سينتظر العالم الإمام المهدي
خمسة آلاف مليار دولار ستودع في حساب صندوق النقد الدولي لمعالجة الأزمات المالية التي عصفت في كل أرجاء العالم .. وإعادة بناء أسس النظام الاقتصادي الدولي برمته الى حد إعادة النظر في أسس النظام الرأسمالي .. هما أهم ما خرجت به قمة مجموعة العشرين من مقررات والتي عقدت في لندن الأسبوع الماضي والتي حاولت وسائل الإعلام الغربية والعربية أن تضعها في سلم القمم التي غيرت التاريخ .. وهي كذلك لكن بلون آخر غير ذلك اللون الذي روجت له وسائل الإعلام .. فمع انتهاء القمة أعلنت منظمة التجارة الدولية عن خطر وشيك يهدد الاقتصاد العالمي بالانهيار بسرعة غير متوقعة ولا يمكن تلافي عواقب هذا الانهيار...
إن المجتمع الإنساني مقبل على منعطف حاد ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاتقاء من عواقب الأزمة المالية وما ستخلفه من تغيرات سياسية واجتماعية لا يحد مدى أثرها بحد . والحقيقة إن هذه القمة لم تكن من اجل توفير رخاء اقتصادي أو رفاه حياتي للإنسان ولا حتى من اجل تجاوز الأزمة المالية بحد ذاتها بل من اجل المحافظة على مستوى من الاستقرار ، فتفاقم الأزمة المالية يستدعي في اغلب بلدان العالم إن لم نقل جميعها الى زيادة دوافع التغير في الأنظمة الحاكمة شكلا ومضمونا ..هذه حقيقة .. فهذه الأنظمة لم تلفت يوما الى المصالح العامة إلا بمقدار ما توفره هذه المصلحة من تكريس وديمومة الأنظمة السياسية ، والشاهد عل ذلك الحملات الانتخابية ، أما الأنظمة العربية المقيتة فأنها لا تحسب أصلا كحساب الأنظمة الحاكمة أنها أمارات ومملكات يكون فيها الرئيس أو الملك أعلى سلطة تشريعية وتنفيذية وحتى قضائية وكأنه منزّل من السماء ... على كل حال تشترك كل الأنظمة الحاكمة بنزعة تسلطية والاختلاف إنما يكون في مصداق التسلط فقط ففي البلاد العربية الحاكم هو المتسلط وفي الغرب وغيرة الحزب هو المتسلط ..
في الولايات المتحدة تبلغ ميزانية وزارة الدفاع المعلنة 200مليار دولار إضافة الى الزيادة التي تضاف على هذه الميزانية من الموازنة التكميلية ولا يختلف الحال في العواصم الغربية وكذلك الدول العربية والإسلامية التي ترصد نسب عالية من مقدراتها للتسليح العسكري فضلا عن الفساد المالي والإداري الذي تعاني منه كل دول العالم فما أن يصل رئيس غربي جديد وما أن يتحدث مللك أو رئيس عربي إلا وتطرق عل مكافحة الفساد مع أنهم مفسدون غاية الإفساد .
لقد تخلف الاتحاد السوفيتي السابق عن الغرب الأوربي تجاريا وصناعيا مع ما يملكه من ثورة طبيعية هائلة ومناخ زراعي متميز واقتصاد قد يعادل اقتصاديات الاتحاد الأوربي مجتمعا عدة مرات لكنه سخر كل هذه الإمكانيات الضخمة في عسكر الاتحاد السوفيتي فكان جمهورية نووية وجمهورية الأقمار الصناعية التجسسية وجمهورية الصواريخ العابرة للقارات وبالتالي تفككت هذه الترسانة لتكون سلع أمام تجار الاسحلة بينما رست 70 غواصة نووية قبال احد السواحل الروسية لتكون عرضة للتآكل والصدأ .
