إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مفهوم التقوى في نهج البلاغة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفهوم التقوى في نهج البلاغة

    بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم


    مفهوم التقوى في نهج البلاغة

    إنّ كلمة التقوى من أكثر كلمات نهج البلاغة استعمالاً،

    فليس هناك كتاب يركّز فيه على التقوى أكثر من نهج البلاغة،
    وليس هناك في نهج البلاغة مفهوم أو معنى اعتنى به أكثر من التقوى،
    فما هي التقوى؟

    يفترض الكثيرون أنّ التقوى من الوقاية،
    والوقاية تعني الحذر والاحتراز والبعد والاجتناب،
    فهي إذن سيرة عملية سلبية،
    وكلّما كان الحذر أكثر كانت التقوى أكمل!

    وعلى هذا التفسير تكون التقوى:
    أوّلاً) أمراً منتزعاً عن السيرة العملية.
    وثانياً) هي سيرة عملية سلبية لا إيجابية.
    وثالثاً) كلّما كانت سلبيتها أكثر كانت التقوى أكمل.

    ولهذا نرى أنّ المتظاهرين بالتقوى يحذرون التدخّل في أي عمل،
    ويجتنبون كل رطب وجامد وحار وبارد،
    حرصاً على سلامة تقواهم!

    ولا شك أنّ الحذر والاجتناب هو من أصول الحياة للإنسان العاقل،
    فإنّ الحياة لا تخلو عن مقارنة بين السلب والإيجاب والنفي والإثبات
    والفعل والترك والإقدام والإحجام.

    بل لا يصل الإنسان إلى الإيجاب إلاّ عن طريق السلب،
    ولا إلى الإثبات إلاّ بعد النفي،
    وليست كلمة التوحيد: لا إله إلاّ الله،
    إلاّ كلمة جامعة بين النفي والإثبات،
    ولا يمكن إثبات التوحيد إلاّ بعد نفي ما سوى الله تعالى.

    ولذلك نرى أنّ الإيمان والكفر مقترنان والطاعة والعصيان ملتزمان،
    أي أنّ كل طاعة تتضمّن معصية،
    وكل إيمان يشتمل على كفر:
    {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}،

    ولكن..
    أوّلاً) إنّ البعد والنفي والعصيان والكفر لا تصح إلاّ للعبور إلى أضدادها،
    ولا تصح إلاّ أن تكون مقدّمات للارتباط بمقابلاتها،
    ولذلك فلابد أن يكون للابتعاد المفيد حدوداً وأهدافاً،
    فالسيرة العملية السلبية بلا حدود ولا قيود ولا أهداف،
    ليست مقدّسة ولا يحمد عقباها.

    وثانياً) إنّ مفهوم التقوى في نهج البلاغة لا يرادف كلمة الحذر
    (حسب المفهوم المنطقي للفظة الترادف)،
    فـإنّ التقوى في نهج البلاغة:
    قوّة روحية تتولّد للإنسان من التمرين العملي
    الذي يحصل من الحذر المعقول من الذنوب.

    فالحذر المعقول والمنطقي يكون مقدّمة للحصول على هذه الحالة الروحية،
    وهو ـ من ناحية أخرى ـ من لوازم حالة التقوى ونتائجها.

    إنّ هذه الحالة تهب للروح قوّة ونشاطاً، وتصونه من الانحراف والشطط،
    ومن لم يحظ بهذه الحالة لابدّ له، إذا أراد حفظ نفسه عن المعصية
    من أن يبعد نفسه عن أسبابها،
    وحيث أنّ البيئة الاجتماعية مليئة بأسباب المعاصي
    فلابد له من أن يختار الانزواء التام!

    وعلى هذا فلابد إمّا أن نكون أتقياء،
    وحينئذ يجب علينا أن نبتعد عن البيئة الاجتماعية بصورة مطلقة!
    أو أن نرد المجتمع فنودّع التقوى إطلاقاً!
    وعلى هذا: كلّما كان الشخص أكثر انزواءً وعزلة عن المجتمع
    كان أكمل في التقوى وأجمع!

    أمّا إذا حصلت الروح الإنسانية على ملكة التقوى،
    فلا يضطر صاحبها إلى ترك المجتمع والاعتزال.

    إذ هو حينئذ يحفظ نفسه من دون أن يخرجها عن المجتمع،
    فمن كانت تقواه بالمعنى الأوّل
    كان كمن يأوي إلى جبل ليعصمه من المرض المعدي،
    أمّا من كانت تقواه بالمعنى الصحيح
    كان كمن يقي نفسه من المرض المعدي بالتلقيح ضدّه،
    فلا يضطر إلى أن يخرج من البلد أو يجتنب الناس،
    بل يسعى إلى مساعدة المرضى كي ينقذهم ممّا هم فيه من الألم الممضّ.

