إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

سامحك الله يا فيصل<< بقلمي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سامحك الله يا فيصل<< بقلمي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, قصة قصيرة كتبتها, واحببت ات تقرؤها وتعطوني اصدق الرأي فيها, اخذت مني ثلاثة ايام وانا اكتبها وحاولت قدر ما استطيع ان اصورها ما اردتها وكما تعجبكم فأتمنى أن تنال اعجابكم.







    صرخ في وجهها: لم أعد أطيقكِ أكثر من هذا أنا أكرهكِ بشدة أكرهكِ, هيا أخرجي من بيتي حالاً
    نظرت إليه ودموعها تتلألأ في مقلتيها وهمست: أنا آسفة, سأخرج من بيتك ولن أعود مرة أخرى
    فتنهد بعمق وقال: لن أستطيع أن أتحمل المشاكل, أنتِ وحدكِ مشكلة كبيرة وعويصة
    فتحت عينيها على اتساعهما وصمتت قليلاً ثم قالت: سأخرج من بيتك وحياتك
    ونزلت بعض الدموع من عينيها فمسحتها وذهبت لغرفتها وجعلت تجمع حاجياتها في حقيبة صغيرة, وشريط ذكرياتها يمر أمامها, لقد أحبت ابن الجيران منذ الثالثة عشرة من عمرها كانت تراقبه من نافذة غرفتها وهو خارج وداخل إلى البيت ولم تتجرأ يوماً على محادثته أو الإفصاح عن ما في قلبها فقد كانت تتمسك بالتقاليد وتصرفات الفتاة الشرقية المحافظة, كانت تراه بعض الأوقات في منزلهم عندما يأتي لزيارة أخيها, وقد أعجبتها تقاطيع وجهه البارزة, وقد ضنت أنه لم يعرف عنها أي شيء أو حتى لا يعلم بوجودها لكنها تفاجأت كثيراً عندما بلغت السادسة عشرة من عمرها وقد أتى إليها خاطباً, وكم فرحت ذلك اليوم, وبالرغم من أنها كانت صغيرة على الزواج إلا أنها قد وافقت, وتم الزواج فعلمت كم كان يحبها ويدللها وهي كذلك أحبته بكيانها وعشقته ومرت سنة وحملت وكان فيصل ثمرة حبهما الطويل, ولكن أحياناً تجري الرياح حيث لا تشتهي السفن, فلم يمر على ولادتها ليفصل سوى سنتين حتى مات زوجها بسبب مرض السل, حزنت كثيراً وبكت كثيراً وقطعت عهداً على نفسها أن تكرس كل حياتها لولدها الصغير الذي لم يتجاوز الثلاث سنوات من عمره ورفضت كل عروض الزواج بالرغم من أنها لم تتجاوز العشرين بعد لكنها رفضت وقد حاول معها أبها وأخاها لكنها لم تقتنع أبداً, وبعد ذلك سافر أخاها إلى الولايات المتحدة وعاش هناك ولم تسمع عنه أي أخبار بعد ذلك, ومات والداها وأختها الصغرى في حادث سير مروع, فوجدت نفسها وحيدة في هذه الحياة لا أب ولا أم ولا أخ ولا زوج, لكنها لم تهتم فمازال لديها ابن, سكنت في منزل والدها الكبير مع ولدها وكرست كيانها له, درسته, أطعمته, ألبسته, لعبت معه, ربته, وقد تمنت أن يصبح ولدها دكتوراً أو مهندساً وكان لها ما أرادت, تخرج فيصل من الثانوية العامة بمعدل قوي أدخله إلى كلية الطب, وتخصص في طب الأسنان, درس بجد واجتهد حتى تخرج, ومازالت تتذكر يوم تخرجه وعميد الكلية يقول: فيصل عبد الله محمد صالح الأول على دفعته, لقد بكت وهي ترى ولدها يصعد على المنصة ويستلم شهادته بتفوق ويلقي كلمة شكر لوالدته التي تعبت وسهرت الليالي ليصل على ما هو عليه الآن, وكان نسخة طبق الأصل عن والده وهذا ما جعلها تتعلق بهي أكثر, وتمنت ذلك اليوم أن يكون زوجها بجانبها ليرى إلى أين وصل ولده الصغير الذي لم يراه ولم ينعم بحنانه, افتتح فيصل عيادة خاصة له في مجمع سكني كله عيادات طبية, ولم تمر غير بضع شهور حتى أشتهر فيصل ببراعته وخفة يده المرنة في العمل, وبعد ذلك طلبت منه والدته أن تزوجه لترى أولاده وأحفادها وشارت عليه أن تخطب له, فقال لها: لا تحملي هماً يا أماه إن العروسة موجودة, قالت بدهشة: حقاً؟, ومن هي؟؟
    قال: إنها أخت صديقي وهم من عائلة عريقة وغنية يملك أباهم عدة شركات
    فنظرت إليه بطرف عينها وقالت وهي تبتسم: هل تحب هذه الفتاة يا فيصل؟؟
    فأطرق بخجل وقال: منذ أن كنت أدرس في الجامعة لقد كان أخاها يدرس معي وله عيادة تحت عيادتي مباشرة
    قالت: حسناً إذن توكلنا على الله سأخطبها لك مادامت هذه هي الفتاة التي تريدها
    فأشرق وجهه بابتسامه عريضة وهو يقول: أدامك الله لي يا أماه, وتقدم منها وقبل جبينها وكفيها, وفعلاً خطبتها له ولم تدخل خاطرها عندما رأتها ولم تعرف كيف أحبها ولدها, فلم تكن تمتاز برقة الأنثى أو حتى شكل الأنثى, كانت ضخمة الجثة نوعاً ما, شعرها قصير ومموج, عيناها حادتي النظرات, لها فم ينطق بالقوة والإرادة, وقد كانت طوال الجلسة رافعة رأسها بشموخ وعلياء, فقارنت نفسها مع تلك الفتاة, تذكرت يوم خطبتها كانت خجلة إلى أبعد الحدود لم ترفع رأسها بوجه أم زوجها, كانت تكاد أن تموت من الخجل, فهزت رأسها وقالت بنفسها: فتيات آخر زمن لا يشعرن بحياء ولا خجل, وكانت تريد أن تثني ولدها عن هذه الزيجة لكنها