إنّ أبرز ما تتميز به عقيدة مدرسة أهل البيت(عليهمالسلام) في المهدي الموعود هو القول بوجوده بالفعل وغيبته وتحدد هويته بأنّه الإمامالثاني عشر من أئمة العترة النبوية الطاهرة، وأنه قد ولد بالفعل من الحسنالعسكري(عليه السلام) سنة (255 هـ ) وتولى مهام الإمامة بعد وفاة أبيه العسكري سنة (260 هـ ) وكانت له غيبتان الاُولى وهي الصغرى استمرت الى سنة (329هـ ) كان الإماميتصل خلالها بشيعته عبر سفرائه الخاصين، ثم بدأت الغيبة الكبرى المستمرة حتى يومناهذا والى أن يأذن الله عزّ وجلّ بالظهور لأنجاز مهمته الكبرى في إقامة الدولةالاسلامية العالمية التي يسيطر فيها العدل والقسط على أرجاء الأرض ان شاء اللهتعالى.
ويتفق أهل السنة على انتماء المهدي الموعود لأهل البيت(عليهم السلام) وأنه من ولد فاطمة(عليها السلام) وقد اعتقد جمع منهم بولادته لكن بعضهم ذهب الى أنهسيُولد ويظهر في آخر الزمان ليحقق مهمته الموعودة دون أن يستند الى دليل نقلي ولاعقلي في ذلك سوى الاستناد الى الأحاديث المشيرة الى أن ظهوره يكون في آخر الزمان. وليس هذا دليلاً تاماً على أن ولادته ستكون في آخر الزمان أيضاً كما أنه ليس فيهنفي للغيبة; لأنها والظهور لا يكونان في زمن واحد لكي يُقال بأنَّ إثبات الظهور فيآخر الزمان يعني نفي الغيبة دفعاً لاجتماع النقيضين المحال عقلاً، فرأي الإمامية هوأن الغيبة تكون قبل الظهور فلا تعارض بينهما.
ومدرسة أهل البيت(عليهم السلام) تقدم الأدلة لإثبات الغيبة بتفصيل في كتبها العقائدية المشهورة[1].
وقد لاحظناسابقاً أن البشارات السماوية الواردة في الأديان السابقة بشأن المنقذ العالميالموعود في آخر الزمان لا تنطبق بالكامل إلاّ على المهدي ابن الحسن العسكري(عليهماالسلام) الذي تؤمن به مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، بل وتصرّح بغيبته وهذا أهمما يميّز رأي الإمامية كما تصرّح بأنه خاتم الأئمة الاثني عشر وتشير الى خصائص لاتنطبق على سواه، الأمر الذي جعل التعرّف على عقيدة الإماميّة في المهدي المنتظروسيلة ناجحة في حل الاختلاف في تحديد هوية المنقذ العالمي استناداً الى المنهجالعلمي في دراسة هذه البشارات.
ونعرض هنا مجموعةً من الآيات الكريمة التي تدلبصورة مباشرة على حتمية أن يكون في كل زمان إمام حق يهدي الناس الى الله ويشهد علىأعمالهم ليكون حجة الله عزّ وجلّ على أهل زمانه في الدنيا والآخرة، والتي تحدد لهصفات لا تنطبق ـ في عصرنا الحاضر ـ على غير الإمام المهدي الذي تقول مدرسة أهلالبيت(عليهم السلام) بوجوده وغيبته. فتكون هذه الآيات دالة على صحة عقيدة الاماميةفي المهدي المنتظر، وهي في الواقع من الآيات المثبتة لاستحالة خلو الأرض من الإمامالحق في أي زمان، ودلالتها على المقصود واضحة لا تحتاج الى المزيد من التوضيح إلاّأن الخلافات السياسية التي شهدها التأريخ الإسلامي وانعكاساتها في تشكيل الآراءالعقائدية; أدّت الى التغطية على تلك الدلالات الواضحة وصرفها الى تأويلات بعيدة عنظواهرها البيّنات.
