط مؤسسة الرسالة: (عن سليمان بن يسار عن أم عبد الله ابنة أبي خيثمة أن رجلاً قدم من الشام فنزل عليها، فقال: إن العزبة قد اشتدت علي فابغيني امرأة أتمتع معها، قالت: فدللته على امرأة فشارطها فأشهدوا على ذلك عدولاً، فمكث معها ما شاء الله أن يمكث، ثم إنه خرج، فأخبر عن ذلك عمر ابن الخطاب فأرسل إليّ فسألني: أحق ما حدثت؟ قلت: نعم، قال: فإذا قدم فآذنيني به، فلما قدم أخبرته، فأرسل إليه فقال: ما حملك على الذي فعلته؟ قال: فعلته مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثم لم ينهنا عنه حتى قبضه الله، ثم مع أبي بكر فلم ينهنا عنه حتى قبضه الله، ثم معك فلم تحدث لنا فيه نهيا، فقال عمر: أما والذي نفسي بيده، لو كنت تقدمت في نهي لرجمتك، بينوا حتى يعرف النكاح من السفاح).
                وفي كتاب ناسخ الحديث ومنسوخه: ص353 ط مكتبة المنار، عن أبي هريرة قال: تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة من النساء.
                وفي كتاب إصلاح غلط المحدثين: ص120 ط دار المأمون للتراث دمشق، عن سعد بن أبي وقاص حين قيل له: إن فلاناً ينهى عن المتعة، قال: تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وفلان كافر بالعرش.
                وفي كتاب معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري: ص123 ط دار الآفاق الجديدة، عن عبد الله بن شقيق قال: كان عثمان ينهى عن المتعة، وكان علي سلام الله عليه يأمر بها، فقال عثمان لعلي كلمة ثم قال علي: لقد علمت أنا قد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: أجل ولكن كنا خائفين. وفي كتاب الفايق في غريب الحديث للزمخشري: ج2 ص352 ط دار الكتب العلمية: سعد عنه قيل له إن فلانا ينهى عن المتعة، فقال: قد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وفلان كافر بالعرش.
                (22) ولتميم الفائدة ننقل هنا نص ما ورد في هامش كتاب (الشيعة والتشيع) للمرجع الديني الراحل السيد محمد الشيرازي قدس سره الشریف ص70 تحت عنوان (نكاح المتعة):
                في تفسير الطبري: ج2 ص388 ط دار الشعب القاهرة: ما نصه: مسلم عن عمران بن حصين قال: (نزلت آية المتعة في كتاب الله يعني متعة الحج وأمرنا بها رسول الله صلي الله عليه و آله ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله صلي الله عليه و آله حتى مات، قال رجل برأيه بعد ما شاء)، ثم قال الطبري: (وروى الترمذي: حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الله ابن الحارث بن نوفل أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك ابن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال الضحاك بن قيس: لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله تعالى، فقال سعد: بئس ما قلت يا بن أخي، فقال الضحاك: فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك، فقال سعد: قد صنعها رسول الله صلي الله عليه و آله وصنعناها معه) هذا حديث صحيح، وروى ابن اسحاق عن الزهري عن سالم قال: إني لجالس مع ابن عمر في المسجد إذ جاءه رجل من أهل الشام فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال ابن عمر: حسن جميل، قال: فإن أباك كان ينهى عنها، فقال: ويلك فإن كان أبي نهى عنها وقد فعله رسول الله صلي الله عليه و آله وأمر به أفبقول أبي آخذ أم بأمر رسول الله صلي الله عليه و آله قم عني أخرجه الدارقطني، وأخرجه أبو عيسى الترمذي من حديث صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن سالم.
                وفي صحيح مسلم: ج2 ص900 ط دار إحياء التراث العربي بيروت: (وحدثنا محمد بن المثنى حدثني عبد الصمد حدثنا همام حدثنا قتادة عن مطرف عن عمران بن حصين قال: تمتعنا مع رسول الله صلي الله عليه و آله ولم ينزل فيه القرآن قال رجل برأيه ما شاء) وقال: (حدثنيه حجاج بن الشاعر حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد حدثنا إسماعيل بن مسلم حدثني محمد بن واسع عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عمران بن حصين بهذا الحديث قال: تمتع نبي الله صلي الله عليه و آله وتمتعنا معه) وقال: (حدثنا حامد بن عمر البكراوي ومحمد بن أبي بكر المقدمي قالا: حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عمران بن مسلم عن أبي رجاء قال: قال عمران بن حصين: نزلت آية المتعة في كتاب الله يعني متعة الحج وأمرنا بها رسول الله صلي الله عليه و آله ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله صلي الله عليه و آله حتى مات قال رجل برأيه بعد ما شاء) وقال: (وحدثنيه محمد بن حاتم حدثنا يحيى بن سعيد عن عمران القصير حدثنا أبو رجاء عن عمران بن حصين بمثله غير أنه قال وفعلناها مع رسول الله صلي الله عليه و آله ولم يقل وأمرنا بها).
                وفي السنن الكبرى للنسائي: ج6 ص300 ح 11032 ط دار الكتب العلمية: (حدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا بشر عن عمران بن مسلم عن أبي رجاء عن عمران قال: نزلت آية المتعة ـ يعني متعة الحج ـ في كتاب الله وأمر بها رسول الله صلي الله عليه و آله لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله صلي الله عليه و آله حتى مات قال رجل برأيه ما شاء قوله تعالى وتزودوا فإن خير الزاد التقوى).
                وفي المعجم الكبير للطبراني: ج18 ص135 ح283 ط مكتبة العلوم والحكم بالموصل: (حدثنا معاذ بن المثنى حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عمران بن مسلم عن أبي رجاء قال: قال عمران بن حصين: نزلت آية المتعة في كتاب الله يعني متعة الحج فأمر بها رسول الله صلي الله عليه و آله ولم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج ولم ينه رسول الله صلي الله عليه و آله عنها حتى مات قال رجل برأيه ما شاء).
                وفي صحيح البخاري: ج2 ص569 ح1494 ط دار ابن كثير بيروت. قال: (حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حجاج بن محمد الأعور عن شعبة عن عمرو بن مرة عن سعيد بن المسيب قال: اختلف علي وعثمان وهما بعسفان في المتعة فقال علي: ما تريد إلا أن تنهى عن أمر فعله النبي صلي الله عليه و آله فلما رأى ذلك علي أهل بهما جميعا) وفي الحديث 1496 قال: (حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا همام عن قتادة قال حدثني مطرف عن عمران قال: تمتعنا على عهد رسول الله صلي الله عليه و آله فنزل القرآن قال رجل برأيه ما شاء). إلى غير ذلك مما لا يسعه المقام.
                (23) سورة الصافات: 180-182.

                تعليق

                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                حفظ-تلقائي
                x

                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                صورة التسجيل تحديث الصورة

                اقرأ في منتديات يا حسين

                تقليص

                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
                استجابة 1
                10 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                بواسطة ibrahim aly awaly
                 
                أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
                ردود 2
                12 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                بواسطة ibrahim aly awaly
                 
                يعمل...
                X