بسم الله الرحمن الرحيم
ابو بكر خمار ومقامر
يهمنا النظر إلى ملكات الخليفة وما انحنت عليه أضالعه من علوم أو نفسيات حتى نعلم أنها هل تجعل له صلة بفضيلة ؟ أو تقرب مبوأه من التأهل لهاتيك المرويات ؟ أو تعين له حدا يكون التفريط منه إجحافا به ، وبخسا بحقه ، وتحطيما لمقامه ؟ أو يعرف الغلو بالإفراط فيه ؟ أما هو قبل الاسلام فلا نفيض عنه قولا لأن الاسلام يجب ما قبله ، فلا التفات إذن إلى ما جاء به عكرمة رضي الله تعالى عنه من قوله : كان أبو بكر رضي الله عنه يقامر أبي بن خلف وغيره من المشركين وذلك قبل أن يحرم القمار.
ذكره الإمام الشعرائي في كتابه كشف الغمة ج 2 : 154.
وقال الإمام أبو بكر الجصاص الرازي الحنفي المتوفى 370 في أحكام القرآن 1 : 388 : لا خلاف بين أهل العلم في تحريم القمار وإن المخاطرة من القمار ، قال ابن عباس : إن المخاطرة قمار وإن أهل الجاهلية كانوا يخاطرون على المال والزوجة وقد كان ذلك مباحا إلى أن ورد تحريمه ، وقد خاطر أبو بكر الصديق المشركين حين نزلت : آلم غلبت الروم.
كما لا يلتفت إلى ما ذكره أبو بكر الاسكافي في الرد على الرسالة العثمانية للجاحظ (1) من أن أبا بكر كان قبل إسلامه مذكورا ورئيسا معروفا ، يجتمع إليه كثير من أهل مكة فينشدون الأشعار ، ويتذاكرون الأخبار ، ويشربون الخمر ، و قد سمع دلائل النبوة وحجج الرسالة ، وسافر إلى البلدان ، ووصلت إليه الأخبار.
وأخرج الفاكهي في كتاب مكة بإسناده عن أبي القموص قال : شرب أبو بكر الخمر في الجاهلية (2) فأنشأ يقول : 1 ـ رسائل الجاحظ ص 34 ، شرح ابن أبي الحديد 3 ص 264.
2 ـ هذه الكلمة دخيلة في الرواية ، وذيل الرواية يكذبها أيضا وسنوقفك على التاريخ الصحيح.
تحيي أم بكر بالسلام وهل لي بعد قومك من سلام ؟
وذكره الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ص 66 فقال : هو مما تنكره القلوب.
فكأن الحكيم وجد الحديث دائرا سائرا في الألسن غير أنه رأى القلوب تنكره.
وذكره ابن حجر في الإصابة 4 : 22 فقال : واعتمد نفطويه على هذه الرواية فقال : شرب أبو بكر الخمر قبل أن تحرم ورثى قتلى بدر من المشركين.
وحديث أبي القموص هذا أخرجه الطبري في تفسيره 2 : 203 وفي طبعة 211 عن ابن بشار (1) عن عبد الوهاب (2) عن عوف (3) عن أبي القموص زيد بن علي (4) قال : أنزل الله عز وجل في الخمر ثلاث مرات ، فأول ما أنزل قال الله : يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما (5) قال : فشربها من المسلمين من شاء الله منهم على ذلك حتى شرب رجلان فدخلا في الصلاة فجعلا يهجران كلاما لا يدري عوف ما هو فأنزل الله عز وجل فيها : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون (6) فشربها من شربها منهم وجعلوا يتقونها عند الصلاة حتى شربها فيما زعم أبو القموص رجل فجعل ينوح على قتلى بدر : تحيي بالسلامة أم عمرو ذريني أصطبح بكرا فإني وود بنو المغيرة لو فدوه وهل لك بعد رهطك من سلام ؟ رأيت الموت نقب عن هشام بألف من رجال أو سوام 1 ـ الحافظ أبو بكر محمد بن بشار العبدي البصري. من رجال الصحاح الست.
