X
-
ما هيه اسباب غيبة الامام المهدي عليه السلام
التعديل الأخير تم بواسطة أبومحمد ألصدر; الساعة 01-06-2009, 12:52 AM.الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
- اقتباس
-
الإمام× كالشمس إذا غيبها السحاب
ورد تشبيه الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف بالشمس إذا غيبتها السماء في العديد من الأخبار: (وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبها عن الأبصار السحاب )
إن تشبيهه في غيبته (عج) بالشمس إذا سترها السحاب له دلالاته الكثيرة، حتّى إنّ العلامة الشيخ المجلسي قدس سره ذكر أنّه اهتدى إلى ستة عشر وجهاً، عدّ منها ثمانية، ولم يذكر الثمانية الأخرى، لأنّ بعض العقول أو النفوس لا تستوعب ذلك فقال :
(فقد فتحت لك من هذه الجَنة الروحانية ثمانية أبواب، ولقد فتح الله علي بفضله ثمانية أخرى تضيق العبارة عن ذكرها، عسى الله أن يفتح علينا وعليك في معرفتهم ألف باب، يفتح من كل باب ألف باب )([1]).
ونحن نذكر لك أيُها القارئ العزيز شيئاً من تلك الوجوه:
الأوّل: بالشمس - وإن سترها السحاب – تبقى الحياة، ولولا وجود الشمس لأصبحت الأرض غير صالحة للحياة، فتنخفض درجات الحرارة إلى حدٍّ لا يُمكن معه الحياة، فكذلك الإمام (عج) فإنّه وإن كان غائباً إلا أنّ الحياة من دونه لا تبقى، ولقد ورد عنهم (ع) مستفيضاً: أنّه (لوبقيت الأرض بغير إمام (ع) لساخت)، وساخت أي غاصت في الماء وغابت وهو كناية عن هلاك البشر وفنائهم.
الثاني: الشمس المحجوبة وإن كانت نافعة إلا أنّ الناس ينتظرون ظهورها كي تتمّ الفائدة منها وتكمل، وبعض البلدان التي لا تظهر عندهم الشمس إلا نادراً نجدهم ينتظرون ظهورها، وعندما تبزغ عليهم ينتشرون ويتعرّضون لأشعّة الشمس طلباً للدفء والصحّة، لأنّ جسم الإنسان بحاجة إلى أشعة الشمس، وكذلك الإمام (عج) فإنّه وإن كانت فائدة وجوده عظيمة في حال غيبته إلا أنّ المؤمنين المخلصين ينتظرونه لتمام الفائدة وكمالها .
الثالث: إذا ستر السحاب الشمس لا تجد أحداً ينكر وجودها، لأنّها وإن لم تُرَ إلا أنّ آثارها موجودة ظاهرة بيِّنة لكلِّ ذي حسٍّ سليم، وإنّ منكر وجودها مُكابر معاند، فكذلك وجوده المقدس (عج) فإنّ إنكاره من المُكابرة والعناد مع ظهور آثاره وتجلِّي فيوضاته لمن كان سليم الحسِّ والشعور، وكان ذا بصيرة من ربِّه تعالى.
الرابع: إنّ الشمس في بعض الأحيان يحجبها السحاب الكثيف حتى يكون النهار كالليل في الظلمة، ويكون هذا الظلام نجاة ومصلحة لمن يلاحقه العدو الذي يريد الفتك به والنيل منه، وكذلك الإمام (عج) فإنّه بلغ الظلم بشيعته حداً حتى أصبحت المصلحة لهم في غيبته .
الخامس: إذا ضعُفت أبصار الناس فإنّها لا تقوى على نور الشمس، فيضرّها ظهورها ونورها لعدم احتمالهم لنورها الشديد. وكذلك الإمام (عج) فإنّ ضعف بصائر الناس وقلّة دينهم يمنعانهم من الاستضاءة بنور الإمامة، لأنّه يحملهم على المحجّة البيضاء، والحقّ الذي لا يُطيقون، ولولا غيبته (عج) لقلّ الشيعة في الأمصار، لعظيم بلائهم وامتحانهم وشدّة ضعفهم .
