بسم علي وآله
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم أجمعين أبد الآبدين
نقل الشيخ الفاضل علي بن مظاهر الواسطي ، عن محمد بن العلاء الهمداني الواسطي ، ويحيى بن جريح البغدادي ، قالا : تنازعنا في أمر ( ابن الخطاب ) فاشتبه علينا أمره ، فقصدنا جميعا أحمد بن اسحاق القمي رضي الله تعالى عنه ، صاحب الإمام العسكري ( ع ) بمدينة ( قم ) ، وقرعنا عليه الباب ، فخرجت إلينا من داره صبية عراقية ، فسألناها عنه ؟ فقالت : هو مشغول بعياله ، فإنه يوم عيد ، فقلنا : سبحان الله !! الأعياد عند الشيعة أربعة : الأضحى ، والفطر ، ويوم الغدير ، ويوم الجمعة !! قالت : فإن أحمد يروي عن سيده أبي الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام) : إنَّ هذا اليوم يوم عيد ، وهو من خيار الأعياد عند أهل البيت ( عليهم السلام ) وعند مواليهم ، قلنا : فاستأذني لنا بالدخول عليه وعرفيه مكاننا ، فدخلت عليه وأخبرته بمكاننا ، فخرج إلينا وهو متزر بمئرز له ، محتضن لكسائه ، يمسح وجهه ، فأنكرنا ذلك عليه ، فقال : لا عليكما ، فإني كنت اغتسل للعيد ، قلنا : أو هذا يوم عيد ؟ وكان ذلك اليوم التاسع من شهر ربيع الأول ، قال : نعم ، ثم أدخلنا داره وأجلسنا على سرير له ، وقال : إني قصدت مولاي أبا الحسن العسكري ( عليه السلام ) مع جماعة من إخوانى ( بسر من رأى ) كما قصدتمانى ، فاستأذنَّا بالدخول عليه في هذا اليوم ، وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول ، وسيدنا ( عليه السلام ) قد أوعز إلى كل واحد من خدمه أن يلبس ماله من الثياب الجدد ، وكانت بين يديه مجمرة ، وهو يحرق العود بنفسه ، فقلنا : بآبائنا أنت وأمهاتنا يابن رسول الله ، هل تَجدَدَ لأهل البيت ( عليهم السلام ) فرح ؟ فقال : وأي يوم أعظم حرمة عند أهل البيت ( عليهم السلام ) من هذا اليوم وأفرح ؟!
ولقد حدثني أبي ( عليه السلام ) : إنَّ حذيفة ابن اليمان قد دخل في مثل هذا اليوم ، وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول ، على جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : فرأيت سيدي أمير المؤمنين مع ولديه الحسن والحسين ( عليهم السلام ) يأكلون مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يتبسم في وجوههم ويقول لولديه الحسن والحسين ( عليهما السلام ) : كلا هنيئا لكما ببركة هذا اليوم ، الذي يقبض الله فيه عدوه ، وعدو جدكما ، ويستجيب فيه دعاء أمكما ، كُلا فإنه اليوم الذي فيه يقبل الله تعالى أعمال شيعتكما ومحبيكما ، كلا فإنه اليوم الذي يصدق فيه قول الله تعالى : { فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا } ، كُلا فإنه اليوم الذي تكسر فيه شوكة مبغض جدكما ،كُلا فإنه اليوم الذي يُفقد فيه فرعون أهل بيتي ، وهامانهم ، وظالمهم ، وغاصب حقهم ، كُلا فإنه اليوم الذي يعمد الله فيه إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباء منثوراً .
قال حذيفة : فقلت : يا رسول الله ، وفي أمتك وأصحابك من ينتهك هذه الحرمة ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله ) : يا حذيفة ، جِبتٌ من المنافقين ، يترأس عليهم ، ويظلم أهل بيتي ، ويستعمل في أمتي الرياء ، ويدعوهم إلى نفسه ، ويحمل على عاتقه درة الخزي ، ويصد عن سبيل الله ، ويحرف كتابه ، ويغير سنتي ، ويغصب إرث ولدي ، وينصب نفسه علماً ، ويتطاول على مَن بعدي ، ويستحل أموال الله من غير حله ، وينفقها في غير طاعته ، يكذبني ويكذب أخي ووزيري ، وينحي ابنتي عن حقها ، فتدعو الله عليه ، ويستجيب دعاءها في مثل هذا اليوم .
