إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

رحلتي الى أعظم حجّ في التاريخ .. الى كربلاء- في حلقات1- 14

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رحلتي الى أعظم حجّ في التاريخ .. الى كربلاء- في حلقات1- 14

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين..
    كنت قد قرأت يوماً حديثاً عن صادق أهل البيت جعفر بن محمد يقول فيه:

    مَنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَقَدْ حَلَّ عُقْدَةً مِنَ النَّارِ مِنْ عُنُقِهِ وَ مَنْ حَجَّ حَجَّتَيْنِ لَمْ يَزَلْ فِي خَيْرٍ حَتَّى يَمُوتَ وَ مَنْ حَجَّ ثَلَاثَ حِجَجٍ مُتَوَالِيَةٍ ثُمَّ حَجَّ أَوْ لَمْ يَحُجَّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مُدْمِنِ الْحَجِّ.
    وقرأت عن الامام الرضا حديثا عن ثواب الحج فيه:
    .. مَنْ حَجَّ أَرْبَعَ حِجَجٍ لَمْ تُصِبْهُ ضَغْطَةُ الْقَبْرِ أَبَداً، وَ إِذَا مَاتَ صَوَّرَ اللَّهُ الْحِجَجَ الَّتِي حَجَّ فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الصُّوَرِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ يُصَلِّي فِي جَوْفِ قَبْرِهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ قَبْرِهِ وَ يَكُونُ ثَوَابُ تِلْكَ الصَّلَاةِ لَهُ.
    وَ اعْلَمْ أَنَّ الرَّكْعَةَ مِنْ تِلْكَ الصَّلَاةِ تَعْدِلُ أَلْفَ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْآدَمِيِّينَ.
    وَ مَنْ حَجَّ خَمْسَ حِجَجٍ لَمْ يُعَذِّبْهُ اللَّهُ أَبَداً... الخ
    ولما كان التوفيق الالهي قد حالفني بالوصول الى هذه المرحلة في السنوات الماضية فقد غدا سعيي للحج في كل عام أمرا لا يحتاج الى تفكير أو تقرير أو تقدير..
    فما الذي حصل في موسم الحج الفائت؟
    في شهر ذي القعدة من كل عام بل من شهر شوال أيضا لم يكن أحد ليسألني هل تريد الذهاب الى الحج بل كان السؤال الذي أسمعه من كثير من الاصدقاء والاصحاب كيف لنا أن نذهب الى الحج؟ وما هي الاجراءات المطلوبة لهذا العام وماذا علينا أن ننجز؟ وكيف نضمن الذهاب هذه السنة للحج؟
    وكنت أجيبهم بالقول: إن من دعا ربه في شهر رمضان بما ورد عن الامام الصادق بقوله:
    اللَّهُمَّ رَبَّ شَهْرِ رَمَضَانَ الَّذِي أَنْزَلْتَ فِيهِ الْقُرْآنَ وَ افْتَرَضْتَ عَلَى عِبَادِكَ فِيهِ الصِّيَامَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ ارْزُقْنِي حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرَامِ فِي عَامِي هَذَا وَ فِي كُلِّ عَامٍ..
    فإن أمور الحج ستيسَّر له من حيث لا يدر فيما لو استجاب الله دعاؤه.
    وهكذا كانت استعداداتي للحج في الموسم الفائت..
    فبعد أن أنجزت ما يمكنني القيام به من مساعدة الراغبين في الحج وبدل أن أتوجه للحج معهم تراءى لي الذهاب الى لبنان والسفر من هناك..
    وهناك ولسبب ما تغيرت الرغبة واستحضرني قول أمير المؤمنين :
    عَرَفْتُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِفَسْخِ الْعَزَائِمِ وَ حَلِّ الْعُقُودِ وَ نَقْضِ الْهِمَمِ
    .
    فبقيت في لبنان دون أن أذهب الى الحج، وبقيت الى أيام عاشوراء..
    وهكذا فاتني الحج الى بيت الله الحرام الذي أدمنت عليه منذ سنوات، ولم يكن يعكر تلك الراحة التي اشعر بها في الحج سوى حالة الانقباض التي تعترينا أحيانا عندما نتجه الى زيارة قبر الرسول في المدينة المنورة ، وقبور أئمة الهدى في بقيع الغرقد من سلوكيات تلك الوجوه الكالحة التي تنظر شزراً الى الحجيج القادمين من كل الطوائف والمذاهب الذين يرغبون بالتبرك من قبر رسول الله بسبب فهمهم المنكوس المركوس ..
    فلو مدَّ أحد يده نحو قبر الرسول متبركاً لانهالت عليه عصا الاجلاف الغليظة، ولو وقف حاج بالقرب من قبور الائمة زائراً لنهره اولئك المنتشرون من جحافل المطاوعة، المستعينون بسرايا الشرطة وقوات مكافحة الشغب.. وهم في ذلك يحسبون انهم يحسنون صنعا.
    ربما تكون حالة الانقباض تلك من سلوكيات اولئك المسلطين على تلك البقعة الطاهرة سبباً في انكفائي عن الحج الفائت.. فلم أوفق للذهاب ، ولكن كان في داخلي شعور عميق ملؤه الاطئمنان بأن الله سينعم عليَّ بما يعوضني عما فاتني..
    ألست قد استجبت لرغبة والدتي.. أليست هي التي تدعو لي في كل يوم؟