السادس: إنّ الشمس قد تظهر من بين السحاب ويراها من كان مراقباً لها ومنتظراً لبزوغها، فكذلك الحجة المنتظر (عج) فإنّ بعض المنتظرين له المشغوفين بحبّه قد يُمنُّ عليهم برؤيته والتشرُّف بلقائه، وهذا معلوم شائع عن بعض العلماء، ولقد عقد العلامة المجلسي باباً في ذكر من رآه صلوات الله عليه في أوّل الجزء 52، واستدرك العلامة الميرزا حسين النوري على البحار في جنّة المأوى وذكر تسعاً وخمسين حكاية في من تشرّفوا بلقاء الإمام (عج) .
السابع: إنّ الشمس نفعها عظيم، والذي لا ينتفع ببعض منافعها فإنما لأمرٍ فيه، ولحجاب جعله بينه وبين الشمس، فكذلك الإمام(عج) فإن نفعه عام ولكن بعض الناس عمي وأوجد الحجب بينه وبين الإمام فلم تصل المنفعة التامّة له بسوء فعله واختياره .
الثامن: إنّ الشمس منافعها تصل إلى الناس بحسب ما هيأ كلّ شخص من طرق وصول الفائدة إليه، وبقدر ما يرفع من الموانع، فكذلك الإمام (عج) فإنّ عموم نفعه يصل إلى كلّ شخص بحسب ما يهيئ من سبل ويرفع من موانع وحجب.
التاسع: إنّ الناظر إلى الشمس والمنتظر لها عندما تسترها الغيوم إنّما يكون نظره إلى الأعلى، فكذلك علوّ مرتبة الإمام(عج) وشرف مقامه الرفيع يقتضي من العبد أن ينظر بنور قلبه إلى المراتب العالية، والدرجات الرفيعة حتّى ينتظر أو يرى الإمام المنتظر(عج) .
العاشر: ما هو ثابت علميّاً أنّ الكواكب كالأرض تدور حول الشمس وفي فلكها، ولا يختلف ذلك بين ظهور الشمس وغيابها وراء السحاب، فعلى المؤمنين الموالين المنتظرين أن يكون محور أفعالهم وأقوالهم رضا إمامهم، ويدوروا في فلك هداية مولاهم، لا يخرجون عنه أبداً، سواء كان ظاهراً أو غائباً .
الحادي عشر: لو أنّ الكواكب خرجت من فلك الشمس لاختلّ نظام الكون وفسد، ولا يفرق الحال بين ظهور الشمس وغيبتها وراء السحاب، وكذلك الناس إذا تمرّدوا على إمامهم وخرجوا من دائرته فإنهم يتيهون ويفسد عملهم واعتقادهم، سواء كان ظاهراً أو كان غائباً .
الثاني عشر: إن الشمس مصدر للضياء بخلاف القمر فإنّ نوره مستمد من نور الشمس، فنور القمر من نور الشمس وإن خفيت الشمس علينا بسبب الغيوم، والإمام(عج) مصدر للضياء والنور وليس نوره مستمداً من غيره من الخلق، وإن الهدى الذي عليه بعض الناس مستمدّ من نوره وإن كان غائباً .
الثالث عشر: الشمس يعجز البشر عن الوصول إليها لبعدها وعلوها، ولا يفرق الحال بين غيبتها وظهورها، فكذلك الإمام يعجز البشر عن الوصول لمقامه الشريف، وإن كان غائباً عن الأنظار، ففي الزيارة الجامعة: (فبلغ الله بكم أشرف محل المكرمين، وأعلى منازل المقربين، وأرفع درجات المرسلين، حيث لا يلحقه لاحق، ولا يفوقه فائق، ولا يسبقه سابق، ولا يطمع في إدراكه طامع) .
الرابع عشر: إنّ الشمس لا يمكن الاقتراب منها لشدّة حرارتها، فكذلك نور الإمامة لا يمكن لأحد أن يقترب منه، فإن العقول قاصرة عن إدراكهم، ولقد ورد عن النبي’ أنّه قال: (يا علي، ما عرف الله إلا أنا وأنت، ولا عرفني إلا الله وأنت، ولا عرفك إلا الله وأنا)([2]) .
الخامس عشر: الشمس تضرّ من أطال النظر فيها، ويُكتفى في معرفة وجودها النظر الخاطف إليها، والتمعّن في آثارها، وكذلك الإمام (عج) فإنّ النظر والتفكّر في عظيم ذاته لكونه فوق طاقة البشر يجعل العبد يزيغ عن الحق، فيُكتفى بالنظر في آثاره الشريفة .
