الموضوع رد على الادعائات التي وضعها أحد الأعضاء لكني لم أجد الموضوع
ما هكذا تكون النصيحة
يـا أبـا بـكـر جـابـر الجـزائـري!
السلام على من إتبع الهدى، وإستمسك بالعروة الوثقى، ولبى داعى الله، أما بعد فإني أراك رددت إلى أرذل العمر، فخبطت خبط عشواء، كأعشى أدركه الليل وهو يحطب في غابة، إعتقد فقد أهلها، وضياع ملاكها، فما حملك على ما صنعت، ومن ألجأك حتى سقطت في جب حفره أسلافك.
أما آن لك أن تعتبر من فلتات الماضي وزلات من سبقوك حتى ترد مورد العالم الذي نزح عنه علمه فأصبح غورا، ولم يعد يميز بين الحق والباطل، وإختلط عليه الأمر فطفق يكفر المسلمين الشيعة بلا دليل.
لا عجب فيما أتيته أنت ومن تبعك، لأنكم من فرقة ترعرعت بين بلاطات الظالمين، ورضعت من ثدي الجهل رضاعة الكبير.
فقويت بذلك شوكتها وكثر عددها ـ والناس على دين ملوكهم أو تبعا لأهوائهم ـ حتى ظن أصحابها أنهم يمتلكون الحقيقة والوجهة الصحيحة للدين، فتملكهم الغرور الكاذب، والعجب الفاضح، وزادهم الشيطان وسوسة، بأنهم أصحاب الدين وملاكه، وطال عليهم الأمد جهلا وقسوة فركبوا دابة تكفير كل من لم يسايرهم في آرائهم الفاسدة وتجارتهم الكاسدة، هؤلاء الذين لم يأتو بشيء ا طيلة أربعة عشر قرنا، سوى لهث الكلب الذي إن تحمل عليه أو تتركه، وغير سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.
وهلا وجهت هذه الكلمات إلى أبسط تلميذ في مدارس الشيعة الدينية (الحوزات) لرد عليك بما لن تجر له جوابا.
و ها أنذا أبسط عوام شيعة محمد المصطفى (ص) أرد عليك عسى أن تكون عبرة لمن خلفك من أهل التهريج، ومذ كيي نار الفتن، التي تظهر فيها بثوب المصلح، بينما أنت محتاج إلى من يقوم اعوجاج عمرك، وفي زمن نحن المسلمون في أمس الحاجة إلى نبذ الخلاف، وربئ الصدع وإلتماس العذر. ألا تتقي الله فيما تقول تتظاهر الاعتدال والنصح قائلا:
و إني لأهيب بكل شيعي أن يتأمل هذه الحقائق وأن يصدر حكمه بعد ذلك على مذهبه وعلى نسبته إليه، فإن كان الحكم قاضيا بصحة هذا المذهب وسلامة النسبة إليه أقام الشيعي على مذهبه وعلى نسبته إليه، ـ ثم تروغ كما يروغ الثعلب في مكره وخديعته عندما تقول:
و هاك أيها الشيعي هذه الحقائق العلمية التي هي أصل مذهبك وقواعد نحلتك كما وضعتها لك ولأجيال خلت من قبلك يد الإجرام الماكرة ونفوس الشر الفاسدة لتبعدك وقومك عن الإسلام باسم الإسلام وعن الحق باسم الحق.
و حتى لا تذهب بك المذاهب بعيدا أقول لك أنك لم تأت بشيء ينقض التشيع: وكل ما جئت به لا يمس عقيدة المسلمين الشيعة في شيء سوى أنك لم تفهم وتأولت خطأ ـ إن عذرتك طبعا ـ أو أنك متربص حاقد هاله ما ينعم فيه إتباع أهل البيت عليهم السلام من بينات في جميع أمورهم ـ الشيء الذي أدار إليهم أعناق بقية المسلمين المستغفلين، وجعل بعضهم يقرر بعد دراسة دخول التشيع وموالاة الحق...
وأقول: قد كنت أيها الشيخ المغرور (سنيا) قبل أن أتشيع فأنا تونسي من جنوب البلاد مالكي المذهب سابقا درست عددا من كتب الشيعة منها كتاب المراجعات للسيد: عبد الحسين شرف الدين الموسوي طيب الله ثراه، أنت لا تعرف هذا الرجل ولا غيره من علماء الشيعة وفضلائهم، انغلاقك على ما أنت عليه أوقعك في ما أنت فيه، أنصحك بقراءته قراءة كتب علمائهم لمعرفة الحقيقة، لأن من وضع نفسه موضع الناصح، لابد له أن يكون مطلعا بما فيه الكفاية على الرأي الموجه إليه النقد، وان تكون قراءته لأمهات كتبهم قراءة متدبر لا قراءة متحفز، قلت: قرأت الكتاب فوجدت فيه من النصوص التي هي من كتب ومجاميع (أهل السنة) ما ألزمني موالاة الحق وأهله، وهل يغيب الحق عن آل محمد (ص)؟ لو أن عامة المسلمين ينزعون رداء التعصب.
