استطاعت قناة فضائية خليجية أن تتصدر اهتمامات أعداد كبيرة من الشيعة هذه الأيام، وبالذات في مدينة النجف (أهم المدن الشيعية المقدسة)، لا بنوعية ومستوى البرامج التي تقدمها، وإنما بمحتوى خطابها العام ضد المسلمين الشيعة ومراجعهم الدينية.
القناة التي تبث برامجها على القمر "نيل سات"، واسمها "الخليجية"، أصبحت بن ليلة وضحاها "مثار استفزازات متواصلة ضد الشيعة"، كما يقول النجفي علي الإبراهيمي (40 عاما)، والذي يضيف: "لقد تعودنا أن نرى فيما مضى نقاشات حادة في القنوات التلفزيونية حول طبيعة ومعتقدات المذهب الشيعي، لكن ما تبثه هذه القناة لا يمت إلى أي نقاش بصلة".
وتتركز ابرز مضامين البرامج التي تبثها قناة الخليجية حول ما أسمته في أحد برامجها "توعية وإصلاح الشيعة". وكان واضحاً من الخلفية الفكرية لأبرز الوجوه الإعلامية في القناة، إن المقصود بذلك هو الدعوة للاعتقاد بأفكار ومواقف المذهب الوهابي المنتشر في بعض دول الخليج العربي، ولاسيما أرض المملكة العربية السعودية.
ولاحظت"نقاش"، في شريط مسجل لديها، إن إحدى العبارات التي استمر نشرها أكثر من يوم في القناة، تقول: "لو كان لديّ عشرة قنابل نووية لأرسلت واحدة منها ضد النصارى واليهود، ورميت التسع الباقية على الشيعة"، بينما تقول عبارة أخرى: "اللهم (...) وأذل الشيعة ومن شايعهم وأحصهم عددا ولا تغادر منهم أحدا واقتلهم بددا".
ويرى رائد كاظم، (39 عاماً): "إن هذا التهجم الاستفزازي، هو دعوة للعنف ضد الشيعة غير مسبوقة في الإعلام، وإنه لا ينفع أحداً من مواطني العراق ولا الدول المحيطة به". ويفضل كاظم، الذي يعمل مهندساً معمارياً، أن يتم فتح قنوات حوار حول معتقدات المذاهب الإسلامية بين علماء هذه المذاهب حصراً، "ومن الخطأ أن يتحول الحوار إلى دعوات للعنف الطائفي، كما انه من الخطأ أن يترك لغير المتخصصين الحديث فيه لأن مثل هذا النقاش الحساس يحتاج إلى معرفة عميقة في الفقه الإسلامي وتاريخ الإسلام"، بحسب تعبيره.
بينما يستغرب ناظم محمد ( 41 عاماً)، من "الصمت المذهل للحكومة العراقية أمام ما تقوم به هذه القناة من تشويه متعمد لمعتقدات ملايين الأفراد في العراق".
وكان أول ظهور لقناة "الخليجية" منذ أعوام قليلة، بهيئة قناة متخصصة ببث الأغاني العربية وكليبات ابرز المطربين الخليجيين، قبل أن يعلن مالكها قبل عامين "توبته" و"عودته إلى الإسلام"، في برنامج حواري مع رجال دين، بثته القناة نفسها في حلتها الدينية.
لكن القناة بدأت قبل أسابيع هجوماً واسعاً ضد الطائفة الشيعية، لاسيما في العراق. وقد بدت ابرز ملامح هذا الهجوم في برنامج يومي اسمه "حتى لا تكون فتنة"، طالب فيه عدد من المتصلين المتحمسين "مد يد العون لهم في العراق لإبادة الشيعة" بحسب تعبيرهم.
وتأتي دعوات هذه القناة في وقت تتواصل فيه الاحتجاجات الرسمية والشعبية في النجف ضد تصريحات إمام الحرم الملكي في السعودية الشيخ عادل الكلباني لقناة BBC العربية، التي كفّر فيها رجال الدين الشيعة دون عامتهم، والتي أثارت أيضا عاصفة من ردود الأفعال، في العراق والعالم الإسلامي وداخل السعودية نفسها، وفي ظل صمت المؤسسة الدينية الرسمية فيها.
وأدان مجلس محافظة النجف بدوره تصريحات الكلباني، ودعا في بيان له السلطات السعودية للوقوف أمام "هذه الهجمات المتطرفة التي تهدف إلى شق صف المسلمين".