السادس عشر: إنّما يتميّز الليل من النهار بالشمس وإن كانت محجوبة بالسحاب، فكذلك الإمام (عج) فإن تميّز الهدى من الضلال والإيمان من الكفر به صلوات الله وسلامه عليه وإن كان غائباً .
السابع عشر: بظهور الشمس تنكشف الحقائق التي كانت مستورة بالليل، وكذلك الإمام (عج) بظهوره تنكشف الحقائق التي سُتِرت عنّا في ظلمة غيابه صلوات الله وسلامه عليه .
ولقد اكتفينا بهذا المقدار المحقق للغرض، ونسأل الله تعالى الثبات على ولايتهم ومحبتهم، والتوفيق لطاعتهم واجتناب معصيتهم.
([1]) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج52 ص94 .
([2]) شرف الدين النجفي في تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة: 1 / 221 ح 15. وعنه مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ج 2 ص 439. وأورده البرسي في المشارق: 112. وأخرجه في مختصر البصائر: 125، وفي المحتضر: 38 و 165 ومناقب ابن شهرآشوب : 3 / 267 نحوه .
- اقتباس
- تعليق
-
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
يعتبر عصر الإمام المهدي(عجل الله فرجه) بعد ظهوره وقيامه من أفضل عصور الكرة الأرضية منذ خلق الله الأرض، أو منذ خلق آدم(عليه السلام).. وعصره هو عصر العلم والنور، لا العصور التي نحن نعيشها اليوم، والتي هي عصور ظلمات الجهل والفقر، والانحراف والفجائع، والجور والضلالة..
وعند قيام الإمام المهدي(عجل الله فرجه) يرحل الفقر عن المجتمع البشري ويزول الحرمان، وتنحل العقد النفسية، وتنقلب الأحزان أفراحاً، وينقلب جحيم الحياة نعيماً، والذبول المستولي على الوجوه يتبدل طراوة ونضارة، والخوف يرتفع والأمان يسود العالم والعدالة تخيم على رؤوس البشر، والظلم يتلاشى، فلا ترى ظالماً ولا مظلوماً، والمسلمون تتحقق أمنياتهم، والسلام يشمل الكرة الأرضية والاسلام ينتشر في كل بقاع الأرض.. كل ذلك ببركات نهضة الإمام المهدي(عجل الله فرجه) وقيامه وانجازاته، وخطواته الاصلاحية، ومشاريعه العمرانية، وتعاليمه القيمة، وتطبيقه للقوانين الالهية، وعلى الإجمال فان الإمام(عجل الله فرجه) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن تملاً ظلماً وجوراً..
والى ذلك، يُستفاد من الأحاديث الشريفة الكثيرة أن تطوراً عظيماً وتبدلاً كبيراً سوف يحدث في المجتمعات كلها – في ارجاء الكرة الأرضية – وسوف تتغير صورة الحياة إلى صور أخرى رائعة، في جميع مظاهرها ومرافقها.
وسيشمل التطور والازدهار جميع ميادين الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية.. وغاية ما في القول أن عصر الإمام الحجة هو من أزهى واجمل العصور التي عرفتها البشرية منذ بداية عهدها.
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
ماهيت اسباب الغيبة
ما هي أسباب الغيبة
الإمام (ع) لطف الهي بالمؤمنين ، ووجوده ظاهراً بينهم فيه حث كبير لهم على الالتزام الديني . فإذا امتنع ظهوره لخوف القتل مثلاً ، فان وجود سفير له (ع) أفضل بكثير من غيبته التامة ، لأن السفير هو القائد البديل للإمام (ع) الذي ينقل أوامره (ع) فوجوده –أي السفير – كذلك لطف الهي ، لان وجوده شبه وجود المعصوم ، حيث بوجود السفير يمكن الاتصال بالإمام ، ومعرفة الأحكام الشرعية الصحيحة ، وخصوصاً ما يستجد منها مع مرور الزمن ، وإذا كان الأمر كذلك فما هو سبب الغيبة التامة ؟! .
وللإجابة هناك عدة فروض منها :-
1- الخوف من اغتياله من قبل الطواغيت:- وهذا يمكن أن يكون صحيحاً إذا كان الإمام ظاهراً للجميع ، أما إذا كان غائباً غيبة غير التامة ، أي بوجود سفير فيكون الإمام (ع) بعيد عن أعين الطواغيت ومكرهم السيء ، خصوصاً انه (ع) مؤيد من الله. وفي نفس الوقت يتصل بالمؤمنين، ويوصل إليهم الأحكام الشرعية والتوجيهات التي يحتاجونها ، أذن للتخلص من خطر الطواغيت يكفي الغيبة غير التامة مع السفارة ، فلا داعي للغيبة التامة ، والله اعلم .
