كيف نرتقي بفكر أبنائنا 0 ؟
إن من أهم أشكال التربية التي تعنى بها الأمم في كل مكان الآن هي التربية الفكرية والعقلية , نظرا ً لأن العالم كله يعتمد حاليا ً التقدم
العلمي والفكري أساسا ً للنهضة والرقي والازدهار 0 وقد فاتنا وقت ٌ طويل ونحن مبتعدون عن هذه المسألة , وغيرُ مهتمين بها , وآن
الأوان لكي لا نضيع المزيد من الأوقات في هذا الشأن 0
إن من أهم أشكال التربية التي تعنى بها الأمم في كل مكان الآن هي التربية الفكرية والعقلية , نظرا ً لأن العالم كله يعتمد حاليا ً التقدم
العلمي والفكري أساسا ً للنهضة والرقي والازدهار 0 وقد فاتنا وقت ٌ طويل ونحن مبتعدون عن هذه المسألة , وغيرُ مهتمين بها , وآن
الأوان لكي لا نضيع المزيد من الأوقات في هذا الشأن 0
أقسام العقل 0 ؟
يمكن أن نقسم العقل إلى : عقل أولي فطري , وعقل غريزي 0
العقل الأول : إن العقل الأولي الفطري موحد ٌ على اتساع العالم , فكما أن هناك عينا ً واحدة وأذنا ً واحدة ترى وتسمع بآلية واحدة ,
هناك عقل فطري موحد يفكر بآلية واحدة أيضا ً 0 والذكاء موحد على مستوى العالم أيضا ً , إذ ليس هناك شعب ذكي جدا ً , وليس هناك شعب غبي جدا ً , أما الذكاء على مستوى الأفراد فهو المختلف , وفي كل أمة هناك الأذكياء جدا ً والعباقرة والمتفوقون , وهناك
الأذكياء والعاديون , وأشباه العاديين , والأغبياء جدا ً 00 وكل الأمم فيها هذه القسمة 0
وفي رؤيتنا : إن العقل هو أداة لإدراك المعاني , كما أن العين هي أداة لإدراك الأشياء التي تشاهد , والأذن أداة للأشياء التي تسمع ,
وكما أن العين لا ترى في حالة الظلام , ولا ترى إلا الأشياء التي تقع في مقابلها , كذلك العقل لا يرى مع الجهل , وإذا لم تغمر الأشياء بالعلم والمعرفة فإن العقل لا يراها , والذي يوفر النور للعقل حتى يرى على مستوى المبادىء ومستوى الأصول هو الوحي 0
والمعرفة والخبرة البشرية هي التي تضيء الأشياء فيراها العقل , وإذا لم يتوافر هذا العلم للعقل فإنه لا يستطيع أن يرى 0 في مقدور
العقل أن يرى أشياء صغيرة بسيطة ويسيرة , ولكنه لا يستطيع أن يرى ما في الأعماق من غير علم ومن غير معرفة 0
يتصرف الإنسان بمقتضى العقل الفطري الغريزي من دون تعليم كثير , ولو وضعنا عشرة آلف قط أمام عشرة آلاف ثعبان في عشرة
آلاف مكان ٍ منعزل في العالم لوجدنا أن العشرة آلاف قط يقاتل العشرة آلاف ثعبان بطريقة واحدة 0 وذلك لأنها تتصرف بمقتضى الغريزة التي ركبها الله , أي بمقتضى عقلها المحدود 0 حتى الطفل ذو أربع سنوات يعرف أن الكأس الصغيرة لا تتسع لماء الكأس الكبيرة , ويعرف تماما ً أن الإنسان لا يمكن أن يكون في اللحظة نفسها داخل الغرفة وخارجها 0
العقل الثاني : أما العقل المكتسب فهو ما نسميه بالثقافة , ولا أقصد بالثقافة بوصفها لفظا ً مرادفا ً للمعرفة , ولكن الثقافة كما طُورت
