ما هو الفرق بين الفلسفة والأصول والكلام والمنطق والعرفان؟ ومن هو صدر المتألهين؟
فدقّق في قوله عليه السلام: ”وكذلك عرفان الله“ لتعرف المعنى الحقيقي السليم للعرفان، ولتعرف أيضا المعنى المحرّف مما هو شائع اليوم عند حمقى الناس مع الأسف لما أغواهم به أئمة الضلالة والدعاة إلى النار. أن الله تعالى لا تُعرف حقيقته، وكل من ادّعى ذلك يكون كافرا، وإنما يُعرف الله بمعرفة أوليائه وموالاتهم، وبمعرفة أعدائه والبراءة منهم، وكذلك عرفان الله، وتلك حقيقة الإيمان.
وأما الملقب بصدر المتألهين فهو نفسه الملا صدرا الشيرازي، وهو واحد من المنحرفين الكبار الذين جمعوا بين الأصول الفلسفية والعرفان الباطل، فادعى وحدة الوجود والموجود وإلى ما هنالك من الكفريات كالقول بالكشف والشهود. ولا موقعية له عندنا، وإنما موقعيته عند من يماثله في انحرافه لا غير.
ما هو رأيكم بالعرفان وما هو بديله الصحيح؟
قد سبق وأن قلنا في إجاباتنا السابقة أن العرفان بهذا المنهج الاعتقادي والسلوكي الشائع اليوم عند الناس هو باطل وليس من منهج أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم، إذ ليس هو سوى الوجه الآخر للتصوف، وكلاهما منبعه الفلسفة، وقد ورد عن أئمتنا (صلوات الله عليهم) ذم مؤكد لمن يسلك هذا المسلك، فقد سئل إمامنا الصادق (صلوات الله عليه) عن الصوفية فقال: ”إنهم أعداؤنا، فمن مال إليهم فهو منهم ويحشر معهم، وسيكون أقوام، يدعون حبنا ويميلون إليهم ويتشبهون بهم، ويلقبون أنفسهم بلقبهم، ويقولون أقوالهم، ألا فمن مال إليهم فليس منا، وإنا منه براء، ومن أنكرهم ورد عليهم، كان كمن جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله“. (سفينة البحار للمحدث القمي ج2 ص57).
وروي عن الحسين بن أبي الخطاب، قال: كنت مع أبي الحسن الهادي (عليه السلام) في مسجد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتاه جماعة من أصحابه منهم أبو هاشم الجعفري، وكان بليغاً وله منزلة مرموقة عند الإمام (عليه السلام) وبينما نحن وقوف إذ دخل جماعة من الصوفية المسجد فجلسوا في جانب منه، وأخذوا بالتهليل، فالتفت الإمام إلى أصحابه فقال لهم: «لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخدّاعين فإنّهم حلفاء الشياطين، ومخرّبو قواعد الدين، يتزهّدون لإراحة الأجسام، ويتهجّدون لصيد الأنعام، يتجرّعون عمراً حتى يديخوا للايكاف حمراً، لا يهللون إلاّ لغرور الناس، ولا يقلّلون الغذاء إلاّ لملء العساس واختلاس قلب الدفناس، يكلّمون الناس بإملائهم في الحبّ، ويطرحونهم بإذلالهم في الجب، أورادهم الرقص والتصدية، وأذكارهم الترنّم والتغنية، فلا يتبعهم إلاّ السفهاء، ولا يعتقد بهم إلاّ الحمقاء، فمن ذهب إلى زيارة أحدهم حياً أو ميتاً، فكأنّما ذهب إلى زيارة الشيطان وعبادة الأوثان، ومن أعان واحداً منهم فكـأنّما أعان معاوية ويزيد وأبا سفيان . فقال أحد أصحابه: وإن كان معترفاً بحقوقكم؟ فزجره (عليه السلام) وصاح به: دع ذا عنك! من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا، أما تدري أنّهم أخسّ طوائف الصوفية؟! والصوفية كلهم مخالفونا، وطريقتهم مغايرة لطريقتنا، وإن هم إلاّ نصارى أو مجوس هذه الأمة، أُولئك الذين يجتهدون في إطفاء نور الله بأفواههم، والله متمّ نوره ولو كره الكافرون“. (حديقة الشيعة للأردبيلي ص 602 عن المفيد رضوان الله تعالى عليه).
