إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ ... فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ ... فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر

    إِرَادَةُ الحيَاة

    الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي

    إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ ... فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر
    وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي ... وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر
    وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ ... تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـر
    فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ ... مِنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر
    كَذلِكَ قَالَـتْ لِـيَ الكَائِنَاتُ ... وَحَدّثَنـي رُوحُـهَا المُسْتَتِر
    وَدَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ ... وَفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ الشَّجَر
    إذَا مَا طَمَحْـتُ إلِـى غَـايَةٍ ... رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر
    وَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُـورَ الشِّعَـابِ ... وَلا كُبَّـةَ اللَّهَـبِ المُسْتَعِـر
    وَمَنْ يَتهَيَّبْ صُعُودَ الجِبَـالِ ... يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر
    فَعَجَّتْ بِقَلْبِي دِمَاءُ الشَّبَـابِ ... وَضَجَّتْ بِصَدْرِي رِيَاحٌ أُخَر
    وَأَطْرَقْتُ، أُصْغِي لِقَصْفِ الرُّعُودِ ... وَعَزْفِ الرِّيَاح وَوَقْعِ المَطَـر
    وَقَالَتْ لِيَ الأَرْضُ لَمَّا سَأَلْتُ: ... "أَيَـا أُمُّ هَلْ تَكْرَهِينَ البَشَر؟"
    "أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ ... وَمَنْ يَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ الخَطَـر
    وأَلْعَنُ مَنْ لا يُمَاشِي الزَّمَـانَ ... وَيَقْنَعُ بِالعَيْـشِ عَيْشِ الحَجَر
    هُوَ الكَوْنُ حَيٌّ، يُحِـبُّ الحَيَاةَ ... وَيَحْتَقِرُ الْمَيْتَ مَهْمَا كَـبُر
    فَلا الأُفْقُ يَحْضُنُ مَيْتَ الطُّيُورِ ... وَلا النَّحْلُ يَلْثِمُ مَيْتَ الزَّهَــر
    وَلَـوْلا أُمُومَةُ قَلْبِي الرَّؤُوم ... لَمَا ضَمَّتِ المَيْتَ تِلْكَ الحُفَـر
    فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الحَيَـاةُ ... مِنْ لَعْنَةِ العَـدَمِ المُنْتَصِـر!"
    وفي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الخَرِيفِ ... مُثَقَّلَـةٍ بِالأََسَـى وَالضَّجَـر
    سَكِرْتُ بِهَا مِنْ ضِياءِ النُّجُومِ ... وَغَنَّيْتُ لِلْحُزْنِ حَتَّى سَكِـر
    سَأَلْتُ الدُّجَى: هَلْ تُعِيدُ الْحَيَاةُ ... لِمَا أَذْبَلَتْـهُ رَبِيعَ العُمُـر؟
    فَلَمْ تَتَكَلَّمْ شِفَـاهُ الظَّلامِ ... وَلَمْ تَتَرَنَّـمْ عَذَارَى السَّحَر
    وَقَالَ لِيَ الْغَـابُ في رِقَّـةٍ ... مُحَبَّبـَةٍ مِثْلَ خَفْـقِ الْوَتَـر
    يَجِيءُ الشِّتَاءُ، شِتَاءُ الضَّبَابِ ... شِتَاءُ الثُّلُوجِ، شِتَاءُ الْمَطَـر
    فَيَنْطَفِىء السِّحْرُ، سِحْرُ الغُصُونِ ... سِحْرُ الزُّهُورِ وَسِحْرُ الثَّمَر
    وَسِحْرُ الْمَسَاءِ الشَّجِيِّ الوَدِيعِ ... وَسِحْرُ الْمُرُوجِ الشَّهِيّ العَطِر
