[frame="1 80"]
كيف يرى الإمام المهدي .....محمد باقر الصدر
أيام قلائل تفصلنا عن ذكرى إستشهاد أعظم شخصية عرفها المجتمع البشري خارج دائرة العصمة في عصر الغيبة الكبرى وهذه الشخصية قدمت للإسلام الفكر المستنير والدماء الزاكية والروح الطاهرة .. انها شخصية السيد الشهيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) هذا الرجل الذي قدم لقضية الإمام المهدي عليه السلام كل مايمكن ان تقدمه شخصية رافقتها الرعاية الإلهية منذ نعومة الأظافر واحيطت بعناية قدسية علوية فنشأت والعلم قد ملئ صدرها الطاهر وعقلها الكبير فنالت الإجتهاد قبل ان تبلغ سن التكليف الشرعي .. وكل هذه الكرامات وغيرها الكثير تعني بوجهها الآخر الحقيقي اهمية هذه الشخصية في إطار الحكمة الإلهية ، وتعني علو شأنها وكرامة مقامها ...
ان تعدد الأدوار ووحدة الهدف السبيل الذي تميز به خط العترة الطاهرة صلوات الله عليهم والمرتكز على ديمومة المحافظة على الثوابت المتجسدة ( بالهدف) وهو عبادة الله الواحد القهار وتوحيده وماتتطلبه هذه الطاعة وهذا التوحيد من نشر العقيدة الحقة بكلا جانبيها العقائدي والعملي مع علمنا بان المحافظة على هذا الهدف المقدس من الإنحراف لم يكن بالشيء اليسير بسبب الامواج الإنحرافية التي يتعرض لها من حملات الاستكبار الإستبدادية وتسويلات الحملات الشيطانية فتحاول ان تميل بالعقول والقلوب عن التوجه نحو الهدف الإلهي .. اضافة الى زخم الارهاصات الجانبية المندفعة من طبيعة الملابسات الحاصلة في الواقع الاجتماعي والسياسي ، وهذه الملابسات هي نتاج التمزق والظلم والانحراف والاقصاء والتسافل المتكرس من عوامل الصراع على السلطة ، وعلى ذلك كان ومازال خط العترة الطاهرة منفتح على مضاعفات الواقع ومواكبا لاي حدث يتطلب منه موقفا معينا يساهم في تصحيح او تقويم الحالة التي يفرضها الواقع المتردي ، على اعتبار ان هذا الخط هو الممثل الذي تسند اليه مسؤولية غلق المنافذ التي تحاول النيل من العقيدة الحقة من جهة ، ومن اخرى باعتباره القوة والرمز المعنوي والروحي المطالب بحقوق الإنسان وحريته وكرامته .. وهذا الانفتاح على المضاعفات هو بالحقيقة الدور الذي يمارسه القائد الاعلى للمذهب الشيعي في اي زمان ، سواء كان إماما معصوما أو مرجعا جامعا للشرائط .. والسيد محمد باقر الصدر (قدس سره) واحد من أعظم - بل اعظم- من برز من علماء الشيعة في عصر الغيبة الكبرى فقد ادى دوره بكل الجوانب التي فرضت عليه ان يؤدي دوره فيها في جانب السياسة والفكر الاجتماعي والعقائدي والحوزوي والفلسفي بمستوى يقارب من مستوى الإمام المعصوم بحدود أداء الدور الحركي والعملي ، وهذا التقارب ليس بحالة غريبة او بعيدة عن الحقيقة الموضوعية اذا كان التقييم على اساس الأثر في الحالة السياسية والاجتماعية ، فليس غريبا على هذا السيد الجليل هذا المقام العالي اذا كان المنطلق له هو من نتاج التجربة التي خاضها أئمة اهل البيت عليهم السلام وبالتالي فان دور السيد الصدر حلقة أخرى من حلقات هذه السلسلة المقدسة .. الملاحظة التي يجب ان تكون شاخصة أمام بصائرنا هي ان الحركة الفكرية للسيد الصدر لم تكن مجرد اطروحات على نمط الترف الفكري بقدر ماكانت في جانب من جوانبها تهديم واسقاط للأطروحات التي سادت في المجتمع الإسلامي فجعلت جزء منه شرقيا بلونه الاحمر الاشتراكي وجزئه الاخرعلمانيا قدم اليه من الغرب فضلا عن الغيوم القومية التي تلبدت بها سماوات المناخ العربي .. فتصدى اليها السيد الصدر عبر محورين : الأول اسقاطها جملة وتفصيلا حلا ونقضا سياسيا واجتماعيا تاريخا وحاضرا فلسفيا وعلميا عبر منظومة موسوعية من الاطروحات والاستدلالات والبراهين التي لم تبقِ لهذه الاطروحات سوى ما سوقته من اباطيل واوهام وتسويلات ألصقت عليها ثوب الفكر والفلسفة مع امتلاك هذه الاطروحات كل وسائل القوة من نفوذ سياسي وهيمنة اعلامية ومصادر اقتصادية هائلة اضافة الى القوة العسكرية والصناعية ، وكتابي ( اقتصادنا وفلسفتنا) شاهدان على عمق الضربة العلوية المحمدية التي تلقتها هذه الانظمة الاستبدادية على يد السيد الصدر.