تقول إن التشيع وضعته يد الإجرام الماكرة ونفوس الشر الفاسدة – وقد حملك شيطانك على كف العصبية المريضة ونفخ فيك نفخة النفاق والكذب، فهل أن مسند أحمد بن حنبل صاحب المذهب السني الحنبلي شيعيا وقد أخرج في كتابه عددا هائلا من الأحاديث التي تؤكد على أن الولاية بعد النبي صلى الله عليه وآله لأهل البيت عليهم السلام؟ وهل أن الكتب التي تسمونها صحاحا وهي من مستلزمات مذاهبكم شيعية؟
اليد الأولى التي تحدثت عنها هي يد الله تعالى ذكره وجل ثناؤه عندما قال: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ". فان كنت ترى أن تطهير المولى سبحانه وتعالى الذي خص به صفوة آل محمد (ص) متاح لكل الناس، فهات أهل البيت آخرين من الأمة الإسلامية طهرهم الله تعالى كتطهير أهل بيت الرسول (ص) لهم من الفضل والمقام والنصوص الملزمة فنتبعهم معك. أهل البيت عليهم السلام الذين بينهم رسول الله (ص) في حديث الكساء الذي روته عائشة وأم سلمة خاصة في محمد (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ولم تتجرأ واحدة منهما على إلحاق نفسها بالصفوة الطاهرة وقد حاولت أم سمة أن تكون معهم لكن رسول الله (ص) منعها قائلا: مكانك، انك على خير. فعد إلى روايتها الصحيحة. وأكد المولى عليهم في آية المباهلة في سورة آل عمران: " فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناؤكم ونساؤنا ونساؤكم وأنفسنا وأنفسكم". 61 آل عمران. فأمر الله تعالى نبيه بأن يخرج الحسن والحسين (أبناءنا) وفاطمة (نساؤنا) وعلي (أنفسنا) ولست هنا في مقام الاستقصاء بل في مقام الإشارة، إن كنت طبعا من أهل الإشارة.
اليد الثانية التي تحدثت عنها هي يد رسول الله (ص) حيث كان بارك شيعة عليه السلام، بعد مباركة الباري تعالى فعندما نزلت الآية: إن اللذين آمنوا وعملوا الصالحات أولتك هم خير البرية". قال (ص) وقد أقبل علي عليه السلام: " والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة". أخرجه الهيثمي في مجمعه ج 2ص 131 وقال أيضا: " من أراد أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسمكن جنة الخلد التي وعدني ربي فليتولى علي من أبي طالب فإنه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة". أخرجه الحاكم في ج 3 ص 128 وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"- بعني مسلم والبخاري- والطبراني في الكبير وأبو نعيم في حلية الاولياء ج 4 وص 349 مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 108 فرائد السمطين للحمويني ج1 ص55.
و قال صلى الله عليه وآله ايضا: " أنا الشجرة وفاطمة فرعها وعلي لقاحها والحسن والحسين ثمرتها وشيعتنا ورقها أصل الشجرة في جنة عدن وسائر ذلك في الجنة". أخرجه الحاكم مستدركه على الصحيحين ج 2 ص 160. ولئن تكلمت عن يد الإجرام فتكلم عن يدك أولا ويد من لقفت منهم إفكك، تعبدون هما وتوحدون شيئا غير الله طالما أنكم لا زلتم تتبعون سنة بني إسرائيل في رؤية الباري تعالى وتتعلقون بواهن الروايات فيها، مع ما يوجد من الآيات الدالة على بطلان ذلك الوهم.
فالله الذي" ليس كمثله شيء" والذي "لا يحيطون به علما" والذي قال لموسى بعد إلحاح من بني إسرائيل وموافقة منه تعالى " لن تراني " ولن هنا أداة نفي تأبيدية، فالذي ليس كمثله شيىء والمحيط بكل شيء والذي هو ليس بجسم، ولا في حيز كيف يمكن لعقولكم فضلا عن أعينكم أن تدركه أو تحيط به، وقد عد المولى تعالى طلب رؤيته جرما عظيما وذنبا كبيرا لاستحالته، ولو كان ممكنا لما خاطب بني إسرائيل بمثل هذه الآية: "يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم". 153 النساء.