قال حذيفة : فقلت : يا رسول الله ، فلمَ لا تدعو الله ربك عليه ليهلكه في حياتك ؟ فقال : يا حذيفة ، لا أحب أن أجترء على قضاء الله تعالى ، لما قد سبق في علمه ، لكني سألت الله أن يجعل لليوم الذي يقبضه فيه ، فضيلةً على سائر الأيام ، ليكون ذلك سنة يستن بها أحبائي ، وشيعة أهل بيتي ، ومحبوهم ، فأوحى إليَّ ( جلَّ ذكره ) : يا محمد إنه قد سبق في علمي ، أن تمَسَّكَ وأهلَ بيتك محنُ الدنيا وبلاؤها ، وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي ، الذين نصحتهم وخانوك ، ومحضتهم وغشوك ، وصافيتهم وكاشحوك ، وصدقتهم وكذبوك ، وأنجيتهم وأسلموك ، فأنا آليتُ بحولي وقوتي وسلطاني ، لأفتحنَّ على روح مَن يغصب بعدك علياً حقه ، ألفَ بابٍ من النيران ، ولأوصلنه وأصحابه قعراً يُشرفُ عليهِ إبليسُ فيلعنه ، ولأجعلنَّ ذلك المنافق عبرةً في القيامة لفراعنة الأنبياء ، وأعداء الدين في المحشر ، ولأحشرنهم وأولياءهم ، وجميع الظلمة والمنافقين ، إلى نار جهنم زرفاً ، كَالحِينَ أذلةً خَزايَا نادمين ، ولأخلِّدَّنهم فيها أبدَ الآبدين ، يا محمد لن يرافقك وصيك في منزلتك ، إلا بما يمسه من البلوى من فرعونه وغاصبه ، الذي يجتري عليَّ ، ويبدل كلامي ، ويشرك بي ، ويصد الناس عن سبيلي ، وينصب نفسه عجلاً لأمتك ، ويكفر بي في عرشي .
وإني قد أمرتُ سكانَ سبعِ سماواتي من شيعتكم ومحبيكم أن يتعيدوا في هذا اليوم ، الذي أقبضه إليَّ فيه ، وأمرتهم أن ينصبوا كرسي كرامتي حذاء البيت المعمور ، ويثنوا عليَّ ، ويستغفروا لشيعتكم ومحبيكم من ولد آدم ، وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق ثلاثة أيام [FONT='Times New Roman','serif'][1]من أجل ذلك اليوم ، ولا يكتبون شيئاً من خطاياهم ، كرامة لك ولوصيك ، يا محمد إني قد جعلت ذلك اليوم عيداً لك ، ولأهل بيتك ، ولمن تبعهم من شيعتهم ، وآليت على نفسي ، بعزتي وجلالي ، وعلوي في مكاني ، لأحبونَّ مَن يُعيِّدُ في ذلك اليوم محتسباً ، ثوابَ الخافِقَيِنِ في أقربائه وذوي رحمه ، ولأزيدنَّ في ماله إنْ وسَّعَ على نفسه وعياله فيه ، ولأعتقنَّ من النار في كل حول - في مثل ذلك اليوم - ألفاً من مواليكم وشيعتكم ، ولأجعلنَّ سعيهم مشكوراً ، وذنبهم مغفوراً ، وأعمالهم مقبولة .
قال حذيفة : ثم قام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى أمِّ سلمة ، فدخلَ ورجعتُ عنه ، وأنا غير شاكٍ في أمر الشيخ الثاني .
حتى رأيته قد ترأسَ بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وفتحَ الشر ، وأعاد الكفر ، وارتدَّ عن الدين ، وشمرَّ للملك ، وحرَّف القرآن ، وأحرقَ بيت الوحي ، وأبدعَ السنن ، وغيَّرَ الملة ، وبدَّلَ السنة ، وردَّ شهادة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وكذَّبَ فاطمة ( عليها السلام ) ، واغتصب فدكاً ، وأرضى المجوس واليهود والنصارى ، وأسخط قرة عين المصطفى ، ولم يُرْضِهم ، وغيَّرَ السنن كلها ، ودبَّرَ لقتل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وأظهر الجور ، وحرَّمَ ما أحلَّ الله ، وأحلَّ ما حرمَّ الله ، وألقى إلى الناس أن يتخذوا من جلود الإبل دنانير ، ولطم حروجه الزكية ، وصعد منبر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) غصباً وظلماً ، وافترى على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وعانده وسفَّهَ رأيه .
