واشنطن-الملف برس: أظهر الأكراد مستوى من القلق "غير مسبوق" حيال ما يسمّونه "تحضير المالكي لحرب ضدهم بهدف السيطرة على كركوك والمناطق المتنازع عليها". وفي الوقت الذي يتهم الأكراد (المالكي) واصفين إياه بأنه "خطر على العراق والديمقراطية" وبأنه "صدام ثان"، يؤكد (نيجرفان البارزاني) رئيس حكومة إقليم كردستان أنّ الأكراد بحاجة الى التدخل الأميركي والضغط على (المالكي). وقال (البارزاني): "نحن نحب أميركا، لكنها لا تبالي))!. ويرى (سيباستيان آبوت) المحلل السياسي في وكالة الأسوشييتد برس أنّ الأكراد –الحلفاء الأقرب الى الولايات المتحدة في العراق- يشعرون بأنهم "مهجورون" من قبل واشنطن هذه الأيام، ويقولون إنّ حرباً مع الحكومة المركزية التي يهيمن عليها العرب، قد تنشب "ما لم يضغط" الأميركان لحل النزاعات التي تسبق في نشأتها حتى فترة حكم الرئيس السابق (صدام حسين). ويؤكد (آبوت) أن التوتر بين العرب والأكراد "متعدد الوجوه"، لكنّ أحد الوجه الأكثر التهاباً، هو الوضع في كركوك، المنطقة التي تضم نحو 13 بالمائة من احتياطي النفط العراقي. ويعتقد الأكراد أن المنطقة، يجب أن تكون جزءاً من إقليمهم "شبه المستقل" في شمال العراق، الذي حظي بالدعم الأميركي منذ سنة 1991. لكن موقع الأكراد هذا تسبّب في "احتكاك جدّي" مع بغداد، بضمن ذلك قرار الحكومة الشهر الماضي إرسال المزيد من القوات العراقية –معظمها من العرب- الى كركوك. ويطالب المسؤولون الأكراد الولايات المتحدة بممارسة المزيد من الضغط على رئيس الوزراء (نوري المالكي) لحل النزاعات قبل أنْ يغادر الجيش الأميركي العراق. وإذا ما بقيت النزاعات قائمة بعد مغادرة القوات الأميركية –كما يقول رئيس وزراء منطقة الحكم الذاتي (نيجرفان البارزاني) فإن ذلك يعني "الحرب بين الطرفين"!. لكنّ إدارة الرئيس الأميركي (باراك أوباما) –بحسب المحلل السياسي في الأسوشييتد برس- يجب أن توازن دعمها للأكراد ولـ (المالكي)، الذي يعد أيضاً "حليفاً مقرباً" لواشنطن. ونقل (سيباستيان آبوت) عن (البارزاني) قوله: ((نحن نحب أميركا، لكنها لا تبالي)). وأضاف قوله: ((عندما نقول شيئاً بشأن حماية حقوق شعبنا، فإنهم ينظرون إليه كمشكلة، تؤدي الى الإخلال بسياستهم في العراق)). وإجابة عن سؤال بشأن مخاوف الأكراد، قال (روبرت وود) الناطق باسم الخارجية الأميركية إنّ المواطنين العراقيين يجب أن يعتمدوا على النظام الديمقراطي للبلد في حل خلافاتهم، وليس باللجوء الى الولايات المتحدة. ويؤكد المحلل السياسي في الأسوشييتد برس أن الأكراد أصبحوا قلقين بشدة في الأشهر الأخيرة، وهم يراقبون (المالكي) العربي الشيعي يصلّب "عود" مشروعه في السلطة، محرّكاً قواته الى المناطق التي يزعم الأكراد أنها تابعة لهم، ويدفع باتجاه إجراء "تغييرات دستورية" لتقوية الحكومة المركزية. ويقول (المالكي) أن دستور 2005 أعطى سلطات كثيرة الى المحافظات العراقية، ودعا الى تعديل هذه الوثيقة. ويعدّ هذا الأمر –كما يقول آبوت- جرس إنذار للأكراد الذين ساعدوا الولايات المتحدة في غزوها للعراق سنة 2003 من أجل إسقاط نظام الرئيس السابق (صدام حسين) وحماية "حكمهم الإقليمي". من جانب آخر يقول (كمال كر****) نائب رئيس البرلمان الإقليمي في كردستان: ((إننا نحاول إيقاف المالكي بسلام، لكني أعتقد إنه رجل خطر)). وأضاف: ((إنه خطر على العراق. إنه خطر على الديمقراطية. إنه صدام ثان في العراق)). ويخشى المسؤولون الأكراد من أنّ ضغوط (المالكي) ستزيد، لأن حزبه تقدم كثيراً في الانتخابات المحلية الأخيرة. ويزعم (نيجرفان) قائلاً: ((أعتقد أن المالكي يسعى الى مجابهة مع الأكراد)). ويتخوف