أسئلة وأجوبة في التوسل والتبرك وزيارة القبور
بسم الله الرحمن الرحيم
* * هذه الأسئلة والأجوبة مأخوذه من منتديات الدكتور محمود السيد صبيح للفائدة * *
س/ ما هو التوسل؟* * هذه الأسئلة والأجوبة مأخوذه من منتديات الدكتور محمود السيد صبيح للفائدة * *
التّوسلُ هو طَلَبُ حصولِ منفعةٍ أو اندفاعِ مضرَّةٍ من الله بِذِكرِ اسم نبيّ أو وليّ إكرامًا للمتوسَّلِ به.
س/ ما معنى قوله تعالى {وابتغوا إليه الوسيلة}؟
قال تعالى: {وابتغواإليه الوسيلة} [سورة المائدة] أي كلّ شيءٍ يُقربكم إليه اطلبوهُ يعني هذه الأسباب، اعملوا الأسباب فنحقّقُ لكم المسبَّبات، نحقّقُ لكم مطالبكم بهذهِ الأسبابِ، وهو قادرٌ على تحقيقِها بدونِ هذه المسبَّباتِ.
س/ لمَ نقول "اللهم إني أسألك بجاه رسول الله أو بحرمة رسول الله أن تقضي حاجتي وتفرّج كربتي"؟
جَعَلَ الله سبحانه وتعالى من الأسبابِ المعينةِ لنا لتحقيقِ مطالب لنا التَّوسلَ بالأنبياءِ والأولياءِ في حالِ حياتِهم وبعدَ مماتِهِم، فنحنُ نسألُ الله بهم رجاءَ تحقيقِ مطالِبنَا، فنقولُ: اللهمَّ إني أسألُكَ بجاهِ رسولِ الله أو بحرمَةِ رسولِ الله أن تقضيَ حاجَتي وتفرّجَ كَربي، أو نقول: اللهم بجاهِ عبدِ القادرِ الجيلانيّ ونحو ذلكَ، فإن ذلكَ جائزٌ وإنما حَرَّمَ ذلكَ الوهَّابيةُ فشذُّوا بذلكَ عن أهلِ السنَّةِ.
س/ ما معنى قوله تعالى {إيَّاك نعبد}؟
قالَ إمامُ اللغويينَ الذين ألَّفوا في لغةِ العَرب الفرَّاءُ: العبادةُ الطَّاعَةُ مع الخضوعِ وبهذا فسَّروا قوله تعالى:{إيَّاك نعبُدُ} أي نطيعُكَ الطّاعَةَ التي مَعَها الخضوعُ، والخضوعُ معناهُ التَّذَلُّلُ.
س/ أذكر دليلاً على جواز التوسل؟
ومن الأدلّةِ على جوازِ التوسُّلِ الحديثُ الذي رواهُ الطبرانيُّ وصحَّحَهُ والذي فيه أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم عَلَّم الأعمَى أن يتوسلَ به فذهَبَ فتوسَّل به في حالة غيبتِهِ وعادَ إلى مجلسِ النبي وقد أَبصَرَ، وكانَ مما علّمَهُ رسولُ الله أن يقول: "اللهم إني أسألكَ وأتوجَّهُ إليك بنبيّكَ محمَّدٍ نبيّ الرّحمةِ يا محمَّدُ إنّي أتوجَّهُ بكَ إلى ربّي في حاجتي (ويسمّي حاجته) لِتُقضَى لي".
س/ ما هو الحديث الذي يدل على جواز التوسل بغير الحي الحاضر؟
التَّوسُّلُ بالأنبياءِ والأولياءِ جائزٌ في حالِ حَضرَتهم وفي حالِ غَيبَتِهم، ومناداتُهم جائزةٌ في حالِ غيبتهم وفي حالِ حضرتِهم كما دلَّ على ذلك الأدلّةُ الشَّرعيّةُ.