ونكمل هذا البحث بدراسة لدلالات طائفة من الأحاديث الشريفةالتي صحّت روايتها عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) في الكتب الستة المعتبرةعند أهل السنة وغيرها من الكتب المعتبرة عند جميع فرق المسلمين; فهي تشكل حجة عليهمجميعاً; وهي تكمل دلالات الآيات الكريمة المشار إليها وتشخص المصاديق التي حددتالآيات صفاتها العامة. وتثبت أن المهدي الموعود الذي بشر به رسول الله(صلى اللهعليه وآله) هو الإمام الثاني عشر من أئمة العترة النبوية وهو ابن الحسن العسكريسلام الله عليه.
1 ـ عدم خلو الزمان من الإمام
قال الله تعالى: (يوم ندعوكل اُناس بإمامهم فمن أُوتي كتابه بيمينه فاُولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلاً * ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً)[2].
وهذا نصٌّ صريح علىأن لكل أهل زمان «كل اُناس» إمام يُدعون به يوم القيامة. ويكون الاحتجاج به عليهمأو ليكون شاهداً عليهم يوم الحساب وهذا أيضاً يتضمن معنى الاحتجاج عليهم. فَمن هو «الإمام» المقصود في الآية الكريمة الاُولى؟
للاجابة يلزم الرجوع الى المصطلحالقرآني نفسه لمعرفة المعاني المرادة منه والاهتداء به لمعرفة المنسجم مع منطوقالنص القرآني المتقدم.
لقد اُطلق لفظ «الإمام» في القرآن الكريم على مَن يُقتدىبه من الأفراد، وهو على نوعين لا ثالث لهما في الاستخدام القرآني وهما: الإمامالمنصوب من قبل الله تبارك وتعالى لهداية الخلق إليه بأمره عزّ وجلّ، كما في قولهعزّ وجلّ: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا)[3]، وقوله: (إني جاعلك للناس إماما)[4]،وقوله: (ونُريدُ أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهمالوارثين)[5]، وقوله: (واجعلنا للمتقين إماماً)[6]. فيُلاحظ في جميع هذه المواردأنها تنسب جعل الإمامة الى الله سبحانه مباشرة.
أما النوع الثاني فهو مَن يُقتدىبه للضلال كما في قوله تعالى: (فقاتلوا أئمة الكفر)[7]، وقوله: (وجعلناهم أئمةيدعون الى النار ويوم القيامة لا ينصرون)[8].
هذا في الأفراد أما في غير الأفرادفقد اُستخدم في معنيين وبصورة المفرد فقط، في حين ورد بالمعاني السابقة بصيغةالمفرد وصيغة الجمع، والمعنى الأول هو التوراة كما في قوله تعالى: (ومن قبله كتابُموسى إماماً ورحمة)[9]، وربما يُستفاد من هذا الاستخدام صدق وصف «الإمام» على الكتبالسماوية الاُخرى أو الرئيسة منها على الأقل. أما المعنى الثاني فهو اللوح المحفوظكما في قوله تعالىوكل شيء أحصيناه في إماممبين)[10].
الإمام المقصود في الآية
فمَن هو «الإمام» المقصود في الآيةوالذي لا يخلو زمان من مصداق له ويُدعى به أهل عصره يوم القيامة؟ هل هو شخصٌمعيّنٌ؟ أم هو أحد الكتب السماوية في كل عصر؟ أم هو اللوح المحفوظ؟
لا يمكن أنيكون المراد هنا الكتب السماوية ولا اللوح المحفوظ لأنّ الآية عامة وصريحة بأنمدلولها ـ وهو عدم خلو أي زمان، وأيّ قوم من إمام ـ يشمل الأولين والآخرين، في حينأن من الثابت قرآنياً وتاريخياً أن أول الكتب السماوية التشريعية هو كتاب نوح(عليهالسلام)، فالقول بأن المراد بالإمام في الآية أحدها في كل عصر يعني إخراج الأزمنةالتي سبقت نوحاً(عليه السلام) من حكم الآية وهذا خلاف صريح منطوقها بشمولية دلالتهالكل عصر كما يدلّ عليه قوله تعالى (كل اُناس).
