مقال جميل وقد ابدع فيه المرواني
أيها الشيعي !!! اشتم إيران كي تثبت ولائك للعروبة
كتابات - راسم المرواني
في رحلتي الأخيرة إلى إيران ، ولغرض إجراء عملية جراحية لعيوني التي استهلكتها شاشة (الكومبيوتر) ، تعرفت في الطريق (بين مهران وقم) إلى عائلة عراقية (رجل وزوجه وابنته) من أهالي (الصالحية) ببغداد ، وغريب أن الرجل ذاهب إلى إيران لإجراء عملية جراحية في عيونه أيضاً ، وبسبب طول الطريق ، كان لابد من فتح باب الحوار ، والتعارف ، وشاءت الأقدار أن يتعرف على اسمي الكامل وهو كما يعرفه أغلب القراء (راسم محمد إسماعيل) .
وبدأ بعدها رب العائلة (والعائلة تراقب) بالتعرف على منطقتي التي توحي بأن أغلبية سكانها من أخوتنا من أهل السنة (ربما لأنها فايخة) ، وهو انطباع مكتنز في ذاكرة العراقيين أن أغلب المناطق المترفة تسكنها طائفة معينة من الناس ، وهو ما لا أقر به ، ولا أجد دليلاً عليه .
وشيئاً فشيئاً تصورت هذه العائلة أنني من أهل السنة العراقيين ، أعانها على تصوراتها أنني لا أحب أن أذكر انتمائي الطائفي ، مضافاً إليها أن الرجل – رب العائلة - كان متوجساً من ذكر طائفته كونه سيدخل دولة شيعية ، ولذا ، فقد بقيت ذاكرة الجميع مكتنزة بأننا جميعاً ننتمي لأهل السنة .
كان السائق إيرانياً فارسياً لا يجيد اللغة العربية من قريب أو من بعيد ، ولذلك ، انفتح الرجل وعائلته أيما انفتاح ، وبدئوا يبثون تذمرهم من إيران وأهلها ، وكان أن قال الرجل :-
- والله يا أخي هذولة الإيرانيين كلاب ...بس شنسوي ؟ مجبورين نتعالج عدهم
فبدرته متسائلاً
- تقصد الإيرانيين ؟ ....لو الشيعة ؟
فاختصر الجواب بسؤال غريب قائلاً :-
- وشنو الفرق ؟؟ .
وليعلم القراء ، إنني أجريت عمليتي الجراحية على حسابي الخاص ، مع استحقاق (من المعيب والمخجل أن أذكر تفاهة مقداره أو أتجاوز بركته) استلمته من (اللجنة العشارية) في مكتب السيد الشهيد الصدر (قده) في النجف الأشرف ، وبعد مداولات ومحاولات ومناقشات ، (وجيب التقارير الطبية ، وودي التقارير الطبية) ، منوهاً إلى أنه لم تقم إيران ولا أفغانستان ولا الباكستان ولا معممستان ولا مرجعيستان ولا مكاتب (العلماء ستان) بمعالجتي مجاناً ، ولم ألتق – في إيران - بأحد غريب أو طارئ غير أخوتي من الصدريين ، ومن المقاومين (المغلوب على أمرهم) من جيش الإمام المهدي الذين أعرفهم ويعرفونني ، ولا أجد من داعي أن أحلف (بالعباس أبو راس الحار) أو أحلف (بالشيخ عبد القادر الكيلاني) ليصدق البعض .
في إيران ، وأثناء مراجعاتي للأطباء ، كان كل شئ يدور على أنني حالة (مرضية) فقط ، ولم يسألني أحد عن انتمائي العرقي أو الطائفي ، بل نادراً ما كان أحدهم يسألني عن بلدي بسبب عدم اتقاني للغة الفارسية ، فأقول له عراقي ، وينتهي الموضوع ، ولم يدقق أحد باسمي إن كان فيه (علي أو عمر أبو باقر أو عثمان) وهذا خلاف ما تفعله معنا أغلب الدول العربية ، حتى حين ندخلها كـ (وفود رسمية) أو كمشاركين في المهرجانات والمؤتمرات ، وحين تدقق (الأجهزة العربية الأمنية) في جوازات سفرنا للتأكد من الاسم أو المنشأ (المحافظة) ، وليس من المستبعد أن يسألك ضابط الجوازات في مطارات وحدود هذه الدول العربية وبكل جرأة ووقاحة وتسافل وانحطاط :- (أنت شيعي لو سني؟) كما حصل معي – شخصياً - في مطار القاهرة ومطار عمان .
الرجل وعائلته الذين كانوا معي في السيارة ، لم يدخروا نقداً أو شتيمة أو انتقاصة لم يذكروها ، بل انتقدوا سعر الطعام ، وعدم شواء (الطماطة) من قبل (الكببجي) بشكل جيد ، وانتقدوا إيران الشيعية لأنها لم تحد من ظاهرة (عدم وجود الخبز الحار) في المطاعم ، واعتبروها شيمة (فارسية) شيعية رافضية ، وعلى مدى الساعات الطوال في الطريق بين مهران و (قم) .
ولكن ، قبيل أن نصل إلى (قم) المقدسة ، اتصلت(أنا) بأحد الأخوة الصدريين البصريين ، وكان من السادة ، فحاورته بتقديس فوق (العادة) ، وكررت معه كلمة (سيدنا ، سيدنا، سيدنا) لكي أضمن مبيتي عنده تلك الليلة ، ولأنني لست ضامناً لموقف (الأحبة) الذين لم يستسيغوا حتى (لقائي) رغم أنني كنت أحلم أن أعيش بواحاتهم (الخضراء) وأشم بينهم عطر زهر الياسمين .
