بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
من منا يجهل عبد الله ابن عباس الصحابي الجليل الموالي لأهل بيت النبوة (ع) الذي لم يتوانى في إظهار الحق ولم يخاف أحداً من السلاطين فكان دائم الدفاع عن علي (ع) وعن حقه المغصوب كما فعل ذلك مع ولديه الحسنين (ع)، وفضله أجلى وأظهرمن أن يستر عاش موالياً ومات موالياً لأهل البيت (ع).
وما سنتناوله هو قليل بالنسبة لشخصية فذة بحجمه، ولكننا سنحاول أن نختصر وأن لا نطيل ونجمل بعض الأمور خاصة المشهور منها.
مدح الأئمة (ع) له:
وردت عدة روايات عن الأئمة (ع) في مدح ابن عباس نقلها أصحاب التاريخ والتراجم منها ما أورده الكشي عن أبي عبد الله (ع)، أن ابن عباس لما مات وأخرج خرج من كفنه طير أبيض يطير ينظرون إليه يطير نحو السماء حتى غاب عنهم، فقال: وكان أبي يحبه حبا شديدا، وكانت أمه تلبسه ثيابه وهو غلام فينطلق إليه في غلمان بني عبد المطلب، قال: فأتاه بعدما أصيب ببصره، فقال: من أنت ؟ قال: أنا محمد بن علي بن الحسين، فقال: حسبك من لم يعرفك فلا عرفك.
ابن عباس في كلام العلماء:
1- العلامة الحلي في خلاصة الأقوال ص190: عبد الله بن العباس، من أصحاب رسول الله (ص)، كان محبا لعلي (ع) وتلميذه، حاله في الجلالة والاخلاص لأمير المؤمنين (ع) أشهر من أن يخفى. وقد ذكر الكشي أحاديث تتضمن قدحا فيه، وهو اجل من ذلك، وقد ذكرناها في كتابنا الكبير واجبنا عنها رضي الله تعالي عنه.
2- ابن طاووس في التحرير الطاووسي ص312: عبد الله بن العباس (رض). حاله في المحبة والاخلاص لمولانا أمير المؤمنين (ع) والموالاة والنصرة له والذب عنه والخصام في رضاه والموازرة مما لا شبهة فيه، وقد كان يعتمد ذلك مع من يجب اعتماده معه بعده على ما نطق به لسان السيرة.
3- التفرشي في نقد الرجال ج3 / ص118: عبد الله بن العباس: من أصحاب رسول الله (ص)، كان محبا لعلي عليه السلام وتلميذه، حاله في الجلالة والاخلاص لأمير المؤمنين عليه السلام أشهر من أن يخفى، وقد ذكر الكشي أحاديث تتضمن قدحا فيه، وهو أجل من ذلك، وقد ذكرنا في كتابنا الكبير وأجبنا عنها، رضي الله عنه، الخلاصة. وما ذكره الكشي من الطعن فيه ضعيف السند.
4- ابن داوود في رجاله ص212: عبد الله بن العباس (رض) حاله أعظم من أن يشار إليه في الفضل والجلالة ومحبة أمير المؤمنين (ع) وانقياده إلى قوله.
5- الأرديبلي في جامع الرواة ج1 / ص494: عبد الله بن العباس (رض ) كان محبا لعلى (ع) وتلميذه وحاله في الجلالة والاخلاص لأمير المؤمنين أشهر من أن يخفى وقد ذكر الكشي أحاديث تتضمن قدحا فيه وهو اجل من ذلك ما ذكره الكشي من الطعن فيه خمسة أحاديث كلها ضعيف السند والله أعلم بحاله.
6- السيد علي خان في طبقات الشيعة ص101: قال المؤلف: عفى الله عنه الذي اعتقده في ابن عباس (رض) انه كان من أعظم المخلصين لأمير المؤمنين وأولاده ولا شك في تشيعه وايمانه وستقف على ما نذكره من اخباره على ما تحقق معه ذلك انشاء الله تعالى.
7- الشيخ علي النمازي في مستدركات علم رجال الحديث ج5 / ص43: عبد الله بن العباس بن عبد المطلب: رواياته في فضائل الخمسة النجباء أكثر من أن تحصى. وهو من أصحاب الرسول وأمير المؤمنين والحسنين صلوات الله عليهم.
