إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

كسر أنف العنيد المدافع عن الطاغية يزيد - محمد زكريا اللامردي ـ word + pdf

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كسر أنف العنيد المدافع عن الطاغية يزيد - محمد زكريا اللامردي ـ word + pdf

    بسم الله الرحمن الرحيم

    رب اشرح لي صدري


    منذ فترة طلب مني أحد الاخوة المؤمنين وفاتني ذكر اسمه الآن ــ لعله متين الأنطاكي أو غيره ــ ، بأن أقوم بكتابة هذا الكتاب ببرنامج الـ Word

    فخامرتني هذه الفكرة ، حتى وجدتُ نفسي أملك شيئاً من الوقت القليل ، فجلستُ ثلاث جلسات ، اثنتان لكتابته كاملاً ، وواحدة لمراجعته ..


    فالحمد لله على حسن التوفيق ...

    وجعلته موافقاً للمطبوع ، ويصلح أيضاً أن تضيفه للمكتبة الشاملة لمن يملكها.


    كما قمتُ بتحويله أيضاً إلى ملف pdf
    وأرفقتُ مع الملف الخطوط التي استخدمتها في كتابة الكتاب. حتى لا يختلف تنسيق الملف.


    حـمـِّـل الكتاب بصيغتيه Word وَ pdf
    مع الخطوط

    من هنـــا

    كسر أنف العنيد المدافع عن الطاغية يزيد - لمحمد زكريا اللامردي

    الحجم = 464 ك. فقط



    ولا تنسوني من الدعـــاء


    أخوكم / مرآة التواريخ ،،،

  • #2
    كسر انف العنيد‎ المدافع عن الطاغية يزيد










    كَسْرُ أنف العنيد







    المدافع عن الطاغية يزيد






    بقلم



    محمد زكريا اللامِردي







    دار وادي السلام للتحقيق والنشر



    بيــــروت








    حقوق الطبع والنشر غير محفوظة



    بشرط عدم التغيير في النص





    وجزى الله خيراً كل من أعان على نشر هذه



    الرسالة نصرة لأبي عبدالله الحسين عليه السلام






    الطبعة الأولى



    1429هـ - 2008م





    بسم الله الرحمن الرحيم




    المقدمة


    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهدي الله فلا مضل له ، ومن يضل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله انتجبه لولايته واختصه برسالته وأكرمه بالنبوة ، أميناً على غيبه ورحمة للعالمين صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين .
    اعلم نفعك الله وإياي وسائر المسلمين بنافع العلم وأحظانا جميعاً بصائب الفهم أن شرذمة من المبتدعة صاروا يحيكون الفتن في الظلام ، ويبثون سمومهم بين العوام ، لقلب الحقائق ، وإنكار الثوابت التاريخية ، وذلك للدفاع عن أحد أكبر الطواغيت على مر تاريخ البشرية ، ألا وهو يزيد بن معاوية ، عامله الله تعالى بعدله وانتقامه ، وبما أن هؤلاء المبتدعة لم يدركوا الإمام الحسين عليه السلام ليقاتلوه !! تجدهم الآن يخطئونه !! لخروجه على هذا الخبيث!


    وصدق القائل :


    أسفوا على أنْ لا يكونوا شاركوا ... في قتله فتتبعوه رميمـــا !!


    ومن الأسباب التي دعتني لكتابة هذه الأوراق أن بعض الإخوة أخبروني بأن هناك من ينكر قصة إرسال الرأس الشريف إلى يزيد ! فرأيت من الواجب عليَّ إفراد رسالة خاصة لإثبات ذلك مع شيء من مخازي يزيد بن معاوية التي ملأت الخافقين!.
    والله تعالى الموفق للصواب بمنه وكرمه .




    يزيد ورأس الإمام الحسين عليه السلام


    قال المؤرخ الكبير !! والمحقق الخطير !! عثمان الخميس ... ذُكر أن رأس الحسين أرسل إلى يزيد فهذا أيضاً كذب ، لم يثبت ، بل إن رأس الحسين بقي عند عبيدالله في الكوفة ، .... (1) .

    قلت : بل ثبت ، وينطق عليك قول القائل :


    كذبتَ وآيم الذي حجّ الحجيج له ... وقد ركبتَ ضلالاً منك بهتانا


    فإليك أيها القارئ المنصف الأدلة على كذب هذا الرجل :
    قال ابن الجوزي : أنبأ عبد الوهاب بن المبارك ، قال : أنبأ أبو الحسين بن عبد الجبار ، قال : أنبأ الحسين بن علي الطناجيري ، ثنا خالد بن خداش ، قال : ثنا حماد بن زيد ، عن جميل بن مرة ، عن أبي الوَضِي ، قال : نُحرتْ الإبل التي حُمل عليها رأس الحسين وأصحابه فلم يستطيعوا أكلها ، كانت لحومها أمرّ من الصبر.
    فلما وصلت الرؤوس إلى يزيد جلس ودعا بأشراف أهل الشام فأجلسهم حوله ، ثم وضع الرأس بين يديه ، وجعل ينكت بالقضيب على فيه ، ويقول :
    ـــــــــــــ
    (1) حقبة من التاريخ : ص141 .




    نفلق هاماً ، من رجال أعزَّةٍ ... علينا ، وهم كانوا أعقّ وأظلما (1)


    قلت : إسناده حسن ، رجاله ثقات غير خالد بن خداش وهو صدوق.

    وهذه ترجمة الرواة :
    1 : عبدالوهاب بن المبارك .
    قال الذهبي : الانماطي * الشيخ الإمام، الحافظ المفيد، الثقة المسند، بقية السلف، أبو البركات، عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن بن بندار، البغدادي الانماطي (2).

    2 : أبو الحسين بن عبدالجبار.
    قال ابن حجر : المبارك بن عبد الجبار أبو الحسين بن الطيوري شيخ مشهور مكثر ثقة ما التفت أحد من المحدثين إلى تكذيب مؤتمن الساجي له. مات سنة خمس مائة ببغداد انتهى. قال ابن السمعاني : كان محدثاً مكثراً صالحاً أميناً صدوقاً صحيح الأصول ... (3) .

    3 : الحسين بن علي الطناجيري .
    قال الذهبي : الطناجيري المحدث الحجة ، أبو الفرج ، الحسين بن علي بن عبيدالله ، البغدادي ، الطناجيري (4)
    ـــــــــــــــــــــ
    (1) الرد على المتعصب العنيد المانع من ذمّ يزيد : ص57 .
    (2) سير أعلام النبلاء : ج20 ص134 رقم (81).
    (3) لسان الميزان : ج5 ص14 رقم (33) .
    (4) سير أعلام النبلاء : ج17 ص618 و 619 ، رقم (414) .


    وقال الخطيب : ... كتبنا عنه وكان ديناً مستوراً ثقة صدوقاً ... (1) .

    4 : خالد بن خداش .
    قال ابن حجر : صدوق يُخطئ (2) .
    وقال الخطيب : لم يورد زكريا في تضعيفه حجة سوى الحكاية عن يحي بن معين أنه تفرد برواية أحاديث ومثل ذلك موجود في حديث مالك بن أنس والثوري وشعبة وغيرهم من الأئمة ومع هذا فإن يحي بن معين وجماعة غيره قد وصفوا خالداً بالصدق وغير واحد من الأئمة قد احتج بحديثه ... (3) .

    وقال ابن سعد : ... وكان ثقة روى عن حماد بن زيد ... (4) .
    وذكره ابن حبان في الثقات (5) .
    وقال أبو حاتم : صدوق (6) .

    5 : حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي .
    قال ابن حجر : ثقة ثبت فقيه (7) .
    ـــــــــــــــــــــ
    (1) تاريخ بغداد : ج8 ص79 رقم (4164) .
    (2) تقريب التهذيب : ص127 رقم (1623) .
    (3) تاريخ بغداد : ج8 ص 306 رقم (4405) .
    (4) الطبقات الكبرى : ج7 ص 347 .
    (5) الثقات : ج8 ص225 ، رقم (13135)
    (6) الجرح والتعديل : ج3 ص327 ، رقم (1468) .
    (7) تقريب التهذيب : ص117 رقم (1498) .


    وقال ابن سعد : .... وكان ثقة ثبتاً حجة كثير الحديث (1) .

    6 : جميل بن مرة الشيباني .
    قال ابن حجر : ثقة (2)
    وقال الذهبي : ثقة (3) .

    7 : عباد بن نسيب أبو الوَضيء .
    قال ابن حجر : ثقة (4) .
    وقال إسحاق بن منصور : عن ابن معين ثقة ، وذكره ابن حبان في الثقات (5) .
    قلت : عباد بن نسيب هذا سمع من الإمام علي عليه السلام وأبي برزة الأسلمي كما في ترجمته ، بل وكان على جيش الإمام علي عليه السلام ، قال ابن حبان : ... كان على الجيش لعلي بن أبي طالب ، يروي عن علي وأبي برزة ، روى عنه جميل بن مرة (6) .
    وهذا يعني أنه أدرك هذه الحادثة المفجعة التي رواها هو نفسه عن الرأس الشريف ، والجدير بالذكر أن أبا برزة الأسلمي الصحابي شيخه كما عرفت كان حاضراً في
    ـــــــــــــــــــــ
    (1) الطبقات الكبرى : ج7 ص286 .
    (2) تقريب التهذيب : ص81 رقم (971) .
    (3) الكاشف : ج1 ص142 رقم (822) .
    (4) تقريب التهذيب : ص234 رقم (3150) .
    (5) تهذيب التهذيب : ج3 ص74 رقم (3554) .
    (6) الثقات : ج5 ص141 رقم (4267)
    التعديل الأخير تم بواسطة الشريف15; الساعة 14-05-2009, 04:30 PM.

    تعليق


    • #3
      مجلس يزيد لعنه الله حينما أتي برأس الإمام الحسين عليه السلام ، فقد قال ابن عساكر في ترجمة أبي برزة الأسلمي : ... كان مع معاوية بالشام ، وقدم دمشق على يزيد بن معاوية ، وكان عنده حين أتي برأس الحسين بن علي (1) .