    كان هذا شعوراً داخليا في فؤادي ، لا أعرف مصدره ، ولا كيف سيتحقق.. ولا متى..
    وانتهت أيام عاشوراء واستعديت للتوجه الى مدينة قم وحصل ما لم يكن في الحسبان..
    قال أخي العائد من زيارة الحسين في أول عاشوراء، ان لديه الرغبة في زيارة العتبات المقدسة في العراق مجدداً، وبالاخص زيارة الامام الحسين في يوم الاربعين..
    لقد كانت لديه رغبة بزيارة الحسين يوم عرفة بدل الذهاب الى مكة، ولكنه لم يتمكن من تنفيذ تلك الرغبة، فذهب الى الحج وعاد بعدها الى كربلاء، ونال هدية يحلم بها الموالون المحبون..
    لقد اهدي العلمَ المرفوع على قبة أمير المؤمنين في النجف الاشرف، والعلم المرفوع على قبة الحسين والذي استبدل في احتفال في اول ليالي محرم من هذا العام .. إنه العلم ذو اللون الاحمر المكتوب عليه .. يا حسين..
    ما أعظمها من هدية .. وما أعظمها من كلمة ..
    وذهبت بي الذكريات بعيدا..
    رجعت بي خمساً وثلاثين سنة الى الوراء.. يومَ أن ذهب أخي وكان طفلا مع أبي مشياً من النجف الاشرف الى كربلاء ولم يكن قد أكمل السنوات العشر من عمره.
    يومها قرر والدي الذهاب منفرداً بعد أن تخلف أصحابه واستبقاني مع العائلة في المنزل قائلا: لا يمكن تركنا للبيت معا لعدة ايام فأنت الكبير بين أخوتك وعليك أن تبقى معهم، وحمل اخي علماً عليه كلمة.. يا حسين..
    وبين العلم الذي اشتراه أبي لأخي من السوق الكبير، وبين العَلم الذي أهدي له اليومَ حكايةُ تاريخ فيه الكثير..
    لاحظ أخي أنني انتقلت الى عالمٍ آخر.. وكأنه أدرك شيئاً مما يجول في خاطري، فقال لي:
    هل ترغب يا أخي بالزيارة؟ بزيارة الحسين يوم الاربعين؟ بزيارة كربلاء؟
    شعرت بكلامه ينكت في قلبي رغبة عميقة .. فقد زرت الحسين في عاشوراء قبل خمس سنوات بعد انقطاع لمدة اثنين وثلاثين سنة..
    لقد كان ذلك في عام 1393 للهجرة عندما شاهدت في كربلاء آخر المواكب الحسينية التي انطلقت متحدية إرادة السلطة الطاغية ، وشهر المشاركون سيوفهم المخبأة ، وفرَّ رجال الامن هرباً ليقيموا الحواجز بحثا عن اولئك الذين تجرأوا وشجوا رؤوسهم حزناً على ابي عبد الله الحسين..
    وأتذكر كيف استوقفنا حاجز يومها أثناء عودتنا من كربلاء الى النجف وصعد جندي يفتش في الرؤوس ليعتقل من يجد على رأسه آثار ضرب القامات، وكأن تلك الضربات نزلت على رؤوس الجلاوزة ..
    وفي عام 1425 امضيت الليل بين مقام العباس والحسين وشاهدت المواكب الضخمة التي لم يحصل لها مثيل حتى تاريخه، وكنت شاهداً على التفجيرات الاجرامية الانتحارية التي طاولت الزوار..
    وكأن التاريخ لم يتوقف في عاشوراء سنة 61 للهجرة، ولا اعتبر من عهد المتوكل العباسي، ولا من عهد النظام البائد في العراق، فالحقد الكامن في تلك النفوس يتوارثه الابناء عن الاجداد...
    رغبتي في الزيارة لا يدانيها شيئ.. ولكن لها في نفسي رهبة.. ألم يقل الامام الباقر في حديث:
    لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ مِنَ الْفَضْلِ لَمَاتُوا شَوْقاً وَ تَقَطَّعَتْ أَنْفُسُهُمْ عَلَيْهِ حَسَرَاتٍ..
    ألم يقل في نفس الحديث:
    مَنْ زَارَهُ شَوْقاً إِلَيْهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ حَجَّةٍ مُتَقَبَّلَةٍ وَ أَلْفَ عُمْرَةٍ مَبْرُورَةٍ وَ أَجْرَ أَلْفِ شَهِيدٍ مِنْ شُهَدَاءِ بَدْرٍ وَ أَجْرَ أَلْفِ صَائِمٍ وَ ثَوَابَ أَلْفِ صَدَقَةٍ مَقْبُولَةٍ وَ ثَوَابَ أَلْفِ نَسَمَةٍ أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ وَ لَمْ يَزَلْ مَحْفُوظاً
    ...
    نعم يا أخي : لديَّ رغبة جامحة لزيارة الحسين ..
    وعدت في نهاية المحرم الى مدينة قم.
    كثرت أسماء الراغبين في زيارة الحسين.. وصار بإمكان الزوار الوصول مباشرة الى مطار النجف الاشرف والحصول على تأشيرة الدخول دون الحاجة الى موافقة مسبقة في ايام الزيارة..
    كان أبي سباقاً في حسم قرار السفر من بيروت الى النجف ، إنه الحلم الذي راوده منذ سنين خمس.
    فمنذ سنوات وهو يتابع اخبار مطار النجف، وفي كل مناسبة يبدي رغبته الهبوط في مطار النجف الاشرف.. وها قد آن أوان تنفيذ تلك الرغبة.
    لقد تم شراء بطاقات السفر لسبعة من افراد العائلة ممن سيكونوا مع الوالد في تلك الرحلة التاريخية من بيروت التي تحدد موعدها في 15 صفر اي قبل خمسة أيام من موعد زيارة الاربعين.
    وللحديث تتمة..