كما لا يمكن تفسير الإمام فيالآية باللوح المحفوظ; لأنه واحدٌ لا يختص بأهل زمان معين دون غيرهم في حين أنالآية الكريمة تصرّح بأن لكل اُناس إماماً.
إذن لا يبقى إلاّ القولان الأولان،فالمتعين أن يكون المراد من الإمام في الآية من يأتمّ به أهل كل زمان في سبيلي الحقأو الباطل. أو أن يكون المراد فيها إمام الحق خاصة وهو الذي يجتبيه الله سبحانه فيكل زمان لهداية الناس بأمره تبارك وتعالى ويكون حجة الله عزّ وجلّ عليهم يدعوهم بهيوم القيامة للاحتجاج به عليهم سواءٌ كان نبيّاً كإبراهيم الخليل ومحمد ـ عليهماوآلهما الصلاة والسلام ـ أو غير نبي كأوصياء الأنبياء(عليهم السلام).
ويكونالمراد بالدعوة في الآية هو الإحضار، أي إن كل اُناس ـ في كل عصر ـ محضرون بإمامعصرهم، ثم يُؤتى مَن اقتدى بإمام الحق كتابه بيمينه ويظهر عمى مَن عمي عن معرفةالإمام الحق في عصره وأعرض عن إتباعه. وهذا ما يعطيه التدبر في الآيتين الكريمتينمورد البحث كما يقول العلامة الطباطبائي في تفسيرهما[11]، وقد عرض في بحثه لجميعأقوال المفسّرين في تفسير معنى الإمام هنا وبيّن عدم انسجامها مع الاستخدام القرآنيوظاهر الآيتين، وهي أقوال واضحة البطلان، ولعل أهمها القول بأنّ المراد من الإمام: النبي العام لكل أمة، كأن يُدعى بأمة إبراهيم أو أمة موسى أو أمة عيسى أو أمة محمدـ صلوات الله عليهم أجميعن ـ، وهذا القول أيضاً غير منسجم مع ظاهر الآيتين أيضاًلأنه يُخرج من حكمها العام الأمم التي لم يكن فيها نبي، وهذا خلاف ظاهرهما، كما أنهمدحوض بالآيات الاُخرى التي سنتناولها لاحقاً، إن شاء الله تعالى.
ويتفق أهل السنة على انتماء المهدي الموعود لأهل البيت(عليهم السلام) وأنه من ولد فاطمة(عليها السلام) وقد اعتقد جمع منهم بولادته لكن بعضهم ذهب الى أنهسيُولد ويظهر في آخر الزمان ليحقق مهمته الموعودة دون أن يستند الى دليل نقلي ولاعقلي في ذلك سوى الاستناد الى الأحاديث المشيرة الى أن ظهوره يكون في آخر الزمان. وليس هذا دليلاً تاماً على أن ولادته ستكون في آخر الزمان أيضاً كما أنه ليس فيهنفي للغيبة; لأنها والظهور لا يكونان في زمن واحد لكي يُقال بأنَّ إثبات الظهور فيآخر الزمان يعني نفي الغيبة دفعاً لاجتماع النقيضين المحال عقلاً، فرأي الإمامية هوأن الغيبة تكون قبل الظهور فلا تعارض بينهما.
ومدرسة أهل البيت(عليهم السلام) تقدم الأدلة لإثبات الغيبة بتفصيل في كتبها العقائدية المشهورة[1].