      وقال ابن الأثير أيضاً في ترجمته : وكان أبو برزة عند يزيد بن معاوية لما أتي برأس الحسين بن علي، فرآه أبو برزة وهو ينكت ثغر الحسين بقضيب في يده ... (2) .


      إليك أيضاً الطرق الأخرى التي يعضد بعضها بعضاً وتزيد الرواية السابقة قوة ، وأقوال العلماء والمؤرخين في هذه الحادثة المؤلمة :

      قال الطبراني : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بن بَكَّارٍ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن الضَّحَّاكِ بن عُثْمَانَ الْحِزَامِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " خَرَجَ الْحُسَيْنُ بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا إِلَى الْكُوفَةِ سَاخِطًا لِوِلايَةِ يَزِيدَ بن مُعَاوِيَةَ ، فَكَتَبَ يَزِيدُ بن مُعَاوِيَةَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بن زِيَادٍ وَهُوَ وَالِيهِ عَلَى الْعِرَاقِ : إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ حُسَيْنًا قَدْ سَارَ إِلَى الْكُوفَةِ ، وَقَدِ ابْتُلِيَ بِهِ زَمَانُكَ مِنْ بَيْنِ الأَزْمانِ ، وَبَلَدُكَ مِنْ بَيْنِ الْبُلْدَانِ ، وابْتُلِيتَ بِهِ مِنْ بَيْنِ الْعُمَّالِ ، وَعِنْدَهَا يُعْتَقُ أَوْ يَعُودُ عَبْدًا كَمَا يُعْتَبَدُ الْعَبِيدُ " ، فَقَتَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بن زِيَادٍ ، وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الْحُسَيْنِ بن الْحُمَامِ :
      ـــــــــــــــــــــ
      (1) تاريخ دمشق : ج62 ص83 رقم (7891) .
      (2) أسد الغابة : ج5 ص305 رقم (5226) .



      نُفَلِّقُ هَامًا مِنْ رِجَالٍ أَحِبَّةٍ ... إِلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا (1) .


      قلت : إسناده صحيح ، لكن الضحاك بن عثمان لم يدرك القصة ، وقد أشار إلى ذلك الهيثمي حيث قال : رواه الطبراني ورجاله ثقات إلا أن الضحاك لم يدرك القصة (2) .

      وقال الطبراني : حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بن الْفَرَجِ الْمِصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، قَالَ : أَبَى الْحُسَيْنُ بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنْ يُسْتَأْسَرَ ، فَقاتَلُوهُ فَقَتَلُوهُ ، وَقَتَلُوا ابْنَيْهِ وَأَصْحَابَهُ الَّذِينَ قَاتَلُوا مِنْهُ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ : الطَّفُّ ، وَانْطُلِقَ بِعَلِيِّ بن حُسَيْنٍ ، وَفَاطِمَةَ بنتِ حُسَيْنٍ ، وَسُكَيْنَةَ بنتِ حُسَيْنٍ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بن زِيَادٍ ، وَعَلِيٌّ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ قَدْ بَلَغَ ، فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى يَزِيدَ بن مُعَاوِيَةَ ، فَأَمَرَ بِسُكَيْنَةَ فَجَعَلَهَا خَلْفَ سَرِيرِهِ لِئَلا تَرَى رَأْسَ أَبِيهَا وَذَوِي قَرابَتِهَا ، وَعَلِيُّ بن الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي غُلٍّ ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ ، فَضَرَبَ عَلَى ثَنِيَّتَيِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَقَالَ :
      نُفَلِّقُ هَامًا مِنْ رِجَالٍ أَحِبَّةٍ ... إِلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا
      فَقَالَ عَلِيُّ بن الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد : 22] ،
      ـــــــــــــــــــــ
      (1) المعجم الكبير : ج3 ص115 رقم (2846)
      (2) مجمع الزوائد : ج9 ص193 .


      فَثَقُلَ عَلَى يَزِيدَ أَنْ يَتَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ ، وَتَلا عَلِيٌّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالَ يَزِيدُ : بَلْ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ... (1) .

      قلت : هذا إسناد صحيح .
      وعلق الهيثمي على الرواية بقوله : رواه الطبراني ورجاله ثقات (2) .

      وقد قال الذهبي في الليث :
      الليث بن سعد بن عبدالرحمن ، الإمام الحافظ شيخ الإسلام ، وعالم الديار المصرية ... (3) .

      قال الذهبي :
      أبو الفرج ابن الجوزي ، الشيخ الإمام العلامة ، الحافظ المفسر ، شيخ الإسلام ، مفخر العراق ، جمال الدين ، أبو الفرج عبدالرحمن بن علي ... (4) .

      فماذا قال هذا الإمام العلامة الحافظ المفسر شيخ الإسلام ؟!
      قال : ليس العجب من فعل عمر بن سعد ، وعبيد الله بن زياد ، وإنما العجب من خذلان يزيد وضربه بالقضيب على ثنية الحسين ، وإعادته إلى المدينة وقد تغيَّرت ريحه ! لبلوغ الغرض الفاسد ، ... إلى قوله : ولو أنه
      ـــــــــــــــــــــ
      (1) المعجم الكبير : ج3 ص104 رقم (2806) .
      (2) مجمع الزوائد: ج9 ص195 .
      (3) سير أعلام النبلاء : ج8 ص136و137 رقم (12) .
      (4) سير أعلام النبلاء : ج21 ص365 رقم (192) .


      احترم الرأس حين وصوله إليه ، وصلى عليه ، ولم يتركه في طشت ، ولم يضربه بقضيب ، ما الذي كان يضره وقد حصل له مقصوده من القتل ،... (1) .

      وقال ابن حبان : ... وأدخلوا دمشق كذلك فلما وضع الرأس بين يدي يزيد بن معاوية جعل ينقر ثنيته بقضيب كان في يده ، ويقول : ما أحسن ثناياه ... (2) .

      وقال الصفدي في ترجمة : عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص الأموي أخو مروان، شاعر محسن شهد يوم الدار، وتوفي في حدود السبعين للهجرة. كان حاضراً عند يزيد بن معاوية وقد جيء إليه برأس الحسين ووضع بين يديه في طست ... (3) .

      قال ابن عماد الحنبلي : ولما تم قتله (يعني الإمام الحسين عليه السلام) حمل رأسه وحرم بيته وزين العابدين معهم إلى دمشق كالسبايا ، قاتل الله فاعل ذلك ، وأخزاه ، ومن أمَرَ به ، أو رَضيه .
      قيل : قال [لهم] عند ذلك بعض الحاضرين : ويلكم إن لم تكونوا أتقياء في دينكم فكونوا أحراراً في دنياكم.

      ـــــــــــــــــــــ
      (1) الرد على المتعصب العنيد المانع من ذمّ يزيد : ص63و64 .
      (2) الثقات : ج2 ص312 .
      (3) الوافي بالوفيات : ج18 ص82و83 .




      والصحيح أن الرأس المكرم دفن بالبقيع إلى جنب أمه فاطمة ، وذلك أن يزيد بعث به إلى عامله بالمدينة عمرو بن سعيد الأشدق ، فكفنه ودفنه (1) .

      قلت : وهذا تصريح منه أن الرأس الشريف كان عند يزيد لعنه الله ثم بعث به إلى عامله .
      قال ابن حجر في ترجمة : مرة بن خالد بن عامر بن قنان بن عمرو بن قيس بن الحارث بن مالك .... وولده محفز هو الذي ذهب برأس الحسين بن علي إلى يزيد بن معاوية. ذكره الزبير بن بكار (2) .
      والزبير بن بكار هذا قال فيه الذهبي : الزبير بن بكار ، الإمام ، الحافظ ، النسابة ، قاضي مكة ، أبو عبدالله بن أبي بكر القرشي الأسدي المكي ...
      قال الدار قطني : ثقة .
      وقال الخطيب : كان ثقة ثبتاً عالماً بالنسب وأخبار المتقدمين (3) .
      وقال ابن عساكر : ... محفز بن مرة بن خالد بن عامر بن قنان بن عمرو بن قيس .... الذي ذهب برأس الحسين بن علي إلى يزيد بن معاوية .... (4) .
      وابن عساكر قال فيه الذهبي : ابن عساكر ، الإمام ، الحافظ الكبير ، محدث
      ـــــــــــــــــــــ
      (1) شذرات الذهب : ج1 ص122 .
      (2) الإصابة في تمييز الصحابة : ج3 ص466 رقم (8392) .
      (3) تذكرة الحفاظ : ج2 ص85 رقم (546) الطبقة الثامنة .
      (4) تاريخ دمشق : ج57 ص96و97 رقم (7243) .

      تعليق


      • #4
        الشام ، فخر الأئمة ، ثقة الدين ، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبدالله بن الحسين الدمشقي الشافعي ، صاحب التصانيف ، والتاريخ الكبير ..
        قال السمعاني : أبو القاسم حافظ ثقة متقن دين خير حسن السمت ، جمع بين معرفة المتن والإسناد ، وكان كثير العلم ، غزير الفضل ، صحيح القراءة ، متثبتاً ... (1) .

        وقال الزركلي في ترجمة شمر بن ذي الجوشن لعنه الله : وأرسله عبيد الله بن زياد مع آخرين إلى يزيد بن معاوية في الشام ، يحملون رأس الشهيد (2) .

        قلت : فهل كل هؤلاء العلماء والمؤرخين عندك يفترون على يزيد ؟!!
        أتراهم يكذبون ؟!!
        فلمَ تنكر الحقائق ؟!!
        اتق الله واستغفر لذنبك قبل أن يأتيك الموت بغتة وأنتَ في غفلة لا تشعر فتصبح بعد ذلك من النادمين .
        ولقد صدق القائل :

        فوَحَق مَنْ سَمَكَ السَّماء بقدْرَةٍ ... والأرض صيَّر للعبادِ مهادا


        إنَّ المُصِرَّ على الذنوب لهالكٌ ... صَدَّقتَ قولي أو أرَدْتَ عِنادا

        ـــــــــــــــــــــ
        (1) تذكرة الحفاظ : ج4 ص82 و84 رقم (1094) الطبقة السادسة عشر .
        (2) الأعلام : ج3 ص175 .



