السيدفضلُ الله... صاحب الفكر المستنير العقلاني المنفتح على قضايا العصر المتعايش مع التيارات المختلفة
كتبت "لميس ضيف" في صحيفة "الوقت" البحرينية عن العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، صاحب الفكر المستنير العقلاني المنفتح على قضايا العصر المتعايش مع التيارات المختلفة
مجتمعنا العربي مجتمع متدين بامتياز؛ حتى من لا يعرف اتجاه القبلة في بيته؛ حتى الزنديق العربيد؛ حتى المحتال الأفّاك، ستجد فيه نفحة من تدين، ولو في نمط تفكيره ومنطق لسانه على الأقل!!
ليس عيباً، بل هو واقع وميزة لو كان الناس يأخذون الدين بصيغته الحق المتوازنة. ولكن العلة تتجسد في انشطار ديننا على نفسه بين تيارين متنازعين: أولهما، تقليدي نقلي متشدد عنيف؛ متصارع مع العصر، ومنشغل بمماحكة الأفكار والاتجاهات غير المتسقة معه؛ وإلغائها...
وثانيهما، عقلاني مستنير، متصل بالعصر، متسامح، متعايش مع التيارات المختلفة على تشعبها.
التيار الأول ـ للأسف ـ هو المهيمن على الأرض، وهو المسيِّر لفكر العامة. وهو على ضيقه، يظفر بمدد الشارع لكونه يحاكي في الناس نزعاتهم الغرائزية العصبية. أما التيار الإسلامي المعتدل، فعادةً ما يسقط في أي رهان، لذا، فإنه يأفل رويداً وتتآكل صفوفه تباعاً.
وسط هذه الأجواء المتوترة، يطل علينا مرجع جليل كالسيد فضل الله بفكره المعتدل، ليعيد إلينا الثقة بأنفسنا وبعلمائنا. يقول في لقائه مع العربية، "إن مساحة ما يلتقي عليه السنة والشيعة فقهياً يفوق الثمانين في المئة"، ويشدد على تحريم الإساءة إلى الصحابة مطلقاً وبأي شكل، ويطمئن بأن "الشيعة العرب ليس لهم مشروع خاص في المنطقة"، وأنهم "ليسوا تابعين لإيران، وهم مخلصون لأوطانهم"، ويبرئ المذهب من المؤاخذات عليه، فيعلن بأن "الغلو في علي واعتقاد ألوهيته أو ما يقرب من الألوهية، كفر"، وأن "شد الرحال إلى المراقد لم يرد فيه نص من آل البيت، بل هي حالات ولائية عاطفية" معرجاً على تحريم إدماء الرأس، مؤكداً "أنها خطيئة ومعصية".
السيد فضل الله، والقلة المندثرة من العلماء المنفتحين مثله من المذهبين، لا يمتصون وجل المرتابين والمتوجسين من الضفة الأخرى فحسب، بل ويهدئون هواجس المشككين المتنورين من أبناء المذهب، ويعيدون إليهم ثقتهم بحقيقة مذاهبهم وزيف ما يعتريها.
ولو نحن فككنا عوامل تنور السيد فضل الله ـ عن سواه- لوجدنا انفتاحه على العالم هو السبب؛ فقد جاب العالم وشارك في المؤتمرات واللقاءات العامة، وتعرف على الأفكار والملل والنحل... حتى في نشأته المبكرة لم يكتف بالعلوم الدينية، بل درس الفلسفة والأدب، إيماناً منه بأن الاجتهاد يحتاج إلى ثقافة أدبية وذوق صافٍ وسليم. كان يقرأ مجلة "المصور" ومجلة "الرسالة" التي كان يصدرها حسن الزيّات، ومجلة "الكاتب" التي كان يصدرها طه حسين، وتواصل مع الهموم الثقافية التي انشغلت بها المجلات المصرية واللبنانية والصحف العراقية آنذاك...