قال حذيفه : فاستجاب الله دعاء مولاتي على ذلك المنافق ، وأجرى قتله على يد قاتله ( رحمه الله ) ، فدخلتُ على أمير المؤمنين (عليه السلام) لأهنئه بقتله ، ورجوعه إلى دار الانتقام ، فقال لي : يا حذيفة ، أتذكر اليوم الذي دخلتَ فيه على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأنا وسبطاه نأكل معه ، فدلَّكَ على فضل ذلك اليوم الذي دخلتَ عليه فيه ؟ قلتُ : بلى يا أخا رسول الله ، فقال : هو والله هذا اليوم ، الذى أقرَّ الله به عين آل الرسول ، وإني لأعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين اسماً .
قال حذيفة : فقلتُ : يا أمير المؤمنين ، أحب أن تُسمعني أسماءَ هذا اليوم ، فقال ( عليه السلام ) : هذا يوم الإستراحة ، ويوم تنفيس الكربة ، ويوم العيد الثاني ، ويوم حطِّ الأوزار ، ويوم الخبوة ، ويوم رفع القلم ، ويوم الهدي ، ويوم العافية ، ويوم البركة ، ويوم الثأر ، ويوم عيد الله الأكبر ، ويوم إجابة الدعاء ، ويوم الموقف الأعظم ، ويوم التوافي ، ويوم الشرط ، ويوم نزع السواد ، ويوم ندامة الظالم ، ويوم انكسار الشوكة ، ويوم نفي الهموم ، ويوم القنوع ، ويوم عرض القدرة ، ويوم التصفح ، ويوم فرح الشيعة ، ويوم التوبة ، ويوم الإنابة ، ويوم الزكاة العظمى ، ويوم الفطر الثاني ، ويوم سيل الشعاب ، ويوم تجرع الريق ، ويوم الرضا ، ويوم عيد أهل البيت ( عليه السلام ) ، ويوم ظفر بني إسرائيل ، ويوم قبول الأعمال ، ويوم تقديم الصدقة ، ويوم الزيارة ، ويوم قتل النفاق ، ويوم الوقت المعلوم ، ويوم سرور أهل البيت ( عليه السلام ) ، ويوم الشاهد والمشهود ، ويوم القهر للعدو ، ويوم هدم الضلالة ، ويوم التنبيه ، ويوم التصريد ، ويوم الشهادة ، ويوم التجاوز عن المؤمنين ، ويوم الزهرة ، ويوم التعريف ، ويوم الإستطابة ، ويوم الذهاب ، ويوم التشديد ، ويوم ابتهاج المؤمن ، ويوم المباهلة ، ويوم المفاخرة ، ويوم التبجيل ، ويوم إذاعة السر ، ويوم النصرة ، ويوم زيادة الفتح ، ويوم التودد ، ويوم المفاكهة ، ويوم الوصول ، ويوم التذكية ، ويوم كشف البدع ، ويوم الزهد ، ويوم الورع ، ويوم الموعظة ، ويوم العبادة ، ويوم الاستسلام ، ويوم السلم ، ويوم النحر ، ويوم البَقْر .
قال حذيفة : فقمتُ من عنده ، وقلتُ في نفسي : لو لم أدرك من أفعال الخير ، وما أرجو به الثواب إلا فضل هذا اليوم ، لكان مناى .
قال محمد بن العلا الهمداني ، ويحيى بن جريح : فقام كل واحد منَّا ، وقبل رأس أحمد بن اسحاق ابن سعيد القمي ، وقلنا له : الحمد لله ، الذي قيضك لنا ، حتى شرفتنا بفضل هذا اليوم . ثم رجعنا عنه وتعيدنا في ذلك اليوم .