المهم أنني راهنت على هذا الصديق (السيد) ، كي أبيت عنده ليلة وصولي ، ثم أبدأ بعدها بالبحث عن مكان للإقامة ، وهنا ، بدا لرفقائي في السيارة - من سلامي ولغتي وحواري مع صديقي - أنني شيعي ، وهنا بدت سحنة الاصفرار على وجوه أفراد العائلة ، ولكنني لم أفتح بعدها معهم أي موضوع ، مداراة لمشاعرهم ، وكي أخفف عنهم حجم الحرج الذي انتابهم بعد أن عرفوا بأني مسلم ، ولكن إسلامي ناقص وغير معترف به من قبل (منظمة حقوق الإنسان ) وهيئة (رعاية الرفق بالحيوان) ومنظمة (المؤتمر الإسلامي والإلزامي) كوني إنسان (شيعي) وأحتاج لإثبات انتمائي للإسلام والعروبة ، بل وللإنسانية .
كل القراء القدامى ، والمتابعين لفكري ولمقالاتي يعرفون بأنني لست طائفياً ، وأمقت أي داعية للطائفية من السنة والشيعة ، وأكره حتى عصابات التطرف المسيحية واليهودية ، ولا أجد أجمل من مقولة أمير المؤمنين علي (ع) حين يقول :- (الناس صنفان ..إما أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق) وهو رائدي في فهم نظرائي في الخليقة ، وشركائي في الإنسانية ، وعليه ، فملخص الـ (C.V) الخاص بي ينص على إنني (إنساااااااااااااااااااااااان) قبل كل شئ ، وعربي ، ومسلم ، وشيعي ، وكل هذا لا يمنحني صلاحية أن أنتقص من غيري ، ولا يعطيني الحق في أن أعتبر نفسي فوق المخلوقات ، وبالطبع فإني تعلمت أن أؤمن وألتزم بكل ما جاء به (أشرف خلق الله) رسول الله (ص) ، ولا أفعل فعل البعض حين (يؤمنون بقليل من الكتاب وكثيراً ينبذون وراء ظهورهم) لأسباب (طائفية أو مذهبية أو سياسية أو اقتصادية أو استثمارية) أو مناطقية ، بل أؤمن بكل ما جاء على لسان أبي القاسم المصطفى (روحي وأرواح العالمين له الفدا) حين يعلمني بأن :- (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) ، ومعناه بنفس الوقت أن لا فضل لأعجمي على عربي ، وأن لا فضل لعربي على أعجمي إلا بمقدار الانتماء إلى الإنسانية .
ومن أغرب الغرائب ، إنني جربت – بحكم كوني مستشاراً ثقافياً لمنهج شيعي ، ومن دعاة (الوحدة) التي يأمرني بها (قائدي) ولا أجد لها فاعلية أو جدوى - حين أكتب مقالة أدين بها الاحتلال الأمريكي ، وأندد عبرها بالصهاينة ، وأنشرها عبر المواقع الإلكترونية (الإسلامبة التكفيرية) رغبة مني في التواصل والتوافق الذي أشك في جدواه ((راجع كتابي الموسوم ....صناعة الآلهة عند الموحدين)) أجد وصول الكثير من الرسائل والمداخلات والتعليقات .
بعضها يشتمني لأنني (شيعي ، إيراني ، صفوي) وعميل لأمريكا ، وأنا من سهلت دخول الأمريكان للعراق ، وكأنني قائد من أهل (العوجة) في الجيش العراقي ، أو كأنني بعت الخرائط والإحداثيات للأمريكان كما فعل كبار الضباط والقادة العسكريين العراقيين .
وبعضها يتهمني بالولاء للسلطة الجديدة (الشيعية العراقية العميلة لأمريكا) ، متناسياً أن أغلب الأنظمة العربية هي ذيول وعملاء لأمريكا وإن كانت لا تنتمي لمذهب الشيعة والتشيع ، وكأنني مضطر لأحمل أوزار كل الأنظمة العربية .
وبعضها يستنكر علي أنني أشتم الاحتلال ولا أشتم (إيران) ، وبعضها يطالبني بـ (شتم إيران) قبل شتم إسرائيل وأمريكا ، وكأن مصداق الانتماء للعروبة هو البراءة من إيران ، ومصداق الانتماء للإسلام هو شتم (إيران) ، ومصداق الهوية الوطنية هو صب اللعنات على (إيران) .
وفي أحد المواقع الالكترونية ، نشرت مقالة عن جرائم قوات الاحتلال وانتهاكها لحقوق الإنسان ، وأثنيت فيها على بطولات جيش الإمام المهدي والمقاومة العراقية الشريفة ، وضرباتهم الموجعة لقوات الاحتلال ، فجاء التعقيب من أحد (المتفيقهين) العربان الذين كان أجدادهم سبباً في إيذاء رسول الله (ص) وهجرته من مكة الى المدينة ، ليدون تعقيبه قائلاً ((النصر لأخوتنا المجاهدين في العراق ، والخزي والعار للرافضة الصفويين وأتباع مقتدى الكافر)) ، وتوالت بعدها التعقيبات والشتائم ، حتى زكموا أنفي بالعبارات (الآسنة) ، وحتى كدت أتقيأ من ألفاظهم النتنة .