    وَتَهْوِي الْغُصُونُ وَأَوْرَاقُـهَا ... وَأَزْهَـارُ عَهْدٍ حَبِيبٍ نَضِـر
    وَتَلْهُو بِهَا الرِّيحُ في كُلِّ وَادٍ ... وَيَدْفنُـهَا السَّيْـلُ أنَّى عَـبَر
    وَيَفْنَى الجَمِيعُ كَحُلْمٍ بَدِيـعٍ ... تَأَلَّـقَ في مُهْجَـةٍ وَانْدَثَـر
    وَتَبْقَى البُـذُورُ الَّتي حُمِّلَـتْ ... ذَخِيـرَةَ عُمْرٍ جَمِـيلٍ غَـبَر
    وَذِكْرَى فُصُولٍ، وَرُؤْيَا حَيَاةٍ ... وَأَشْبَاح دُنْيَا تَلاشَتْ زُمَـر
    مُعَانِقَـةً وَهْيَ تَحْـتَ الضَّبَابِ ... وَتَحْتَ الثُّلُوجِ وَتَحْـتَ الْمَدَر
    لَطِيفَ الحَيَـاةِ الذي لا يُمَـلُّ ... وَقَلْبَ الرَّبِيعِ الشَّذِيِّ الخَضِر
    وَحَالِمَـةً بِأَغَـانِـي الطُّيُـورِ ... وَعِطْرِ الزُّهُورِ وَطَعْمِ الثَّمَـر
    "ويًَمشيْ الزَّمانُ، فتنموْ صُروفٌ ... وتذْوي صُروفٌ، وتحْيا أُخَر
    وتُصبحُ أحلامُها يَقْظةً ... مُوَشَّحةً بغُموضِ السَّحر
    تُسائِلُ: أينَ ضَبابُ الصَّباحِ، ... وَسِحْرُ المساءِ؟ وضوْءُ القَمر؟
    وَأسْرابُ ذاكَ الفَراشِ الأنيقِ؟ ... ونَحْلٌ يُغَنيْ، وغَيمٌ يَمُرّ
    وأينَ الأشِعَّةُ والكائِناتُ؟ ... وأينَ الحياةُ الَّتي أنْتظِر
    ظمِئتُ إلى النُّور، فوقَ الغُصونِ ... ظمِئتُ إلى الظِلِّ تحْتَ الشَّجر
    ظَمِئتُ إلى النَّبْعِ، بَيْنَ المُروجِ ... يُغَنّين ويّرْقُصُ فَوْقَ الزّهَر
    ظَمِئتُ إلى نَغَمَتِ الطُّيورِ ... وهَمسِ النَّسيم، ولَحْنِ المَطر
    ظَمِئتُ إلى الكونِ! أيْنَ الوُجودُ ... وأنَّي أرَى العالَمَ المنتظر
    هو الكَوْنُ، خَلْفَ سُباتِ الجُمود ... وفي أثفُقِ اليَقَظاتِ الكُبَر"
    وَمَا هُـوَ إِلاَّ كَخَفْـقِ الجَنَاحِ ... حَتَّـى نَمَا شَوْقُـهَا وَانْتَصَـر
    ومُدَّ عَلَى الْكَوْنِ سِحْرٌ غَرِيبٌ ... يُصَـرِّفُهُ سَـاحِـرٌ مُقْـتَدِر
    وَضَاءَتْ شُمُوعُ النُّجُومِ الوِضَاء ... وَضَاعَ البَخُورُ، بَخُورُ الزَّهَر
    وَرَفْرَفَ رُوحٌ غَرِيبُ الجَمَالِ ... بِأَجْنِحَـةٍ مِنْ ضِيَاءِ الْقَمَـر
    وَرَنَّ نَشِيدُ الْحَيَاةِ الْمُقَـدَّسِ ... في هَيْكَـلٍ حَالِمٍ قَدْ سُـحِر
    وَأَعْلَنَ في الْكَوْنِ أَنَّ الطُّمُوحَ ... لَهِيبُ الْحَيَـاةِ وَرُوحُ الظَّفَـر
    إِذَا طَمَحَتْ لِلْحَيَاةِ النُّفُوسُ ... فَلا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْقَـدَرْ


  • #2
    ألف رحمة ونور على والديكِ لنشر هذه القصيدة

    فمثل هذا اللون من الشعر غير متوفر في قصائد جيلنا
    جيل المليون شاعر

    ودمتم

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك
      اختي الغاليه
      نقل مميز ورائع

      وَمَنْ يَتهَيَّبْ صُعُودَ الجِبَـالِ ... يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر
      فَعَجَّتْ بِقَلْبِي دِمَاءُ الشَّبَـابِ ... وَضَجَّتْ بِصَدْرِي رِيَاحٌ أُخَر

      تعليق


      • #4
        اللهم صل على محمد وآل محمد
        شكراً للمرور أخواني

        موفقين لكل خير إن شاء الله
        نسألكم الدعاء

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        x

        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

        صورة التسجيل تحديث الصورة

        اقرأ في منتديات يا حسين

        تقليص

        لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

        يعمل...
        X