كانت (شمس) جميلة، لكنّ وجهها المدوّر كقرص القمر في تمامه غمرته المأساة، وأحزنت (لعنتها) عيني شمس السوداوين الواسعتين إلى الأبد، وظلت الطفولة تفرض نفسها من خلال ابتسامات كأنها باتت غريبة على ذلك الوجه الذي شوّهته الحرب. وبعد سنتين من وفاة أمها، تحوّلت (شمس) ذات السنوات الثلاث الى طفلة عمياء ومشوّهة العينين والوجه، فيما صار أبوها الذي تزوّج من امرأة ثانية –كما يقول- عاجزاً عن رعايتها.
و(شمس) واحدة من عشرات ألوف العراقيين الذين لن تنتهي الحرب بالنسبة إليهم، لأنها تركت آثارها على وجوههم وأجسادهم (نُدباً) للفجيعة والقهر والغزو والظلم و(الحظ العاثر) في تاريخ عراقي يمتد لعقود، مليء بالأحزان والكوارث التي فرّختها الحرب والنزاعات القومية والطائفية والسياسية. وحتى بعد أن تنتهي الحرب، فإن معاناة (شمس) ومن هم على شاكلتها من الأطفال أو الكبار، الذكور أو الإناث، ستبقى وحتى آخر العمر.
وحسب مراسلة الأسوشييتد برس في بغداد، تغيّرت حياة (شمس) يوم 23 تشرين الثاني 2006، عندما انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من سيارة أبيها (البيكب) فيما كان هو يوصل عائلته –الزوجة، وولدين، وابنته شمس- الى بيتهم بعد زيارة الى أقرباء الزوجة في مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية.
لقد ابتلعت نيران الانفجار سيارتهم، وتعرضت (شمس) وأمها لحالات جروح وحروق بليغة جراء الانفجار، حيث دفعهما عصف الانفجار من كرسييهما في السيارة الى مكان بعيد عن الشارع. وأبو البنت الضحية (فاضل) حاول إطفاء النيران التي اشتعلت بثياب زوجته. ولكن لم يبق إلا القليل ليفعله مع ابنته (شمس) التي كانت بعمر سنة واحدة. كانت أمها التي تُحتضر تحتضنها ساعتها كأنها تريد أن تحميها من النيران.
ويقول الأب (فاضل) 32 سنة: ((كنت مذهولاً ومنشغلاً بشكل كامل بإطفاء النيران التي اندلعت بثياب زوجتي. ثم رفعت شمس ورأيت وجها مغطى بالدماء. اعتقد أن ذلك ناجم عن جروح بسيطة، وسوف تتعافى منها. لكن فيما بعد علمت أن تلك الدماء كانت تجري من عينيها اللتين أصيبتا بجروح بليغة جداً)).
لقد كانت السيارة المفخخة واحدة من سلسلة هجمات لتنظيمات القاعدة نفذتها في مدينة الصدر، بضمنها ضربات صواريخ وقنابر هاون. وحسب مصادر المستشفيات والخدمات الطبية التي جاهدت ذلك اليوم لتواجه المآسي التي خلفتها الهجمات الإرهابية، تؤكد أن عدد القتلى بلغ أكثر من 160 شخصاً، بينهم نساء وأطفال كثيرون.
وتقول المصادر إن رجال سيارات الإسعاف، اضطروا الى تحميل القتلى والجرحى في سيارات عادية لنقلهم الى المستشفيات القريبة. وكان بينهم (فاء) زوجة (فاضل) وأم (شمس) التي فقدت نور عينيها الى الأبد، والولدين؛ (طيف) 3 سنوات، و(غيث) 5 سنوات، قد نقل كل منهم الى مستشفى، وظل الأب لساعات يبحث عنهم ليتأكد من آخر أخبار نتائج المأساة التي تعرضت لها هذه العائلة، وعشرات العوائل الأخرى في ذلك اليوم المشؤوم.