  • #2
    ان حج عظيم عند الله العلي القدير
    فمبروك لكل الحجيج الذين استغلوا
    هذه الفرصه ليثبتوا الولاء المطلق
    لله ورسوله واهل بيته الطيبين الطاهرين

    تعليق


    • #3
      سدد الله خطاك أخي أبو محمد.

      حقا الكلام الذي يخرج من القلب يصل الى القلب.

      ((ويا عاملي)) العجل..العجل..بالحلقة الثانية!!!وأسألك الدعاء دأئما وأبدا حيا وميتا...

      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمن الرحيم
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


        اللهم صل على محمد وال محمد
        والعن أعدائهم اجمعين


        شيخنا الكريم ابو محمد العاملي
        تقبل الله منكم هذه الزيارة
        والتي لا تزال غصتها في قلوبنا
        والتي نتمنى في كل ليلة ان لو كنا معكم في هذه الزيارة

        ونحن متابعون معكم للموضوع
        وبانتظار الأجزاء الباقية من الرحلة

        لا تنسونا من الدعاء
        انشاء الله يتقبل منكم جميع اعمالكم
        ويوفقكم لما يحب ويرضى
        بالتوفيق اخوتي وأخواتي الكرام

        أبد والله .. يا زهراء .. ما ننسى حسيناه


        وستبقى الصرخة الحسينية الهادرة باقية عبر الزمن
        يـــا حســــــين
        كما قالت الحوراء زينب عليها السلام للملعون يزيد
        والله لن تمحو ذكرنا ولن تميت وحينا


        استغفر الله لي ولكم

        والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

        تعليق


        • #5
          الحمد لله على السلامة
          الله يتقبل يا مولانا الشيخ مصطفى
          الحمد لله على سلامتكم
          وهنيئالكم هذة الزيارة وجعلها الله ذخرا في القيامة

          وبانظار تتم حديثكم الرائع واذا سمحتم بمداخلة صغيرة
          لقد كان ذلك في عام 1393 للهجرة عندما شاهدت في كربلاء آخر المواكب الحسينية التي انطلقت متحدية إرادة السلطة الطاغية ، وشهر المشاركون سيوفهم المخبأة ، وفرَّ رجال الامن هرباً ليقيموا الحواجز بحثا عن اولئك الذين تجرأوا وشجوا رؤوسهم حزناً على ابي عبد الله الحسين..
          وأتذكر كيف استوقفنا حاجز يومها أثناء عودتنا من كربلاء الى النجف وصعد جندي يفتش في الرؤوس ليعتقل من يجد على رأسه آثار ضرب القامات، وكأن تلك الضربات نزلت على رؤوس الجلاوزة ..


          هذا ديدن الطغاة وأعداء الامام الحسين يحاولوا بما يملكون من قوة في محاربة شائر الامام الامام الحسن علية السلام
          قبل يومين اتى أحد الوهابية الحاقدين على زوار الامام الحسين علية السلام وجعل يكد الاتهامات فيهم وينال ببدائة
          القول يصف الزوار أن فيهم متبرجين وأنهم ما أتوا الى كربلاء الى الى التبرج وساق سيل من الاتهامات.
          لان الجموع المليونية جعلت في قلوب البعض حقد على الشيعة لكن الوهابي الاحمق كتب عنوان في صورة أنة خائف
          على مصالحنا وأنة بحسب زعمة أنة هذة كربلاء مقدسة وهذة الزيارة يجب ان يكون ومقدسة وفي الجانب الاخر
          نسى نفسة انه يعتبر زيارتنا وما نقوم بة أنة شرك وهذة
          عبادة القبور كما يكتب ذلك في توقيعة فهو تارة يقول
          بنفسة هذة اماكن مقدسة وتراة في توقيعة يصرح علينا بعبادة القبور!!!!!!!

          وبالنسبة لشعائر الاما الحسين علية السلام فالبعض ممن يجعل نفسة محارب لها فوقع
          مع أعداء الامام الحيسن وجعل نفسة معهم من حيث يدري أو لايدري فالبعض منهم
          يمعن الكذب على العلماءأمثال الامام الخميني وييصر على كذبة ويقول أنة
          أصدر فتوى بتحريم التطبير ويلفق بعض الاقاويل بدون ورع وخوف من الله أو يكذب على التبريزي والخوئي الستاني في سبيل أنة ينتصر لرأية ....

          وبالبعض يصدر كتيبات ويوزعها على الناس كذبا يفتري فيها ويقلب الحقائق ويدعي أن صدام كان يروج لأمر التطبير لانة يرى في التطبير بدعة وأنةيريد أن
          يشوه المذهب ويريد أن يجعل المذهب خرافي جعل يروج للتطبير!!!
          وأنظر يا مولانا كيف يمعن بعض الناس في الكذب وقلب الحقائق؟
          ونحن بنتظار بقية الكلام الرائع وسدد الله خطاكم....

          تعليق


          • #6
            بارك الله فيكم اخي ابو محمد العاملي
            ننتظر بقارغ الصبر التكملة
            بارك الله فيكم