ومع ذلك أصررتم بأن إلهكم ينزل إلى السماء الدنيا، ويضحك ويتنكر، وله جوارح ويضع قدمه في النار كما في كتب عقائدكم، ولو كانت رؤيته ممكنة لتسنت لرسول الله (ص) عندما بلغ ما لم يبلغه ملك مقرب أو نبي موسل في معراجه، ولأخبرنا بذلك، فأي اله هذا الذي تعبدون؟
أما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يسلم من شركم ولحقه هو أيضا من الكذب ما لحقه، وقعتم فيه كما وقعتم في ربه قلتم عنه أنه هو الذي عبس وتولى، رغم أن الله تعالى عظم خلقه، وجعلتموه هو والوليد بن المغيرة على صعيد واحد، وقلتم أنه بال قائما، وباشر زوجاته وهن حيض، وطاف عليهن في ليلة واحدة، ونسبتموه إلى الجهل والتكلف في تأبير النخل وأسرى بدر وإلى اليأس والقنوت والانتحار في بدء الوحي كما البخاري وإلى الكفر بسجوده لأصنام قريش عندما ما نزلت عليه سورة النجم كما في الدر المنثور للسيوطي ولم تتركوا قبيحة ولا مغمزة ولا نقيصة إلا ألصقتموها في كتب رواياتكم برسول الله (ص) حتى لم يعد لكم ما تنسبوه اليه من فضيحة وعار، أنقلبتم إلى أهله تحقرونهم وتستصغرون شأنهم، فكفرتم أبويه عليهما السلام وكفرتم جده وعمه ثم درجتم إلى بقية أهل بيته عليهم السلام وشيعتهم فتتبعهم أسلافك تقتيلا وسبيا وسجنا وتعذيبا، كأني بكم تستجيبون لواجب مودة القربى، وتتبعتموهم بعد ذلك لمحو آثار جرائمكم في محاولة لمحو آثارهم، وجئت أنت أخيرا لتلعق من نفس الإناء وترد نفس المورد.
كيف يمكنك يا شيخ أن تفهم التشيع على حقيقته وأنت جاهل حتى بمعاني اللغة العربية أو متجاهل لمدلولات ألفاظها، متعام حتى عن دائرة مذهبك من نصوص ملزمة بالتمسك بالعترة الطاهرة مع الكتاب الذين هم عدله وثقله في الأمة.
وهل ترى مسلما والترمذي والنسائي وغيرهم شيعة عندما صدعوا بحديث الثقلين فنقلوه في كتبهم نقل المسلم بصحة وروده؟ فقد قال رسول الله (ص): " إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما".
وما أراك تدرك للحديث معنى إن تركتك ولم أشر إلى بعض المعاني فيه. فالقرآن وحده غير عاصم من الضلالة، لما لا يخفي من صعوبة فهم كثير من آياته وأحكامه...
لذلك جعل المولى معه وعاء حافظا له، قائما عليه رعاية وتطبيقا وهم أهل بيت المصطفى الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا". وهم الذين يمكنهم مس القرآن، ومسه بمعنى تفسيره تماما كما ما نزل على جدهم صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يمكن لغيرهم إلا عن طريقهم. قال تعالى: " لا يمسه إلا المطهرون " أي لا يفقهه ولا يفسره إلا اللذين طهرهم الباري تعالى وشدد على ذلك بقوله: "ويطهركم تطهيرا". في آية التطهير، ولو كان القصد من الآية المس المجرد باليد لكانت كالآتي: لا يلمسه إلا المتطهرون " أي اللذين طهروا أنفسهم وإنك ترى أن من أهل القبلة وغيرهم من يلمس القرآن وهم على غير طهور فما أفادت الآية من هذا المعنى شيئا.
إني لا أملك الكافي ومع ذلك فإني أحملك محمل الصدق في نقل الروايات عنه، رغم أن المهاجمين لشيعة أهل البيت عليهم السلام يستعملون في أغلب الأحيان سلاح الكذب.
و أرد على حقائقك الستة التي جعلتها علة العلل.
و كأني بك قد عثرت على ما غاب عن غيرك من المتمنين لزوال الإسلام الحق وإنمحاء معالم التشيع والمولاة لآل الرسول (ص) فأقول مستعينا بالله على ما جنته يداك:
أما حقيقتك الأولى
التي جئت بها، قول مؤلف الكافي: إن الأئمة عندهم جميع الكتب التي نزلت من الله عز وجل.
و إنهم يعرفونها كلها على إختلاف ألسنتها مستدلا بحديثين يرفعهما إلى أبي عبد الله عليه السلام أنه كان يقرأ الإنجيل والتوراة والزبور بالسريانية.
يقول الشيخ أبو بكر الجزائري: قصد المؤلف من وراء هذا معروف وهو أن آل البيت وشيعتهم تبعا لهم يمكنهم الاستغناء عن القرآن الكريم بما يعلمون من كتب الأولين وهذه خطوة عظيمة في فصل الشيعة عن الإسلام والمسلمين.
ليت شعري من أين عرفت يا شيخ قصد المؤلف؟ وهل وجد شخص واحد منذ وجدت الشيعة الإمامية عالما كان أم عاميا يقول بالاستغناء عن القرآن، فلا تقس قصد الكافي بقصدك.