2 ـ ابن عبد المجيد البصري. من رجال الصحاح الست.
3 ـ ابن أبي جميلة العبدي البصري. من رجال الصحاح الست.
4 ـ ثقة كما في تهذيب التهذيب 3 ص 420.
5 ـ سورة البقرة آية : 219.
6 ـ سورة النساء. آية : 43.
كأني بالطوي طوي بدر كأني بالطوي طوي بدر من الشيزى يكلل بالسنام من الفتيان والحلل الكرام قال : فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فزعا يجر رداءه من الفزع حتى انتهي إليه فلما عاينه الرجل فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كان بيده ليضربه قال : أعوذ بالله من غضب الله ورسوله والله لا أطعمها أبدا فأنزل الله تحريمها : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس (1) إلى قوله : فهل أنتم منتهون.
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إنتهينا. إنتهينا (2).
وأخرج البزار عن أنس بن مالك قال : كنت ساقي القوم تينا وزبيبا خلطناهما جميعا وكان في القوم رجل يقال له : أبو بكر فلما شرب قال : أحيي أم بكر بالسلام يحدثنا الرسول بأن سحتا وهل لك بعد قومك من سلام ؟ وكيف حياة أصل أو هشام (3) فبينا نحن كذلك والقوم يشربون إذ دخل علينا رجل من المسلمين فقال : ما تصنعون ؟ إن الله تبارك وتعالى قد نزل تحريم الخمر. الحديث.
وقال ابن حجر في فتح الباري 10 : 30 ، والعيني في عمدة القاري 20 : 84 : من المستغربات ما أورده ابن مردويه في تفسيره من طريق عيسى بن طهمان (4) عن أنس أن أبا بكر وعمر كانا فيهم.
وهو منكر مع نظافة سنده ، وما أظنه إلا غلطا.
وقد أخرج أبو نعيم في الحلية في ترجمة شعبة من حديث عائشة قالت : حرم أبو بكر الخمر على نفسه فلم يشربها في جاهلية ولا إسلام.
ويحمل أن كان محفوظا أن يكون أبو بكر وعمر زارا أبا طلحة في ذلك اليوم 1 ـ سورة المائدة. آية : 91.
2 ـ لا يخفى على القارئ أن الطبري حرف اسم أبي بكر وجعل مكانه : رجل. وحرف كلمة ( أم بكر ) في الشعر وبدلها بأم عمرو. صونا للكرامة.
3 ـ مجمع الزوائد 5 : 51.
4 ـ وثقه أحمد. وابن معين. وأبو حاتم. ويعقوب بن سفيان. وأبو داود. والحاكم. والدار قطني. تهذيب التهذيب 8 ص 216.
ولم يشربا معهم (1) ثم وجدت عند البزار من وجه آخر عن أنس قال : كنت ساقي القوم وكان في القوم رجل يقال له : أبو بكر فلما شرب قال : تحيي بالسلامة أم بكر ...... فدخل علينا رجل من المسلمين فقال : قد نزل تحريم الخمر. الحديث.
وأبو بكر هذا يقال له : ابن شغوب فظن بعضهم أنه أبو بكر الصديق وليس كذلك ولكن قرينة ذكر عمر تدل على عدم الغلط في وصف الصديق فحصلنا تسمية عشرة.
قال الأميني : ترى ابن حجر يتلعثم في ذكر الحديث ، فلا يدعه حبه للخليفة أن يقبله ، ولا تخليه صحته أن يصفح عنه ، فجاء يستغرب أولا ثم يستنكره مع الحكم بنظافة سنده ، ويظنه غلطا تارة ويراه محفوظا أخرى ، وبالأخير يأخذه صدق النبأ و صحته فيتخلص منه بالحكم بأن المذكور فيه هو أبو بكر الصديق بقرينة عمر ، فيعدهما من أحد عشر الذين كانوا يشربون الخمر في دار أبي طلحة.
