مشروعية العصمة
العصمة
ان فكرة العصمة أو بالأصح عقيدة العصمة لدى الأمامية تكاد تكون موجودة بالفطرة وهل عند الإمامية فقط ؟؟ الجواب بال حتى عند المذاهب الإسلامية الأخرى موجودة،لكن لا بعنوان العصمة !!، وبتعبير أخر لا يسمون الأسماء بمسهياتها!! وقد تستغرب من قولي هذا الا انه الواقع الذي علينا ان نتقبله ، ان عقيدة العصمة هي من ضروريات الدين ،لإبل من ضروريات الحياة بعدة أدلة عقلية ونقليه التي ستاتينا ، الاان الشبهات التفت حول هذه العقيدة وما برحت ان تنتقص من قيمة ذلك المنهج ألقراني الذي رسمه لنا الباري عز وجل !، وقد تسال ما هو السبب الذي جعل اغلب العقائد الإسلامية تلتف حولها الشبهات أو يقع فيها لغط واختلاف ؟وهذا سؤال وجيه الا ان الأوجه هو علمك انه ابتعادنا عن محمد وآل محمد هو الذي أوصلنا إلى هذا الحد ، منذ بدء إحداث السقيفة بدء الخلاف والصراع حول السلطة وحول اتباع شخص دون آخر ، ومجموعة تتبع شخصا دون الأخر ، وهكذا تحولت الى كتل وفرق !!، وكل يأخذ عقيدته من الذي يتبعه ، وهكذا بدأت القضية من السقيفة يوم بعد يوم تتكاثر في أوساط الساحة الإسلامية حتى وصلت المرحلة كلما ابتعدنا عن زمن رسول الله كلما ازداد الخلاف حتى وصلنا إلى مرحلة لم نتفق فيما بيننا على صحة القران !!واقصد كل منا ينعت الأخر بأنه محرف للقران وكلا الطرفين يستشهد بقوله تعالى ((إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون )) ويدفع شبهة التحريف عن القران وفي الواقع لا تحريف !!! انما مجرد كلام يرمى ويقال بدون دليل !!!! أما الكلام الذي وقع في هذا الموضوع ، اقصد موضوع العصمة هو عدم فهم معنى العصمة ، وهو أهم محور في الكلام ، ولذلك أرى ان السبب الكبير والأول في الخلاف هو عدم فهم معنى العصمة من قبل الطرف المقابل ، فذهب بعضهم يقول اذا كان الله قد عصم فلان من الناس فهذه ليست فضيلة لفلان لان الله هو الذي عصمه، !! فبدءا لنقاش وترتيب الآثار على كلمة العصمة دون العلم عن حقيقة أو مفهوم العصمة !! ، ليس لعدم الاعتقاد بها بال لأنها صادرة من مدرسة اهل البيت (ع) !! وذلك لان مدرسة اهل البيت سببا في تعرية كل من مع الجلاوزة والسلاطين الغير شرعيين!! وليت شعري لو كان الرفض من قبل سياسات الحكام فقط للعصمة ،، بل تعدى ذلك حتى إلى زيارة قبرهم بل تعدى ذلك إلى الذي يواليهم في اللسان فقط!! كان لا ينجو من تلك السطوة ،، لأنهم كانوا يعلمون ان استلامهم للسلطة لم يكن استلام شرعيا ، حتى الخليفة عمر بن عبد العزيز (رض) أول ما استلم السلطة ارجع فدك إلى الهاشميين فقال له الأمويون ماذا فعلت هذه فدك هي لنا ؟؟، قال لا والله هي للهاشميين إني ابتغي بذلك سرور رسول الله ، وهذا معاوية بن يزيد بن معاوية كما ينقله لنا المسعودي وكتب التاريخ انه تنازل عن الخلافة فقالت له أمه ليتك خرقة حيض ولم تكن تقلدت هذا الأمر!! فقال لها ليتني خرقة حيض ولا أتقلد هذا الأمر!! لعلمه الواسع بأنه ليس من حقه ولا حق أي شخص آخر اغتصاب الخلافة الشرعية ،، من زمن رسول الله ص الى يومنا هذا !! وهكذا أصبحت الخلافة تنتقل إلى أخر بدون مراعاة ، الخلافة الشرعية المتمثلة بال الرسول ، وهذا سبب كل ما نعانيه اليوم من افتراق في الفكر أو العقيدة أو بقاء تخلف البلدان الإسلامية قياسا الى البلدان الأخرى أو المشاكل الجمة ، وكل ما وصلنا إليه من تفرق الكلمة نتيجة انتقال السلطة إلى غير أهلها الشرعيين ، ولسنا في هذه الوريقات بصدد البحث في هذه الخلافات ولكنني بصدد محاولة تبيان أصل المفهوم وتعقيداته وخاصة بعد نشوء الكثير من الاسئلة من العامة والخاصة في هذا المضمار ، وأنا لا أريد ان اجعل البحث مشبعا بكل معناه أكثر مما أريد ان أوصل إليكم الفكرة !! وهو أشبه بدرس مبسط حول مفهوم العصمة ، وهذا ما التمسته في مناظرتي مع احد الدكاترة من مصر لااحب ذكر اسمه ، في سيرة الإمام علي من مداخلة هاتفية ، انه لايعرف معنى العصمة !! .