وهذا الحديث الشريف فيه دلالة وتنبيه ، على كون هذا الشخص من أكبر المنافقين ، وأعظمهم معاداة لآل محمد ( عليهم السلام ) وشنآناً وبغضاً بنص رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ونص وصيه ( صلوات الله عليهما ) وشهادة حذيفة بن اليمان ، الذي قال فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أعرفكم بالمنافقين حذيفة ابن اليمان . بسبب رؤيته إياهم ، ومعرفته بهم ليلة العقبة ، والدباب التي دحرجوها لتنفير ناقة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقتله ، فوقاه الله سيئات ما مكروا ، وحاق بآل فرعون سوء العذاب ، وهذا الفعل منهم يشهد بنفاقهم ، وكفرهم ، ويصرح بما قلناه فيهم .[FONT='Times New Roman','serif'][2][/font]
[FONT='Times New Roman','serif'][1][/font]لم يتضح المقصود من القلم في الرواية ، فهل هو قلم التكليف ؟ أم هو قلم المؤاخذة ؟ أم هو قلم آخر ؟ وكذلك لم يتضح المقصود من الأيام الثلاثة ، فهل هي الأيام المقترنة باليوم التاسع نفسه ؟ أم هي من الأيام المطوية ضمن أيام السنة ؟ أم هي أيام سنة القتل فقط دون غيرها من السنين ؟ ولأجل إجمال هذه الفقرة من الرواية فإنَّ علمها يرد إلى أهلها ، ولا يصح لأحدٍ أن يرتب عليها أثراً عملياً في حياته ، والله العالم بحقائق الأمور .
[FONT='Times New Roman','serif'][2][/font]ذكَرَ هذه الرواية الشريفة كلٌ من ثقة المحدثين العظام ، علامة العلماء الأعلام الشيخ حسن بن سليمان الحلي ( طيب الله ثراه ) في كتاب ( المحتضر ) الصفحة ( 44 ) ، وشيخ المحدثين الأكبر العلامة المجلسي ( طيب الله ثراه ) في موسوعته الكبرى ( بحار الأنوار ) ج 31 ص 120 ، و ج 95 ص 351 ، وكذلك ذكرها العلامة الكبير والمحدث الشهير السيد نعمة الله الجزائري ( طيب الله ثراه ) في ( الأنوار النعمانية ) ج 1 ص 108 ، واستشهد بها أيضاً مفخرة العلماء الأعلام العلامة الأميني ( طيب الله ثراه ) في موسوعته الشهيرة ( الغدير ) ج 1 ص 287 ، واستند إليها المحدث النوري ( طيب الله ثراه ) في ( مستدرك الوسائل ) ج 2 ص 522 ، وغيرهم في غيرها .
يتبع ،،،،
[/font]
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم أجمعين أبد الآبدين
( مزيلةُ الغصة في هَلاك أبي حفصة )
نقل الشيخ الفاضل علي بن مظاهر الواسطي ، عن محمد بن العلاء الهمداني الواسطي ، ويحيى بن جريح البغدادي ، قالا : تنازعنا في أمر ( ابن الخطاب ) فاشتبه علينا أمره ، فقصدنا جميعا أحمد بن اسحاق القمي رضي الله تعالى عنه ، صاحب الإمام العسكري ( ع ) بمدينة ( قم ) ، وقرعنا عليه الباب ، فخرجت إلينا من داره صبية عراقية ، فسألناها عنه ؟ فقالت : هو مشغول بعياله ، فإنه يوم عيد ، فقلنا : سبحان الله !! الأعياد عند الشيعة أربعة : الأضحى ، والفطر ، ويوم الغدير ، ويوم الجمعة !! قالت : فإن أحمد يروي عن سيده أبي الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام) : إنَّ هذا اليوم يوم عيد ، وهو من خيار الأعياد عند أهل البيت ( عليهم السلام ) وعند مواليهم ، قلنا : فاستأذني لنا بالدخول عليه وعرفيه مكاننا ، فدخلت عليه وأخبرته بمكاننا ، فخرج إلينا وهو متزر بمئرز له ، محتضن لكسائه ، يمسح وجهه ، فأنكرنا ذلك عليه ، فقال : لا عليكما ، فإني كنت اغتسل للعيد ، قلنا : أو هذا يوم عيد ؟ وكان ذلك اليوم التاسع من شهر ربيع الأول ، قال : نعم ، ثم أدخلنا داره وأجلسنا على سرير له ، وقال : إني قصدت مولاي أبا الحسن العسكري ( عليه السلام ) مع جماعة من إخوانى ( بسر من رأى ) كما قصدتمانى ، فاستأذنَّا بالدخول عليه في هذا اليوم ، وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول ، وسيدنا ( عليه السلام ) قد أوعز إلى كل واحد من خدمه أن يلبس ماله من الثياب الجدد ، وكانت بين يديه مجمرة ، وهو يحرق العود بنفسه ، فقلنا : بآبائنا أنت وأمهاتنا يابن رسول الله ، هل تَجدَدَ لأهل البيت ( عليهم السلام ) فرح ؟ فقال : وأي يوم أعظم حرمة عند أهل البيت ( عليهم السلام ) من هذا اليوم وأفرح ؟!