وابن حجر يعلم بأن ما أخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث عايشة لا يقاوم هذا النبأ الثابت المروي بالطرق الصحيحة عن رجال الصحاح ، ذكر أبو نعيم حديثه في الحلية.
7 ص 160 من طريق عباد بن زياد الساجي عن ابن عدي عن شعبة عن محمد بن عبد الرحمن أبي الرجال عن أمه عمرة عن عائشة.
وقال : غريب من حديث شعبة لم نكتبه إلا من من حديث عباد بن أبي عدي.
وفيه : عباد بن زياد الساجي ، يتهم بالقدر.
قال موسى بن هارون : تركت حديثه ، و قال ابن عدي : هو من أهل الكوفة الغالين في التشيع له أحاديث مناكير في الفضائل.
عن أنس : إن القوم كانوا أحد عشر رجلا (1).
نادي الخمر هذا كان عام الفتح سنة ثمان من الهجرة بالمدينة المشرفة في دار أبي طلحة زيد بن سهل وكانت السقاية لأنس كما في صحيح البخاري كتاب التفسير في سورة المائدة في آية الخمر ، وفي صحيح مسلم في كتاب الأشربة باب تحريم الخمر وقال السيوطي في الدر المنثور 2 : 321 : أخرجه عبد بن حميد. وأبو يعلى. وابن المنذر ، وأبو الشيخ. وابن مردويه عن أنس.
وأخرجه أحمد في المسند 3 : 181 ، 227 والطبري في تفسيره 7 : 24 ، والبيهقي في السنن الكبرى 8 : 286 ، 290.
وابن كثير في تفسيره 2 : 93 ، 94.
وكان عدة الحضور في ذلك النادي كما مرت عن معمر وقتادة أحد عشر رجلا ذكر منهم ابن حجر في فتح الباري 10 : 30 عشرة أنفس وقال كما مر ص 98 : فحصلنا تسمية عشرة وهم :
1 ـ أبو بكر بن أبي قحافة. وكان يوم ذاك ابن ثمان وخمسين سنة.
2 ـ عمر بن الخطاب. وكان يوم ذاك ابن خمس وأربعين سنة.
3 ـ أبو عبيدة الجراح. وكان ابن ثمان وأربعين سنة.
4 أبو طلحة زيد بن سهل صاحب النادي ، وكان له أربع وأربعون سنة ، قال ابن الجوزي في الصفوة 1 : 191 : توفي سنة أربع وثلاثين وهو ابن سبعين سنة.
5 ـ سهيل بن بيضاء. توفي بعد القضية بسنة وهو كبير السن.
6 ـ أبي بن كعب.
7 ـ أبو دجانة سماك بن خرشة.
8 ـ أبو أيوب الأنصاري.
9 ـ أبو بكر بن شغوب.
10 ـ أنس بن مالك ساقي القوم ، كان يوم ذاك ابن ثمانية عشر عاما على الأصح وفي صحيحة مسلم في الأشربة في باب تحريم الخمر ، والبيهقي في السنن 8 : 29 عن أنس أنه قال : إني لقائم أسقيهم وأنا أصغرهم. 1 ـ فتح الباري 10 ص 30 ، عمدة القاري 10 ص 84.
وقد عزب عن ابن حجر حادي عشر القوم وهو : معاذ بن جبل.
كما ورد في حديث قتادة عن أنس ، أخرجه ابن جرير في تفسيره 7 : 24 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 5 52 ، والعيني في عمدة القاري 8 : 589 ، والسيوطي في الدر المنثور 2 : 321 نقلا عن ابن جرير وأبي الشيخ وابن مردويه ، والنووي في شرح مسلم هامش إرشاد القسطلاني 8 : 232.
وكان معاذ يوم ذاك ابن ثلاث وعشرين سنة إذ توفي سنة 18 وله 33 عاما كما ذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة.