بعلم الاجتماع , هي التي تعني مجموعة الأفكار والمبادىء والنظم والأخلاق والقيم والعادات والتقاليد والأنماط التي تسود بيئة ً من
البيئات 00 وهذا هو العقل الذي تختلف فيه الأمم والشعوب 0
لنتساءل : لماذا الحديث عن الارتقاء بفكر الأبناء 0 ؟ إن هناك مسوغات كثيرة للاهتمام بهذا الموضوع , لا أريد بهذه الورقات أن
أطرق إلا بعضها , وعلى شكل موجز جدا ً :
يمكن أن نقسم العقل إلى : عقل أولي فطري , وعقل غريزي 0
العقل الأول : إن العقل الأولي الفطري موحد ٌ على اتساع العالم , فكما أن هناك عينا ً واحدة وأذنا ً واحدة ترى وتسمع بآلية واحدة ,
هناك عقل فطري موحد يفكر بآلية واحدة أيضا ً 0 والذكاء موحد على مستوى العالم أيضا ً , إذ ليس هناك شعب ذكي جدا ً , وليس هناك شعب غبي جدا ً , أما الذكاء على مستوى الأفراد فهو المختلف , وفي كل أمة هناك الأذكياء جدا ً والعباقرة والمتفوقون , وهناك
الأذكياء والعاديون , وأشباه العاديين , والأغبياء جدا ً 00 وكل الأمم فيها هذه القسمة 0
وفي رؤيتنا : إن العقل هو أداة لإدراك المعاني , كما أن العين هي أداة لإدراك الأشياء التي تشاهد , والأذن أداة للأشياء التي تسمع ,
وكما أن العين لا ترى في حالة الظلام , ولا ترى إلا الأشياء التي تقع في مقابلها , كذلك العقل لا يرى مع الجهل , وإذا لم تغمر الأشياء بالعلم والمعرفة فإن العقل لا يراها , والذي يوفر النور للعقل حتى يرى على مستوى المبادىء ومستوى الأصول هو الوحي 0
والمعرفة والخبرة البشرية هي التي تضيء الأشياء فيراها العقل , وإذا لم يتوافر هذا العلم للعقل فإنه لا يستطيع أن يرى 0 في مقدور
العقل أن يرى أشياء صغيرة بسيطة ويسيرة , ولكنه لا يستطيع أن يرى ما في الأعماق من غير علم ومن غير معرفة 0
يتصرف الإنسان بمقتضى العقل الفطري الغريزي من دون تعليم كثير , ولو وضعنا عشرة آلف قط أمام عشرة آلاف ثعبان في عشرة
آلاف مكان ٍ منعزل في العالم لوجدنا أن العشرة آلاف قط يقاتل العشرة آلاف ثعبان بطريقة واحدة 0 وذلك لأنها تتصرف بمقتضى الغريزة التي ركبها الله , أي بمقتضى عقلها المحدود 0 حتى الطفل ذو أربع سنوات يعرف أن الكأس الصغيرة لا تتسع لماء الكأس الكبيرة , ويعرف تماما ً أن الإنسان لا يمكن أن يكون في اللحظة نفسها داخل الغرفة وخارجها 0
العقل الثاني : أما العقل المكتسب فهو ما نسميه بالثقافة , ولا أقصد بالثقافة بوصفها لفظا ً مرادفا ً للمعرفة , ولكن الثقافة كما طُورت
بعلم الاجتماع , هي التي تعني مجموعة الأفكار والمبادىء والنظم والأخلاق والقيم والعادات والتقاليد والأنماط التي تسود بيئة ً من
البيئات 00 وهذا هو العقل الذي تختلف فيه الأمم والشعوب 0
لنتساءل : لماذا الحديث عن الارتقاء بفكر الأبناء 0 ؟ إن هناك مسوغات كثيرة للاهتمام بهذا الموضوع , لا أريد بهذه الورقات أن