8- السيد أبو القاسم الخوئي في رجاله ج11/ ص256: والمتحصل مما ذكرنا أن عبد الله بن عباس كان جليل القدر، مدافعا عن أمير المؤمنين والحسنين (ع).
ابن عباس وموالاته لعلي (ع):
ان المقام ليطول في الكلام عن تولي ابن عباس (رض) لأمير الؤمنين (ع)، وما سنذكره ما هو إلا نزرٌ قليل جداً وإلا لاحتجنا لمجلد كبير أو أكثر لنستطيع تقصي مواقف هذا الصحابي الجليل:
1- ابن عباس يصف أمير المؤمنين (ع): حكي أن معاوية بن أبي سفيان سأل عبد الله بن العباس رحمة الله عليه، عن أمير المؤمنين علي (ع) فقال ابن عباس: هيهات، عقم النساء أن يأتين بمثله، والله ما رأيت رئيسا مجربا يوزن به، ولقد رأيته في بعض أيام صفين، وعلى رأسه عمامة بيضاء تبرق وقد أرخى طرفيها على صدره وظهره، وكأنما عيناه سراجا كسليط... خصائص الأئمة للشريف الرضي: ص75.
2- ابن عباس عندما حضره الموت: عن عبد الله بن يا ليل قال: أتينا ابن عباس نعوده في مرضه الذي مات فيه، قال: فأغمي عليه في البيت فأخرج إلى صحن الدار، قال: فأفاق، فقال: إن خليلي رسول الله (ص) قال: أني سأهجر هجرتين وأني سأخرج من هجرتي، فهاجرت هجرة مع رسول الله (ص)، وهجرة مع علي (ع)، وأني سأعمى فعميت، وأني سأغرق فأصابتني حكة فطرحني أهلي في البحر فغفلوا عني فغرقت ثم استخرجوني بعد. وأمرني أن أبرأ من خمسة: من الناكثين وهم أصحاب الجمل، ومن القاسطين وهم أصحاب الشام، ومن الخوارج وهم أهل النهروان، ومن القدرية وهم الذين ضاهوا النصارى في دينهم فقالوا لا قدر، ومن المرجئة الذين ضاهوا اليهود في دينهم فقالوا: الله أعلم، قال: ثم قال: اللهم إني أحيى على ما حيي عليه علي بن أبي طالب، وأموت على ما مات عليه علي بن أبي طالب. معجم رجال الحديث: ج11 / ص247.
3- شعره في علي (ع):
وصي رسول الله من دون أهله * وفارسه ان قيل هل من منازل
فدونكه ان كنت تبغي مهاجرا * أشم كنصل السيف غير حلاحل
موالاته للحسن بن علي (ع):
بعد استشهاد سيد الوصيين وإمام المتقين علي بن أبي طالب (ع) لم يتوانى ابن عباس (رض) في موالاة السبط الأكبر (ع)، والشواهد كثيرة نذكر منها:
ذكر الميانجي في كتابه مواقف الشيعة: ج1 / ص82 نقلاً عن مروج الذهب: وفد عبد الله بن عباس على معاوية، قال: فوالله إني لفي المسجد إذ كبر معاوية في الخضراء، فكبر أهل الخضراء، ثم كبر أهل المسجد تكبير أهل الخضراء، فخرجت فاختة بنت قرظة بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف من خوخة لها، فقالت: سرك الله يا أمير المؤمنين ما هذا الذي بلغك فسررت به؟ قال: موت الحسن بن علي ! فقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون ! ثم بكت وقالت: مات سيد المسلمين وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال معاوية: نعما والله ما فعلت، إنه كان كذلك أهلا أن تبكي عليه. ثم بلغ الخبر ابن عباس رضي الله عنهما فراح فدخل على معاوية قال: علمت يا ابن عباس أن الحسن توفي ؟ قال: ألذلك كبرت ؟ قال: نعم. قال: أما والله ما موته بالذي يؤخر أجلك، ولا حفرته بسادة حفرتك، ولئن أصبنا به فقد أصبنا قبله بسيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين، ثم بعده سيد الأوصياء، فجبر الله تلك المصيبة ورفع تلك العثرة. فقال: ويحك يا ابن عباس ! ما كلمتك قط إلا وجدت معدا .
