السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه قصة بقلمي
تحكي قصة عشق من وحي خيالي
اتنمى ان تعجبكم
و إليكم القصة ....
ما زالت تنظر للحياة بسخرية وبنظرة سوداوية منذ ذلك اليوم الذي تحول فيه كل شيء إلى أنقاض حلم ..
" عندما كانا يهيمان في سماء العشق و يرسمان كل آمالهما على دفاتر الحياة والورق المتبقي للفناء ..
كانت تنظر إليه بشغف وهو يتحفها بأعذب الكلمات التي تتغلغل في القلب فلا عودة لها منه .. فتهيم مع الكلمات إلى أبعد مدى وعينها لا تفارق وجهه .. تسبح في أسمى المشاعر .. وترتوي بكلماته التي لا تعرف لها وزنا و لا معجما
قطع سيل تدفق مشاعرهما صوت انثوي ينادي على نزار: نزار ,قم بسرعة, أبي في حال خطيرة ..
وما إن سمع ذلك حتى هب واقفا يستئذنها فحاولت الذهاب خلفه ولكنه منعها خوفا منه عليها فأسرع متوجها نحو المستشفى لملاقاة أبيه .. وقبل أن يتجاوز الشارع الرئيسي اصطدمت به سيارة فوقع في مكانه بلا حراك والدم ينزف بحرارة .. و هي تنظر إليه و عينها جامدة فلم تستطع الحراك من مكانها و اخته منكبة عليه تصرخ بأعلى صوتها : أخي نزاار أرجوك لا ترحل
تسمرت عيناها وهي تنظر لوجهه الذي ما فارقته بسمة الأمل , أخذه بعض المارة إلى المستشفى وهي لا تزال واقفة لا تعرف ماذا تصنع كيف يرحل عنها وهو روحها وهل يهنئ لروح العيش بعد فقدان توأمها؟!
في لحظة لم تكن في الحسبان تحطم كل شيء .. تحطم حلمها الكبير و رحل من كان يسكن قلبها, وهي لا تملك شخصا غيره يبادلها الشعور نفسه! هو من كان يعطيها دافعا للحياة .. والآن لمن تعيش وكيف تعيش؟ وما هي قيمة الحياة دونه و قد تحول كل شي و أصبح في لحظة بؤس أنقاض حلم! "
أغمضت عينيها و الصورة أمامها وكأن الحادث قد حصل منذ لحظات, حملت صورته بين كفيها الصغيرين و هي تتفرس في ملامح وجهه , إنه ينبئ بالأمل ولكن أين الطريق إلى الأمل وهو قد رحل! وهل يعيش الأمل بعده وهو من كان يعطيه الحياة؟!
سقطت دموعها التي ما كانت تسقط إلا لأجله .. فليس يهمها في هذه الحياة غيره.. أمسكت بالقلم تحاول ان تحكي للورق معاناتها.. ولكنها لم تتعود البوح لأحد دونه ..
وضعت الصورة أمامها تناجي قسمات وجهه و تبحر في سواد عينيه .. تراءى لها طيفه فقامت لتحتضنه ولكنه سرعان ما أختفى مما زاد في حرقة دموعها .. خرجت من الغرفة المظلمة التي لا يسكنها غيرها , والتي ضجرت من دموع هذه الفتاة البائسة , توجهت نحو الحديقة التي كانا يجتمعان فيها و الصورة لا تزال رهينة كفيها .. جلست على الكرسي ذاته و المكان ذاته .. وكأنه يجلس معها تنظر إلى حيث كانت تنظر وتتذكر كيف يقرأ عليها الأشعار التي كان يحفظها من أجلها وهو مغمض العينين وصوته الرخيم يترقرق إلى مسامعها كعذب الماء.. وضعت الصورة في المكان الذي كان يجلس عليه.. وجعلت تناجيها بروحها .. بأنفاسها المتقطعة .. بدموعها التي لم تتوقف منذ ان رحل عنها.. قطع عليها حديث نفسها صوت شاب في مقتبل العمر يبدو عليه الجد: أتسمحين لي أن أجلس بجانبك
أخذت الصورة و اذنت له بذلك .. وطوال الوقت كانت عينها لا تفارق الصورة .. أخذ يسترق النظر إليها و كأنه يبحث عن شخص ما فيها فطفق به الفضول فسألها: من هو صاحب الصورة؟ أظن أنني رأيته مسبقا
ابتسمت له ولأول مرة تبتسم بعد رحيل نزار : إنه نزار ...