أطرق إلا بعضها , وعلى شكل موجز جدا ً :
لا تديُن مع الجهل 00 ؟
الإسلام بنية حضارية راقية جدا ً , ولا يمكن للإنسان أن يدرك المرامي الحضارية للإسلام , ولا يمكن للإنسان أن يفهم العمق الفكري
والتربوي والأخلاقي والتوحيدي لهذا الدين إلا بسوية معينة من الفكر والمعرفة , وبالتالي فلا أتصور أبدا ً تديُنا ً صحيحا ً دقيقا ً كاملا ً
مع الجهل 0 وكلما ارتقى الإنسان في علمه وفكره وفهمه وخبرته وإطلاعه صار مؤهلا ُ أكثر فأكثر لأن يفهم الإسلام على حقيقته 0
ولذلك فنحن نريد أن نرتقي بأفكارنا أولا ً , لنتقدم خطوة نحو فهم الإسلام , ومالم يرتق الفكر لدينا فإن فهمنا للإسلام سيظل محدودا ً
وسنظل بعيدين عما يجب علينا أن نتحلى به من الفهم العميق , والمعرفة الراقية 0
عصر التفوق 00 ؟
نحن في زمان المنافسة الشديدة أيضا ً , وهذا العصر الذي نعيش فيه هو عصر الأشياء المتفوقة , وليس في هذا العصر مكان لشيء
عادي , كل الأشياء العادية تفقد قيمتها في هذا الزمن , لذا فإن أفضل هدية لهؤلاء الأبناء – الذين اؤتمنا على تربيتهم وعلى توجيههم-
أن نجعل منهم أشخاصا ً متفوقين , أشخاصا ً غير عاديين : في فهمهم وسلوكهم وتقواهم وأخلاقهم وإبداعهم وعطائهم وأدائهم 0
لا تستطيع أن تعيش هذا الزمن بكفاءة وبكرامة أيضا ً من غير تفوق , لأن عصر الأشياء السهلة قد انتهى ؟
ومع كل يوم يمر تظهر متطلبات جديدة لكي تحيا حياة كريمة 00 فقبل خمسين سنة لم تكن مطلوبة ثلاثة ُ أرباع ما هو مطلوب اليوم لكي يعيش الإنسان بكرامته , لكن الحال تغيرت الآن , فزماننا يختلف اختلافا ٍ متسارعا ً , ولذا فإن الفهم والمعرفة والتفكير الجيد أدوات أساسية في تأمين متطلبات هذا الزمن الصعب الذي يُطل علينا , والذي تترسخ متطلباته يوما ً بعد يوم 0
ترافق الفرص والتعقيد 00 ؟
إن عصرنا هو عصر التعقيد , وعلينا أن لا نرى التعقيد فقط , فالثابت أنه مع كل تعقيد جديد تتاح فرصة جديدة , وتتوافر بدائل جديدة الإسلام بنية حضارية راقية جدا ً , ولا يمكن للإنسان أن يدرك المرامي الحضارية للإسلام , ولا يمكن للإنسان أن يفهم العمق الفكري
والتربوي والأخلاقي والتوحيدي لهذا الدين إلا بسوية معينة من الفكر والمعرفة , وبالتالي فلا أتصور أبدا ً تديُنا ً صحيحا ً دقيقا ً كاملا ً
مع الجهل 0 وكلما ارتقى الإنسان في علمه وفكره وفهمه وخبرته وإطلاعه صار مؤهلا ُ أكثر فأكثر لأن يفهم الإسلام على حقيقته 0
ولذلك فنحن نريد أن نرتقي بأفكارنا أولا ً , لنتقدم خطوة نحو فهم الإسلام , ومالم يرتق الفكر لدينا فإن فهمنا للإسلام سيظل محدودا ً
وسنظل بعيدين عما يجب علينا أن نتحلى به من الفهم العميق , والمعرفة الراقية 0
عصر التفوق 00 ؟
نحن في زمان المنافسة الشديدة أيضا ً , وهذا العصر الذي نعيش فيه هو عصر الأشياء المتفوقة , وليس في هذا العصر مكان لشيء