            تعليق


            • #7
              الحلقة الثانية: قرار السفر

              الحلقة الثانية- قرار السفر
              قبل ايام من ذاك الموعد كنت في زيارة لسماحة المرجع الكبير السيد محمد صادق الحسيني الروحاني الذي عاد الى التدريس مجدداً بعد الوعكة الصحية التي أصابته منذ أشهر ثلاث، وبعد أن ابلغته سلام الوالد وأنه سيسافر لزيارة الحسين عليه السلام، أبديت أمامه رغبة بالاستخارة لكي تحسم موقفي من رغبتي..فالتفت إلي معاتباً قائلا:
              وهل تأتيك دعوة لزيارة الحسين وتتردد!!
              ليست تلبية مثل هذه الدعوة موردا للاستخارة.. واضاف مبتسماً، لكن بشرط...
              أجبته..عرفت ما تريده مني.. وانا ملزم به دون شرط..
              وانقدحت في ذهني خاطرة.. ألستُ قد حرمت في هذا العام من أداء الحج الذي أدمنت عليه منذ سنوات؟..
              ألم يراودني شعور بأن الله سيعوضني عما فاتني؟
              ها هي تلك اللحظة قد حانت..
              ألم يقل الامام الصادق عليه السلام:لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ الْحَجَّ وَ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ ذَلِكَ فَأَتَى الْحُسَيْنَ فَعَرَّفَ عِنْدَهُ يُجْزِيهِ ذَلِكَ مِنَ الْحَجِّ ؟
              ألم يقل عليه السلام: مَنْ أَتَى قَبْرَ الْحُسَيْنِ عَارِفاً بِحَقِّهِ كَانَ كَمَنْ حَجَّ مِائَةَ حَجَّةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ؟
              ألم تقل عائشة يوما عندما كَانَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ذَاتَ يَوْمٍ فِي حَجْرِ النَّبِيِّ يُلَاعِبُهُ وَ يُضَاحِكُهُ..
              يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَشَدَّ إِعْجَابَكَ بِهَذَا الصَّبِيِّ!
              فَقَالَ لَهَا وَيْلَكِ وَ كَيْفَ لَا أُحِبُّهُ وَ لَا أُعْجَبُ بِهِ وَ هُوَ ثَمَرَةُ فُؤَادِي وَ قُرَّةُ عَيْنِي، أَمَا إِنَّ أُمَّتِي سَتَقْتُلُهُ فَمَنْ زَارَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ حَجَّةً مِنْ حِجَجِي.
              قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَجَّةً مِنْ حِجَجِكَ!!
              قَالَ نَعَمْ وَ حَجَّتَيْنِ مِنْ حِجَجِي.
              قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَجَّتَيْنِ مِنْ حِجَجِكَ!!
              قَالَ نَعَمْ وَ أَرْبَعَةً قَالَ- الصادق- فَلَمْ تَزَلْ تَزَادُهُ وَ يَزِيدُ وَ يُضْعِفُ حَتَّى بَلَغَ تِسْعِينَ حَجَّةً مِنْ حِجَجِ رَسُولِ اللَّهِ بِأَعْمَارِهَا.
              تذكرت كل هذا ، وتذكرت كلاما آخر بليغا للامام الصادق عندما سأل أحد أصحابه قائلا: يَا شِهَابُ كَمْ حَجَجْتَ مِنْ حَجَّةٍ؟
              قَالَ قُلْتُ تِسْعَ عَشْرَةَ.
              قَالَ فَقَالَ لِي تَمِّمْهَا عِشْرِينَ حَجَّةً تُكْتَبْ لَكَ بِزِيَارَةِ الْحُسَيْنِ .
              لن يثنيني عن الزيارة شيئ.. سأسعى جهدي لكي أصل الى الحسين.. وأكون في كربلاء يوم الاربعين..
              الم أنقل حديثاً فيما كتبته عن رحلتي في عالم الصلاة عن الامام الحسن العسكري يقول فيه:
              عَلَامَاتُ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ:
              صَلَاةُ الْإِحْدَى وَ الْخَمْسِينَ، وَ زِيَارَةُ الْأَرْبَعِينَ، وَ التَّخَتُّمُ بِالْيَمِينِ، وَ تَعْفِيرُ الْجَبِينِ، وَ الْجَهْرُ بِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ؟
              لقد جاءتني فرصة لن أضيعها، وليُيَسر لي الله ذلك.
              من طهران الى النجف الأشرف:
              سأذهب لزيارة الأربعين.. سأذهب الى الحسين.. سأذهب عبر مطار النجف الاشرف..
              هذه هي رغبتي وهذا ما سأسعى اليه فكيف سارت الامور؟ إن لله في خلقه شؤون..
              بذلت جهدي كي أحصل على تذكرة من طهران الى النجف في نفس اليوم الذي سيصل به والدي ومن معه من بيروت.. ولكن دون نتيجة..
              لم يعد مهماً لدي تحديد الوقت بل الرغبة في الذهاب الى الحسين من باب أمير المؤمنين.. لا يهمني إن ذهبت قبلهم أو بعدهم.. ما يهمني هو أن تطأ قدماي أرض الغري أولا..
              ألم يخاطب بن ابي الحديد برق السماء قائلا:
              يا برق إن جئت الغري فقل له *** أتراك تعلم من بأرضك مودع
              فيك ابن عمران الكليم وبعده *** احمد يقفيه وعيسى يتبع
              الى أن يقول:
              بل فيك نور الله جل جلاله *** لذوي البصائر يستشف ويلمع
              لقد كتب والدي عن النجف الاشرف معلقا:
              فيها من الاسرار ما لا يدرك ابعادها سوى الابرار...
              النجف الأشرف مهوى الافئدة على مر الدهور والازمان..
              بل هي صمام الامان لدائرة الاكوان.. لهداية الانسان ...

