هاذه الروايات يثبت ان عمر من حرم زواج المتعة
الروايات التي يستند إليها القوم لإثبات حرمتها فإن من يتتبعها وينظر ويتمعن فيهايجزم بأنها روايات موضوعة مكذوبة - وإن رويت في أصح الكتب عندهم - فهذهالرواياتمتناقضة ومتضاربة(1) في تحديد الوقت الذيحرّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمفيه المتعة، فرواية تقول بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرّمها يوم خيبروأخرىتقول بأنه حرّمها عام فتح مكة وثالثة تقولبأنه حرّمها في حجة الوداع ، ورابعة تقولبأن ذلككان في غزوة تبوك ، وخامسة في حنين ، وسادسة في غزوة أوطاس ، وسابعةفيعمرة القضاء ، ولذلك نجد أن القوم حاروا في تحديدوقت تحريم المتعة منه صلى اللهعليه وآله وسلم حتىزعم بعضهم أنها حللت وحرمت مرات عديدة !!! .
إن مثل هذاالاختلاف والإضظراب في هذه الروايات لهو دليل على وضعهاواختلاقها لتصحيح موقف عمربن الخطاب من هذا التشريع الإلهي ، الأمر الذي يدعو المرءالمسلم للصد والإعراضعنها ، واستصحاب الحلية ما لم يرد دليل قاطع معتبر علىالحرمة ، وهو طبعا غير موجود، بل يوجد بأيدنا العديد من الأدلة التي يستفاد منها عدمصدور أي أمر من رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم بحرمة المتعة ، وأن العديد منالمسلمين كانوا يمارسونهاويقولون بحليتها ، وبعضهم مارسها فترة من الزمن في حياةالنبي صلى الله عليه وآلهوسلم وبعد وفاته طيلة أيام إمارة أبي بكر ابن أبي قحافة ،وشطرا من إمارة عمر بنالخطاب حتى أصدر عمر أوامره بالنهي عنها ، وهذه نماذج منالأدلة لإثبات صحة ما نقول :
* في صحيح مسلم ( 2/1023 ) قال : ( وحدثنا الحسن الحلواني ،حدثنا عبدالرزاق ، أخبرنا ابن جريح قال : قال عطاء : قدم جابر بن عبدالله معتمرا فجئناه فيمنزله فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال : نعماستمتعنا على عهد رسول اللهصلى الله عليه وسلم وأبي بكروعمر ) .
* وفي صحيحمسلم (2/1023 ) قال : ( حدثني محمد بن رافع ، حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريح ،أخبرني أبو الزبير قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : كنا نستمتع بالقبضة من التمروالدقيق الأيام على عهدرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى نهى عنه عمرفيشأن عمرو بن حريث ) .
* وفيه ( 2/1023 ) قال : ( حدثنا حامد بن عمر البكراوي ،حدثنا عبد الواحديعني بن زياد عن عاصم عن أبي نضرة قال : كنت عند جابر بنعبد الله فأتاه آت فقال : ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين ، فقال جابر : فعلناهما مع رسول الله صلىالله عليه وسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعدلهما ) .
وهذهالروايات الثلاثصريحة في مشروعية نكاح المتعة وأن المسلمين الأوائل كانوايمارسونها في عهد رسولالله صلى الله عليه وآله وسلم وأنه مات صلى الله عليه وآلهوسلم ولم يسمع منه هؤلاءيوما أنه حرمها لذلك كانوا يفعلونها بعد وفاته ، طيلة أيامأبي بكر ومدة من أيامعمر بن الخطاب ، وأن النهي عنها إنما صدر من عمر بن الخطاب، فقول جابر بن عبد اللهالأنصاري في الرواية الثانية ( حتى نهى عنه عمر في شأن عمروبن حريث ) وقوله فيالرواية الثالثة : ( ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما ) لهوصريح ودليل واضح على أنالناهي عنها والمحرم لها هو عمر بن الخطاب وليس رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم .
* وفي صحيح مسلم : ( 2/1022 ) قال : ( حدثنا محمد بن عبد اللهبن نميرالهمداني ، حدثنا أبي ووكيع وابن بشير عن إسماعيل عن قيسقال : سمعت عبد الله يقول : كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساءفقلنا ألا نستخصي فنهاناعن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ثم قرأعبد الله ( يا أيها الذينآمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن اللهلا يحب المعتدين ) .
وهذه الرواية أيضا صريحة في مشروعية المتعة وأن النبي صلىالله عليه وآلهوسلم هو الذي رخّص للمسلمين أن يتمتعوا ، واستشهاد عبد اللهبن مسعود بالآيةالكريمة فيه دلالة على أنه من القائلين بإباحتها وأنها منالطيبات ، بل في ذلك ردوإنكار على من حرّمها .
وقال العلامة السرخسي ( المبسوط 4/27 ) :
(( وقد صحأن عمر ( رض ) نهىالناس عن المتعة فقال : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلىالله عليه وسلم ، وأناأنهى عنهما متعة النساء ومتعة الحج )) ( وانظر ( أصولالسرخسي 2/6 ) .
وهذاالقول عن عمر ذكره العديد من علماء أهل السنة منهم على سبيلالمثال : -
ابنقدامة : ( المغني 7/572 )
ابن حزم : ( المحلى 7/107 )
الجصاص : ( أحكامالقرآن 1/352 ) ( الفصول في الأصول 3/205 )
القرطبي : ( تفسير القرطبي 2/392 )
الدارقطني : ( العلل 2/156 ) .
ابن رشد : ( بداية المجتهد 1/268 ) .
الطحاوي : ( شرح معاني الآثار 2/146 )
المتقي الهندي : ( كنز العمال 16/519برقم : 45715 ) .
البيهقي : ( السنن الكبرى 7/206 برقم : 13948 )
ابنعبدالبر : ( التمهيد 8/355 ) .
* وفي شرحالتجريد للقوشجي صفحة 484 أن عمر قال : ( أيها الناس ثلاث كن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلمأنا أنهى عنهنوأحرمهن وأعاقب عليهن ، متعة النساء ، ومتعة الحج ، وحي علىخير العمل ) .
* وقالالراغب الأصفهاني في : ( المحاضرات 2/94 ) : ( وقال يحيى بن أكثم لشيخالبصرة : بمن اقتديت في جوازالمتعة ؟ قال : بعمر بن الخطاب ( رض ) قال : كيف وعمر منأشدالناس فيها؟ فقال : لأن الخبر الصحيح أنه صعد المنبر فقال : إن الله ورسولهقدأحلا لكممتعتين وإني محرمهما وأعاقب عليهما ، فقبلنا شهادته ولم نقبلتحريمه ) .
* وفي تفسيرالقرطبي ( 2/392 ) قال : ( والوجه الثالث من التمتع هوالذيوعد عليهعمر بن الخطاب وقال : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليهوسلم أنا أنهىعنهما وأعاقب عليهما متعة النساء ومتعة الحج ) .
وقول عمر بن الخطاب هذا صريح وواضح الدلالة على أنه هوالمحرم والناهي عنها : ( أنا أنهى عنهما ) ( أنا أنهى عنهن وأحرمهن وأعاقب عليهن ) ( وإني محرمهما ) ولو كان رسول الله صلىالله عليه وآله وسلم هو الناهي والمحرم لها لنسب إليه ذلكولم ينسبه إلى نفسه لأنه أبلغ في زجر الناس عنها .
*
تعليق