موالاته للحسين بن علي (ع):
ولما استشهد السبط الأكبر (ع) بعد تجرعه السم مباشرة بعد وصول خبر الاستشهاد إلى آذان ابن عباس (ع) تولّى أبي عبد الله (ع) ولم يفكر في نفسه لحظة قط مع انه كان أكبر سناً ولكنه لم يفكر بدنياه وآثر آخرته عليها:
أورد السيد المرتضى في أماليه: ج1 / ص200: ولما أتى معاوية نعي الحسن بن علي (ع) بعث إلى ابن عباس وهو لا يعلم الخبر فقال ما جاءك خبر من المدينة قال لا قال أتانا نعي الحسن وأظهر سرورا فقال ابن عباس إذا لا تنسأ ولا يسد حفرتك قال احسبه قد ترك صبية صغارا قال كلنا كان صغيرا وكبر قال وأحسبه قد بلغ سنا قال مثل مولده لا يجهل قال معاوية وقال قائل انك أصبحت سيد قومك قال أما وأبو عبد الله الحسين بن علي حي فلا.
دفاعه (رض) عن أمير المؤمنين (ع):
أما دفاعه عن أمير المؤمنين (ع) وحقه المغصوب فإنه أكثر من أن يجمع في صفحات قليلة، وما سنذكره سوى قطرة من بحر الاحتجاجات والناظرات التي أفحم فيها الخصوم وأذل فيها الأعداء بالحجج القوية والبراهين الساطعة:
1- عن ابن عباس، قال: مر عمر بعلي وعنده ابن عباس بفناء داره، فسلم، فسألاه أين تريد ؟ فقال: مالي بينبع، قال علي: أفلا نصل جناحك ونقوم معك ؟ فقال: بلى، فقال لابن عباس: قم معه، قال: فشبك أصابعه في أصابعي ومضى حتى إذا خلفنا البقيع، قال: يا ابن عباس، أما والله، أن صاحبك هذا أولى الناس بالأمر بعد وفاة رسول الله، إلا أنا خفناه على اثنتين، قال ابن عباس: فجاء بمنطق لم أجد بدأ معه من مسألته عنه، فقلت: يا أمير المؤمنين، ماهما ؟ قال: خشيناه على حداثة سنه وحبه بني عبد المطلب. مواقف الشيعة: ج 1 / ص148.
2- روى الزبير بن بكار في كتاب الموفقيات عن عبد الله بن عباس، قال: إني لأماشي عمر بن الخطاب في سكة من سكك المدينة، إذ قال لي: يا ابن عباس، ما أرى صاحبك إلا مظلوما ! فقلت في نفسي: والله لا يسبقني بها، فقلت: يا أمير المؤمنين، فاردد إليه ظلامته، فانتزع يده من يدي ومضى يهمهم ساعة، ثم وقف، فلحقته، فقال: يا ابن عباس، ما أظنهم منعهم عنه إلا أنه استصغره قومه، فقلت في نفسي: هذه شر من الأولى، فقلت: والله ما استصغره الله ورسوله حين أمراه أن يأخذ براءة من صاحبك، فأعرض عني وأسرع، فرجعت عنه. مواقف الشيعة: ج 1 / ص151.
ومن أراد الاستزادة فليراجع كتاب مواقف الشيعة ج1، فلقد جمع الكثير من مناظرات ابن عباس مع الخصوم والأعداء في الدفاع عن أهل بيت النبوة (ع).
ابن عباس (رض) ومحاولة تشويه ولائه لاهل البيت (ع):
قام الأعداء والخصوم ببث الأحداث المكذوبة لمحاولة تشويه هذه الشخصية الموالية هي الافتراء عليه بأنه سرق مال من البصرة عندما كان والياً عليها من قبل أمير المؤمنين (ع).
أورد الكشي تحت هذه المسألة روايتين سنذكرهما ونناقش سنديهما:
أ- روى علي بن يزداد الصائغ الجرجاني، عن عبد العزيز بن محمد بن عبد الاعلى الجزري، عن خلف المحرومي البغدادي عن سفيان بن سعيد، عن الزهري، قال: سمعت الحارث يقول: استعمل علي عليه السلام على البصرة عبد الله بن عباس، فحمل كل مال في بيت المال بالبصرة ولحق بمكة وترك عليا عليه السلام، وكان مبلغه ألفي ألف درهم... اختيار معرفة الرجال: ج1 / ص279.