وقال مولانا الإمام العسكري (صلوات الله عليه) لأبي هاشم الجعفري: ” يا أبا هشام! سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة وقلوبهم مظلمة منكدرة، السنة فيهم بدعة، والبدعة فيهم سنة، المؤمن بينهم محقر، والفاسق بينهم موقر، أمراؤهم جائرون، وعلماؤهم في أبواب الظلمة سائرون، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء، وأصاغرهم يتقدمون الكبراء، كل جاهل عندهم خبير، وكل محيل عندهم فقير، لا يميزون بين المخلص والمرتاب، ولا يعرفون الظأن من الذئاب، علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض، لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف، وأيم والله: أنهم من أهل العدوان والتحرف، يبالغون في حب مخالفينا، ويضلون شيعتنا وموالينا، فإن نالوا منصبا لم يشبعوا، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء، ألا إنهم قطاع طريق المؤمنين والدعاة إلى نحلة الملحدين، فمن أدركهم فليحذرهم وليضمن دينه وإيمانه منهم . ثم قال (عليه السلام): يا أبا هشام! هذا ما حدثني أبي عن آبائه عن جعفر بن محمد (عليه السلام) وهو من أسرارنا فاكتمه إلا عند أهله“. (سفينة البحار للمحدث القمي ج2 ص58).
ولا أدلّ على أن العرفان والتصوّف كلاهما وجهان لعملة واحدة؛ أنك تجد أهل العرفان يعظّمون رموز التصوّف كالحلاج وابن عربي وجلال الدين الرومي، وأنك تجد مبانيهم وأذواقهم متحدّة وإن أنكر المكابرون منهم ذلك.
وهذا المنهج العرفاني القائم اليوم إنما هو منهج شيطاني كما تنبأ بذلك أئمتنا صلوات الله عليهم، إذ هو يزعم أن بمقدور العبد أن يصل إلى معرفة الله بغير الطريق الذي رسمته الشريعة؛ كما يسمى عندهم بالكشف والشهود وقطع الأسفار الأربعة: من الخلق إلى الحق، من الحق إلى الحق، من الحق إلى الخلق، من الخلق إلى الخلق! وهي كما ترى لا أصل لها في شريعة الإسلام.
والأخطر في هذا المنهج الشيطاني أنه يوقع صاحبه في الشرك باعتقاده بوحدة الوجود والموجود باستخدام عبارات جذابة براقة تستقطب ضعفاء القلوب.
أما العرفان الإسلامي الصحيح فهو ذاك الذي عبّر عنه إمامنا الباقر (صلوات الله عليه) ضمن جوابه على أسئلة أبي حمزة الثمالي رضوان الله تعالى عليه. فقد روى العياشي عن أبي حمزة قال: ”قال أبو جعفر عليه السلام: يا أبا حمزة.. إنما يعبد الله من عرف الله، فأما من لا يعرف الله كأنما يعبد غيره هكذا ضالا. قلت: أصلحك الله وما معرفة الله؟ قال: يصدّق الله ويصدّق محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله في موالاة علي والإئتمام به، وبأئمة الهدى من بعده، والبراءة إلى الله من عدوّهم، وكذلك عرفان الله. قلت: أصلحك الله، أي شيء إذا عملتُه أنا استكملت حقيقة الإيمان؟ قال: توالي أولياء الله وتعادي أعداء الله وتكون مع الصادقين كما أمرك الله، قلت: ومن أولياء الله ومن أعداء الله؟ فقال: أولياء الله محمد رسول الله وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ثم انتهى الأمر إلينا ثم ابني جعفر - وأومأ إلى جعفر وهو جالس - فمن والى هؤلاء فقد والى الله وكان مع الصادقين كما أمر الله. قلت: ومن أعداء الله أصلحك الله؟ قال: الأوثان الأربعة. قلت: من هم؟ قال: أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية ومن دان بدينهم، فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله“. (تفسير العياشي ج2 ص116).