خافت أن تكسر قلبه فقد كان غارق في حب هذه الفتاة حتى أذنيه, وجاء يوم عرسه وقد أصرت العروس على أن يكون عرسها في أفخم الفنادق ولم يعارض فيصل أبداً, فكل شيء يهون من أجل عيني نسيم, وحتى أسمها ضنت أنه غير مناسب لها كأنه عكسها تماماً فقد كان الاسم المناسب لها عاصفة أو إعصار وليس نسيم, لكنها لم تحب أن تتدخل بشيء أو تعترض على ما تفعله زوجة ابنها فقد كانت محبة نسيم من محبة ابنها فكل شيء يحبه فيصل تحبه أم فيصل, وقد أصرت كذلك على أن يسكنوا في بيت غير بيتهم مع أنه لم يكن بهي أي شيء وقد كان كبير جداً, فوافق فيصل وأصر على بيعه ولكن والدته وقفت هنا له بالمرصاد قائلة أنه بيت والدها ولن تسمح بأحد بأن يمسه أبداً فوافق وقال لنسيم أنه سيوافق على ترك البيت على شرط أن تسكن والدته معهما فوافقت نسيم على مضض, فقد كانت تكره والدته كثيراً, وأول ما استوى فيهم المقام في البيت الجديد بدأت حملة الأوامر للملكة نسيم ولا يمر يوم إلا وتطلب من فيصل هدية جديدة من عقود ألماس أو ذهب أو خواتم ولم يكن فيصل يرفض أي طلب لها كأنه مسحور بحبه لها, وكل كم شهر يجب أن تشتري سيارة جديدة, وتخرج كل يوم لصالون التجميل ثم تبدأ بالتجول في الأسواق أو زيارة صديقاتها ولا ترجع إلا عندما ينتصف الليل, وكلما كانت في طريقها للخروج أو الدخول ترمي بسهم من كلماتها الجارحة لأم فيصل, وكانت هذه الأخيرة تتحمل وتصبر لأجل عيني ولدها الغالي, وإلى أن حملت نسيم فطار عقل فيصل عندما علم وزاد في تدليله لها, وكانت نسيم لا تكف عن طلباتها بحجة أنها تتوحم, وكانت تتوحم بأشياء غريبة مثل فساتين جديدة أو أطقم من الماس الفخمة وهكذا..., وكان فيصل منقاد لها ولهواها ولا يرفض أي شيء وإذا قال أنه لا يستطيع فعل هذا الأمر أو أنه لا يملك المال في الوقت الحالي جعلت تبكي وتولول وتضع يدها على بطنها وتصرخ بأن جنينها سيسقط حتماً وأنه لا يهتم لأمرها أو لأبنه الذي في أحشائها ولا تسكت إلا إذا أتاها بطلبها برسم الخدمة, كل هذا وأم فيصل لا تتكلم ولا تتدخل, وأنجبت نسيم ولد وفرح فيصل به أشد الفرح وكانت أمه أشد منه فرحاً وهي ترى حفيدها الأول وكان فيصل يريد أن يسميه عبد الله على أسم والده رحمة الله لكن نسيم اعترضت ضناً منها أن أم فيصل هي التي اختارت الاسم وأصرت على أن تسميه فارس, فوافق فيصل على ذلك أيضاً وبالرغم من أن والدته قد حزنت على ذلك ولم تحب أن تبين له حزنها, ومثلت فرحها باسم حفيدها, وأحبته كثيراً كيف لا وهو ابن فيصل ابنها الوحيد, ولكن نسيم كانت لها بالمرصاد, لم تكن تسمح لها أن تحمل ولدها أو تمسه إلا أن يأتي فيصل وتمثل أمامه دور الزوجة المسكينة وتجعل والدته في دور الخالة التي لا تريد الخير لزوجة ابنها, وكلما عاد فيصل من عمله سحبته إلى غرفتهما وجعلت تتباكا أمامه وتشتكي له والدته وتقول له بأن والدته تتهمها بالغباء وأنها لا تعرف أي شيء عن تربية الأطفال ولا تجعلها تمس ولدها ولا تحمله, وتجعلها خادمه لها, فثارت ثائرة فيصل وخرج من الغرفة وهو غاضب ودخل على أمه بقوة وصرخ بها: كيف تفعلين هذا بنسيم
    فنظرت إليه مشدوهة وقالت: ماذا تعني يا فيصل؟؟
    قال: اسمعني لا تمثلي أمامي دور المسكينة فقد عرفت كل شيء تفعلينه مع تلك المسكينة نسيم, وتشغلينها خادمة لديكي, فمن الأوفق لكي أن تبتعدي عن طريقها هل فهمتي؟؟
    فلم تنطق بكلمة وأنزلت رأسها فقد عرفت ما دبرته لها تلك الأفعى السامة لقد بدأت تبث بسمومها على فيصل, وتوالت الأيام والحال نفسه كل يوم يدخل فيصل على والدته يصرخ وينهر بها عن أعمالها مع نسيم والمسكينة ولم تكن تفعل شيء غير السكوت والرضوخ لما تفعله زوجة ابنها, إلى أن وصل الأمر بنسيم ومدت يدها عليها ذات صباح حيث بدأت المشاجرة اليومية التي تبتدئها نسيم بقولها: اسمعني أنتِ, انسي أن لديكِ حفيد والله إن رأيتكِ تلمسينه أو تحملينه لأريكِ كيف أتصرف معكِ
    قالت أم فيصل: يا ابنة الناس اتقي الله فيّ, أنا امرأة كبيرة في مقام والدتك
    فضحكت نسيم بسخرية وقالت: ماذا أمي؟, إن أمي لا تنزل إلى مستواكِ أنتِ أو مستوى ولدكِ ذاك, ولعلمكِ أنا رضيت أن أتزوج ولدك فقط من أجل أخي لا أكثر ولا أقل
    أم فيصل: والله أنني لا أريد المشاكل وأني كافة شري عنكِ, فقط أريدكِ زوجة صالحة لابني وأم حنونة لولده
    نسيم: إذا كنت تريدين زوجة صالحة لابنك لماذا لم تزوجيه واحدة من مستواكم فقيرة معدمة, أما من ناحية الحنان فأنا حنونة على ولدي رغم أنفكِ
    أم فيصل وهي تبتسم بشحوب: حقاً وأين هو الآن أليس عند الخادمة أعتقد ان الخادمة أحن عليه منكِ