        استباحة المدينة النبوية


        وقتل الصحابة !!



        وأما عن استباحته المدينة النبوية وقتله الكثير من الصحابة فأمر مشهور لا ينكره إلا من كان معانداً ، أو جاهلاً ، واليك بعض أقوال العلماء والمؤرخين :

        1 : أحمد بن حنبل .
        قال الخلال : أخبرني محمد بن علي ، قال : ثنا مهنى ، قال : سألت أحمد عن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، قال : هو فعل بالمدينة ما فعل . قلت : وما فعل ؟ قال : قتل بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم وفعل . قلت : وما فعل ؟ قال : نهبها . قلت : فيذكر عنه الحديث ؟ . قال : لا يُذكر عنه الحديث ، ولا ينبغي لأحد أن يكتب عنه حديثا . قلت لأحمد : ومن كان معه بالمدينة حين فعل ما فعل ؟ . قال : أهل الشام . قلت له : وأهل مصر ؟ . قال : لا ، إنما كان أهل مصر معهم في أمر عثمان رحمه الله.

        قال محقق الكتاب د.عطية الزهراني : إسناده صحيح ... (1) .

        2 : محمد بن أحمد الذهبي :
        سنة ثلاث وستين ، فيها كانت وقعة الحرة، وذلك أن أهل المدينة خرجوا
        ـــــــــــــــــــــ
        (1) السنة : ج3 ص520 رقم (845) .


        على يزيد لقلة دينه. فجهـَّزَ لحربهم جيشاً عليهم مسلم بن عقبة. فالتقوا بظاهر المدينة لثلاث بقين من ذي الحجة. فقتل من أولاد المهاجرين والأنصار ثلاث مئة وست أنفس (1) .

        3 : محمد بن حبان :
        ... سُمِّىَ يوم الحَرَّة لان يزيد بن معاوية بعث جيشا إلى المدينة وأمر صخر بن أبى الجهم فتوفى صخر قبل مسير الجيش إليها فاستعمل يزيد بن معاوية عليهم بعده مسلم بن عقبة المري فسار بهم مسلم حتى نزل المدينة فقاتلهم فهزمهم ، واستباح المدينة ثلاثا ، نهبا وقتلا ، وكان في آخر ذي الحجة لليال بقين منه سنة ثلاث وستين ، فسُمِّيَتْ هذه الوقعة وقعة الحَرَّة (2) .

        3 : إسماعيل بن كثير :
        وقد أخطأ يزيد خطأ فاحشا في قوله لمسلم بن عقبة أن يبيح المدينة ثلاثة أيام، وهذا خطأ كبير فاحش، مع ما انضم إلى ذلك من قتل خلق من الصحابة وأبنائهم، وقد تقدم أنه قتل الحسين وأصحابه على يدي عبيد الله بن زياد.
        وقد وقع في هذه الثلاثة أيام من المفاسد العظيمة في المدينة النبوية ما لا يُحَدّ ولا يُوصف، مما لا يعلمه إلا الله عز وجل، وقد أراد بإرسال مسلم بن عقبة توطيد سلطانه وملكه، ودوام أيامه من غير منازع، فعاقبه الله بنقيض قصده، وحالَ بينه وبين ما يشتهيه، فقصمه الله قاصم الجبابرة، وأخذه أخذ
        ـــــــــــــــــــــ
        (1) العبر في خبر من غبر : ج1 ص50 رقم (63) .
        (2) مشاهير علماء الأمصار : ص19 .


        عزيز مقتدر {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود : 102] (1) .

        5 : ابن حجر العسقلاني :
        يوم الحرة قتل فيه من الأنصار من لا يُحصى عدده ، وَنُهِبَتْ الْمَدِينَة الشَّرِيفَة ، وَبُذِلَ فِيهَا السَّيْف ثَلَاثَة أَيَّام ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَيَّام يَزِيد بْن مُعَاوِيَة ...(2) .

        قلت : وقد روى البخاري : عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، يَقُولُ : حَزِنْتُ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِالْحَرَّةِ فَكَتَبَ إِلَيَّ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَبَلَغَهُ شِدَّةُ حُزْنِي يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ (وآله) وَسَلَّمَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَلِأَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ ولأبناء الأنصار ، وَشَكَّ ابْنُ الْفَضْلِ فِي أَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ ، فَسَأَلَ أَنَسًا بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَقَالَ هُوَ الَّذِي يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الَّذِي أَوْفَى اللَّهُ لَهُ بِأُذُنِهِ (3) .

        وقال ابن حجر : قَوْله : ( حَزِنْت عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِالْحَرَّةِ ) ... وَكَانَتْ وَقْعَة الْحَرَّة فِي سَنَة ثَلَاث وَسِتِّينَ ، وَسَبَبهَا أَنَّ أَهْل الْمَدِينَة خَلَعُوا بَيْعَة يَزِيد بْنِ مُعَاوِيَة لَمَّا بَلَغَهُمْ مَا يَتَعَمَّدهُ مِنْ الْفَسَاد ، فَأَمَّرَ الْأَنْصَارُ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّه بْن
        ـــــــــــــــــــــ
        (1) البداية والنهاية : ج8 ص156 ، سنة ثلاث وستين .
        (2) فتح الباري بشرح صحيح البخاري : ج3 ص420 ، كتاب (الجنائز) باب (ما ينهى من النوح والبكاء والزجر عن ذلك) .
        (3) صحيح البخاري : ج6 ص192 ، باب قوله (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) .


        حَنْظَلَة بْن أَبِي عَامِر وَأَمَّرَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّه بْن مُطِيع الْعَدَوِيَّ ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَزِيد بْن مُعَاوِيَة مُسْلِمَ بْن عَقَبَة الْمُرِّيّ فِي جَيْش كَثِير فَهَزَمَهُمْ وَاسْتَبَاحُوا الْمَدِينَة وَقَتَلُوا اِبْن حَنْظَلَة وَقُتِلَ مِنْ الْأَنْصَار شَيْءٌ كَثِير جِدًّا ، وَكَانَ أَنَس يَوْمَئِذٍ بِالْبَصْرَةِ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَحَزِنَ عَلَى مَنْ أُصِيبَ مِنْ الْأَنْصَار ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ زَيْد بْن أَرْقَم وَكَانَ يَوْمَئِذٍ بِالْكُوفَةِ يُسَلِّيه ، وَمُحَصَّل ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يَصِير إِلَى مَغْفِرَة اللَّه لَا يَشْتَدّ الْحُزْن عَلَيْهِ ، فَكَانَ ذَلِكَ تَعْزِيَة لِأَنَسٍ فِيهِمْ (1) .

        6 : خير الدين الزركلي :
        مسلم بن عقبة ... وولاه يزيد بن معاوية قيادة الجيش الذي أرسله للانتقام من أهل المدينة بعد أن أخرجوا عامله، فغزاها وآذاها ، وأسرفَ فيها قتلا ونهبا في وقعة الحرة ... (2) .
        ـــــــــــــــــــــ
        (1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري : ج10 ص276 ، باب (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) .
        (2) الأعلام : ج7 ص222 .

        تعليق


        • #5
          أقوال العلماء في يزيد أذله الله


          وهذه أيضاً أقوال العلماء الذين كفروا ولعنوا وذموا يزيد بن معاوية لعنه الله :

          1 : الألوسي :
          الذي يغلب على ظني أن الخبيث لم يكن مصدقا برسالة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، وأن مجموع ما فعل مع أهل حرم الله تعالى وأهل نبيه عليه الصلاة والسلام وعترته الطيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات وما صدر منه من المخازي ليس بأضعف دلالة على عدم تصديقه من إلقاء ورقة من المصحف الشريف في قذر ؛ ولا أظن أنَّ أمره كان خافيا على أجلة المسلمين إذ ذاك ولكن كانوا مغلوبين مقهورين لم يسعهم إلا الصبر ليقضي الله أمرا كان مفعولا ، ولو سلم أن الخبيث كان مسلما فهو مسلم جمع من الكبائر ما لا يُحيط به نطاق البيان .
          وأنا أذهب إلى جواز لعن مثله على التعيين ولو لم يتصور أن يكون له مثل من الفاسقين ، والظاهر أنه لم يتب ، واحتمال توبته أضعف من إيمانه ، ويلحق به ابن زياد . وابن سعد ، وجماعة ، فلعنة الله عز وجل عليهم أجمعين ، وعلى أنصارهم وأعوانهم وشيعتهم ومَنْ مالَ إليهم إلى يوم الدين ما دمعت عين على أبي عبد الله الحسين ... (1) .
          ـــــــــــــــــــــ
          (1) روح المعاني : ج26 ص73 .


          2 : التفتازاني :
          اتفقوا على جواز اللعن على من قتل الحسين ، أو أمر به ، أو أجازه ، أو رضي به ، قال : والحق أن رضى يزيد بقتل الحسين ، واستبشاره بذلك ، وإهانته أهل بيت رسول الله صلى الله عليه (وآله) مما تواتر معناه ، وإن كان تفصيله آحاداً ، قال : فنحن لا نتوقف في شأنه ، بل في كفره وإيمانه ، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه (1) .

          3 : ابن الكمال .
          قال المناوي : قال المولى ابن الكمال : والحق أن لعن يزيد على اشتهار كفره وتواتر فظاعته وشره على ما عرف بتفاصيله جائز وإلا فلعن المعين ولو فاسقا لا يجوز بخلاف الجنس وذلك هو محمل قول العلامة التفتازاني ...(2) .

          قلت : وهكذا يتبين مبلغ علم الباحث النحرير !! والمناظر الخبير !! عثمان الخميس حيث قال فضيلته! : "... ولم يقل أحد إنَّ يزيداً خارج من ملة الإسلام ، بل أكثر ما قيل فيه إنه فاسق ، وهذا كما قلنا مبني على ثبوت ما ذكروه عليه من فسق ..." (3) .
          ـــــــــــــــــــــ
          (1) شذرات الذهب : ج1 ص123 .
          (2) فيض القدير شرح الجامع الصغير : ج1 ص204 رقم (281) .
          (3) حقبة من التاريخ : ص142 .