فدقّق في قوله عليه السلام: ”وكذلك عرفان الله“ لتعرف المعنى الحقيقي السليم للعرفان، ولتعرف أيضا المعنى المحرّف مما هو شائع اليوم عند حمقى الناس مع الأسف لما أغواهم به أئمة الضلالة والدعاة إلى النار.
إن الله تعالى لا تُعرف حقيقته، وكل من ادّعى ذلك يكون كافرا، وإنما يُعرف الله بمعرفة أوليائه وموالاتهم، وبمعرفة أعدائه والبراءة منهم، وكذلك عرفان الله، وتلك حقيقة الإيمان.
هذا وتفصيل الكلام في هذه المسألة له مقام آخر، وقد ذكرنا طرفا منه في دروسنا الحوزوية في الكلام، فارجع إليها إن شئت.
أما عن كتاب الطريق إلى الله فلم نطلع عليه حتى نقيّمه. وأما عن المذكور فالظاهر أنه ممن وقع في فخاخ الشيطان، والله العاصم.
لقد سمعت أحد الشيوخ يقول أن الطباطبائي صاحب الميزان كان يعتقد بتشيع ابن عربي صاحب الفتوح ؟ وأن بعض علمائنا يعتقدون بتشيع الفخر الرازي ويقرؤون على روحه الفاتحة ؟؟ وهل الشيعي الذي يميل إلى التصوف أو يسمح به يمكننا القول بخروجه من التشيع ؟ أو ظلاله ؟ أو ماذا ؟ ونرجو تعريف التصوف عمومه؟ ومظاهر تواجده حاليا في المجتمع الشيعي ؟
قد سئمنا الجواب عن هؤلاء المنحرفين المبطلين، وخذها قاعدة لك وهي أن كل من تجده يميل إلى التصوف والعرفان يكون خارجا عن التشيع والأئمة منه برءاء. وقد قال إمامنا الرضا عليه السلام: ”من ذُكر عنده الصوفية ولم ينكرهم بلسانه وقلبه فليس منا! ومن أنكرهم فكأنما جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله“. (مستدرك الوسائل ج12 ص323).
الفيلسوف هو من يتبع قواعد الفلسفة اليونانية في البحث عن علل الأشياء، وهذه القواعد خاطئة، فليس متبعها عالما. الأصولي هو من يتبع قواعد علم الأصول الإسلامي في استنباط الأحكام، وهي قواعد صحيحة. المتكلم هو ذاك الذي يكون متخصصا في علم الكلام أي علم إثبات العقيدة بالحجج والأدلة والبراهين. المنطقي هو ذاك الذي يتبع قواعد علم المنطق أي علم الاستدلال الصحيح السليم الخالي عن الإشكال. والعلماء بحق يجب أن تتوافر فيهم الصفات الثلاثة الأخيرة دون الأولى.