    فصرخت نسيم: أخرسي, وهوت بكفها على خد أم فيصل, وضعت أم فيصل يدها على خدها وهي مشدوهة فقالت نسيم: أقسم إنني سأطردكِ من هذا المنزل شر طردة وأجعلكِ تقبلين رجلي لأعيدكِ سترين, ومشت عنها وصعدت لغرفتها, وعندما دخلت لغرفتها قالت لنفسها: سأريها من تكون نسيم, وأخذت علبة ماكياجها وأخذت البودرة الحمراء ووضعتها بكثافة على أحد خديها لتكون كأنها ضربة وجهت لخدها, ثم رفعت رأسها للساعة وابتسمت وقالت: إن فيصل سيأتي في أي لحظة عليّ أن أتقن تمثيلي جيداً, وفي هذه اللحظة دخل فيصل للمنزل وبسرعة نزلت نسيم وهي تتباكا كعادتها وهي تصيح: فيصل...أوه ألحقني يا فيصل
    فأتى إليها مشدوهاً وقال: ما بكي يا نسيم؟؟
    قالت: لم أعد أتحمل يا فيصل أتصدق أن وصل بها الحال لترفع يدها عليّ؟؟
    قال: ماذا؟, من هي
    قالت: ومن غيرها إنها والدتك
    صرخ: ماذا ضربتكِ؟؟
    قالت: أجل, أنظر لوجنتي كم هي محمرة من ضربة يدها, فصرخ: لم أعد أتحمل أكثر من هذا.
    كانت هذه هي آخر كلمات سبقت طردتها من بيت ابنها الذي فعلت وضحت من اجله الكثير.
    وقفت على باب المنزل وهي تبكي وقالت: أعذرني مرة أخرى يا ولدي لم أكن أريد أن أسبب لك المشاكل مع زوجتك, لكن...دعني أقبلك لآخر مرة
    نظر إليها مشدوهاً أبعد كل الذي فعل بها تريد تقبيله؟, فأقترب منها دون أن ينبس ببنت شفه, فقبلته على جبينه ووجنتيه, وشممت صدره وقبلته على كتفه ونظرت لوجهه لآخر مرة وهمست: وداعاً يا ولدي وسامحك الله, فأنزل رأسه ليتحاشه النظر في عينيها الباكيتين.
    حملت حقيبتها الصغيرة وخرجت من البيت, وكانت نسيم تقف خلف فيصل وتلوح على شفتيها ابتسامة الانتصار لقد نفذت خطتها وطردت أم فيصل من البيت, هذا رائع لن يشاركها أحداً في بيتها أو يحتل مساحة من قلب فيصل كل شيء ملكها وحدها الآن, أغلق فيصل الباب والتفت إلى نسيم ففتحت عينيها على اتساعهما وهي تنظر لوجهه كأنه قد كبر عشر سنوات في عدة دقائق, مهلاً عليها أن تنسيه أمه, فابتسمت واقتربت منه وحوطت ذراعيها على رقبته وقالت: لقد انتهينا من مشاكلنا الآن يا عزيزي
    فنظر إليه بتعب وقال: لا أعرف يا نسيم أشعر أن الذي فعلته خطأ جسيم ما كان عليّ أن أطردها هكذا
    فسحبته من ساعده وقالت: لا تقلق أنا متأكدة أنها ستكون بخير, بالتأكيد ستذهب لبيتها القديم
    فهز رأسه وابتسم بشحوب وقال: أجل بالطبع ستذهب إلى هناك فليس لها مكان غيره.
    كانت أم فيصل تحمل حقيبتها وهي تمشي في الشارع ووجهها قد بللته الدموع لم يبقى لها أي أحد في الحياة حتى ولدها تخلا عنها وطردها من بيته, سامحك الله يا فيصل سامحك الله, كانت تتمتم بهذه الكلمات من وقتٍ لآخر إلى أن وصلت لبيت والدها القديم فأخرجت مفتاح المنزل من حقيبتها وفتحت الباب ودلفت للداخل وهي تقول: حمدلله أنني لم أبيع هذا البيت لأصبحت مشردة الآن, كان المنزل مليء بالغبار والأتربة إذ أنه لم يدخله أي شخص منذ أن تزوج فيصل أي منذ خمس سنوات, صعدت لغرفتها ودخلتها كانت كما تركتها يوم عرس فيصل إلا أنه قد كسحتها طبقة من الغبار, وضعت حقيبتها على الأرض وأجالت النظر حولها وأخذت نفساً عميقاً ورغم أن جو المنزل مليء بالأتربة إلا أنها استطاعت أن تشم رائحة والديها فيه فقالت: رحمك الله يا أبتي لقد أصريت على تزوجي لكنني رفضت فكانت هذه النتيجة, فنزلت دمعة من عينها فمسحتها وجعلت تفرغ حقيبتها من الملابس وتضعها في دولابها, انتهت في بضع دقائق فلم يكن لديها الكثير من الملابس, أغلقت الحقيبة ووضعتها تحت سريرها ونزلت تنظف البيت قليلاً, وأخذت المكنسة وجعلت تكنس المنزل إلى أن نظفته تقريباً من الغبار, ثم جلست في الصالة لقد كانت مظلمة نوعاً ما لأن منزل قد قطعت عنه الكهرباء منذ زمن, فتنهدت وصعدت لغرفتها واستلقت على الفراش المغبر وقالت: بالتأكيد سيعرج فيصل للبيت من وقتٍ لآخر ليطمئن عليّ, ثم ابتسمت ونامت على حلم أن يأتيها فيصل في الغد, وأتى اليوم التالي ولم يزورها فيصل واليوم الذي بعده والذي بعده ومرت شهور إلى أن انقضت سنه وفيصل لم يأتي لها فعللت هذا لكثرة أشغاله في عيادته لكنها حنت إليه تريد أن تعرف أخباره هل يأكل جيداً هل ينام جيداً هل هو مريض أم صاحي؟, فقررت أن تذهب لزيارته في صباح اليوم التالي, وأتى اليوم التالي فخرجت أم فيصل والفرحة تملأ قلبها ستذهب لترى ولدها الذي لم يكلف عناء نفسه أن يأتي ليسأل عن أخبارها, ووصلت لمنزله, طرقت الباب ففتحته لها الخادمة سألتها عن فيصل فأجابتها أنه موجود بالداخل ولم تهني الخادمة جملتها حتى أتى لمسامعهما صوت فيصل قائلاً: من في الباب, فلم تجب الخادمة وارتبكت فتقدم هو من الباب ليرى أمه واقفة أمامه ففتح عينيه على اتساعهما وزم شفتيه ولم ينطق, فابتسمت أمه وقالت: فيصل....ولدي, وهمت أن تحتضنه فدفعها عنه وصرخ: ما الذي أتى بكِ الآن؟؟, فنظرت إليه بدهشة ولم تنطق فقال: أغربي عن وجهي ولا أريد أن أراكِ هنا مرةً أخرى