              النجف وما أدراك ما النجف.. حيث نشأت وترعرعت.. حيث كبرت واينعت..
              حكاياتي مع النجف مع حكايات العمر.. حكايات وذكريات مع الكبار الكبار..
              وليتوقف قلمي عن الاسترسال.. فللنجف أحاديث وأحاديث ..
              ما يهمني الحديث عنه الان.. هو أنني حاولت جاهدا تأمين حجز الى النجف الاشرف بشتى الطرق والوسائل والوسائط .. ولكن دون نتيجة..
              إذن فلتكن رحلتي عبر مطار بغداد.. فلن يثنيني عن زيارة الحسين شيئ..
              وبالطبع لم يكن الامر سهلا وميسراً.. ولكن في نهاية المطاف حصلت على حجز في نفس اليوم الذي اريد عبر مطار بغداد..
              وحان موعد السفر.. فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم ..
              غادرت المنزل في قم باتجاه المطار في طهران في الوقت المحدد..
              وغادر الشاب الذي سيوصل لي التذكرة أيضا من طهران الى المطار..
              وقبل ان تنطلق بي السيارة أتلقى اتصالا يفيد بأن موعد طائرة بغداد قد تأخر.. والتأخير هنا لا أحد يعرف مقداره.. فوالدي ومن معه كان لا يزال منذ الصباح الباكر ينتظر في مطار بيروت الى ما بعد الظهر دون أن يعلم الموعد الفعلي لاقلاع طائرتهم..
              لن ارجع الى المنزل .. فانا متجه الى الحسين.. ووصلت الى المطار..
              ما أن دخلت الى الصالة حتى قرأت في لوحة المغادرة إعلانا عن أن طائرة النجف الاشرف متأخرة.. موعدها في العاشرة صباحا والساعة تقترب من الثالثة ولا يزال الركاب بالانتظار.. فلم تصل الطائرة بعد..
              وطائرة بغداد ايضا متأخرة دون تحديد الموعد الجديد..
              التقيت بعدد من الاصدقاء المنتظرين منذ الصباح ، ووجهتهم مدينة أمير المؤمنين.. وما هي إلا دقائق قليلة حتى سرى خبر قرب هبوط الطائرة التي ستقل هؤلاء المنتظرين الى النجف الاشرف..
              دخلت دون أن انتظر وصول التذكرة، تحدثت مع المدير المسؤول عن الخطوط العراقية، بهدف تحويل تذكرتي من بغداد الى النجف.. استمهلني لحين هبوط الطائرة ومراجعة قائدها.
              هبطت الطائرة وصعد الركاب المنتظرون منذ الصباح، وكان بالامكان إلحاق أربعة ركاب فقط بركاب الطائرة ، ولكن تذكرتي لم تكن قد وصلت بعد، وصعد الاربعة وبدأوا بإغلاق (الكونتوار) فقد انتهى عملهم.. وودعني الاصدقاء.. وبقيت واقفا وفي داخلي شعور بالاطمئنان لا اعرف مصدره، ولا حقيقته..
              غادر موظفوا مكتب الخطوط العراقية ولم يبق سوى موظف واحد يجمع ما لديه، وفي تلك اللحظة وصل الشاب الذي احضر لي التذكرة من طهران..
              ينظر اليَّ ذاك الموظف ويعمل بعض الوقت على جهاز الكومبيوتر ثم يبادرني بالسؤال : هل معك حقائب؟ أجبته فقط حقيبة اليد .
              يقول : اعطني التذكرة، وبسرعة يتناول بطاقة الصعود الى الطائرة ويكتب عليها شيئا ، ويكتب على التذكرة شيئا ثم يقول لي مودعا.. إذهب بسرعة الى الطائرة ولا تنسنا من الدعاء..
              دمعت عيني وانا ادخل الى صالة المغادرة بعد ان صعد الركاب الى الطائرة..
              تأملت في البطاقة لاعرف رقم المقعد فلم أجد رقما سوى كتابة لم تكن مفهومة بالنسبة لي.
              ربما كانت رمزا أو إشارة.. اتضح معناها عندما قدمت البطاقة الى المضيفة ، وبعد أن تأملتها : قالت تفضل هذا مقعدك رقم 1 في الدرجة الاولى..
              اتأمل في التذكرة لاجد أن ذاك الموظف قد كتب عليها باللغة الانكليزية أنه يجب إعادة مبلغ خمسين دولارا من قيمة التذكرة..
              وهنا أعود الى بعض ما كتبته في تلك الرحلة..
              سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ
              الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما يسَّر.
              إنها الخامسة عصرا بتوقيت طهران وأنا على المقعد رقم واحد في رحلة متجهة بنا من طهران الى النجف الاشرف..
              ما حصل اليوم الاربعاء 11 شباط 2009 (15 صفر 1430) هو أمر يدعو للتأمل..
              صباح اليوم توجهت نحو حرم السيدة فاطمة المعصومة ( بنت الامام الكاظم ع) وكانت الدنيا تمطر مطرا خفيفا..
              بعد الزيارة والصلاة توجهت لتوديع استاذي سماحة المرجع السيد محمد صادق الروحاني، قرأ في أذني الدعاء المأثور والاية الكريمة، ودعته وخرجت..
              اللهم لك الحمد على نعمائك ..
              الطائرة تحلق فوق طبقات الغيم، ولم أستطع أن أحبس دموعي التي راحت تنذرف من عيني ..تبلل تلك الدموع لحيتي .. سبحانك يا رب..
              الساعة الان هي السادسة مساء .. لقد مضى على طيراننا مدة ساعة من الوقت ولم يبق سوى أقل من نصف ساعة كي تهبط بنا الطائرة في مطار النجف الاشرف..
              اكتب ... ونحن نستعد للهبوط ... و بجانبي سماحة الشيخ محمد مهدي نجف..
              اللهم لك الحمد على ما أنعمت..
              وللحديث تتمة..

              تعليق


              • #8
                اللهم صل على محمد وال محمد

                تقبل الله اعمالكم شيخنا

                متابع للموضوع

                تعليق


                • #9
                  تقبل الله زيارتكم و سعيكم

                  متابع بــشـــغــــف

                  تعليق


                  • #10
                    السلام عليكم
                    تقبل الله زيارتكم للامام الحسين عليه افضل الصلاة والسلام وأنالكم الله شفاعة الامام الحسين عليه افضل الصلوات
                    متابعين

                    تعليق


                    • #11
                      ودخلت العراق من جديد .. الحلقة الثالثة

                      الحلقة الثالثة: ودخلت العراق من جديد




                      ها أنذا في مطار النجف الاشرف.. هل ذا حقيقة أم حلم؟

                      قف أيها الزمن مكانك، وعد بي الى الوراء .. الى عقود تطاول بها العمر..

                      عد أيها الزمن سنينا وقف بخشوع واعتبر..

                      عندما توقف الزمن عند أهل الكهف ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا.. وعادوا الى الحياة ، ليروا حياة أخرى ، لم يصدقوا انفسهم هل أنهم كانوا في حلم ام في خيال..

                      لم يستطيعوا تحمل تلك المفارقة فاختاروا المفارقة..

                      أما أنا فلم أنم كأهل الكهف، لا زلت حياً منذ عقود ، لكنني صرت شاهدا على سرعة الزمن.

                      أهبط من الطائرة ، أصل الى الصالة المخصصة، عليَّ أن أحصل على الفيزا قبل تجاوز نقطة ختم الجوازات..

                      هذا ضابط الجوازات .. يوجّه العناصر الجديدة معه على كيفية انجاز المعاملات..

                      عندما أقول له إن لديّ موافقة مسبقة وان بقية الاسماء ستصل من بيروت، يجيبني ، لستم الان بحاجة الى أية موافقة مسبقة، أهلا بكم .. أنتم زوار الحسين..

                      تحصلون على تأشيرة الدخول مباشرة بموافقة خاصة من اللواء..