ومن الأدلّةِ على جوازِ التوسُّلِ الحديثُ الذي رواهُ الطبرانيُّ وصحَّحَهُ والذي فيه أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم عَلَّم الأعمَى أن يتوسلَ به فذهَبَ فتوسَّل به في حالة غيبتِهِ وعادَ إلى مجلسِ النبي وقد أَبصَرَ، وكانَ مما علّمَهُ رسولُ الله أن يقول: "اللهم إني أسألكَ وأتوجَّهُ إليك بنبيّكَ محمَّدٍ نبيّ الرّحمةِ يا محمَّدُ إنّي أتوجَّهُ بكَ إلى ربّي في حاجتي (ويسمّي حاجته) لِتُقضَى لي".
فبهذا الحديث بَطَلَ زعمُهم أنهُ لا يجوزُ التَّوسُّلُ إلا بالحيّ الحاضِرِ، لأن هذا الأعمى لم يكن حاضِرًا في المجلسِ حين توسَّلَ برسولِ الله بدليلِ أن راوي الحديث عثمانَ بن حنيفٍ قالَ لما رَوَى حديثَ الأعمى: "فوالله ما تفرَّقنا ولا طَالَ بنا المجلسُ حتى دَخَلَ علينا الرجلُ وقد أَبصَرَ".
فمن قوله: "حتى دَخَلَ علينا"، عَلِمنا أنَّ هذا الرجلَ لم يكن حاضرًا في المجلسِ حين توسَّلَ برسولِ الله.
س/ ما الدليل على جواز التوسل برسول الله بعد وفاته؟
أما الدليلُ على جوازِ التَّوسُّلِ برسولِ الله بعد وفاتِهِ فيؤخَذُ أيضًا من حديثِ عثمان بن حنيفٍ الذي رواهُ الطَّبرانيُّ وصحَّحَهُ، والذي فيه أنه علَّمَ رجلاً هذا الدُّعاءَ الذي فيه توسُّلٌ برسولِ الله لأنه كانَ له حاجة عندَ سيدنا عثمان بن عفّان لمَّا كانَ خليفةً وما كانَ يتيسَّرُ له الاجتماعُ به حتى قرأ هذا الدّعاءَ، فتيسَّرَ أمرُهُ بسرعةٍ وقضَى له سيّدنا عثمانُ بن عفان حاجتَهُ.
س/ ما الدليل على جواز زيارة قبور الأنبياء والأولياء وبطلان دعوى ابن تيمية أن هذه الزيارة شركية؟
هؤلاءِ الذينَ يُكَفّرونَ الشَّخْصَ لأَنَّهُ قَصدَ قَبْرَ الرّسُولِ أو غَيْرِه من الأوْلياءِ للتبرُّكِ فَهُم جَهِلُوا معنى العِبادةِ، وخَالَفُوا ما علَيهِ المُسلِمونَ، لأنَّ المُسْلمينَ سَلَفًا وخَلَفًا لَمْ يَزالُوا يَزُورُوْنَ قَبْرَ النّبيّ، وليسَ مَعْنى الزّيارةِ لِلتَّبرُّكِ أنَّ الرَّسُولَ يَخْلُقُ لَهُمُ البَركَةَ بل المَعْنَى أنَّهُم يَرْجُونَ أن يَخلُقَ الله لهمُ البَرَكَةَ بزِيارَتِهم لقَبْرِه. والدَّليلُ علَى ذلكَ مَا رَواهُ البَيهقيُّ بإسْنادٍ صَحِيح عن مَالكِ الدَّارِ وكانَ خَازِنَ عُمرَ قالَ: أصَابَ النّاسَ قَحْطٌ (أي وَقَعت مَجاعَةٌ، تِسْعَةَ أشْهُرٍ انقَطعَ المطَرُ عَنْهُم) في زَمانِ عُمَر (أي في خِلافَتِه) فَجاءَ رَجُلٌ (أي مِنَ الصّحابةِ) إلى قبرِ النَّبي صلى الله عليه وسلم فقالَ: يارسُولَ الله اسْتَسْقِ لأُمّتِكَ فَإنَّهُم قَدْ هَلَكُوا فأُتِيَ الرجلُ في المََنامِ (أي أُرِيَ في المنام أن رسول الله يكلّمه) فقِيْلَ لَهُ: أقْرِىء عُمرَ السَّلامَ وأخْبِرْهُ أنَّهُم يُسْقَوْنَ، وقُلْ لَهُ: عَليكَ الكَيْسَ الكَيْسَ. فأَتَى الرَّجلُ عُمَرَ فأَخْبرَهُ، فَبكَى عُمَرُ وقَالَ: يا رَبّ مَا ءَالُو إلامَا عَجَزْتُ. وقَد جاءَ في تَفْسِيرِ هذَا الرَّجُلِ أنّهُ بلالُ بنُ الحارِثِ المُزَنيُّ الصّحَابِيُّ. فهذَا الصَّحابِيُّ قَدْ قصَدَ قبرَ الرَّسُولِ للتبرُّكِ فَلَم يُنكِرْ علَيهِ عُمَرُ ولا غَيْرُهُ فَبطَل دَعْوى ابنِ تَيميةَ أنَّ هذهِ الزّيارَة شِركيَّةٌ.