    قالت: ولكن...
    فقاطعها صارخاً: أذهبي
    فانحدرت الدموع من عينيها وهي تهز رأسها وقالت: أعتذر, وهنا أتى طفل صغير لم يتجاوز السادسة يرتدي ملابس المدرسة ووقف بجانب فيصل وهو يقول: من هذه يا أبي؟؟, فنظرت إليه أم فيصل وبكت إنه فارس حفيدها لقد كبر وتغير أصبح يشبه أباه كثيراً, فهمت أن تقول أنا جدتك لكن فيصل كان أسرع منها في قوله: إنها....متسولة لا غير هيا أدخل يا بني وأذهب وألعب مع أختك سمر, فنظرت إليه أمه وقالت: أنجبت فتاة يا فيصل؟؟, فحدجها بنظرات نارية وصرخ: لا دخل لكي في ذلك وإياكِ أن تأتين إلى هذا البيت مرةً أخرى هل فهمتي لا أريد أن أراكِ ولا أريد لأطفالي أن يعرفوكِ انسي أن لديكِ ابن فأنا أكرهكِ من قلبي هيا اذهبي, وأغلق الباب في وجهها بقوة فهمست: وداعاً, وعادت مكسورة الفؤاد إلى بيتها, عندما أغلق فيصل الباب وعاد للداخل سألته نسيم: من كان في الباب؟, فقال: إنها....لقد كانت...كانت, فقال فارس: كانت متسولة, فنظرت نسيم لفيصل وقالت: متسولة؟؟
    فابتسم وهز رأسه وقال: أجل متسولة, ثم نظر لساعة يده وقال: لقد تأخرت على العيادة وعليّ أن أوصل فارس سأذهب الآن, ثم صعد لغرفته واستبدل ملابسه وخرج من البيت بصحبة فارس وركبا سيارته وانطلق بها, ولم يشعر بنفسه إلى وهو يقود لمنزل جده القديم فوقف بسيارته أمام الباب فهز رأسه وقال: ماذا أفعل هنا, فانطلق نحو مدرسة فارس الخاصة ثم لعيادته, فوصل وصعد إلى العيادة ودخل وكانت سكرتيرته الآنسة منال جالسة على مكتبها وتكتب, فحياها ودخل لمكتبه وأغلق الباب ونزع سترته وارتدى ردائه الأبيض وجلس على المكتب ونظر للساعة أول موعد سيكون بعد نصف ساعة, وبعد قليل دخلت عليه الآنسة منال وقدمت تقريرها له, وبينما هو يقرأ قالت: هل أنت بخير يا دكتور فيصل؟؟, فرفع رأسه وابتسم لها وقال: أجل, أجل أنا بخير, فقالت: لا أعتقد تبدو لي مريضاً هل تريد أن ألغي المواعيد لليوم وتأخذ إجازة؟؟, فهز رأسه وقال: لا, لا تلغي أي شيء أنا بخير وعلى العموم شكراً لاهتمامك, فابتسمت له وهمت بالخروج إلى أنها عادت وقالت: كيف حال والدتك يا دكتور فيصل لم أراها منذ وقت طويل, فارتبك وقال: إنها بخير, بخير, قالت: لقد سمعت أنها عادت لمنزلها القديم لكنني لا أعتقد أن هذا غير صحيح فهيا تعيش معك أليس كذلك؟؟
    قال: اجل مازالت تعيش معي
    قالت: بلغها سلامي
    فهز رأسه بالموافقة وقال: بالطبع, فخرجت من مكتبه وعادت لمكتبها, وضع رأسه بين كفيه بتعب ثم رفعه مرة أخرى وأجال النظر حوله ثم تنهد وقام وخرج وطلب من العامل لديه أن يعد له كوب من القهوة الساخنة يحتسيه ريثما يأتي مريضه الأول, وبعد قليل أتت ممرضته المساعدة وهي تحمل قوته الساخنة ووضعتها على مكتبه, وما كاد يرتشف من قوته حتى دخلت منال وورائها المريض فزفر بضيق لقد كان يريد أن ينعم بقهوته قليلاً, فتركها على جنب وجلس المريض أمامه فابتسم له ونظر للورقة أمامه وقال: أسمك جاسم راشد؟؟ فهز الشاب الذي أمامه رأسه فسأله فيصل: كم عمرك يا جاسم؟؟
    قال: تسعة عشر
    قال فيصل: حسناً من ماذا تعاني؟؟
    قال: أريد أن أضع تقويم فأسناني غير مرتبة
    قال فيصل: حسناً دعني أرى
    فقام ودعا الشاب ليجلس على الكرسي وجلس فيصل أمامه وارتدى قفازاه وفتح الضوء أمامه وجعل ينظر في أسنان الشاب, ثم نظر إليه وابتسم وقال: من الأوفق أن نعالج أسنانك المتسوسة في بادئ الأمر
    قال: لم أكن أعلم أن لدي أسنان متسوسة
    قال فيصل: لديك ثلاث أضراس متسوسة, سأعطيك موعد آخر لتأتي وأعالجهم
    فهز الشاب رأسه وكتب فيصل بعض كلمات في ورقة وطلب منه أن يعطيها للسكرتيرة في الخارج, فخرج الشاب وجلس فيصل على مكتبه ينتظر مريضه الآخر ودخلت المريضة وكل العادة, أسمكِ وعمركِ, أسمي شهد عمري خمسة وعشرون, من ماذا تعانين؟؟, أعاني من آلام حادة في أضراسي الخلفية, تفضلي على الكرسي, علينا خلع الضرسين الآن, ويأتي المريض الذي بعده والذي بعده وأخيراً ينتهي اليوم, ويخرج الجميع ويعودون لمنازلهم, وخرج فيصل وذهب ليأخذ فارس من المدرسة ثم عاد للبيت ودخل وصعد لغرفته واستبدل ملابسه ونزل وجلس بجانب نسيم, وبعد الغداء جلس أمام التلفاز فقالت له نسيم: هل أنت بخير يا فيصل؟, لكنه لم يرد عليها فقد كان شارد الذهن فقالت: فيصل, فأفاق والتفت إليها وقال: نعم؟؟
    قالت: هل أنت على ما يرام؟؟
    قال: لماذا تسألوني جميعكم أنا بخير فقط....فقط أحتاج لقسطٍ من الراحة, عن إذنكِ سأصعد لأنام أيقضيني في السادسة لأذهب للعيادة, فقام وصعد لغرفته واستلقى على الفراش ونام.