    أمّا نهج البلاغة، فإنّه يصف التقوى كما وصفناها نحن،
    بأنّها قوّة معنوية روحية، تحصل على أثر التمرين والممارسة،
    ولها آثار ونتائج، منها تيسير الحذر من الذنوب.

    " ذِمَّتِي بِمَا أَقُولُ رَهِينَةٌ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ
    إِنَّ مَنْ صَرَّحَتْ لَهُ الْعِبَرُ عَمَّا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْمَثُلَاتِ
    حَجَزَتْهُ التَّقْوَى عَنْ تَقَحُّمِ الشُّبُهَاتِ ...
    أَلَا وَ إِنَّ الْخَطَايَا خَيْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا
    وَ خُلِعَتْ لُجُمُهَا فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِي النَّارِ
    أَلَا وَ إِنَّ التَّقْوَى مَطَايَا ذُلُلٌ حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا
    وَ أُعْطُوا أَزِمَّتَهَا فَأَوْرَدَتْهُمُ الْجَنَّةَ ".

    فقد وصف الإمام (عليه السلام) التقوى في خطبته هذه بأنّها:
    حالة روحية معنوية من آثارها ضبط النفس وامتلاك أزمتها،
    وأنّ من لوازم اتباع الهوى وترك التقوى هو انعدام الشخصية
    وضعف النفس أمام هواها وعند حركة شهواتها،
    وأنّ فاقد التقوى حينئذ يكون كراكب ضعيف لا إرادة له في تسيير مركبه،
    بل المركب هو الذي يسير حيث يشاء ويهوى،
    وأنّ من لوازم التقوى قوّة الإرادة وامتلاك الشخصية المختارة،
    كراكب ماهر على فرس مدرّب يسير به في الناحية التي يختارها
    بكل اقتدار وسلطة، فيطيعه الفرس بكل يسر.

    يتبع..


  • #2
    " إِنَّ تَقْوَى اللَّهِ حَمَتْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ مَحَارِمَهُ
    وَأَلْزَمَتْ قُلُوبَهُمْ مَخَافَتَهُ حَتَّى أَسْهَرَتْ لَيَالِيَهُمْ وَأَظْمَأَتْ هَوَاجِرَهُمْ ".

    وفي هذه الكلمة يصرّح الإمام (عليه السلام) بأنّ التقوى شيء
    يكون الحذر من الحرام، والخوف من الله من لوازمه وآثاره.

    وعلى هذا، فليست التقوى هي نفس الحذر، ولا نفس الخوف من الله،
    بل قوّة مقدّسة روحية توحي بهذه الأمور وتستتبعها،

    " فَإِنَّ التَّقْوَى فِي الْيَوْمِ الْحِرْزُ وَالْجُنَّةُ وَفِي غَدٍ الطَّرِيقُ إِلَى الْجَنَّةِ ".

    نرى أنّ الإمام (عليه السلام) قد عطف نظره في هذه الكلمات
    إلى الناحية الروحية والنفسية والمعنوية للتقوى وآثارها في الروح،
    بحيث تبعث فيه الإحساس بحب البر والطهر،
    والإحساس بالتذمّر من الذنوب والأرجاس والأنجاس.

    إنّ التقوى في نهج البلاغة:
    قوّة مقدّسة روحية ينشأ منها أنواع من الإقدام والإحجام،
    إقدام على القيم المعنوية، وإحجام عن الدنايا المادّية.

    إنّ التقوى في نهج البلاغة:
    حالة تهب لروح الإنسان قدرة يتسلّط بها على نفسه ويمتلكها.

    ولقد أكد الإمام (عليه السلام) في خطبه في نهج البلاغة على أنّ
    التقوى: وقاية لا قيود،
    فهناك كثير من الناس لا يفرقون بين (الوقاية) و(القيود)،
    ولذلك فهم يفرّون من التقوى باسم التحرّر من القيود والخروج عن الحدود.

    ولا شك أنّ الجدار الواقي يشترك مع السجن في أنّهما كليهما مانعان،
    ولكن الجدار الواقي يمنع عن الخطر،
    في حين أنّ السجن يمنع عن التمتّع بالنعم والمواهب المعدّة للإنسان.

    يقول الإمام (عليه السلام):
    " اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ التَّقْوَى دَارُ حِصْنٍ عَزِيزٍ
    وَالْفُجُورَ دَارُ حِصْنٍ ذَلِيلٍ لَا يَمْنَعُ أَهْلَهُ وَلَا يُحْرِزُ مَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ
    أَلَا وَ بِالتَّقْوَى تُقْطَعُ حُمَةُ الْخَطَايَا ".

    وكأنّه (عليه السلام) يشبّه الفجور في كلامه هذا
    بالحيوان اللاسع كالعقارب والحيات،
    ويقول: اقطعوا عن أنفسكم لسعة هذه العقارب بالتقوى.

