هل عز الاسلام بعمر حقا ؟ ! وتذكر الروايات : أن الاسلام قد عز بعمر وأنه " صلى الله عليه وآله وسلم " قد دعا الله أن يعز الاسلام به بل لقد ذهبت بعض الروايات إلى اعتبار عمر من الجبارين في الجاهلية ، حيث إنه حين أشار على أبي بكر : أن يتألف الناس ويرفق بهم ، قال له أبو بكر : " رجوت نصرك ، وجئتني بهذا لأنك جبار في الجاهلية، خوار في الاسلام الخ ". . ونحن نشك في صحة ذلك بل نجزم بعدم صحته ، وذلك للأمور التالية :
ألف : إن الاسلام إذا لم يعز بأبي طالب شيخ الأبطح ، وبحمزة أسد الله وأسد رسوله ، الذي فعل برأس الشرك أبي جهل ما فعل ، وإذا لم يعز بسائر بني هاشم أصحاب العز والشرف والنجدة ، فلا يمكن أن يعز بعمر الذي كان عسيفا ( أي مملوكا مستهانا به ) مع الوليد بن المغيرة إلى الشام. لا سيما وأنه لم يكن في قبيلته سيد أصلا، ولم تؤثر عنه في طول حياته مع النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أية مواقف شجاعة ، وحاسمة ، بل لم نجد له أية مبارزة ، أو عمل جرئ في أي من غزواته ، رغم كثرتها وتعددها . بل لقد رأيناه يفر في غير موضع، كأحد، وحنين وخيبر حسبما صرح به الجم الغفير من أهل السير، ورواة الأثر ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى . ومن الطريف هنا ما رواه الزمخشري ، من أن أنس بن مدركة كان قد أغار على سرح قريش في الجاهلية ؟ فذهب به ، فقال له عمر في خلافته : لقد أتبعناك تلك الليلة ؟ فلو أدركناك؟ . فقال: لو أدركتني لم تكن للناس خليفة. والخلاصة : انه لا يمكن أن يعز الاسلام بعمر ، الذي لم يكن له عز في نفسه ، ولا بعشيرته ، ولا شجاعة يخاف منها .
ب - إننا سواء قلنا : إن عمر قد أسلم قبل الحصر في الشعب أو بعده ، فإن الامر يبقى على حاله ، لأننا لم نجد أي تفاوت في حالة المسلمين قبل وبعد إسلام عمر ، ولا لمسنا أي تحول نحو الأفضل بعد إسلامه ، بل رأينا : عكس ذلك هو الصحيح ، فمن حصر المشركين للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " والهاشميين في الشعب ، حتى كادوا يهلكون جوعا ، وحتى كانوا يأكلون ورق السمر ، وأطفالهم يتضاغون جوعا . إلى تآمر على حياة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " . ثم بعد وفاة أبي طالب رحمه الله لم يستطع " صلى الله عليه وآله وسلم " دخول مكة بعد عودته من الطائف إلا بعد مصاعب جمة ، لم نجد عمر ممن ساعد على حلها . هذا كله عدا عن الاذايا الكثيرة التي كان أبو لهب يوجهها للنبي باستمرار .
ج - وفي صحيح البخاري وغيره حول اسلام عمر : عن عبد الله بن عمر قال : بينما عمر في الدار خائفا ، إذ جاءه العاص بن وائل السهمي . إلى أن قال : فقال : ما بالك ؟ قال : زعم قومك أنهم سيقتلونني إن أسلمت . قال : لا سبيل إليك . بعد أن قالها أمنت . ثم ذكر إرجاع العاص الناس عنه . وأضاف الذهبي قول عمر : فعجبت من عزه. فمن يتهدده الناس بالقتل ، ويخاف ، ويختبئ في داره ، فإنه لا يكون عزيزا ولا يعز الاسلام به . غير أنه هو نفسه قد ارتفع بالاسلام ، وصار له شخصية وشأن ، كما سنرى . هذا عدا عن الروايات القائلة : إن أبا جهل هو الذي أجار عمر. وعلى هذا فقد كان الأجدر : أن يدعو النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " بان يعز الاسلام بمن يجير عمر ، والذي يعجب الناس من عزته ، لا بعمر الخائف ، والمختبئ في بيته .