أما العرفان بهذا المعنى السلوكي الشائع عند الناس فهو باطل كما سبق وبيّنا، أما حسب منهج أهل البيت (عليهم السلام) فإن له معنى سلوكيا آخر هو الصحيح، وقد عبّر عنه إمامنا الباقر (صلوات الله عليه) ضمن جوابه على أسئلة أبي حمزة الثمالي رضوان الله تعالى عليه. فقد روى العياشي عن أبي حمزة قال: ”قال أبو جعفر عليه السلام: يا أبا حمزة.. إنما يعبد الله من عرف الله، فأما من لا يعرف الله كأنما يعبد غيره هكذا ضالا. قلت: أصلحك الله وما معرفة الله؟ قال: يصدّق الله ويصدّق محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله في موالاة علي والإئتمام به، وبأئمة الهدى من بعده، والبراءة إلى الله من عدوّهم، وكذلك عرفان الله. قلت: أصلحك الله، أي شيء إذا عملتُه أنا استكملت حقيقة الإيمان؟ قال: توالي أولياء الله وتعادي أعداء الله وتكون مع الصادقين كما أمرك الله، قلت: ومن أولياء الله ومن أعداء الله؟ فقال: أولياء الله محمد رسول الله وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ثم انتهى الأمر إلينا ثم ابني جعفر - وأومأ إلى جعفر وهو جالس - فمن والى هؤلاء فقد والى الله وكان مع الصادقين كما أمر الله. قلت: ومن أعداء الله أصلحك الله؟ قال: الأوثان الأربعة. قلت: من هم؟ قال: أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية ومن دان بدينهم، فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله“. (تفسير العياشي ج2 ص116).فدقّق في قوله عليه السلام: ”وكذلك عرفان الله“ لتعرف المعنى الحقيقي السليم للعرفان، ولتعرف أيضا المعنى المحرّف مما هو شائع اليوم عند حمقى الناس مع الأسف لما أغواهم به أئمة الضلالة والدعاة إلى النار. أن الله تعالى لا تُعرف حقيقته، وكل من ادّعى ذلك يكون كافرا، وإنما يُعرف الله بمعرفة أوليائه وموالاتهم، وبمعرفة أعدائه والبراءة منهم، وكذلك عرفان الله، وتلك حقيقة الإيمان.
وأما الملقب بصدر المتألهين فهو نفسه الملا صدرا الشيرازي، وهو واحد من المنحرفين الكبار الذين جمعوا بين الأصول الفلسفية والعرفان الباطل، فادعى وحدة الوجود والموجود وإلى ما هنالك من الكفريات كالقول بالكشف والشهود. ولا موقعية له عندنا، وإنما موقعيته عند من يماثله في انحرافه لا غير.
ما هو رأيكم بالعرفان وما هو بديله الصحيح؟
قد سبق وأن قلنا في إجاباتنا السابقة أن العرفان بهذا المنهج الاعتقادي والسلوكي الشائع اليوم عند الناس هو باطل وليس من منهج أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم، إذ ليس هو سوى الوجه الآخر للتصوف، وكلاهما منبعه الفلسفة، وقد ورد عن أئمتنا (صلوات الله عليهم) ذم مؤكد لمن يسلك هذا المسلك، فقد سئل إمامنا الصادق (صلوات الله عليه) عن الصوفية فقال: ”إنهم أعداؤنا، فمن مال إليهم فهو منهم ويحشر معهم، وسيكون أقوام، يدعون حبنا ويميلون إليهم ويتشبهون بهم، ويلقبون أنفسهم بلقبهم، ويقولون أقوالهم، ألا فمن مال إليهم فليس منا، وإنا منه براء، ومن أنكرهم ورد عليهم، كان كمن جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله“. (سفينة البحار للمحدث القمي ج2 ص57).
