إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

تكتيك جديد لابناء العم سام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تكتيك جديد لابناء العم سام

    ما قال ستيفن روبرتس أستاذ الإعلام بجامعة جورج تاون إنه “واحدة من أطول الحروب في التاريخ الأمريكي”، ما زالت واشنطن لم تحصل بعد على جائزتها الأكبر من غزوها للعراق، وهي تمرير قانون “عراقي” للنفط ينقلب على نصف قرن من زمن النضال من أجل أن تظل ثروته النفطية الاستراتيجية ملكاً لشعبه وفي خدمة تنميته تحت السيادة الوطنية، وطالما لم تحصل الرأسمالية الأمريكية على جائزتها العراقية هذه فإن أي حديث عن انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي سيكون ضرباً من خداع الرأي العام الأمريكي والعراقي المعارض للاحتلال واستمراره، كما اتضح من “التغيير التكتيكي” في أسلوب ملاحقة هذه الجائزة بين إدارة جورج دبليو. بوش السابقة التي قادت الغزو فالاحتلال، وإدارة باراك أوباما اللاحقة التي تواصل المهمة نفسها الآن.
    لا يعني هذا “التغيير التكتيكي” أن أوباما يسير في العراق في طريق يقود إلى “ترك العراق لشعبه وينهي هذه الحرب بطريقة مسؤولة”، كما قال في خطاب له أمام اجتماع مشترك لمجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس أواخر الشهر الماضي، فهذا طريق بالتأكيد لا يترك العراق لشعبه ولا ينهي الحرب عليه التي دخلت عامها السابع الآن، لأن الرئيس الأمريكي الجديد إن كان حقا يعني ما قاله فإنه ينقلب على ركيزة استراتيجية كانت إلى جانب الحفاظ على أمن دولة الاحتلال “الإسرائيلي” في فلسطين، إحدى ركيزتين أساسيتين للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة طوال الستين عاماً المنصرمة، فهل هناك ما يشير فعلا إلى أن أوباما يقود حقا انقلابا على هذه الاستراتيجية؟

    إن أوباما قد ضمّن خطته التكتيكية الجديدة للعراق “مرونة جوهرية، فهو أولا ينوي الاحتفاظ بقوة أمريكية قوامها (35) إلى (50) ألف جندي بعد شهر أغسطس/ آب عام ،2010 وهو ثانيا يقول إن القوات الأمريكية سوف تستمر في القيام بمهمات مستهدفة لمحاربة الإرهاب حتى بعد أن تنتهي مهمتنا القتالية”، لذلك فإن خطته المعلنة للانسحاب من العراق “لا تنهي شيئا. إنها بصفة رئيسية تخدم إعادة تنظيم الأولويات العملياتية للبنتاغون”، بينما تستمر “الحرب الطويلة” التي خطط لها بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 التي تدخل عامها الثامن “من دون أي نهاية لها في الأفق”، كما قال للواشنطن بوست الشهر الماضي أندرو جيه. باسيفيتش أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية بجامعة بوسطن ومؤلف كتاب “حدود القوة: نهاية الاستثنائية الأمريكية”.

    ويتمثل التغيير التكتيكي بين الإدارتين في تغيير أولوية كل منهما في الحربين اللتين تشنهما الولايات المتحدة على العراق وأفغانستان، من أجل تغيير النظام السياسي في كلا البلدين إلى نظام موال لها لحراسة منطقتين استراتيجيتين تضم كلتاهما أهم الاحتياطيات النفطية في العالم في الخليج العربي وآسيا الوسطى، فالعراق كان هو أولوية إدارة بوش من دون أن توقف حربها العدوانية على أفغانستان، لكن إدارة أوباما التي خلفتها أعطت الأولوية لأفغانستان من دون أن توقف مشروع احتلالها للعراق.

    كما يتمثل التغيير التكتيكي في تغيير مهمة القوات التي ستبقى في العراق بعد إعادة انتشارها خارج المدن العراقية تغييراً اسمياً من “قوات محاربة” إلى “قوات دعم وإسناد” بينما تظل هذه القوات أياً كان الاسم الذي تعطيه البنتاغون لها هي القوة الفعلية المسيطرة في العراق طالما أنها تحتكر لنفسها أسلحة الجو والدبابات والمدفعية الثقيلة وتحرم منها ما تسميه “قوى الأمن” العراقية، ومنها “الجيش العراقي الجديد” المكلف أمريكياً فقط بمهمة هي أصلاً من مهام الشرطة، لتظل المهمة الأساسية لقوات الاحتلال الأمريكي، مهما كان وصف البنتاغون لها، وسواء كان تعدادها خمسين ألفا أو أكثر أو أقل، هي نفسها مهمتها عندما غزت العراق قبل ست سنوات، أي إبقاء قطر عربي يعتبر من أغنى الدول بالنفط أسير الاستعمار الجديد الأمريكي.