ومع ذلك كله ان الذي يرى شبهه حول موضوع معين لماذا لا يبحث عن دليل تلك الشبهة أكثر مما يرفض ذلك الموضوع ؟ يعني دائما يأخذ الموضوع من الجانب السلبي ولا يأخذه من الجانب الايجابي حتى لو كانت نسبة الجوانب السلبية 10% أو 20% يأخذ بها ويترك الجوانب الايجابية وهذا السلب الذي اقصده هو ليس الا وليد العقل والتفكير الغير صحيح وإلا لم يكن التشريع الا إيجاب محض ، وليس معارضا للتفكير الصحيح ، أما مشروعية العصمة ؟؟ فمأخوذة من القران ؟ الا يحتاج ان نمعن النظر في القران ؟؟ ،فإنها لم تؤخذ عن عبث ، و نسأل الله ان يعيننا لتوضيح بعض إبعاد هذه العقيدة الجليلة والتي بدونها لا تتحقق موازين العبادة وبدون العصمة لم نكن نستطيع اخذ إحكامنا الشرعية ؟ لأنه لو لم تكن عصمة معناه ان الله تعالى امرنا باتباع الخطأ وهو محال على الله !!
أما بالنسبة إلى عصمة الأنبياء بصورة خاصة فهناك الكثير ممن استدل بآيات متشابهات وليست محكمات على خطا الأنبياء ، والحقيقة انما عمد البعض على تخطئة الأنبياء أو الإصرار على تخطئة الأنبياء كي من باب أولى يلزم الإمام بالخطأ !! وبذلك تنفى مشروعية العصمة !!
العصمة لغة واصطلاحا
العصمة :-لغة هي المنع ، كما يقال عصم نفسه أي منعها
أما في الاصطلاح :-هي القدرة على ارتكاب المعصية مع القدرة على تركها
وأننا ذكرنا المعنى اللغوي لنميزه عن المعنى الشرعي حيث معيار كلامنا حول المعنى الشرعي وأيضا هناك تعريف أخر وهو (لطف يفعله الله تعالى بالمكلف ، لايكون معه داع إلى ترك الطاعة وارتكاب المعصية مع القدرة على ذلك (1) والمعنى واحد ،فهنا يصبح عندك الفرق واضحا من خلال التعاريف ان العصمة ليست بواجبة !! واضرب لك مثلا على ذلك (الأب الحنون قادر على قتل ولده أم لا ؟؟ قطعا يستطيع ذلك لكنه لايفعلها أبدا !! ) هذه هي حقيقة العصمة أي ان الإمام المعصوم واصل إلى مرحلة يقينية تمنعه من ارتكاب المعصية نتيجة تقربه من الله تعالى مع انه قادر على ارتكاب تلك المعصية .
وها نحن في أيامنا كأناس عاديين أيضا ترانا معصومين فقد ترى فينا من لايشرب الخمرة مع القدرة عليها ، وترى فينا من لايقدم على الزنا مع القدرة عليه ، الا ان الفرق العصمة التي عندنا ليست عصمة من الدرجة الأولى التي نتيجتها
1-توفيق التطبيق للكيلاني ص16.