ولقد حدثني أبي ( عليه السلام ) : إنَّ حذيفة ابن اليمان قد دخل في مثل هذا اليوم ، وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول ، على جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : فرأيت سيدي أمير المؤمنين مع ولديه الحسن والحسين ( عليهم السلام ) يأكلون مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يتبسم في وجوههم ويقول لولديه الحسن والحسين ( عليهما السلام ) : كلا هنيئا لكما ببركة هذا اليوم ، الذي يقبض الله فيه عدوه ، وعدو جدكما ، ويستجيب فيه دعاء أمكما ، كُلا فإنه اليوم الذي فيه يقبل الله تعالى أعمال شيعتكما ومحبيكما ، كلا فإنه اليوم الذي يصدق فيه قول الله تعالى : { فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا } ، كُلا فإنه اليوم الذي تكسر فيه شوكة مبغض جدكما ،كُلا فإنه اليوم الذي يُفقد فيه فرعون أهل بيتي ، وهامانهم ، وظالمهم ، وغاصب حقهم ، كُلا فإنه اليوم الذي يعمد الله فيه إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباء منثوراً .
قال حذيفة : فقلت : يا رسول الله ، وفي أمتك وأصحابك من ينتهك هذه الحرمة ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله ) : يا حذيفة ، جِبتٌ من المنافقين ، يترأس عليهم ، ويظلم أهل بيتي ، ويستعمل في أمتي الرياء ، ويدعوهم إلى نفسه ، ويحمل على عاتقه درة الخزي ، ويصد عن سبيل الله ، ويحرف كتابه ، ويغير سنتي ، ويغصب إرث ولدي ، وينصب نفسه علماً ، ويتطاول على مَن بعدي ، ويستحل أموال الله من غير حله ، وينفقها في غير طاعته ، يكذبني ويكذب أخي ووزيري ، وينحي ابنتي عن حقها ، فتدعو الله عليه ، ويستجيب دعاءها في مثل هذا اليوم .
قال حذيفة : فقلت : يا رسول الله ، فلمَ لا تدعو الله ربك عليه ليهلكه في حياتك ؟ فقال : يا حذيفة ، لا أحب أن أجترء على قضاء الله تعالى ، لما قد سبق في علمه ، لكني سألت الله أن يجعل لليوم الذي يقبضه فيه ، فضيلةً على سائر الأيام ، ليكون ذلك سنة يستن بها أحبائي ، وشيعة أهل بيتي ، ومحبوهم ، فأوحى إليَّ ( جلَّ ذكره ) : يا محمد إنه قد سبق في علمي ، أن تمَسَّكَ وأهلَ بيتك محنُ الدنيا وبلاؤها ، وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي ، الذين نصحتهم وخانوك ، ومحضتهم وغشوك ، وصافيتهم وكاشحوك ، وصدقتهم وكذبوك ، وأنجيتهم وأسلموك ، فأنا آليتُ بحولي وقوتي وسلطاني ، لأفتحنَّ على روح مَن يغصب بعدك علياً حقه ، ألفَ بابٍ من النيران ، ولأوصلنه وأصحابه قعراً يُشرفُ عليهِ إبليسُ فيلعنه ، ولأجعلنَّ ذلك المنافق عبرةً في القيامة لفراعنة الأنبياء ، وأعداء الدين في المحشر ، ولأحشرنهم وأولياءهم ، وجميع الظلمة والمنافقين ، إلى نار جهنم زرفاً ، كَالحِينَ أذلةً خَزايَا نادمين ، ولأخلِّدَّنهم فيها أبدَ الآبدين ، يا محمد لن يرافقك وصيك في منزلتك ، إلا بما يمسه من البلوى من فرعونه وغاصبه ، الذي يجتري عليَّ ، ويبدل كلامي ، ويشرك بي ، ويصد الناس عن سبيلي ، وينصب نفسه عجلاً لأمتك ، ويكفر بي في عرشي .