------------المصدر:منقول _لميس ضيف
كتبت "لميس ضيف" في صحيفة "الوقت" البحرينية عن العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، صاحب الفكر المستنير العقلاني المنفتح على قضايا العصر المتعايش مع التيارات المختلفة
مجتمعنا العربي مجتمع متدين بامتياز؛ حتى من لا يعرف اتجاه القبلة في بيته؛ حتى الزنديق العربيد؛ حتى المحتال الأفّاك، ستجد فيه نفحة من تدين، ولو في نمط تفكيره ومنطق لسانه على الأقل!!
ليس عيباً، بل هو واقع وميزة لو كان الناس يأخذون الدين بصيغته الحق المتوازنة. ولكن العلة تتجسد في انشطار ديننا على نفسه بين تيارين متنازعين: أولهما، تقليدي نقلي متشدد عنيف؛ متصارع مع العصر، ومنشغل بمماحكة الأفكار والاتجاهات غير المتسقة معه؛ وإلغائها...
وثانيهما، عقلاني مستنير، متصل بالعصر، متسامح، متعايش مع التيارات المختلفة على تشعبها.
التيار الأول ـ للأسف ـ هو المهيمن على الأرض، وهو المسيِّر لفكر العامة. وهو على ضيقه، يظفر بمدد الشارع لكونه يحاكي في الناس نزعاتهم الغرائزية العصبية. أما التيار الإسلامي المعتدل، فعادةً ما يسقط في أي رهان، لذا، فإنه يأفل رويداً وتتآكل صفوفه تباعاً.
وسط هذه الأجواء المتوترة، يطل علينا مرجع جليل كالسيد فضل الله بفكره المعتدل، ليعيد إلينا الثقة بأنفسنا وبعلمائنا. يقول في لقائه مع العربية، "إن مساحة ما يلتقي عليه السنة والشيعة فقهياً يفوق الثمانين في المئة"، ويشدد على تحريم الإساءة إلى الصحابة مطلقاً وبأي شكل، ويطمئن بأن "الشيعة العرب ليس لهم مشروع خاص في المنطقة"، وأنهم "ليسوا تابعين لإيران، وهم مخلصون لأوطانهم"، ويبرئ المذهب من المؤاخذات عليه، فيعلن بأن "الغلو في علي واعتقاد ألوهيته أو ما يقرب من الألوهية، كفر"، وأن "شد الرحال إلى المراقد لم يرد فيه نص من آل البيت، بل هي حالات ولائية عاطفية" معرجاً على تحريم إدماء الرأس، مؤكداً "أنها خطيئة ومعصية".
السيد فضل الله، والقلة المندثرة من العلماء المنفتحين مثله من المذهبين، لا يمتصون وجل المرتابين والمتوجسين من الضفة الأخرى فحسب، بل ويهدئون هواجس المشككين المتنورين من أبناء المذهب، ويعيدون إليهم ثقتهم بحقيقة مذاهبهم وزيف ما يعتريها.
ولو نحن فككنا عوامل تنور السيد فضل الله ـ عن سواه- لوجدنا انفتاحه على العالم هو السبب؛ فقد جاب العالم وشارك في المؤتمرات واللقاءات العامة، وتعرف على الأفكار والملل والنحل... حتى في نشأته المبكرة لم يكتف بالعلوم الدينية، بل درس الفلسفة والأدب، إيماناً منه بأن الاجتهاد يحتاج إلى ثقافة أدبية وذوق صافٍ وسليم. كان يقرأ مجلة "المصور" ومجلة "الرسالة" التي كان يصدرها حسن الزيّات، ومجلة "الكاتب" التي كان يصدرها طه حسين، وتواصل مع الهموم الثقافية التي انشغلت بها المجلات المصرية واللبنانية والصحف العراقية آنذاك...
------------المصدر:منقول _لميس ضيف
تعليق