لأن قصده طاهر وقصدك خبيث. كيف تستقيم عقيدتنا نحن الشيعة إذا لم يكن القرآن منهاجنا وشريعتنا؟ وكيف يستقيم تعهدنا للقرآن نفسه حفظا وتلاوة وتدبرا وتفسيرا وفهما صحيحا؟
ألا تستحي من شيبتك وأنت على أعتاب مفارقة الدنيا، جئت لتفتري على أسيادك الذين أوصلوا لك شريعة الإسلام قرآنا وسنة، وتلصق بهم بهتانا لم يتجرأ أعتى أعدائهم على نسبته لهم لبعده عن الحقيقة. نعم نحن شيعة الأئمة الأطهار صلاة الله وسلامه عليهم نعتقد أن الإمام الذي هو حجة من الله على جميع مخلوقاته، لا بد أن يكون عالما بجميع الكتب المنزلة قبل القرآن لتكون من مستلزمات الاحتجاج على الملل الأخرى، مسددا من قبل الباري بملائكته وأسألك على من تتنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر في ليلة القدر؟ وأقول لك لأنك في مقام لن تدرك به معنى هذه الآية العظيمة، تتنزل الملائكة على الإمام حجة الله على خلقه بكل ما يحتاجه في تصريف شؤونهم. ومن دون وجود إمام تنعدم الحجة وتصبح الآية " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " لا معنى لها. أو لعلك نصبت نفسك في مقام الهادي ونحن لا علم لنا، كما حدث في سقيفة أسلافك التي اغتصبت فيها الإمامة.
لم يقل أحد بالاستغناء عن القرآن، لأن قوله لا يقبله حتى الحمار، وإن أوصلك خيالك المريض إلى مستواه.
أما حقيقتك الثانية
و ما نقلته عن صاحب الكافي من روايته عن جابر قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله إلا كذاب وما جمعه وحفظه كما نزل إلا على بن أبي طالب والأئمة بعده وجلبت على تلك الرواية بمجموعة من الاستنتاجات الباطلة وهي:
استنتاجك الأول:
فقولك بتكذيب كل من إدعى حفظ كتاب الله وجمعه في صدره أو في مصحفه كعثمان وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود وغيرهم.
فإنك لم تفهم معنى " جمع القرآن كله " ولو فهمت لما نكصت على عقبيك هذه النكصة. إن القصد من ذلك هو جمع القرآن ألفاظا ومعاني أي حروفا وتفسيرا. لأنه لا معنى ـ إن كنت متدبرا واعيا ـ لجمع الألفاظ دون المقاصد، وقد سمى المولى سبحانه وتعالى المعاني القرآنية قرآنا بقوله للنبي (ص): " ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل ربي زدني علما".
ثم تعالى معي إلى المصاحف التي ذكرت. هل كان لعثمان مصحف حتى تعده من جملة حفاظ القرآن؟ لم يقل أحد بذلك سوى أن ما صنعه الرجل هو حرق المصاحف التي فيها من تفاسير ما أملاه رسول الله (ص)، وعمله الذي أقدم عليه كان سياسيا بحتا ليس من الدين في شيء، لأن في تلك المصاحف تفاسير وأساب نزول لا تتفق ورؤيتهم لمعالم الحكومة الإسلامية، وبالتالي فهي لا ترضي الناس عنهم.
الأئمة عليهم السلام هم ورثة علم الرسول (ص) قال تعالى: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا".. وهم من عندهم علم القرآن ومقاصده. فلا تذهبن بك المذاهب ولا يغرنك بالله الغرور.
أما استنتاجك الثاني:
فقولك أن لازم الرواية يستوجب ضلال عامة المسلمين عدا شيعة آل البيت وذلك أن من عمل ببعض القرآن دون البعض لا شك في كفره وضلاله لأنه لم يعبد الله تعالى بما شرع: إذ من المحتمل أن يكون بعض القرآن الذي لم يحصل عليه المسلمون مشتملا على العقائد والعبادات والآداب والأحكام. وكأني بك تريد أن تفلت من معاني الروايات على المعنى الذي أوحاه شيطانك وشيطان أسلافك ممن قالوا بمحكي تحريف القرآن عند أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم، لان الرواية ليس فيها ما يفهم منه ذلك المعنى، غير ما ذكرت من أن الجمع السليم لا يكون إلا على عهد رسول الله (ص) وأن تواتره لا يصح إلا عبر الأئمة المعصومين اللذين نشروا القرآن لفظا وتفسيرا في طبقات الناس وأجيال المسلمين فإليهم شدت الرحال كما فعل أبو حنيفة النعمان ومالك بن أنس وغيرهم، ممن كان.
أما استنتاجك الثالث:
فقولك بأن هذا الاعتقاد لازمه تكذيب الله تعالى في قوله:
"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". فليس فيه غير ما يؤكد نسبة الجمع إلى رسول الله (ص) وأهل بيته عليهم السلام، فنزول القرآن كان من الباري تعالى إلى جبريل على النبي (ص) وحفظه يكون تبعا لمعنى الآية من النبي (ص) إلى الإمام عليه السلام الذي من بين أدواره حفظ القرآن والاستحفاظ على الشريعة عموما. فأين لمسة التكذيب من المعاني التي ذكرت؟ سوى أن لديك فكرة مسبقة تريد أن تجد لها سندا تقوي به وهمك.