2- عدم وجود شخص مؤهل للسفارة والنيابة الخاصة عن الإمام (ع) :- حيث إن السفير عند الأمام يجب أن يتمتع بكثير من صفات الإمام (ع) ، فلا اقل من درجة عالية من الزهد والتقوى والورع ، ومخافة الله والمقدرة على إدارة شؤون الأمة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ، وان يكون فقيها ، أي انه على دراية بحديث المعصومين (ع) ، لا إن يكون فقيها بالمعنى المتعارف اليوم . فالسفير لا يقوم باستنباط الأحكام الشرعية ، بل هو مؤمن مخلص يقوم بنقل الأحكام الشرعية من الإمام (ع) إلى الأمة ، كما انه مع وجود سفير للإمام (ع) لا يجوز لأحد استنباط حكم فقهي برأيه ، وان كان فقيهاً جامعاً للشرائط المتعارفة اليوم . وهذا يمكن أن يكون سبباً للغيبة التامة ، ولكن عدم وجود شخص واحد مؤهل للسفارة أمر بعيد ، هذا وقد ورد في حديثهم (ع) ما معناه إن الإمام لا يستوحش من وحدته (ع) في زمن الغيبة مع وجود ثلاثين مؤمن من الصالحين .
3- إعراض الأمة عن الإمام (ع) :- وعدم الاستفادة منه استفادة حقيقية ، وعدم التفاعل معه كقائد للأمة . فتكون الغيبة التامة عقوبة للأمة ، وربما يكون من أهدافها إصلاح الأمة بعد تعرضها لنكبات ومآسي ، بسبب غياب القائد المعصوم . فتكون الغيبة الكبرى شبيهة بـ(تيه بني إسرائيل في صحراء سيناء) أي أنها عقوبة إصلاحية ، الهدف منها خروج جيل من هذه الأمة مؤهل لحمل الرسالة الإلهية إلى أهل الأرض ، جيل لا يرضى إلا بالمعصوم قائداً ، ولا يرضى إلا بالقرآن دستوراً وشعاراً ، ومنهاجاً للحياة .
قال أمير المؤمنين (ع) في وصف إعراض هذه الأمة عن الإمام والقران :-
(( وانه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيئٌ أخفى من الحق ولا اظهر من الباطل ، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله !! وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته ، ولا انفق منه إذا حرف عن مواضعه ، ولا في البلاد شيءٌ أنكر من المعروف ولا اعرف من المنكر ، فقد نبذ الكتاب حُملته ، وتناساه حفظته ، فالكتاب يومئذٍ وأهله منفيان طريدان وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يؤويهما مأوىً !! . فالكتاب وأهله في ذلك الزمان في الناس وليسا فيهم ومعهم وليسا معهم ، لان الضلالة لا توافق الهدى ، وان اجتمعا فاجتمع القوم على الفرقة وافترقوا عن الجماعة كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم ! فلم يبق عندهم منه إلا اسمه ، ولا يعرفون إلا خطه وزبره !! ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثله وسموا صدقهم على الله فرية وجعلوا في الحسنة عقوبة السيئة )) .
والدال على إن (سبب الغيبة التامة) هو : أعراض الأمة عدة أمور منها :-
التوقيعات الصادرة عنه (ع) عن طريق سفرائه قليلة جداً ، مما يدل على إن الأسئلة الموجهة إليه قليلة أيضاً ، ولعل قائل يقول إن التوقيعات كثيرة ، ولكن لم يصل لنا منها إلا هذا العدد الضئيل .