أليس من الغريب أنني أشتم أمريكا وإسرائيل ، فيعقب العشرات من الفلسطينيين والمصريين والجزائريين والتونسيين واليمنيين والسعوديين وغيرهم من العرب (العاربة والغاربة) على مقالتي بالسلب والسب ، ويشتمونني لأنني شيعي و (رافضي) وعميل و .... و....... و...... ؟
أليس من الغريب أن أثني على أخوتي وأحبتي المقاومين من أهل السنة في العراق ، فيشتمني الكثير من (السنة العَرَب) من المصابين بالجَرَب ، لأنني (شيعي) ، ويتهمونني بأن يدي ملطخة بدماء (السنة) العراقيين لمجرد أنني شيعي ؟
أليس من المستهجن أن أنشر مقالاً أدعو فيه للوحدة والأخوة ، فيبادرني أحدهم بالتعليق على مقالتي متهماً إياي بأنني أمارس دور (التقية) وأقتل أهل السنة ؟
أليس من غير المنصف أن يكون أخي (السني) في العراق متحداً معي ، ومتوافقاً معي ، وبيني وبينه نسابة وقرابة ، بينما يأتي (سني عربي) أحمق متطرف طائفي ليتخرص على الشيعة العراقيين ، ويلوك كرامتي بلسانه (العفن) لأنني شيعي ؟
أليس من المزعج أن أتحدث عن (أصالة عروبتي) التي تثبتها الوثائق والتشجيرات والمصنفات (رغم أنف الراغم) العربي والأجنبي ، فيأتي شخص من الوطن العربي ، مقضوم الأنف (كالسلاجقة) ، أو معشوشب الشعر كالفراعنة ، أو مزرورق العنيين كالإفرنج ، أو معذوذب السحنة كأسلافه من غزاة فلسطين إبان الحروب الصليبية ، أو تراه مترف الوجناة كأجداده (الصيد) من ممن احتلوا وطننا العربي بعد الحربين العالميتين ، وهو (منغمس بالعمالة حد الثمالة) ، ولا يعد من أجداده أكثر من ثلاثة ، ليتهمني بالهجن والتلقيح وضياع النسب لمجرد أنني شيعي ؟
أليس من الباطل أن توظف آلاف الدولارات (الأمريكية) ، في آلاف المواقع الالكترونية الإسلامية ، لتحشد آلاف المقالات (التكفيرية) ، فقط لشتم الشيعة والتشيع ، وحين نرد (بأدب ولياقة وحكمة وموعظة حسنة) على شتائمهم ، فهم يختارون أحد الطريقين ، لينالوا إحدى الحسنيين ، فإما أن يحجبوا ردودنا كما هو الحال في المواقع (البعث – قاعدية) أو يتهموننا بشتى التهم لأننا ندافع عن مذهبنا ؟
في سوريا ، قبل عامين ، وربما (ثلاثة أعوام) ، التقيت بصديق لي (أستاذ جامعي في جامعة تشرين) ، ومثقف ، وشاعر ، وناقد أدبي ، وكان (قضماني) السحنة ، وكان بصحبتنا مجموعة من الأدباء والمثقفين السوريين ، فسألني كالعادة :-
- من يقتل أهل السنة في العراق ؟
فقلت له :-
- (القتلة هم من المتطرفين الشيعة العاملين لأجندات خارجية ، لا تخرج عن كونها أمريكية)
فارتاح صديقي وبانت عليه علامات الغضاضة والبشر ، فبدرته قائلاً :-
- ولكنك لم تسألني من يقتل الشيعة في العراق ؟ ومن يفجر المفخخات في أسواقهم ؟ ومن يذبح شبابهم على الطريق بين سوريا والعراق ؟
فامتعض هو ومن معه في الجلسة التي كنت أراها (حميمية) ، ورد علي بشكل غريب ، قائلاً :-
- لا تكن طائفياً يا صديقي .
لا أعرف بالضبط ، لماذا يريد البعض أن يسلخني من هويتي ويتهمني بالصفوية و (الأعجمية) لمجرد أنني شيعي ومن أتباع أهل البيت (العرب الأقحاح) الذين طأطأت لهم رؤوس العرب والعجم ، ودخلوا في مذهبهم ، والذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ؟
ولا أعرف ... لماذا (ينرعص) البعض ..أو (ينبعــــ) ، حين يقرأ في خاتمة المقالة أنني أنتمي لمكتب السيد الشهيد الصدر ؟
ولا أعرف بالضبط ... لماذا ينبغي علي أن أشهر سيفي بوجه (إيران) وأشتمها ثلاث مرات يومياً (قبل الأكل أو بعده ، حسب وصفة الشيخ ابن باز) ، ليقر الشارع العربي السني بأنني مسلم وعربي ؟
ولا أعرف ... لماذا يجبرني البعض على الصمت عن جرائم التكفيريين الذين أذاقوا العراقيين من (السنة والشيعة) الأمرين لأثبت أنني لست طائفياً ، ولا منتمياً للأجندة الصفوية ؟
ولا أعرف ... لماذا يجب أن أشتم حزب الله وحسن نصر الله (كما فعل الشيخ ابن جبرين ، إبان حرب تموز ضد الصهاينة) لمجرد أنهم متعاونون مع إيران ، كي أثبت للبعض أنني مسلم عربي ؟
ولا أعرف ... لماذا يجب أن أصفح وأتغاضى وأخرس ولا أرد على الفتاوى التكفيرية (الرسمية وشبه الرسمية) الحاقدة التي يروجها أئمة الكفر والبغي في السعودية ومصر ومن سار في ركبها ضد الشيعة والتشيع كي أثبت أنني مسلم ، وعربي ؟
ولست أعرف ... لماذا يجب أن أوجه فوهة بندقيتي إلى صدر إيران (الشيعية) لمجرد أنها شيعية ، كي أرضي الكلاب السائبة التي تناكح وتضاجع يهود الصهيونية ، بينما تردد في محافلها ، وفوق منابرها (الجمعوية التيمية الوهابية) الآسنة ، بأن الشيعة (أخطر على الإسلام من اليهود) ؟ .