انك تصل إلى مرحلة اليقين ، لذلك الإمام الصادق ع يقول في مضمون حديثه ،
(كان جدي علي بن أبي طالب يتصرف وكأنه واقف بين الجنة والنار ) من شدة اليقين الذي وصل إليه الإمام علي عليه السلام ، فكلما ازدات كمالات العبادة عندك كلما كنت معصوما عن أخطائك أكثر !!! هذا موجز بسيط ، وبطريقة بسيطة ، لمفهوم العصمة ، واعتذر عن الألفاظ لمبسطة التي استخدمها جاهدا حيث إني عمدت على ذلك كي يفهمها القاصي والداني : وقد حاولوا ان يفسروا العصمة تفسيرات ما انزل الله بها من سلطان بحق الشيعة : ، والعصمة عند الإمام ية تشمل كل كيان المعصوم في تصرفاته وأفعاله وأقواله حيث يقول المحقق الحلي (قدس سره) في ذلك
(ان المعصومين عليهم السلام معصومين عن الصغائر والكبائر ومنزهون عن المعاصي قبل النبوة وبعدها ، على سبيل العمد والنسيان ، وعن كل رذيلة ومنقصة وما يدل على الخسة والضعة )1
أما رأي المذاهب الإسلامية الأخرى في العصمة فهي موجودة ، لكن على نطاق غير واسع :
ونموذج ما قاله الرازي في ذلك 2(يقول ما يتعلق بالأمور الاعتقادية وما يتعلق بجميع الشرائع والأحكام وما يتعلق بالفتوى ،ورابعها ما يتعلق بأفعال المعصوم وأحواله)
ومحي الدين ابن العربي صاحب التفسير نقل في الفتوحات المكية ما نصه ((الأنبياء لهم العصمة من الشيطان ، ظاهرا وباطنا وهم محفوظون من الله في جميع حركاتهم وذلك لأنهم قد نصبهم الله للناس ولهم المناجاة الإلهية فالأنبياء،المرسلون معصومون من المباح ان يفعلوه من اجل نفوسهم ، لأنهم يشرعون بأفعالهم وأقوالهم فإذا فعلوا مباحا يأتونه للتشريع ليقتدي بهم 3.
وحتى ابن تيمية يقول بالعصمة على نطاق ضيق واليك رايه عند رده على الشيعة بقولهم ( ان وجود الإمام المعصوم لابد منه بعد موت النبي ذلك لان الأحكام تتجدد تبعا للموضوعات والأحوال تتغير ، وللقضاء على الاختلاف في تفاسير القران وفي فن الأحاديث وغير ذلك لو كانت عصمة النبي (ص) وكمال الدين كافين لما حدث الاختلاف فثبت انه لابد من أما م معصوم يبين لنا معاني القران ويعين لنا مقاصد الشرع كما هو مراده إلى آخر ما ذكروه في المقام)فيقول ابن تيمية

فإذا كان العامة يقولون بالعصمة أيضا لكن على إطار ضيق والمعيار عند الجميع لحفظ مضمون الشريعة !!، وهو مبداء مقبول عند الجميع فما هو سر رفض العصمة عند الأئمة الا ثني عشرية (ع) !؟؟ وشن هذه الهجمة الشرسة ضد عقائدهم
فا ختلفوا في وجوبه عقلا ونقلا فذهب البعض إلى وجوبه عقلا وذهب البعض الأخر إلى وجوبه نقلا أما الإمام ية فذهبوا إلى وجوبه عقلا ونقلا .
1-نهج الحق وكشف الصدق ص142للعلامة الحلي
2-عصمة الأنبياء للرازي ص14.
3- الفتوحات المكية ج7 ص441
4-هوية التشيع ص150
الدليل العقلي على عصمة الإمام
أولا/يقول العلامة الحلي في كتابه الإلفين : الممكنات في وجودها وعدمها تحتاج إلى علة ليست من جنسها إذ لو كانت من جنسها لاحتاجت إلى علة أخرى واجبة غير ممكنة ، وكذلك الخطاء من البشر ممكن فازا أردنا رفع الخطاء الممكن يجب ان نرجع إلى المجرد من الخطاء وهو المعصوم ، ولايمكن افتراض عدم عصمته لأدائه إلى التسلسل أو الدور اما التسلسل فان الإمام إذ لم يكن معصوما احتاج إلى اما آخر لان العلة المحوجة إلى نصبه هي جواز الخطاء على الرعية فلو جاز علي الخطاء لاحتاج إلى إمام آخر فان كان معصوما وان لزم التسلسل ،اما الدور فلحاجة الإمام إذ لم يكن معصوما للرعية لترده إلى الصواب مع حاجة الرعية للاقتداء به 1.
ثانيا/ يقول الشيعة ان مفهوم الإمام يتضمن معنى العصمة لان الإمام لغة هو المؤتم به ،كالرداء اسم لما يقتدى به ، فلو جاز عليه الذنب في حال إقدامه على الذنب اما ان يقتدى به أو لا ، فان كان الأول كان الله تعالى قد أمر بالذنب وهذا محال وان كان الثاني ، خرج الإمام عن كونه إماما فيستحيل رفع التناقض بين وجوب كونه مؤتما به وبين وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الا بقصور ان العصمة متضمنة في مفهوم الإمام ولازمة لوجوده 2.