المحور الآخر كان عبر طرح الإسلام كمنظومة فكرية وفلسفية وكنظام سياسي قادر على قيادة اي ، بلد بل ان له القدرة على قيادة كل هذا العالم الواسع بما يضمن له حقوقه التي جاهد من اجلها .....
ان الاسلام يفتح ذهنية الإنسان على الحقوق الغائبة عن مجال فكرة المحدود لأنه النظرية التي انفتحت على الإنسان بكل ما يحتاجه من حقوق توافق طبيعته التكونية ، والعلة التي ابعدت الانسانية عن استيعاب هذه الحقوق المغيبة هي الجهل والغفلة النابعة من الابتعاد عن الاسلام ... وهكذا اثبت سماحته قدس سره بالدليل والبرهان فشل جميع الانظمة الوضعية مهما كان لونها وشكلها ليثبت بالدليل ايضا ان الحكم لله وحده تعالى عبر منظومة الدين الاسلامي .. ومن ذلك الحين تبلورت اطروحة النظام السياسي الاسلامي على اساس المذهب الإمامي بل ان سماحته اخرج المذهب من بودقة الانتظار السلبي الذي رفض التصدي للحكم حتى على مستوى المناقشة والاستدلال الى مساحة واسعة من العمل السياسي والذي يستبطن في داخله روح الثورة والمقاومة بشتى الوسائل الشرعية والاخلاقية ، فشكل المذهب الإمامي على اساس هذا الانفتاح الكبير خط المواجهة الاول لقوى البغي والاستكبار لأنها وجدت في الاسلام الاطروحة القادرة على قيادة البشرية نحو الحق والحقيقة متى ما تهيئت أمامه الظروف المناسبة ، وبذلك دخل الدين الاسلامي طور جديد وكبير في ميدان المنازلة والتي اسهمت فيما بعد بحدوث تغير كبير في العالم ...ولم تكن مواجهة الانظمة الوضعية فكريا مع عظيم ما تتطلبه هذه المواجهة من طاقة فكرية فريدة هي وحدها التي واجهت السيد الصدر ، فلقد واجه سماحته على صعيد المقاومة الحركية النظام البعثي الكافر اذ فرضت الظروف الموضوعية آن ذاك ألون من المواجهة... يقول سماحته واصفا حزب البعث (لو كان اصبعي بعثيا لقطعته) مبينا تسافل هذا الحزب الفارغ من اي محتوى فكري ونظري حتى لو كان متدنى وسطحي كباقي الاطروحات السائدة فالبعث لا يقوم الاعلى اراقة الدماء وقطع الرؤوس وحفلات الاعتقال والأعدامات الجماعية ..نظام استبدادي لايستهدف سوى التسلط على الرقاب ولا يقبل سوى الخضوع الى جبروته الاموي ، لكن هذا النظام الكافر كان في بداية تسلطه على الشعب العراقي وفي خضم الجهل السائد مع كثرة التناحرات بين الايديولوجيات المنتشرة قد شرع بسياسة مرنة الى حد ما اعتمدت على احتواء خصومه بواسطة سلسلة من الاتفاقيات الزائفة والتي سرعان ما ضرب بها عرض الحائط ، بينما شرع لأحتواء المؤسسة الدينية بواسطة العروض الدنيوية او عبر التهديد بالقتل وهذه السياسة كانت ترمي الى توطيد سلطة هذه النظام وجعل البعث الهوية التي تضرب على العراق بعد ان تغيب عن هذا