    ******************

    ومرت سبع سنوات والحال نفسه يخرج لعيادته في الصباح يعود في الظهيرة ليعود ليخرج مرة أخرى في السادسة ويعود في التاسعة, وأنجبت نسيم طفلين آخرين فاطمة ومحمد على أسم أمها وأباها, واليوم كان فيصل يشعر بالتعب الشديد والصداع لم يفارق رأسه فأصرت نسيم على أخذه للمستشفى, فأخذته وأجريت له التحاليل, وبعد ذلك طلب الدكتور رؤية فيصل لوحدة في مكتبة فشعر فيصل بوخزه في قلبه إنه لا يشعر بالراحة لطلب الدكتور لرؤيته لوحده دون نسيم, فتوكل على الله ودخل على الدكتور فجلس أمامه فتنهد الدكتور وبعد محاضرة مطولة عن قضاء الله وقدره وأنه رجل مؤمن ويعلم أن كل شيء قضاء من عند الله, قال له فيصل بعصبية: أرجوك يا دكتور أخبرني ما بي؟؟, فتلملم الدكتور في مقعده ومصمص شفتيه وقال بحذر: إنك يا دكتور فيصل مصاب بـ...
    فصرخ: بماذا؟؟
    قال: إنك مصاب بثلاثة أورام في المخ وكل ورم موقعه أخطر من الثاني ولا نستطيع عمل أي شيء لك, أنا آسف
    فسكت فيصل وفتح عينيه على اتساعهما وفجأة تراء له وجه أمه وعينيها مليئة بالدموع إنه آخر منظر رآه فيها في ذلك اليوم منذ سبع سنوات وهو يصفق باب بيته في وجهها, فقام مشدوهاً من الكرسي وخرج فقامت نسيم وتوجهت إليه بسرعة وقالت: ماذا قال؟؟
    فنظر إليها ولم ينطق فقط هز رأسه ومشى وخرج من المستشفى فلحقت به وركبا السيارة فانطلق بها, وبعد قليل قالت نسيم: مهلاً إلى أين تذهب هذا ليس الطريق المؤدي للبيت
    فلم يتكلم وواصل السير إلى أن وصل لبيت كبير وقديم قد اهترء فخرج من السيارة وسط دهشة نسيم, وتقدم للباب وطرقه لكن...لم تأتيه أي إجابة وبعد عدة طرقات أتى له رجل كبير وقال له: عمن تبحث يا بني
    فالتفت إليه فيصل وقال: عن.....أمي إني أبحث عن أمي
    فقال الرجل: إذا كنت تقصد أم فيصل فقد ماتت منذ خمس سنوات بعد أن أشتد بها المرض ولم يزورها أي أحد في السنوات المنصرمة
    فسكت فيصل ولم ينطق فقط هز رأسه وتوجه للسيارة وركبها وأنطلق دون أن ينبس ببنت شفه وحتى عندما سألته نسيم عن ماذا كان يفعل هناك لم يجبها, وعندما وصلا صعد رأساً لغرفته وأغلق الباب على نفسه وألقى بنفسه على السرير وانخرط ببكاء مرير, وأتت نسيم وطرقت عليه الباب لكنه لم يجبها وجعل يبكي إلى أن بدأت الدنيا تسود بعينه فأغمض عينيه واستسلم لسلطان النوم.
    استيقظ بفزع ونظر حوله كان الظلام دامس فقام وفتح المصباح نظر للساعة كانت الواحدة بعد منتصف الليل فتوجه لباب الغرفة وكم استغرب عندما رآه مفتوح غير مغلق فخرج من الغرفة ونادى على نسيم لكنه لم يسمع لها صوت وذهب لغرف أبنائه ليجدها خالية من أطفاله فاستغرب الأمر ولم يشعر بالراحة ونزل للصالة فوجد على الطاولة ورقة مطوية ففتحها وكان هذا نصها:
    لقد اتصلت بالدكتور الذي أجرى لك الفحوصات اليوم وقال لي عن مرضك وأنه لا أمل من شفائك وأنك ستموت بعد أشهر قليلة لذلك أنا لا أستطيع العيش مع رجل مثلك على حافة القبر ولعلمك أنني لم أحبك يوماً ولم أحب والدتك تلك, فأتمنى أن تنسى عني كل شيء وترسل لي ورقة طلاقي في أسرع وقتٍ ممكن وإلا سيعرف أبي كيف يتصرف معك وأنسى أن لديك أربعة أطفال, ونصيحتي لك أن تذهب وتعيش مع والدتك أو تأتي بها لتعيش معك فلم يعد يهمني أي شيء
    نسيم
    فزفر بضيق ومزق الورقة وألقاها على الأرض بغضب, ماذا سيفعل الآن لقد تركته زوجته وسيموت قريباً لا محالة والأهم من ذلك ماتت أمه, لقد أصبح وحيداً لا أهل له, ترى هل كان هذا هو شعور والدته يوم طردها من منزله وأصبحت وحيدة؟, تمنى أن تعود إليه, تمنى أنه لم يفعل بها ما فعل, تمنى أنه لم يصرخ في وجهها, تمنى أنه لم يطردها, وتمنى أنه لم يقول لها أكرهكِ, وانحدرت الدموع من مقليتيه وهو يتذكرها كم ندم على فعلته معها ولكن....ماذا ينفع الندم الآن لقد رحلت وتركته, فرفع رأسه للسماء وقال: رحماك يا رب أغفر لي ما فعلته مع أمي أغفر لي كل كلمة جرحتها بها وكل صرخة صرختها في وجهها, ليتها لم تمت ليتها الآن بجانبي, أعذرني يا الله, استميحك العذر, كيف كانت تهون عليّ دمعتها وأنا سببها؟, لعنكِ الله يا نسيم أنتِ السبب خدعتني وجعلتني أطرد أعز كائن في قلبي.