          قلت : صدق القائل :

          قتل الجهل أهله ... ونـَجَا كلّ مَنْ عَقـَلْ


          4 : القاضي أبو الحسين محمد ابن القاضي أبي يعلى الفراء .
          قال ابن الجوزي : وصنَّف القاضي أبو الحسين محمد ابن القاضي أبي يعلى الفراء كتاباً فيه بيان من يستحق اللعن ، وذكر فيهم يزيد ، وقال : الممتنع من ذلك إمّا أن يكون غير عالم بجواز ذلك ، أو منافقاً يريد أن يُوهمَ بذلك ! (1) .

          5 : السيوطي :
          لعن الله قاتله وابن زياد معه ويزيد أيضاً (2) .

          6 : حافظ الدين الكردي الحنفي .
          قال المناوي : وفي فتاوى حافظ الدين الكردي الحنفي : لعن يزيد يجوز ، لكن ينبغي أن لا يُفعل ... (3) !!.
          ـــــــــــــــــــــ
          (1) الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد : ص41 .
          (2) تاريخ الخلفاء : ص159 .
          (3) فيض القدير شرح الجامع الصغير : ج1 ص204 رقم (281) .


          7 : الذهبي :
          ... وكان ناصبياً ، فظاً ، غليظاً ، جلفاً ، يتناول المسكر ، ويفعل المُنكَر . افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين ، واختتمها بواقعة الحَرَّة ، فمقته الناس . ولم يُبارَك في عمره (1) .

          ـــــــــــــــــــــ
          (1) سير أعلام النبلاء : ج4 ص37 رقم (8) .



          جهل النواصب


          يتشبث أنصار يزيد بن معاوية حشرهم الله معه كالمتَمَشْيِخ المحترم جداً !! الذي لا يكذب أبداً!! عثمان الخميس بحديث رواه البخاري حيث قال : "قد ثبت عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أنه قال : "أول جيش يغزون مدينة قيصر مغفور لهم. رواه البخاري .
          وكان هذا الجيش بقيادة يزيد بن معاوية ، ويذكر أنه كان معه من سادات الصحابة ابن عمر وابن الزبير وابن عباس وأبو أيوب وذلك في سنة 49هـ" (1).

          قلت : قال المناوي : (مغفورٌ لهم) لا يلزم منه كون يزيد بن معاوية مغفوراً له لكونه منهم إذ الغفران مشروط بكون الإنسان من أهل المغفرة ، ويزيد ليس كذلك لخروجه بدليل خاص ، ويلزم من الجمود على العموم أنَّ من ارتدَّ ممن غزاها مغفور له وقد أطلق جمع محققون حلّ لعن يزيد به...(2) .

          وقال ابن حجر : قَالَ الْمُهَلَّب : فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْقَبَة لِمُعَاوِيَة لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ وَمَنْقَبَةٌ لِوَلَدِهِ يَزِيد لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا مَدِينَةَ قَيْصَرَ وَتَعَقَّبَهُ اِبْنُ التِّينِ وَابْن الْمُنِير بِمَا حَاصِلُه : أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ دُخُولِهِ فِي ذَلِكَ الْعُمُومِ أَنْ لَا يَخْرُجُ
          ـــــــــــــــــــــ
          (1) حقبة من التاريخ : ص142 .
          (2) فيض القدير شرح الجامع الصغير : ج3 ص84 رقم (2811) .


          بِدَلِيلٍ خَاصٍّ ، إِذْ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَغْفُورٌ لَهُمْ) مَشْرُوط بِأَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْمَغْفِرَةِ حَتَّى لَوْ اِرْتَدَّ وَاحِد مِمَّنْ غَزَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الْعُمُومِ اِتِّفَاقًا ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَغْفُورٌ لِمَنْ وُجِدَ شَرْطُ الْمَغْفِرَةِ فِيهِ مِنْهُمْ...(1) .

          قلت : فأين هذا الرجل من أقوال هؤلاء العلماء ؟!! أم أن الحب يعمي ويصمّ ؟!! وأين هو من الحديث الذي رواه أحمد بن حنبل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : من أخاف أهل المدينة أخافه الله عز وجل وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً.
          قال المحقق حمزة الزين : إسناده صحيح (2) .
          وقال المحقق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم ، وغير صحابية فمن رجال أصحاب السنن (3) .
          قلت : وبالإضافة إلى ما سبق ألا تعتقد أيها المتمشيخ بعدالة وإيمان جميع الصحابة ؟! أولم يقتل هذا المُجْرِم جمعاً منهم في وقعة الحَرَّة؟ وقد قال
          ـــــــــــــــــــــ
          (1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري : ج6 ص443 ، كتاب (الجهاد) باب (ما قيل في قتال الروم) .
          (2) المسند : ج13 ص63 و64 رقم (16512) .
          (3) المسند : ج27 ص94 رقم (16559) .


          سبحانه وتعالى { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء : 93] .
          لكن بعد كل هذه الأدلة الساطعة والبراهين اللامعة على كفر يزيد وجواز لعنه نجد أن هذا المغرم ببني آكلة الأكباد!! عنْوَنَ صفحة في كتابه الذي صار عاراً عليه في الدنيا ، وَوَبالاً في الآخرة باسم (أمير المؤمنين يزيد بن معاوية) (1) !!!
          فإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
          ـــــــــــــــــــــ
          (1) حقبة من التاريخ : ص126 .

          تعليق


          • #6


            الخــاتـمــة


            اعلم أيها المعاند أن ألسنتنا سياط على ظهوركم ، وأقلامنا سيوف على رقابكم إذا ما كَتَبتْ أياديكم الآثمة في تزوير الحقائق الثابتة عند المسلمين ، ومحاولة طمس ما جرى على أهل البيت عليهم السلام من قبل الطغاة الظالمين بعد رحيل حبيب رب العالمين صلى الله عليه وآله وسلم ، فاسعوا سَعْيَكم وكيدوا كيدكم واعلموا أن الله سبحانه لبالمرصاد ، فقد قال تعالى في كتابه المبين {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} [الأنفال : 18] .



            والحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين





            محمد زكريا



            عفا الله عنه وعن والديه



            14 ذو القعدة عام 1428هـ



            الموافق 24/ 11/ 2007م





            قـائـمــة المــراجـع




            -أ-

            1-أسد الغابة ، لابن الأثير الجزري ، تحقيق : علي محمد معوض وعادل أحمد عبدالموجود ، ط/دار الكتب العلمية بيروت – لبنان ، الطبعة الأولى 1417هـ-1996م.
            2-الإصابة في تمييز الصحابة ، لابن حجر ، ط/دار الكتاب العربي .
            3-الأعلام لخير الدين الزركلي.



            -ب-

            4-البداية والنهاية ، لابن كثير الدمشقي ، ط/دار إحياء التراث العربي 1417هـ1997م ، تقديم : محمد عبدالرحمن المرعشلي.



            -ت-

            5-تاريخ بغداد أو مدينة السلام ، للحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ، الناشر : دار الكتاب العربي ، بيروت.
            6-تاريخ الخلفاء ، لجلال الدين السيوطي ، تحقيق : أحمد إبراهيم زهوه وسعيد بن أحمد العيدروسي ، دار الكتاب العربي ، الطبعة الثانية 1420هـ-1999م.
            7-تاريخ دمشق ، لابن عساكر ، تحقيق : محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري ، دار الفكر ، الطبعة الأولى 1418هـ-1997م.
            8-تذكرة الحفاظ ، للذهبي ، ط/دار الكتب العلمية بيروت –لبنان 1419هـ-1998م.


            9-تقريب التهذيب ، لابن حجر ، ط/مؤسسة الرسالة 1416هـ-1996م ، بعناية عادل مرشد.
            10-تهذيب التهذيب ، لابن حجر ، دار إحياء التراث العربي ، الطبعة الثانية 1413هـ-1993م.



            -ث-

            11-الثقات ، ابن حبان ، تحقيق : السيد شرف الدين أحمد ، الناشر : دار الفكر ، الطبعة الأولى 1395هـ-1975م.



            -ج-

            12-الجرح والتعديل ، [لابن أبي حاتم الرازي] ، نشر دار إحياء التراث العربي – بيروت ، الطبعة الأولى 1371هـ-1952م.



            -ح-

            13-حقبة من التاريخ ، لعثمان بن محمد الخميس ، تقديم د.محمد إسماعيل المقدم ود.السيد محمد نوح ، دار الإيمان للطبع والنشر والتوزيع.



            -ر-

            14-الرد على المتعصب العنيد المانع من ذمّ يزيد ، لعبدالرحمن بن الجوزي ، تحقيق : د.هيثم عبدالسلام محمد ، دار الكتب العلمية ، بيروت –لبنان ، الطبعة الأولى 1426هـ-2005م.
            15-روح المعاني ، للآلوسي ، الناشر د دار إحياء التراث العربي – بيروت.



            -س-

            16-السنة ، للخلال ، تحقيق : د.عطية بن عتيق الزهراني ، الناشر ط دار الراية – الرياض ، الطبعة الأولى ، 1410هـ.


            18-سير أعلام النبلاء ، للذهبي ، تحقيق : شعيب الأرنؤوط ، ط/مؤسسة الرسالة ، الطبعة الحادية عشرة 1419هـ-1998م.



            -ش-

            19-شذرات الذهب ، لابن العماد الحنبلي ، ط/دار الكتب العلمية ، بيروت-لبنان 1419هـ-1998م ، دراسة وتحقيق : مصطفى عبدالقادر عطا.



            -ص-

            20-صحيح البخاري ، لمحمد بن إسماعيل البخاري ، ط/الشركة المتحدة لتوزيع الصحف والمطبوعات ، الكويت.



            -ط-

            21-الطبقات الكبرى ، لابن سعد [كاتب] الواقدي ، دار صادر – بيروت.



            -ع-

            22-العبر في خبر من غبر ، للذهبي ، تحقيق : محمد السعيد بن بسيوني زغلول ، دار الكتب العلمية ، بيروت – لبنان.