ويربط المحلل السياسي حمودي حسّان، بين هذه الموجات المعلنة من الدعوة للعنف ضد الشيعة، لاسيما في العراق، والاستقرار الأمني النسبي الذي أخذت البلاد تتمتع به منذ نحو عام "نظراً لما يمثله الاتجاه السلفي الوهابي من قاعدة دينية - سياسية للكثير من حركات العنف في البلاد" على حد قوله.
ويضيف حسّان: "علينا أن نقرأ بحرص هذه الدعوات ونفهمها على انها محاولة لإعادة العراق إلى خانة العنف الدموي". داعياً الحكومة العراقية إلى "النظر لهذا الأمر بجدية شديدة".
غير أن إبراهيم هاشم الموصلي، الطالب في الحوزة الدينية في النجف، يرى إن الهجمات الإعلامية على الشيعة "أمر معتاد في تاريخنا"، بحسب وصفه، ويضيف: "لكن ما يؤسف في هذه الهجمات إنها غوغائية، لا علاقة بها بمبادئ الحوار والتعقل".
ويعكس الجدل المتواصل حول اعتقادات الشيعة في أوساط المذاهب الأخرى، لاسيما الوهابي منها، حجم الانقسام النخبوي والشعبي في صفوف المسلمين، الذي طفا على سطح المجتمع الإسلامي والعربي، في السنوات التي تلت سقوط نظام صدام عام 2003، حين صعدت طبقة سياسيين شيعة لتتولى الحكم في البلاد لأول مرة منذ مئات السنوات، فضلاً عن ظهور قنوات فضائية مخصصة لإبراز معالم المذهب الشيعي وطقوسه الدينية والشعبية.
وغير بعيد من هذا الانقسام ما تشهده الساحة الإعلامية، بين آونة وأخرى، من حروب إعلامية بين الشيعة من جهة، ورجال دين من مذاهب أخرى، إضافة إلى مواقف السب واللعن التي تحفل بها منتديات المسلمين، لاسيما الشبان منهم، في شبكة الانترنيت. التي توجتها "حرب المواقع الالكترونية" كما أطلق عليها بعض المراقبين، وتمثلت في الاختراق المتبادل لمواقع الكترونية تخص المراجع والفضائيات والمؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية، بمختلف خلفياتها المذهبية.
http://www.niqash.org/content.php?contentTypeID=75&id=2460&lang=1
القناة التي تبث برامجها على القمر "نيل سات"، واسمها "الخليجية"، أصبحت بن ليلة وضحاها "مثار استفزازات متواصلة ضد الشيعة"، كما يقول النجفي علي الإبراهيمي (40 عاما)، والذي يضيف: "لقد تعودنا أن نرى فيما مضى نقاشات حادة في القنوات التلفزيونية حول طبيعة ومعتقدات المذهب الشيعي، لكن ما تبثه هذه القناة لا يمت إلى أي نقاش بصلة".
وتتركز ابرز مضامين البرامج التي تبثها قناة الخليجية حول ما أسمته في أحد برامجها "توعية وإصلاح الشيعة". وكان واضحاً من الخلفية الفكرية لأبرز الوجوه الإعلامية في القناة، إن المقصود بذلك هو الدعوة للاعتقاد بأفكار ومواقف المذهب الوهابي المنتشر في بعض دول الخليج العربي، ولاسيما أرض المملكة العربية السعودية.
ولاحظت"نقاش"، في شريط مسجل لديها، إن إحدى العبارات التي استمر نشرها أكثر من يوم في القناة، تقول: "لو كان لديّ عشرة قنابل نووية لأرسلت واحدة منها ضد النصارى واليهود، ورميت التسع الباقية على الشيعة"، بينما تقول عبارة أخرى: "اللهم (...) وأذل الشيعة ومن شايعهم وأحصهم عددا ولا تغادر منهم أحدا واقتلهم بددا".
ويرى رائد كاظم، (39 عاماً): "إن هذا التهجم الاستفزازي، هو دعوة للعنف ضد الشيعة غير مسبوقة في الإعلام، وإنه لا ينفع أحداً من مواطني العراق ولا الدول المحيطة به". ويفضل كاظم، الذي يعمل مهندساً معمارياً، أن يتم فتح قنوات حوار حول معتقدات المذاهب الإسلامية بين علماء هذه المذاهب حصراً، "ومن الخطأ أن يتحول الحوار إلى دعوات للعنف الطائفي، كما انه من الخطأ أن يترك لغير المتخصصين الحديث فيه لأن مثل هذا النقاش الحساس يحتاج إلى معرفة عميقة في الفقه الإسلامي وتاريخ الإسلام"، بحسب تعبيره.