د - والغريب هنا : أن أحد الرجلين اللذين دعا لهما النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وهو أبو جهل يضربه حمزة رضوان الله عليه بقوسه أمام الملأ من قومه ، فيشجه شجة منكرة ، ولا يجرؤ على الكلام ، ثم يقتل في بدر في أول وقعة بين المسلمين والمشركين . والرجل الاخر وهو عمر بن الخطاب يكون على خلاف توقعات النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " ولا يستجيب الله دعاءه فيه ، حيث لم يعز الاسلام به ، كما رأينا . مع أن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " يقول : " ما سالت - ربي - الله - شيئا إلا أعطانيه " بل لقد كانت النتيجة عكسية ، حيث يذكر عبد الرزاق : ( أنه لما جهر عمر بإسلامه اشتد ذلك على المشركين فعذبوا من المسلمين نفرا ).
ه - لا بأس بالمقارنة بين نعيم بن عبد الله النحام العدوي . وبين عمر بن الخطاب العدوي ؟ فقد أسلم نعيم قبل عمر ، وكان يكتم إسلامه ، ومنعه قومه لشرفه فيهم من الهجرة ، لأنه كان ينفق على أرامل بني عدي وأيتامهم . فقالوا : " أقم عندنا على أي دين شئت ، فوالله لا يتعرض إليك أحد الا ذهبت أنفسنا جميعا دونك" . ويقول عروة عن بيت نعيم هذا : " ما أقدم على هذا البيت أحد من بني عدي " أي لشرفه . أما عمر ، فإن رسول الله أراد في الحديبية أن يرسله إلى مكة ؟ ليبلغ عنه رسالة إلى أشراف قريش ، تتعلق بالامر الذي جاء له ؟ فرفض ذلك وقال : " إني أخاف قريشا على نفسي ، وليس بمكة من بني عدي أحد يمنعني ثم أشار على النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " بأن يرسل عثمان بن عفان.
و - لقد خطب ابن عمر بنت نعيم النحام ، فرده نعيم ، وقال : " لا أدع لحمي تربا " وزوجها من النعمان بن عدي بن نضلة فنعيم يربأ بابنته عن أن تتزوج بابن عمر ، ويرى ذلك تضييعا لها ! ! .
ز - وفي زيارة عمر للشام أيام خلافته خلع عمر خفيه ، ووضعهما على عاتقه ، وأخذ بزمام ناقته ، وخاض المخاضة فاعترض عليه أبو عبيدة ، فاجابه عمر بقوله : " إنا كنا أذل قوم ؟ فأعزنا الله بالاسلام ، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله" ، وفي نص آخر عنه : " إنا قوم أعزنا الله بالاسلام ، فلن نبتغي العز بغيره" . احتمال أن يكون مقصوده هو ذل العرب وعزهم لا خصوص بني عدي. بعيد ؟ لأنه قد عنف أبا عبيدة على مقولته تلك بأن غير أبي عبيدة لو كان قال ذلك لكان له وجه ، أما أن يقوله أبو عبيدة العارف بالحال والسوابق فإنه غير مقبول منه. هذا بالإضافة إلى ما سيأتي مما يدل على ذل بني عدي ، فانتظر .
ح - وقال أبو سفيان للعباس في فتح مكة ، حينما كان يستعرض الألوية ؟ فرأى عمر ، وله زجل : " يا أبا الفضل، من هذا المتكلم؟ قال: عمر بن الخطاب . قال : لقد - أمر - أمر بني عدي بعد - والله - قلة وذلة . فقال العباس : يا أبا سفيان ، إن الله يرفع من يشاء بما يشاء ، وإن عمر ممن رفعه الاسلام" .
ط - تقدم قول عوف بن عطية : وأما إلا لأمان بنو عدي وتيم حين تزدحم الأمور فلا تشهد لهم فتيان حرب ولكن أدن من حلب وعير وفي رسالة من معاوية لزياد بن أبيه يذكر فيها أمر الخلافة يقول : " ولكن الله عز وجل أخرجها من بني هاشم وصيرها إلى بني تيم بن مرة : ثم خرجت إلى بني عدي بن كعب وليس في قريش حيان أذل منهما ولا أنذل الخ ...