البلد كل الهويات الاخرى ومنها واهمها الهوية الاسلامية ضمن مشروع استعماري كبير في المنطقة العربية والاسلامية ، وكان لهذا المشروع ان يمضي قدما لولا وقوف السيد الصدر بوجهه ، فقد كان لوقوفه الدور الريادي الاول الذي فضح من خلاله نوايا البعث التسلطية الاموية وكشف زيف اهدافه فشكلت هذه الوقفة خط المواجهة الاول مع اعتى نظام جبروتي عرفه التاريخ الحديث ....الشيء العظيم والخالد في هذه المواجهة هو طبيعة وشكل المنازلة الحاسمة التي اختارها سماحته مع هذا النظام ، فكل قائد ولأي ثورة يطمح ان يكون الغاية التي تحتوى مبادئ الثائرين ويكون المستهدف من زخم الثورة واندفاع الثوار لكن سماحته اراد ان تكون دمائه الجذوة التي يستعر منها لهيب الثورة ، وعلى هذا فان الاسباب التي دعت السيد الصدر الى هذا الشكل من المواجهة الحاسمة لم تكن ناتجة من رغبة معينة بل كانت من دواعي الثورة الاسلامية آن ذاك ..فهيمنة البعث أماتت الشعور العراقي الى درجة بعيدة ، الشعور بالمسؤولية اتجاه الاسلام واتجاه الامة فضلا عن الغفلة واللامبالاة ، وعلى هذا فان سماحته عزم ان تكون دمائه الطاهرة الشرارة التي توقض في ضمير الامة الاحساس بالمسؤولية والواجب الشرعي والاخلاقي ، وعلى كل حال هذا اللون من المواجهة هو عين المواجهة التي خاضها الإمام الحسين عليه السلام ضد بني امية .
واذا اردنا ان نعرج على جانب آخر من جوانب هذا الرجل العظيم فان العروج الى انجازه في محيط الحوزة العلمية لايقل عن المواجهة السياسية فرغم مرارة المعركة الفكرية والسياسية .. اعاد السيد محمد باقر الصدر كتابة علم الاصول مع ما يشكل هذا العلم في الحوزة من اثر فكري وعلمي باعتباره الاساس والروح التي تستمد منها الحوزة وجودها الفكري والفقهي على اساس وجوده المرتكز على استنباط الاحكام الشرعية والقواعد الفقهية... واعادة كتابة علم الاصوال في المذهب الإمامي تعني تأسيس قواعد فقهية يستنبط منها الحكم الشرعي وفق نمط يقوم على الارتكاز على ما جاء من السابقين لكن باسلوب تستكمل فيه الاصول المثالب من جهة ومن اخرى تنقيته من الاشكالات التي طرئت عليه اضافة الى توسيع مجموعة الاصول لتكون مرجعا اخر في استنباط الاحكام والوظائف الشرعية ، فكانت مدرسة الصدر الاصولية تعبر عن الكمال الفكري والفقهي والعلمي للمذهب الشيعي والمدرسة التي ينبثق منها عناصر الرقي والتطور بما يؤدي الى الوصول الى اقرب الطرق نحو ارادة المعصوم الشرعية والاخلاقية ، وليس هذا فحسب ففي هذه المدرسة اسست السلطة المعنوية والفعلية شرعا واخلاقا للمجتهد الجامع للشرائط وهي بذلك لها اكبر العلاقة بالمعركة السياسية التي خاضها السيد محمد باقر الصدر ..