وقد لاحظناسابقاً أن البشارات السماوية الواردة في الأديان السابقة بشأن المنقذ العالميالموعود في آخر الزمان لا تنطبق بالكامل إلاّ على المهدي ابن الحسن العسكري(عليهماالسلام) الذي تؤمن به مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، بل وتصرّح بغيبته وهذا أهمما يميّز رأي الإمامية كما تصرّح بأنه خاتم الأئمة الاثني عشر وتشير الى خصائص لاتنطبق على سواه، الأمر الذي جعل التعرّف على عقيدة الإماميّة في المهدي المنتظروسيلة ناجحة في حل الاختلاف في تحديد هوية المنقذ العالمي استناداً الى المنهجالعلمي في دراسة هذه البشارات.
ونعرض هنا مجموعةً من الآيات الكريمة التي تدلبصورة مباشرة على حتمية أن يكون في كل زمان إمام حق يهدي الناس الى الله ويشهد علىأعمالهم ليكون حجة الله عزّ وجلّ على أهل زمانه في الدنيا والآخرة، والتي تحدد لهصفات لا تنطبق ـ في عصرنا الحاضر ـ على غير الإمام المهدي الذي تقول مدرسة أهلالبيت(عليهم السلام) بوجوده وغيبته. فتكون هذه الآيات دالة على صحة عقيدة الاماميةفي المهدي المنتظر، وهي في الواقع من الآيات المثبتة لاستحالة خلو الأرض من الإمامالحق في أي زمان، ودلالتها على المقصود واضحة لا تحتاج الى المزيد من التوضيح إلاّأن الخلافات السياسية التي شهدها التأريخ الإسلامي وانعكاساتها في تشكيل الآراءالعقائدية; أدّت الى التغطية على تلك الدلالات الواضحة وصرفها الى تأويلات بعيدة عنظواهرها البيّنات.
ونكمل هذا البحث بدراسة لدلالات طائفة من الأحاديث الشريفةالتي صحّت روايتها عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) في الكتب الستة المعتبرةعند أهل السنة وغيرها من الكتب المعتبرة عند جميع فرق المسلمين; فهي تشكل حجة عليهمجميعاً; وهي تكمل دلالات الآيات الكريمة المشار إليها وتشخص المصاديق التي حددتالآيات صفاتها العامة. وتثبت أن المهدي الموعود الذي بشر به رسول الله(صلى اللهعليه وآله) هو الإمام الثاني عشر من أئمة العترة النبوية وهو ابن الحسن العسكريسلام الله عليه.
1 ـ عدم خلو الزمان من الإمام
قال الله تعالى: (يوم ندعوكل اُناس بإمامهم فمن أُوتي كتابه بيمينه فاُولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلاً * ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً)[2].
وهذا نصٌّ صريح علىأن لكل أهل زمان «كل اُناس» إمام يُدعون به يوم القيامة. ويكون الاحتجاج به عليهمأو ليكون شاهداً عليهم يوم الحساب وهذا أيضاً يتضمن معنى الاحتجاج عليهم. فَمن هو «الإمام» المقصود في الآية الكريمة الاُولى؟
للاجابة يلزم الرجوع الى المصطلحالقرآني نفسه لمعرفة المعاني المرادة منه والاهتداء به لمعرفة المنسجم مع منطوقالنص القرآني المتقدم.
لقد اُطلق لفظ «الإمام» في القرآن الكريم على مَن يُقتدىبه من الأفراد، وهو على نوعين لا ثالث لهما في الاستخدام القرآني وهما: الإمامالمنصوب من قبل الله تبارك وتعالى لهداية الخلق إليه بأمره عزّ وجلّ، كما في قولهعزّ وجلّ: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا)[3]، وقوله: (إني جاعلك للناس إماما)[4]،وقوله: (ونُريدُ أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهمالوارثين)[5]، وقوله: (واجعلنا للمتقين إماماً)[6]. فيُلاحظ في جميع هذه المواردأنها تنسب جعل الإمامة الى الله سبحانه مباشرة.
أما النوع الثاني فهو مَن يُقتدىبه للضلال كما في قوله تعالى: (فقاتلوا أئمة الكفر)[7]، وقوله: (وجعلناهم أئمةيدعون الى النار ويوم القيامة لا ينصرون)[8].