الأكراد من أن تؤدي المواجهة الى السيطرة على منطقة كركوك الغنية بالنفط، المدينة التي يسعى الأكراد من جانبهم الى ضمها الى كردستان. لكن العرب والتركمان يريدون أن تبقى كركوك تحت سيطرة الحكومة المركزية. وبسبب التوترات العرقية في كركوك جرى تأجيل انتخاباتها المحلية الى أجل غير مسمّى!. ويقول (البارزاني): ((لو لم يكن اللواء الأميركي هناك –في كركوك- العراقيون سيشعرون بالقوة، ويريدون أن يأتوا من موقع القوة لحل مشكلة مشكلة المناطق المتنازع بشأنها، وهذا يعني عراقاً غير مستقر)). ويرجع النزاع الكردي-العربي إلى عقود مضت –كما يقول المحلل السياسي في الأسوشييتد برس- وبالتحديد الى الحملات التي تشنها الحكومات التي يهيمن عليها العرب في بغداد، لإسكان العرب في أراضي حقول النفط الشمالية وفي المناطق القريبة من الحدود الإيرانية. وتحت حكم الرئيس السابق (صدام حسين) كان الألوف من الأكراد قد أجبروا على ترك بيوتهم والانسحاب من مدنهم الحدودية، وبذلك حرم الأكراد من الأرض التي يملكونها، طبقاً لقول المحلل السياسي في وكالة الأنباء الأميركية. وكانت الأحزاب الكردية الكبيرة قد التحقت بتحالف الحكومة في بغداد بعد سقوط (صدام) سنة 2003، وأمسكوا بالعديد من مواقع السلطة، بضمنها رئاسة البلد. وبانحسار العنف في البلد، يشعر الأكراد أن مطالبهم تواجه أهمية جديدة. ويقول (سيباستيان آبوت) إن الأكراد اشتبكوا أيضا مع الحكومة المركزية بشأن التشريع الخاص بتنظيم صناعة النفط العملاقة في البلد. وتريد الحكومة الإقليمية الكردية الحرية في استخدام حقولها النفطية، لكن بغداد تسعى الى الكثير من المركزية في السيطرة على الموارد النفطية باعتبارها حق لكل العراقيين. وقد منعت هذه النزاعات قانون النفط من الصدور لسنتين. ومن جهة ينادي الأكراد باستفتاء عام في كركوك، لتحديد ما إذا كانت منطقتها يجب أن تصبح جزءاً من الإقليم الذي يتمتع بشبه استقلالية. وكان الدستور العراقي قد حدد سنة 2007 كموعد نهائي لهذا التصويت لكنه أجل مراراً وتكراراً. والكثيرون من المسؤولين الأكراد يعتقدون أن بغداد ستستمر في تأجيل الاستفتاء، ما لم تمارس واشنطن المزيد من الضغط على بغداد!. ويقول (فؤاد حسين) كبير موظفي مكتب رئيس إقليم كردستان (مسعود البارزاني): ((اسم اللعبة في بغداد: التأجيل، التأجيل، التأجيل)). وأضاف: ((لدينا القوة، والسلطة الدستورية، لكننا نريد الولايات المتحدة أن تمارس ضغطها)). وكان نائب الرئيس الأميركي (جو بيدن) قد زار كركوك في شهر كانون الثاني، وقبيل تسلم منصبه في البيت الأبيض، وأشار الى أن الولايات المتحدة قلقة بشأن النزاع المحتمل بخصوص المدينة. وكانت للولايات المتحدة، مؤيداً قوياً لـ (المالكي) ويمكن أن تكون كتمت ضغطها على رئيس الوزراء قبل إجراء الانتخابات المحلية أواخر السنة الماضية، وخاصة بشأن المنطقة المتنازع عليها. ويؤكد المحلل السياسي أن القضية حساسة أيضا بالنسبة لتركيا –الحليف الأساسي للولايات المتحدة- والتي تشترك مع شمال العراق، بمناطق حدودية، وتنشغل منذ سنوات طويلة بالحرب ضد المتمردين الأكراد جنوب شرقي تركيا. ويقول (نيجرفان البارزاني) إن الولايات المتحدة لا تتحمّل المزيد من التأجيل، وأنها تحتاج الى الدفع باتجاه حل نهائي قبل أن تسحب قواتها من العراق، ودون ذلك فإن الحرب قائمة لا محالة بين الأكراد وبين العرب. ويقول (البارزاني): ((إن إدارة أوباما تتحدث عن انسحاب مسؤول من العراق. وهي تعني المشاكل الموجودة، وبضمنها المناطق المتنازع عليها. ويجب أن يكون هناك حل لهذه النزاعات قبل الانسحاب الأميركي)).
المصدر : الملف برس - الكاتب: الملف برس
تعليق