س/ ما معنى قول الصحابي: "يا رسول الله استسقِ لأمتك فأنهم قد هلكوا"؟
معناهُ اطلُب منَ الله المَطَرَ لأُمّتِكَ فَإنَّهُم قَدْ هَلَكُوا.
س/ ما معنى ما جاء في الحديث: "أقْرِىء عُمرَ السَّلام َوأخْبِرْهُ أنَّهُم يُسْقَوْنَ"؟
أي سلّم لي عليه وأخْبِرْهُ أنَّهُم سَيأْتيْهِم المَطَرُ، ثم سَقَاهُم الله تعالى حتَّى سُمِّيَ ذلكَ العامُ عامَ الفَتْقِ مِنْ شِدَّةِ ما ظهَرَ منَ الأعْشَابِ وسَمِنَتِ المواشِي حتّى تَفتَّقَتْ بالشَّحْمِ.
س/ ما معنى قول الرسول: "عليك الكيس الكيس"؟
أي عَليكَ بالاجْتِهادِ بالسَّعْي في خِدْمَةِ الأُمَّةِ.
س/ ما معنى قول عمر: "يا ربما ءالو إلا ما عجزت"؟
أي لا أُقَصِّرُ إلا ما عَجَزْتُ، أي سَأفْعَلُ مَا في وُسْعِي لخدْمَةِ الأُمَّةِ.
س/ ما الرد على قول بعض الوهابية "إن مالك الدار مجهول"؟
قول بعض الوهابية إن مالك الدار مجهول يرده أن عمر لا يتخذ خازنًا إلا خازنًا ثقة.
س/ ما الرد على بعض الوهابية في محاولتهم تضعيف حديث مالك الدار وكان خازن عمر؟
محاولتهم لتضعيف هذا الحديث بعدما صححه الحافظ ابن حجر لغوٌ لا يُلتفت إليه. ويقال لهذا المدعي: لا كلام لك بعد تصحيح أهل الحفظ أنت ليس لك في اصطلاح أهل الحديث حق. على أن التصحيح والتضعيف خاص بالحافظ وأنت تعرف نفسك أنك بعيد من هذه المرتبة بعد الأرض من السماء.
س/ ما الرد على قول الوهابية "إن الاستغاثة بالرسول بعد وفاته شرك"؟
رَوى البَيهقيُّ بإسْنادٍ صَحِيح عن مَالكِ الدَّارِ وكانَ خَازِنَ عُمرَ قالَ: أصَابَ النّاسَ قَحْطٌ في زَمانِ عُمَرَ فَجاءَ رَجُلٌ إلى قبرِ النَّبي صلى الله عليه وسلم فقالَ: يا رسُولَ الله اسْتَسْقِ لأُمّتِكَ فَإنَّهُم قَدْ هَلَكُوا فأُتِيَ الرجلُ في المََنامِ فقِيْلَ لَهُ: أقْرِىء عُمرَ السَّلامَ وأخْبِرْهُ أنَّهُم يُسْقَوْنَ، وقُلْ لَهُ: عَليكَ الكَيْسَ الكَيْسَ. فأَتَى الرَّجلُ عُمَرَ فأَخْبرَهُ، فَبكَى عُمَرُ وقَالَ: يارَبّ مَا ءَالُو إلا مَا عَجَزْتُ. وقَد جاءَ في تَفْسِيرِ هذَا الرَّجُلِ أنّهُ بلالُ بنُ الحارِثِ المُزَنيُّ الصّحَابِيُّ.