ي - وقال خالد بن الوليد لعمر : " إنك ألامها حسبا . وأقلها عددا وأخملها ذكرا . . إلى أن قال له : لئيم العنصر ما لك في قريش فخر . قال فاسكته خالد
ألف : إن الاسلام إذا لم يعز بأبي طالب شيخ الأبطح ، وبحمزة أسد الله وأسد رسوله ، الذي فعل برأس الشرك أبي جهل ما فعل ، وإذا لم يعز بسائر بني هاشم أصحاب العز والشرف والنجدة ، فلا يمكن أن يعز بعمر الذي كان عسيفا ( أي مملوكا مستهانا به ) مع الوليد بن المغيرة إلى الشام. لا سيما وأنه لم يكن في قبيلته سيد أصلا، ولم تؤثر عنه في طول حياته مع النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أية مواقف شجاعة ، وحاسمة ، بل لم نجد له أية مبارزة ، أو عمل جرئ في أي من غزواته ، رغم كثرتها وتعددها . بل لقد رأيناه يفر في غير موضع، كأحد، وحنين وخيبر حسبما صرح به الجم الغفير من أهل السير، ورواة الأثر ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى . ومن الطريف هنا ما رواه الزمخشري ، من أن أنس بن مدركة كان قد أغار على سرح قريش في الجاهلية ؟ فذهب به ، فقال له عمر في خلافته : لقد أتبعناك تلك الليلة ؟ فلو أدركناك؟ . فقال: لو أدركتني لم تكن للناس خليفة. والخلاصة : انه لا يمكن أن يعز الاسلام بعمر ، الذي لم يكن له عز في نفسه ، ولا بعشيرته ، ولا شجاعة يخاف منها .
ب - إننا سواء قلنا : إن عمر قد أسلم قبل الحصر في الشعب أو بعده ، فإن الامر يبقى على حاله ، لأننا لم نجد أي تفاوت في حالة المسلمين قبل وبعد إسلام عمر ، ولا لمسنا أي تحول نحو الأفضل بعد إسلامه ، بل رأينا : عكس ذلك هو الصحيح ، فمن حصر المشركين للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " والهاشميين في الشعب ، حتى كادوا يهلكون جوعا ، وحتى كانوا يأكلون ورق السمر ، وأطفالهم يتضاغون جوعا . إلى تآمر على حياة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " . ثم بعد وفاة أبي طالب رحمه الله لم يستطع " صلى الله عليه وآله وسلم " دخول مكة بعد عودته من الطائف إلا بعد مصاعب جمة ، لم نجد عمر ممن ساعد على حلها . هذا كله عدا عن الاذايا الكثيرة التي كان أبو لهب يوجهها للنبي باستمرار .
ج - وفي صحيح البخاري وغيره حول اسلام عمر : عن عبد الله بن عمر قال : بينما عمر في الدار خائفا ، إذ جاءه العاص بن وائل السهمي . إلى أن قال : فقال : ما بالك ؟ قال : زعم قومك أنهم سيقتلونني إن أسلمت . قال : لا سبيل إليك . بعد أن قالها أمنت . ثم ذكر إرجاع العاص الناس عنه . وأضاف الذهبي قول عمر : فعجبت من عزه. فمن يتهدده الناس بالقتل ، ويخاف ، ويختبئ في داره ، فإنه لا يكون عزيزا ولا يعز الاسلام به . غير أنه هو نفسه قد ارتفع بالاسلام ، وصار له شخصية وشأن ، كما سنرى . هذا عدا عن الروايات القائلة : إن أبا جهل هو الذي أجار عمر. وعلى هذا فقد كان الأجدر : أن يدعو النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " بان يعز الاسلام بمن يجير عمر ، والذي يعجب الناس من عزته ، لا بعمر الخائف ، والمختبئ في بيته .