وإني قد أمرتُ سكانَ سبعِ سماواتي من شيعتكم ومحبيكم أن يتعيدوا في هذا اليوم ، الذي أقبضه إليَّ فيه ، وأمرتهم أن ينصبوا كرسي كرامتي حذاء البيت المعمور ، ويثنوا عليَّ ، ويستغفروا لشيعتكم ومحبيكم من ولد آدم ، وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق ثلاثة أيام [FONT='Times New Roman','serif'][1]من أجل ذلك اليوم ، ولا يكتبون شيئاً من خطاياهم ، كرامة لك ولوصيك ، يا محمد إني قد جعلت ذلك اليوم عيداً لك ، ولأهل بيتك ، ولمن تبعهم من شيعتهم ، وآليت على نفسي ، بعزتي وجلالي ، وعلوي في مكاني ، لأحبونَّ مَن يُعيِّدُ في ذلك اليوم محتسباً ، ثوابَ الخافِقَيِنِ في أقربائه وذوي رحمه ، ولأزيدنَّ في ماله إنْ وسَّعَ على نفسه وعياله فيه ، ولأعتقنَّ من النار في كل حول - في مثل ذلك اليوم - ألفاً من مواليكم وشيعتكم ، ولأجعلنَّ سعيهم مشكوراً ، وذنبهم مغفوراً ، وأعمالهم مقبولة .
قال حذيفة : ثم قام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى أمِّ سلمة ، فدخلَ ورجعتُ عنه ، وأنا غير شاكٍ في أمر الشيخ الثاني .
حتى رأيته قد ترأسَ بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وفتحَ الشر ، وأعاد الكفر ، وارتدَّ عن الدين ، وشمرَّ للملك ، وحرَّف القرآن ، وأحرقَ بيت الوحي ، وأبدعَ السنن ، وغيَّرَ الملة ، وبدَّلَ السنة ، وردَّ شهادة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وكذَّبَ فاطمة ( عليها السلام ) ، واغتصب فدكاً ، وأرضى المجوس واليهود والنصارى ، وأسخط قرة عين المصطفى ، ولم يُرْضِهم ، وغيَّرَ السنن كلها ، ودبَّرَ لقتل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وأظهر الجور ، وحرَّمَ ما أحلَّ الله ، وأحلَّ ما حرمَّ الله ، وألقى إلى الناس أن يتخذوا من جلود الإبل دنانير ، ولطم حروجه الزكية ، وصعد منبر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) غصباً وظلماً ، وافترى على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وعانده وسفَّهَ رأيه .
قال حذيفه : فاستجاب الله دعاء مولاتي على ذلك المنافق ، وأجرى قتله على يد قاتله ( رحمه الله ) ، فدخلتُ على أمير المؤمنين (عليه السلام) لأهنئه بقتله ، ورجوعه إلى دار الانتقام ، فقال لي : يا حذيفة ، أتذكر اليوم الذي دخلتَ فيه على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأنا وسبطاه نأكل معه ، فدلَّكَ على فضل ذلك اليوم الذي دخلتَ عليه فيه ؟ قلتُ : بلى يا أخا رسول الله ، فقال : هو والله هذا اليوم ، الذى أقرَّ الله به عين آل الرسول ، وإني لأعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين اسماً .
قال حذيفة : فقلتُ : يا أمير المؤمنين ، أحب أن تُسمعني أسماءَ هذا اليوم ، فقال ( عليه السلام ) : هذا يوم الإستراحة ، ويوم تنفيس الكربة ، ويوم العيد الثاني ، ويوم حطِّ الأوزار ، ويوم الخبوة ، ويوم رفع القلم ، ويوم الهدي ، ويوم العافية ، ويوم البركة ، ويوم الثأر ، ويوم عيد الله الأكبر ، ويوم إجابة الدعاء ، ويوم الموقف الأعظم ، ويوم التوافي ، ويوم الشرط ، ويوم نزع السواد ، ويوم ندامة الظالم ، ويوم انكسار الشوكة ، ويوم نفي الهموم ، ويوم القنوع ، ويوم عرض القدرة ، ويوم التصفح ، ويوم فرح الشيعة ، ويوم التوبة ، ويوم الإنابة ، ويوم الزكاة العظمى ، ويوم الفطر الثاني ، ويوم سيل الشعاب ، ويوم تجرع الريق ، ويوم الرضا ، ويوم عيد أهل البيت ( عليه السلام ) ، ويوم ظفر بني إسرائيل ، ويوم قبول الأعمال ، ويوم تقديم الصدقة ، ويوم الزيارة ، ويوم قتل النفاق ، ويوم الوقت المعلوم ، ويوم سرور أهل البيت ( عليه السلام ) ، ويوم الشاهد والمشهود ، ويوم القهر للعدو ، ويوم هدم الضلالة ، ويوم التنبيه ، ويوم التصريد ، ويوم الشهادة ، ويوم التجاوز عن المؤمنين ، ويوم الزهرة ، ويوم التعريف ، ويوم الإستطابة ، ويوم الذهاب ، ويوم التشديد ، ويوم ابتهاج المؤمن ، ويوم المباهلة ، ويوم المفاخرة ، ويوم التبجيل ، ويوم إذاعة السر ، ويوم النصرة ، ويوم زيادة الفتح ، ويوم التودد ، ويوم المفاكهة ، ويوم الوصول ، ويوم التذكية ، ويوم كشف البدع ، ويوم الزهد ، ويوم الورع ، ويوم الموعظة ، ويوم العبادة ، ويوم الاستسلام ، ويوم السلم ، ويوم النحر ، ويوم البَقْر .
