بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
والعن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك
في خطبة الحسين عليه السلام من "تحف العقول" قبل خروجه من مكة إلى المدينة،
قال عليه السلام مبينا تخاذل الأعيان، لأن الخطاب موجها لهم، وامورا كثيرة أخرى، والعناوين العريضة لثورته المباركة ونهضته الخالدة، وهي ذو معان سامية وعلائم واضحة، وتأنيبا ظاهرا لمن نسميهم السلف الصالح، ثم تبين الحالة الإجتماعية السائدة في تلك الفترة وما قبلها، ولماذا قام بثورته، وكل مأخذ عليهم قد بيَّن سببه، وغيرها من الأمور، فكان مما قال عليه السلام:(... اعتبروا ايها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار
إذ يقول: ( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإِثم )
وقال: ( لُعن الذين كفروا من بني اسرائيل ).. إلى قوله:( لبئس ماكانوا يفعلون )
والله يقول: (فلا تخشوا الناس واخشونِ) وقال: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)
فبدأ الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا أدِّيَت وأُقيمت،
استقامت الفرائض كلها، هيِّنها وصعبها.
وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
دعاء الى الاسلام، مع ردَّ المظالم،
ومخالفة الظالم،
وقسمة الفيء والغنائم،
وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقها.
ثم انتم ايتها العصابة:
عصابة بالعلم مشهورة،
وبالخير مذكورة،
وبالنصيحة معروفة،
وبالله في أنفس الناس مُهابة،
يهابكم الشريف، ويكرمكم الضعيف،
ويؤثركم من لافضل لكم عليه ولايد لكم عنده،
تشفعون في الحوائج اذا امتنعت من طلابها،
وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الأكابر،
اليس كل ذلك انما نلتموه بما يُرجى عندكم من القيام بحق الله وإن كنتم عن اكثر حقه تقصرون،
فاستخففتم بحق الامة:
فأما حق الضعفاء فضيَّعتم،
وامّا حقكم بزعمكم فطلبتم،
فلا مالاً بذلتموه
ولا نفساً خاطرتم بها للذي خلقها،
ولاعشيرة عاديتموها في ذات الله.
انتم تتمنون على الله جنتهُ ومجاورة رسلِهِ واماناً من عذابه،
لقد خشيت عليكم ايها المتمنون على الله أن تحل بكم نقمة من نقماته،
لأنكم بلغتم من كرامة الله منزلة فُضِّلتم بها ومن يُعرَف بالله لاتكرِمون، وانتم بالله في عباده تكرمون.
وقد ترون عهودَ الله منقوضة فلا تفزعون،
وانتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون،
وذمَّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) محقورة،
والعُميُ والبكمُ والزُمن في المدائن مهملة،
فلاتَرحمون ولافي منزلتكم تعملون، ولامن عمل فيها تعينون،
وبالإدهان والمصانعة عند الظلمة تأمنون.
كل ذلك مما امركم الله به من النهي والتناهي، وانتم عنه غافلون.
وانتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تسعون.
ذلك بأن مجاري الامور والاحكام على أيدي العلماء بالله الأُمناء على حلاله وحرامه،
فأنتم المسلوبون تلك المنزلة، وماسُلبتم ذلك، الا بتفرقكم عن الحق واختلافكم في السُّنة بعد البيِّنة الواضحة.
ولو صبرتم على الأذى، وتحملتم المؤونة في ذات الله،
كانت أمور الله عليكم ترد، وعنكم تصدر، واليكم ترجع.
ولكنكم مكَّنتم الظلمة من منزلتكم،
واسلمتم أمور الله في أيديهم،
يعملون بالشبهات، ويسيرون في الشهوات،
سلّطهم إلى ذلك فراركم من الموت،
واعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم.
فأسلمتم الضعفاء في أيديهم،
فمن بين مُستَعْبَد مقهور، وبين مُستضعف على معيشته مغلوب.
يتقلَّبون في الملك بآرائهم، ويستشعرون الخزي بأهوائهم،
اقتداءً بالاشرار، وجرأة على الجبار.
في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع،
فالأرض له شاغرة،
وأيديهم فيها مبسوطة،
والناس لهم خول،
لايدفعون يد لامسٍ، فمن بين جبار عنيد، وذي سطوة على الضعفة شديد،
مطاع لايعرف المبدئ لمعيد.
فيا عجباً، ومالي لا أعجب،
والارض من غاش غشوم، ومتصدق ظلوم، وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم،
فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا،
القاضي بحكمه فيما شجر بيننا.
اللهم انك تعلم انه لم يكن ما كان منا تنافساً في سلطان،
ولا التماساً من فضول الحطام،
ولكن لِنُري المعالم من دينك،
ونظهر الاصلاح في بلادك،
ويأمن المظلومون من عبادك،
ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك،
فإن لم تنصرونا وتنصفونا قوِيَ الظلمة عليكم، وعملوا في اطفاء نور نبيكم وحسبنا الله، وعليه توكلنا، واليه انبنا، واليه المصير...}
هذا الخطاب عظيم القدر وفيه من الأمور الواضحة ما يردالعديد من الشبهات التي تثار في العقيدة والفقه وتسفيه رأيه عليه السلام بالخروج وغيرها من الأمور.
السؤال الأول: ما مقصد (الإمام ابن الإمام والد الأئمة) بقوله (وذمَّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) محقورة)
أرجوا إفادتنا!
السلام عليك يا ابا عبد الله الحسين ورحمة الله وبركاته.
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمَّد.
تعليق