يقول الأب المسكين: ((بعد البحث لـ 24 ساعة، وجدت شمس مدينة الطب. لقد اعتنى بها الأطباء هناك بالحروق التي تعرّضت لها، لكنهم أهملوا جروح عينيها، مما تركها عمياء الى الأبد)). وفي سنة 2007 أخذ (فاضل) ابنته الى عمان بمساعدة من (منظمة أطباء بلا حدود). لكن الأطباء الأردنيون أخبروه، هناك الشيء القليل الذي يمكن أن يفعلوه، لأن (شمس) لم تحصل على العلاج المناسب في الوقت الذي جرحت فيه. ويؤكد تقرير الأطباء ((لو أنها كانت قد تلقت علاجاً صحيحاً في ذلك الوقت، لكانت قد حافظت في الأقل على عين واحدة سليمة وفعالة حتى الآن)).
وبعد شهور، اصطحب (فاضل) ابنته الى إيران، آملاً أن يحصل على العلاج الطبي لحالة (شمس). ويؤكد الأب قوله: ((كل الأطباء هناك أخبرونا بما أخبرنا به أطباء الأردن. لكنهم نصحونا بعلاجها في أوروبا. فأطباؤها يمكن أن يزرعوا لها قرنية. ولكن لا يبدو أن هناك أحد جاهزاً لمساعدتنا في تحقيق ذلك)).
وبعد موت أمها، تزوج أبوها ثانية. لكن الزوجة الجديدة رفضت العناية بـ (شمس) التي تكفل بها أقرباء للزوج يعيشون في بيت مجاور. وبعد سنتين مرّا على الانفجار، أضحت (شمس) تمشي بشكل عشوائي في البيت، لتجد طريقها باللمس وبالاتكاء على الجدار بأصابعها الغضة الصغيرة. وكلما التقت بشخص تحاول أن تتشبث به وتحتضنه. ومن وقت لآخر تبكي البنت لتصيح ماما أو بابا أو تنادي جدّتها!.
لم يخبر الأب ابنته أو ولديه بوفاة أمهم. وبدلاً من ذلك أوضح لهم أنها ذهبت الى سوريا، حيث هرب مئات الألوف من العراقيين بحثاً عن اللجوء. لكن يعتقد أن ابنه الكبير (غيث) يشك أن أمراً سيئاً قد حصل لأن الأب لا يذكر أمه على الإطلاق. ويقول (فاضل): ((لقد كنا عائلة سعيدة، وأصبحنا سعداء جداً بميلاد شمس)). ويضيف وعيناه مغرورقتان بالدموع: ((لم أكن لأعتقد أبداً أن شيئاً مرعباً كهذا يمكن أن يحصل لنا. كنت أحلم بشمس أن تكون مهندسة أو طبيبة. والآن لا يمكن أن تكون أي شيء سوى بنت عمياء)).
و(شمس) واحدة من عشرات ألوف العراقيين الذين لن تنتهي الحرب بالنسبة إليهم، لأنها تركت آثارها على وجوههم وأجسادهم (نُدباً) للفجيعة والقهر والغزو والظلم و(الحظ العاثر) في تاريخ عراقي يمتد لعقود، مليء بالأحزان والكوارث التي فرّختها الحرب والنزاعات القومية والطائفية والسياسية. وحتى بعد أن تنتهي الحرب، فإن معاناة (شمس) ومن هم على شاكلتها من الأطفال أو الكبار، الذكور أو الإناث، ستبقى وحتى آخر العمر.
وحسب مراسلة الأسوشييتد برس في بغداد، تغيّرت حياة (شمس) يوم 23 تشرين الثاني 2006، عندما انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من سيارة أبيها (البيكب) فيما كان هو يوصل عائلته –الزوجة، وولدين، وابنته شمس- الى بيتهم بعد زيارة الى أقرباء الزوجة في مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية.
لقد ابتلعت نيران الانفجار سيارتهم، وتعرضت (شمس) وأمها لحالات جروح وحروق بليغة جراء الانفجار، حيث دفعهما عصف الانفجار من كرسييهما في السيارة الى مكان بعيد عن الشارع. وأبو البنت الضحية (فاضل) حاول إطفاء النيران التي اشتعلت بثياب زوجته. ولكن لم يبق إلا القليل ليفعله مع ابنته (شمس) التي كانت بعمر سنة واحدة. كانت أمها التي تُحتضر تحتضنها ساعتها كأنها تريد أن تحميها من النيران.