            -ف-

            23-فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، لابن حجر ، ط/شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده 1378هـ-1959م.
            24-فيض القدير شرح الجامع الصغير ، للمناوي ، الناشر : المكتبة التجارية الكبرى – مصر ، الطبعة الأولى ، 1356هـ.




            -ك-

            25-الكاشف ، للذهبي ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى 1418هـ-1997م.



            -ل-

            26-لسان الميزان ، لابن حجر ، دار الفكر ببيروت – لبنان ، الطبعة الأولى 1407هـ-1987م.



            -م-

            27-مجمع الزوائد ، للهيثمي ، ط/دار الكتب العلمية ، بيروت-لبنان ، 1408هـ-1988م.
            28-المسند ، لأحمد بن حنبل ، تحقيق : حمزة أحمد الزين ، ط/دار الحديث القاهرة 1416هـ-1995م.
            29-المسند ، لأحمد بن حنبل ، تحقيق : شعيب الأرنؤوط ، ط/مؤسسة الرسالة ، الطبعة الأولى ، 1419هـ-1999م.
            30-مشاهير علماء الأمصار ، ابن حبان ، الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت ، 1959م.
            31-المعجم الكبير ، للطبراني ، تحقيق : حمدي بن عبدالحميد السلفي ، الناشر : مكتبة العلوم والحكم ، الموصل ، الطبعة الثانية ، 1404هـ-1983م.



            -و-

            32-الوافي بالوفيات ، للصفدي ، تحقيق : أحمد الأرنؤوط وتركي مصطفى ، دار إحياء التراث العربي ، الطبعة الأولى ، 1420هـ-2000م.



            تعليق


            • #7
              الموضوع الصفحة

              المقدمة وسبب التأليف..................................... 3

              يزيد ورأس الإمام الحسين عليه السلام..................... 5
              -ترجمة الرواة............................................ .. 6
              -عبدالوهاب بن المبارك................................... 6
              -أبو الحسين بن عبدالجبار................................. 6
              -الحسين بن علي الطناجيري ............................. 6
              -خالد بن خداش ......................................... 7
              -حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي ............... 7
              -جميل بن مرة الشيباني .................................. 8
              -عباد بن نسيب أبو الوَضيء ............................ 8
              استباحة المدينة النبوية وقتل الصحابة!! ................. 15
              -أحمد بن حنبل......................................... 15
              - محمد بن أحمد الذهبي................................. 15
              - محمد بن حبان........................................ 16
              -إسماعيل بن كثير...................................... 16


              -ابن حجر العسقلاني..................................... 17
              -خير الدين الزركلي...................................... 18
              أقوال العلماء في يزيد أذله الله............................. 19
              -الألوسي........................................... ...... 19
              -التفتازاني........................................ ........ 20
              -ابن الكمال............................................ .. 20
              -القاضي أبو الحسين محمد ابن القاضي أبي يعلى الفراء.... 21
              -السيوطي........................................... ...... 21
              -حافظ الدين الكردي الحنفي.............................. 21
              -الذهبي............................................ ........ 22
              جهل النواصب........................................... ... 23
              الخاتمة........................................... ............ 26
              قائمة المراجع........................................... ..... 27

              ــ خاتمة النسخ ـــ
              قلت ـــ أنا مرآة التواريخ ـــ : انتهيت من استنساخه عن نسخته المُصوَّرة صبيحة يوم الثلاثاء 17 جمادى الأولى من عام 1430هـ.
              الموافق 12 / 5 / 2009م.
              في جلستين اثنتين.
              ثم أعدتُ مراجعته في جلسة واحدة يوم الأربعاء 18 من جمادى الأولى من عام 1430هـ.
              الموافق 13/5/2009م.

              والحمد لله على حسن التوفيق.


              وصلى الله على محمد وآله الطاهرين . واللعنة على أعدائهم من الأولين والآخرين.

              تعليق


              • #8
                اللهم العن من قتل الحسين ومن رضي بقتل الحسين ومن أشار الى قتل الحسين ومن لم يحزن على قتل الحسين.

                تعليق


                • #9
                  أول جيش يغزون البحر)اتخاذ النواصب منها منقبة ليزيد - هل هي صحيحة؟(حسن فرحان المالكي) :



                  روى البخاري في صحيحه رواية طالما استدل بها النواصب على فضل معاوية وابنه يزيد
                  بقولهم - أي النواصب - : أن هذا الجيش كان في خلافة معاوية وبقيادة ولده يزيد بن معاوية

                  وإليكم الرواية ...

                  صحيح البخاري - كتاب الجهاد زالسير - ما قيل في قتال الروم
                  http://hadith.al-islam.com/Display/D...E1%CD%CF%ED%CB


                  2707 - ‏حدثني ‏ ‏إسحاق بن يزيد الدمشقي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏يحيى بن حمزة ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏ثور بن يزيد ‏ ‏عن ‏ ‏خالد بن معدان ‏ ‏أن ‏ ‏عمير بن الأسود العنسي ‏ ‏حدثه أنه أتى ‏ ‏عبادة بن الصامت ‏ ‏وهو نازل في ساحة ‏ ‏حمص ‏ ‏وهو في بناء له ومعه ‏ ‏أم حرام ‏ ‏قال ‏ ‏عمير ‏ ‏فحدثتنا ‏ ‏أم حرام ‏ ‏أنها ‏
                  ‏سمعت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول :‏ ‏أول جيش من أمتي يغزون البحر قد ‏ ‏أوجبوا .
                  ‏قالت ‏ ‏أم حرام :‏ ‏قلت : يا رسول الله أنا فيهم ؟ .
                  قال : أنت فيهم .
                  ثم قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم :‏ ‏أول جيش من أمتي يغزون مدينة ‏ ‏قيصر ‏ ‏مغفور لهم .
                  فقلت : أنا فيهم يا رسول الله ؟ .
                  قال : لا . انتهى

                  قال ابن حجر في شرح الحديث في فتح الباري :
                  (وأم حرام بمهملتين تقدم ذكرها في أوائل الجهاد في حديث أنس وقد حدث عنها أنس هذا الحديث أتم من هذا السياق .
                  وأخرج الحسن بن سفيان هذا الحديث في مسنده عن هشام بن عمار عن يحيى بن حمزة بسند البخاري وزاد في آخره " قال هشام رأيت قبرها بالساحل " . ‏

                  ‏قوله : ( يغزون مدينة قيصر ) ‏
                  ‏يعني القسطنطينية .
                  قال المهلب : في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر ومنقبة لولده يزيد لأنه أول من غزا مدينة قيصر .
                  وتعقبه ابن التين وابن المنير بما حاصله : أنه لا يلزم من دخوله في ذلك العموم أن لا يخرج بدليل خاص إذ لا يختلف أهل العلم أن قوله صلى الله عليه وسلم مغفور لهم مشروط بأن يكونوا من أهل المغفرة حتى لو ارتد واحد ممن غزاها بعد ذلك لم يدخل في ذلك العموم اتفاقا فدل على أن المراد مغفور لمن وجد شرط المغفرة فيه منهم .

                  وأما قول ابن التين : "يحتمل أن يكون لم يحضر مع الجيش" فمردود إلا أن يريد لم يباشر القتال فيمكن فإنه كان أمير ذلك الجيش بالاتفاق .
                  وجوز بعضهم أن المراد بمدينة قيصر المدينة التي كان بها يوم قال النبي صلى الله عليه وسلم تلك المقالة وهي حمص وكانت دار مملكته إذ ذاك ، وهذا يندفع بأن في الحديث أن الذين يغزون البحر قبل ذلك وأن أم حرام فيهم وحمص كانت قد فتحت قبل الغزوة التي كانت فيها أم حرام والله أعلم .

                  قلت : وكانت غزوة يزيد المذكورة في سنة اثنتين وخمسين من الهجرة وفي تلك مات أبو أيوب الأنصاري فأوصى أن يدفن عند باب القسطنطينية وأن يعفى قبره ففعل به ذلك فيقال إن الروم صاروا بعد ذلك يستسقون به وفي الحديث أيضا الترغيب في سكنى الشام ‏

                  ‏وقوله " قد أوجبوا " ‏
                  ‏أي فعلوا فعلا وجبت لهم به الجنة .) انتهى كلام ابن حجر .



                  يقول مرآة التواريخ : فهل هذه الرواية صحيحة ؟‍‍!! وإن صحَّت - جدلاً - فهل يصحّ لهم الاستدلال بها على فضل معاوية وابنه يزيد ؟!!!

                  نسمع الأستاذ المالكي الحنبلي ماذا يقول : ...

                  ـــــــــــــــــــــــــــ
                  قال الأستاذ حسن بن فرحان المالكي في كتابه "مع الشيخ عبدالله السعد في الصحبة والصحابة" ص168 - 181 بخصوص الرواية المذكورة والمنسوبة للنبي صلى الله عليه وآله والتي طالما استدل بها النواصب على فضل معاوية وابن يزيد
                  قال ما نصه - يرد على الشيخ السلفي عبدالله السعد - :

                  ( حديث أم حرام في ( غزو البحر) :
                  صحح الشيخ وفقه الله ص60 حديث عمير بن الأسود العنسي عن أم حرام أنها سمعت النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” يقول: (أول جيش يغزون البحر قد أوجبوا).

                  وقال الشيخ: وأول جيش غزا البحر من المسلمين كان بقيادة معاوية وهذه منقبة عظيمة له ومعنى (أوجبوا) أي وجبت لهم الجنة. أهـ.

                  أقول: ارتكب الشيخ عدة ملحوظات في هذه الجملة الصغيرة وكأنه ليس الشيخ المحدث العارف بالعلل، العارف بالحديث الشاذ!

                  وحديث (غزو البحر) وكلام الشيخ عليه يحتاج لعدة وقفات منها:

                  1- إعادة ما تم بتره أو إهماله من الحديث –ربما بلا قصد- والجواب على ما استدل به بعضهم من ظاهره وخروج معاوية ويزيد من عموم الحديث بأدلة خاصة.