وهؤلاء المذكورين من الذين كانوا يشربون الخمر بعد نزول الآيتين فيها بتأويل فيهما كما مر في الجزء السادس 251 ط 2 ، إلى أن نزل آية المائدة : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان. إلى قوله تعالى : فهل أنتم منتهون.
وكان ذلك في عام الفتح فلما رأوا غضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلموا من الآية الثلاثة التحذير والوعيد إنتهوا وقال عمر : إنتهينا إنتهينا.
قال الآلوسي في تفسيره 2 : 115 : شربها كبار الصحابة رضي الله عنهم بعد نزولها ( يعني آية الخمر في البقرة ) وقالوا : إنما نشرب ما ينفعنا ولم يمتنعوا حتى نزلت آية المائدة.
وأخرج ابن أبي حاتم من حديث أنس أنه قال : كنا نشرب الخمر فأنزلت : يسألونك عن الخمر والميسر. الآية.
فقلنا : نشرب منها ما ينفعنا.
فأنزلت في المائدة : إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس. الآية.
فقالوا : أللهم قد انتهينا (1).
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء أنه قال : أول ما نزل في تحريم الخمر ( يسألونك عن الخمر والميسر ) الآية فقال بعض الناس : نشربها لمنافعها التي فيها.
وقال آخرون لا خير في شيء فيه إثم ثم نزل ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) الآية ، فقال بعض الناس : نشربها ونجلس في بيوتنا.
وقال آخرون : لا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة مع المسلمين.
فنزلت ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر الآية ) فانتهوا (2). 1 ـ الدر المنثور 1 : 252 ، تفسير الشوكاني 1 : 197.
2 ـ تفسير الآلوسي 7 ص 17
ابو بكر خمار ومقامر
يهمنا النظر إلى ملكات الخليفة وما انحنت عليه أضالعه من علوم أو نفسيات حتى نعلم أنها هل تجعل له صلة بفضيلة ؟ أو تقرب مبوأه من التأهل لهاتيك المرويات ؟ أو تعين له حدا يكون التفريط منه إجحافا به ، وبخسا بحقه ، وتحطيما لمقامه ؟ أو يعرف الغلو بالإفراط فيه ؟ أما هو قبل الاسلام فلا نفيض عنه قولا لأن الاسلام يجب ما قبله ، فلا التفات إذن إلى ما جاء به عكرمة رضي الله تعالى عنه من قوله : كان أبو بكر رضي الله عنه يقامر أبي بن خلف وغيره من المشركين وذلك قبل أن يحرم القمار.
ذكره الإمام الشعرائي في كتابه كشف الغمة ج 2 : 154.
وقال الإمام أبو بكر الجصاص الرازي الحنفي المتوفى 370 في أحكام القرآن 1 : 388 : لا خلاف بين أهل العلم في تحريم القمار وإن المخاطرة من القمار ، قال ابن عباس : إن المخاطرة قمار وإن أهل الجاهلية كانوا يخاطرون على المال والزوجة وقد كان ذلك مباحا إلى أن ورد تحريمه ، وقد خاطر أبو بكر الصديق المشركين حين نزلت : آلم غلبت الروم.
كما لا يلتفت إلى ما ذكره أبو بكر الاسكافي في الرد على الرسالة العثمانية للجاحظ (1) من أن أبا بكر كان قبل إسلامه مذكورا ورئيسا معروفا ، يجتمع إليه كثير من أهل مكة فينشدون الأشعار ، ويتذاكرون الأخبار ، ويشربون الخمر ، و قد سمع دلائل النبوة وحجج الرسالة ، وسافر إلى البلدان ، ووصلت إليه الأخبار.
وأخرج الفاكهي في كتاب مكة بإسناده عن أبي القموص قال : شرب أبو بكر الخمر في الجاهلية (2) فأنشأ يقول : 1 ـ رسائل الجاحظ ص 34 ، شرح ابن أبي الحديد 3 ص 264.
2 ـ هذه الكلمة دخيلة في الرواية ، وذيل الرواية يكذبها أيضا وسنوقفك على التاريخ الصحيح.