ويقول الأب (فاضل) 32 سنة: ((كنت مذهولاً ومنشغلاً بشكل كامل بإطفاء النيران التي اندلعت بثياب زوجتي. ثم رفعت شمس ورأيت وجها مغطى بالدماء. اعتقد أن ذلك ناجم عن جروح بسيطة، وسوف تتعافى منها. لكن فيما بعد علمت أن تلك الدماء كانت تجري من عينيها اللتين أصيبتا بجروح بليغة جداً)).
لقد كانت السيارة المفخخة واحدة من سلسلة هجمات لتنظيمات القاعدة نفذتها في مدينة الصدر، بضمنها ضربات صواريخ وقنابر هاون. وحسب مصادر المستشفيات والخدمات الطبية التي جاهدت ذلك اليوم لتواجه المآسي التي خلفتها الهجمات الإرهابية، تؤكد أن عدد القتلى بلغ أكثر من 160 شخصاً، بينهم نساء وأطفال كثيرون.
وتقول المصادر إن رجال سيارات الإسعاف، اضطروا الى تحميل القتلى والجرحى في سيارات عادية لنقلهم الى المستشفيات القريبة. وكان بينهم (فاء) زوجة (فاضل) وأم (شمس) التي فقدت نور عينيها الى الأبد، والولدين؛ (طيف) 3 سنوات، و(غيث) 5 سنوات، قد نقل كل منهم الى مستشفى، وظل الأب لساعات يبحث عنهم ليتأكد من آخر أخبار نتائج المأساة التي تعرضت لها هذه العائلة، وعشرات العوائل الأخرى في ذلك اليوم المشؤوم.
يقول الأب المسكين: ((بعد البحث لـ 24 ساعة، وجدت شمس مدينة الطب. لقد اعتنى بها الأطباء هناك بالحروق التي تعرّضت لها، لكنهم أهملوا جروح عينيها، مما تركها عمياء الى الأبد)). وفي سنة 2007 أخذ (فاضل) ابنته الى عمان بمساعدة من (منظمة أطباء بلا حدود). لكن الأطباء الأردنيون أخبروه، هناك الشيء القليل الذي يمكن أن يفعلوه، لأن (شمس) لم تحصل على العلاج المناسب في الوقت الذي جرحت فيه. ويؤكد تقرير الأطباء ((لو أنها كانت قد تلقت علاجاً صحيحاً في ذلك الوقت، لكانت قد حافظت في الأقل على عين واحدة سليمة وفعالة حتى الآن)).
وبعد شهور، اصطحب (فاضل) ابنته الى إيران، آملاً أن يحصل على العلاج الطبي لحالة (شمس). ويؤكد الأب قوله: ((كل الأطباء هناك أخبرونا بما أخبرنا به أطباء الأردن. لكنهم نصحونا بعلاجها في أوروبا. فأطباؤها يمكن أن يزرعوا لها قرنية. ولكن لا يبدو أن هناك أحد جاهزاً لمساعدتنا في تحقيق ذلك)).
وبعد موت أمها، تزوج أبوها ثانية. لكن الزوجة الجديدة رفضت العناية بـ (شمس) التي تكفل بها أقرباء للزوج يعيشون في بيت مجاور. وبعد سنتين مرّا على الانفجار، أضحت (شمس) تمشي بشكل عشوائي في البيت، لتجد طريقها باللمس وبالاتكاء على الجدار بأصابعها الغضة الصغيرة. وكلما التقت بشخص تحاول أن تتشبث به وتحتضنه. ومن وقت لآخر تبكي البنت لتصيح ماما أو بابا أو تنادي جدّتها!.
لم يخبر الأب ابنته أو ولديه بوفاة أمهم. وبدلاً من ذلك أوضح لهم أنها ذهبت الى سوريا، حيث هرب مئات الألوف من العراقيين بحثاً عن اللجوء. لكن يعتقد أن ابنه الكبير (غيث) يشك أن أمراً سيئاً قد حصل لأن الأب لا يذكر أمه على الإطلاق. ويقول (فاضل): ((لقد كنا عائلة سعيدة، وأصبحنا سعداء جداً بميلاد شمس)). ويضيف وعيناه مغرورقتان بالدموع: ((لم أكن لأعتقد أبداً أن شيئاً مرعباً كهذا يمكن أن يحصل لنا. كنت أحلم بشمس أن تكون مهندسة أو طبيبة. والآن لا يمكن أن تكون أي شيء سوى بنت عمياء)).