والحق إن هذا الاعتراض لا ينطلي على من تدبر قليلا ، فلو كانت التوقيعات كثيرة لوصل لنا منها الكثير ، وان ضاع منها شيء ، فحتما إن أحاديث الرسول (ص) ، والإمام الصادق ، والإمام الرضا (ع) لم تصل لنا جميعها . ولكن وصل لنا منها الكثير ، وأحاديث الإمام (ع) ليست ببدع من أحاديث الأئمة (ع) ، والظروف التي أحاطت بها ليست بأعظم من الظروف التي أحاطت بخطب الإمام أمير المؤمنين (ع) ، حتى وصل لنا منها كتاب (نهج البلاغة) . كما أن علماء الشيعة في زمن الغيبة الصغرى كانوا يهتمون في كتابة أحاديث الأئمة (ع) وعرض كتبهم على الإمام (ع) عن طريق السفراء ومن هذه الكتب (الكافي) للكليني ( رحمه الله ) فلماذا لم يهتم أحد منهم بكتابة التوقيعات الصادرة منه (ع) ؟! . والحقيقة أنهم اهتموا بكتابتها ، ولكنها قليلة . ويدل على إعراض الناس عن العلم والإمام ما قدم الكليني في كتابه الكافي . هذا والكليني عاش في زمن الغيبة الصغرى ، ومات في نهاية أيامها على الأصح فقد مات في شعبان سنة 329 هـ ق ، أي في نفس الشهر والسنة التي مات بها علي بن محمد السمري ، آخر السفراء الأربعة .
قال الكليني (رحمه الله) : ( أما بعد فقد فهمت ما شكوت اصطلاح أهل دهرنا على الجهالة وتوازرهم وسعيهم في عمارة طرقها ، ومباينتهم العلم وأصوله ، حتى كاد العلم معهم إن يأزر كله ، وينقطع مواده ، لِما قد رضوا إن يستندوا إلى الجهل ، ويضيعوا العلم وأهله ) .
وقال : ( فمن أراد الله توفيقه وان يكون إيمانه ثابتاً مستقراً سبب له الأسباب التي تؤديه إلى أن يأخذ دينه من كتاب الله وسنه نبيه (ص) بعلم يقين وبصيرة فذاك اثبت في دينه من الجبال الرواسي ومن أراد الله خذلانه وان يكون دينه معارا مستودعا (نعوذ بالله منه) سبب له الأسباب للاستحسان والتقليد والتأويل من غير علم وبصيرة . فذاك في مشيئة الله إن شاء الله تبارك وتعالى أتم أيمانه وان شاء سلبه إياه ولا يؤمن عليه إن يصبح مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا لأنه كلما رأى كبيراً من الكبراء أو مالاً معه وكلما رأى شيئاً استحسن ظاهره قبله . وقد قال العالم (ع( : ( إن الله عز وجل خلق النبيين على النبوة فلا يكونون إلا أنبياء وخلق الأوصياء على الوصية فلا يكونون ألا أوصياء وأعار قوماً الأيمان فان شاء أتمه لهم وان شاء سلبهم إياه قال : وفيهم جرى قوله {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ } ))
فاعلم يا أخي أرشدك الله انه لا يسع أحد تمييز شيء مما اختلف الرواية فيه عن العلماء (ع) برأيه إلا على ما أطلقه العالم بقوله اعرضوها على كتاب الله فما وافق كتاب الله عز وجل فخذوه وما خالف كتاب الله فردوه وقوله (ع) (( دعوا ما وافق القوم فان الرشد في خلافهم )) وقوله (ع) (خذوا بالمجمع عليه فان المجمع عليه لا ريب فيه )) ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا قلة ولا نجد شيئاً أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم (ع) أي الإمام صاحب الأمر (ع) وقبول ما أوسع من الأمر فيه بقوله (( بأيهما أخذتم من باب التسليم وسعكم)) ) .
ب . ورد عنهم (ع) انه مظلوم وانه اخملهم ذكرى : قال الباقر (ع) (الأمر في أصغرنا سناً وأخملنا ذكراً) . فخمول ذكره بين الشيعة دال على أعراضهم عنه (ع) .
ج . خرج منه (ع) توقيع إلى سفيره العمري جاء فيه (( … وأما علة ما وقع من الغيبة فان الله عز وجل قال { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ }(المائدة : 101) )) . وربما يفهم من هذا الحديث أنكم سبب من أسباب الغيبة ، والحر تكفيه الإشارة . وبعد جوابه على مسائل الحميري التي سألها قال (ع) ( بسم الله الرحمن الرحيم لا لأمره تعقلون ولا من أوليائه تقبلون {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين )) .
ولا يخفى ما في كلامه (ع) من ألم ، سببه إعراض هذه الأمة عن الحق وعنه (ع) ، ونحن أيها الأحبة لو كنا موقنين أنه حجة الله علينا لعملنا ليلا ونهاراً لتعجيل فرجه ، ولقدمناه على النفس والمال والولد .