اعتقد ان في هذا المقام يكفي في نقل الأدلة العقلية على ذلك مع ملاحظة ان العصمة موجودة عند العامة بصورة مباشرة ويقرون بحديث (أصحابي كالنجوم ..الخ)وهذا يدل على عصمتهم فلماذا لاتسمى الأسماء بمسمياتها ؟ .
عصمة الصحابة
استدل العامة على عصمة الصحابة في نقل الحديث،وإنهم كما ينقل ابن الأثير وغيره ان الصحابة كلهم عدول ،فيما عدا الجرح والتعديل فأنهم غير مشمولين بذلك 3.
وقال الحافظ ابن حجر ، اتفق اهل السنة على ان الجميع عدول ولم يخالف في ذلك الا شذوذ من المبتدعة 4.
ان الاستدلال على عدالة الصحابة ما يلي
أولا/((حديث أصحابي كالنجوم بمن اقتديتم اهتديتم ))
ثانيا/ قوله تعالى ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ))5.
مناقشة الأدلة
أما الأول فان الحديث مردود لأنه مخالف لكتاب الله بالنص ، وتأويله اجتهاد مقابل نص ،لان نصوص الكتاب ترد صحة الاهتداء بكل صحابي أدرك النبي فان قوله تعالى في سورة المنافقون نصت على ذلك ((إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ))6.
1-الإلفين للعلامة الحلي ص45 نقلا عن هوية التشيع ص145
2-هوية التشيع ص145
3-راجع أسد الغابة في المبحث المذكور .
4-راجع الإصابة في المبحث المذكور .
5-الفتح أية 18. 6-المنافقون الآية 1.
وكذلك قوله تعالى ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ))1لذلك ترى كثير من العلماء العامة منهم مسلم في صحيحه والبخاري في صحيحه الكنجي الشافعي في كفاية الطالب انه (ص) قال

ويقول الكنجي هذا حديث صحيح متفق عليه أ فيصح إعلان عصمة الصحابة لكن لا بعنوان العصمة بحديث لا يثبت أمام الناقد وترك كتاب الله الدال على عصمة الأئمة ؟افيصح تجويز العصمة للصحابة في نقل الحديث واستكثارها على الأئمة؟
أما الثاني
قوله تعالى ((لقد رضي الله عن المؤمنين ..الخ الآية ))هنا الآية لاتدل على رضى الله تعالى عن المؤمنين بمبايعتهم الرسول محمد(ص)تحت تلك –فرضا الباري لم يتعلق بأصحاب بيعة الرضوان لأنهم صحبوا النبي (ص)بل تعلق بهم لأنهم كانوا حين ذاك مؤمنين بالله وبرسوله فالرضا موجود ما دام الإيمان في قلوبهم فإذا فقدوه وارتدوا فان رضى الله تعالى ينقلب إلى سخطه !! ونعتقد بان ثواب حسناته يضاعف وأعقاب سيآته يضاعف أيضا بمصاحبتهم لرسول الله ولذا خاطب الله العزيز الحكيم زوجات الرسول(ص)بقوله تعالى ((يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا**وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ واعتدنا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا))3.
وثانيا /الآية نزلت بحق من بايع النبي تحت الشجرة وليس كل الصحابة .
وثالثا /ان ظرف الرضا مذكور في الآية ، وهو وقت البيعة إذ يقول ((لقد رضي عن المؤمنين إذ يبايعونك ) من المعلوم ان الرضا بظرف خاص لا يدل على الرضا بعده الا اذا ثبت انهم بقوا على الحالات التي كانوا عليها .
رابعا/في نفس السورة لقوله تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)) 4.
فأين وجه الاستدلال على عدم تخطئة الصحابة في نقل الحديث بحيث لا يشملهم جرح ولا تعديل ؟ لاحظ حتى على ضوء الحديث ، من باب فرض التنزل محاولة إثباته أي إثبات صحة الحديث ، هي ليست الا محاولة لإثبات وجود العصمة !!، إذن كم وجود العصمة مهم بالنسبة للمصادر التشريعية ؟؟ وكم العصمة مهمة في اللجوء إليها ؟؟ فلماذا الوقوف بوجه هذا الحكم مع الاحتياج إليه من قبل حتى الذي يرفضه ؟
الآيات التي تنص على العصمة .
أولا/((انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)) .