انهار الاتحاد السوفيتي السابق وهو في قمة هيمنته النووية والعسكرية لان الشعب السوفيتي لم يطق هذه القمة البالية التي بنيت من دمائه وكرامته وحقه في العيش السعيد فاضمحلت الجمهورية التي لا تغرب عنها الشمس بأيام معدودة ( سبحان الله)!!
لم تسقط الاشتراكية الشيوعية عسكريا ولم تدخل في حروب مباشرة أبان سقوطها ولم تؤجج ثورة داخلية عارمة ضدها بل أسقطت الاشتراكية لأن الشعب لم يعد يرغب بالمد الأحمر القاتم وهكذا هو حال الرأسمالية الأمريكية إن شاء الله تعالى..
المهم لا يمكن لقمة العشرين في ظل الوضع الدولي السائد وما يكتنفه من حروب وخلافات سياسية وأزمة مالية أن تمرر قراراتها التي أقرتها والأسباب أكثر من أن تعد بل إن الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية أرادا الانسحاب حتى قبل أن تبدأ القمة وفي نهاية المطاف تمت المقررات بتسوية اخذ الأمريكان والبريطانيين منها المبالغ التي تضخ الى صندوق النقد واخذ الفرنسيون والألمان منها إعادة النظام الاقتصادي( بعبارة أخرى إسقاط النظام الرأسمالي) ومن هنا يتبين أهمية هذه القمة وعودة أوربا الفرنسية الى واجهة القرار الدولي ، وبطبيعة الحال باقي الدول المشاركة انطوت تحت احد هذين القطبين ، فيما انطوى العرب خلف الراية الأمريكية وشاركت بالمبالغ التي ستدفع من عائدات النفط الى الصندوق من اجل إرضاء الولايات المتحدة فقط .
إذن هي قمة أزمة وليس قمة حل من اجل ذلك فالشعوب الغربية - ونأمل كذلك من الشعوب العربية والإسلامية وغيرها - تعلم وتدرك بان هذه القمة لا تؤدي الى شيء فخرجت بمظاهرات مليونية في لندن وغيرها من عواصم العالم طالبوا بتغير الرأسمالية والقضاء على العولمة .
لو أننا سئلنا احد هؤلاء المتظاهرين بسؤال : ما هو البديل للرأسمالية؟؟!
فما هو المتوقع أن يكون الجواب ؟ هل الشوعية طبعا لا.. هل نظام اقتصادي محلي في زمن لا يمكن لأي بلد أن يعيش في بودقة المحلية
هل تملك أنت أيها المتظاهر شكلا لنظام اقتصادي يمكن أن يضع الإنسانية عل طريق الرفاه والسعادة ؟؟!
اعتقد بأن المطالبة بتغير الرأسمالية هو بحد ذاته تطلع وتطلع في غاية الإدراك ، لكن ينقص هذا التطلع البديل الواقعي ، إذ لا يمكن أن يحل في عالم اليوم سوى البديل الناجح .. ستدخل البشرية في ضياع لكنها ستنتظر من يأخذ بيدها ..فالانتظار لا يقتصر على شيء معين وربما لا يقترن بملامح تفصيلية للشيء المنتظر لكن بالجملة هو تعبير عن قدوم شيء ما يكون سببا بتغير الوضع القائم الى وضع مثالي وكبير، فأن لوجود ظاهرة الانتظار بصورة عامة أسباب وإلا لم يكن الانتظار ، ومع وجود الحاجة وفقدان الأمل بالحلول الشكلية ستزايد الانتظار والترقب والأحلام والتوقع والنظر الى المعالجات من خارج الواضع الراهن ، فإذا اقترن الانتظار بملامح وشكل وماهية المغير - وهذا ما سيقوم به الإمام المهدي عليه السلام - في معالجة الأزمة الاقتصادية فأن الشعوب العربية والغربية والأمريكية حينها ستقف على سواحل البحر الأبيض لتقول للإمام عليه السلام