    إن إبقاء حوالي ثلث قوات الاحتلال الأمريكي الموجودة حاليا في العراق (خمسين ألف جندي)، التي يزيد عديدها على (142) ألف جندي، إلى أمد غير منظور بحجة تدريب قوى “الأمن” العراقية ومحاربة الإرهاب وحماية المصالح الأمريكية ما هو إلا تخفيض في عديدها عن طريق “عرقنة” مهمة الأمن في المدن العراقية يستهدف فقط تحرير قوات الاحتلال التي تقوم بهذه المهمة منذ الغزو عام ،2003 من أجل تعزيز قوات الاحتلال الأمريكي في أفغانستان، وهذه إعادة انتشار لقوات الاحتلال بين البلدين يمكن أن تنعكس في أية لحظة يتطلبها الحفاظ على أمن النظام الموالي الذي أقامته واشنطن في العراق.

    إن الخطاب الذي ألقاه أوباما أمام ألفين من قوات المارينز في معسكر “كامب ليوني” في السابع والعشرين من الشهر الماضي وأعلن فيه خطته “للانسحاب” من العراق، قد أضفى في الواقع شرعية إدارته على غزو سلفه بوش بوصفه وسيلة ل “تحرير” العراق وفّرت “فرصة ثمينة لشعب العراق.. ضد الطغيان والفوضى”، لا بل إنه التزم حتى بالجدول الزمني الذي أعلنه سلفه لإنهاء إعادة نشر قوات الاحتلال بنهاية عام ،2011 حانثاً بوعوده لناخبيه وهو يقول لهم خلال حملته الانتخابية إن الحرب على العراق “ما كان ينبغي أبدا تفويضها وما كان ينبغي شنها أبدا” لكي تخرج الوول ستريت جورنال بافتتاحية عنوانها “أوباما يثبت صحة موقف بوش” قالت فيها إن “أوباما قد نبذ ضمنا مواقفه نفسها عندما كان مرشحا”، ليتبنى خطة الفريق العسكري لسلفه بوش، بل وليبقي هذا الفريق نفسه لتنفيذ خطته، فوزير دفاعه روبرت غيتس وهيئة الأركان المشتركة والقيادة الميدانية في العراق لم تتغير بتغيّر الإدارة من بوش، إلى أوباما، الذي يطلب من الكونغرس الآن مليارات من الدولارات لتمويل استمرار بقاء قوات الاحتلال.

    غير أن ما هو أهم من ذلك أن أوباما في خطابه الذي تطرّق إلى استراتيجيته السياسية واستراتيجيته العسكرية في العراق لم يلمّح من قريب أو بعيد لا في ذاك الخطاب ولا قبله ولا بعده حتى الآن إلى أي استراتيجية حول الجائزة النفطية الكبرى التي تسعى واشنطن إلى الفوز بها من غزوها فاحتلالها للعراق. أنه صمت مريب أفصح من كل كلام.

    لكن وزير دفاعه غيتس ربما كان يفسّر صمت رئيسه عندما قال لشبكة “ان. بي. سي” في الأول من الشهر الجاري، رداً على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة ستكون قد حققت “النصر” عندما “تنسحب” من العراق: “بصراحة، أعتقد، قبل أن تبدأوا باستخدام عبارات مثل “ربح” أو “خسر” أو “النصر” أو “الهزيمة”، بأن هذه أمور يجب في رأيي أن تترك للمؤرخين ليحكموا عليها”، ليعترف بأن صورة الوضع لا يمكن أن تكون “غير معقدة ووردية”، لأن “الموصل مشكلة، والتوترات العربية الكردية مشكلة، والحاجة إلى قانون للنفط مشكلة”، لكنه لم يذكر “قانون النفط” سببا لكي يحتفظ بقوات الاحتلال لأطول فترة ممكنة في العراق، بل قال إن السبب في ذلك هو “المخاوف المرتبطة بإجراء انتخابات وطنية” عراقية في نهاية العام. وقد نقلت وكالة الأنباء الفرنسية في اليوم نفسه عن مسؤولين أمريكيين رفضهم أن يستبعدوا بصورة قاطعة إمكانية تعديل “اتفاقية وضع القوات” الأمريكية الموقعة بين إدارة بوش وحكومة نوري المالكي المنبثقة عن الاحتلال تعديلا يبقي القوات الأمريكية بعد عام 2011.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X