فما حصل من هذا الصحابيّ استغاثة وتوسل. وبهذا الأثر يبطل أيضًا قول الوهابية إن الاستغاثة بالرسول بعد وفاته شرك.
س/ ماذا قال الحافظ تقي الدين السبكي عن التوسل والاستغاثة والتوجه والتجوه؟
قال الحافظ الفقيه اللغوي تقي الدين السبكي إن التوسل والاستغاثة والتوجه والتَّجوُّهَ بمعنى واحد ذكر ذلك في كتابه شفاء السَّقام الذي ألَّفه في الرد على ابن تيمية بإنكاره سنية السفر لزيارة قبر الرسول وتحريمه قصر الصلاة في ذلك السفر.
س/ ما الدليل على استحباب معرفة قبور الصالحين لزيارتها والقيام بحقها؟
قَالَ الحَافِظُ وليُّ الدّينِ العِرَاقيُّ في حَديثِ أبي هُريرةَ أنَّ مُوسَى قالَ: "ربّ أَدْنِني مِنَ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجرٍ"، وأنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "والله لَو أني عِندَهُ لأَريْتُكم قَبْرَهُ إلى جَنْبِ الطَّرِيقِ عِنْدَالكَثِيْبِ الأحْمَرِ" :فيهِ اسْتِحْبَابُ مَعْرِفَةِ قُبورِ الصَّالحِينَ لزِيَارتها والقِيامِ بحقّهَا". اهـ
في فهمُ من قولِ رسولِ الله عن قبرِ موسى عليه السلام "والله لو أني عندَهُ لأريتُكُم قبرَهُ إلى جنبِ الطَّريقِ عندَ الكثيبِ الأحمرِ" والذي هو قُربَ أريحا الإشارةُ إلى أن زيارةَ قبورِ الأنبياءِ والصّالحينَ للتبركِ بهم مطلوبة وعلى هذا كانَ الأكابرُ وعلى ذلك نَصُّوا.
س/ ماذا يستحب أن يقال عند زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وقد ذَكَرَ الإمامُ أبو الوفاء بن عقيلٍ الحنبليُّ الذي هو من أعمدةِ المذهَبِ الحنبليّ أنه ممَّا يُستَحَبُّ قولُهُ عند زيارةِ قبرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إنكَ قُلتَ في كتابِكَ لنبيّك صلى الله عليه وسلم: {ولو أنَّهم إذ ظلموا أنفسَهم جاءوك فاستغفروا اللهَ واستغفرَ لهم الرسولُ لوجدوا اللهَ توابًا رحيمًا} [سورة النساء]، وإنّي قد أتيتُ نبيَّكَ تائبًا مستغفرًا فأسألكَ أن تُوجِبَ لي المغفرةَ كما أوجَبتَهَا لمن أتاهُ في حياتِهِ، اللهم إني أتوجَّهُ إليكَ بنبيّكَ صلى الله عليه وسلم نبيّ الرّحمةِ، يا رسولَ الله إنّي أتوجَّهُ بكَ إلى ربّي ليغفرَ لي ذنوبي"، فبعدَ هذا كيفَ يقولُ بعضُهم إن زيارةَ قبرِ النَّبي للتبرُّكِ بهِ والتّوسُّلِ بهِ زيارةٌ شركيّةٌ، فما أَبعَدَ هؤلاءِ عن الحَقّ.