د - والغريب هنا : أن أحد الرجلين اللذين دعا لهما النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وهو أبو جهل يضربه حمزة رضوان الله عليه بقوسه أمام الملأ من قومه ، فيشجه شجة منكرة ، ولا يجرؤ على الكلام ، ثم يقتل في بدر في أول وقعة بين المسلمين والمشركين . والرجل الاخر وهو عمر بن الخطاب يكون على خلاف توقعات النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " ولا يستجيب الله دعاءه فيه ، حيث لم يعز الاسلام به ، كما رأينا . مع أن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " يقول : " ما سالت - ربي - الله - شيئا إلا أعطانيه " بل لقد كانت النتيجة عكسية ، حيث يذكر عبد الرزاق : ( أنه لما جهر عمر بإسلامه اشتد ذلك على المشركين فعذبوا من المسلمين نفرا ).
ه - لا بأس بالمقارنة بين نعيم بن عبد الله النحام العدوي . وبين عمر بن الخطاب العدوي ؟ فقد أسلم نعيم قبل عمر ، وكان يكتم إسلامه ، ومنعه قومه لشرفه فيهم من الهجرة ، لأنه كان ينفق على أرامل بني عدي وأيتامهم . فقالوا : " أقم عندنا على أي دين شئت ، فوالله لا يتعرض إليك أحد الا ذهبت أنفسنا جميعا دونك" . ويقول عروة عن بيت نعيم هذا : " ما أقدم على هذا البيت أحد من بني عدي " أي لشرفه . أما عمر ، فإن رسول الله أراد في الحديبية أن يرسله إلى مكة ؟ ليبلغ عنه رسالة إلى أشراف قريش ، تتعلق بالامر الذي جاء له ؟ فرفض ذلك وقال : " إني أخاف قريشا على نفسي ، وليس بمكة من بني عدي أحد يمنعني ثم أشار على النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " بأن يرسل عثمان بن عفان.
و - لقد خطب ابن عمر بنت نعيم النحام ، فرده نعيم ، وقال : " لا أدع لحمي تربا " وزوجها من النعمان بن عدي بن نضلة فنعيم يربأ بابنته عن أن تتزوج بابن عمر ، ويرى ذلك تضييعا لها ! ! .
ز - وفي زيارة عمر للشام أيام خلافته خلع عمر خفيه ، ووضعهما على عاتقه ، وأخذ بزمام ناقته ، وخاض المخاضة فاعترض عليه أبو عبيدة ، فاجابه عمر بقوله : " إنا كنا أذل قوم ؟ فأعزنا الله بالاسلام ، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله" ، وفي نص آخر عنه : " إنا قوم أعزنا الله بالاسلام ، فلن نبتغي العز بغيره" . احتمال أن يكون مقصوده هو ذل العرب وعزهم لا خصوص بني عدي. بعيد ؟ لأنه قد عنف أبا عبيدة على مقولته تلك بأن غير أبي عبيدة لو كان قال ذلك لكان له وجه ، أما أن يقوله أبو عبيدة العارف بالحال والسوابق فإنه غير مقبول منه. هذا بالإضافة إلى ما سيأتي مما يدل على ذل بني عدي ، فانتظر .
ح - وقال أبو سفيان للعباس في فتح مكة ، حينما كان يستعرض الألوية ؟ فرأى عمر ، وله زجل : " يا أبا الفضل، من هذا المتكلم؟ قال: عمر بن الخطاب . قال : لقد - أمر - أمر بني عدي بعد - والله - قلة وذلة . فقال العباس : يا أبا سفيان ، إن الله يرفع من يشاء بما يشاء ، وإن عمر ممن رفعه الاسلام" .
ط - تقدم قول عوف بن عطية : وأما إلا لأمان بنو عدي وتيم حين تزدحم الأمور فلا تشهد لهم فتيان حرب ولكن أدن من حلب وعير وفي رسالة من معاوية لزياد بن أبيه يذكر فيها أمر الخلافة يقول : " ولكن الله عز وجل أخرجها من بني هاشم وصيرها إلى بني تيم بن مرة : ثم خرجت إلى بني عدي بن كعب وليس في قريش حيان أذل منهما ولا أنذل الخ ...
ي - وقال خالد بن الوليد لعمر : " إنك ألامها حسبا . وأقلها عددا وأخملها ذكرا . . إلى أن قال له : لئيم العنصر ما لك في قريش فخر . قال فاسكته خالد
تعليق