لكنها لم تكمل ما كانت تريد قوله فدمعتها سبقت كل الكلمات .. فقال لها: يبدو انه يعني لك الكثير, كنت قد رأيته معك ذات مرة في هذا المكان , هل تنتظرينه ولم يأتِ بعد؟!
تمسكت بالصورة أكثر و أجابته بصوت متقطع: لن يأتِ أبدا, فهو رحل إلى العلياء .. وهل يعود من يذهب إلى هناك؟
تألم الشاب كثيرا فأعتذر منها : يبدو انني ذكرتك بجراحك
أجابته وهي تحاول أن تهدئ من روع نفسها: لا تعتذر ,إن جراحي لم تلتئم بعد, فأنا لم أنسه يوما من الايام حتى يذكرني به أحد .. أتعلم أنني لا أزال أتذكر كل كلمة قالها لي .. وكل موقف حدث لي معه.. وأتذكر آخر لحظات حياته كيف كانت تتحرك عيناه .. وبم كان يفكر و كيف كانت حالته و كيف كان مسرعا للذهاب إلى أبيه ولكن الموت عاجله وسرقه مني في لحظة كانت أقسى لحظات حياتي ..
أطرق هنيئه ثم قال: لقد أنسانا الحديث أن نتعرف , أنا أسمي ذو الفقار وماذا عنك؟
أردفت قائلة: ان اسمك جميل جدا, أنا اسمي فاطمة
ضحك لها وقال: شكرا, إن اسمك ايضا جميل وهو يعني لي الكثير
استغربت ضحكه : لم تضحك؟ و لم يعني لك الكثير هذا الاسم .. ثم تداركت نفسها قائلة: أعتذر على فضولي ..
أجابها بكل هدوء: لا عليك .. إنه اسم الفتاة الذي جعلتني انظر للحياة بأمل و امان,..ففي اللحظة التي رأيت فيها تلك الفتاة تغيرت كل حياتي .. لقد كنت أطمح لرضاها بعد رضا الله طبعا, ولكن وكما تعرفين ان للحياة سطورا غير التي نكتب عليها ما نريد, وفي لحظة لم نحسبها .. تفرقنا ولم تكلف نفسها عناء السؤال عني
فاطمة: كيف كانت حياتك قبل ذلك؟ وكيف تفرقتما؟ ولم؟
ذو الفقار: لا أحب أن اتذكر كيف كانت حياتي, المهم انني تغيرت الآن ولم أعد امت للماضي بصلة.. غصت الكلمات في فيه يريد أن يخبرها أكثر من ذلك ولكنه لم يستطع فآثر الصمت
فاطمة: كما تحب, ولكن أخبرني هل لا زلت تراها؟
ذو الفقار: نعم, ولكنها لا تراني
فاطمة: هل نست ملامح وجهك؟!!