                  2- بيان شذوذ الحديث إسناداً ومتناً.
                  3- بيان إشكالات متنية أخرى.
                  4- بيان أن معاوية لم يكن الأمير على الراجح وإنما الأمير المنذر بن الزبير،

                  5- أن الأصل في أمراء السوء أن يكون جهادهم للغنيمة والذكر وليس للجهاد،

                  6- الكشف عن أصل الحديث،

                  7- خطاب الإجمال لا يتناول جميع الأفراد وقد كان في تلك الغزوة نصارى.

                  8-من قتل أم حرام؟

                  9- ضعف حديث أهل الشام على وجه الإجمال.

                  60-:التفصيل في الملحوظات:

                  أولاً: بتر الحديث:
                  على افتراض صحة الحديث وصحة قول الشيخ فإن الشيخ بتر الحديث ولو أكمله لكان فيه الجواب والحديث كاملاً هو (أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا) قالت أم حرام: قلت: يا رسول الله: أنا فيهم، قال أنت فيهم، ثم قال النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” (أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم، فقلت: أنا فيهم يا رسول الله: قال: لا) والحديث في البخاري (3/1069).

                  وأقول:الحديث مبتور فإن كان الشيخ قد بتره بغير تعمد من سهو أو تأويل فهذا ظننا فيه، وإن كان قد بتره بتعمد فهل تدرون لما حذف الشيخ آخر الحديث –إن كان قد تعمد ذلك -؟!

                  الجواب: لأن آخر الحديث يجيب على أوله؛ فآخره – حسب الفهم الذي فهمه الشيخ- سيكون فيه بشارة وثناءً على يزيد بن معاوية وبشارة له بالجنة وأنه مغفور له؟!

                  ولكن الشيخ لا يرى هذا فهو – فيما يبدو- يرى فسق يزيد وبناءً على هذا ذكر أول الحديث ولو ذكر آخره معه لكان فيه الجواب، فالجواب في إخراج يزيد يمكن به إخراج معاوية، ويلزم الشيخ هنا إن رأى أن الحديث يوجب لكل فرد من هؤلاء الجنة أن يشهد لمعاوية ويزيد بالجنة ويشهد لبعض النصارى الذين كانوا معهما في تلك الغزوة بالجنة!

                  وهذا ما لم يفهمه أحد من أهل العلم ومازال الصالحون سلفاً وخلفاً على ذم يزيد فمنهم من فسقه وبعضهم كفّره، ومن أخرج يزيد لسوء سيرته يستطيع إخراج غيره كمعاوية ومروان وعبد الملك والوليد بن يزيد وغيرهم.

                  وقد سبق القول بأن العموم لا يستدل به على موضع النـزاع وإذا كان عبد الله بن أبي قد خرج من الوعد العام لأهل بيعة الرضوان على وضوح الحديث وقوته وقلة اهل الرضوان فخروج معاوية ويزيد من هذا الوعد العام أسهل وأوضح، وكذلك خروج النصارى - الذين كانوا في ذلك الجيش - من عموم الحديث.

                  والعلماء يفرقون بين صالح مستحق الجنة والمغفرة ومن ظهر عليه خلاف ذلك، فوعد الله للمجاهدين في سبيل الله بالجنة صريح في القرآن الكريم لكن لا يعني هذا البشارة بالجنة لكل من شارك في تلك المعارك لأنه سيكون فيهم المقاتل حمية أو طمعاً أو رياءً أو تصنعاً ……الخ وإذا وجد هذا في بعض المقاتلين مع النبي ( ص ) فمن باب أولى أن يوجد ذلك في بعض من قاتل بعد ذلك.

                  ولذلك نجد الحافظ المناوي في فيض القدير (3/84) يقول: (لا يلزم من قوله: (مغفور لهم) كون يزيد مغفوراً له لكونه منهم إذ الغفران مشروط بكون الإنسان من أهل المغفرة ويزيد ليس كذلك لخروجه بدليل خاص؛ ويلزم من الجمود على العموم أن من ارتد ممن غزاها مغفور له وقد أطلق جمع من المحققين حل لعنة يزيد، حتى قال التفتازاني: الحق أن رضى يزيد بقتل الحسين وإهانته أهل البيت مما تواتر معناه وإن كان تفاصيله آحاداً فنحن لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه، قال الزين العراقي وقوله (بل في إيمانه) أي بل لا يتوقف في عدم إيمانه بقرينة ما قبله وما بعده)أهـ.

                  إذن فظلم يزيد على الأقل – فضلاً عن من يرى كفره- كان كافياً لإخراجه من العموم.

                  وكذلك معاوية كان من أهل البغي بالنص المتواتر والبغي هو الظلم
                  وقد جاءت الدلائل الكثيرة والقرائن العديدة على رضاه بهذا البغي وإصراره عليه وإتيانه بلوازمه وهذا مما بسطه أهل الأخبار وله دلائل من الأحاديث النبوية الصحيحة التي فيها ذم للملك العضوض والعضوض هو الظالم وفيها تخصيص لمعاوية على الأرجح بأنه أول من يغير سنة النبي “صلى الله عليه وآله وسلم”
                  إضافة إلى رضاه بقتل عمار وقاتله وسالبه في النار
                  إضافة لثبوت لعن النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” له في أحاديث صحيحة الأسانيد –ستأتي -
                  إضافة لاتهام كبار البدريين له كعبادة بن الصامت بأنه (من أمراء السوء) الذين حذر منهم النبي “صلى الله عليه وآله وسلم”
                  واتهام عمار بن ياسر له في دينه وشكه في إسلامه
                  بل ورد عن عمار بن ياسر أيضاً ما يدل على اتهامه لمعاوية بأنه من المنافقين الذين حاولوا اغتيال النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” في قصة عقبة غزوة تبوك وهذا الحديث أخرجه مسلم.

                  على أية حال: ما يزيد إلا سيئة من سيئات معاوية وصنعة من صنائعه التي ابتلى بها الأمة وأكرههم على بيعته وهو يعلم فسقه وظلمه ووجود من هو أولى منه وأعدل لكنه الملك العضوض وزينة الدنيا التي قاتل عليها معاوية من قبل، حتى قال عبدالرحمن بن أبي بكر عن ملك معاوية ويزيد ( سنة هرقل وقيصر) – راجع الآثار الصحيحة في ذلك التي ذكرها الحافظ ابن حجر في شرحه لتفسير سورة الأحقاف من صحيح البخاري.

                  وقد أجاب الحافظ ابن حجر أيضاً على هذا الحديث بقوله: (ومشروعية الجهاد مع كل إمام لتضمن الحديث الثناء على من غزا مدينة قيصر وكان أمير تلك الغزوة يزيد بن معاوية ويزيد يزيد! وثبوت فضل الغازي إذا صلحت نيته) [122].

                  أقول: هاهو الحافظ يستثني من ساءت سيرته كيزيد ويشترط ثبوت الفضل بصحة النية ونحن علمنا أن معاوية ممن ساءت سيرته بالأحاديث الصحيحة والآثار الصحابية وإنما الذي منع من ذلك كونه تولى فترة طويلة وعمل بدهائه على إظهار أنه مجتهد صالح النية لكن سوء النية كان لها دلائل ظاهرة لا نريد التوسع في هذا الموضع.

                  ثانياً: شذوذ الحديث إسناداً ومتناً:
                  ثم الحديث الذي أورده الشيخ شاذ ولو جمع الشيخ طرقه لحكم عليه بالشذوذ ولو كان في صحيح البخاري.

                  والشاذ في أبسط تعريفاته هو: مخالفة الثقة لما هو أوثق منه.

                  والحديث باللفظ الآخر الأقوى، رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأحمد وابن حبان وأبو عوانة كلهم من طريق مالك عن إسحاق بن عبد الله عن أنس بن مالك عن أم حرام،

                  ورواه مسلم وأبو عوانة والطبراني في الكبير والنسائي وأحمد في المسند من طريق يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أنس عن أم حرام،

                  ورواه الطبراني عن المختار بن فلفل عن أنس عن أم حرام،

                  كل هؤلاء رووه عن أنس عن أم حرام بلفظ آخر وهو (أن رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” كان يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” يوماً فأطعمته ثم جلست تفلي رأسه فنام رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” ثم استيقظ وهو يضحك قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟! قال: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة، قالت: فقلت: يا رسول الله أدع الله أن يجعلني منهم فدعا لها ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله كما قلت في الأولى، قالت: فقلت: يا رسول الله أدع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت من الأولين.

                  فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمن معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت) [123].

                  أقول: وهذا الحديث خالف فيه عمرو بن الأسود أنس بن مالك وأنس أوثق منه، وخالف خالد بن معدان (تلميذ ابن الأسود) أربعةً من الثقات هم إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ومحمد بن يحيى بن حبان وعبد الله بن عبدالرحمن بن معمر الأنصاري والمختار بن فلفل.

                  وخالف ثور بن يزيد وهو ناصبي كلاً من مالك ويحيى بن سعيد وإسماعيل بن جعفر وزائدة وغيرهم.

                  أقصد أن طريق ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عمير بن الأسود شاذ يعارض الطرق الكثيرة عن أنس بن مالك مما يدل على أن أحد الثلاثة (الأسود أو خالد بن معدان أو ثور بن يزيد) لم يحفظ الحديث إن أحسنا الظن.

                  وإن أسأنا الظن قلنا: هؤلاء الثلاثة في إسناد ابن الأسود نواصب في الجملة والنواصب يحبون معاوية ويضعون في فضله الأحاديث أو يروونها بمعنى مغاير وهذه منها،

                  أي مما نجزم به أن لفظ الأئمة عن أنس عن أم حرام أولى من لفظ ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عمير بن الأسود عن أنس فهذا مثال للشاذ، ويستطيع المتعنت أن يجمع بين اللفظين وأن هذا هو هذا.

                  ونحن نقول لا فالنبي “صلى الله عليه وآله وسلم” إما أن يكون نطق هذا أو هذا فالمناسبة واحدة، والرواية بالمعنى هي الأصل في معظم الأحاديث النبوية ولذلك لا بد من تحرير اللفظ الأقرب للصواب.