تتمة >>>
ما هكذا تكون النصيحة
يـا أبـا بـكـر جـابـر الجـزائـري!
السلام على من إتبع الهدى، وإستمسك بالعروة الوثقى، ولبى داعى الله، أما بعد فإني أراك رددت إلى أرذل العمر، فخبطت خبط عشواء، كأعشى أدركه الليل وهو يحطب في غابة، إعتقد فقد أهلها، وضياع ملاكها، فما حملك على ما صنعت، ومن ألجأك حتى سقطت في جب حفره أسلافك.
أما آن لك أن تعتبر من فلتات الماضي وزلات من سبقوك حتى ترد مورد العالم الذي نزح عنه علمه فأصبح غورا، ولم يعد يميز بين الحق والباطل، وإختلط عليه الأمر فطفق يكفر المسلمين الشيعة بلا دليل.
لا عجب فيما أتيته أنت ومن تبعك، لأنكم من فرقة ترعرعت بين بلاطات الظالمين، ورضعت من ثدي الجهل رضاعة الكبير.
فقويت بذلك شوكتها وكثر عددها ـ والناس على دين ملوكهم أو تبعا لأهوائهم ـ حتى ظن أصحابها أنهم يمتلكون الحقيقة والوجهة الصحيحة للدين، فتملكهم الغرور الكاذب، والعجب الفاضح، وزادهم الشيطان وسوسة، بأنهم أصحاب الدين وملاكه، وطال عليهم الأمد جهلا وقسوة فركبوا دابة تكفير كل من لم يسايرهم في آرائهم الفاسدة وتجارتهم الكاسدة، هؤلاء الذين لم يأتو بشيء ا طيلة أربعة عشر قرنا، سوى لهث الكلب الذي إن تحمل عليه أو تتركه، وغير سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.
وهلا وجهت هذه الكلمات إلى أبسط تلميذ في مدارس الشيعة الدينية (الحوزات) لرد عليك بما لن تجر له جوابا.
و ها أنذا أبسط عوام شيعة محمد المصطفى (ص) أرد عليك عسى أن تكون عبرة لمن خلفك من أهل التهريج، ومذ كيي نار الفتن، التي تظهر فيها بثوب المصلح، بينما أنت محتاج إلى من يقوم اعوجاج عمرك، وفي زمن نحن المسلمون في أمس الحاجة إلى نبذ الخلاف، وربئ الصدع وإلتماس العذر. ألا تتقي الله فيما تقول تتظاهر الاعتدال والنصح قائلا:
و إني لأهيب بكل شيعي أن يتأمل هذه الحقائق وأن يصدر حكمه بعد ذلك على مذهبه وعلى نسبته إليه، فإن كان الحكم قاضيا بصحة هذا المذهب وسلامة النسبة إليه أقام الشيعي على مذهبه وعلى نسبته إليه، ـ ثم تروغ كما يروغ الثعلب في مكره وخديعته عندما تقول:
و هاك أيها الشيعي هذه الحقائق العلمية التي هي أصل مذهبك وقواعد نحلتك كما وضعتها لك ولأجيال خلت من قبلك يد الإجرام الماكرة ونفوس الشر الفاسدة لتبعدك وقومك عن الإسلام باسم الإسلام وعن الحق باسم الحق.
و حتى لا تذهب بك المذاهب بعيدا أقول لك أنك لم تأت بشيء ينقض التشيع: وكل ما جئت به لا يمس عقيدة المسلمين الشيعة في شيء سوى أنك لم تفهم وتأولت خطأ ـ إن عذرتك طبعا ـ أو أنك متربص حاقد هاله ما ينعم فيه إتباع أهل البيت عليهم السلام من بينات في جميع أمورهم ـ الشيء الذي أدار إليهم أعناق بقية المسلمين المستغفلين، وجعل بعضهم يقرر بعد دراسة دخول التشيع وموالاة الحق...
وأقول: قد كنت أيها الشيخ المغرور (سنيا) قبل أن أتشيع فأنا تونسي من جنوب البلاد مالكي المذهب سابقا درست عددا من كتب الشيعة منها كتاب المراجعات للسيد: عبد الحسين شرف الدين الموسوي طيب الله ثراه، أنت لا تعرف هذا الرجل ولا غيره من علماء الشيعة وفضلائهم، انغلاقك على ما أنت عليه أوقعك في ما أنت فيه، أنصحك بقراءته قراءة كتب علمائهم لمعرفة الحقيقة، لأن من وضع نفسه موضع الناصح، لابد له أن يكون مطلعا بما فيه الكفاية على الرأي الموجه إليه النقد، وان تكون قراءته لأمهات كتبهم قراءة متدبر لا قراءة متحفز، قلت: قرأت الكتاب فوجدت فيه من النصوص التي هي من كتب ومجاميع (أهل السنة) ما ألزمني موالاة الحق وأهله، وهل يغيب الحق عن آل محمد (ص)؟ لو أن عامة المسلمين ينزعون رداء التعصب.