النظر في رواتها:
سفيان بن سعيد:
وهو الثوري وقد أورد الكشي في كتابه روايات تدل على خبثه. (المفيد من معجم رجال الحديث: ص255).
بالإضافة إلى انه ليس من أصحابنا ومجهول الحال إلا اذا صحّت روايات الكشي فيه وهي صحيحة كما صرّح بذلك المازندراني في كتابه منتهى المقال ج3 / ص351.
كل هذا بالإضافة إلى تصريحه ببغض ذكر فضائل علي (ع) كما اورد ذلك الذهبي في سير أعلام النبلاء ج7 / ص352.
ب- قال شيخ من أهل اليمامة، يذكر عن معلى بن هلال، عن الشعبي، قال: لما احتمل عبد الله بن عباس بيت مال البصرة وذهب به إلى الحجاز... اختيار معرفة الرجال: ج1 / ص279.
النظر في رواتها:
يكفي جهالة هذا الشيخ الذي هو من أهل اليمامة لتسقط الرواية عن الحجية والصحة.
هذا بالإضافة إلى الشعبي المعروف ببغضه لعلي (ع) بل بلغ البغض منه ان يحلف بأن علياً (ع) دخل اللحد وما حفظ شيئاً من القرآن!!. الفصول المختارة: ص217.
أقوال العلماء في ضعف الحديثين:
1- الحلي في خلاصة الأقوال: وقد ذكر الكشي أحاديث تتضمن قدحا فيه، وهو اجل من ذلك، وقد ذكرناها في كتابنا الكبير واجبنا عنها رضي الله تعالي عنه. ص190
2- التفرشي في نقد الرجال: وما ذكره الكشي من الطعن فيه ضعيف السند. ج3 / ص118
3- الأرديبلي في جامع الرواة: قد ذكر الكشي أحاديث تتضمن قدحا فيه وهو اجل من ذلك ما ذكره الكشي من الطعن فيه خمسة أحاديث كلها ضعيف السند. ج1 / ص494.
4- السيد علي خان المدني في طبقات الشيعة: وقد روى الكشي اخبارا شاذة ضعيفة تقتضي قدحا أو جرحا ومثل الحبر رض موضع ان يحسده الناس وينافسوه ويقولوا فيه ويباهتوه. ص101
ابن عباس (رض) والمراسلات واللقاءات بينه وبين الإمام الحسين (ع):
ما يهمنا هنا هل ابن عباس (رض) كان يقترح على الغمام الحسين (ع) بعدم محاربة يزيد أي هل إنه كان معارضاً لأصل الفكرة التي كان يسير فيها الإمام الحسين (ع) أم كان معارضاً لخروج الإمام (ع) لأهل الكوفة خاصة وذلك لما عُرِف عنهم من الغدر والخيانة مع أبيه (ع) وأخيه (ع).
ان المراسلات واللقاءات التي حدثت بينهما كانت واضحة وجلية في ان الأمر الذي كان ابن عباس (رض) يحذر منه الحسين (ع) هو الخروج إلى أهل الكوفة فقط، وأما أصل الفكرة وهي الجهاد ضد الظلم والجور وضد الفاسق يزيد فهو ممن يرى بصحتها ويجب التصدي لها.
ففي أحد المحاورات قال ابن عباس (رض) للإمام الحسين (ع): فإني أعيذك بالله من ذلك أخبرني رحمك الله أتسير إلى قوم قد قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم ونفوا عدوهم فإن كانوا قد فعلوا ذلك فسر إليهم وإن كانوا إنما دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر لهم وعماله تجبى بلادهم فإنهم إنما دعوك إلى الحرب والقتال ولا آمن عليك أن يغروك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك وأن يستنفروا إليك فيكونوا أشد الناس عليك. تاريخ الطبري: ج4 / ص287.
وكذلك في محاورة أخرى قال له: إن أهل العراق قوم غدر فلا تقربنهم أقم بهذا البلد فإنك سيد أهل الحجاز فإن كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إليهم فلينفوا عدوهم ثم أقدم عليهم فإن أبيت الأن تخرج فسر إلى اليمن فإن بها حصونا وشعبا وهى أرض عريضة طويلة ولأبيك بها شيعة وأنت عن الناس في عزلة فتكتب إلى الناس وترسل وتبث دعاتك فإني أرجو أن يأتيك عند ذلك الذي تحب في عافية. تاريخ الطبري ج 4 / ص288.