    فصعد لغرفته وجلس على السرير وهو يردد: أمي....أين أنتِ لقد اشتقت لكي....سامحيني نسيم هي السبب, ومرت الأيام وهو على حاله وطلق نسيم وأغلق عيادته وأعتكف في منزله منتظراً أجله, وكانت منال تأتي لي زيارته من وقتٍ لآخر لتطمئن عليه, وهاهو الآن جالس على سريره ويردد كلماته المعتادة, فأتت طرقات خفيفة على باب الغرفة فقال دون أن يلتفت: أهلاً يا منال
    قالت: أهلاً....كيف حالك اليوم؟؟
    فابتسم بشحوب وقال: مثل أمس
    فجلست بجانبه وقالت: أرحم حالك يا فيصل الذي تفعله بنفسك غير صحيح
    قال: ماذا تريدين أن أفعل؟؟
    قالت: أخرج من قوقعتك وأنظر للعالم لا تظل معتكفاً على نفسك هكذا
    فهز رأسه وقال: لا هذا أفضل لي, ثم ساد بينهما صمت قصير حتى قطعه فيصل بقوله: كم أنا نادم على فعلتي معها
    فأنزلت رأسها ثم رفعته مرة أخرى وقالت: وماذا سيفيدك الندم الآن
    قال: إن نسيم هي التي....
    فقاطعته: لا ليست نسيم
    فنظر إليها باستغراب فقالت: أنت من فعل هذا وليست نسيم
    قال: ماذا تعنين؟؟
    قالت: ربما كانت نسيم في بادئ الأمر ولكن أخبرني من الذي طردها عندما أتت لي رؤيتك؟, إنها ليست نسيم وكذلك في المرة الأولى لم تقل لك نسيم أطردها بل أنت من فعل, أنت من كان يصرخ في وجهها وليست نسيم, أنت من قال لها أكرهكِ وليست نسيم, أليس كذلك؟؟
    فأنزل رأسه وهمس: ما أدراكِ؟؟
    قالت متجاهلة سؤاله: وهل تعلم أنها كانت تأتي لزيارتك يومياً في العيادة طوال خمس سنوات عندما تكون مشغولاً داخل مكتبك؟؟
    فرفع رأسه ونظر إليها بدهشة فقالت: أجل كانت تأتي كل يوم تسأل عن أحوالك وعن أطفالك حتى نسيم كانت تسأل عنها, تسأل إن كنت مريضاً أم صاحيا, حتى عندما بدأ المرض يدب في جسدها كانت تتحامل على نفسها وتصر على زيارتك إلى أقعدها المرض طريحة الفراش, وأنت لم تكلف عناء نفسك أن تسأل عنها كيف تتدبر أمورها من أين تأكل من أين تشرب هل ما زالت حية أم ماتت, فقط عندما أبلاك الله في هذا المرض عرفت كيف تذهب وتبحث عنها, أنا كنت أزورها وقت مرضها وأحضر لها الأدوية اللازمة, يا لك من ابن عاق يا فيصل ولكن...., فسكتت قليلاً وفتحت حقيبتها وأخرجت ظرفاً وقدمته له فقال: ما هذا؟؟
    قالت: لقد كتبت لك هذا قبل أن تموت بأيام وأوصتني أن أسلمك إياه
    فأخذ الظرف وفتحه وأخرج منه ورقة مطوية ففتحها وقرأها بصوتٍ عالي:
    إلى حبيبي و قرة عيني فيصل
    أكتب لك هذه الرسالة وأنا على فراش الموت, لقد أنهكني المرض وأخذ من جسدي ما أخذ, هزلت وضعفت, فأعذرني يا ولدي لم أستطيع أن أزورك في عيادتك بعد الآن ربما تتفاجأ بعلمك أنني كنت أزورك في عيادتك ولم أحب أن تراني لأنني أعلم أن هذا سيغضبك لكنني لم أستطع أن أكبت مشاعر الأمومة داخلي, فقد حنت إليك, وعز عليّ فراقك وأحببت أن أعرف ما يجري معك, واعرف أحوال أطفالك, لقد علمت من منال أنك رزقت بطفلين آخرين ولا تعرف كم فرحت لأجلك, كنت أسعد أن أراك من بعيد داخل مكتبك وأنت تعالج مرضاك, كانت هذه النظرة تملأ قلبي شوقاً لاحتضانك, وفقط أريد أن أعتذر عن كل ما فعلت لك من مشاكل لك ولزوجتك نسيم لم أحب أن أهدم بيت ابني بيدي وتغاضيت عن أفعال زوجتك معي فقط لأجل عينيك التي أعشقهما وأحبهما وأخاف عليهما أكثر من نفسي, لقد حاولت أن أربيك تربية صالحة ومستقيمة فأتمنى أنني نجحت في عملي فقد كرست كل حياتي لك, فأتمنى أن تسامحني لأنني قد سامحتك على عملك معي لأنه يحز في خاطري أن أرحل عن الدنيا وأنا أحمل ذرة حقد أو كراهية في قلبي على أعز مخلوق عليّ, ولكن تبقى مسامحة الله لك, فستكون آخر كلماتي لك هي وداعاً وسامحك الله يا فيصل.
    أمك المحبة لك للأبد.