عادي , كل الأشياء العادية تفقد قيمتها في هذا الزمن , لذا فإن أفضل هدية لهؤلاء الأبناء – الذين اؤتمنا على تربيتهم وعلى توجيههم-
أن نجعل منهم أشخاصا ً متفوقين , أشخاصا ً غير عاديين : في فهمهم وسلوكهم وتقواهم وأخلاقهم وإبداعهم وعطائهم وأدائهم 0
لا تستطيع أن تعيش هذا الزمن بكفاءة وبكرامة أيضا ً من غير تفوق , لأن عصر الأشياء السهلة قد انتهى ؟
ومع كل يوم يمر تظهر متطلبات جديدة لكي تحيا حياة كريمة 00 فقبل خمسين سنة لم تكن مطلوبة ثلاثة ُ أرباع ما هو مطلوب اليوم لكي يعيش الإنسان بكرامته , لكن الحال تغيرت الآن , فزماننا يختلف اختلافا ٍ متسارعا ً , ولذا فإن الفهم والمعرفة والتفكير الجيد أدوات أساسية في تأمين متطلبات هذا الزمن الصعب الذي يُطل علينا , والذي تترسخ متطلباته يوما ً بعد يوم 0
ترافق الفرص والتعقيد 00 ؟
فالإنسان في البداية يعيش حياة بسيطة , وقد لا يصل عدد المهن إلى عشر في تلك البيئة البسيطة , لكنها تصل إلى عشرة آلاف في المدينة 00 لماذا 00 ؟ لأن المدينة بيئة معقدة , وكلما كثر التعقيد كثرت البدائل , وإذا لم يكن الفتى مُعدا ً إعدادا ً ذهنيا ً جيدا ًفإنه لن
يرى البدائل , ولن يرى الفرص , وستجده يرى التعقيدات والتحديات فقط 0 !
هذا النط – أي النمط الذي يحصل على البديل , ويحصل على الفرصة – هو النمط الذي لا يرى التحديات والصعوبات 00 كلا النمطين نراع في أبنائنا اليوم : فهناك الإنسان الذي لا يُحسن إلا التشكي , وكلما أخفق في شيء بحث عن ضحية يُحملها ذلك الإخفاق
وهناك الإنسان الذكي الألمعي الذي لا يبحث عن فرص , إنما هو يوجد الفرص 0
سأركز الكلام في هذه الأوراق – بحول الله تعالى – على محورين أساسيين , ونتناول في كل محور عدد من النقاط 0
المحور الأول : طريقة معاملتنا مع الطفل التي تؤدي إلى تنمية الجانب الفكري والجانب العقلي لديه 0
المحور الثاني : المفاهيم الأساسية التي يجب أن نوصلها إلى الأطفال , ويجب أن نعمقها في حياتهم وفي فكرهم وفي عقولهم 00
ومن خلال طريقة التربية , طريقة التعامل , طريقة التوجيه , إلى جانب المفاهيم التي نستوعبها , ثم ننقلها إلى الأطفال 00 تتكون ذهنية وعقلية جديدة لدى الأطفال , أرجو أن تكون أفضل من العقلية السائدة الآن 0
واسمحوا لي أن أذكر بصراحة – قبل أن أخوض في الموضوع – أن كثيرا ً مما سأذكره نحن في حاجة إلى أن نستوعبه جيدا ً وبشكل
معمق , وهذا الكتاب لن يكون كافيا ً لتعميق هذا الفهم أبدا ً , بل هذه الورقات تعطي مفاتيح وتشير إشارات 00 أما تعميق هذه المعاني
فقد يتطلب من الأب والأم أن يقرأ الواحد منهما خمسة أو عشرة كتب أو يستمع إلى عشرة أشرطة في هذا الموضوع 0 نحن نشير الآن إشارات , وعلينا نحن الكبار أن نحاول تعميق هذه المعرفة أولا ً , ثم ننقلها إلة الأطفال 0
تتبع المحور الأول : طريقة معاملة الطفل