                  ثالثاً: إشكالات أخرى في المتن:
                  الحديث هذا الذي رواه أنس عن أم حرام اختلف في ألفاظه اختلافاً كبيراً بين راوٍ له بطوله ومقتصر على بعضه ومغير في بعض الألفاظ فمثلاً رواية أحمد (3/240) عن أبي سلمة عن مالك عن إسحاق عن أنس عن أم حرام وهو من أوثق الطرق؛ ومع هذا ليس فيه الدعاء لأم حرام ولا أنها شهدت تلك الغزوة ولا أن الناس غزو قبرص في زمن معاوية.. فهل الزيادة مدرجة من الرواة الآخرين؟ يحتاج لبحث.

                  وفي أحد الألفاظ في البخاري أن أم حرام يوم زارها النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” كانت تحت عبادة بن الصامت وفي بعضها لم يتزوجها إلا فيما بعد.

                  واستشكل بعضهم دخول النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” على امرأة ليست من محارمه وكيف يجعل رأسه في حجرها وتفلي رأسه؟!

                  وهذه الرواية تجعل الغزوتين في البحر ورواية عمير بن الأسود الشاذة تجعل غزوة في البحر وغزوة في البر (مدينة قيصر)!

                  وظاهر الرواية أن غزوة أم حرام كانت في عهد معاوية مع أن أم حرام ماتت قبل ذلك وكذا زوجها عبادة بن الصامت مات قبل ملك معاوية وبعضهم جمع بأن المقصود بزمن معاوية يعني زمن إمارته على الشام لا زمن ملكه وهذا محتمل.

                  وجاء في روايات أنها صرعت في قبرص وروايات أخرى أنها صرعت على ساحل حمص بالشام.

                  وجاءت رواية على شرط الصحيح أن أميرهم لم يكن معاوية وإنما كان المنذر بن الزبير –كما سيأتي- وأن وفاة أم حرام كانت بالشام لا بقبرص ويدل على ذلك قولهم: (في زمان معاوية بن أبي سفيان).

                  رابعاً: أمير الجيش المنذر بن الزبير وليس معاوية :
                  أن أمير الجيش فيما يبدو هو المنذر بن الزبير لا معاوية بن أبي سفيان فقد روى إسحاق بن راهويه في مسنده (1/147) والإمام أحمد المسند (6/435) كلهم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار ورواه الطبراني (25/134) وابن عبد البر في التمهيد (1/239) كلاهما من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار (أن امرأة حدثته [124] قالت: نام رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” ثم استيقظ وهو يضحك فقلت: تضحك مني يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن من قوم من أمتي يخرجون غزاة في البحر مثلهم مثل الملوك على الأسرة، قالت: ثم نام ثم استيقظ أيضاً يضحك، فقلت: تضحك يا رسول الله مني؟ قال: لا، ولكن من قوم من أمتي يخرجون غزاة في البحر فيرجعون قليلة غنائمهم مغفوراً لهم؟ قالت: أدع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها.

                  قال: فأخبرني عطاء بن يسار قال: فرأيتها في غزاة غزاها المنذر بن الزبير إلى أرض الروم وهي معنا فماتت بأرض الروم).

                  قلت: أخرجه أحمد في المسند (10/ 408- طبعة دار الفكر) وسنده صحيح.

                  وقال ابن حجر سنده على شرط الصحيح (فتح الباري 11/76).

                  فهذه الرواية تبين أن الأمير لم يكن معاوية وإنما كان المنذر بن الزبير ويدل عليه روايات البخاري ومسلم التي تقول: (في زمان معاوية..) فلعلها في عهده وهو ملك أو في عهد إمارته ولو كان أمير الحملة لما قيل في (زمن معاوية) ولصرح الرواة بأنه كان قائد الحملة.

                  وعلى أية حال: كان معاوية القائد أو المنذر بن الزبير أو يزيد بن معاوية فهذا الثناء العام لا يتناول الأفراد الذين غلب ظلمهم وسوء سيرتهم كما سبق في كلام ابن حجر والمناوي.

                  خامساً: أمراء بني أمية والجهاد:
                  الحديث فيه فضيلة المجاهدين الغازين البحر وليس بالضرورة أن يكون أمراؤهم منهم لأن أهداف أمراء بني أمية وملوكهم كانت للدنيا وليس للدين وهذا في الأصل كما روى عبد الرزاق [125] عن معمر عن أيوب عن أبي جمرة الضبعي قال: قلت لابن عباس: إنا نغزو مع هؤلاء الأمراء فإنهم يقاتلون على طلب الدنيا، قال ابن عباس: فقاتل أنت على نصيبك من الآخرة).

                  أقول: الإسناد صحيح على شرط الشيخين وفيه إقرار ابن عباس لأبي جمرة بأن قتال الأمراء في عهدهم –وهم أمراء بني أمية لأن ابن عباس مات بعد الثمانين- كان للدنيا لا الدين وهذا لولا ظهوره في أمراء بني أمية لأنكر ابن عباس على تلميذه أبي جمرة.

                  وإذا كانت أهداف بني أمية في الفتوحات هي الدنيا لا الآخرة فهل فعلهم يعد فتوحات إسلامية أم أنه لا يجوز أن نحمل الإسلام أخطاءهم ومظالمهم التي فعلوها باسم الدين ؟! فهم لم يظلموا الأمم الأخرى فقط [126] وإنما ظلموا المسلمين أيضاً وأحداثهم في المدينة وصفين ومصر واليمن والحرة شاهدة على أهدافهم أو على الأقل يكون التشكيك في أهدافهم أمراً جائزاً بخلاف الخلفاء العادلين كالأربعة وعمر بن عبد العزيز ونحوهم من أهل العدل.

                  ومعاوية خاصة ممن شكك بعض العلماء في جهوده الشامية بأنها تهيئة وتصنع للخلافة ولذلك كان الحسن البصري يقول: -(والله لقد كان يتصنع للخلافة من عهد عمر)!.

                  بل قال ابن سيرين ( والله إني لأراه كان يتصنع لها من عهد أبي بكر وعمر) [127].
                  قلت : الحسن وابن سيرين مع هذا كانا في نظر المعارضة موالين لبني أمية، وأخفهما موالاة الحسن البصري وقد عمل لبني أمية، فانظروا إلى مقدار التحول الذي حدث عند المسلمين.
                  والحسن وابن سيرين لم يدركا عهد أبي بكر وعمر وإنما يعبران عن رأيهما بحكم ما يصلهما من سيرة الرجل، نعم الحسن قد أدرك أميراً وباغياً وملكاً.

                  سادساً: أصل الحديث:
                  أصل هذا الحديث هو فضيلة الغزو في البحر فقط فقد روي هذا الحديث بإسناد صحيح –أو حسن على الأقل- عن أم حرام بلفظ آخر وهو (ذكر رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” غزاة البحر فقال: (للمائد أجر شهيد وللغريق أجر شهيدين، فقلت: يا رسول الله: أدع الله أن يجعلني منهم، قال: اللهم اجعلها منهم، فركبت البحر فلما خرجت ركبت دابة فسقطت فماتت).

                  أقول: فهذا أصل الحديث فيما يظهر لي والله أعلم، وفيه ترغيب عام في غزو البحر ودعا لها رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” أن تكون من الغازين وهذا مشروط بصحة النية –كما قال ابن حجر- ومشروط أيضاً بعدم الركون إلى الارجاء والمجاهرة بالمعاصي وارتكاب المظالم.

                  إذن فهذا الحديث يفيد أن المراد بـ (الأولين) في الحديث هم الذين تميد بهم السفن في كل زمان ومكان لهم أجر واحد وأن (الآخرين) أي الصنف الآخر وهم الغرقى في سبيل الله لهم أجر شهيدين.

                  ويكون قوله : (أنت من الأولين) يعني من الصنف الأول.
                  وكلاهما المائد بهم البحر أو الغرقى مشروط بصحة النية والسلامة من المظالم لأن الشخص توزن أعماله الحسنة والسيئة، مثلما هناك أحاديث في الترغيب في الغزو وفضله فهناك أحاديث في الترهيب من الظلم والربا والخمر وقتل الصالحين وبغض الأنصار وبغض علي وإضاعة الأمانة ونحو هذا..

                  فإذا كان غزو البحر –على أنه آحاد- فيه فضيلة لمعاوية إن افترضنا حسن النية وصلاحها فهو معارض بحديث عمار المتواتر وحديث غدير خم وهو متواتر وحديث الترهيب من أذية أهل المدينة والترهيب من بغض الأنصار والترهيب من معاداة الإمام علي وأهل البيت وهذه الأحاديث بعضها يصل للتواتر أما حديث أم حرام فهو على صحة إسناده مضطرب المتن والفضيلة مشروطة بشروط بينها العلماء وليس الأمر بهذه السهولة أن يستوي من يغزو لله ومن يغزو للدنيا أو يغزو للذكر والسمعة أو للحمية..

                  وهذه كلها جاء بيانها في نصوص شرعية.

                  سابعاً: خطاب الإجمال لا يتناول جميع الأفراد:
                  الفضل في العموم لا ينـزل على كل فرد.

                  وغزو المسلمين للروم ليس بأفضل ولا أشرف من غزو النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” للكفار واليهود ومع ذلك لم يكن كل الذين غزوا مع النبي مبرئين من النفاق أو الظلم وكان فيهم أفراد متهمون كقزمان وكركرة ومعتب بن قشير والجلاس بن سويد ومحلم بن جثامة وغيرهم ظهرت منهم أشياء سواءً في الغزوات وهذه الأشياء ذُكروا بها في كتاب الله عز وجل في كتابه أو جاء ذلك عن النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” في أحاديث صحيحة أو نقلها المحدثون وأهل العلم بالسير والأخبار.

                  فمعتب بن قشير قيل أنه قد شهد بدراً وبقي الخلاف فيه هل هو من المنافقين أم من المؤمنين الصادقين؟! وراجعوا إن شئتم تراجمه في الإصابة وغيرها فالخلاف فيه مشهور بين الصحابة والتابعين وغيرهم من علماء السلف.