    تمت بعون الله
    في يوم السبت الموافق:
    9/مايو/2009
    في الساعة:
    4:44 am



    تحياتي


    اختكم في الله:

    المحبة الزينبية...

    (عاشقة ولكن سابقا)

  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    قصة جميلة عزيزتي وقد اخذت منك وقتا لا باس به ، يبدو ان لديك الخيال المطلوب لكتابة القصص القصيرة ، واسمحي لي ببعض الملاحظات.
    لكتابة قصة جيدة حاولي ان تتمرني اكثر ، والقصة التي كتبتها لاول مرة عودي اليها بعد اسبوعين، لا لتقرئيها بل لتعيدي كتابتها، ثم حاولي ان تقارني بين الكتابتين ، هذه الطريقة سوف تكشف لك ما كنت قد نسيته في الكتابة الاولى ولربما تساعدك في اختيار تعبيرات لغوية اقوى.
    من مقومات القصة القصيرة هي الا تستعملي كلمات عامية، ولا تحاولي ان تكرري الكلمات ولا ان تطيلي في التفاصيل ، لان التفاصيل من شان الروايات ، فالقصص القصيرة هي مثل الساندويتش الصغير ، لذيذ..خفيف وسريع الاكل.
    في كل انواع كتاباتك، اذا احسست بكم هائل من الافكار تغزوك، فلا تستعجلي في كتابتها، بل اختاري الفكرة التي تنطلق عبرها كل الافكار، هكذا تكون افكارك كاملة وكتابتك سلسلة وقصتك واضحة، ولا تذكري اي تفصيل ليس له علاقة في القصة ، ففي الفقرة التي ذكرت فيها حالة جاسم ومن ثم دخول شهد، توقعت ان يكون لهما تاثير على فيصل انتقاما من الله لظلمه لامه،وقد استمريت اقرا الفقرة الى النهاية حتى اجد موقعها في القصة، لكنها كانت مجرد تفصيل لا داعي له ابدا، شعرت بخيبة الامل، وشعرت بان القصة فقدت التشويق، فان كنت تريدين التشويق في القصة فاجعليها من ضمن الاحداث وليس تفصيلا خارجا عن سير الاحداث، حتى تكون القصة اكثر متانة، فشخصية جاسم وشهد كان لابد الا يتم ذكرهما ابدا، يكفي ان تصفي صعوبة عمل طبيب الاسنان ،مثلا يمكنك ذكر انه يعمل لساعات طويلة ويضطر لمواجهة مريض خائف يعطله عن عمله او شابة جميلة تشتت انتباهه او ما شابه ذلك.
    في هذه القصة لديك 3 نقاط سلبية فقط ، اولا بعض الاخطاء المطبعية التي ربما تكون نتيجة السرعة في الطباعة عبر الكمبيوتر وليس لعدم معرفتك بالكلمة، ولكن انتبهي..لان القارئ حين يندمج في القراءة فان اي خطا مطبعي يزعجه ويقطع حبل افكاره ولربما يرجئ القراءة الى وقت اخر.
    السلبية الثانية هي اني لاحظت بعض التكرار في الكلمات التي تعبر عن بعض المشاعر ، انتبهي..فالقصة القصيرة هي ليست لاثارة المشاعر ..انها ليست كالشعر..بل هي لعبة بين العقل والقلب..دائما خاطبي القارئ في عقله ومن ثم فاجئيه بنهاية شاعرية سواء حزينة او سعيدة، اهتمي في الوصف اكثر من تدوين مشاعرك حول فكرة القصة فليس بالضرورة ان يشعر القارئ مثلك..وهذه اساسيات نجاح القصة، هي ان يختلف الناس في وصف مشاعرهم عبرها، هكذا تكونين قد خاطبتي عدة ثقافات.
    السلبية الثالثة هي انك تفتقرين الى بعض العبارات المؤثرة..هذا ليس عيبا وليس مشكلة ابدا ، بل على العكس..هي نقطة ان اهتممتي بها عن طريق اكتساب فن التعبير بالقراءة الموسعة فانك حتما سوف تبدعين.
    في النهاية..هذه القصة رائعة جدا ، ويبدو انها الاولى بالنسبة لك، فان كانت كذلك فعليك ان تفخري بها لانك بدات بقوة ، اتمنى ان تعيدي كتابتها بعد فترة وستلاحظين انك قد اكتشفتي اشياء كثيرة.
    انا بانتظار قصتك القادمة.