ذو الفقار: ربما هو كذلك , و أنت أخبريني عن نفسك
تنهدت طويلا ثم شرعت تسرد إليه بطمأنينة: إن قصتي ليست طويلة ولكنها تحمل معانٍ كبيرة , لقد كنت فتاة وحيدة ضائعة وتائهة لا أعلم ماهية هذه الحياة وما كنه وجودنا فيها, فعرفت نزار و عندما كنت أراه أحس بأني قد وجدت نفسي, حاولت أن اتكلم معه ولكن الخجل كان يمنعني , وقد كان هو يبادلني شعور الإعجاب فتكلم إلي ذات مرة عندما كنت هنا في الحديقة وحدي, فتبادلنا الحديث و عثر كل منا عن نصفه الآخر, فقرر الزواج بي, ولكن أبواه عارضا ذلك لأنني فقيرة وأعيش وحدي مع جدتي العجوز والتي توفيت بعد ذلك بمدة قصيرة ولا سيما إنه من العوائل العريقة والغنية والراقية في المجتمع , ولكنه قهر الصعاب كلها واخترق هذه الحواجز الوهمية و تزوجنا و عشنا أجمل لحظات حياتنا وكنا نسطر في أيامنا أروع اساطير العشق و في لحظة شؤم رحل ..!و انا منذ رحيله لم أرَ السعادة بعيني و لكن قلبي كان يشع فيه أمل بأني سوف أراه قريبا
أطرق برأسه لحظة ثم قال: ربما ترينه بصورة أخرى!
فاطمة: وكيف يكون ذلك؟!
وقف و تمشى قليلا ليس بعيدا عنها وقال وهو ينظر للقمر الذي ما اكتمل: إن نزار الآن بقربك ولكن بشكل آخر وهيئة أخرى ولكنه ذات قلبه الذي يحبك و ينبض لصنع سعادتك
لم تفهم ما يرمي إليه فقالت: لا أعلم ما تقصد يا أخي ؟ وهل يعود الموتى إلى هذه الحياة؟
اقترب منها قليلا وقال: نعم إن لم يكونوا موتى بمعنى الفناء الأبدي!
توجست خيفة من كلماته و أحست بشعور غريب نحوه فمسك بيديها .. فأفلتتها من قبضته وهبت واقفة ظنا منها إنه أحد الشباب التافهين الذين لا يعرفون إلا اللهو واللعب مع الفتيات وقالت: لست ممن تظن إيها المتعجرف
فقال بنبرة منكسرة: أعرف ذلك يا عزيزتي .. ولكن اسمعيني حتى تفهميني أرجوك هدأي من روعك و اسمعي كل ما سأقوله
عادت أدراجها ولم تعرف كيف حدث هذا ولماذا استسلمت لتوسلاته بسرعة وقالت: هات مالديك فكلي آذان صاغية
قال بكل ثقة: أنا نزار يا فاطمة .. أنسيتني؟
سخرت منه قائلة: أنا فتاة ناضجة وأميز بين الأشخاص , أتظن إنني سوف أنسى ملامح وجهه بسهولة لتأتي أنت وتدعي وبكل بساطة أنك هو نفسه!ثم إنه مات وهل يعود الموتى للحياة؟ لست ساذجة لأصدقك .. ثم ان اسمك ذو الفقار وليس نزار
ذو الفقار: ولكني هو هو يا فاطمة صدقيني.. أنا لم أمت ولكنك لم تكلفي نفسك عناء اللحاق بي إلى المستشفى والسؤال عني.. أنا لم أمت لقد أخذني والدي للخارج و عولجت هناك .. والحمدلله ردت إلي صحتي و هذا التغير الذي حدث هو من العمليات الجراحية التي خضعت لها .. لا تنسي بأن وجهي قد تشوه إثر الحادث .. ولقد غيرت اسمي تنفيذا لرغبة والدي ولكني لم أفهم المغزى إلا الآن و أنا اخبرتك بهذا الاسم لأنك لن تتقبلي ما سأقوله إذا أخبرتك منذ البداية أنني نزار
فاطمة وهي تقهر نفسها:يبدو انك تمتلك معلومات عنه, لا استطيع أن اصدقك لقد أخبرني والد نزار أنه مات ..