1-آل عمران آية 144
2-راجع المصادر صحيح مسلم والبخاري في صحيحه ج14 ص82 ط مصر الكنجي في كفاية الطالب الباب العاشر
3-الأحزاب الآية 30،31. 4-الفتح أية 10.
مناقشة الآية
قبل الخوض بالنقاش استغرب على رجل يدعي انه من اهل العلم ، يقول ان أية التطهير في نساء النبي واستغرب على من يحذو حذوه !!! ولا اعلم هل هذا الادعاء قلة علم ؟ أم معاداة ؟ مع ان الآية من المسلمات واكرر قولي من المسلمات بأنه يشمل اهل بيته المعصومين
أية التطهير ليست في نساء النبي
استدلوا على ان أية التطهير نزلت في نساء النبي بالآية آلاتية قوله تعالى ((يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا*وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا))1.استدلوا بهذه الآية على ان الخطاب موجه لنساء النبي واستمر بالمخاطبة إلى نساء النبي واتصلت معه أية التطهير مباشرة ،فعلى هذا الضوء فان أية التطهير داخلة ضمن نساء النبي ،، وهذا دليل غير واقعي ولا يثبت أمام النقد قطعا لأنه لمجرد كون آية التطهير متصلة مع الآيات التي تخاطب نساء النبي فلا يعتبر الدليل ناهضا على آية التطهير لأنها داخلة ضمن نساء النبي !!، لأنه من المتفق عليه بين المؤرخين والمحدثين ان كلمة اهل البيت الواردة في الكتاب والسنة لا تعني الا خمسة من ا صحاب الكساء (محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين )(صلوات الله عليهم أجمعين)وعشرات الروايات تؤيد ذلك.وقد يسال سائل يقول إذن كيف بقيت المعصومين تشملهم العصمة ويعدون من اهل البيت ؟؟ فأقول وذلك لان الواقع الخارجي لم يكن فيه الا هؤلاء الخمسة !! فمتى ما وجدوا كانوا تطبيقا لمعنى الآية ، وبتعبير أخر لو وجدوا في ساعة نزول الآية لشملهم المعنى لأنهم المصداق في ذلك فافهم :
الاستدلال الثاني على ان أية التطهير نزلت في نساء النبي ، ما رواه عكرمة مولى عبد الله ابن عباس قال انها خاصة في نساء النبي ن كما روى نزولها في نساء النبي وهو من المعروفين بالنصب لأهل البيت ،ففي الواقع الاستدلال بهذين الدليلين يبطل من عدة وجوه ن ولا باس ان اطلنا في البحث لغرض التوضيح.
الوجه الأول/أما القول ان أية التطهير نزلت في نساء النبي باعتبار اتصالها مع الآيات التي تخاطب النساء ، فكما قلت يبطل من عدة وجوه ، أولها ان اختلاف النسق السياقي بينها وبين ما سبقها من نصوص الآية وكذا ما سبقها من آيات وما سيلحق بها من آيات ، فكما كان قبلها مختصا بزوجات النبي وما بعده إلى ان وصلت إلى الآية المذكورة ، فقد استغل البعض هذا السياق في إثارة ضباب كثيف حول مبتغيات هذا الاختلاف ، في سياقها فقد ذهب الغالب إلى تخصيص الآية بزوجات النبي (ص) ليحافظ على وحدة السياق ، وذهب آخرون إلى ان النسق الترتيبي للقران مجمع على عدم وجود ضرورة تدعوا للقول بأنه نفس النسق الترتيبي الذي كان على عهد الرسول وهكذا تعددت التفسيرات .
الوجه الثاني /ما معنى ان الآية تقدمت بأداة الحصر (انما) ومن عجيب القول ما أثاره البعض !!! انه يقول ان أية التطهير تشريعية لا تكوينية !!!، وهذه من اغرب الأقوال لابال من أجهلها حتى لاتصدر من جاهل بسيط فضلا عن كونه عالما!ولا اعلم إلى ماذا استند وقال ان أية التطهير تشريعية فلو كانت كذلك فما معنى حصرها في هؤلاء الخمسة؟ هل التشريع فقط
1-الأحزاب 32،33
لهؤلاء الخمسة أم إلى الأمة جمعاء ؟ ولو صرفت هذا المعنى على كل البشرية فمعنى ذلك لايوجد مخلوق في امة محمد الا وكان معصوما لأنه مشمول بأية التطهير !! وهذا ما لايقول به عاقل !!
الوجه الثالث /ان اختلاف المخاطب في استخدام الضمائر من مألوفات القران ويسمى بالالتفاف كما في علم المعاني وتجده في قوله تعالى ((هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ))2لاحظ فنجده أبدل لغة الخطاب وضمائره عدة مرات دون ان يمنع بقاء السياق واحد .