قال حذيفة : فقمتُ من عنده ، وقلتُ في نفسي : لو لم أدرك من أفعال الخير ، وما أرجو به الثواب إلا فضل هذا اليوم ، لكان مناى .
قال محمد بن العلا الهمداني ، ويحيى بن جريح : فقام كل واحد منَّا ، وقبل رأس أحمد بن اسحاق ابن سعيد القمي ، وقلنا له : الحمد لله ، الذي قيضك لنا ، حتى شرفتنا بفضل هذا اليوم . ثم رجعنا عنه وتعيدنا في ذلك اليوم .
وهذا الحديث الشريف فيه دلالة وتنبيه ، على كون هذا الشخص من أكبر المنافقين ، وأعظمهم معاداة لآل محمد ( عليهم السلام ) وشنآناً وبغضاً بنص رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ونص وصيه ( صلوات الله عليهما ) وشهادة حذيفة بن اليمان ، الذي قال فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أعرفكم بالمنافقين حذيفة ابن اليمان . بسبب رؤيته إياهم ، ومعرفته بهم ليلة العقبة ، والدباب التي دحرجوها لتنفير ناقة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقتله ، فوقاه الله سيئات ما مكروا ، وحاق بآل فرعون سوء العذاب ، وهذا الفعل منهم يشهد بنفاقهم ، وكفرهم ، ويصرح بما قلناه فيهم .[FONT='Times New Roman','serif'][2][/font]
[FONT='Times New Roman','serif'][1][/font]لم يتضح المقصود من القلم في الرواية ، فهل هو قلم التكليف ؟ أم هو قلم المؤاخذة ؟ أم هو قلم آخر ؟ وكذلك لم يتضح المقصود من الأيام الثلاثة ، فهل هي الأيام المقترنة باليوم التاسع نفسه ؟ أم هي من الأيام المطوية ضمن أيام السنة ؟ أم هي أيام سنة القتل فقط دون غيرها من السنين ؟ ولأجل إجمال هذه الفقرة من الرواية فإنَّ علمها يرد إلى أهلها ، ولا يصح لأحدٍ أن يرتب عليها أثراً عملياً في حياته ، والله العالم بحقائق الأمور .
[FONT='Times New Roman','serif'][2][/font]ذكَرَ هذه الرواية الشريفة كلٌ من ثقة المحدثين العظام ، علامة العلماء الأعلام الشيخ حسن بن سليمان الحلي ( طيب الله ثراه ) في كتاب ( المحتضر ) الصفحة ( 44 ) ، وشيخ المحدثين الأكبر العلامة المجلسي ( طيب الله ثراه ) في موسوعته الكبرى ( بحار الأنوار ) ج 31 ص 120 ، و ج 95 ص 351 ، وكذلك ذكرها العلامة الكبير والمحدث الشهير السيد نعمة الله الجزائري ( طيب الله ثراه ) في ( الأنوار النعمانية ) ج 1 ص 108 ، واستشهد بها أيضاً مفخرة العلماء الأعلام العلامة الأميني ( طيب الله ثراه ) في موسوعته الشهيرة ( الغدير ) ج 1 ص 287 ، واستند إليها المحدث النوري ( طيب الله ثراه ) في ( مستدرك الوسائل ) ج 2 ص 522 ، وغيرهم في غيرها .
يتبع ،،،،
[/font]
تعليق