وبعد ما تقدم قطرة من بحور المعرفة والجهاد لهذا السيد العظيم فكيف يمكن ان ينظر اليه الإمام المهدي عليه السلام ؟؟ بالحقيقة لايختلف اثنان ممن انجلت ظلمة الريب عن ضمائرهم وانفتحت بتحقيق المعرفة قلوبهم على ان السيد الصدر اقرب علمائنا الى قلب الإمام المهدي عليه السلام في عصر الغيبة الكبرى فقد استجمع في شخصيته ادوار عدة فكان الحسين عليه السلام في ساحة المواجهة مع البعث الصدامي وكان الصادق عليه السلام في رد الشبهات والاباطيل والاطروحات الفاسدة وكان الكاظم عليه السلام حينما ترك وحيدا يلاقي حتفه في غياهب المعتقلات البعثية الكافرة ، ومن اجل ذلك فان سماحته الممهد الاول والذي لا يشاركه في هذا المقام سوى عدد من علمائنا يعدون على عدد اصابع اليد الواحدة ومع اقتراب ذكرى استشهاده نطالب الحكومة بتخصيص نصب تذكارية في عدد من مدن العراق تحي ذكرى هذا الرجل العظيم ونطالب بانشاء مؤسسة حكومية تمارس البحث في فكر السيد الصدر ونستغل هذه المناسبة لنطالب كل المؤسسات الدولية التي تمنح الجوائز على اساس ما قدم من فكر ومن ثقافة ونطالبها بوضع السيد الصدر على لائحة المفكرين الذين قدموا للإنسانية افضل العلوم وارقاها ونطالبها بمنحه افضل الجوائز وارفعها ...
ان التأسي بسيرة السيد محمد باقر الصدر العطرة يجب ان يكون المنهاج الذي يعتمده كل مصلح ومؤمن في هذه الارض ، ولا اريد ان اجزم لكني ادرك تمام الإدراك ان حزن الإمام المهدي عليه السلام على السيد الصدر كحزنه على آبائه الطاهرين فاذا مات العالم انثلم الاسلام ثلمة لاتعوض الى يوم القيامة والسيد محمد باقر الصدر اجل علماء الشيعة ..
فأنا لله وانا الية راجعون
الاستاذ سمير كاظم
[/frame]


كيف يرى الإمام المهدي .....محمد باقر الصدر
أيام قلائل تفصلنا عن ذكرى إستشهاد أعظم شخصية عرفها المجتمع البشري خارج دائرة العصمة في عصر الغيبة الكبرى وهذه الشخصية قدمت للإسلام الفكر المستنير والدماء الزاكية والروح الطاهرة .. انها شخصية السيد الشهيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) هذا الرجل الذي قدم لقضية الإمام المهدي عليه السلام كل مايمكن ان تقدمه شخصية رافقتها الرعاية الإلهية منذ نعومة الأظافر واحيطت بعناية قدسية علوية فنشأت والعلم قد ملئ صدرها الطاهر وعقلها الكبير فنالت الإجتهاد قبل ان تبلغ سن التكليف الشرعي .. وكل هذه الكرامات وغيرها الكثير تعني بوجهها الآخر الحقيقي اهمية هذه الشخصية في إطار الحكمة الإلهية ، وتعني علو شأنها وكرامة مقامها ...