كما وان انتقال المخاطب من حديث عن جهة إلى حديث عن جهة أخرى ثم العودة إلى الحديث عن الجهة الأولى هو أيضا من حقائق البلاغة القرآنية،ويسمى عند اهل البلاغة بالاستطراد، ووظائف هذا الانتقال عادة ما تكون بغرض التنبيه ولفت الانتباه إلى الموضوع المنتقل إليه كما نجد ذلك في قوله سبحانه ((فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ *يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ))3فلقد انتقل الخطاب من امرأة العزيز إلى يوسف (ع)بشكل معترض ومن بعده إلى امرأة العزيز ، ومثله كثير في القران .
الوجه الرابع/ لوكأن الادعاء صحيح أي ان أية التطهير في نساء النبي معنى ذلك هن معصومات وهناك آيات صريحات تنافي شمولهن بأية التطهير واليك ما جاء في هذه الآيات .
الأول /قوله تعالى (( ان تتوبا إلى الله هنا دالة على وقوع المعصية والامن أي شيء التوبة؟؟ ، فقد صغت قلوبكما ، أي عدلت ومالت عن الحق ، تصريح بمخالفتهما .
وان تظاهرا عليه فان الله هو مولاه وجبرئيل وصالح المؤمنين الملائكة بعد ذلك ظهير ، عسى ربه ان طلقكن ان يبدله خيرا منكن مسلمات مؤمنات )) فقد اخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله ابن عباس انه سال عمر بن الخطاب عن التين تظاهرتا على النبي (ص) من أزواجه فقال هما حفصة وعائشة )4.
الثاني قوله تعالى ((يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسير )) ويريد في هذا المقام عدة أسئلة.
أ-فكيف يتفق إذهاب الرجس عن النساء وتطهيرهن مع التحذير والوعيد والكلام متصل بأية التطهير ؟
ب-ثم لماذا يحذرهن من الفاحشة والحال هو اذهب عنهن الرجس ؟!
ج-ثم أكثر نساء النبي ان لم يكن كلهن كن في الرجس قبل الإسلام ، باتفاق المسلمين ان المشمولين بأية التطهير أي أصحاب الكساء الخمسة لم يقعوا في رجس منذ الولادة ، فما معنى درج نساء النبي في أية التطهير ؟
2-يونس الآية 22
3-سورة يوسف الآية 28-29
4-صحيح البخاري ج2 ص 70
الوجه الخامس /وردت عشرات المصادر وكلها من العامة حتى كاد ان يكون شهرته بالإجماع من ان الآية وردت في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين-صلوات الله عليهم أجمعين- واليك بعض ما توصلت إليه من كتب النواصب بحق ما قالوه ان أية التطهير في أصحاب الكساء ، فماذا يقول المخالف ومن حذا حذوه من أعداء الرسول هل هذه المصادر نرمي بها إلى البحر ؟ لأنك تتفوه بكلام اللا مسئول بكل سهولة وتقول هذا كذب ؟؟!فان هذا ليس الا تعبير عن النصب الحقيقي الذي عبر عنه الرسول (ص) (يا علي لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق)1.
مصادر المسلمين التي تنص على ان أية التطهير في اهل الكساء وهذا نموذج واحد من الرواية قبل إيراد المصادر.
ورد عن عائشة قالت )خرج النبي غداة يوم وعليه مرط مرجل من برودة اليمن من شعر اسود فجاء الحسن بن علي فادخله ثم جاء الحسين فدخل معه وجاء علي وفاطمة فدخلا معهما فقال النبي (ص) ((انما يريد الله ليذهب عنكم ..الخ الآية)2، واليك إيراد المصادر كما قلت على ان أية التطهير في اهل الكساء .
سنن الترمذي ج5ص328 والطبري في تفسيره ج21 ص5 وابن الجوزي في زاد المسير ج6ص198، والنيسابوري في الغرائب ج21 ص10 السيوطي في الدر المنثور ج5 ص198 وفي الإتقان في أحكام القران السيوطي ج2 ص199 وأبي حيان الأندلسي في البحر المحيط ج7 ص231 ، والزمخشري في الكشاف ج1 ص434 ،والخازن في تفسيره ج3 ص467 ،الجصاص في أحكام القران ج3 ص571، والو احدي في أسباب النزول 367 ،والبيضاوي في التفسير ج3 ص382 وابن كثير في التفسير ج3 ص492 والمار ودي في النكت والعيون ج4 ص401 والقرطبي في التفسير ج14 ص182 ، والبغوي في معالم التنزيل ج3 ص456 والنحاس في معاني القران ج5 ص348 ومحمد بن جزي الكلبي في التسهيل لعلوم التنزيل ج3 ص137 والجاوي في التفسير المنير ج2 ص183 ، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج3 ص137 وغيرهم بقدر ما ذكرت مرات.