ذو الفقار: لقد فعل كل ذلك ليبعدني عنك و يبعدك عني.. أنا لم أعلم بذلك فللتو عدت من السفر و جئت إلى هنا مباشرة لأنني واثق أنك لم تنسيني و ستتواجدين في هذا المكان بالذات
فاطمة وقد فقدت أعصابها: اوه , كفاك هذرا وهذيانا , لو كان نزار حيا لسأل عني و لم يتركني أعيش وحيدة و أنا اعتقد بانه ميت
ذو الفقار: صدقيني يا فاطمة , لقد كنت أخضع للعلاج طوال تلك الفترة و حاولت الاتصال بك مرارا ولكن لا أحد يرد, فتوقعت ان تكوني عدت لمنزل جدتك وهناك لا يوجد هاتف.. فحاولت إرسال البرقيات لك ولكن يبدو أنها لم تصل لك , ربما والدي منعها من ذلك ,فقررت أن اسافر إليك فور انقضاء فترة العلاج
فاطمة: كفاك كذبا .. يبدو أنك تمتلك معلومات عن شخصية والد نزار ولذلك فأنت تخترع كل ذلك لتخدعني أرجوك دعني أذهب فلقد سئمت حديثك ..
أخذ ينشد لها بصوته الرخيم أبياتا كان يرددها دائما عندما يراها , فتراجعت قليلا و وقفت مكانها فهي لا تستطيع نسيان نبرة نزار الحزينة وهو ينشد لها تلك الأبيات: هات دليلا غير هذا لأستوعب ذلك
فأخرج من جيبه قلادة كان قد حفر عليها أول أبيات كتبها في رحلته مع الشعر و كانت مكتوبة من أجلها و في الجهة المقابلة كانت صورتها مرسومة وكانت هي من أهدته إياها في أول ذكرى ميلاد له عندما عرفته.. فأخذت من يديه القلادة وهي تبكي بحرقة وألم: قالولي بأنك قد مت!
(نزار): ولكني حي يرزق أمامك
ألقت بنفسها على كتفه وهي تبكي بحرقة و ألم: لم اتوقع ان تتجمع تلك الانقاض فتبني صرح العشق مجددا, أهلا بك في قلبي مرة اخرى فأنت لم تغادره أبدا !
تحياتي
انتهت بتاريخ:
12/1/2007م
10:46 مساء
هذه قصة بقلمي
تحكي قصة عشق من وحي خيالي
اتنمى ان تعجبكم
و إليكم القصة ....
ما زالت تنظر للحياة بسخرية وبنظرة سوداوية منذ ذلك اليوم الذي تحول فيه كل شيء إلى أنقاض حلم ..
" عندما كانا يهيمان في سماء العشق و يرسمان كل آمالهما على دفاتر الحياة والورق المتبقي للفناء ..
كانت تنظر إليه بشغف وهو يتحفها بأعذب الكلمات التي تتغلغل في القلب فلا عودة لها منه .. فتهيم مع الكلمات إلى أبعد مدى وعينها لا تفارق وجهه .. تسبح في أسمى المشاعر .. وترتوي بكلماته التي لا تعرف لها وزنا و لا معجما
قطع سيل تدفق مشاعرهما صوت انثوي ينادي على نزار: نزار ,قم بسرعة, أبي في حال خطيرة ..
وما إن سمع ذلك حتى هب واقفا يستئذنها فحاولت الذهاب خلفه ولكنه منعها خوفا منه عليها فأسرع متوجها نحو المستشفى لملاقاة أبيه .. وقبل أن يتجاوز الشارع الرئيسي اصطدمت به سيارة فوقع في مكانه بلا حراك والدم ينزف بحرارة .. و هي تنظر إليه و عينها جامدة فلم تستطع الحراك من مكانها و اخته منكبة عليه تصرخ بأعلى صوتها : أخي نزاار أرجوك لا ترحل
تسمرت عيناها وهي تنظر لوجهه الذي ما فارقته بسمة الأمل , أخذه بعض المارة إلى المستشفى وهي لا تزال واقفة لا تعرف ماذا تصنع كيف يرحل عنها وهو روحها وهل يهنئ لروح العيش بعد فقدان توأمها؟!