تحيي أم بكر بالسلام وهل لي بعد قومك من سلام ؟
الأبيات
فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام يجر إزاره حتى دخل فتلقاه عمر وكان مع أبي بكر فلما نظر إلى وجهه محمرا قال : نعوذ بالله من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله لا يلج لنا رأسا أبدا ، فكان أول من حرمها على نفسه. وذكره الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ص 66 فقال : هو مما تنكره القلوب.
فكأن الحكيم وجد الحديث دائرا سائرا في الألسن غير أنه رأى القلوب تنكره.
وذكره ابن حجر في الإصابة 4 : 22 فقال : واعتمد نفطويه على هذه الرواية فقال : شرب أبو بكر الخمر قبل أن تحرم ورثى قتلى بدر من المشركين.
وحديث أبي القموص هذا أخرجه الطبري في تفسيره 2 : 203 وفي طبعة 211 عن ابن بشار (1) عن عبد الوهاب (2) عن عوف (3) عن أبي القموص زيد بن علي (4) قال : أنزل الله عز وجل في الخمر ثلاث مرات ، فأول ما أنزل قال الله : يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما (5) قال : فشربها من المسلمين من شاء الله منهم على ذلك حتى شرب رجلان فدخلا في الصلاة فجعلا يهجران كلاما لا يدري عوف ما هو فأنزل الله عز وجل فيها : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون (6) فشربها من شربها منهم وجعلوا يتقونها عند الصلاة حتى شربها فيما زعم أبو القموص رجل فجعل ينوح على قتلى بدر : تحيي بالسلامة أم عمرو ذريني أصطبح بكرا فإني وود بنو المغيرة لو فدوه وهل لك بعد رهطك من سلام ؟ رأيت الموت نقب عن هشام بألف من رجال أو سوام 1 ـ الحافظ أبو بكر محمد بن بشار العبدي البصري. من رجال الصحاح الست.
2 ـ ابن عبد المجيد البصري. من رجال الصحاح الست.
3 ـ ابن أبي جميلة العبدي البصري. من رجال الصحاح الست.
4 ـ ثقة كما في تهذيب التهذيب 3 ص 420.
5 ـ سورة البقرة آية : 219.
6 ـ سورة النساء. آية : 43.
كأني بالطوي طوي بدر كأني بالطوي طوي بدر من الشيزى يكلل بالسنام من الفتيان والحلل الكرام قال : فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فزعا يجر رداءه من الفزع حتى انتهي إليه فلما عاينه الرجل فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كان بيده ليضربه قال : أعوذ بالله من غضب الله ورسوله والله لا أطعمها أبدا فأنزل الله تحريمها : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس (1) إلى قوله : فهل أنتم منتهون.
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إنتهينا. إنتهينا (2).
وأخرج البزار عن أنس بن مالك قال : كنت ساقي القوم تينا وزبيبا خلطناهما جميعا وكان في القوم رجل يقال له : أبو بكر فلما شرب قال : أحيي أم بكر بالسلام يحدثنا الرسول بأن سحتا وهل لك بعد قومك من سلام ؟ وكيف حياة أصل أو هشام (3) فبينا نحن كذلك والقوم يشربون إذ دخل علينا رجل من المسلمين فقال : ما تصنعون ؟ إن الله تبارك وتعالى قد نزل تحريم الخمر. الحديث.
وقال ابن حجر في فتح الباري 10 : 30 ، والعيني في عمدة القاري 20 : 84 : من المستغربات ما أورده ابن مردويه في تفسيره من طريق عيسى بن طهمان (4) عن أنس أن أبا بكر وعمر كانا فيهم.
وهو منكر مع نظافة سنده ، وما أظنه إلا غلطا.
وقد أخرج أبو نعيم في الحلية في ترجمة شعبة من حديث عائشة قالت : حرم أبو بكر الخمر على نفسه فلم يشربها في جاهلية ولا إسلام.