مناقشة الاستدلال الثاني
فقد نقل ابن عساكر في تاريخه عن عكرمة عن ابن عباس قوله في الآية انها نزلت في نساء النبي (ص) خاصة ، وقال عكرمة من شاء باهلته انها نزلت في أزواج النبي خاصة 3.وهناك مصادر تنقل نفس الذي ذكرناه عن عكرمة !! أما عكرمة فانه من الخوارج الصفرية ولا غرابة ان يصدر منه مثل هذا الكلام لأنه اشتهر بالكذب عن ابن عباس ، وقال الشافعي فيه انه كذاب ، وقال ابن سيرين لا يقبل حديثه ،وحتى انه يوم مات تركوا جنازته ولم يشيعه احد فحمله أربعة من رجال السودان )4.
1-صحيح مسلم شرح النووي ج2ص64 ومثله الترمذي في سننه ج5 ص306 وقال هذا حديث حسن صحيح ، ومما نقل الحديث نصا أو ما يراد فه في المعنى ، النسائي في السنن الكبرى ج5 ص47،وفي فضائل الصحابة ص17 وفي الخصائص ص187 واحمد في المسند ص84 وفي فضائل الصحابة ج2 ص536 والحاكم النيسابوري في المستدرك ج3 ص129 وفي معرفة علوم الحديث ص180 وغيرهم كثيرون.
2-صحيح مسلم المجلد الثاني ص116.
3-السيوطي في الدر المنثور ج5 ص1678 وتاريخ دمشق 69-150 .
4-راجع وفيات الأعيان لابن خلكان ج3 ص265 ،وميزان الاعتدال للذهبي ج3 ص93 .
ثانيا/ ما مكن ان تقف رواية شخص كذاب بوجه تلك الروايات التي من أشهر الروايات الإسلامية مع كون تلك الروايات مشهود لها بالصحة .
ثالثا/ إن عكرمة البربري وعروة ابن الزبير كانا من النواصب المعروفين بانحرافهم عن أمير المؤمنين (ع) ،ولهذا لابد ان تكون رواياتهم ضد مناقب الإمام وأهل بيته (ص) .
العصمة في أية التطهير
بعد ان اطلعنا على إثبات صفة كون أية التطهير في أصحاب الكساء الخمسة (ع) وقد استدل أكثر المحدثين والمفسرين على عصمة اهل البيت من الذنوب بما حاصله ،،، انه يستفاد من كلمة انما في موارد استعمالها التأكيد والإصرار على وقوع ما بعدها والإرادة الواقعة بعدها لابد وان يتبعها التطهير من الذنوب الذي تعنيه كلمة الرجس ، ذلك لان الإرادة المطلقة لا تختص بأهل البيت من بين سائر الناس فلا يبقى لهم ميزة على غيرهم فيما لو أريد منها ذلك!! الا اذا تحقق المراد وهو عين العصمة التي يدعيها الشيعة للنبي والزهراء والأئمة الأطهار ، وقد أيد هذا (1) المعنى محيي الدين ابن العربي قال ان الله سبحانه طهر نبيه وأهل بيته بدليل أية التطهير ، والرجس في اللغة الشيء القذر ولا شيء أقذر من الذنوب ، وعليه فلا يضاف لأهل البيت الا مظهر مقدس بل هم عين الطهارة !! وأضاف أيضا ان سلمان أيضا معصوم من الذنوب لان اهل البيت معصومون بشهادة الله سبحانه ، وقد ثبت عن رسول الله (ص) انه قال سلمان مننا اهل البيت
وقال لا يبقى في النار موحد ممن بعث إليه رسول الله لان النار تكون على الموحدين بردا وسلاما ببركة اهل البيت (ع) ) 2
انتهى البحث في المقام الأول من أية التطهير الدالة على عصمة الأئمة (ع).