ان تعدد الأدوار ووحدة الهدف السبيل الذي تميز به خط العترة الطاهرة صلوات الله عليهم والمرتكز على ديمومة المحافظة على الثوابت المتجسدة ( بالهدف) وهو عبادة الله الواحد القهار وتوحيده وماتتطلبه هذه الطاعة وهذا التوحيد من نشر العقيدة الحقة بكلا جانبيها العقائدي والعملي مع علمنا بان المحافظة على هذا الهدف المقدس من الإنحراف لم يكن بالشيء اليسير بسبب الامواج الإنحرافية التي يتعرض لها من حملات الاستكبار الإستبدادية وتسويلات الحملات الشيطانية فتحاول ان تميل بالعقول والقلوب عن التوجه نحو الهدف الإلهي .. اضافة الى زخم الارهاصات الجانبية المندفعة من طبيعة الملابسات الحاصلة في الواقع الاجتماعي والسياسي ، وهذه الملابسات هي نتاج التمزق والظلم والانحراف والاقصاء والتسافل المتكرس من عوامل الصراع على السلطة ، وعلى ذلك كان ومازال خط العترة الطاهرة منفتح على مضاعفات الواقع ومواكبا لاي حدث يتطلب منه موقفا معينا يساهم في تصحيح او تقويم الحالة التي يفرضها الواقع المتردي ، على اعتبار ان هذا الخط هو الممثل الذي تسند اليه مسؤولية غلق المنافذ التي تحاول النيل من العقيدة الحقة من جهة ، ومن اخرى باعتباره القوة والرمز المعنوي والروحي المطالب بحقوق الإنسان وحريته وكرامته .. وهذا الانفتاح على المضاعفات هو بالحقيقة الدور الذي يمارسه القائد الاعلى للمذهب الشيعي في اي زمان ، سواء كان إماما معصوما أو مرجعا جامعا للشرائط .. والسيد محمد باقر الصدر (قدس سره) واحد من أعظم - بل اعظم- من برز من علماء الشيعة في عصر الغيبة الكبرى فقد ادى دوره بكل الجوانب التي فرضت عليه ان يؤدي دوره فيها في جانب السياسة والفكر الاجتماعي والعقائدي والحوزوي والفلسفي بمستوى يقارب من مستوى الإمام المعصوم بحدود أداء الدور الحركي والعملي ، وهذا التقارب ليس بحالة غريبة او بعيدة عن الحقيقة الموضوعية اذا كان التقييم على اساس الأثر في الحالة السياسية والاجتماعية ، فليس غريبا على هذا السيد الجليل هذا المقام العالي اذا كان المنطلق له هو من نتاج التجربة التي خاضها أئمة اهل البيت عليهم السلام وبالتالي فان دور السيد الصدر حلقة أخرى من حلقات هذه السلسلة المقدسة .. الملاحظة التي يجب ان تكون شاخصة أمام بصائرنا هي ان الحركة الفكرية للسيد الصدر لم تكن مجرد اطروحات على نمط الترف الفكري بقدر ماكانت في جانب من جوانبها تهديم واسقاط للأطروحات التي سادت في المجتمع الإسلامي فجعلت جزء منه شرقيا بلونه الاحمر الاشتراكي وجزئه الاخرعلمانيا قدم اليه من الغرب فضلا عن الغيوم القومية التي تلبدت بها سماوات المناخ العربي .. فتصدى اليها السيد الصدر عبر محورين : الأول اسقاطها جملة وتفصيلا حلا ونقضا سياسيا واجتماعيا تاريخا وحاضرا فلسفيا وعلميا عبر منظومة موسوعية من الاطروحات والاستدلالات والبراهين التي لم تبقِ لهذه الاطروحات سوى ما سوقته من اباطيل واوهام وتسويلات ألصقت عليها ثوب الفكر والفلسفة مع امتلاك هذه الاطروحات كل وسائل القوة من نفوذ سياسي وهيمنة اعلامية ومصادر اقتصادية هائلة اضافة الى القوة العسكرية والصناعية ، وكتابي ( اقتصادنا وفلسفتنا) شاهدان على عمق الضربة العلوية المحمدية التي تلقتها هذه الانظمة الاستبدادية على يد السيد الصدر.
المحور الآخر كان عبر طرح الإسلام كمنظومة فكرية وفلسفية وكنظام سياسي قادر على قيادة اي ، بلد بل ان له القدرة على قيادة كل هذا العالم الواسع بما يضمن له حقوقه التي جاهد من اجلها .....
