بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محطات في الطريق إلى الله/
1) مسألة الارتباط الروحي
إن عند عدد كبير ممن يسعون لتوثيق ارتباطهم بعالم الغيب وبالله جل شأنه،
يحولون قضية الارتباط الروحي بين الخالق والمخلوق إلى قضية مظاهر شكلية،
ينمو ويبرز فيها الشكل والمظهر ويخبو ويتلاشى المحتوى والمضمون.
وعلى هذا الأساس تصير مسألة الارتباط الروحي
مسألة تعلق ساذج ومغفل بالشكليات والمظاهر،
بحيث يغيب المقياس الحقيقي لدرجة الارتباط بالله
وهو الورع والتقوى.
كما ينبهنا إليه قوله تعالى:
{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]
ويؤسس في قبال هذا المقياس الواقعي مقياس وهمي
هو حشو السلوك والحركات بمظاهر الخشوع والخضوع،
التي يراد من خلالها مخادعة الآخرين
والإيحاء إليهم بأن من يتلبس بهذه المظاهر والشكليات
يمتلك رصيداً كبيراً من القرب إلى الله والإرتباط به.
وفي قبال هذا التعامل المشوه مع قضايا الارتباط الروحي
فإن الإسلام يؤكد على ما يلي:
أولاً) القلب محل الخشوع:
أن المحل الحقيقي والأول للخشوع والخضوع والخوف من الله
هو قلب الإنسان وباطنه لا سلوكه وظاهره،
وهذا ما نلمحه في قوله تعالى حينما يصف عباده المؤمنين والصالحين:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2]
وهكذا في قوله تعالى:
{وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ,الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحج: 34 ـ 35]
ومن هنا فإن الله يعاتب المؤمنين
الذين يريدون لإيمانهم أن يتوقف عند حد المظاهر
من دون أن ينفذ هذا الإيمان في قلوبهم
فيصيرها قلوباً خاشعة خاضعة لله؛
بقوله جل شأنه:
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ
وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ
وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 16]
ثانياً) الظاهر انعكاس للباطن:
إن خشوع الجوارح ينبغي أن يكون انعكاساً لخشوع القلب والباطن،
وإلا فإن المسئلة تتحول إلى حالة مرضية لا يقرها ولا يصححها الإسلام،
وفي ذلك يقول رسول الله (ص):
" مازاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق "
[الكليني/ أصول الكافي2:396/ حديث 6]
وربما وقف الإسلام معترضاً على بعض مظاهر الخشوع
التي يمارسها البعض من الناس،
والتي تسيئ إلى الصورة الحقيقية التي يريد الإسلام رسمها للإنسان
في علاقته بخالقه ومعبوده؛
فعن جابر عن أبي جعفر (ع) قال:
قلت: إن قوماً إذا ذكروا شيئاً من القرآن أو حدثوا به
صعق أحدهم حتى يرى أن أحدهم لو قطعت يداه أو رجلاه لم يشعر بذلك؟
فقال: سبحان الله ذاك من الشيطان ما بهذا نعتوا
إنما هو اللين والرقة والدمعة والوجل.
[الكليني/ أصول الكافي2:616/ حديث 1]
ثالثاً) التقرب لله لا ينحصر بالعبادات:
إن الإسلام لا يحصر التقرب إلى الله ونيل رضوانه
في عدد من الأعمال والممارسات العبادية،
بل هو يعطي مفهوماً وسيعاً لأساليب التقرب إلى الله،
وربما كانت هناك أمور يعطيها الإسلام أهمية أكبر
وتقديراً أكثر من العبادات العملية،
ولا يخفى على أحد الأهمية التي يوليها الإسلام للتفكر والتدبر
واستحصال البصيرة في أمور الدنيا والدين،
وتوفر هذه الأمور في شخصية الإنسان المسلم
هو الذي يعطي لعباداته وأعماله قيمة ووزناً في نظر الشارع المقدس؛
ومن هنا كان الإمام الصادق (ع) يقول:
" أفضل العبادة إدمان التفكر في الله وفي قدرته "
[الكليني/ أصول الكافي2:55/ حديث 3]
وعن الإمام الرضا (ع) أنه قال:
" ليس العبادة كثر الصلاة والصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله عز وجل "
[الكليني/ أصول الكافي2:55/ حديث 4]
وعلى هذا الأساس لم يكن الإسلام يحرص على أن تكون للإنسان أعمال كثيرة
بقدر ما كان يحرص على أن يكون للإنسان يقين صادق وعقل راجح؛
ولذا قال الإمام الصادق (ع):
" العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين "
[بحار الأنوار/ 71:214/ حديث 10]
وفي بعض الأخبار يعطى التفكر قيمة لا تعطى لأي عبادة أخرى
كما يدلنا على ذلك قول رسول الله (ص):
" فكرة ساعة خير من عبادة سنة
ولا ينال منزلة التفكر إلا من قد خصه الله بنور المعرفة والتوحيد "
[بحار الأنوار/ 71:326/حديث 10]
ويبالغ الإسلام في تقييمه للتفكر وما ينتجه من علم ومعرفة
إلى الحد الذي يفضل فيه العالم على العابد بمراتب من الفضل؛
فيقول الباقر (ع):
" عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد "
[أصول الكافي/ 1:33/ حديث 8]
وعن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله (ع):
رجل راوية لحديثكم يبث ذلك في الناس ويشدده في قلوبهم وقلوب شيعتكم
ولعل عابداً من شيعتكم ليس له هذه الرواية أيهما أفضل؟
قال: الراوية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا افضل من ألف عابد.