وروي عن الحسين بن أبي الخطاب، قال: كنت مع أبي الحسن الهادي (عليه السلام) في مسجد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتاه جماعة من أصحابه منهم أبو هاشم الجعفري، وكان بليغاً وله منزلة مرموقة عند الإمام (عليه السلام) وبينما نحن وقوف إذ دخل جماعة من الصوفية المسجد فجلسوا في جانب منه، وأخذوا بالتهليل، فالتفت الإمام إلى أصحابه فقال لهم: «لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخدّاعين فإنّهم حلفاء الشياطين، ومخرّبو قواعد الدين، يتزهّدون لإراحة الأجسام، ويتهجّدون لصيد الأنعام، يتجرّعون عمراً حتى يديخوا للايكاف حمراً، لا يهللون إلاّ لغرور الناس، ولا يقلّلون الغذاء إلاّ لملء العساس واختلاس قلب الدفناس، يكلّمون الناس بإملائهم في الحبّ، ويطرحونهم بإذلالهم في الجب، أورادهم الرقص والتصدية، وأذكارهم الترنّم والتغنية، فلا يتبعهم إلاّ السفهاء، ولا يعتقد بهم إلاّ الحمقاء، فمن ذهب إلى زيارة أحدهم حياً أو ميتاً، فكأنّما ذهب إلى زيارة الشيطان وعبادة الأوثان، ومن أعان واحداً منهم فكـأنّما أعان معاوية ويزيد وأبا سفيان . فقال أحد أصحابه: وإن كان معترفاً بحقوقكم؟ فزجره (عليه السلام) وصاح به: دع ذا عنك! من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا، أما تدري أنّهم أخسّ طوائف الصوفية؟! والصوفية كلهم مخالفونا، وطريقتهم مغايرة لطريقتنا، وإن هم إلاّ نصارى أو مجوس هذه الأمة، أُولئك الذين يجتهدون في إطفاء نور الله بأفواههم، والله متمّ نوره ولو كره الكافرون“. (حديقة الشيعة للأردبيلي ص 602 عن المفيد رضوان الله تعالى عليه).
وقال مولانا الإمام العسكري (صلوات الله عليه) لأبي هاشم الجعفري: ” يا أبا هشام! سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة وقلوبهم مظلمة منكدرة، السنة فيهم بدعة، والبدعة فيهم سنة، المؤمن بينهم محقر، والفاسق بينهم موقر، أمراؤهم جائرون، وعلماؤهم في أبواب الظلمة سائرون، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء، وأصاغرهم يتقدمون الكبراء، كل جاهل عندهم خبير، وكل محيل عندهم فقير، لا يميزون بين المخلص والمرتاب، ولا يعرفون الظأن من الذئاب، علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض، لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف، وأيم والله: أنهم من أهل العدوان والتحرف، يبالغون في حب مخالفينا، ويضلون شيعتنا وموالينا، فإن نالوا منصبا لم يشبعوا، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء، ألا إنهم قطاع طريق المؤمنين والدعاة إلى نحلة الملحدين، فمن أدركهم فليحذرهم وليضمن دينه وإيمانه منهم . ثم قال (عليه السلام): يا أبا هشام! هذا ما حدثني أبي عن آبائه عن جعفر بن محمد (عليه السلام) وهو من أسرارنا فاكتمه إلا عند أهله“. (سفينة البحار للمحدث القمي ج2 ص58).
ولا أدلّ على أن العرفان والتصوّف كلاهما وجهان لعملة واحدة؛ أنك تجد أهل العرفان يعظّمون رموز التصوّف كالحلاج وابن عربي وجلال الدين الرومي، وأنك تجد مبانيهم وأذواقهم متحدّة وإن أنكر المكابرون منهم ذلك.
وهذا المنهج العرفاني القائم اليوم إنما هو منهج شيطاني كما تنبأ بذلك أئمتنا صلوات الله عليهم، إذ هو يزعم أن بمقدور العبد أن يصل إلى معرفة الله بغير الطريق الذي رسمته الشريعة؛ كما يسمى عندهم بالكشف والشهود وقطع الأسفار الأربعة: من الخلق إلى الحق، من الحق إلى الحق، من الحق إلى الخلق، من الخلق إلى الخلق! وهي كما ترى لا أصل لها في شريعة الإسلام.
والأخطر في هذا المنهج الشيطاني أنه يوقع صاحبه في الشرك باعتقاده بوحدة الوجود والموجود باستخدام عبارات جذابة براقة تستقطب ضعفاء القلوب.