س/ ماذا قال الحافظ سراج الدين بن الملقن عن قبر معروف الكرخي؟
إنَّ أحدَ حُفَّاظِ الحديثِ واسمهُ الحافظُ سراجُ الدّينِ بن المُلقّن هذا تُوفّيَ بعدَ ابن تيمية بنحوِ ستين سنةً وهو من الفقهاءِ الشّافعيّينَ ذَكَرَ عن نفسِهِ في كتابِهِ طبقاتِ الأولياءِ وهو كتابٌ يذكرُ فيه تراجمَ أولياءَ من السَّلفِ والخلفِ فقال: "ذهبتُ إلى قبرِ معروفٍ الكَرخيّ وَقَفتُ ودعوتُ الله عِدَّةَ مرَّاتٍ، فالأمرُ الذي كانَ يصعبُ عليَّ ينقضي لما أدعو الله هناكَ عندَ قبرِهِ"، هذا معروفٌ الكرخيُّ من الأولياءِ البارزينَ المشهورينَ في بغدادَ، معروفٌ عند العَامّةِ والخاصَّةِ، يقصدونَ قبرَهُ للتّبرُّكِ.
س/ ماذا جاء عن الحسن بن إبراهيم الخلال في أمر التوسل والزيارة؟
ذكرَ الحافظُ الخطيبُ البغداديُّ في تاريخِ بغدادَ عن الحسنِ بن إبراهيم الخَلالِ أنه قال: "ما همَّني أمرٌ فَقَصَدتُ قبرَ موسى بن جعفرٍ فتوسَّلتُ به إلا سَهَّلَ الله تعالى لي ما أحبُّ" اهـ
س/ ماذا قال إبراهيم الحربي عن قبر معروف الكرخي؟
ذكرَ الحافظُ الخطيبُ البغداديُّ في تاريخِ بغدادَ عن بعضِ أكابرِ السَّلفِ ممَّن كانَ في زمنِ الإمامِ أحمدَ بن حنبلٍ واسمه إبراهيم الحربيُّ أبو إسحق وكان حافظًا فقيهًا مجتهدًا يُشبَّهُ بأحمدَ بن حنبلٍ، وكان الإمامُ أحمدُ يُرسلُ ابنه ليتعلّمَ عندَه الحديثَ أنهُ قالَ: "قبرُ معروفٍ التّرياقُ المجرَّبُ"، والتّرياقُ هو دواءٌ مركب من أجزاء وهو معروفٌ عند الأطباءِ القُدَامى من كثرةِ منافِعِهِ، وهو عندهم أنواع، شَبَّهَ الحربيُّ قبرَ معروفٍ بالترياق في كثرةِ الانتفاع فكأنَّ الحربيَّ قال: أيها الناسُ اقصدوا قبرَ معروفٍ تبركًا بهِ من كثرةِ منافِعِهِ.
س/ ماذا قال عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الأزهري عن قبر معروف الكرخي؟
ذكرَ الحافظُ الخطيبُ البغداديُّ في تاريخِ بغدادَ عن عبيدِ الله بن عبدِ الرّحمن بن محمّد الزُّهري أنه قالَ: سمعتُ أبي يقولُ: "قبرُ معروفٍ الكرخي مجرَّبٌ لقضاءِ الحوائجِ، ويقالُ: إنه مَن قَرَأَ عندَهُ مائةَ مرَّةٍ: {قُل هوَاللهُ أحَد} (سورة الإخلاص1) وسَأَلَ الله تعالى ما يريدُ قَضَى الله له حاجتهُ".
س/ ماذا قال أبو عبد الله المحاملي عن قبر معروف الكرخي؟
ذكرَ الحافظُ الخطيبُ البغداديُّ في تاريخِ بغدادَ عن أبي عبد الله المحامليّ أنه قالَ: "أعرفُ قبرَ معروفٍ الكرخيّ منذُ سبعينَ سنةً، ما قصدَهُ مهمومٌ إلا فَرَّجَ الله همَّهُ".
