
........ رائحة الجمعة........ الجمعة سيدة الأيام ، مع هذا كانت تشكل علي عبئا ثقيلا قبل أن يبادر الشهيد الخالد محمد الصدر الى إقامة صلاة الجمعة ، في تلك الأيام التي مازالت رائحتها الفردوسية تبث في أرجاء الروح نشوة الانتصار ، سجادة صلاة وأحيانا (كارتونة ) (لأسباب أمنية) تفترش الأرض تحت السماء وصوت ناطق مخلص يحميها من حر الصيف وبرد الشتاء (لم تمطر الدنيا لأكثر من عامين في يوم الجمعة ) في كل مكان تقام فيه الصلاة ، وعلى حد قول الشاعر حمزة الحلفي (لامطرت الدنيه ولابرد كانون) ، كان الناس لايعرفون بعضهم بعضا فجور السلطة وضائقة الحصار قد أوغلت في تدمير الحياة العراقية ، كان الصمت والألم يغلف أيامنا كانت الهجرة والهروب من الوطن ملاذنا الوحيد قبل أن تشرق في العراق شمس الجمعة ، أتسائل أحيانا اليوم وبعد أكثر من عشر سنوات عن تلك الرائحة العجيبة التي انبثقت من صباحات الجمعة من أي الزهور والنباتات قد تم جمعها وكيف كان لها كل ذاك الأثر ..كانت سرا وستبقى رائحة الجمعة تلك، ... كان النقاء ثوبها والصدق صفتها والاصلاح هدفها والاخلاص طريقها والرقي غايتها والتكامل ديدنها .. كانت عفيفة وشريفة ونظيفة .... مالوثت المصالح الشخصية ثوبها ، ولا تلطخت بالتزلف للظالم مسيرتها ، كانت رقيقة وقوية جمعت بين الرقة والقوة بطريقة فذة ربما كانت تلك احد اسباب انبعاث رائحتها التي لم نعد نشمها الآن ...! كانت المآذن ترفع إيديها الى السماء وكانت الملائكة تهرول مع النداء ، كان شبان ورجال ونساء المدن والقرى يدركون مع هتاف الله أكبر أن الله قريب ، وكانوا يدركون وهم يرددون بوجه الطاغوت كلا كلا ياشيطان أن زواله قريب ، كانت ركعتان وقبلهما خطبتان ، تهاوى امام عظمتهما وبساطتهما وسهولتهما صنم الطغيان ، كانت مدينتنا غريبة ضائعة حائرة كانت ملايينها كطفلة تائهة يرفض شيخ الجامع أن ينادي بإسمها خشية أن تبتلعه المقابر البعيدة المنسية ، لم تكن سوى دعوة ونداء أطلقها المرجع الحقيقي والقائد الفعلي للأمة من برانيته الصغيرة المكتظة بالذاهلين ، لم يكن معناا سوى ورقة صغيرة مستنسخة تتحدث كلماتها عن مجهول يدعى نداء الفريضة المعطلة هذه الورقة الصغيرة حملت الملايين من الساعين الى ميدان التحدي بتربة و(كارتونة) للصلاة قلبت العراق رأسا على عقب وانبعثت حينها تلك الرائحة التي ابحث عنها الآن فلا أجدها , أين هي الآن هل سرق المحتلون منا صلاتنا ..؟ هل الانتخابات العفنة قد طغت على الجمعة برائحتها المريبة أي فم هذا الذي يتمشدق اليوم بالواجب الشرعي والمصلحة العامة ويلوك أحرفه المظلمة على منبر النور ... كيف سمحنا له بذلك ولماذا لم ينبري أحد منا ليكون كمنتظر الزيدي ويلقم هذا الأفاك بفردتي شحاطته ، ... ألا تستحق الجمعة ورائحتها الفردوسية أن ينبري أحدنا للدفاع عن قدسيتها ، تبا للأيام كيف تجرأت على الجمعة الى هذا الحد وتبا للكراسي التي سرقت منا رائحة الجمعة .
تعليق