أما العرفان الإسلامي الصحيح فهو ذاك الذي عبّر عنه إمامنا الباقر (صلوات الله عليه) ضمن جوابه على أسئلة أبي حمزة الثمالي رضوان الله تعالى عليه. فقد روى العياشي عن أبي حمزة قال: ”قال أبو جعفر عليه السلام: يا أبا حمزة.. إنما يعبد الله من عرف الله، فأما من لا يعرف الله كأنما يعبد غيره هكذا ضالا. قلت: أصلحك الله وما معرفة الله؟ قال: يصدّق الله ويصدّق محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله في موالاة علي والإئتمام به، وبأئمة الهدى من بعده، والبراءة إلى الله من عدوّهم، وكذلك عرفان الله. قلت: أصلحك الله، أي شيء إذا عملتُه أنا استكملت حقيقة الإيمان؟ قال: توالي أولياء الله وتعادي أعداء الله وتكون مع الصادقين كما أمرك الله، قلت: ومن أولياء الله ومن أعداء الله؟ فقال: أولياء الله محمد رسول الله وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ثم انتهى الأمر إلينا ثم ابني جعفر - وأومأ إلى جعفر وهو جالس - فمن والى هؤلاء فقد والى الله وكان مع الصادقين كما أمر الله. قلت: ومن أعداء الله أصلحك الله؟ قال: الأوثان الأربعة. قلت: من هم؟ قال: أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية ومن دان بدينهم، فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله“. (تفسير العياشي ج2 ص116).
فدقّق في قوله عليه السلام: ”وكذلك عرفان الله“ لتعرف المعنى الحقيقي السليم للعرفان، ولتعرف أيضا المعنى المحرّف مما هو شائع اليوم عند حمقى الناس مع الأسف لما أغواهم به أئمة الضلالة والدعاة إلى النار.
إن الله تعالى لا تُعرف حقيقته، وكل من ادّعى ذلك يكون كافرا، وإنما يُعرف الله بمعرفة أوليائه وموالاتهم، وبمعرفة أعدائه والبراءة منهم، وكذلك عرفان الله، وتلك حقيقة الإيمان.
هذا وتفصيل الكلام في هذه المسألة له مقام آخر، وقد ذكرنا طرفا منه في دروسنا الحوزوية في الكلام، فارجع إليها إن شئت.
أما عن كتاب الطريق إلى الله فلم نطلع عليه حتى نقيّمه. وأما عن المذكور فالظاهر أنه ممن وقع في فخاخ الشيطان، والله العاصم.
لقد سمعت أحد الشيوخ يقول أن الطباطبائي صاحب الميزان كان يعتقد بتشيع ابن عربي صاحب الفتوح ؟ وأن بعض علمائنا يعتقدون بتشيع الفخر الرازي ويقرؤون على روحه الفاتحة ؟؟ وهل الشيعي الذي يميل إلى التصوف أو يسمح به يمكننا القول بخروجه من التشيع ؟ أو ظلاله ؟ أو ماذا ؟ ونرجو تعريف التصوف عمومه؟ ومظاهر تواجده حاليا في المجتمع الشيعي ؟
قد سئمنا الجواب عن هؤلاء المنحرفين المبطلين، وخذها قاعدة لك وهي أن كل من تجده يميل إلى التصوف والعرفان يكون خارجا عن التشيع والأئمة منه برءاء. وقد قال إمامنا الرضا عليه السلام: ”من ذُكر عنده الصوفية ولم ينكرهم بلسانه وقلبه فليس منا! ومن أنكرهم فكأنما جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله“. (مستدرك الوسائل ج12 ص323).
هذا والتصوف عبارة عن مسلك عقيدي منحرف برز في حدود القرن الثالث الهجري في أقوام يلبسون الصوف دلالة على الزهد، وقد تأثر هؤلاء بالغنوصية الفلسفية القديمة وتطوّرت أفكارهم على يد جمع من المنحرفين الكبار، كالحلاج والغزالي والجيلاني وأخيرا وليس آخرا ابن عربي. ومن أكفر ما يعتقدون به وحدة الوجود والموجود، والحلول والاتحاد. ثم قد دخل هذا التصوف في عالم التشيع باسم العرفان، وسقط في وحله كثير ولا يزال يسقط! أعاذنا الله تعالى من ذلك.
بقلم ياسر الحبيب