بينما يستغرب ناظم محمد ( 41 عاماً)، من "الصمت المذهل للحكومة العراقية أمام ما تقوم به هذه القناة من تشويه متعمد لمعتقدات ملايين الأفراد في العراق".
وكان أول ظهور لقناة "الخليجية" منذ أعوام قليلة، بهيئة قناة متخصصة ببث الأغاني العربية وكليبات ابرز المطربين الخليجيين، قبل أن يعلن مالكها قبل عامين "توبته" و"عودته إلى الإسلام"، في برنامج حواري مع رجال دين، بثته القناة نفسها في حلتها الدينية.
لكن القناة بدأت قبل أسابيع هجوماً واسعاً ضد الطائفة الشيعية، لاسيما في العراق. وقد بدت ابرز ملامح هذا الهجوم في برنامج يومي اسمه "حتى لا تكون فتنة"، طالب فيه عدد من المتصلين المتحمسين "مد يد العون لهم في العراق لإبادة الشيعة" بحسب تعبيرهم.
وتأتي دعوات هذه القناة في وقت تتواصل فيه الاحتجاجات الرسمية والشعبية في النجف ضد تصريحات إمام الحرم الملكي في السعودية الشيخ عادل الكلباني لقناة BBC العربية، التي كفّر فيها رجال الدين الشيعة دون عامتهم، والتي أثارت أيضا عاصفة من ردود الأفعال، في العراق والعالم الإسلامي وداخل السعودية نفسها، وفي ظل صمت المؤسسة الدينية الرسمية فيها.
وأدان مجلس محافظة النجف بدوره تصريحات الكلباني، ودعا في بيان له السلطات السعودية للوقوف أمام "هذه الهجمات المتطرفة التي تهدف إلى شق صف المسلمين".
ويربط المحلل السياسي حمودي حسّان، بين هذه الموجات المعلنة من الدعوة للعنف ضد الشيعة، لاسيما في العراق، والاستقرار الأمني النسبي الذي أخذت البلاد تتمتع به منذ نحو عام "نظراً لما يمثله الاتجاه السلفي الوهابي من قاعدة دينية - سياسية للكثير من حركات العنف في البلاد" على حد قوله.
ويضيف حسّان: "علينا أن نقرأ بحرص هذه الدعوات ونفهمها على انها محاولة لإعادة العراق إلى خانة العنف الدموي". داعياً الحكومة العراقية إلى "النظر لهذا الأمر بجدية شديدة".
غير أن إبراهيم هاشم الموصلي، الطالب في الحوزة الدينية في النجف، يرى إن الهجمات الإعلامية على الشيعة "أمر معتاد في تاريخنا"، بحسب وصفه، ويضيف: "لكن ما يؤسف في هذه الهجمات إنها غوغائية، لا علاقة بها بمبادئ الحوار والتعقل".
ويعكس الجدل المتواصل حول اعتقادات الشيعة في أوساط المذاهب الأخرى، لاسيما الوهابي منها، حجم الانقسام النخبوي والشعبي في صفوف المسلمين، الذي طفا على سطح المجتمع الإسلامي والعربي، في السنوات التي تلت سقوط نظام صدام عام 2003، حين صعدت طبقة سياسيين شيعة لتتولى الحكم في البلاد لأول مرة منذ مئات السنوات، فضلاً عن ظهور قنوات فضائية مخصصة لإبراز معالم المذهب الشيعي وطقوسه الدينية والشعبية.
وغير بعيد من هذا الانقسام ما تشهده الساحة الإعلامية، بين آونة وأخرى، من حروب إعلامية بين الشيعة من جهة، ورجال دين من مذاهب أخرى، إضافة إلى مواقف السب واللعن التي تحفل بها منتديات المسلمين، لاسيما الشبان منهم، في شبكة الانترنيت. التي توجتها "حرب المواقع الالكترونية" كما أطلق عليها بعض المراقبين، وتمثلت في الاختراق المتبادل لمواقع الكترونية تخص المراجع والفضائيات والمؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية، بمختلف خلفياتها المذهبية.
http://www.niqash.org/content.php?contentTypeID=75&id=2460&lang=1
تعليق