                      بكل مودة وحنان يخاطبون الزوار القادمين مقدمين لهم كل ما يلزم من تسهيلات وارشادات..

                      هل هؤلاء هم ضباط الامن في العراق؟ شيء لا يصدق..

                      يا الهي أين أنا!! وماذا أرى!!

                      يقف الضابط ليقدم لي كرسيه كي أجلس عليها.. فيما ينشغل آخرون بإنجاز التأشيرة..

                      أهكذا غدت أخلاق رجال الامن في العراق!

                      ترقرقت في عيني دمعة.. بعد أن عدت احدى وثلاثين سنة الى الوراء.. الى يوم لا ينسى من حياتي..

                      كثيرة هي أيامي التي لا تنسى، ولكن لهذا اليوم طابع خاص له الاثر الكبير على استمرار حياتي..

                      كأني ولدت في ذاك اليوم من جديد .. إنه فجر الاول من كانون الثاني من عام 1978 م ، صبيحة اليوم الذي توفي فيه أمير دولة الكويت الراحل الشيخ صباح السالم الصباح.

                      عادت بي الذاكرة الى تلك الليلة عند المعبر الحدودي للعراق ( الرطبة).. وكيف شاهدت اسمي ضمن دفتر المطلوبين.. وقرأت الفاتحة .. وكيف نجوت..

                      وهل يسلم في ذاك الزمان أحد؟

                      في تلك الليلة الباردة وفي ذاك المكان القارص كنت آت من الاردن الى العراق و قد أحضرت معي في حقيبة نسخاً من الكتاب الذي كنت قد طبعته في لبنان عن مرقد أمير المؤمنين عليه السلام..

                      إنه كتاب: لمحة تاريخية عن مرقد أمير المؤمنين(ع)

                      تم إنزال كل الاغراض من السيارة والمفتش لا يترك شيئا بدون تفتيش دقيق ، حتى أنه راح يخرج من حقيبتي الثانية والتي فيها ملابسي البنطلون ويفتشه ..

                      أسندت كتفي الى جدار في ذاك الليل البارد وأنا أفكر في اجوبة ما يمكن ان يطرح علي من أسئلة.. ألسنا في نظام بوليسي بامتياز؟

                      لم يكن العربي في ذاك الوقت بحاجة الى تأشيرة دخول الى العراق، وكانت الاجوبة المعدة عندي أني مقصدي من السفر هو الكويت وليس العراق، وجوابي سيكون عن الكتب انها مرسلة معي أيضا، ولكن بماذا سأجيب فيما لو قرأوا اسمي على الكتاب، وسألوني عن علاقتي بمؤلف الكتاب..

                      بالطبع لم أكن أعرف يومها أنه كان مسجونا قبل أن يستشهد فيما بعد..

                      كان مظفر النواب قد اشتهر في تلك الفترة بقصيدته المشهورة التي يخاطب فيها الحكام العرب بعنوان : القدس عروس عروبتكم..

                      ويسترسل في قصيدته واصفا واقع الانظمة البوليسية في عالمنا العربي قائلا:

                      ومجرد مكتوب من أمي يتأخر في أروقة الدولة شهرين قمريين..

                      كانت تلك الخواطر تدور في رأسي وانا أنظر الى التفتيش الدقيق، وعيني على الحقيبة التي تحتوي على الكتب..

                      وشاهدت ما لم يكن بالحسبان، لقد أنهى التفتيش دون ان يمس تلك الحقيبة وكأن ستارا ضرب بينه وبينها.. او قل: شاهت الوجوه..

                      فسِّر ذلك بما تشاء وكيف تشاء، فما يهمني هو أن أقول:

                      شكرا لك يا رب.. لك تجاوزت الموقف الحرج..

                      ولكن لم ينته الامر عند هذا الحد.. فهناك قسم الامن الذي يأخذ الجوازات من السائق ويدقق بها فيختار الاسماء التي يرغب بالتحقيق معها قبل ان تعاد الجوازات الى اصحابها وقبل ان يتم ختم الدخول..

                      لم يقع اختيارهم من بين ركاب السيارة الا على اسمي..ربما لأنني الشاب الوحيد بينهم.. وإذ بي أسمع النداء على اسمي من غرفة الامن.

                      شاب ذو لحية طويلة نسبيا ارتدي بنطلون جينز، وكلها علامات فارقة في عراق ذاك الزمن..

                      أدخل الى الغرفة التي تشبه غرفة مأمور النفوس عندنا، فكلها دفاتر كبيرة باسماء المطلوبين مرتبة حسب الاحرف الابجدية..

                      كان في الغرفة اثنان، كل منهما يجلس على طاولة في قبال الاخر وامامه دفتر كبير يقلب صفحاته..

                      جواز سفري كان بيد المقابل لي، ووقوفي كان على يمين الثاني الذي فتح من الدفتر صفحة كل اسماءها تبدأ باسم مصطفى..

                      وسرعان ما وقع نظري من طرف عيني على اسمي الكامل في السطر الثالث ما قبل الاخير من الصفحة اليمنى..

                      كان الضابط لا يزال يقرأ في بداية الصفحة، أما أنا فقد بدأت أقرأ الفاتحة بصمت وأتشهد الشهادتين..

                      ماذا يعني أن تكون مطلوباً على الحدود ولجهاز الامن في العراق في ذاك الزمن؟

                      لا أدر كم كانت طويلة تلك اللحظات.. عندما قطع جدارَ الصمت صوتُ الضابط الاخر الذي كان يقلب جواز سفري بيديه قائلا وباللهجة العراقية: (طيِّحْ حظهم اللبنانيين ، ما يكتبون اسم الام على الجواز).

                      ويومها لم يكن يكتب اسم الام على الجواز اللبناني.

                      في تلك اللحظة ومن غير قصد ولا تفكير صدرت مني صرخة قوية وبنبرة عالية وباللهجة العراقية (شِتقول؟!) - أي ماذا تقول؟ -

                      شعرت بعدها بندم، ولكن ليس هناك شيء آسف عليه، فاسمي في لائحة المطلوبين، ولا أدر أي مصير مظلم سينتظرني على أيدي هؤلاء الجلاوزة.