    ويصرّح في بعض كلماته أنّ التقوى ليست قيوداً تمنع عن التحرّر،
    بل هي منبع الحرّيات الواقعية وأساسها ومنشؤها.

    " فَإِنَّ تَقْوَى اللَّهِ مِفْتَاحُ سَدَادٍ وَذَخِيرَةُ مَعَادٍ
    وَعِتْقٌ مِنْ كُلِّ مَلَكَةٍ وَ نَجَاةٌ مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ ".

    واضح أنّ التقوى تهب للإنسان حرّية معنوية،
    تحرّره من أسر عبودية الهوى،
    وترفع عن رقبته حبال الحسد والحقد والطمع والشهوة،
    وهكذا تحرق عروق العبوديات المادّية،
    بين ناس هم عبيد الدنيا والمال والمقام والراحة،
    بينما لا يخضع التقي لأعباء هذه العبوديات.

    وإنّ من أهم آثار التقوى
    الذي أشير إليه في نهج البلاغة أثران خطيران:
    أحدهما) البصيرة النيّرة والرؤية الواضحة.
    والآخر) القدرة على حل المشاكل والخروج عن المضائق والشدائد.

    يشير نهج البلاغة إلى أنّ:
    التقوى تقي الإنسان، والإنسان يحافظ عليها،
    بل يصر نهج البلاغة على أنّ التقوى وثيقة تضمن للإنسان
    نوعاً من الأمن من الزلل والفتن،
    وفي نفس الوقت يلفت نظر الإنسان إلى أنّه أيضاً
    يجب عليه أن لا يغفل لحظة عن حراسة التقوى وحفاظتها،
    فإنّ التقوى وإن كانت واقعية للإنسان،
    فمع ذلك يجب على الإنسان أيضاً أن يكون واقياً لها.

    وليس هذا من (الدور المُحال الباطل)،
    بلى هو من نوع المحافظة المتقابلة بين الإنسان والثياب،
    إذ الإنسان يحافظ عليها من التمزّق والسرقة،
    وهي تحافظ على الإنسان من الحر والبرد والبأس والبؤس،
    ولقد عبّر القرآن الكريم أيضاً عن التقوى باللباس فقال:
    {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}.

    وقال الإمام علي (عليه السلام) بهذا الصدد:
    " أَيْقِظُوا بِهَا نَوْمَكُمْ وَاقْطَعُوا بِهَا يَوْمَكُمْ وَأَشْعِرُوهَا قُلُوبَكُمْ وَارْحَضُوا بِهَا ذُنُوبَكُمْ..
    أَلَا فَصُونُوهَا وَ تَصَوَّنُوا بِهَا... ".

    وقال (عليه السلام):
    " عِبَادَ اللَّهِ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ؛
    فَإِنَّهَا حَقُّ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَالْمُوجِبَةُ عَلَى اللَّهِ حَقَّكُمْ
    وَأَنْ تَسْتَعِينُوا عَلَيْهَا بِاللَّهِ وَتَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى اللَّهِ...".

    المصدر/ شبكة نهج البلاغة
    http://www.balaghah.net/nahj-htm/ara/bohosh/?id=9



    ***

    اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى اَميرِ الْمُؤْمِنينَ عَلِىِّ بْنِ اَبى طالِب اَخى نَبِيِّكَ وَوَلِيِّهِ وَصَفِيِّهِ وَوَزيرِهِ،
    وَمُسْتَوْدَعِ عَلْمِهِ، وَمَوْضِعِ سِرِّهِ، وَبابِ حِكْمَتِهِ، وَالنّاطِقِ بِحُجَّتِهِ، وَالدّاعى اِلى شَريعَتِهِ،
    وَخَليفَتِهِ فى اُمَّتِهِ، وَمُفَرِّجِ الْكرْبِ عَنْ وَجْهِهِ، قاصِمِ الْكَفَرَةِ وَمُرْغِمِ الْفَجَرَةِ
    الَّذى جَعَلْتَهُ مِنْ نَبِيِّكَ بِمَنْزِلَةِ هاروُنَ مِنْ مُوسى، اَللّـهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ،
    وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، وَالْعَنْ مَنْ نَصَبَ لَهُ مِنَ الاَْوَّلينَ وَالاْخِرينَ،
    وَصَلِّ عَلَيْهِ اَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى اَحَد مِنْ اَوْصِياءِ اَنْبِيائِكَ يا رَبَّ الْعالَمينَ.


    الحـ روح ـياة

    تعليق


    • #3
      أشكرك غاليتي ع هذه التغطية حول التقوى

      حقا أنه مجهود ييستحق الشكر

      وجعلنا الله وأياكم من الأتقياء

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

      يعمل...
      X