ولا أفهم من قولهم – هذا - غير معنىً واحداً ، هو أن (أهل البيت وأتباعهم) أخطر على الإسلام من اليهود ، وهذا ما عبروا عنه عبر فتاواهم اللاحقة ، وعبر سلوكياتهم السابقة ، في زمن (أئمتهم) من بني أمية ، بشتمهم لعلي وآل البيت فوق المنابر لأعوام نافت على السبعين عاماً ، واعتبروا شتم علي وأولاده (سنـّة) .
ولذا ، حين نسي أحد الخطباء (شتم علي وفاطمة وأولادهما) في خطبة الجمعة , قام له قائم من المصلين ، ليذكره بالسنـّة ، قائلاً :-
- أيها الخطيب !! لقد نسيت السنـّة
وهنا انتبه الخطيب ، واستعاذ (بالله) من الخطأ والنسيان ، وأتم (السنـّة) حين شتم علياً وولده وزوجه ...وهنيئاً لهؤلاء سنتهم هذي .
ولست أستغرب هذا ، فخلفائهم (الفاسقون) قتلوا أهل البيت ؟ ولم ينتبهوا لعوراتهم المكشوفة أما أعداء الإسلام والإنسانية ، ربما لأنهم – بالوراثة – أعداء للدين والإنسانية .
العقل والمنطق والدين يفرض علينا أن نتعامل مع إيران على أنها جارة مسلمة ومؤثرة ، ولها الحق في أن تبني نفسها وسط هذا الصخب واللهاث التسلحي ، وأن تحمي نفسها من الذين يخشون مفاعلها النووي ولا يخشون مفاعل (إسرائيل) .
ولذا ، علينا أن لا نلتفت لأي نباح يريد أن يمنع القافلة من المسير ، وليس من المعيب أن نستفيد من تجربة إيران السياسية والعلمية والاقتصادية ، طالما أن الرسول الأعظم أمرنا بطلب العلم (ولو في الصين) وهو (ص) يعلم علم اليقين أن الصين وثنية ، بيد أن إيران مسلمة (شئنا أم أبينا) .
وليس من المعيب أن يكون لنا عمقاً ستراتيجياً بديلاً ، دام أن أخوتنا (العرب) يستنكرون ويستكثرون علينا أن يمدوا لنا يد الأخوة العربية الإسلامية ، لمجرد أننا (رافضة) وكفار بزعمهم .
ولكن .. عيب علينا – كعرب ومسلمين – أن نبارك لإسرائيل امتلاكها للتقنية النووية ، ونقف ضد إيران بسبب تطورها ، وعيب على البعض أن يقف ضد إيران ويتهمها بالتدخل في شؤون العراق وهو غارق حد الثمالة في عمالته لإسرائيل ، وعيب على البعض من الزعماء العرب (المستسلمين والمسلمين) أن يقفوا ضد إيران بسبب دعمها لحزب الله في وقت يرفرف فيه العلم الإسرائيلي قريباً من قصورهم الرئاسية المليئة بالجواري الحسان ، وعيب على البعض أن يقابل دعم إيران للقوى المناهضة لأمريكا وإسرائيل (حماس ، فتح ، حركة الجهاد الإسلامي، حزب الله لبنان) وغيرها من قوى التحرر ، بنكران الجميل .
وهل بعد الوقوف ضد عدو أمريكا وإسرائيل غير العمالة لأمريكا وإسرائيل ؟؟ أم هناك مفهوم آخر غير مفهوم إن (عدوي ...هو عدوي ، وعدو صديقي ، وصديق عدوي) ؟
مرة أخرى أكرر لمن لم يقرأ مقالتي بدقة ، أنني عربي ، عراقي ، جنوبي ، تربطني – شخصياً – مع إيران علاقة الدين والمذهب والجوار والإنسانية ، أحترم خصوصياتها وأنتظر منها احترام خصوصياتي ، وهذا ينطبق على إيران وتركيا وسوريا والأردن والسعودية والكويت وكل بلاد الله العريضة والضيقة .