د. ركون الأمة للطاغوت وإعانته بأي شكل كان:- ولو بالأعمال المدنية التي يعتقد الناس إباحتها ، وهذا بيّنٌ لمن تصفح التاريخ ، وخصوصا في زمن الغيبة الكبرى . فقد أعان الطاغوت كثير من العلماء والجهلاء على السواء ، مع إن الإمام الكاظم (ع) اعترض على صفوان (رض) لأنه أَجّر جماله للطاغوت العباسي هارون ليذهب بها إلى الحج .
قال تعالى : { وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} .
قال الشيخ محمد رضا المظفر رحمه الله : (( هذا هو أدب القرآن الكريم وهو أدب آل البيت (ع) وقد ورد عنهم ما يبلغ الغاية من التنفير عن الركون إلى الظالمين الاتصال بهم ومشاركتهم في أي عمل كان ومعاونتهم ولو بشق تمرة ولا شك أن أعظم ما مني به الإسلام والمسلمون هو التساهل مع أهل الجور والتغاضي عن مساوئهم والتعامل معهم فضلا عن ممالئتهم ومناصرتهم وإعانتهم على ظلمهم وما جر الويلات على الجامعة الإسلامية إلا ذلك الانحراف عن جدد الصواب والحق حتى ضعف الدين بمرور الأيام فتلاشت قوته ووصل إلى ما عليه اليوم فعاد غريباً وأصبح المسلمون أو ما يسمون أنفسهم بالمسلمين وما لهم من دون الله أولياء ثم لا ينصرون حتى على اضعف أعدائهم وأرذل المجترئين عليهم كاليهود الأذلاء فضلا عن الصليبيين الأقوياء .
لقد جاهد الأئمة (ع) في إبعاد من يتصل بهم عن التعاون مع الظالمين وشددوا على أوليائهم في مسايرة أهل الظلم والجور وممالئتهم ولا يحصى ما ورد عنهم في هذا الباب ومن ذلك ما كتبه الإمام زين العابدين إلى محمد بن مسلم الزهري بعد إن حذره عن إعانة الظلمة على ظلمهم (أو ليس بدعائهم إياك حين دعوك جعلوك قطباً أداروا بك رحى مظالمهم وجسراً يعبرون عليك إلى بلاياهم وسلماً إلى ضلالتهم داعياً إلى غيهم سالكاً سبيلهم يدخلون بك الشك على العلماء ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم فلم يبلغ أخص وزرائهم ولا أقوى أعوانهم إلا دونما بلغت من إصلاح فسادهم واختلاف الخاصة والعامة إليهم فما اقل ما أعطوك في قدر ما اخذوا منك وما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك فانظر لنفسك فانه لا ينظر إليها غيرك وحاسبها حساب رجل مسؤول ) .
وقال (( وابلغ من ذلك في تصوير حرمة معاونة الظالمين حديث صفوان الجمال مع الإمام موسى الكاظم (ع) وقد كان من شيعته ورواة حديثه الموثوقين قال حسب رواية الكشي في رجاله بترجمة صفوان فقال (ع) ( يا صفوان كل شيء منك حسن جميل خلا شيئاً واحدا ، قلت جعلت فداك أي شيء قال (ع) إكراك جمالك من هذا الرجل –يعني هارون – قلت والله ما أكريته أشرا ولا بطراً ولا للصيد ولا للهو ولكن أكريته لهذا الطريق – يعني مكة – ولا أتولاه بنفسي ولكن ابعث معه غلماني ، قال: يا صفوان أيقع كراك عليهم ؟ قلت: نعم ، جعلت فداك . قال: (ع) أتحب بقاءهم حتى يخرج كراك . قلت : نعم ، قال (ع) فمن أحب بقائهم فهو منهم ومن كان منهم فهو كان ورد النار ، قال: صفوان فذهبت وبعت جمالي عن أخرها )).
فإذا كان نفس حب حياة الظالمين وبقائهم بهذه المنـزلة ! . فكيف حال من يدخل في زمرتهم أو يعمل بأعمالهم أو يواكب قافلتهم أو يأتمر بأمرهم . إذا كان معاونة الظالمين لو بشق تمرة بل حب بقاءهم من اشد ما حذر عنه الأئمة (ع) فما حال الاشتراك معهم في الحكم والدخول في وظائفهم وولايتهم بل ما حال من يكون من جملة المؤسسين لدولتهم ، أو من كان من أركان سلطانهم والمنغمسين في تشييد حكمهم ( وذلك إن ولاية الجائر دروس الحق كله وإحياء الباطل كله وإظهار الظلم والجور والفساد كما جاء في حديث تحف العقول ) .