    ملاحظة: انا كاتبة صحفية سابقة وادمن قراءة القصص القصيرة ، اتمنى الا تكون ملاحظاتي قد ازعجتك، ولكن لديك موهبة ممتازة، تحتاجين الى الممارسة والتمرين فقط، فلا تهملي ذلك ابدا.
    التعديل الأخير تم بواسطة آيةالزمان; الساعة 19-05-2009, 11:18 PM.

    تعليق


    • #3
      نصائح ولا اروع وهذه هي قصتي الثلاثة التي اكتبها بجدية فقد كتبت من قبل ما يقارب العشر روايات

      لكني وجدت نفسي امل من كتابتها واتركها للمنتصف فلجأت لكتابة القصص القصيرة ويمكن انني املك كل هذه

      الاخطاء التي ذكرتيها بسبب صغر سني فأنا لم اتجاوز الثلاثة عشرة من عمري بعد وفي الحقيقة انا اعترف بأنني

      افتقر للتعبيرات واجاهد لكسبها عبر قرائة الروايات والحمد لله اني وجدت من يشجعني على الاستمرار في الكتابة

      لأنني اعشق كل ما يتعلق يالأدب والكتابة ولم امنع نفسي من المحاولة في مجال الأدب وقد اعجبني واحب الاستمرار

      فيه, وشكراً على النصائح والمرووور والله يطيج العافية (:

      تعليق


      • #4
        عمرك 13 ؟
        لقد اذهلتني ..
        لديك قدرة كبيرة على الكتابة..
        احسنتي..
        ارجوك استمري بالمحاولة فلديك موهبة عظيمة ، لا تيأسي ابدا من الاستمرار..وسوف اتابعك باذن الله..
        موفقة.

        تعليق


        • #5
          المحبة الزينبية

          السلام عليكم
          قصة رائعة وجميلة واحداثها مرتبطةومتتابعة
          احسنت على هذا الجهد المميز رغم انها شلعت قلبي
          بارك الله فيك والى امام


          الفيصلي1

          تعليق


          • #6
            المشاركة الأصلية بواسطة آيةالزمان
            عمرك 13 ؟
            لقد اذهلتني ..
            لديك قدرة كبيرة على الكتابة..
            احسنتي..
            ارجوك استمري بالمحاولة فلديك موهبة عظيمة ، لا تيأسي ابدا من الاستمرار..وسوف اتابعك باذن الله..
            موفقة.

            مشكوورة آيه وان شاء الله رااح استمر

            وتسلمييين على المرووور

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة الفيصلي1
              المحبة الزينبية

              السلام عليكم
              قصة رائعة وجميلة واحداثها مرتبطةومتتابعة
              احسنت على هذا الجهد المميز رغم انها شلعت قلبي
              بارك الله فيك والى امام


              الفيصلي1
              مشكووور والله يعطيك العافية

              نورت الموضوع بمروورك

              لا هنت خيووو

              تعليق


              • #8
                السلام عليكم
                احسنتي واجدتي ياغاليتي

                شدتني جدا قصتك رغم تعبي وارهاقي الا انني لم اتمكن من تركها دون اكمالها للنهايه
                كم هي نهاية حزينه
                ومولمه

                انتي مبدعه يامحبه

                اتمنى لك التوفيق

                تحياتي
                ونسالك الدعاء

                نوسي فاطمه

                تعليق


                • #9
                  كـــانت مؤلــمة .. ..

                  جــعلت قلبي يخفقُ بــعنف ... ..

                  [ أمـــي يا غلا الدنيــا و أصدق عــاطفة فــ الكون ] ..

                  ليس هناك من داع لحروفــي هــ نا ..

                  و لكنني أنحني بتواضــع لحرفك المضيء .. .. ..

                  اللهــم احفظ لي ذاك الكف الطهــر

                  شكراً علـــى حروفك المبجلة و سلمت لنا الأنامل

                  تعليق


                  • #10
                    نوسي فاطمة & عاشقة اهل العترة

                    اتمنى ان قصتي المتواضعة قد نالت اعجابكما

                    ويسلموو على المروووور نورتو الموضوع لاهنتوو خواتي

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    x

                    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                    صورة التسجيل تحديث الصورة

                    اقرأ في منتديات يا حسين

                    تقليص

                    لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                    يعمل...
                    X