تقول إن التشيع وضعته يد الإجرام الماكرة ونفوس الشر الفاسدة – وقد حملك شيطانك على كف العصبية المريضة ونفخ فيك نفخة النفاق والكذب، فهل أن مسند أحمد بن حنبل صاحب المذهب السني الحنبلي شيعيا وقد أخرج في كتابه عددا هائلا من الأحاديث التي تؤكد على أن الولاية بعد النبي صلى الله عليه وآله لأهل البيت عليهم السلام؟ وهل أن الكتب التي تسمونها صحاحا وهي من مستلزمات مذاهبكم شيعية؟
اليد الأولى التي تحدثت عنها هي يد الله تعالى ذكره وجل ثناؤه عندما قال: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ". فان كنت ترى أن تطهير المولى سبحانه وتعالى الذي خص به صفوة آل محمد (ص) متاح لكل الناس، فهات أهل البيت آخرين من الأمة الإسلامية طهرهم الله تعالى كتطهير أهل بيت الرسول (ص) لهم من الفضل والمقام والنصوص الملزمة فنتبعهم معك. أهل البيت عليهم السلام الذين بينهم رسول الله (ص) في حديث الكساء الذي روته عائشة وأم سلمة خاصة في محمد (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ولم تتجرأ واحدة منهما على إلحاق نفسها بالصفوة الطاهرة وقد حاولت أم سمة أن تكون معهم لكن رسول الله (ص) منعها قائلا: مكانك، انك على خير. فعد إلى روايتها الصحيحة. وأكد المولى عليهم في آية المباهلة في سورة آل عمران: " فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناؤكم ونساؤنا ونساؤكم وأنفسنا وأنفسكم". 61 آل عمران. فأمر الله تعالى نبيه بأن يخرج الحسن والحسين (أبناءنا) وفاطمة (نساؤنا) وعلي (أنفسنا) ولست هنا في مقام الاستقصاء بل في مقام الإشارة، إن كنت طبعا من أهل الإشارة.
اليد الثانية التي تحدثت عنها هي يد رسول الله (ص) حيث كان بارك شيعة عليه السلام، بعد مباركة الباري تعالى فعندما نزلت الآية: إن اللذين آمنوا وعملوا الصالحات أولتك هم خير البرية". قال (ص) وقد أقبل علي عليه السلام: " والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة". أخرجه الهيثمي في مجمعه ج 2ص 131 وقال أيضا: " من أراد أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسمكن جنة الخلد التي وعدني ربي فليتولى علي من أبي طالب فإنه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة". أخرجه الحاكم في ج 3 ص 128 وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"- بعني مسلم والبخاري- والطبراني في الكبير وأبو نعيم في حلية الاولياء ج 4 وص 349 مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 108 فرائد السمطين للحمويني ج1 ص55.
و قال صلى الله عليه وآله ايضا: " أنا الشجرة وفاطمة فرعها وعلي لقاحها والحسن والحسين ثمرتها وشيعتنا ورقها أصل الشجرة في جنة عدن وسائر ذلك في الجنة". أخرجه الحاكم مستدركه على الصحيحين ج 2 ص 160. ولئن تكلمت عن يد الإجرام فتكلم عن يدك أولا ويد من لقفت منهم إفكك، تعبدون هما وتوحدون شيئا غير الله طالما أنكم لا زلتم تتبعون سنة بني إسرائيل في رؤية الباري تعالى وتتعلقون بواهن الروايات فيها، مع ما يوجد من الآيات الدالة على بطلان ذلك الوهم.
فالله الذي" ليس كمثله شيء" والذي "لا يحيطون به علما" والذي قال لموسى بعد إلحاح من بني إسرائيل وموافقة منه تعالى " لن تراني " ولن هنا أداة نفي تأبيدية، فالذي ليس كمثله شيىء والمحيط بكل شيء والذي هو ليس بجسم، ولا في حيز كيف يمكن لعقولكم فضلا عن أعينكم أن تدركه أو تحيط به، وقد عد المولى تعالى طلب رؤيته جرما عظيما وذنبا كبيرا لاستحالته، ولو كان ممكنا لما خاطب بني إسرائيل بمثل هذه الآية: "يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم". 153 النساء.