فلا يأتين أحدٌ ليتفلسف (برأسي) ويقول بأن (المرواني) يدافع عن إيران ، أو أن يتهمني - في زمن التهم الرخيصة والجاهزة - بأنني عميل لإيران ، وليعرف بأنني حين استسغت العمالة يوماً ، فقد جعلتها عمالة لله ، ولرسوله ، ولأهل بيته ، وعمالة خالصة للعراق (وحده) ، ووسمتها بعمالة (مشرفة) لمقتدى الصدر ، ولأبيه (محمد الصدر) الذي علمني كيف أستقيم بقامتي ، وأحترم رجولتي ، ولا أنحني – كالعبيد -
المستشار الثقافي لمكتب السيد الشهيد الصدر (قده)
العراق / عاصمة العالم المحتلة
marwanyauthor@yahoo.com
أيها الشيعي !!! اشتم إيران كي تثبت ولائك للعروبة
كتابات - راسم المرواني
في رحلتي الأخيرة إلى إيران ، ولغرض إجراء عملية جراحية لعيوني التي استهلكتها شاشة (الكومبيوتر) ، تعرفت في الطريق (بين مهران وقم) إلى عائلة عراقية (رجل وزوجه وابنته) من أهالي (الصالحية) ببغداد ، وغريب أن الرجل ذاهب إلى إيران لإجراء عملية جراحية في عيونه أيضاً ، وبسبب طول الطريق ، كان لابد من فتح باب الحوار ، والتعارف ، وشاءت الأقدار أن يتعرف على اسمي الكامل وهو كما يعرفه أغلب القراء (راسم محمد إسماعيل) .
وبدأ بعدها رب العائلة (والعائلة تراقب) بالتعرف على منطقتي التي توحي بأن أغلبية سكانها من أخوتنا من أهل السنة (ربما لأنها فايخة) ، وهو انطباع مكتنز في ذاكرة العراقيين أن أغلب المناطق المترفة تسكنها طائفة معينة من الناس ، وهو ما لا أقر به ، ولا أجد دليلاً عليه .
وشيئاً فشيئاً تصورت هذه العائلة أنني من أهل السنة العراقيين ، أعانها على تصوراتها أنني لا أحب أن أذكر انتمائي الطائفي ، مضافاً إليها أن الرجل – رب العائلة - كان متوجساً من ذكر طائفته كونه سيدخل دولة شيعية ، ولذا ، فقد بقيت ذاكرة الجميع مكتنزة بأننا جميعاً ننتمي لأهل السنة .
كان السائق إيرانياً فارسياً لا يجيد اللغة العربية من قريب أو من بعيد ، ولذلك ، انفتح الرجل وعائلته أيما انفتاح ، وبدئوا يبثون تذمرهم من إيران وأهلها ، وكان أن قال الرجل :-
- والله يا أخي هذولة الإيرانيين كلاب ...بس شنسوي ؟ مجبورين نتعالج عدهم
فبدرته متسائلاً
- تقصد الإيرانيين ؟ ....لو الشيعة ؟
فاختصر الجواب بسؤال غريب قائلاً :-
- وشنو الفرق ؟؟ .
وليعلم القراء ، إنني أجريت عمليتي الجراحية على حسابي الخاص ، مع استحقاق (من المعيب والمخجل أن أذكر تفاهة مقداره أو أتجاوز بركته) استلمته من (اللجنة العشارية) في مكتب السيد الشهيد الصدر (قده) في النجف الأشرف ، وبعد مداولات ومحاولات ومناقشات ، (وجيب التقارير الطبية ، وودي التقارير الطبية) ، منوهاً إلى أنه لم تقم إيران ولا أفغانستان ولا الباكستان ولا معممستان ولا مرجعيستان ولا مكاتب (العلماء ستان) بمعالجتي مجاناً ، ولم ألتق – في إيران - بأحد غريب أو طارئ غير أخوتي من الصدريين ، ومن المقاومين (المغلوب على أمرهم) من جيش الإمام المهدي الذين أعرفهم ويعرفونني ، ولا أجد من داعي أن أحلف (بالعباس أبو راس الحار) أو أحلف (بالشيخ عبد القادر الكيلاني) ليصدق البعض .
في إيران ، وأثناء مراجعاتي للأطباء ، كان كل شئ يدور على أنني حالة (مرضية) فقط ، ولم يسألني أحد عن انتمائي العرقي أو الطائفي ، بل نادراً ما كان أحدهم يسألني عن بلدي بسبب عدم اتقاني للغة الفارسية ، فأقول له عراقي ، وينتهي الموضوع ، ولم يدقق أحد باسمي إن كان فيه (علي أو عمر أبو باقر أو عثمان) وهذا خلاف ما تفعله معنا أغلب الدول العربية ، حتى حين ندخلها كـ (وفود رسمية) أو كمشاركين في المهرجانات والمؤتمرات ، وحين تدقق (الأجهزة العربية الأمنية) في جوازات سفرنا للتأكد من الاسم أو المنشأ (المحافظة) ، وليس من المستبعد أن يسألك ضابط الجوازات في مطارات وحدود هذه الدول العربية وبكل جرأة ووقاحة وتسافل وانحطاط :- (أنت شيعي لو سني؟) كما حصل معي – شخصياً - في مطار القاهرة ومطار عمان .
الرجل وعائلته الذين كانوا معي في السيارة ، لم يدخروا نقداً أو شتيمة أو انتقاصة لم يذكروها ، بل انتقدوا سعر الطعام ، وعدم شواء (الطماطة) من قبل (الكببجي) بشكل جيد ، وانتقدوا إيران الشيعية لأنها لم تحد من ظاهرة (عدم وجود الخبز الحار) في المطاعم ، واعتبروها شيمة (فارسية) شيعية رافضية ، وعلى مدى الساعات الطوال في الطريق بين مهران و (قم) .
ولكن ، قبيل أن نصل إلى (قم) المقدسة ، اتصلت(أنا) بأحد الأخوة الصدريين البصريين ، وكان من السادة ، فحاورته بتقديس فوق (العادة) ، وكررت معه كلمة (سيدنا ، سيدنا، سيدنا) لكي أضمن مبيتي عنده تلك الليلة ، ولأنني لست ضامناً لموقف (الأحبة) الذين لم يستسيغوا حتى (لقائي) رغم أنني كنت أحلم أن أعيش بواحاتهم (الخضراء) وأشم بينهم عطر زهر الياسمين .