ويحمل أن كان محفوظا أن يكون أبو بكر وعمر زارا أبا طلحة في ذلك اليوم 1 ـ سورة المائدة. آية : 91.
2 ـ لا يخفى على القارئ أن الطبري حرف اسم أبي بكر وجعل مكانه : رجل. وحرف كلمة ( أم بكر ) في الشعر وبدلها بأم عمرو. صونا للكرامة.
3 ـ مجمع الزوائد 5 : 51.
4 ـ وثقه أحمد. وابن معين. وأبو حاتم. ويعقوب بن سفيان. وأبو داود. والحاكم. والدار قطني. تهذيب التهذيب 8 ص 216.
ولم يشربا معهم (1) ثم وجدت عند البزار من وجه آخر عن أنس قال : كنت ساقي القوم وكان في القوم رجل يقال له : أبو بكر فلما شرب قال : تحيي بالسلامة أم بكر ...... فدخل علينا رجل من المسلمين فقال : قد نزل تحريم الخمر. الحديث.
وأبو بكر هذا يقال له : ابن شغوب فظن بعضهم أنه أبو بكر الصديق وليس كذلك ولكن قرينة ذكر عمر تدل على عدم الغلط في وصف الصديق فحصلنا تسمية عشرة.
قال الأميني : ترى ابن حجر يتلعثم في ذكر الحديث ، فلا يدعه حبه للخليفة أن يقبله ، ولا تخليه صحته أن يصفح عنه ، فجاء يستغرب أولا ثم يستنكره مع الحكم بنظافة سنده ، ويظنه غلطا تارة ويراه محفوظا أخرى ، وبالأخير يأخذه صدق النبأ و صحته فيتخلص منه بالحكم بأن المذكور فيه هو أبو بكر الصديق بقرينة عمر ، فيعدهما من أحد عشر الذين كانوا يشربون الخمر في دار أبي طلحة.
وابن حجر يعلم بأن ما أخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث عايشة لا يقاوم هذا النبأ الثابت المروي بالطرق الصحيحة عن رجال الصحاح ، ذكر أبو نعيم حديثه في الحلية.
7 ص 160 من طريق عباد بن زياد الساجي عن ابن عدي عن شعبة عن محمد بن عبد الرحمن أبي الرجال عن أمه عمرة عن عائشة.
وقال : غريب من حديث شعبة لم نكتبه إلا من من حديث عباد بن أبي عدي.
وفيه : عباد بن زياد الساجي ، يتهم بالقدر.
قال موسى بن هارون : تركت حديثه ، و قال ابن عدي : هو من أهل الكوفة الغالين في التشيع له أحاديث مناكير في الفضائل.
( تهذيب التهذيب 5 : 294 )
وفيه : شعبة عن محمد بن عبد الرحمن أبي الرجال قال الخطيب : هذا وهم شعبة لم يرو عن أبي الرجال شيئا ، وكذلك من قال فيه عن شعبة عن محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة. ( تهذيب التهذيب 9 : 295 )
وقال ابن حجر والعيني : وقع عند عبد الرزاق عن معمر بن ثابت وقتادة وغيرهما 1 ـ هنا ينتهي كلام العيني والبقية كلمة ابن حجر فحسب. عن أنس : إن القوم كانوا أحد عشر رجلا (1).
نادي الخمر هذا كان عام الفتح سنة ثمان من الهجرة بالمدينة المشرفة في دار أبي طلحة زيد بن سهل وكانت السقاية لأنس كما في صحيح البخاري كتاب التفسير في سورة المائدة في آية الخمر ، وفي صحيح مسلم في كتاب الأشربة باب تحريم الخمر وقال السيوطي في الدر المنثور 2 : 321 : أخرجه عبد بن حميد. وأبو يعلى. وابن المنذر ، وأبو الشيخ. وابن مردويه عن أنس.
وأخرجه أحمد في المسند 3 : 181 ، 227 والطبري في تفسيره 7 : 24 ، والبيهقي في السنن الكبرى 8 : 286 ، 290.
وابن كثير في تفسيره 2 : 93 ، 94.
وكان عدة الحضور في ذلك النادي كما مرت عن معمر وقتادة أحد عشر رجلا ذكر منهم ابن حجر في فتح الباري 10 : 30 عشرة أنفس وقال كما مر ص 98 : فحصلنا تسمية عشرة وهم :
1 ـ أبو بكر بن أبي قحافة. وكان يوم ذاك ابن ثمان وخمسين سنة.
2 ـ عمر بن الخطاب. وكان يوم ذاك ابن خمس وأربعين سنة.
3 ـ أبو عبيدة الجراح. وكان ابن ثمان وأربعين سنة.
4 أبو طلحة زيد بن سهل صاحب النادي ، وكان له أربع وأربعون سنة ، قال ابن الجوزي في الصفوة 1 : 191 : توفي سنة أربع وثلاثين وهو ابن سبعين سنة.
5 ـ سهيل بن بيضاء. توفي بعد القضية بسنة وهو كبير السن.
6 ـ أبي بن كعب.
7 ـ أبو دجانة سماك بن خرشة.
8 ـ أبو أيوب الأنصاري.
9 ـ أبو بكر بن شغوب.
10 ـ أنس بن مالك ساقي القوم ، كان يوم ذاك ابن ثمانية عشر عاما على الأصح وفي صحيحة مسلم في الأشربة في باب تحريم الخمر ، والبيهقي في السنن 8 : 29 عن أنس أنه قال : إني لقائم أسقيهم وأنا أصغرهم. 1 ـ فتح الباري 10 ص 30 ، عمدة القاري 10 ص 84.
وقد عزب عن ابن حجر حادي عشر القوم وهو : معاذ بن جبل.
كما ورد في حديث قتادة عن أنس ، أخرجه ابن جرير في تفسيره 7 : 24 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 5 52 ، والعيني في عمدة القاري 8 : 589 ، والسيوطي في الدر المنثور 2 : 321 نقلا عن ابن جرير وأبي الشيخ وابن مردويه ، والنووي في شرح مسلم هامش إرشاد القسطلاني 8 : 232.
وكان معاذ يوم ذاك ابن ثلاث وعشرين سنة إذ توفي سنة 18 وله 33 عاما كما ذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة.
وهؤلاء المذكورين من الذين كانوا يشربون الخمر بعد نزول الآيتين فيها بتأويل فيهما كما مر في الجزء السادس 251 ط 2 ، إلى أن نزل آية المائدة : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان. إلى قوله تعالى : فهل أنتم منتهون.
وكان ذلك في عام الفتح فلما رأوا غضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلموا من الآية الثلاثة التحذير والوعيد إنتهوا وقال عمر : إنتهينا إنتهينا.
قال الآلوسي في تفسيره 2 : 115 : شربها كبار الصحابة رضي الله عنهم بعد نزولها ( يعني آية الخمر في البقرة ) وقالوا : إنما نشرب ما ينفعنا ولم يمتنعوا حتى نزلت آية المائدة.
وأخرج ابن أبي حاتم من حديث أنس أنه قال : كنا نشرب الخمر فأنزلت : يسألونك عن الخمر والميسر. الآية.
فقلنا : نشرب منها ما ينفعنا.
فأنزلت في المائدة : إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس. الآية.
فقالوا : أللهم قد انتهينا (1).
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء أنه قال : أول ما نزل في تحريم الخمر ( يسألونك عن الخمر والميسر ) الآية فقال بعض الناس : نشربها لمنافعها التي فيها.
وقال آخرون لا خير في شيء فيه إثم ثم نزل ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) الآية ، فقال بعض الناس : نشربها ونجلس في بيوتنا.
وقال آخرون : لا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة مع المسلمين.
فنزلت ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر الآية ) فانتهوا (2). 1 ـ الدر المنثور 1 : 252 ، تفسير الشوكاني 1 : 197.
2 ـ تفسير الآلوسي 7 ص 17
تعليق