                      ساد بعد كلمتي سكون عميق، ربما يكون طويلا بلحاظ حالة الترقب.. ورحت أنظر الى الضابطين الذين راح أحدهما يتأمل الاخر وينظران الي، يتفحصاني بأعينهما من رأسي الى أخمص قدمي..

                      لا أدر ما هي الافكار التي دارت برأسيهما في تلك اللحظة..

                      بالطبع كان الضابط الذي يقرأ الاسماء قد توقف عن ذلك قبل الوصول الى اسمي، ولم يقطع ذاك الصمت سوى كلمة وبنبرة عالية من الضابط الاخر وكأنه يرد على صرختي قائلا: (اطلع برّا)..

                      اطبق الجواز ورماه على الشباك وأغلق الثاني الدفتر وخرجت متناولا جواز سفري ومنهياً اجراءات الدخول الى العراق..

                      أتذكر هذا المشهد وأنا جالس على الكرسي والضابط ينهي لي معاملة التأشيرة، ويناولني جواز سفري بكل احترام.

                      هي المرة الاولى التي أدخل فيها العراق بتأشيرة بعد تلك الرحلة.

                      كم هو الفرق بين الامس واليوم.. أمسي كان قبل 31 سنة .. ويومي الان في النجف الاشرف، لقد دخلت النجف الاشرف، قاصدا الحسين..

                      السلام عليكم يا أبا الحسن.. شوقي اليك كبير.. ولكني في طريقي الى ابنك الحسين..

                      وللحديث تتمة..

                      تعليق


                      • #12
                        قصة مفيدة اخى الفاضل منتظرة التكملـــــة بفارغ الصبر

                        تعليق


                        • #13
                          الحلقة الرابعة: من النجف الى كربلاء.. من مزدلفة الى منى