س/ ماذا يروى عن الشافعي أنه كان يقول عن أبي حنيفة وقبره؟
ورُويَ عن الشَّافعي أنه كان يقولُ: "إنّي لأتبرَّكُ بأبي حنيفةَ وأجيءُ إلى قبرِهِ في كلّ يومٍ - يعني زائرًا- فإذا عَرَضَت لي حاجةٌ صلَّيتُ ركعتينِ وجئتُ إلى قبرِهِ وسألتُ الله تعالى الحاجةَ عندَهُ فما تَبعُدُ عني حتى تُقضَى".
س/ ماذا قال الحافظ الجزري عن قبور الصالحين؟
وقد ذَكَرَ الحافظُ الجزريُّ وهو شيخُ القرَّاءِ وكانَ من حفَّاظِ الحديثِ في كتابٍ له يُسمَّى الحصن الحصين وكذلكَ ذكرَ في مختصرهِ قال: "مِن مواضِعِ إجابةِ الدُّعاءِ قبورُ الصّالحينَ" ا.هـ، وهذا الحافظُ جاءَ بعد ابن تيمية بِنحوِ مائةِ سنةٍ، ولم يُنكِر عليه العلماءُ إلا أن يكونَ بعض الشَّاذّين الذين لَحِقوا نفاةَ التَّوسُّلِ من أتباعِ ابن تيمية.
س/ أذكر قول الإمام مالك للخليفة المنصور لما حجّ فزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟
ونختِمُ هذا المقالَ بقولِ الإمامِ مالكٍ للخليفةِ المنصورِ لما حَجَّ فزارَ قبرَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وسألَ مالكًا قائلاً: "يا أبا عبدِ الله أستقبلُ القِبلَةَ وأدعو أم أستقبلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: وَلِمَ تَصرِفُ وجهَكَ عنه وهو وَسيلَتُكَ ووسيلةُ أبيكَ آدم عليه السلام إلى الله تعالى؟ بل استقبِلهُ واستشفع بهِ فيشفّعهُ الله" ذكرهُ القاضي عياضٌ في كتابِ الشّفا.
س/ ما دليل أن إثم تكفير الوهابية للمسلمين لمجرد قصد قبور الأنبياء والصالحين وهم يعتقدون أن الأنبياء والأولياء أسباب فقط يكون في صحائف ابن تيمية لأنه أوّل من سنَّ هذا؟
كيفَ تجرأَ ابنُ تيمية على تحريمِ ذلك وتكفيرِ من يفعلُ ذلكَ والحكم عليه بالشرك، ثم كيفَ تجرأَ على دعوى أنه مُتَّفَقٌ عليهِ بين العلماءِ، ولو قالَ هذا ما أراهُ وأعتقدُهُ لكانَ ذلكَ إبداءَ رأيهِ الخاص لكنه أوهَمَ أن هذا الذي يراهُ متفقٌ عليهِ عند علماءِ الإسلامِ تلبيسًا على الناسِ وهو يعلمُ أن الأمرَ ليسَ كذلكَ، فما أعظم ما ترتَّبَ من كلامِ ابن تيمية هذا من تكفيرِ أتباعِهِ الوهابيةِ للمسلمينَ لمجردِ قَصدِ قبورِ الأنبياءِ والصالحينَ وهم يعتقدونَ أن الأنبياءَ والأولياءَ أسبابٌ فقط لا يخلقونَ منفعةً ولا مضرَّةً، فكلُّ إثمِ تكفيرِ هؤلاءِ المسلمينَ يكونُ في صحائف ابنِ تيمية لأنه أولُ من سَنَّ هذا، فقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ومن سنَّ في الإسلامِ سنةً سيئةً فعليه ِوِزرُهَا ووزرُ من عَمِلَ بها من بعدِهِ لا ينقصُ من أوزَارِهم شىءٌ" وهو حديثٌ مشهورٌ رواه مسلمٌ وغيرُهُ.