الآية الثانية
الآية الثانية الدالة على عصمة الأئمة عليهم السلام قوله تعالى ((قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إماما قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))3
أولا القصة واقعة في أواخر عهد إبراهيم عليه السلام وذلك بعد مجيء الملائكة إلى إبراهيم بالبشارة ، يعرف ذلك من قوله تعالى ((قَالَ أَبَشَّرْ تُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ)) 4ثم نعلم ان قوله ((ومن ذريتي ))واقعة بعد قوله إني جاعلك للناس إماما هنا من له أدنى دراية بأدب الكلام وخاصة مثل إبراهيم الخليل في خطاب ربه الجليل ان يتفوه بما لا علم له به ، فالمفروض ان يقول (ومن ذريتي ان رزقني ذرية أو ما يؤدي إلى هذا المعنى )من هنا نستدل ان القصة واقعة في أو أخر عهد النبي إبراهيم (ع)بعد البشارة أحببت ان أعطي مقدمة عن الآية وقصتها حتى يتسنى لنا الدخول في صلب البحث والعجيب ان هناك من يفسر قوله تعالى جاعلك للناس إماما ، يقول المراد بالإمام النبوة وذلك لان الإمام هو الذي يقتدى به ويأتم الناس وكذلك النبوة لان النبي يقتدى به في أمته وهذا الكلام غاية في السقوط لعدة وجوه منها .
1-الفتوحات المكية ج1 ص 196 3-البقرة أية 124
2-الفتوحات المكية ج2 ص127 4-الحجر أية 55
الوجه الأول /لان اما ما مفعول ثاني لعامله الذي هو قوله جاعلك واسم الفاعل لا يعمل اذا كان بمعنى الماضي انما يعمل اذا كان بمعنى الحال والاستقبال فقوله إني جاعلك للناس إماما وعدالة بالإمام ة مع انه وحي لايكون الا مع نبوة فقد كان عليه السلام نبيا قبل تقلده الإمام ة فإمامته ليست بمعنى النبوة1.
ثانيا / كما بينا في صدر الكلام ان قصة الإمام ة جاءت في أواخر عهد إبراهيم (ع) بعد مجيء البشارة له بإسماعيل وإسحاق فقد جاءت الملائكة بالبشارة في مسيرها إلى قوم لوط وإهلاكهم وقد كان إبراهيم حينئذ نبيا مرسلا قبل ان يكون إماما فإمامته غير نبوته 2.
فدلت هذه الآية على العصمة لان المذنب ظالم ولو لنفسه وبما ان الجميع أخطا قبل النبوة بل حتى وبعدها فلا بد ان تنسجم الآية مع من لا يخطئ ،لكن اذا مررت بمقالة البلوشي وأمثال ه انه يقول نص كلامه (هذا تخبط في الكلام لان السلام يجب عما قبله!! )
وجواب ذلك/ان الحكم يدور مدار وجود الموضوع مثلا( الزاني بحد)أو (السارق بقطع) فالمراد منه الإنسان المتلبس بالزنا أو السرقة فيكون محكوما به وان زال العنوان وتاب السارق والزاني .
وثالثا/ثم المراد ان إبراهيم (ع) عندما خاطبه الله بقوله ((لا ينال عهدي الظالمين )) من لم يكن ظالما من بداية عمره لأنه لو كان المراد انه كان في بداية عمره ظالما فحاشا لإبراهيم ان يدعوا له بالإمامة فلا يكون الا ان يكون طيلة عمره نقيا .
ولا أريد ان أطيل عليك بالإكثار من إيراد الشواهد والنصوص عل صحة عصمة الأئمة (ع) ،فأين موقع الذي يقول عكس ذلك؟ وهل يا ترى منطق العقل يعقل ويفكر ؟ ؟ واغرب من ذلك ما يقوله البعض ما علاقة هذه الآية بعلي ؟؟ انها في إبراهيم !! اقول معنى ذلك اذا كانت كل أية تتوقف وتنحصر بسبب نزولها وموضع شاهدها ، ولا يوجد مصداق للآيات بعد سبب نزولها ، معنى ذلك ان القران الكريم لانستطيع ان نتعبد بأية واحدة من آياته ونحتاج الى قرانا أخر ،، !! وهل يقول بهذا عاقل ؟؟
فأقدم هذا البحث المتواضع والبسيط الى جميع الإخوة الباحثين عن الحقيقة عسى ان يجعلها الله في ميزان أعمالنا : مع ملاحظة إني اختصرت في هذا البحث على هذا القدر كي لايشق على القارئ وإلا البحث في المطولات ومناقشة جميع الردود يحتاج الى أكثر وقتا والى صفحات وصفحات نحن لسنا بصدد تعدادها
والحمد لله رب العالمين
بقلم الشيخ واثق ألشمري
1-نقل هذا الحديث من تفسير الميزان في تفسير الآية المذكورة من الجزء الأول.
2-نفس المصدر السابق .