المهم أنني راهنت على هذا الصديق (السيد) ، كي أبيت عنده ليلة وصولي ، ثم أبدأ بعدها بالبحث عن مكان للإقامة ، وهنا ، بدا لرفقائي في السيارة - من سلامي ولغتي وحواري مع صديقي - أنني شيعي ، وهنا بدت سحنة الاصفرار على وجوه أفراد العائلة ، ولكنني لم أفتح بعدها معهم أي موضوع ، مداراة لمشاعرهم ، وكي أخفف عنهم حجم الحرج الذي انتابهم بعد أن عرفوا بأني مسلم ، ولكن إسلامي ناقص وغير معترف به من قبل (منظمة حقوق الإنسان ) وهيئة (رعاية الرفق بالحيوان) ومنظمة (المؤتمر الإسلامي والإلزامي) كوني إنسان (شيعي) وأحتاج لإثبات انتمائي للإسلام والعروبة ، بل وللإنسانية .
كل القراء القدامى ، والمتابعين لفكري ولمقالاتي يعرفون بأنني لست طائفياً ، وأمقت أي داعية للطائفية من السنة والشيعة ، وأكره حتى عصابات التطرف المسيحية واليهودية ، ولا أجد أجمل من مقولة أمير المؤمنين علي (ع) حين يقول :- (الناس صنفان ..إما أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق) وهو رائدي في فهم نظرائي في الخليقة ، وشركائي في الإنسانية ، وعليه ، فملخص الـ (C.V) الخاص بي ينص على إنني (إنساااااااااااااااااااااااان) قبل كل شئ ، وعربي ، ومسلم ، وشيعي ، وكل هذا لا يمنحني صلاحية أن أنتقص من غيري ، ولا يعطيني الحق في أن أعتبر نفسي فوق المخلوقات ، وبالطبع فإني تعلمت أن أؤمن وألتزم بكل ما جاء به (أشرف خلق الله) رسول الله (ص) ، ولا أفعل فعل البعض حين (يؤمنون بقليل من الكتاب وكثيراً ينبذون وراء ظهورهم) لأسباب (طائفية أو مذهبية أو سياسية أو اقتصادية أو استثمارية) أو مناطقية ، بل أؤمن بكل ما جاء على لسان أبي القاسم المصطفى (روحي وأرواح العالمين له الفدا) حين يعلمني بأن :- (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) ، ومعناه بنفس الوقت أن لا فضل لأعجمي على عربي ، وأن لا فضل لعربي على أعجمي إلا بمقدار الانتماء إلى الإنسانية .
ومن أغرب الغرائب ، إنني جربت – بحكم كوني مستشاراً ثقافياً لمنهج شيعي ، ومن دعاة (الوحدة) التي يأمرني بها (قائدي) ولا أجد لها فاعلية أو جدوى - حين أكتب مقالة أدين بها الاحتلال الأمريكي ، وأندد عبرها بالصهاينة ، وأنشرها عبر المواقع الإلكترونية (الإسلامبة التكفيرية) رغبة مني في التواصل والتوافق الذي أشك في جدواه ((راجع كتابي الموسوم ....صناعة الآلهة عند الموحدين)) أجد وصول الكثير من الرسائل والمداخلات والتعليقات .
بعضها يشتمني لأنني (شيعي ، إيراني ، صفوي) وعميل لأمريكا ، وأنا من سهلت دخول الأمريكان للعراق ، وكأنني قائد من أهل (العوجة) في الجيش العراقي ، أو كأنني بعت الخرائط والإحداثيات للأمريكان كما فعل كبار الضباط والقادة العسكريين العراقيين .
وبعضها يتهمني بالولاء للسلطة الجديدة (الشيعية العراقية العميلة لأمريكا) ، متناسياً أن أغلب الأنظمة العربية هي ذيول وعملاء لأمريكا وإن كانت لا تنتمي لمذهب الشيعة والتشيع ، وكأنني مضطر لأحمل أوزار كل الأنظمة العربية .
وبعضها يستنكر علي أنني أشتم الاحتلال ولا أشتم (إيران) ، وبعضها يطالبني بـ (شتم إيران) قبل شتم إسرائيل وأمريكا ، وكأن مصداق الانتماء للعروبة هو البراءة من إيران ، ومصداق الانتماء للإسلام هو شتم (إيران) ، ومصداق الهوية الوطنية هو صب اللعنات على (إيران) .
وفي أحد المواقع الالكترونية ، نشرت مقالة عن جرائم قوات الاحتلال وانتهاكها لحقوق الإنسان ، وأثنيت فيها على بطولات جيش الإمام المهدي والمقاومة العراقية الشريفة ، وضرباتهم الموجعة لقوات الاحتلال ، فجاء التعقيب من أحد (المتفيقهين) العربان الذين كان أجدادهم سبباً في إيذاء رسول الله (ص) وهجرته من مكة الى المدينة ، ليدون تعقيبه قائلاً ((النصر لأخوتنا المجاهدين في العراق ، والخزي والعار للرافضة الصفويين وأتباع مقتدى الكافر)) ، وتوالت بعدها التعقيبات والشتائم ، حتى زكموا أنفي بالعبارات (الآسنة) ، وحتى كدت أتقيأ من ألفاظهم النتنة .