[أصول الكافي 1: 33، حديث 9]
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محطات في الطريق إلى الله/
1) مسألة الارتباط الروحي
إن عند عدد كبير ممن يسعون لتوثيق ارتباطهم بعالم الغيب وبالله جل شأنه،
يحولون قضية الارتباط الروحي بين الخالق والمخلوق إلى قضية مظاهر شكلية،
ينمو ويبرز فيها الشكل والمظهر ويخبو ويتلاشى المحتوى والمضمون.
وعلى هذا الأساس تصير مسألة الارتباط الروحي
مسألة تعلق ساذج ومغفل بالشكليات والمظاهر،
بحيث يغيب المقياس الحقيقي لدرجة الارتباط بالله
وهو الورع والتقوى.
كما ينبهنا إليه قوله تعالى:
{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]
ويؤسس في قبال هذا المقياس الواقعي مقياس وهمي
هو حشو السلوك والحركات بمظاهر الخشوع والخضوع،
التي يراد من خلالها مخادعة الآخرين
والإيحاء إليهم بأن من يتلبس بهذه المظاهر والشكليات
يمتلك رصيداً كبيراً من القرب إلى الله والإرتباط به.
وفي قبال هذا التعامل المشوه مع قضايا الارتباط الروحي
فإن الإسلام يؤكد على ما يلي:
أولاً) القلب محل الخشوع:
أن المحل الحقيقي والأول للخشوع والخضوع والخوف من الله
هو قلب الإنسان وباطنه لا سلوكه وظاهره،
وهذا ما نلمحه في قوله تعالى حينما يصف عباده المؤمنين والصالحين:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2]
وهكذا في قوله تعالى:
{وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ,الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحج: 34 ـ 35]
ومن هنا فإن الله يعاتب المؤمنين
الذين يريدون لإيمانهم أن يتوقف عند حد المظاهر
من دون أن ينفذ هذا الإيمان في قلوبهم
فيصيرها قلوباً خاشعة خاضعة لله؛
بقوله جل شأنه:
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ
وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ
وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 16]
ثانياً) الظاهر انعكاس للباطن:
إن خشوع الجوارح ينبغي أن يكون انعكاساً لخشوع القلب والباطن،
وإلا فإن المسئلة تتحول إلى حالة مرضية لا يقرها ولا يصححها الإسلام،
وفي ذلك يقول رسول الله (ص):
" مازاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق "
[الكليني/ أصول الكافي2:396/ حديث 6]
وربما وقف الإسلام معترضاً على بعض مظاهر الخشوع
التي يمارسها البعض من الناس،
والتي تسيئ إلى الصورة الحقيقية التي يريد الإسلام رسمها للإنسان
في علاقته بخالقه ومعبوده؛
فعن جابر عن أبي جعفر (ع) قال:
قلت: إن قوماً إذا ذكروا شيئاً من القرآن أو حدثوا به
صعق أحدهم حتى يرى أن أحدهم لو قطعت يداه أو رجلاه لم يشعر بذلك؟
فقال: سبحان الله ذاك من الشيطان ما بهذا نعتوا
إنما هو اللين والرقة والدمعة والوجل.
[الكليني/ أصول الكافي2:616/ حديث 1]
ثالثاً) التقرب لله لا ينحصر بالعبادات:
إن الإسلام لا يحصر التقرب إلى الله ونيل رضوانه
في عدد من الأعمال والممارسات العبادية،
بل هو يعطي مفهوماً وسيعاً لأساليب التقرب إلى الله،
وربما كانت هناك أمور يعطيها الإسلام أهمية أكبر
وتقديراً أكثر من العبادات العملية،
ولا يخفى على أحد الأهمية التي يوليها الإسلام للتفكر والتدبر
واستحصال البصيرة في أمور الدنيا والدين،
وتوفر هذه الأمور في شخصية الإنسان المسلم
هو الذي يعطي لعباداته وأعماله قيمة ووزناً في نظر الشارع المقدس؛
ومن هنا كان الإمام الصادق (ع) يقول:
" أفضل العبادة إدمان التفكر في الله وفي قدرته "
[الكليني/ أصول الكافي2:55/ حديث 3]
وعن الإمام الرضا (ع) أنه قال:
" ليس العبادة كثر الصلاة والصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله عز وجل "
[الكليني/ أصول الكافي2:55/ حديث 4]
وعلى هذا الأساس لم يكن الإسلام يحرص على أن تكون للإنسان أعمال كثيرة
بقدر ما كان يحرص على أن يكون للإنسان يقين صادق وعقل راجح؛
ولذا قال الإمام الصادق (ع):
" العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين "
[بحار الأنوار/ 71:214/ حديث 10]
وفي بعض الأخبار يعطى التفكر قيمة لا تعطى لأي عبادة أخرى
كما يدلنا على ذلك قول رسول الله (ص):
" فكرة ساعة خير من عبادة سنة
ولا ينال منزلة التفكر إلا من قد خصه الله بنور المعرفة والتوحيد "
[بحار الأنوار/ 71:326/حديث 10]
ويبالغ الإسلام في تقييمه للتفكر وما ينتجه من علم ومعرفة
إلى الحد الذي يفضل فيه العالم على العابد بمراتب من الفضل؛
فيقول الباقر (ع):
" عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد "
[أصول الكافي/ 1:33/ حديث 8]
وعن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله (ع):
رجل راوية لحديثكم يبث ذلك في الناس ويشدده في قلوبهم وقلوب شيعتكم
ولعل عابداً من شيعتكم ليس له هذه الرواية أيهما أفضل؟
قال: الراوية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا افضل من ألف عابد.
[أصول الكافي 1: 33، حديث 9]
يتبع..
تعليق