في لحظة لم تكن في الحسبان تحطم كل شيء .. تحطم حلمها الكبير و رحل من كان يسكن قلبها, وهي لا تملك شخصا غيره يبادلها الشعور نفسه! هو من كان يعطيها دافعا للحياة .. والآن لمن تعيش وكيف تعيش؟ وما هي قيمة الحياة دونه و قد تحول كل شي و أصبح في لحظة بؤس أنقاض حلم! "
أغمضت عينيها و الصورة أمامها وكأن الحادث قد حصل منذ لحظات, حملت صورته بين كفيها الصغيرين و هي تتفرس في ملامح وجهه , إنه ينبئ بالأمل ولكن أين الطريق إلى الأمل وهو قد رحل! وهل يعيش الأمل بعده وهو من كان يعطيه الحياة؟!
سقطت دموعها التي ما كانت تسقط إلا لأجله .. فليس يهمها في هذه الحياة غيره.. أمسكت بالقلم تحاول ان تحكي للورق معاناتها.. ولكنها لم تتعود البوح لأحد دونه ..
وضعت الصورة أمامها تناجي قسمات وجهه و تبحر في سواد عينيه .. تراءى لها طيفه فقامت لتحتضنه ولكنه سرعان ما أختفى مما زاد في حرقة دموعها .. خرجت من الغرفة المظلمة التي لا يسكنها غيرها , والتي ضجرت من دموع هذه الفتاة البائسة , توجهت نحو الحديقة التي كانا يجتمعان فيها و الصورة لا تزال رهينة كفيها .. جلست على الكرسي ذاته و المكان ذاته .. وكأنه يجلس معها تنظر إلى حيث كانت تنظر وتتذكر كيف يقرأ عليها الأشعار التي كان يحفظها من أجلها وهو مغمض العينين وصوته الرخيم يترقرق إلى مسامعها كعذب الماء.. وضعت الصورة في المكان الذي كان يجلس عليه.. وجعلت تناجيها بروحها .. بأنفاسها المتقطعة .. بدموعها التي لم تتوقف منذ ان رحل عنها.. قطع عليها حديث نفسها صوت شاب في مقتبل العمر يبدو عليه الجد: أتسمحين لي أن أجلس بجانبك
أخذت الصورة و اذنت له بذلك .. وطوال الوقت كانت عينها لا تفارق الصورة .. أخذ يسترق النظر إليها و كأنه يبحث عن شخص ما فيها فطفق به الفضول فسألها: من هو صاحب الصورة؟ أظن أنني رأيته مسبقا
ابتسمت له ولأول مرة تبتسم بعد رحيل نزار : إنه نزار ...
لكنها لم تكمل ما كانت تريد قوله فدمعتها سبقت كل الكلمات .. فقال لها: يبدو انه يعني لك الكثير, كنت قد رأيته معك ذات مرة في هذا المكان , هل تنتظرينه ولم يأتِ بعد؟!
تمسكت بالصورة أكثر و أجابته بصوت متقطع: لن يأتِ أبدا, فهو رحل إلى العلياء .. وهل يعود من يذهب إلى هناك؟
تألم الشاب كثيرا فأعتذر منها : يبدو انني ذكرتك بجراحك
أجابته وهي تحاول أن تهدئ من روع نفسها: لا تعتذر ,إن جراحي لم تلتئم بعد, فأنا لم أنسه يوما من الايام حتى يذكرني به أحد .. أتعلم أنني لا أزال أتذكر كل كلمة قالها لي .. وكل موقف حدث لي معه.. وأتذكر آخر لحظات حياته كيف كانت تتحرك عيناه .. وبم كان يفكر و كيف كانت حالته و كيف كان مسرعا للذهاب إلى أبيه ولكن الموت عاجله وسرقه مني في لحظة كانت أقسى لحظات حياتي ..
أطرق هنيئه ثم قال: لقد أنسانا الحديث أن نتعرف , أنا أسمي ذو الفقار وماذا عنك؟
أردفت قائلة: ان اسمك جميل جدا, أنا اسمي فاطمة
ضحك لها وقال: شكرا, إن اسمك ايضا جميل وهو يعني لي الكثير
استغربت ضحكه : لم تضحك؟ و لم يعني لك الكثير هذا الاسم .. ثم تداركت نفسها قائلة: أعتذر على فضولي ..