ومع ذلك أصررتم بأن إلهكم ينزل إلى السماء الدنيا، ويضحك ويتنكر، وله جوارح ويضع قدمه في النار كما في كتب عقائدكم، ولو كانت رؤيته ممكنة لتسنت لرسول الله (ص) عندما بلغ ما لم يبلغه ملك مقرب أو نبي موسل في معراجه، ولأخبرنا بذلك، فأي اله هذا الذي تعبدون؟
أما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يسلم من شركم ولحقه هو أيضا من الكذب ما لحقه، وقعتم فيه كما وقعتم في ربه قلتم عنه أنه هو الذي عبس وتولى، رغم أن الله تعالى عظم خلقه، وجعلتموه هو والوليد بن المغيرة على صعيد واحد، وقلتم أنه بال قائما، وباشر زوجاته وهن حيض، وطاف عليهن في ليلة واحدة، ونسبتموه إلى الجهل والتكلف في تأبير النخل وأسرى بدر وإلى اليأس والقنوت والانتحار في بدء الوحي كما البخاري وإلى الكفر بسجوده لأصنام قريش عندما ما نزلت عليه سورة النجم كما في الدر المنثور للسيوطي ولم تتركوا قبيحة ولا مغمزة ولا نقيصة إلا ألصقتموها في كتب رواياتكم برسول الله (ص) حتى لم يعد لكم ما تنسبوه اليه من فضيحة وعار، أنقلبتم إلى أهله تحقرونهم وتستصغرون شأنهم، فكفرتم أبويه عليهما السلام وكفرتم جده وعمه ثم درجتم إلى بقية أهل بيته عليهم السلام وشيعتهم فتتبعهم أسلافك تقتيلا وسبيا وسجنا وتعذيبا، كأني بكم تستجيبون لواجب مودة القربى، وتتبعتموهم بعد ذلك لمحو آثار جرائمكم في محاولة لمحو آثارهم، وجئت أنت أخيرا لتلعق من نفس الإناء وترد نفس المورد.
كيف يمكنك يا شيخ أن تفهم التشيع على حقيقته وأنت جاهل حتى بمعاني اللغة العربية أو متجاهل لمدلولات ألفاظها، متعام حتى عن دائرة مذهبك من نصوص ملزمة بالتمسك بالعترة الطاهرة مع الكتاب الذين هم عدله وثقله في الأمة.
وهل ترى مسلما والترمذي والنسائي وغيرهم شيعة عندما صدعوا بحديث الثقلين فنقلوه في كتبهم نقل المسلم بصحة وروده؟ فقد قال رسول الله (ص): " إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما".
وما أراك تدرك للحديث معنى إن تركتك ولم أشر إلى بعض المعاني فيه. فالقرآن وحده غير عاصم من الضلالة، لما لا يخفي من صعوبة فهم كثير من آياته وأحكامه...
لذلك جعل المولى معه وعاء حافظا له، قائما عليه رعاية وتطبيقا وهم أهل بيت المصطفى الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا". وهم الذين يمكنهم مس القرآن، ومسه بمعنى تفسيره تماما كما ما نزل على جدهم صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يمكن لغيرهم إلا عن طريقهم. قال تعالى: " لا يمسه إلا المطهرون " أي لا يفقهه ولا يفسره إلا اللذين طهرهم الباري تعالى وشدد على ذلك بقوله: "ويطهركم تطهيرا". في آية التطهير، ولو كان القصد من الآية المس المجرد باليد لكانت كالآتي: لا يلمسه إلا المتطهرون " أي اللذين طهروا أنفسهم وإنك ترى أن من أهل القبلة وغيرهم من يلمس القرآن وهم على غير طهور فما أفادت الآية من هذا المعنى شيئا.
إني لا أملك الكافي ومع ذلك فإني أحملك محمل الصدق في نقل الروايات عنه، رغم أن المهاجمين لشيعة أهل البيت عليهم السلام يستعملون في أغلب الأحيان سلاح الكذب.
و أرد على حقائقك الستة التي جعلتها علة العلل.
و كأني بك قد عثرت على ما غاب عن غيرك من المتمنين لزوال الإسلام الحق وإنمحاء معالم التشيع والمولاة لآل الرسول (ص) فأقول مستعينا بالله على ما جنته يداك:
أما حقيقتك الأولى
التي جئت بها، قول مؤلف الكافي: إن الأئمة عندهم جميع الكتب التي نزلت من الله عز وجل.
و إنهم يعرفونها كلها على إختلاف ألسنتها مستدلا بحديثين يرفعهما إلى أبي عبد الله عليه السلام أنه كان يقرأ الإنجيل والتوراة والزبور بالسريانية.
يقول الشيخ أبو بكر الجزائري: قصد المؤلف من وراء هذا معروف وهو أن آل البيت وشيعتهم تبعا لهم يمكنهم الاستغناء عن القرآن الكريم بما يعلمون من كتب الأولين وهذه خطوة عظيمة في فصل الشيعة عن الإسلام والمسلمين.
ليت شعري من أين عرفت يا شيخ قصد المؤلف؟ وهل وجد شخص واحد منذ وجدت الشيعة الإمامية عالما كان أم عاميا يقول بالاستغناء عن القرآن، فلا تقس قصد الكافي بقصدك.