س/ أذكر ما حدّث به الشيخ أحمد ذاكر من عجائب تكفير الوهابية للمسلمين؟
ومن عجائِبِ تكفيرِ الوهابيةِ للمسلمينَ ما حدَّث به الشيخُ أحمدُ ذاكر قالَ: كنتُ في ناحيةِ بني غامد في الحجازِ جالسًا تحتَ شجرةٍ أدعو الله رافعًا يديَّ فأقبلَ إليَّ واحدٌ وقال بصوتٍ عالٍ: لِمَ تعبُدُ الشجرةَ، وهذا الإنكارُ منهُ وتكفيرهُ لهُ ناشئ من مجردِ سوءِ الظن بالرجلِ كَفَّره من غير أن يَسمَعَ منه ما يقولُ، ولم يكن هذا في بلدٍ من بلادِ المسلمينَ قبل ظهورِ محمد بن عبد الوهاب في نجدِ الحجازِ، ثم ازدادَ أتباعُهُ غلوًّا ولا يزالونَ يزدادونَ غلوًّا إلى يومِنَا هذا.
س/ ما الدليل على أن الاستعاذة بغير الله ليست شركاً؟
أخْرجَ أحْمدُ في المُسْنَدِ بإسْنادٍ حَسَنٍ كَما قَالَ الحَافِظُ ابنُ حجَرٍ أنَّ الحارِثَ بنَ حسَّانٍ البَكْرِيَّ، قَالَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: أَعُوذُ بالله ورَسُولِه أَن أَكُونَ كَوافِدِ عَادٍ، الحديث بطُولِهِ دليلٌ يُبطِلُ قولَ الوهابيةِ: الاستعاذَةُ بغيرِ الله شِركٌ.
س/ أذكر قصة الحارث بن حسان البكري لما قدم إلى رسول الله وقال له "أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد"؟
الحارثُ بن حسَّان البكريُّ قالَ: "خرجتُ أشكو العلاءَ بن الحضرميَّ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فمررتُ بالرَّبذةِ فإذا عجوزٌ من بني تميمٍ منقطع بهَا، فقالت لي: يا عبدَ الله إنَّ لي إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حاجةً فهلاَّ أنتَ مبلّغي إليهِ، قال: فحملتُها فأتيتُ المدينةَ فإذا المسجدُ غاصٌّ بأهلِهِ، وإذا رايةٌ سوداءُ تخفِقُ وبلالٌ متقلّدٌ السَّيفَ بين يدي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: ما شأن الناس، قالوا: يريدُ أن يبعثَ عمرو ابن العاص وجهًا، قال: فجلستُ، قال: فَدَخَلَ منزلهُ أو قالَ رَحلَهُ، قال: فاستأذنتُ عليه فأَذِنَ لي فدخلتُ فسلَّمتُ، فقال: "هل كانَ بينكم وبينَ بني تميمٍ شىء"، قال: فقلتُ: نعم، قالَ: وكانت لنا الدَّبرة عليهم، ومررتُ بعجوزٍ من بني تميمٍ منقطعٍ بها فسألتني أن أحمِلَها إليكَ وها هي بالبابِ، فأَذِنَ لها فَدَخَلَت فقلتُ: يا رسولَ الله إن رأيتَ أن تجعلَ بيننا وبينَ بني تميمٍ حاجزًا فاجعَل الدَّهناء، فَحَمِيَت العجوزُ واستوفزت، قالت: يا رسولَ الله فإلى أينَ تضطر مُضَرُكَ، قال: قلتُ: إنما مثلي ما قالَ الأوّل: معزاء حَملَت حتفَهَا، حملْت هذه ولا أشعرُ أنها كانت لي خصمًا، أعوذُ بالله ورسولِهِ أن أكونَ كوافِدِ عادٍ، قال: "هيه وما وافدُ عادٍ" وهو أعلمُ بالحديثِ منهُ ولكن يستطعمهُ، قلتُ: إن عادًا قحطوا -أي انقطعَ عنهم المطرُ- فبعثوا وافدًا لهم يُقالُ له قيل، فمرَّ بمعاوية بن بكر فأقامَ عندَهُ شهرًا يسقيهِ خمرًا وتغنّيه جاريتانِ يُقالُ لهما الجرادتانِ، فلما مَضَى الشهر خرجَ إلى جبالِ تِهامة -يَطلبُ المطرَ من الله، لأن هؤلاءِ كانوا مع شركِهم يعظّمونَ مكَّةَ- فنادَى: اللهم إنكَ تعلمُ أني لم أجىء إلى مريضٍ فأداويهِ ولا إلى أسيرٍ فأفاديهِ، اللهم اسقِ عادًا ما كنتَ تسقيهِ، فمرَّت بهِ سحابات سودٌ ـ والغالبُ أن السّحابةَ السوداء هي التي تحمِلُ المطرَ، فَرحَ فقالَ الآن ينزلُ المطرُ ـ فنودِيَ منها ـ أيناداهُ المَلَكُ قائلاً ـ: اختر، فأومأَ إلى سحابةٍ منها سوداء فَنُودِيَ منها: خُذها رَمادًا رَمدَدًا لا تبقي من عادٍ أحدًا، قال: فما بلغني أنه بعثَ عليهم من الريحِ إلا قدر ما يَجري في خاتَمي هذا حتى هلكوا، قالَ أبو وائل: وصدقَ، قال: فكانت المرأةُ والرجلُ إذا بعثوا وافدًا لهم قالوا: لا تَكُن كوافِدِ عادٍ" ا.هـ
س/ ما وجه الدليل في قول الحارث بن حسان البكري لرسول الله "أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد" على جواز الاستعاذة بغير الله؟
وجهُ الدليلِ في هذا الحديثِ أنَّ الرسولَ لم يَقُل للحارثِ أشركتَ لقولِكَ "ورسولِهِ"، حيثُ استعذتَ بيوقد جَمَعَ الحارثُ الاستعاذةَ بالرسولِ مع الاستعاذةِ بالله وذلكَ لأن الله هو المستعاذُ بهِ على الحقيقةِ وأما الرسولُ فمستعاذٌ بهِ على معنى أنه سببٌ، فتبينَ للحارثِ أن حاجتَها مثلُ حاجتِهِ، هو جاءَ ليطلُبَ مِنَ الرسولِ أرضًا من الأراضي وهي نفس الشَّىء كانَ في قلبِهَا أن تطلُبَ من الرَّسولِ، فلما أوصَلَهَا إلى الرَّسولِ فإذا بها تذكُرُ للرّسولِ ما عندَها ما كانَ في ضميرِها أي في قلبِهَا، فقالَ الصَّحابي: أعوذُ بالله ورسولِهِ أن أكونَ كوافِدِ عادٍ، يعني أعوذُ بالله أن أكونَ خائبًا في أملي الذي أمَّلتهُ، معناهُ هذه المرأةُ تريدُ أن تَسبِقَني إلى ماهو حاجتي.
س/ ما الرد على من قال "نحن لا ننكر الاستعاذة بالرسول في حياته في حضرته إنما ننكر الاستعاذة به بعد موته"؟
الاستعاذةُ معنى واحد إن كان طلبُها من حي حاضرٍ أو غائبٍ فكيفَ يكونُ طلبُها من الحاضِرِ جائزًا ومن الغائِبِ شركًا هذا غيرُ معقولٍ، فإنَّ المؤمِنَ إن استعاذَ بحيّ أو ميتٍ فإنّهُ يرَى المستعاذَ به سببًا أي أنه ينفَعُ المستعيذَ بهِ إن شاءَ الله أي إن كتبَ الله أنه ينفعهُ، وهذا المعنى لا فرقَ به بينَ أن يكونَ المُستَعاذُ به حيًّا حاضرًا أو ميتًا غائبًا، فلا الحيُّ الحاضِرُ المستعاذُ به خالقٌ للإعاذَةِ ولا الميت قالَ الله تعالى:{هل من خالقٍ غير الله}، وأينَ معنى عبادةِ غيرِ الله في هذا أليسَ معنَى العبادة لغةً وشرعًا نهاية التَّذَللِ يا مكفّرِينَ لأمةِ الهُدَى بلا سببٍ، افهَموا معنَى العبادَة ثم تَكَلَّموا.
تعليق