أجابها بكل هدوء: لا عليك .. إنه اسم الفتاة الذي جعلتني انظر للحياة بأمل و امان,..ففي اللحظة التي رأيت فيها تلك الفتاة تغيرت كل حياتي .. لقد كنت أطمح لرضاها بعد رضا الله طبعا, ولكن وكما تعرفين ان للحياة سطورا غير التي نكتب عليها ما نريد, وفي لحظة لم نحسبها .. تفرقنا ولم تكلف نفسها عناء السؤال عني
فاطمة: كيف كانت حياتك قبل ذلك؟ وكيف تفرقتما؟ ولم؟
ذو الفقار: لا أحب أن اتذكر كيف كانت حياتي, المهم انني تغيرت الآن ولم أعد امت للماضي بصلة.. غصت الكلمات في فيه يريد أن يخبرها أكثر من ذلك ولكنه لم يستطع فآثر الصمت
فاطمة: كما تحب, ولكن أخبرني هل لا زلت تراها؟
ذو الفقار: نعم, ولكنها لا تراني
فاطمة: هل نست ملامح وجهك؟!!
ذو الفقار: ربما هو كذلك , و أنت أخبريني عن نفسك
تنهدت طويلا ثم شرعت تسرد إليه بطمأنينة: إن قصتي ليست طويلة ولكنها تحمل معانٍ كبيرة , لقد كنت فتاة وحيدة ضائعة وتائهة لا أعلم ماهية هذه الحياة وما كنه وجودنا فيها, فعرفت نزار و عندما كنت أراه أحس بأني قد وجدت نفسي, حاولت أن اتكلم معه ولكن الخجل كان يمنعني , وقد كان هو يبادلني شعور الإعجاب فتكلم إلي ذات مرة عندما كنت هنا في الحديقة وحدي, فتبادلنا الحديث و عثر كل منا عن نصفه الآخر, فقرر الزواج بي, ولكن أبواه عارضا ذلك لأنني فقيرة وأعيش وحدي مع جدتي العجوز والتي توفيت بعد ذلك بمدة قصيرة ولا سيما إنه من العوائل العريقة والغنية والراقية في المجتمع , ولكنه قهر الصعاب كلها واخترق هذه الحواجز الوهمية و تزوجنا و عشنا أجمل لحظات حياتنا وكنا نسطر في أيامنا أروع اساطير العشق و في لحظة شؤم رحل ..!و انا منذ رحيله لم أرَ السعادة بعيني و لكن قلبي كان يشع فيه أمل بأني سوف أراه قريبا
أطرق برأسه لحظة ثم قال: ربما ترينه بصورة أخرى!
فاطمة: وكيف يكون ذلك؟!
وقف و تمشى قليلا ليس بعيدا عنها وقال وهو ينظر للقمر الذي ما اكتمل: إن نزار الآن بقربك ولكن بشكل آخر وهيئة أخرى ولكنه ذات قلبه الذي يحبك و ينبض لصنع سعادتك
لم تفهم ما يرمي إليه فقالت: لا أعلم ما تقصد يا أخي ؟ وهل يعود الموتى إلى هذه الحياة؟
اقترب منها قليلا وقال: نعم إن لم يكونوا موتى بمعنى الفناء الأبدي!