لأن قصده طاهر وقصدك خبيث. كيف تستقيم عقيدتنا نحن الشيعة إذا لم يكن القرآن منهاجنا وشريعتنا؟ وكيف يستقيم تعهدنا للقرآن نفسه حفظا وتلاوة وتدبرا وتفسيرا وفهما صحيحا؟
ألا تستحي من شيبتك وأنت على أعتاب مفارقة الدنيا، جئت لتفتري على أسيادك الذين أوصلوا لك شريعة الإسلام قرآنا وسنة، وتلصق بهم بهتانا لم يتجرأ أعتى أعدائهم على نسبته لهم لبعده عن الحقيقة. نعم نحن شيعة الأئمة الأطهار صلاة الله وسلامه عليهم نعتقد أن الإمام الذي هو حجة من الله على جميع مخلوقاته، لا بد أن يكون عالما بجميع الكتب المنزلة قبل القرآن لتكون من مستلزمات الاحتجاج على الملل الأخرى، مسددا من قبل الباري بملائكته وأسألك على من تتنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر في ليلة القدر؟ وأقول لك لأنك في مقام لن تدرك به معنى هذه الآية العظيمة، تتنزل الملائكة على الإمام حجة الله على خلقه بكل ما يحتاجه في تصريف شؤونهم. ومن دون وجود إمام تنعدم الحجة وتصبح الآية " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " لا معنى لها. أو لعلك نصبت نفسك في مقام الهادي ونحن لا علم لنا، كما حدث في سقيفة أسلافك التي اغتصبت فيها الإمامة.
لم يقل أحد بالاستغناء عن القرآن، لأن قوله لا يقبله حتى الحمار، وإن أوصلك خيالك المريض إلى مستواه.
أما حقيقتك الثانية
و ما نقلته عن صاحب الكافي من روايته عن جابر قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله إلا كذاب وما جمعه وحفظه كما نزل إلا على بن أبي طالب والأئمة بعده وجلبت على تلك الرواية بمجموعة من الاستنتاجات الباطلة وهي:
استنتاجك الأول:
فقولك بتكذيب كل من إدعى حفظ كتاب الله وجمعه في صدره أو في مصحفه كعثمان وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود وغيرهم.
فإنك لم تفهم معنى " جمع القرآن كله " ولو فهمت لما نكصت على عقبيك هذه النكصة. إن القصد من ذلك هو جمع القرآن ألفاظا ومعاني أي حروفا وتفسيرا. لأنه لا معنى ـ إن كنت متدبرا واعيا ـ لجمع الألفاظ دون المقاصد، وقد سمى المولى سبحانه وتعالى المعاني القرآنية قرآنا بقوله للنبي (ص): " ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل ربي زدني علما".
ثم تعالى معي إلى المصاحف التي ذكرت. هل كان لعثمان مصحف حتى تعده من جملة حفاظ القرآن؟ لم يقل أحد بذلك سوى أن ما صنعه الرجل هو حرق المصاحف التي فيها من تفاسير ما أملاه رسول الله (ص)، وعمله الذي أقدم عليه كان سياسيا بحتا ليس من الدين في شيء، لأن في تلك المصاحف تفاسير وأساب نزول لا تتفق ورؤيتهم لمعالم الحكومة الإسلامية، وبالتالي فهي لا ترضي الناس عنهم.
الأئمة عليهم السلام هم ورثة علم الرسول (ص) قال تعالى: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا".. وهم من عندهم علم القرآن ومقاصده. فلا تذهبن بك المذاهب ولا يغرنك بالله الغرور.
أما استنتاجك الثاني:
فقولك أن لازم الرواية يستوجب ضلال عامة المسلمين عدا شيعة آل البيت وذلك أن من عمل ببعض القرآن دون البعض لا شك في كفره وضلاله لأنه لم يعبد الله تعالى بما شرع: إذ من المحتمل أن يكون بعض القرآن الذي لم يحصل عليه المسلمون مشتملا على العقائد والعبادات والآداب والأحكام. وكأني بك تريد أن تفلت من معاني الروايات على المعنى الذي أوحاه شيطانك وشيطان أسلافك ممن قالوا بمحكي تحريف القرآن عند أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم، لان الرواية ليس فيها ما يفهم منه ذلك المعنى، غير ما ذكرت من أن الجمع السليم لا يكون إلا على عهد رسول الله (ص) وأن تواتره لا يصح إلا عبر الأئمة المعصومين اللذين نشروا القرآن لفظا وتفسيرا في طبقات الناس وأجيال المسلمين فإليهم شدت الرحال كما فعل أبو حنيفة النعمان ومالك بن أنس وغيرهم، ممن كان.
أما استنتاجك الثالث:
فقولك بأن هذا الاعتقاد لازمه تكذيب الله تعالى في قوله:
"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". فليس فيه غير ما يؤكد نسبة الجمع إلى رسول الله (ص) وأهل بيته عليهم السلام، فنزول القرآن كان من الباري تعالى إلى جبريل على النبي (ص) وحفظه يكون تبعا لمعنى الآية من النبي (ص) إلى الإمام عليه السلام الذي من بين أدواره حفظ القرآن والاستحفاظ على الشريعة عموما. فأين لمسة التكذيب من المعاني التي ذكرت؟ سوى أن لديك فكرة مسبقة تريد أن تجد لها سندا تقوي به وهمك.
تتمة >>>
تعليق