ان الاسلام يفتح ذهنية الإنسان على الحقوق الغائبة عن مجال فكرة المحدود لأنه النظرية التي انفتحت على الإنسان بكل ما يحتاجه من حقوق توافق طبيعته التكونية ، والعلة التي ابعدت الانسانية عن استيعاب هذه الحقوق المغيبة هي الجهل والغفلة النابعة من الابتعاد عن الاسلام ... وهكذا اثبت سماحته قدس سره بالدليل والبرهان فشل جميع الانظمة الوضعية مهما كان لونها وشكلها ليثبت بالدليل ايضا ان الحكم لله وحده تعالى عبر منظومة الدين الاسلامي .. ومن ذلك الحين تبلورت اطروحة النظام السياسي الاسلامي على اساس المذهب الإمامي بل ان سماحته اخرج المذهب من بودقة الانتظار السلبي الذي رفض التصدي للحكم حتى على مستوى المناقشة والاستدلال الى مساحة واسعة من العمل السياسي والذي يستبطن في داخله روح الثورة والمقاومة بشتى الوسائل الشرعية والاخلاقية ، فشكل المذهب الإمامي على اساس هذا الانفتاح الكبير خط المواجهة الاول لقوى البغي والاستكبار لأنها وجدت في الاسلام الاطروحة القادرة على قيادة البشرية نحو الحق والحقيقة متى ما تهيئت أمامه الظروف المناسبة ، وبذلك دخل الدين الاسلامي طور جديد وكبير في ميدان المنازلة والتي اسهمت فيما بعد بحدوث تغير كبير في العالم ...ولم تكن مواجهة الانظمة الوضعية فكريا مع عظيم ما تتطلبه هذه المواجهة من طاقة فكرية فريدة هي وحدها التي واجهت السيد الصدر ، فلقد واجه سماحته على صعيد المقاومة الحركية النظام البعثي الكافر اذ فرضت الظروف الموضوعية آن ذاك ألون من المواجهة... يقول سماحته واصفا حزب البعث (لو كان اصبعي بعثيا لقطعته) مبينا تسافل هذا الحزب الفارغ من اي محتوى فكري ونظري حتى لو كان متدنى وسطحي كباقي الاطروحات السائدة فالبعث لا يقوم الاعلى اراقة الدماء وقطع الرؤوس وحفلات الاعتقال والأعدامات الجماعية ..نظام استبدادي لايستهدف سوى التسلط على الرقاب ولا يقبل سوى الخضوع الى جبروته الاموي ، لكن هذا النظام الكافر كان في بداية تسلطه على الشعب العراقي وفي خضم الجهل السائد مع كثرة التناحرات بين الايديولوجيات المنتشرة قد شرع بسياسة مرنة الى حد ما اعتمدت على احتواء خصومه بواسطة سلسلة من الاتفاقيات الزائفة والتي سرعان ما ضرب بها عرض الحائط ، بينما شرع لأحتواء المؤسسة الدينية بواسطة العروض الدنيوية او عبر التهديد بالقتل وهذه السياسة كانت ترمي الى توطيد سلطة هذه النظام وجعل البعث الهوية التي تضرب على العراق بعد ان تغيب عن هذا البلد كل الهويات الاخرى ومنها واهمها الهوية الاسلامية ضمن مشروع استعماري كبير في المنطقة العربية والاسلامية ، وكان لهذا المشروع ان يمضي قدما لولا وقوف السيد الصدر بوجهه ، فقد كان لوقوفه الدور الريادي الاول الذي فضح من خلاله نوايا البعث التسلطية الاموية وكشف زيف اهدافه فشكلت هذه الوقفة خط المواجهة الاول مع اعتى نظام جبروتي عرفه التاريخ الحديث ....الشيء العظيم والخالد في هذه المواجهة هو طبيعة وشكل المنازلة الحاسمة التي اختارها سماحته مع هذا النظام ، فكل قائد ولأي ثورة يطمح ان يكون الغاية التي تحتوى مبادئ الثائرين ويكون المستهدف من زخم الثورة واندفاع الثوار لكن سماحته اراد ان تكون دمائه الجذوة التي يستعر منها لهيب الثورة ، وعلى هذا فان الاسباب التي دعت السيد الصدر الى هذا الشكل من المواجهة الحاسمة لم تكن ناتجة من رغبة معينة بل كانت من دواعي الثورة الاسلامية آن ذاك ..فهيمنة البعث أماتت الشعور العراقي الى درجة بعيدة ، الشعور بالمسؤولية اتجاه الاسلام واتجاه الامة فضلا عن الغفلة واللامبالاة ، وعلى هذا فان سماحته عزم ان تكون دمائه الطاهرة الشرارة التي توقض في ضمير الامة الاحساس بالمسؤولية والواجب الشرعي والاخلاقي ، وعلى كل حال هذا اللون من المواجهة هو عين المواجهة التي خاضها الإمام الحسين عليه السلام ضد بني امية .