                  وكذا الحال في كثير من المتهمين كالجلاس بن سويد وذي الخويصرة –وقد شهد الرضوان- وأوس بن قيظي وقد شهد أحداً وغيرهم [128] أما ما نفهمه اليوم ونُفْهمه الناس بأن الله عز وجل قد غفر للصحابي ما تقدم من ذنبه وما تأخر! فهذا يخالف فهم الصحابة أنفسهم الذين كانوا يخشون من العذاب ويتمنى الواحد منهم أنه يموت لا عليه ولا له، ولو كان يعرف أن الأحاديث التي جاءت في فضل الصحابة لها الدلالة القطعية على كل فرد وأنها ليست مشروطة بحسن الإسلام والبقاء على الإسلام وصلاح السيرة لأدركهم الإرجاء ولما شك بعضهم أنه في الجنة.

                  تدبروا سير الصحابة الكبار فضلاً عن غيرهم وانظروا كيف يفهمون هذه الأحاديث؟ وهل يفهمون فهمنا أم أننا على غير فهم السلف الصالح؟! أم أن الصحابة ليسوا من السلف الصالح؟! وهل فهم النواصب وغلاة الحنابلة وغلاة المرجئة أولى بالصواب حتى يدخل في الفضل والتبشير بالجنة سائر الطلقاء ويصبحوا على قدم المساواة مع من أقام الدين من المهاجرين والأنصار الذين هم مبشرون في جملتهم لا في أفرادهم بالجنة؟! [129].

                  ثامناً: من قتل أم حرام؟!:
                  سواء كان معاوية قائد الحملة التي كانت فيها أم حرام أم لم يكن فمن المحتمل أنه كان السبب في مصرعها لأسباب عامة وخاصة،

                  ومنها أن أم حرام كانت زوجة الصحابي الجليل عبادة بن الصامت رضي الله عنه وكان عبادة –شأنه شأن بقية الصحابة يغزون مع كل بر وفاجر- وقد كان سيئ الرأي في معاوية ويرى بأن معاوية من أمراء السوء الذين حذر منهم النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” كما أخرج ذلك بسند حسن كل من ابن عساكر والشاشي والبزار والطبراني وغيرهم عن عبادة بن الصامت [130] وإنكاره على معاوية بيع الخمر ثم ذهابه إلى المدينة من أجل إغراء معاوية به [131].

                  فبيت آل عبادة بن الصامت كانوا على خلاف مع معاوية ويعرفون الأحاديث العامة والخاصة في ذمه فلذلك مات الاثنان أم حرام وعبادة بن الصامت قبل مقتل عثمان فقد كان معاوية يتوقع مقتل عثمان وكان يخشى من بعض الصالحين في الشام! أن يفسدوا عليه أهل الشام فعمل على نفي أبي ذر ثم نفي عبادة بن الصامت فنجح في الأول ولم يستطع في الثاني وعمل على أن يصفو له الشام بين قبائل كلب وغسان وحمير وكندة وغيرهم من القبائل التي لم يكن لها سابقة في الإسلام ولا تعرف المهاجرين ولا الأنصار!

                  وإن صح أنه أمير الحملة فالمرجح لاغتياله أم حرام أمران –وكلاهما دليل ظني لا قطعي- :

                  الأمر الأول: قولهم في الرواية (فقُدَّمت لها بغلة لتركبها)!.

                  يا ترى من الذي قدم تلك البغلة المجنونة؟! التي تطير بمن لا تعرفه حتى يندق عنقه؟!

                  الدليل الثاني: جاء وصف البغلة في بعض الروايات الصحيحة بأنها (شهباء)! وهذه صفة بغال معاوية!، ومن ذلك قول كعب الأحبار (بل صاحب البغلة الشهباء) يعني معاوية؟! والأثر صحيح الإسناد عن كعب.

                  ويبدو أن معاوية وبعض الطلقاء كانوا قد حاولوا اغتيال عمر أيضاً لما ذهب إلى الشام وأعطوه برذوناً كاد أن يصرعه لكن الله سلم؛ واستطاع إيقافه ثم نـزل وقال (ما ظننته إلا شيطاناً)!

                  قلت: لعله من شياطين معاوية!

                  على أية حال: إن صحت محاولته –مع مجموعة من المتهمين بالنفاق- اغتيال النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” يوم تبوك فلا يستغرب منه محاولة اغتيال عمر بن الخطاب ولا اغتيال أم حرام ومحمد بن مسلمة والحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص والأشتر النخعي وعبدالرحمن بن خالد بن الوليد وسعد بن عبادة وغيرهم [132].

                  تاسعاً: ضعف أحاديث أهل الشام على وجه الإجمال :
                  لم تكن الشام دار حديث ولم يكونوا يصلون الأسانيد حتى ظهر فيهم الزهري فذكر لهم انهم يروون أحاديث بلا زمام ولا خطام فبدؤوا يصلون الأسانيد ويهمون في ذلك الأوهام الكبيرة إضافة إلى أنهم كانوا نواصب أخذ عليهم بنو أمية البراءة من علي (راجع ترجمة الأوزاعي في سير اعلام النبلاء).. ) انتهى كلام الأستاذ حسن المالكي .

                  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                  الهوامش

                  (122) فتح الباري (11/77) طبعة الشيخ ابن باز- دار المعرفة.



                  (123) رواه مالك في الموطأ (2/464) والبخاري من طريقه (6/2570) (5/2316) (3/1518) والبيهقي من طريق مالك أيضاً (9/165) والترمذي (4/178) من طريق مالك وكذا النسائي (3/27) وأحمد (3/240) وكذا إبن حبان (15/51) من طريق مالك، ورواه مسلم (3/519) وأحمد (10/293- طبعة دار الفكر) وأبو عوانة (4/493) من طريق يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى عن أنس بن مالك.

                  ورواه مسلم (3/1520) وأبو يعلى (6/35) من طريق عبد الله بن عبدالرحمن بن معمر عن أنس، والطبراني (25/133) عن المختار بن فلفل عن أنس.



                  (124) جاء عند عبد الرزاق أنها (امرأة حذيفة) ولعل أحد الرواه وهم أراد أن يقول :امرأة عبادة؛فقال :امرأة حذيفة؛ فحذيفة كان في العراق لا في الشام.



                  (125) المصنف (5/279) باب الغزو مع كل أمير!



                  [126] كان عمر بن عبد العزيز هو الحاكم الأموي الوحيد الذي أدرك ظلم الحكام الأمويين السابقين وقوادهم للأمم الأخرى فأمر بإيقاف الفتوحات لأنه رأى أن جهاد هؤلاء الأمراء أصبح للدنيا لا للدين؛ ثم الذين فتحوا السند وثغور الشام والأندلس هم الذين هدموا الكعبة وذبحوا الحسين واستباحوا أعراض المسلمين في أشرف الأماكن؛ فإذا كان هذا فعلهم بالمسلمين فكيف بالكفار؟! فلذلك أنا أفرق بين الفتوحات الإسلامية الحقة في عهد الخلفاء الراشدين والفتوحات التي تشبه الاستعمار في عهد بني أمية، فمن حق ديننا علينا أن ألا نحمله فرض الجزية على من أسلم ، والغدر ، والقتال للمال والسبي لا لهداية الناس وهذا ما جعل عمر بن عبد العزيز يرسل كلمته المشهورة(إن الله بعث محمداً هادياً ولم يبعثه جابياً)؛ ونحن في هذه العصور لن نستطيع عرض الإسلام وتاريخه عرضاً صحيحاً مادمنا ندافع عن الظلم الأموي في إفريقيا والمغرب والأندلس وخراسان وغيرها من البلدان التي فتحها أو استعمرها بنوأمية، وربما لولا مظالم بني أمية لانتشر الإسلام أكثر مما هو منتشر حالياً، فقد انتشر في شرق آسيا وأواسط أفريقيا عن طريق التجار المسلمين أكثر من انتشاره عبر الاستعمارات الأموية.


                  [127] أثر ابن سيرين في الفتن لنعيم بن حماد واثر الحسن البصري في أنساب الأشراف للبلاذري والأسانيد قوية.


                  [128] قد سردنا أسماءهم في كتاب الصحبة والصحابة فبلغوا أكثر من خمسين، وكل هؤلاء أسلموا قبل معاوية، وجاهدوا ومع ذلك لا يدافع عنهم هؤلاء ولا يشككون فيما ورد في سيرتهم، وهذه مفارقة ودليل آخر على التأثير الأموي.


                  (129) بمعنى قد يخرج أفراد من أصحاب الصحبة الشرعية من العموم فكيف بظلمة الطلقاء، ونحن لا نحكم على هؤلاء بنار لكن الخشية عليهم أكثر من الرجاء لهم مثل خشيتنا على ما نعي الزكاة والخوارج وسائر الظلمة.



                  [130] أيضاً يمكن مراجعة مسند عبادة بن الصامت في مسند الشاشي ومسند الإمام أحمد وترجمة عبادة في سير أعلام النبلاء وتاريخ دمشق لابن عساكر.


                  (131) التفصيل في كتابنا (معاوية بن أبي سفيان).



                  (132) جاء في رسالة البغال للجاحظ (2/255) : أن البغل قتال لصاحبه وهو متلون الخلق! كما في قول الشاعر:

                  خلق جديد كل يــــو مٍ مثل أخلاق البغال

                  وهو يقتل صاحبه خاصة إذا درب! كما قال الشاعر (رسالة الجاحظ ص277):

                  قد حذر الناس أذاه قبلي وعددوا كل قتيل بغل

                  من ناشيءٍ غرٍّ وكهل جزل وسائس ورائض مدلِّ

                  (انتهت الهوامش)

                  تعليق


                  • #10
                    يرفع

                    اللهم صل على محمد وآل محمد

                    تعليق


                    • #11
                      بارك الله فيكم على هذا المجهود الطيب

                      تعليق


                      • #12
                        اللهم صل على محمد وآل محمد

                        بارك الله فيكم ورحم والديكم مولانا الفاضل "مرآة التواريخ" ..

                        عمل ممتاز ومجهود رائع ..

                        نسألكم الدعاء ..

                        تعليق


                        • #13
                          بارك الله فيكم على هذا المجهود الطيب

                          تعليق


                          • #14
                            الله يحفظكم اخواني الافاضل سددكم الله ورعاكم


                            ..

                            تعليق


                            • #15
                              بارك الله فيك
                              لايدافع عن يزيد الاالوهابية النواصب

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X