                          الحلقة الرابعة: من النجف الى كربلاء
                          ليلة العاشر من شهر ذي الحجة في كل عام تتجه جموع الحجيج من جبل عرفات لتمضي ليلة العيد في المشعر الحرام قبل ان تتجه صباحا الى منى صبيحة عيد الاضحى المبارك، في يوم هو الاعظم من أيام مناسك الحج.
                          هذا الحج الذي أوجبه الله على عباده المسلمين منبهاً الى أن تاركه كافر بالله العظيم..{ وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }..
                          وفي ذاك الوقت وعند غروب الشمس من يوم عرفة، يوم التاسع من ذي الحجة تزدحم السيارات والباصات على عشرات الطرق المؤدية الى المشعر الحرام لتنقل تلك الاعداد من الحجاج التي لا يتجاوز عددها في احسن الحالات ثلاثة ملايين، هم مجموع عدد الحجيج في كل عام ، نصفهم من أرض الحجاز ونصفهم الاخر من جميع بلاد المسلمين ، من بلاد المليار ومائتي مليون مسلم في العالم..
                          بعض اولئك الحجيج يقطعون مسافة الكيلو مترات الثمانية مشياً بين الباصات الى المزدلفة، قبل أن يغادر الجميع فجر العيد لرمي الجمرات فيقطعون مسافة بضعة كيلو مترات اخرى..
                          هذا ما يحصل كل عام خلال ليلة واحدة تشكل حالة فريدة من نوعها لذاك الزحف البشري الذي جاء الى تلك البقعة ليردد تلبية أبينا ابراهيم..
                          لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك..
                          يجتمع هذا الحشد في كل عام تلبية لقوله تعالى {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}.
                          إن كل حاج يتذكر تلك الاصوات المنبعثة من أبواق السيارات، وكل منها يحاول سباق الاخر..
                          كثير من الروحانية يفتقدها الحجيج نتيجة ذاك الاضطراب الحاصل من تلك الاصوات، وزد على ذلك ما يعانيه الحجيج المشاة او الجالسون على أسطح الباصات من الغازات السوداء المنبعثة من تلك السيارات، وعندما يصلون الى مزدلفة فإن عليهم التجمع صفوفا طويلة كي يتمكن أحدهم من الوضوء..
                          هذا ما يحصل كل عام أثناء حج بيت الله الحرام.. ملايين ثلاثة تضيق بهم الارض بما رحبت حتى أن السلطات الرسمية تقيد عدد تأشيرات الحج من الخارج، وتمنع المتواجدين في الداخل من المجيئ الى الحج من دون إذن رسمي كي تقلل من تلك الحشود بما يتلاءم مع ما يحتاجون اليه من خدمات، وهذا ما يعرفه كل حاج..
                          ولكن كيف تبدوا كربلاء قبل هذا الحج الاعظم في التاريخ..؟
                          ما أن غادرت مطار النجف الاشرف الى الشرق من مقام أمير المؤمنين عليه السلام حتى التفت الى صاحب القبة البيضاء في النجف متمثلا بقول الشاعر:
                          يا صاحب القُبة العَلياء وَالشَرَف الَّذي *** عَلى شُرفات العز مَسطور
                          عذرا سيدي فنحن قد:
                          طرنا إلى النجف الأعلى بأجنحة *** رفيفها يصدع الافلاك بالزجل
                          وها نحن نتجه شمالا سيدي.. وتغرورق أعيننا بالدموع..
                          في الطريق الى كربلاء ومن مستديرة ثورة العشرين في النجف الاشرف، تنتصب الخيم على جانب الطريق، لتقدم شيئا من الخدمات لزوار ابي عبد الله الحسين.
                          ينحرف السائق نحو اليسار على طريق القادم من كربلاء، أظن للوهلة الاولى أن حادثا على الطريق استدعى تحويل السير على خط واحد ذهابا وايابا، ولكن سرعان ما يظهر لي أمر لم أكن أتوقعه، ولم يكن يخطر ببال..
                          ما شاهدته من الخيم المنصوبة على الجانب الايمن من الطريق ما هو إلا صف متصل من النجف الى كربلاء..
                          وما حسبته قطعا جزئيا للطريق بسبب حادث ما هو إلا نتيجة حدث لا يتصوره أحد..
                          إن خط الذهاب من النجف الى كربلاء قد تحول الى خط لسير المشاة وليس لسير السيارات..
                          على السيارات ان تسير الان على خط الاياب من كربلاء باتجاهين..
                          نعم خط متصل من الخيم وخط متصل من المشاة، الى كربلاء..
                          يا الهي.. ماذا أرى.. لا يزال يفصلنا عن موعد زيارة الاربعين خمسة أيام، كل هذه الجموع تتجه نحو كربلاء.. مشيا على الاقدام..
                          كبارا.. صغارا.. نساء.. رجالا.. أطفالا.. من كل الاعمار..
                          عائلات بأكملها تسير الى الحسين.. لبيك يا حسين..
                          هل هو الشوق المتقد في الفؤاد؟ هل هو الحنين الى ابن سيد العباد؟
                          هل هي الرغبة في الثواب الموعود؟ ألم يقل الامام الصادق عليه السلام:
                          مَنْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ يُرِيدُ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِنْ كَانَ مَاشِياً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةً وَ حَطَّ بِهَا عَنْهُ سَيِّئَةً حَتَّى إِذَا صَارَ بَالْحَائِرِ كَتَبَهُ اللَّهُ مِنَ الْمُفْلِحِينَ وَ إِذَا قَضَى مَنَاسِكَهُ كَتَبَهُ اللَّهُ مِنَ الْفَائِزِينَ حَتَّى إِذَا أَرَادَ الِانْصِرَافَ أَتَاهُ مَلَكٌ فَقَالَ لَهُ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ رَبُّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ اسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ فَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا مَضَى.
                          أهو الطمع بالحسنات؟ أم الرغبة بمحو السيئات؟ أم الأمل في أن يكونوا من المفلحين؟ أم الشوق ليكونوا من الفائزين؟
                          أمن أجل هذا تتراص الصفوف سيرا على الاقدام كل تلك الليالي وعلى طول كل تلك المسافة؟
                          اكثر من ثمانين كيلوا مترا كأنها جموع الحجيج من مزدلفة الى منى؟
                          كلها تتجه نحو كربلاء لتقول : السلام عليك يا أبا عبد الله.. السلام عليك يا حسين.. السلام عليك يا مظلوم.. السلام عليك يا شهيد..
                          لعن الله من قتلك.. لعن الله من ظلمك.. لعن الله من حز رأسك.. وطاف به في البلدان.. لعن الله من سبى نساءك.. لعن الله من أيتم أطفالك..
                          هو الشوق الجارف.. هو الحنين الصادق.. هو ما ليس له مثيل في حياة البشر..
                          وما أن نصل الى ما يعرف بخان النصف، في وسط الطريق، قبيل منتصف الليل حتى تتباطأ حركة السيارة، بل وتتوقف فلم يعد بالامكان ان تسير كرغبة السائق..
                          من عادة المشاة أن يبيتوا في تلك الخيم المنصوبة طوال الطريق في اول الليل، ليتابعوا مسيرتهم منذ الصباح، ومع ذلك فإن حركة المشاة لا تسمح للسيارات بالسير، فتطول الطريق وتطول المسافة..
                          يحاول السائق الذي ينقلني من النجف الى كربلاء تجاوز الكثير من العوائق والحواجز، فيتجاوز تلك الصفوف الطويلة المتوقفة..
                          ويبرز بطاقته أمام الحواجز.. إننا ضيوف الروضة الحسينية ..
                          بعد أن نصل الى مدخل كربلاء ، تبدو المفاجأة أكثر.. ان من وصل مشياً من النجف والناصرية والديوانية ، وحتى البصرة بدأ بالعودة بعد أدى غرضه ، علما أن موعد الزيارة لم يحن بعد..
                          على بعد بضعة كيلو مترات من كربلاء لم يعد هناك من مجال لعبور السيارات، فينزل الركاب في هذه الساحة ليتابعون مشياً، ولكن يسمح لنا استثنائيا بالعبور بين المشاة..
                          يا الهي.. أي سر يحمله الحسين .. يصنعه الحسين..
                          استحي من كل اولئك وانا اعبر بالسيارة ..انظر الى العجزة، الى من يسير على عصا.. الى اطفال يسيرون بجوار امهاتهم...
                          اخجل من نفسي.. فهؤلاء أتوا مشيا.. أما أنا فتفتح لي الحواجز لأسير بينهم بالسيارة..
                          أذوب خجلا.. ولكن ماذا عساي ان أفعل..
                          إنني على وشك تحقيق حلم كبير.. ها انذا على وشك الوصول الى كربلاء بعد أن قطعت آلاف الكيلو مترات هذا اليوم.. سأصل الى الحسين في هذا المساء..
                          تسيل دموعي على خدي، وتبلل لحيتي .. ولا استطيع حبس دمعتي.. فها انذا قد وصلت الى كربلا..
                          هـذه كـربلا فـقف فـي ثراها *** واخـلع النعل عند وادي طواها
                          فـهي وادي الـقدس التي ودَّت *** الـشهب الدراري بأنها حصباها

                          تستحضرني هذه الابيات التي كان والدي يشجعني واخي على حفظها صغيرا، كنت ارددها ونحن نأتي للزيارة ولكن لها الان معنى آخر..

                          نعم وكما قال السيد الامين:
                          فـاخرت كـعبة الحجيج فكانت *** أشـرف الـكعبتين قدرا وجاها
                          ها أنذا أحج الى الحسين......
                          وللحديث تتمة

                          تعليق


                          • #14
                            نعم شيخنا من النجف الى كربلاء خيمٌ متصلة
                            ومن البصرة الى النجف وكربلاء خيمُ متصلة

                            حتى قلنا هذه السنه ان جنوب العراق قد فرغ من البشر فلا نجد اناس في مدننا الا القليل جداً

                            اعاد الله عليكم الزيارة كل سنة بقوة الله

                            ونسجل متابعة اخرى

                            تعليق


                            • #15
                              متابعين

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X