أليس من الغريب أنني أشتم أمريكا وإسرائيل ، فيعقب العشرات من الفلسطينيين والمصريين والجزائريين والتونسيين واليمنيين والسعوديين وغيرهم من العرب (العاربة والغاربة) على مقالتي بالسلب والسب ، ويشتمونني لأنني شيعي و (رافضي) وعميل و .... و....... و...... ؟
أليس من الغريب أن أثني على أخوتي وأحبتي المقاومين من أهل السنة في العراق ، فيشتمني الكثير من (السنة العَرَب) من المصابين بالجَرَب ، لأنني (شيعي) ، ويتهمونني بأن يدي ملطخة بدماء (السنة) العراقيين لمجرد أنني شيعي ؟
أليس من المستهجن أن أنشر مقالاً أدعو فيه للوحدة والأخوة ، فيبادرني أحدهم بالتعليق على مقالتي متهماً إياي بأنني أمارس دور (التقية) وأقتل أهل السنة ؟
أليس من غير المنصف أن يكون أخي (السني) في العراق متحداً معي ، ومتوافقاً معي ، وبيني وبينه نسابة وقرابة ، بينما يأتي (سني عربي) أحمق متطرف طائفي ليتخرص على الشيعة العراقيين ، ويلوك كرامتي بلسانه (العفن) لأنني شيعي ؟
أليس من المزعج أن أتحدث عن (أصالة عروبتي) التي تثبتها الوثائق والتشجيرات والمصنفات (رغم أنف الراغم) العربي والأجنبي ، فيأتي شخص من الوطن العربي ، مقضوم الأنف (كالسلاجقة) ، أو معشوشب الشعر كالفراعنة ، أو مزرورق العنيين كالإفرنج ، أو معذوذب السحنة كأسلافه من غزاة فلسطين إبان الحروب الصليبية ، أو تراه مترف الوجناة كأجداده (الصيد) من ممن احتلوا وطننا العربي بعد الحربين العالميتين ، وهو (منغمس بالعمالة حد الثمالة) ، ولا يعد من أجداده أكثر من ثلاثة ، ليتهمني بالهجن والتلقيح وضياع النسب لمجرد أنني شيعي ؟
أليس من الباطل أن توظف آلاف الدولارات (الأمريكية) ، في آلاف المواقع الالكترونية الإسلامية ، لتحشد آلاف المقالات (التكفيرية) ، فقط لشتم الشيعة والتشيع ، وحين نرد (بأدب ولياقة وحكمة وموعظة حسنة) على شتائمهم ، فهم يختارون أحد الطريقين ، لينالوا إحدى الحسنيين ، فإما أن يحجبوا ردودنا كما هو الحال في المواقع (البعث – قاعدية) أو يتهموننا بشتى التهم لأننا ندافع عن مذهبنا ؟
في سوريا ، قبل عامين ، وربما (ثلاثة أعوام) ، التقيت بصديق لي (أستاذ جامعي في جامعة تشرين) ، ومثقف ، وشاعر ، وناقد أدبي ، وكان (قضماني) السحنة ، وكان بصحبتنا مجموعة من الأدباء والمثقفين السوريين ، فسألني كالعادة :-
- من يقتل أهل السنة في العراق ؟
فقلت له :-
- (القتلة هم من المتطرفين الشيعة العاملين لأجندات خارجية ، لا تخرج عن كونها أمريكية)
فارتاح صديقي وبانت عليه علامات الغضاضة والبشر ، فبدرته قائلاً :-
- ولكنك لم تسألني من يقتل الشيعة في العراق ؟ ومن يفجر المفخخات في أسواقهم ؟ ومن يذبح شبابهم على الطريق بين سوريا والعراق ؟
فامتعض هو ومن معه في الجلسة التي كنت أراها (حميمية) ، ورد علي بشكل غريب ، قائلاً :-
- لا تكن طائفياً يا صديقي .
لا أعرف بالضبط ، لماذا يريد البعض أن يسلخني من هويتي ويتهمني بالصفوية و (الأعجمية) لمجرد أنني شيعي ومن أتباع أهل البيت (العرب الأقحاح) الذين طأطأت لهم رؤوس العرب والعجم ، ودخلوا في مذهبهم ، والذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ؟
ولا أعرف ... لماذا (ينرعص) البعض ..أو (ينبعــــ) ، حين يقرأ في خاتمة المقالة أنني أنتمي لمكتب السيد الشهيد الصدر ؟
ولا أعرف بالضبط ... لماذا ينبغي علي أن أشهر سيفي بوجه (إيران) وأشتمها ثلاث مرات يومياً (قبل الأكل أو بعده ، حسب وصفة الشيخ ابن باز) ، ليقر الشارع العربي السني بأنني مسلم وعربي ؟
ولا أعرف ... لماذا يجبرني البعض على الصمت عن جرائم التكفيريين الذين أذاقوا العراقيين من (السنة والشيعة) الأمرين لأثبت أنني لست طائفياً ، ولا منتمياً للأجندة الصفوية ؟
ولا أعرف ... لماذا يجب أن أشتم حزب الله وحسن نصر الله (كما فعل الشيخ ابن جبرين ، إبان حرب تموز ضد الصهاينة) لمجرد أنهم متعاونون مع إيران ، كي أثبت للبعض أنني مسلم عربي ؟
ولا أعرف ... لماذا يجب أن أصفح وأتغاضى وأخرس ولا أرد على الفتاوى التكفيرية (الرسمية وشبه الرسمية) الحاقدة التي يروجها أئمة الكفر والبغي في السعودية ومصر ومن سار في ركبها ضد الشيعة والتشيع كي أثبت أنني مسلم ، وعربي ؟
ولست أعرف ... لماذا يجب أن أوجه فوهة بندقيتي إلى صدر إيران (الشيعية) لمجرد أنها شيعية ، كي أرضي الكلاب السائبة التي تناكح وتضاجع يهود الصهيونية ، بينما تردد في محافلها ، وفوق منابرها (الجمعوية التيمية الوهابية) الآسنة ، بأن الشيعة (أخطر على الإسلام من اليهود) ؟ .