توجست خيفة من كلماته و أحست بشعور غريب نحوه فمسك بيديها .. فأفلتتها من قبضته وهبت واقفة ظنا منها إنه أحد الشباب التافهين الذين لا يعرفون إلا اللهو واللعب مع الفتيات وقالت: لست ممن تظن إيها المتعجرف
فقال بنبرة منكسرة: أعرف ذلك يا عزيزتي .. ولكن اسمعيني حتى تفهميني أرجوك هدأي من روعك و اسمعي كل ما سأقوله
عادت أدراجها ولم تعرف كيف حدث هذا ولماذا استسلمت لتوسلاته بسرعة وقالت: هات مالديك فكلي آذان صاغية
قال بكل ثقة: أنا نزار يا فاطمة .. أنسيتني؟
سخرت منه قائلة: أنا فتاة ناضجة وأميز بين الأشخاص , أتظن إنني سوف أنسى ملامح وجهه بسهولة لتأتي أنت وتدعي وبكل بساطة أنك هو نفسه!ثم إنه مات وهل يعود الموتى للحياة؟ لست ساذجة لأصدقك .. ثم ان اسمك ذو الفقار وليس نزار
ذو الفقار: ولكني هو هو يا فاطمة صدقيني.. أنا لم أمت ولكنك لم تكلفي نفسك عناء اللحاق بي إلى المستشفى والسؤال عني.. أنا لم أمت لقد أخذني والدي للخارج و عولجت هناك .. والحمدلله ردت إلي صحتي و هذا التغير الذي حدث هو من العمليات الجراحية التي خضعت لها .. لا تنسي بأن وجهي قد تشوه إثر الحادث .. ولقد غيرت اسمي تنفيذا لرغبة والدي ولكني لم أفهم المغزى إلا الآن و أنا اخبرتك بهذا الاسم لأنك لن تتقبلي ما سأقوله إذا أخبرتك منذ البداية أنني نزار
فاطمة وهي تقهر نفسها:يبدو انك تمتلك معلومات عنه, لا استطيع أن اصدقك لقد أخبرني والد نزار أنه مات ..
ذو الفقار: لقد فعل كل ذلك ليبعدني عنك و يبعدك عني.. أنا لم أعلم بذلك فللتو عدت من السفر و جئت إلى هنا مباشرة لأنني واثق أنك لم تنسيني و ستتواجدين في هذا المكان بالذات
فاطمة وقد فقدت أعصابها: اوه , كفاك هذرا وهذيانا , لو كان نزار حيا لسأل عني و لم يتركني أعيش وحيدة و أنا اعتقد بانه ميت
ذو الفقار: صدقيني يا فاطمة , لقد كنت أخضع للعلاج طوال تلك الفترة و حاولت الاتصال بك مرارا ولكن لا أحد يرد, فتوقعت ان تكوني عدت لمنزل جدتك وهناك لا يوجد هاتف.. فحاولت إرسال البرقيات لك ولكن يبدو أنها لم تصل لك , ربما والدي منعها من ذلك ,فقررت أن اسافر إليك فور انقضاء فترة العلاج
فاطمة: كفاك كذبا .. يبدو أنك تمتلك معلومات عن شخصية والد نزار ولذلك فأنت تخترع كل ذلك لتخدعني أرجوك دعني أذهب فلقد سئمت حديثك ..
أخذ ينشد لها بصوته الرخيم أبياتا كان يرددها دائما عندما يراها , فتراجعت قليلا و وقفت مكانها فهي لا تستطيع نسيان نبرة نزار الحزينة وهو ينشد لها تلك الأبيات: هات دليلا غير هذا لأستوعب ذلك
فأخرج من جيبه قلادة كان قد حفر عليها أول أبيات كتبها في رحلته مع الشعر و كانت مكتوبة من أجلها و في الجهة المقابلة كانت صورتها مرسومة وكانت هي من أهدته إياها في أول ذكرى ميلاد له عندما عرفته.. فأخذت من يديه القلادة وهي تبكي بحرقة وألم: قالولي بأنك قد مت!
(نزار): ولكني حي يرزق أمامك
ألقت بنفسها على كتفه وهي تبكي بحرقة و ألم: لم اتوقع ان تتجمع تلك الانقاض فتبني صرح العشق مجددا, أهلا بك في قلبي مرة اخرى فأنت لم تغادره أبدا !
تحياتي
انتهت بتاريخ:
12/1/2007م
10:46 مساء
تعليق