هذا في الأفراد أما في غير الأفرادفقد اُستخدم في معنيين وبصورة المفرد فقط، في حين ورد بالمعاني السابقة بصيغةالمفرد وصيغة الجمع، والمعنى الأول هو التوراة كما في قوله تعالى: (ومن قبله كتابُموسى إماماً ورحمة)[9]، وربما يُستفاد من هذا الاستخدام صدق وصف «الإمام» على الكتبالسماوية الاُخرى أو الرئيسة منها على الأقل. أما المعنى الثاني فهو اللوح المحفوظكما في قوله تعالىوكل شيء أحصيناه في إماممبين)[10].
الإمام المقصود في الآية
فمَن هو «الإمام» المقصود في الآيةوالذي لا يخلو زمان من مصداق له ويُدعى به أهل عصره يوم القيامة؟ هل هو شخصٌمعيّنٌ؟ أم هو أحد الكتب السماوية في كل عصر؟ أم هو اللوح المحفوظ؟
لا يمكن أنيكون المراد هنا الكتب السماوية ولا اللوح المحفوظ لأنّ الآية عامة وصريحة بأنمدلولها ـ وهو عدم خلو أي زمان، وأيّ قوم من إمام ـ يشمل الأولين والآخرين، في حينأن من الثابت قرآنياً وتاريخياً أن أول الكتب السماوية التشريعية هو كتاب نوح(عليهالسلام)، فالقول بأن المراد بالإمام في الآية أحدها في كل عصر يعني إخراج الأزمنةالتي سبقت نوحاً(عليه السلام) من حكم الآية وهذا خلاف صريح منطوقها بشمولية دلالتهالكل عصر كما يدلّ عليه قوله تعالى (كل اُناس).
كما لا يمكن تفسير الإمام فيالآية باللوح المحفوظ; لأنه واحدٌ لا يختص بأهل زمان معين دون غيرهم في حين أنالآية الكريمة تصرّح بأن لكل اُناس إماماً.
إذن لا يبقى إلاّ القولان الأولان،فالمتعين أن يكون المراد من الإمام في الآية من يأتمّ به أهل كل زمان في سبيلي الحقأو الباطل. أو أن يكون المراد فيها إمام الحق خاصة وهو الذي يجتبيه الله سبحانه فيكل زمان لهداية الناس بأمره تبارك وتعالى ويكون حجة الله عزّ وجلّ عليهم يدعوهم بهيوم القيامة للاحتجاج به عليهم سواءٌ كان نبيّاً كإبراهيم الخليل ومحمد ـ عليهماوآلهما الصلاة والسلام ـ أو غير نبي كأوصياء الأنبياء(عليهم السلام).
ويكونالمراد بالدعوة في الآية هو الإحضار، أي إن كل اُناس ـ في كل عصر ـ محضرون بإمامعصرهم، ثم يُؤتى مَن اقتدى بإمام الحق كتابه بيمينه ويظهر عمى مَن عمي عن معرفةالإمام الحق في عصره وأعرض عن إتباعه. وهذا ما يعطيه التدبر في الآيتين الكريمتينمورد البحث كما يقول العلامة الطباطبائي في تفسيرهما[11]، وقد عرض في بحثه لجميعأقوال المفسّرين في تفسير معنى الإمام هنا وبيّن عدم انسجامها مع الاستخدام القرآنيوظاهر الآيتين، وهي أقوال واضحة البطلان، ولعل أهمها القول بأنّ المراد من الإمام: النبي العام لكل أمة، كأن يُدعى بأمة إبراهيم أو أمة موسى أو أمة عيسى أو أمة محمدـ صلوات الله عليهم أجميعن ـ، وهذا القول أيضاً غير منسجم مع ظاهر الآيتين أيضاًلأنه يُخرج من حكمها العام الأمم التي لم يكن فيها نبي، وهذا خلاف ظاهرهما، كما أنهمدحوض بالآيات الاُخرى التي سنتناولها لاحقاً، إن شاء الله تعالى.