ولا أفهم من قولهم – هذا - غير معنىً واحداً ، هو أن (أهل البيت وأتباعهم) أخطر على الإسلام من اليهود ، وهذا ما عبروا عنه عبر فتاواهم اللاحقة ، وعبر سلوكياتهم السابقة ، في زمن (أئمتهم) من بني أمية ، بشتمهم لعلي وآل البيت فوق المنابر لأعوام نافت على السبعين عاماً ، واعتبروا شتم علي وأولاده (سنـّة) .
ولذا ، حين نسي أحد الخطباء (شتم علي وفاطمة وأولادهما) في خطبة الجمعة , قام له قائم من المصلين ، ليذكره بالسنـّة ، قائلاً :-
- أيها الخطيب !! لقد نسيت السنـّة
وهنا انتبه الخطيب ، واستعاذ (بالله) من الخطأ والنسيان ، وأتم (السنـّة) حين شتم علياً وولده وزوجه ...وهنيئاً لهؤلاء سنتهم هذي .
ولست أستغرب هذا ، فخلفائهم (الفاسقون) قتلوا أهل البيت ؟ ولم ينتبهوا لعوراتهم المكشوفة أما أعداء الإسلام والإنسانية ، ربما لأنهم – بالوراثة – أعداء للدين والإنسانية .
العقل والمنطق والدين يفرض علينا أن نتعامل مع إيران على أنها جارة مسلمة ومؤثرة ، ولها الحق في أن تبني نفسها وسط هذا الصخب واللهاث التسلحي ، وأن تحمي نفسها من الذين يخشون مفاعلها النووي ولا يخشون مفاعل (إسرائيل) .
ولذا ، علينا أن لا نلتفت لأي نباح يريد أن يمنع القافلة من المسير ، وليس من المعيب أن نستفيد من تجربة إيران السياسية والعلمية والاقتصادية ، طالما أن الرسول الأعظم أمرنا بطلب العلم (ولو في الصين) وهو (ص) يعلم علم اليقين أن الصين وثنية ، بيد أن إيران مسلمة (شئنا أم أبينا) .
وليس من المعيب أن يكون لنا عمقاً ستراتيجياً بديلاً ، دام أن أخوتنا (العرب) يستنكرون ويستكثرون علينا أن يمدوا لنا يد الأخوة العربية الإسلامية ، لمجرد أننا (رافضة) وكفار بزعمهم .
ولكن .. عيب علينا – كعرب ومسلمين – أن نبارك لإسرائيل امتلاكها للتقنية النووية ، ونقف ضد إيران بسبب تطورها ، وعيب على البعض أن يقف ضد إيران ويتهمها بالتدخل في شؤون العراق وهو غارق حد الثمالة في عمالته لإسرائيل ، وعيب على البعض من الزعماء العرب (المستسلمين والمسلمين) أن يقفوا ضد إيران بسبب دعمها لحزب الله في وقت يرفرف فيه العلم الإسرائيلي قريباً من قصورهم الرئاسية المليئة بالجواري الحسان ، وعيب على البعض أن يقابل دعم إيران للقوى المناهضة لأمريكا وإسرائيل (حماس ، فتح ، حركة الجهاد الإسلامي، حزب الله لبنان) وغيرها من قوى التحرر ، بنكران الجميل .
وهل بعد الوقوف ضد عدو أمريكا وإسرائيل غير العمالة لأمريكا وإسرائيل ؟؟ أم هناك مفهوم آخر غير مفهوم إن (عدوي ...هو عدوي ، وعدو صديقي ، وصديق عدوي) ؟
مرة أخرى أكرر لمن لم يقرأ مقالتي بدقة ، أنني عربي ، عراقي ، جنوبي ، تربطني – شخصياً – مع إيران علاقة الدين والمذهب والجوار والإنسانية ، أحترم خصوصياتها وأنتظر منها احترام خصوصياتي ، وهذا ينطبق على إيران وتركيا وسوريا والأردن والسعودية والكويت وكل بلاد الله العريضة والضيقة .
فلا يأتين أحدٌ ليتفلسف (برأسي) ويقول بأن (المرواني) يدافع عن إيران ، أو أن يتهمني - في زمن التهم الرخيصة والجاهزة - بأنني عميل لإيران ، وليعرف بأنني حين استسغت العمالة يوماً ، فقد جعلتها عمالة لله ، ولرسوله ، ولأهل بيته ، وعمالة خالصة للعراق (وحده) ، ووسمتها بعمالة (مشرفة) لمقتدى الصدر ، ولأبيه (محمد الصدر) الذي علمني كيف أستقيم بقامتي ، وأحترم رجولتي ، ولا أنحني – كالعبيد -
المستشار الثقافي لمكتب السيد الشهيد الصدر (قده)
العراق / عاصمة العالم المحتلة
marwanyauthor@yahoo.com