الناظر في هذه المحاورات يتضح له بشكل قوي جداً إن خوف ابن عباس (ع) إنما كان يصب في غدر أهل العراق للإمام الحسين (ع)، وكل ما كان يخالفه او يرى خلاف ما يراه الإمام الحسين (ع) –إذا أمكن قول ذلك- هو الخروج إلى أهل الكوفة، أما محاربة يزيد وجهاده والخروج على الظالم والخروج لنصرة المظلوم والخروج لحفظ الإسلام كله هذا كان ابن عباس في صف الإمام الحسين (ع) ولم نرى له معارضة في هذا الشي بل لم نرى له معارضة في أصل الخروج إنما كانت في وجهة الخروج ليس إلا.
لماذا لم يخرج ابن عباس (رض) مع الإمام الحسين (ع):
ان المتأمل في سيرة ابن عباس (رض) يراه كان مدافعاً في كل لحظاته عن أهل البيت (ع) كان بالمناظرة أو حتى في الحروب فلقد كان مع علي (ع) في الجمل وصفين والنهروان وكان مع الحسن (ع) في حربه ضد معاوية، فما السبب الذي جعله يقعد ولا يخرج مع الحسين (ع) وخاصة انه يؤمن بإمامته وولايته.
ان المتتبع لسيرة هذا الصحابي الجليل يرى بأنه أصيب في عينه وأصابه العمى في أواخر عمره والحاصل انه توفى كما ذكر بعض أهل السير سنة 68 هـ اي بينه واقعة الطف ووفاته 8 سنوات تقريباً وكان عمره في حدود سبعين عاماً.
يقول ابن قتيبة في المعارف ص589: ثلاثة مكافيف في نسق عبد الله بن عباس وأبوه العباس بن عبد المطلب وأبوه عبد المطلب بن هاشم.
وكذلك يروي المجلسي في البحار عن الطوسي في أماليه رواية في أماليه عن وصول خبر استشهاد الحسين (ع) إلى أم سلمة في كربلاء تظهر ان ابن عباس أما انه كان ضعيف البصر جداً أو انه قد ذهب بصره: عن ابن عباس قال: بينا أنا راقد في منزلي إذ سمعت صراخا عظيما عاليا من بيت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله فخرجت يتوجه بي قائدي إلى منزلها وأقبل أهل المدينة إليها الرجال والنساء... البحار: ج45 / ص230.
فقول ابن عباس (رض): وآله فخرجت يتوجه بي قائدي إلى منزلها. دليل واضح وجلي ولا يحتاج إلى تحليل أو تأويل إلى انه قد ذهب بصره أو على أقل التقديرات كان ضعيف البصر جداً بحيث لا يقوى على رؤية الأشياء وإلا فلا داعي لمن يقوده إلى بيت أم سلمة (رض).
وأورد ابن قتيبة في المعارف ص589: قال معاوية لابن عباس أنتم يا بني هاشم تصابون في أبصاركم فقال ابن عباس وأنتم يا بني أمية تصابون في بصائركم.
فهذه الحادثة تحكي عن ذهاب بصر ابن عباس في أيام معاوية أو ضعف بصره المؤدي إلى ذهابه مع إقبال السسنين وإلا فلا يوجد داعٍ ولا مبرر لقول معاوية: عباس أنتم يا بني هاشم تصابون في أبصاركم، ولو لم يكن كذلك لما قالها في تلك اللحظة إلى ابن عباس (رض).
فالمتحصل من كل هذا ان ابن عباس (رض) كان معذوراً لعدم خروجه مع سيد الشهداء (ع) كما خرج من قبل مع أبيه (ع) وأخيه (ع)، ولو لم يكن كذلك لرأيناه في مقدمة الأنصار وأحد الأبطال في كربلاء.
في ختام هذه الخطفة القصيرة في حياة أحد كبار الصحابة الموالين نسأل الله ان يبعثنا وإياه مع سيد المرسلين وسيد الوصيين وسيدي شباب أهل الجنة وأمهم الزهراء والتسعة المعصومين من ذرية الحسين (ع) يوم المحشر وان يشفعوا لنا عند الله تعالى يوم لا ينفع مال ولا بنين.