واذا اردنا ان نعرج على جانب آخر من جوانب هذا الرجل العظيم فان العروج الى انجازه في محيط الحوزة العلمية لايقل عن المواجهة السياسية فرغم مرارة المعركة الفكرية والسياسية .. اعاد السيد محمد باقر الصدر كتابة علم الاصول مع ما يشكل هذا العلم في الحوزة من اثر فكري وعلمي باعتباره الاساس والروح التي تستمد منها الحوزة وجودها الفكري والفقهي على اساس وجوده المرتكز على استنباط الاحكام الشرعية والقواعد الفقهية... واعادة كتابة علم الاصوال في المذهب الإمامي تعني تأسيس قواعد فقهية يستنبط منها الحكم الشرعي وفق نمط يقوم على الارتكاز على ما جاء من السابقين لكن باسلوب تستكمل فيه الاصول المثالب من جهة ومن اخرى تنقيته من الاشكالات التي طرئت عليه اضافة الى توسيع مجموعة الاصول لتكون مرجعا اخر في استنباط الاحكام والوظائف الشرعية ، فكانت مدرسة الصدر الاصولية تعبر عن الكمال الفكري والفقهي والعلمي للمذهب الشيعي والمدرسة التي ينبثق منها عناصر الرقي والتطور بما يؤدي الى الوصول الى اقرب الطرق نحو ارادة المعصوم الشرعية والاخلاقية ، وليس هذا فحسب ففي هذه المدرسة اسست السلطة المعنوية والفعلية شرعا واخلاقا للمجتهد الجامع للشرائط وهي بذلك لها اكبر العلاقة بالمعركة السياسية التي خاضها السيد محمد باقر الصدر ..
وبعد ما تقدم قطرة من بحور المعرفة والجهاد لهذا السيد العظيم فكيف يمكن ان ينظر اليه الإمام المهدي عليه السلام ؟؟ بالحقيقة لايختلف اثنان ممن انجلت ظلمة الريب عن ضمائرهم وانفتحت بتحقيق المعرفة قلوبهم على ان السيد الصدر اقرب علمائنا الى قلب الإمام المهدي عليه السلام في عصر الغيبة الكبرى فقد استجمع في شخصيته ادوار عدة فكان الحسين عليه السلام في ساحة المواجهة مع البعث الصدامي وكان الصادق عليه السلام في رد الشبهات والاباطيل والاطروحات الفاسدة وكان الكاظم عليه السلام حينما ترك وحيدا يلاقي حتفه في غياهب المعتقلات البعثية الكافرة ، ومن اجل ذلك فان سماحته الممهد الاول والذي لا يشاركه في هذا المقام سوى عدد من علمائنا يعدون على عدد اصابع اليد الواحدة ومع اقتراب ذكرى استشهاده نطالب الحكومة بتخصيص نصب تذكارية في عدد من مدن العراق تحي ذكرى هذا الرجل العظيم ونطالب بانشاء مؤسسة حكومية تمارس البحث في فكر السيد الصدر ونستغل هذه المناسبة لنطالب كل المؤسسات الدولية التي تمنح الجوائز على اساس ما قدم من فكر ومن ثقافة ونطالبها بوضع السيد الصدر على لائحة المفكرين الذين قدموا للإنسانية افضل العلوم وارقاها ونطالبها بمنحه افضل الجوائز وارفعها ...
ان التأسي بسيرة السيد محمد باقر الصدر العطرة يجب ان يكون المنهاج الذي يعتمده كل مصلح ومؤمن في هذه الارض ، ولا اريد ان اجزم لكني ادرك تمام الإدراك ان حزن الإمام المهدي عليه السلام على السيد الصدر كحزنه على آبائه الطاهرين فاذا مات العالم انثلم الاسلام ثلمة لاتعوض الى يوم القيامة والسيد محمد باقر الصدر اجل علماء الشيعة ..
فأنا لله وانا الية راجعون
الاستاذ سمير كاظم
[/frame]


تعليق