إن العمل في الدوائر المدنية فضلا عن الحربية في دولة الطاغوت إعانة للطاغوت على البقاء في الحكم ، وبالتالي فهي إعانة لأعداء الإمام المهدي (ع) ، ولا تستهينوا بهذا الأمر ، ففي الدول التي تتمتع شعوبها بشيء من الحرية ، إذا أراد جماعة معينة الضغط على حكومة ذلك البلد لتحقيق مطالب معينة أعلنوا إضراباً عن العمل .
فالحكومات الطاغوتية متقومة بكم أيها العمال والمهندسون والموظفون انتم العمود الرئيسي الذي يرتكز عليه الطاغوت . ولعل بعضكم يقول ماذا نفعل ؟ . والحال اليوم أنهم متسلطون على رقابنا .
أقول إنهم متسلطون على رقابنا منذ وفاة رسول الله (ص) لا لعيب في الأوصياء – الإمام علي وولده (ع) – ولكن العيب فينا نحن ، إننا دائماً متخاذلون عن نصرة الحق ، وربما عند ظهور الإمام المهدي (ع) سيقول كثيرون هذا ليس المهدي (ع) ليعطوا أنفسهم عذراً لتركهم نصرة الإمام المهدي (ع) ، كما فعل أهل مكة واليهود مع رسول الله (ص) ، مع أنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، في خلقه العظيم وأمانته وصدقه ، وتنـزهه عن الكذب في أمور الدنيا ، فكيف يكذب على الله سبحانه ،كما أنهم عرفوه بالآيات والمعجزات التي أيده الله بها ، ولكنهم وجدوه يمثل جبهة الحق التي تصطدم بمصالحهم ، ووجدوه يدعوهم إلى الجهاد في سبيل الله مما يعرض حياتهم للخطر ، فخذلوه ونصره الله سبحانه . وسيخذل كثيرون الإمام المهدي (ع) وسينصره الله سبحانه فعن الإمام الصادق (ع) :
(( لينصرن الله هذا الأمر بمن لا خلاق له ولو قد جاء امرنا لقد خرج منه من هو اليوم مقيم على عبادة الأوثان )).
وعبادة الأوثان أي طاعة الطواغيت ومسايرتهم بل وأتباع الهوى ، وعن الإمام الصادق (ع) ( إذا خرج القائم خرج من هذا الأمر من كان يُرى انه من أهله ودخل فيه شبه عبدة الشمس والقمر ) .
أي يخرج من نصرة الإمام (ع) بعض الذين يدّعون التشيع ، ويرون أنهم من أنصار الإمام المهدي (ع) ، ويدخل في صفوف أنصاره قوم من غير الشيعة ، بل لعلهم ِمن غير المسلمين بعد أن يعرفوا الحق ويشايعوا آل محمد (ع) .
قال تعالى { لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } (التوبة:42) .
وفي واقعة كربلاء وقف عمر بن سعد (لعنه الله) بين يدي الإمام الحسين (ع) يعتذر عن بقائه مع الطاغوت بأنه يخاف القتل ويخاف أن تهدم داره ، ويخاف أن تسبى نساؤه ويخاف …ويخاف … ويخاف .
فلنحذر جميعاً أن نكون اليوم وغداً كعمر بن سعد (لعنه الله) . نخذل الحق ونعتذر بأعذار قبيحة وحجج واهية . وأكتفي بهذا القدر على أن سبب الغيبة هو : - تقصير الأمة وإلا فالأدلة أكثر مما ذكرت . فإذا عرفنا أن أهم أسباب الغيبة التامة هو : إعراض الأمة عن الإمام (ع) أصبح واجبنا جميعاً العمل لظهوره ، ورفع أسباب غيبته التامة ، بإعلاء ذكره وإظهار حقه وتهيئة الأمة للاستعداد لنصرته عند ظهوره وقيامه ، ونشر الدين ، وطمس معالم الضلال والشرك ، والقضاء على الطواغيت وأعوانهم ، الذين يمثلون أهم أعداء الأمام المهدي (ع) .
- اقتباس
- تعليق
تعليق
اقرأ في منتديات يا حسين
تقليص
لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.
تعليق